المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس عشر: في عمرة القضاء - مرويات الإمام الزهري في المغازي - جـ ٢

[محمد بن محمد العواجي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌الباب الثالث:من غزوة الحديبية إلى غزوة تبوك

- ‌الفصل الأول: غزوة الحديبية

- ‌المبحث الأول: في سبب الغزوة

- ‌المبحث الثاني: في أحداث الغزوة إجمالاً

- ‌المبحث الثالث: في أول من بايع بيعة الرضوان

- ‌المبحث الرابع: في أحداث الغزوة وشروط الصلح

- ‌المبحث الخامس: في استشارة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في بعض أموره

- ‌المطلب الأول: في استشارته صلى الله عليه وسلم أصحابه في قريش

- ‌المطلب الثاني: في استشارة النبي صلى الله عليه وسلم في عدم إمتثال أصحابه لما أمرهم بالتحليل

- ‌المبحث السادس: في استثناء النساء من شرط صلح الحديبية

- ‌المبحث السابع: فيما ظهر من علامات النبوة في الحديبية

- ‌المبحث الثامن: في قصة أبي بصير وأبي جندل رضي الله عنهما

- ‌الفصل الثاني: غزوة خيبر والأحداث التي أعقبتها

- ‌المبحث الأول: في سبب الغزوة

- ‌المبحث الثاني: في تاريخ الغزوة

- ‌لمبحث الثالث: في فتح خيبر على يد علي رضي الله عنه وقتله مرحباً اليهودي

- ‌المبحث الرابع: في استشهاد عامر بن الأكوع

- ‌المبحث الخامس: في موقف بني فزارة من أهل خيبر

- ‌المبحث السادس: في قصة الرجل الذي قتل نفسه

- ‌المبحث السابع: في اصطفاء الرسول صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي رضي الله عنها وزواجه بها

- ‌المبحث الثامن: في محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم بالسم

- ‌المبحث التاسع: في أثر ذلك السمّ على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر: في فتح خيبر هل كان صلحاً أم عنوة

- ‌المبحث الحادي عشر: في تقسيم غنائم خيبر على أهل الحديبية

- ‌المبحث الثاني عشر: في غزوة وادي القرى

- ‌المبحث الثالث عشر: في رجوع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من خيبر ونومهم عن صلاة الصبح

- ‌المبحث الرابع عشر: في سرية أبان بن سعيد بن العاص إلى نجد

- ‌المبحث الخامس عشر: في عمرة القضاء

- ‌المبحث السادس عشر: في سرية ابن أبي العوجاء السلمي إلى بني سُليم

- ‌المبحث السابع عشر: في سرية كعب بن عمير الغفاري إلى قضاعة من ناحية الشام

- ‌المبحث الثامن عشر: في سرية ذات السلاسل

- ‌المبحث التاسع عشر: في سرية مؤتة

- ‌المطلب الأول: في تأريخها وتعيين الأمراء لجيش مؤتة

- ‌المطلب الثاني: في بكاء عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وسببه

- ‌المبحث العشرون: في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم سرية إلى إِضَم وقتلهم رجلاً بعد إسلامه

- ‌الفصل الثالث: فتح مكة شرفها الله والأحداث التي أعقبتها

- ‌المبحث الأول: في سبب هذه الغزوة

- ‌لمبحث الثاني: في تاريخ خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وعدد جيشه

- ‌المبحث الثالث: في كتابة حاطب رضي الله عليه وسلم لأهل مكة يخبرهم بمسير الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابع: في مسير النبي صلى الله عليه وسلم لفتح مكة

- ‌المبحث الخامس: في منزل الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة

- ‌المبحث السادس: في قتل خزاعة رجلاً من هذيل بعد تحريم مكة

- ‌المبحث الثامن: في تكسير النبي صلى الله عليه وسلم للأصنام التي حول الكعبة

- ‌المبحث التاسع: في قصة إسلام صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل

- ‌المبحث العاشر: في سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة

- ‌الفصل الرابع: غزوة حنين وحصار الطائف

- ‌المبحث الأول: في سبب الغزوة

- ‌المبحث الثاني: في تاريخ الغزوة

- ‌المبحث الثالث: في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين ومروره بذات أنواط

- ‌المبحث الرابع: في إعجاب المسلمين بكثرتهم

- ‌المبحث الخامس: في وقائع المعركة

- ‌المبحث السادس: في إعطاء المؤلفة قلوبهم من غنائم حنين

- ‌المبحث السابع: في قدوم وفد هوازن على النبي صلى الله عليه وسلم مسلمين ورد السبي إليهم

- ‌المبحث الثامن: في موقف الأنصار من تقسيم الغنائم

- ‌المبحث التاسع: في جفاء الأعراب وحلم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر: في حصار الطائف

- ‌الفصل الخامس: غزوة تبوك والسرايا التي أعقبتها

- ‌المبحث الأول: في تاريخ الغزوة

- ‌المبحث الثاني: في تخلف بعض المسلمين عن غزوة تبوك

- ‌المطلب الأول: تخلف كعب بن مالك

- ‌لمطلب الثاني: في تخلف أبي لبابة رضي الله عنه

- ‌المطلب الثالث: في تخلف بعض المسلمين من أسلم وغِفار

- ‌المبحث الثالث: في أحداث متفرقة حصلت في الغزوة

- ‌المطلب الأول: في نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر

- ‌المطلب الثاني: في صلاة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: في إعطاء الرسول صلى الله عليه وسلم سرَّه لحذيفة في شأن بعض المنافقين

- ‌المطلب الرابع: في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بخمس خصال تقع قبل قيام الساعة

- ‌المبحث الرابع: في خبر مسجد الضرار

- ‌المبحث الخامس: في خروج الغلمان إلى ثنية الوداع لتلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رجوعه من تبوك

- ‌المبحث السادس: في سرية أسامة بن زيد إلى أُبْنَى

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الخامس عشر: في عمرة القضاء

‌المبحث الخامس عشر: في عمرة القضاء

1

131-

قال أبو يعلى: حدثنا أبو بكر بن زنجويه2، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، أخبرني أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وابن رواحة آخذ بِغَرْزِه وهو يقول:

خلوا بني الكفار عن سبيله

قد أنزل الرحمن في تنزيله

1 قال الحافظ: "اختلف في سبب تسميتها عمرة القضاء، فقيل المراد ما وقع من المقاضاة بين المسلمين والمشركين من الكتاب الذي كتب بينهم بالحديبية، وقال آخرون: بل كان قضاء عن العمرة الأولى"، وقال السهيلي:"سميت عمرة القضاء لأنه قاضى فيها قريشاً، لا لأنها قضاء عن العمرة التي صُدَّ عنها؛ لأنها لم تكن فسدت حتى يجب قضاؤها، بل كانت عمرة تامةً. ولهذا عدوا عُمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم أربعاً". فتح الباري 7/500.

وقد عدها العلماء من المغازي ووجه ما ذكره الحافظ ابن حجر حيث قال: "ووجهوا كونها غزوة بأن موسى بن عقبة ذكر في المغازي عن ابن شهاب أنه صلى الله عليه وسلم خرج مستعداً بالسلاح والمقاتلة خشية أن يقع من قريش غدر فبلغهم ذلك ففزعوا، فلقيه مكرز فأخبره بأنه باق على شرطه". الفتح 7/ 499- 500.

ثم قال الحافظ: "ولا يلزم من إطلاق الغزوة وقوع المقاتلة"، المصدر السابق.

وقال ابن الأثير: "أدخل البخاري عمرة القضاء في المغازي لكونها كانت مُسَبّبة عن غزوة الحديبية"، المصدر السابق.

2 هو: محمد بن عبد الملك بن زنجويه البغدادي أبو بكر الغزَّال، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين، ع، التقريب 494.

ص: 666

.................................

بأن خير القتل في سبيله1

132-

قال البيهقي2: وأخبرنا أبو الحسين3 بن الفضل القطان،

1 مسند أبي يعلى (6/ 273- 274) رقم (3579)

والحديث أخرجه أيضاً أبو يعلى في المعجم رقم (3579) .

وقد أخرجه أبو زرعة الدمشقي رقم (1153) ، والفاكهي في أخبار مكة، رقم (1922) ، والبيهقي في السنن (10/ 228) ، وفي الدلائل (4/ 322) ، وشرح السنة للبغوي (12/ 375) رقم (3405) كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس به، وسنده صحيح.

وقد أخرجه الترمذي رقم (2847) من طريق جعفر بن سليمان، ثم قال: قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقد روى عبد الرزاق هذا الحديث أيضاً عن معمر عن الزهري عن أنس نحو هذا، ورُوِيَ في غير هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وكعب بن مالك بين يديه، وهذا أصح عند بعض أهل الحديث، لأن عبد الله بن رواحة قتل يوم مؤتة، وإنما كانت عمرة القضاء بعد ذلك، سنن الترمذي (5/ 139) رقم (2847) . قال الحافظ ابن حجر: "قلت: وهو ذهول شديد وغلط مردود، وما أدري كيف وقع الترمذي في ذلك مع وفور معرفته، ومع أن في قصة عمرة القضاء اختصام جعفر وأخيه علي وزيد بن حارثة في بنت حمزة

وجعفر قتل هو وزيد وابن رواحة في موطن واحد

وكيف يخفى عليه - أعني الترمذي - مثل هذا؟ ثم وجدت عن بعضهم أن الذي عند الترمذي من حديث أنس أن ذلك كان في فتح مكة، فإن كان كذلك اتجه اعتراضه، لكن الموجود بخط الكروخي راوي الترمذي ما تقدم. والله أعلم". اهـ. الفتح (7/ 502) .

2 دلائل البيهقي 4/ 314.

3 سبق التعريف برجال إسناد هذه الرواية في الرواية رقم [50] .

ص: 667

قال: أخبرنا أبو بكر بن عتاب قال: حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة، قال: حدثنا ابن أبي أويس قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة (ح) وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني قال: حدثنا جدي، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة1 عن ابن شهاب - قال: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام القابل من عام الحديبية معتمراً في ذي القعدة سنة سبع وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام حتى إذا بلغ يَأْجَجْ2 وضع الأداة كلها؛ الحُجُف3 والمجان4 والرماح والنبل ودخلوا بسلاح الراكب؛ السيوف، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة بنت الحارث بن حزن العامرية5

1 سبق التعريف برجال إسناد هذه الرواية في الرواية رقم [50] .

2 يَأْجَجْ: - بتحتية، فهمزة ساكنة، فجيمين، الأولى مفتوحة، وقد تكسر - وهو وادٍ قريب من مكة. سبل الهدى والرشاد 5/ 198.

3 الحجفة: الترس. النهاية 1/345.

4 المجن والمجان: وهو الترس أيضاً والتّرسة والميم زائدة، لأنه من الجُنَّة. النهاية 4/ 301.

5 هي: ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهرم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية، أم المؤمنين، أخت أم الفضل - لبابة - كان اسمها برة، فسماها النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة، وكانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي رهم بن عبد العزى العامري، وقيل: عند سخبرة بن أبي رهم المذكور، وقيل: عند حويطب بن عبد العزى، وقيل: عند فروة أخيه، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة سنة سبع لما اعتمر عمرة القضية. الإصابة 4/ 411.

ص: 668

فخطبها عليه، فجعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب، وكانت تحته أختها أم الفضل بنت الحارث1، فزوجها العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه فقال:"اكشفوا عن المناكب، واسعوا في الطواف" ليرى المشركون جلدهم وقوتهم، وكان يكابدهم بكل ما استطاع، فاستكف2 أهل مكة الرجال والنساء والصبيان ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم يطوفون بالبيت، وعبد الله بن رواحة يرتجز بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم متوشحاً3 بالسيف يقول:

خلوا بني الكفار عن سبيله

أنا الشهيد أنه رسوله

قد أنزل الرحمن في تنزيله

في صحف تتلى على رسوله

فاليوم نضربكم على تأويله

كما ضربناكم على تنزيله4

1 هي: لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية - أم الفضل - وهي أخت ميمونة أم المؤمنين، زوج العباس بن عبد المطلب، ووالدة أولاده: الفضل وعبد الله وغيرهما، وهي لبابة الكبرى مشهورة بكنيتها، ومعروفة باسمها. الإصابة 4/ 398.

2 استكف به الناس: إذا أحدقوا به، واستكفوا حوله ينظرون إليه. النهاية 4/ 190.

3 متوشحاً بالسيف: توشح بسيفه وثوبه: تقلد. القاموس (وشح) .

4 عند ابن إسحاق: (ابن هشام 2/ 371) : نحن قتلناكم على تأويله كما قتلناكم على تنزيله

قال ابن هشام: "نحن قتلناكم على تأويله

إلى آخر الأبيات، لعمار بن ياسر في غير هذا اليوم، والدليل على ذلك أن ابن رواحة إنما أراد المشركين، والمشركون لم يقروا بالتنزيل، وإنما يقتل بالتأويل من أقر بالتنزيل". المصدر السابق.

قال الحافظ ابن حجر: "وزعم ابن هشام في مختصر السيرة أن قوله: "نحن نضربكم على تأويله" إلى آخر الشعر، من قول عمار بن ياسر قاله يوم صفين، قال: ويؤيده أن المشركين لم يقروا بالتنزيل، وإنما يقاتل على التأويل من أقر بالتنزيل، انتهى. وإذا ثبتت الرواية فلا مانع من إطلاق ذلك، فإن التقدير على رأي ابن هشام: نحن نضربكم على تأويله، أي حتى تذعنوا إلى ذلك التأويل، ويجوز أن يكون التقدير: نحن ضربناكم على تأويل ما فهمنا منه حتى تدخلوا فيما دخلنا فيه، وإذا كان ذلك محتملاً وثبتت الرواية سقط الاعتراض، نعم الرواية التي جاء فيها: "فاليوم نضربكم على تأويله" يظهر أنها قول عمار، ويبعد أن تكون قول ابن رواحة، لأنه لم يقع في عمرة القضاء ضرب ولا قتال، وصحيح الرواية: نحن ضربناكم على تأويله كما ضربناكم على تنزيله

يشير بكل منهما إلى ما مضى، ولا مانع أن يتمثل عمار بن ياسر بهذا الرجز، ويقول هذه اللفظة، ومعنى قوله:"نحن ضربناكم على تنزيله" أي في عهد الرسول فيما مضى، وقوله:"واليوم نضربكم على تأويله" أي الآن وجاز تسكين الباء لضرورة الشعر، بل هي لغة قرئ بها في المشهور. والله أعلم". اهـ. كلام الحافظ. الفتح 7/ 501.

ص: 669

ضربا يزيل الهام1 عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله

قال: وتغيب رجال من أشراف المشركين كراهية أن ينظروا إلى

1 الهام: جمع هامة وهي أعلى الرأس. ومقيله: موضعه، مستعار من موضع القائلة. النهاية 4/ 134.

ص: 670

رسول الله صلى الله عليه وسلم غيظاً وحنقاً1 ونفاسة، وحسداً، خرجوا إلى الخَنْدَمَة2 فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وأقام ثلاث ليال، وكان ذلك آخر القضية يوم الحديبية، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى3 ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس الأنصار يتحدث مع سعد بن عبادة، فصاح حويطب: نناشدك الله والعقد لما خرجت من أرضنا فقد مضت الثلاث، فقال سعد بن عبادة: كذبت لا أم لك، ليس بأرضك ولا أرض آبائك، والله لا يخرج، ثم نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيلاً وحويطباً فقال: إني نكحت فيكم امرأة، فما يضركم أن أمكث حتى أدخل بها، ونصنع ونضع الطعام فنأكل وتأكلون معنا، قالوا: نناشدك الله

1 الحنق: الغيظ، يقال حنق عليه - بالكسر - يحنق فهو حنق، وأحنقه غيره فهو محنق. النهاية 1/ 451.

2 الخندمة: - بفتح الخاء المعجمة، وسكون النون، وفتح الدال والميم ثم هاء - وهي: جبال مكة الشرقية، تبدأ من أبي قبيس شرقاً وشمالاً، وقد شقت اليوم أنفاق عبر جبال الخنادم تدخل من عند المسجد الحرام وتخرج عند (محبس الجن) بطرف العزيزية الغربي. معجم المعالم الجغرافية 115.

3 هو: حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل ابن عامر بن لؤي القرشي العامري أبو محمد أو أبو الأصبغ، أسلم عام الفتح وشهد حنيناً، وكان من المؤلفة

توفي في خلافة معاوية سنة أربع وخمسين. الإصابة 1/ 364.

ص: 671

والعقد إلا خرجت عنا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل ببطن سَرِف1، وأقام المسلمون، وخلّف رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع2 ليحمل ميمونة إليه حين يمسي، فأقام بسرف حتى قدمت عليه ميمونة، وقد لقيت ميمونة ومن معها عناء وأذى من سفهاء المشركين وصبيانهم، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف، فبنى بها ثم أدلج3 فسار حتى قدم المدينة، وقدّر الله أن يكون موت ميمونة بسرف بعد ذلك بحين، فماتت حيث بنى بها، وذكر قصة ابنة حمزة4، وذكر أن الله عزوجل أنزل في تلك العمرة: {الشَّهرُ الحَرَامُ

1 سَرِف: - بفتح السين وكسر الراء وفاء -: هو وادٍ متوسط الطول من أودية مكة يأخذ مياه ما حول الجعرانة - شمال شرقي مكة - ثم يتجه غرباَ، وبه مزارع منها (ثُرَير) ، فيمر على (12) كيلاً شمال مكة، وحيث يقطع الطريق هناك يوجد قبر السيدة ميمونة أم المؤمنين على جانب الوادي الأيمن. معجم المعالم الجغرافية 157.

2 أبو رافع القبطي: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال: اسمه إبراهيم، ويقال: أسلم، وقيل: سنان، وقيل: يسار، وقيل: صالح، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: قرمان، وقيل: يزيد، وقيل: ثابت، وقيل: هرمز،

قيل: كان مولى العباس بن عبد المطلب فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه لما بشره بإسلام العباس، كان إسلامه قبل بدر، ولم يشهدها، وشهد أحداً وما بعدها، مات بالمدينة قبل عثمان بيسير. الإصابة (4/ 67) .

3 أدلج: أي: سار بالليل. النهاية (2/ 129) .

4 اسمها: عمارة، وقيل: فاطمة، وقيل: أمامة، وقيل: أمة الله، وقيل: سلمى، والأول هو المشهور. الفتح (7/ 505)، وانظر: قصة ابنة حمزة في صحيح البخاري حديث رقم (4251) .

ص: 672

بِالشَّهْرِ الحَرَامِ والحُرُمَاتُ قِصَاص} 1، فاعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر الحرام الذي صدّ فيه"2.

هذا لفظ حديث موسى بن عقبة، وفي رواية عروة عند قول سعد بن عبادة:"والله لا يخرج منها، إلا طائعاً راضياً. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وضحك: "لا تؤذ قوماً زارونا في رحالنا"، ثم ذكر الباقي بمعناه، ولم يذكر رجز عبد الله بن رواحة ولا قول من قال فزوجها العباس.

133-

وأخرج الواقدي عن جمع من الرواة ومنهم الزهري قالوا: لما دخل هلال ذي القعدة سنة سبع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يعتمروا قضاء عمرتهم وألا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية، فلم يتخلف أحد شهدها إلا رجال استشهدوا بخيبر ورجال ماتوا، وخرج مع رسول الله

1 سورة البقرة، آية (194) .

2 وقد أخرج عبد الرزاق في المصنف (5/ 373، رقم 9738) عن الزهري مرسلاً القدر المتعلق بمكث النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وخروجه بعد انقضائها.

وأخرجه الطبراني إلى قوله: "

غيظاً وحنقاً" انظر: المجمع (6/ 146- 147) وقال الهيثمي: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح" وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 30) القدر الذي يتعلق بزواج ميمونة، كلهم عن الزهري مرسلاً.

واعتمار النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة ومكثه ثلاثة أيام وخروجه بعد ذلك، ذكره البخاري في الصحيح رقم (4251) ، ومسلم بشرح النووي (9/ 10) . وأخرجها الواقدي في المغازي (2/ 731) عن شيوخه ومنهم الزهري.

ص: 673

صلى الله عليه وسلم قوم من المسلمين سوى أهل الحديبية ممن لم يشهد صلح الحديبية عُمَّاراً فكان المسلمون في عمرة القضية ألفين1.

1 مغازي الواقدي (2/ 731) والواقدي متروك، فالرواية ضعيفة.

وقال الحاكم في الإكليل: "تواترت الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم لما هل ذو القعدة أمر أصحابه أن يعتمروا قضاء عمرتهم وأن لا يتخلف منهم أحد شهد الحديبية، فخرجوا إلا من استشهد، وخرج معه آخرون معتمرين فكانت عدتهم ألفين سوى النساء والصبيان". فتح الباري (7/ 500) .

ص: 674