الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولاجين وجماعة، وتسلطن بيدراً، ولقب بالملك القاهر فأقبل كتبغا والجاشكير، وحملوا على بيدراً فقتلوه.
وفيها توفي قاضي القضاة شهاب الدين ابن قاضي القضاة شمس الدين أحمد الخليل بن سعادة بن جعفر الشافعي روى عن ابن المقير وطائفة، وكان من أعلم أهل زمانه وأكثرهم تفنناً، وأحسنهم تصنيفاً، وأحلاهم مجالسة، ولي القضاء بحلب مدة، ثم ولي قضاء الشام هكذا قال بعضهم، ولم يقل قضاء دمشق، وتوفي في العشر الأخير من شهر رمضان.
وفيها توفي الملك الحافظ غياث الدين محمد ابن شاهنشاه، وصاحب بعلبك الملك الأمجد، روى صحيح مسلم، ونسخ الكثير بخطه.
وفيها توفي الدمياطي شمس الدين محمد بن عبد العزيز المقرئ أخذ القراءة من الصخاوي، وتصدر واحتيج إلى علو روايته، وقرأ عليه جماعة.
وفيها توفي الوزير سلغوس المدعو بالوزير الكامل، مدبر الممالك شمس الدين محمد بن عثمان التنوخي الدمشقي التاجر الكاتب ولي حسبة دمشق، فاستصغره الناس عليها، فلم ينشب أن ولي الوزارة، ودخل دمشق في موكب عظيم لم يعهد مثله. مات بعد أن أنتن جسده من شدة الضرب، وقطع منه اللحم الميت نسأل الله الكريم العافية.
سنة أربع وتسعين وست مائة
في المحرم تسلطن الملك العادل كتبغا المنصوري، وزينت مصر والشام، وله نحو من خمسين سنة يومئذ سبي يوم وقعت حمص من التتار.
وفيها توفي الفاروثي الإمام العالم الواعظ المقرئ المفسر الخطيب عز الدين أبى العباس أحمد بن إبراهيم الواسطي الشافعي الصوفي شيخ العراق، كان إماماً متفنناً متضلعاً من العلوم والآداب، حسن التربية للمريدين، لبر الخرقة من الشيخ العارف أستاذ زمانه شهاب الدين السهروري، وسمع منه ومن جماعة، وأسمع الكثير في الحرمين والعراق ودمشق، وجاور مدة، وعليه قرأ كتاب الحاوي الصغير شيخنا الفقيه الإمام العلامة
نجم الدين قاضي الحرم الشريف وشيخه ومدرسه محمد بن محمد الطبري، والفاروثي يرويه عن مصنفه الشيخ عبد الغفار القزويني، ثم قدم بعد المجاورة إلى الشام في سنة إحدى وتسعين، فولي بها مشيخة دار الحديث الظاهرية، وإعادة الناصرية، وتدريس النجيبية، ثم ولي خطابة البلد بعد زين الدين بن المرجل، وكان خطيباً بليغاً، فإذا نزل وصلى ربما خرج بالخلعة السوداء وشيع الجنائز، وزار بعض أصحابه من الأكابر، وهو لابسها، وكان إماماً بارعاً فاضلاً فقيهاً مقرياً، حسن الاعتقاد، جيد الديانة، ظريفاً حلو المجالسة، لطيف الشكل، صغير العمامة يرتدي برداء، وكان كثير الاشتغال والعبادات، وعنده كتب كثيرة جداً نحو من ألفي مجلد أو أكثر، ذا كرم وسعة صدر ووجاهة عند الكبراء والأمراء، واتفق أنه عزل بعد سنة بالخطيب الموفق، فسافر مع الحجاج، ودخل العراق، وتوفي بواسط وقد نيف على الثمانين - رحمه الله تعالى -.
وفيها توفي المحب الطبري شيخ الحرم الإمام العلامة الحافظ الرواية ذو التصانيف الكثيرة، والفضائل الشهيرة أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر المكي الشافعي، ولد سنة خمس عشرة وست مائة، وسمع من ابن المقري، وابن الحميري وجماعة، وصنف كتباً عديدة في الحديث، وله في الفقه مبسوطات ومختصرات، ومن المبسوطات كتاب في الأحكام في عدة مجلدات أجاد فيه وأفاد وأكثر وأطنب، وجمع الصحيح والحسن، ولكن ربما أورد فيه الأحاديث الضعيفة، ولم يبين ضعفها، وكان فقيهاً بارعاً محدثاً حافظاً درس وأفتى وأسمع، وروى، وكان محدث الحجاز في زمانه، وشيخ الشافعية هنالك.
وتوفي قبله بأيام ولده النجيب الفاضل جمال الدين محمد قاضي مكة مؤلف كتاب التشويق إلى البيت العتيق، ومن تصانيف محب الدين شرح كبير مبسوط للتنبيه جيد إلا أنه ربما يختار الوجوه الضعيفة، وله مختصرات للتنبيه وغير ذلك، وكتاب " القرى " بكسر القاف، ومختصر السيرة وغير ذلك لكنها لم تشتهر ولم تنتشر في البلدان إلا كتاب " الأحكام " المذكور فإنه في البلدان مشهور، وكان له جاه عظيم؟ وحظ كريم عند الملك المظفر صاحب اليمن، وكان مشغولاً بالعلم مستفيداً ومفيداً، وعنه أخذ خلائق من الفضلاء من أكابر المحدثين والفقهاء، وكان له صحبة من الشيخ الكبير العارف بالله الخبير ذي المناقب والكرامات السنية، والأحوال والمقامات العلية أبي العباس أحمد المورقي الغربي المدفون في الطائف قدس الله روحه، وله معه حكايات عجيبة، منها أنه لما قدم الملك
المظفر صاحب اليمن طلب منه قرابته وأصحابه أن يشفع لهم عنده وطمعوا أن يحصل لهم منه نفع، وكان عادة السلطان المذكور أن يطلب محب الدين في كل وقت، فلما قدم مكة لم يطلبه، ولم يجتمع به سوى عند قدومه فحصل لمحب الدين من ذلك قبض، ولم يزل كذلك إلى أن فرغ من أعمال الحج، ثم لقيه الشيخ أبو العباس المذكور، فسأله عن حاله، فأخبره إنما هو غير منشرح بسبب عدم ما كان يرتجي من النفع على يديه، واشتغال السلطان عنه، فقال له الشيخ أبو العباس عند ذلك: أنا الذي شغلته عنك خشية أن يشغلك عن أعمال الحج، ولكن الآن أطلقه حتى يلتفت إليك، ويطلبك كما كان. فعند ذلك أرسل السلطان يطلبه، وقضى له ما أراد من حوائجه وحوائج من تعلق به من الناس.
وفيها توفي ابن المقدسي خطيب دمشق ومفتيها، وشيخ الشافعية بها الإمام العلامة شرف الدين أبو العباس أحمد بن نعمة الشافعي، سمع من السخاوي وابن الصلاح، وتفقه على ابن عبد السلام، وبرع في الفقه والأصول والعربية، وناب في الحكم مدة، ودرس بالشامية والغزالية، وكتب الخط المنسوب الفائق، وألف كتاباً في الأصول، وكان كيساً متواضعاً متنسكاً، ثاقب الذهن، مفرط الذكاء، طويل النفس في المناظرة. توفي في رمضان - رحمه الله تعالى -.
وفيها توفي صاحب اليمن الملك المظفر ابن الملك المنصور عمر. توفي في رجب، وبقي في السلطنة نيفاً وأربعين سنة، وملك أبوه قبله نيفاً وعشرين سنة، وكان الملك المظفر المذكور له بعض مشاركة في بعض العلوم، وكان كيساً ظريفاً يحب مجالسة العلماء، ويعتقد الصالحين، وجاء إلى شيخ اليمن، وبركة الزمن، والبحر الزاخر الذي يغرق فيه كل ماهر السيد الجليل أبي الغيث بن جميل - قدس الله روحه - ونعله في حلقه، فقال الشيخ: ما تطلب؟ الملك قال: وليتك.
وكان أبوه قد قتل خادم الشيخ أبي الغيث، فلما بلغه قتل خادمه قال: مالي ولمحراسه أنا أنزل عن أمشباب، وأترك أمزرع، فقتل عند ذلك الملك المنصور، واستعار في ذلك استعارة حسنة، وهي أنه جعل الخلق كالزرع، وهو كالحارس له، والمشباب بكسر الميم، وسكون الشين المعجمة، وتكرير الموحدة قبل الألف وبعدها. خشبات تنصب في وسط الزرع، ويجعل عليها عريش يقعد الحارس عليه، فإذا نزل عنه ضاع الزرع يترك الحراسة، فنزل به التلف من سارق، أو آكل بهائم، أو صيد، أو وحش مبذلاً لام التعريف بالميم كما هي لغة بعض اليمانيين، وكما هو مشهور في كتب النحويين بل في كتب المحدثين أعني قولهم: يرمي ورائي بأمسهم وأمسلمة.
وما روي من قوله عليه السلام: " ليس من أمير مصيام في أمسفر، مجيبا لقول السائل