الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كثيراً عن جماعة، وأجاز لها خلق كثير منهم أبو الوقت السجزي وغيره.
وفيها توفيت أمة الحكيم عائشة بنت محمد الواعظة البغدادية، كانت صالحة تعظ النساء.
وفيها توفي الجواد الذي تسلطن بدمشق بعد الملك الكامل، وكان جوادًا من أمرائه.
سنة اثنتين وأربعين وست مائة
فيها طلب الملك الصالح أيوب الخوارزمية، وطلبهم من الجزيرة فعدوا الفرات، وندبهم لمحاصرة عمه إسماعيل بدمشق، واستنجد إسماعيل بالفرنج، وبصاحب حمص، فساقت الخوارزمية، واجتمعت بعسكر مصرفي غرة، وجاءتهم الخلع والنفقات والثياب، وبعث الناصر داؤد عسكره من الكرك نجدة لإسماعيل، ثم وقع المصاف بقرب عسقلان، فانتصر المصريون والخورزمية على الشاميين والفرنج، واستحر القتل في الفرنج، وأسرت ملوكهم، وخاف إسماعيل، وحصن دمشق واستعد.
وفيها توفي أبو البركات محمد بن الحسن الأنصاري الحموي، المعروف بالنفيس، سمع بمكة من عبد المنعم الغوراني.
وفيها توفي شيخ الشيوخ عبد الله، ويقال له: أيضًا عبد السلام الجويني الصوفي، المعروف بتاج الدين ابن حمويه، سمع من شهدة رضي الله عنها، والحافظ أبي القاسم ابن عساكر.
وفيها توفي حاطب بن عبد الكريم الحارثي، عاش خمسًا وتسعين سنة وروى عن الحافظ ابن عساكر المذكور.
سنة ثلاث وأربعين وست مائة
فيها وقيل: قبلها حاصرت الخوارزمية دمشق، وعليهم الصاحب معين الدين، واشتد الخطب، وأحرقت الحواصل، ورمى بالمجانيق من الفريقين، وبعث الدمشقيون بالصالح إسماعيل في ولايته، وضاقوا من القحط والخوف والوباء ما لا يعبر عنه، وأدام الحصار خمسة أشهر إلى أن أضعف إسماعيل وفارق دمشق، وتسفهما الصاحب معين الدين، فغضب الخوارزمية من الصالح ونهبوا داريا، وترحلوا أو أرسلوا الصالح إلى بعلبك، وصاروا معه، وردوا، فحاصروا دمشق، وتلك الأيام كان الغلاء المفرط، حتى بلغت
الغرارة بدمشق بألف وست مائة درهم، وأكلت الجيف، وتفاقم الأمر مع الخمور، والفواحش.
وفيها توفي أبو البقاء موفق الدين بن يعيش بن علي الموصلي الأصل الحلبي المولد والمنشأ النحوي قرأ النحو على أبي السخاء الحلبي، وأبي العباس المغربي التبريزي وسمع الحديث على أبي الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب الطوسي بالموصل، وعلي بن السويد التكريتي، ويحلب على أبي الفرج يحيى بن محمود الثقفي، والقاضي أبي الحسين الطوسي وغيرهم، وكان فاضلاً ماهرًا في النحو والتصريف، واجتمع في دمشق بالشيخ تاج الدين أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي الإمام المشهور، وسأله عن مواضع مشكلة في العربية وعن إعراب ما ذكره الحريري في المقامات العاشرة المعروفة بالرحبية، وهو قوله في آخرها: وحتى إذ لألأ الأفق ذنب السرحان وآن ابتلاج الفجر وحان فأستبهم جواب هذا المكان على الكندي: هل الأفق وذنب السرحان مرفوعان أو منصوبان، أو الأفق مرفوع وذنب السرحان منصوب، أو على العكس؟ وقال له: قد علمت قصدك، وأنك أردت إعلامي بمكانك من هذا العلم، وكتب له بخطه بمدحه والثناء عليه، ووصف تقدمه في الفن الأ د بي.
قال ابن خلكان: وهف! المسألة يجوز الأمور الأربعة فيها، والمختار منها نصب الأفق ورفع ذنب السرحان، قلت: يعني ابن خلكان أن الأفق مفعول، وفعله لألأ، وفاعله ذنب وأما السرحان مخفوض بالإضافة إليه، والمراد بذنب السرحان الفجر الأول الكاذب، فإنه مشبه به في طوله في السماء بخلاف الفجر الصادق، فإنه مشبه بجناحي الطائر لانتشاره يميناً وشمالاً، وهو الذي أشار إليه من الإعراب من كونه المختار، هو الذي ظهر لي وبادر إليه فهمي أول وقوفي على هذه المسألة قبل الوقوف على السؤال، وما يحتمله من الأقوال. قال ابن خلكان: ولما دخلت إلى حلب لأجل الاشتغال بالعلم الشريف، كان الشيخ موفق الدين شيخ الجماعة، وذلك في سنة ست وعشرين وست مائة، وهي مشحونة بالعلماء والمشتغلين، ولم يكن فيهم مثل الشيخ موفق الدين المذكور، فشرعت عليه في قراءة اللمع لابن جني مع سماعي اقراءه الجماعة كانوا قد تنبهوا وتميزوا، وكان حسن التفهيم لطيف الكلام طويل الروح على المبتدىء والمنتهي، وكان خفيف الروح لطيف الشمائل كثير المجون، مع سكينة ووقار. ولقد سأله يوما وأنا حاضر بعض الفقهاء عن قول ذي الرمة:
أيا ظبية الوعساء بين خلاخل
…
وبين النقاء أنت أم أم سالم
وكان السائل يقرأ عليه في باب النداء، فقال: أي شيء في المرأة الحسناء يشبه الظبية؟ بعد أن كان قد شرح الشيخ موفق الدين ذلك، وأوضح وجه التشبيه مع شدة محبة الشاعر وولهه لأم سالم المذكورة، وعظم وجده بها على عادة الشعراء في تشبيههم بالظباء، والمهاء المستحسنات من النساء، وأوضح ذلك ايضاحاً يفهمه البليد، فلما لم يستحسن السائل المذكور الجواب، ولم يتلقه بالقبول، ولم يضعه في مركز الصواب بل قال: أي شيء في المرأة الحسناء يشبه الظبي؟ قال له الشيخ على وجه الإنبساط: لشبهها في ذنبها أو قرونها، فضحك الحاضرون، فحجل السائل ولم يعد إلى مجلسه قلت: وقد شرح مجنون ليلى وجه الشبه في قوله.
فعيناك عيناها وجيدك جيدها
…
ولكن عظم الساق منك دقيق
مخاطبًا للظبية لها ولها كثير من الشواهد وفي ذلك قلت في بعض القصائد:
لها جيد ريم شبه إبريق فضة
…
وعين المهاترمي بها داني الردى
إذا مارست لم تخط قط مقاتلاً
…
ولاقودًا يعطي ولا قتلها يدا
وفيها توفي الحافظ القدوة أبو العباس أحمد بن عيسى بن الموفق المقدسي الصالحي.
وفيها توفي العلامة المفتي أبو العباس أحمد بن محمد ابن الحافظ عبد الغني المقدسي.
وفيها توفي القاضي الأشرف أبو العباس أحمد ابن القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني، ثم المصري.
وفيها توفيت الصاحبة ربيعة خاتون أخت صلاح الدين والعادل، ودفنت بمدرستها بالجبل.
وفيها توفي المنتجب ابن أبي العز ابن رشيد الهمداني نزيل دمشق، قرأ القراءات على غير واحد من الشيوخ، وصنف شرحًا كبيرًا للشاطبية وشرحًا لمفصل الزمخشري وتصدر للإقراء.
وفيها توفي شيخ الإسلام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الكردي
الشهرزوري المعروف بابن الصلاح كان أحد فضلاء عصره في التفسير والحديث والفقه، وأسماء الرجال، وما يتعلق بعلم الحديث، ونقل اللغة، وكانت له مشاركة في فنون عديدة. قال ابن خلكان: وهو أحد أشياخي الذين انتفعت بهم. قال: كانت فتاواه مسددة قال: بلغني أنه درس جميع كتاب المهذب قبل أن يطلع شاربه، قرأ على والده الصلاح، وكان من جلة مشائخ الأكراد المشار إليهم، ثم نقل والده إلى الموصل واشتغل بها مدة، وتولى فيها الإعادة عند الشيخ العلامة عماد الدين أبي حامد بن يونس، وأقام قليلاً، ثم سافر إلى خراسان وأقام بها زمانًا وحصل علم الحديث هناك، ثم رجع إلى الشام، وتولى بالتدريس المدرسة الناصرية المنسوبة إلى صلاح الدين بالقدس، وأقام بها مدة، واشتغل الناس عليه وانتفعوا به، ثم انتقل إلى دمشق وتولى تدريس الرواحية التي أنشأها الزكي أبو القاسم هبة الله ابن عبد الواحد بن رواحة الحموي، ولما بنى الملك الأشرف ابن الملك العادل دار الحديث بدمشق فوض تدريسها إليه. اشتغل الناس عليه بالحديث فيها ثلاث عشر سنة، وتولى تدريس مدرسة ست الشام زمرد خاتون ابنة أيوب، وهي شقيقة شمس الدولة، وهي التي بنت المدرسة الأخرى ظاهر دمشق، وبها قبرها وقبر أخيها المذكور، وزوجها ناصر الدين صاحب حمص، وكان ابن الصلاح يقوم بوظائف الجهات الثلاث من غير إخلال بشيء منها إلا لعذر ضروري لا بد منه، وكان من العلم والدين على قدم حسن.
قال ابن خلكان: وأقمت عنده بدمشق ملازم الاشتغال مدة سنة وصنف في علوم الحديث كتاباً نافعًا مبسوطاً، وكذلك في مناسك الحج جمع فيه أشياء حسنة يحتاج إليها وله اشكالات على كتاب الوسيط في الفقه، وله طبقات الشافعية اختصره الشيخ محيي الدين النواوي، واستدرك عليه جماعة، ومن مشاهير شيوخه الفخر ابن عساكر، وزير الأمناء، ومؤيد الطوسي، وابن سكينة وطبرزد وزينب الشعرية وغيرهم، وممن تفقه عليه وروى عنه الشيخ شهاب الدين أبو أسامة، والإمام تقي الدين ابن رزين قاضي الديار المصرية، والعلامة شمس الدين ابن خلكان قاضي البلاد الشامية، والكمال ارسلان والكمال إسحاق الشيرازي شيخ النواوي، وآخرون إلى أن توفي، فشهد جنازته جم غفير وعدد كثير في الجامع، وحمل على الرؤوس انتهى، وجمع بعض أصحابه فتاواه في مجلد فلم يزل أمره جاريًا على سداد وصلاح حال واجتهاد في الاشتغال بما ذكرنا وبالنحو إلى أن توفي بدمشق في ربيع الآخر من السنة المذكور، ودفن في مقابر الصوفية خارج باب االنصر ومولده سنة سبع وسبعين وخمس مائة.
وذكر غيره أنه بعد اقامته بالموصل دخل بغداد وطاف البلاد، وسمع من خلق كثير
وجم غفير ببغداد، وهمدان، ونيسابور، ومرو، وحران، وغير ذلك، ودخل الشام مرتين، قال: وكان إمامأ بارعاً حجة متبحرًا في العلوم الدينية بصيرًا بالمذهب وأصوله وفروعه، له يد طولى في العربية والحديث، والتفسير مع عبادة، وتهجد، وورع، ونسك، وتعبد، وملازمة للخير على طريقة السلف في الاعتقاد، وله آراء رشيدة، وفتاوى سديدة، ماعدا فتياه الثانية في استحباب صلاة الرغائب، وله اشكالات على الوسيط ومؤاخذات حسنة، وفوائد جمة، وتعاليق حسنة، وعلوم الحديث الذي اقتنصه من علوم الحديث للحاكم وزاد عليه.
وفيها توفي الإمام العلامة علم الدين أبو الحسن علي بن محمد السخاوي الهمداني المقرىء، أتقن علم القراءات على الإمام المقرىء المحقق أبي محمد القاسم الشاطبي المشهور بمصر، ثم انتقل إلى دمشق، وتقدم بها على علماء فنونه، وكان للناس فيه اعتقاد عظيم، وشرح المفصل للزمخشري في أربع مجلدات، وشرح الشاطبية للإمام المذكور، وكان قد قرأها عليه، وله خطب وأشعار، وكان متعينًا في وقته.
قال ابن خلكان: ورأيته بدمشق والناس يزدحمون عليه في الجامع لأجل القراءة، ولا يصح لواحد منهم نوبة إلا بعد زمان، ورأيته مرارًا ما يركب بهيمة وهو يصعد إلى جبل الصالحين، وحوله اثنان أو ثلاثة، وكل واحد يقرأ وظيفته في موضع غير موضع الآخر، والكل في دفعة واحدة، وهو يرد على الجميع. ولم يزل مواظبًا على وظيفته إلى أن توفي بدمشق في السنة المذكورة، وقد نيف على التسعين ولما حضرته الوفاة أنشد لنفسه:
قالوا: غدًا يأتي ديار الحمى
…
وينزل الركب بمغناهم
وكل من كان مطيعًا لهم
…
أصبح مسروراً بلقياهم
قلت: فلي ذنبي فماحيلتي
…
بأي وجه أتلقاهم
قالوا: أليس العفو من شأنهم
…
لا سيما ممن يرجاهم
وفيها توفي الحافظ الكبير محب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن البغدادي المعروف بابن النجار صاحب تاريخ بغداد ولد سنة ثمان وسبعين وخمس مائة، ورحل إلى أصفهان، وخرسان، والشام، ومصر، وسمع من جماعة، وكتب شيئًا كثيرًا، وكان ثقة متقناً واسع الحفظ تام المعرفة.
وفيها توفي المنتجب بن أبي العز بن رشيد أهمداني المقرئ نزيل دمشق، قرأ