الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث التاسع: في قصة إسلام صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل
156-
أخرج مالك عن ابن شهاب أنه بلغه أن نساءً كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلمن بأرضهن وهن غير مهاجرات وأزواجهن حين أسلمن كفار، منهن بنت1 الوليد بن المغيرة، وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أماناً لصفوان بن أمية، ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وأن يقدم عليه، فإن رضى أمراً قبله وإلا سيره شهرين، فلما قدم صفوان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه، ناداه على رؤوس الناس، فقال: يا محمد إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك فإن رضيت أمراً قبلته، وإلا سيرتني شهرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(انزل أبا وهب)، فقال: لا والله لا أنزل حتى تبين لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بل لك تسير أربعة أشهر)، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل هوازن بحنين فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعيره2 أداة وسلاحاً عنده فقال صفوان: أطوعاً أم كرهاً؟ فقال:
1 اسمها: فاختة بنت الوليد بن المغيرة المخزومية أخت خالد بن الوليد، كانت تحت صفوان بن أمية، أسلمت يوم الفتح وبايعت. الإصابة (4/ 374) .
2 استعارة النبي صلى الله عليه وسلم السلاح من صفوان أخرجها الحاكم في المستدرك من طريق ابن إسحاق (3/ 48- 49) ضمن حديث طويل وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والصواب أنه حسن فقط للكلام المعروف في ابن إسحاق، وروي أيضاً من طرق أخرى انظرها في إرواء الغليل (5/ 344- 346) .
(بل طوعاً) .
فأعاره الأداة والسلاح التي عنده، ثم خرج صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر فشهد حنيناً والطائف وهو كافر، وامرأته مسلمة، ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح1.
157-
قال ابن سعد: أخبرنا أحمد بن الحجاج الخراساني2، أخبرنا عبد الله بن المبارك3، قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن بعض
1 موطأ مالك كتاب النكاح: باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله رقم [44] .
قال ابن عبد البر: لا أعلمه يتصل من وجه صحيح، وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير وابن شهاب إمام أهلها، وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده إن شاء الله، التمهيد (12/ 19) .
وقد أخرج البيهقي هذه الرواية من طريق مالك في السنن الكبرى (7/ 186- 187) وفي الدلائل (5/ 97) .
وأخرج ابن إسحاق من غير طريق الزهري عن عروة بمعنى هذه الرواية (ابن هشام 2/ 417- 418) ، ومن طريق ابن إسحاق أخرجها الطبري في تاريخه (3/ 63)
2 هو" أحمد بن الحجاج البكري المروزي، ثقة من العاشرة، توفي سنة اثنتين وعشرين، خ، التقريب (78) .
3 عبد الله بن المبارك المروزي مولى بني حنظلة، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، توفي سنة إحدى وثمانين وله ثلاث وستون، ع، التقريب (320) .
آل عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم الفتح ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة أرسل إلى صفوان بن أمية بن خلف وإلى أبي سفيان بن حرب وإلى الحارث بن هشام، قال عمر: قلت: قد أمكن الله منهم أُعَرِّفُهُم بما صنعوا، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثلي ومثلكم كما قال يوسف لإخوته: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} 1) قال عمر: فانفضحت حياءً من رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهية لما كان مني، وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال2.
158-
وقال الحاكم3: حدثنا أحمد بن سهل4 الفقيه ببخارى، ثنا سهل بن المتوكل5، ثنا إسماعيل بن أبي أويس6، عن أبيه7، عن
1 سورة يوسف، آية رقم (92) .
2 الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 141-142) ، وهو ضعيف لجهالة بعض آل عمر، وقد أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم رقم (82) ، وابن زنجويه في كتابه الأموال رقم (455) كلاهما من طريق عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عن بعض آل عمر به.
3 المستدرك (3/ 242) .
4 هو: أبو النصر، أحمد بن سهل البخاري الفقيه، ثقة متفق عليه، الإرشاد للخليلي (3/ 974) .
5 سهل بن المتوكل بن حجر، أبو عصمة البخاري، يروي عن أبي الوليد الطيالسي وأهل العراق، روى عنه أهل بلده، ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 294)، وقال عنه:(إذا حدث عن إسماعيل بن أبي أويس أغرب عنه) .
6 تقدم في الرواية رقم [7] .
7 عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي، صدوق يهم، تقدم.
الزهري، عن عروة بن الزبير قال: قال عكرمة بن أبي جهل: لما انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا محمد إن هذه1 أخبرتني أنك آمنتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنت آمن"، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك عبد الله ورسوله، وأنت أبر الناس وأصدق الناس وأوفى الناس.
قال عكرمة: أقول ذلك وإني لمطأطئ رأسي استحياء منه، ثم قلت: يا رسول الله استغفر لي كل عداوة عاديتكها أو موكب أوضعت2 فيه أريد فيه إظهار الشرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم اغفر لعكرمة كل عداوة عادانيها أو موكب أوضع فيه يريد أن يصد عن سبيلك"، قلت: يا رسول الله مرني بخير ما تعلم فأعلمه، قال:"قل: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وتجاهد في سبيله"، ثم قال عكرمة: أما والله يا رسول الله لا أدع نفقة كنت أنفقتها في الصد عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله ولا قاتلت قتالاً في الصد عن سبيل الله إلا أبليت ضِعْفَه في سبيل الله، ثم اجتهد في القتال حتى قتل يوم أجنادين شهيداً في خلافة أبي بكر رضي الله عليه وسلم، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله عام حجته على هوازن يصدقها، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعكرمة يومئذ بتبالة3.
1 يقصد زوجته أم حكيم بنت الحارث بن هشام كما في الرواية الآتية رقم [113] .
2 أوضعت فيه: أي أسرعت فيه القتال. النهاية (5/ 197) .
3 تبالة: وادٍ ذو قرى ومياه ونخل، يقع جنوب شرق الطائف على قرابة (200) كيل، يسيل من سراة غامد وبلقرن، من نواحي الباحة وبلجرشي وما والاهما، ثم يتجه شرقاً فيصب في بيشة، معجم المعالم الجغرافية (59) .
والحديث فيه انقطاع، لأن عروة بن الزبير لم يدرك عكرمة، لأن ولادته كانت في آخر خلافة عمر رضي الله عليه وسلم على الراجح، تاريخ خليفة (156) ، وتاريخ دمشق لابن عساكر (11/ 564) .
159-
مالك عن ابن شهاب: أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام، وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل، فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام، حتى قدم اليمن، فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب إليه فرحاً، وما عليه رداء حتى بايعه، فثبتا على نكاحهما ذلك1.
1 موطأ مالك، كتاب النكاح، باب: نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله، رقم الحديث (44) .
ومن طريق مالك أخرجه البيهقي في السنن (7/ 178) ، ودلائل النبوة (5/ 98) .
وأخرج نحوه ابن إسحاق عن الزهري (ابن هشام 2/ 418) ، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه الطبري في التاريخ (3/ 63) .