الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالشعر، ويجيزعليه، ثم عمل عليه حتى وقع في قبضة التتار، وذهبوابه إلى ملكهم هولا فأكره، فلمابلغه كسرجيشه علىعين جالوت غضب، وتنمروأمربقتله فتذلل له، فأمسك عن قتله، فلما بلغه كسر جيشه مرة أخرى استشاط عدو الله، وأمر بقتله، وقتل أخيه الظاهر، وكان شابًا حسن الشكل، مليح الخلق.
سنة ستين وست مائة
فيها أخذت التتار الموصل بخديعة بعد حصار أشهر، وضعوا السيف في المسلمين تسعة أيام، وأسرواصاحبها الملك الصالح إسماعيل، ثم قتلو، بعد أيام، وقتلوا ولده علاء الملك.
وفيها عدم المستنصر بالله أحمد بن الظاهر بأمر الله العباسي الأسودقدم مصر، وعقدوا له مجلس فائد يؤانسه، ثم بدأ الملك الظاهر بمبايعته، ثم الأعيان على مراتبهم، فلقب بلقب أخيه صاحب بغداد، ثم صلىبالناس يوم الجمعة، وخطب، ثم ألبسه السلطان خلعةبيده وطوقه، وأمر له بكتابة تقليد الأمر، وركب السلطان بتلك الخلعة، وزينت القاهرة، وهو الثامن والثلاثون من خلفاء بني العباس، وكان جسيمًاشجاعًاعالي الهمة، ورتب له السلطان أتابك أستاذ داروحاجب، وكاتب انشاء، وجعل له خزانةومائه فرس، وثلاثين بغلاً، وستين جملاً، وعدة مماليك فلما قدم دمشق وسار إلى العراق استماله الحاكم بأمر الله العباسي، أنزله معه في دهليزه، ثم دخل المستنصرهيت، ثم التقى المسلمون التتار، فانهزم التركمان والعرب، وأحاطت التتار بعسكر المستنصر، فحرقواوساقوا، فنجا طائفةمنهم الحاكم، وقتل المستنصر، وقيل: عدم ولم يعلم ما جرى له، وقيل: قتل ثلاثة من التتار، ثم تكاثروا عليه، واستشهدوا رحمه الله تعالى.
وفيهاتوفي الشيخ الفقيه العلامةالإمام المفتي المدرس القاضي الخطيب سلطان العلماء، وفحل النجباء المقدم في عصره على سائر الأقران، بحر العلوم والمعارف والمعظم في البلدان، ذو التحقيق والاتقان والعرفان والإيقان. المشهود له بمصاحبة العلم والصلاح الجلالة والوجاهة والاحترام الذي أرسل النبي صلىالله عليه وآله وسلم إليه مع الولي الشاذلي بالسلام، مفتي الأنام وشيخ الإسلام، عز الدين عبد العزيزبن عبد السلام أبي القاسم السلمي الدمشقي الشافعي قال أهل الطبقات: سمع من عبد اللطيف بن أبي سعد، والقاسم ابن عساكر وجماعة، وتفقه على الإمام العلامة فخر الدين ابن عساكر، وبرع في،
الفقه والأصول والعربية، ودرس وأفتىوصنف المصنفات المفيدة، وأفتىالفتاوى السديدة، وجمع من فنون العلم العجب العجاب من التفسير والحديث، والفقه، والعربية، والأصول، واختلاف المذاهب والعلماء، وأقوال الناس ومأخذهم، حتى قيل: بلغ رتبة الاجتهاد، ورحل إليه الطلبة من سائر البلاد، وعنه أخذ الشيخ الإمام شرف الدين الدمياطي، والقاضي الإمام المفيد تقي الدين بن دقيق العيد وخلق كثير، وبلغ رتبة الاجتهاد، وانتهت إليه معرفةالمذهب مع الزهدوالورع، وقمعة للضلالات والبدع، وقيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك مما عنه اشتهر، قالوا: وكان مع صلابته في الدين، وشدته فيه حسن المحاضرة بالنوادر والأشعار يحضر السماع ويرقص.
قلت: وهذا مما شاع عنه، وكثرشهوده، وبلغ في الاستفاضة والشهرة مبلغاً لايمكن جحوده، وذلك من أقوى الحجج على من ينكر ذلك من الفقهاء على أهل السماع من الفقراء والمشائخ أهل المقامات الرفاع أعني صدور وذلك عن مثل الإمام الكبير الذي سبق أئمة زمانه بدمشق. بل سبق كثيرًامن السابقين المتقدمين على أوانه وأرى نسبة فعله هذامع انكار الفقهاء غالبًا في سائر البلاد كنسبة ذهاب الإمام الكبير المحدث الحافظ أبي القاسم ابن العساكرإلى مذهب الأشعرية في الاعتقاد مع مخالفة طائفة من المحدثين اعتقدوا علىالظواهر، وحادواعن منهج الحق الباهج الظاهر، فكل واحد منهما مع غزير علمه وجلالته وتقدمه على. أقرانه في فنه وإمامته حجة على المشارإليهم من أهل ذلك الفن المخالفين من خلائق منهم لا يحصون على ذلك موافقين من الأئمة الكبار السابقين واللاحقين، كالفقيه الإمام الجليل المحدث أبي الفضل عياض بن موسى اليحصبي، والفقيه الإمام الجليل المحدث محيي الدين النواوي، والفقيه الإمام الجليل المحدث أبي العباس أحمد بن أبي الخير اليمني وغيرهم من المحدثين أولى المناقب الحميدة الموافقين في العقيدة، وكالفقيه الإمام الكبير المتفنن الأستاذ أبي سهل الصعلوكي، والفقيه الإمام السعيد السيد الشهيرالعارف بالله: الخبير الأستاذ أبي القاسم الجنيد، والفقيه الإمام المشكور العارف بالله المشهورمحمدبن حسين البجلي اليمني وغيرهم من الفقهاء أولى النفع والانتفاع الواجدين الداخلين في السماع، ولكن ذلك بشروط عند علماءالباطن ذكرتها في كتاب الموسوم بنشر المحاسن مع موافقتهم أيضاًفي العقيدة المذكورة الصحيحة المشهورة.
قلت: وكان عز الدين المذكوررضي الله تعالى عنه، يصدع بالحق، ويعمل به متشدداً في الدين لاتأخذه في الله لومة لائم، ولايخاف سطوة ملك ولا سلطان، بل يعمل بماأمرالله ورسوله، وما يقتضيه الشرع المطهر، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كأنه رضي الله تعالىعنه جبل إيمان. يصادم السلطان، كائنًاماكان، بمشافهة الإنكار، تحت عظام
الأخطار، فقيل له: في ذلك في وقت فقال: استحضرت عظمة الله، وكان السلطان في عيني أصغرأوقال: أحقرمن كذاوكذاوأنكر رضي الله تعالى عنه صلاة الرغائب، والنصف من شعبان.
قلت: وقع بينه وبين شيخ دارالحديث الإمام أبي عمرو بن الصلاح رحمه الله في ذلك منازعات ومحاربات شديدات، وصنف كل واحد منهما في الرد على الآخر، واستصوب المتشرعون المحققون مذهب الإمام ابن عبد السلام في ذلك، وشهدوا له بالبروز بالحق الصواب في تلك الحروب والضراب، وكأن ظهور ثوابه في ذلك جديرًابماأنشده في عقيدته في الاستشهاد على ظهور الحق:
لقدظهرت فلاتخفىعلى أحد
…
إلاعلىأكمه لايعرف القمر
إذ لم يرو في ذلك عن جهة السنة ما يقتضي فعل ذلك، وإن كان قد ظهر لهما شعار في الأمصار، وصلاهماالعلماء الأحبار والأولياء الأخيار، وأدركت ذلك في الحرمين الشريفين حتى تكرر الإنكار في ذلك، واشتهر بين الناس مقال الإمام المؤيد الموفق للذب عن السنة، وتحرير الصواب، الحبر المحدث الخاشع الأواب محيي الدين النواوي رحمة الله عليه في صلاة الرغائب قاتل الله واضعهمامع أنهما إلى هذا الزمن يصليهما أهل اليمن، لعمري إنهما لو فعلا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لاستفاض ذلك، اشتهر كما اشتهر ما هو أخفى من ذلك في الخبر، وإذ لم يرد فعل ذلك، وما تضمنه من شعار كان ذلك بدعة ينبغي فيها الإنكار، وليس الحسن الظن مدخل في احداث شعار لم يكن في الإسلام مع قوله عليه أفضل الصلاة والسلام:" من حدث في أمرنا هنا ما ليس منه، فهورد " وقوله: " كل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة نعم لو صلاهما إنسان وحده مع اعتقاه أنهما ليستا بسنة لم أربذلك بأساً " والله أعلم.
وأما ما احتج به بعض الناس من قوله تعالى: " أرأيت الني ينهى عبدًا إذا صلى " سورة العلق:، فهو احتجاج باطل فإن الآية الكريمة نزلت في قضية أبي جهل، ونهيه للنبي عليه السلام، عن الصلاة ومنعه له بزعمه منها، فمنعه الله عن ذلك المرام بما أراه مايهول من الآيات العظام.
ولما سلم الملك الصالح إسماعيل ابن الملك العادل صفدقلعة في بلاد الشام. ساء ذلك المسلمين، ونال منه الشيخ الإمام عزالدين على المنبر، ولم يدع له في الخطبة
وكان خطيبًا بدمشق، فغضب الملك المذكور، وعزله وسجنه، ثم أطلقه، فتوجه إلى الديار المصرية هو والإمام ذوالفهم الثاقب المعروف بابن الحاجب، بعد أن كان معه في الحبس، فتلقاه الملك الصالح نجم الدين أيوب صاحب مصر، وأكرمه وأجله واحترمه، وفوض إليه قضاء مصر، وخطابة الجامع، فقام بذلك أتم قيام، وتمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى اتفق أن بعض الأمراء بنىمكانًا على سطح مسجد، فأنكر ذلك، وقيل: هدمه، ثم علم أن ذلك شق على الوزير، فحكم بفسق الوزير وعزل نفسه عن القضاء، فلما بلغ ذلك حاشية الملك شق عليهم، وأشاروا على الملك أن يعزله من الخطابة لئلا يتعرض لسب الملك على المنبر، فعزله، فلزم بيته يشغل الناس ويدرس.
وذكروا أنه لما مرض مرض الموت بعث إليه الملك الظاهر يقول من أولادك يصلح لوظائفك؟ فأرسل إليه، ليس فيهم من يصلح لشيء منها، فأعجب ذلك السلطان منه، ولما مات حضر جنازته بنفسه، والعالم من الخاص والعام.
ومن مصنفاته الجليلة كتاب التفسير الكبير، وكتاب القواعد الكبرى ومختصر النهاية، وكتاب العقيدة، وكتاب شجرة الأخلاق الرضية والأفعال المرضية، ومختصر الرعاية، وكتاب الإمام في أدلة الأحكام وغير ذلك، وكانت له مشاركة يقوم به أحسن قيام، وكانت له يد طولى في تعبير الرؤيا وغير ذلك. دخل بغداد في سنة تسع وتسعين وخمس مائة، واتفق يوم دخوله موت الإمام أبي الفرج ابن الجوزي، فأقام بها أشهراً، ثم عاد إلى دمشق، وولاه الملك الصالح ابن الملك العادل خطابة الجامع الأموي بعد ولايته التدريس بزاوية الغزالي، وهو من الذين قيل فيهم علمهم كثر من تصانيفهم لا من الذين عبارتهم دون درايتهم، ومرتبته في العلوم الظاهرة مع السابقين في الرعيل الأول، وأما في علوم المعارف، والعلم بالله وحضور هيبته، واستيلاء جلالته وعظمته على قلوب أهل ولايته، ومعرفته وغير ذلك مما هو معروف عند أهله.
وقد قسم الناس في المعرفة أقسامًاوعد نفسه رضي الله تعالى عنه من القسم الثالث بعد أن ذكر أن القسم الأول هم الذين تحضرهم المعارف من غير استحضار وتفكر واعتبار ولا تغيب عنهم في سائر الأحوال، والقسم الثاني هم الذين تحضرهم بغير استحضار أيضاً لكن تغيب عنهم في بعض الأحيان. والقسم الثالث هم الذين تحضرهم باستحضار من غيردوام واستمرار، ثم قال: كأمثالنا. هذا معنى كلامه في الأقسام المذكور وإن اختلفت العبارات في بعض الألفاظ. وقد ذكرت في غير هفا الكتاب قضية وقعت له مما يؤيد عظيم فضله وعلومحله وهو ما أخبرني به بعض أهل العلم أن الإمام عز الدين المذكور احتلم في ليلة بارعة فأتى إلى