الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن عشر: في سرية ذات السلاسل
137-
عبد الرزاق1 عن معمر عن الزهري قال: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما هاجر وجاء الذين كانوا بأرض الحبشة، بعث بعثين قِبَل الشام إلى كَلْب2 وبَلْقَين3 وغَسّان4 وكفار العرب الذين في مشارف الشام، فأمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد البعثين أبا عبيدة بن الجراح5 وهو
1 مصنف عبد الرزاق (5/ 452) رقم (9770) ، وهي رواية صحيح إلى الزهري، لكنها مرسلة.
2 هو: كلب بن وبَرَة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قضاعة، جمهرة أنساب العرب (352 و455) .
3 بلقين: أو بنو القين: وهو النعمان بن جَسْر بن شيع الله بن أسد بن وبَرَة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قضاعة. جمهرة أنساب العرب (454) .
4 غسان: طوائف نزلوا بماء يقال له: "غسّان"، فنسبوا إليه. جمهرة أنساب العرب (462) .
وهذه الطوائف والبطون من الأزد، منهم: بنو امرئ القيس، وجُهادة، وعدي، وعمرو، والجريش، وغيرهم من البطون، انظر: جمهرة أنساب العرب (472) .
5 هو: عامر بن عبد الرحمن بن الجراح بن هلال بن أهيب، ويقال: وهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر القرشي الفهري، أبو عبيدة، كان إسلامه قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، أحد العشرة السابقين إلى الإسلام، وهاجر الهجرتين، وشهد بدراً. الإصابة (2/ 252) .
أحد بني فهر، وأمّر على البعث الآخر عمرو بن العاص1، فانتدب في بعث أبي عبيدة أبو بكر وعمر، فلما كان عند خروج البعثين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح وعمرو بن العاص فقال لهما:"لا تعاصيا"2، فلما فصلا عن المدينة جاء أبو عبيدة فقال لعمرو بن العاص: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا أن لا نتعاصيا فإما أن تطيعني وإما أن أطيعك، فقال عمرو بن العاص: بل أطعني، فأطاعه أبو عبيدة، فكان عمرو أمير البعثين كليهما، فوجد من ذلك عمر بن الخطاب وجداً شديداً، فكلم أبا عبيدة فقال: أتطيع ابن النابغة3 وتؤمّره على نفسك وعلى أبي بكر وعلينا ما هذا الرأي، فقال أبو عبيدة لعمر بن الخطاب: ابن أم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ وإليه أن لا نتعاصيا فخشيت إن لم أطعه أن أعصي رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 عمرو بن العاص بن وائل القرشي السهمي، أمير مصر، يكنى أبا عبد الله، وأبا أحمد، أسلم قبل الفتح في صفر سنة ثمان، وقيل بين الحديبية وخيبر. الإصابة 3/2.
2 العصيان: خلاف الطاعة، عصاه يعصيه عَصْياً، ومعصية، وعصاه، فهو عاص وعصي. القاموس (عصى) .
3 النابغة: أم عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهي من بني عَنَزَة - بفتح المهملة والنون - انظر: الإصابة (3/2) .
وشكى إليه ذلك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنا بمؤمريها1 عليكم إلا بعدكم"، يريد المهاجرين، وكانت تلك الغزوة تسمَّى ذات السَّلاسِل2 أسر فيها ناس كثيرة من العرب، وسُبُوا3.
1 هكذا في نص المصنف، ولعل الصواب:(بمؤثر بها) كما قال محقق المصنف (5/ 453 ح: 6) .
2 ذات السلاسل: - بالمهملتين، والمشهور أنها بفتح الأول على لفظ جمع السلسلة - فتح الباري (7/ 26) شرح حديث (3662) ، وسميت بذلك لأن المكان الذي كانت فيه هذه المعركة كان به رمل بعضه على بعض كالسلسلة. فتح الباري (7/ 26) ، وضبطها ابن الأثير - بضم السين الأولى وكسر الثانية - النهاية (2/ 389)، وذكر سبب تسميتها فقال: ماء بأرض جذام وبه سميت الغزوة وهو في اللغة الماء السلسال، وقيل: هو بمعنى السلسال. النهاية (2/ 389) .
وقد سبق ابن إسحاق ابن الأثير في ذكر سبب تسميتها فذكر أنها سميت بذلك لماء بأرض جذام، يقال له: السلسل. ابن هشام (2/ 623) .
وقيل: بل سميت بذلك لأن المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض مخافة أن يفروا، فتح الباري (8/ 74) .
وقد ذكر ابن سعد أنها وراء وادي القرى، بينها وبين المدينة عشرة أيام وأنها كانت في جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة. الطبقات الكبرى (2/ 131)، وقال النووي: وكانت هذه الغزوة في جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة، وكانت مؤتة قبلها في جمادى الأولى من سنة ثمان أيضاً، قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر:"كانت ذات السلاسل بعد مؤتة فيما ذكره أهل المغازي، إلا ابن إسحاق فقال قبلها". شرح النووي على مسلم (15/ 153) .
3 هذه السرية أشار إليها البخاري رقم (4358) ومسلم بشرح النووي (15/ 253) ، ولكن بدون تفصيل.
وانظر هذه السرية في مغازي عروة (ص: 207) ، من طريق موسى بن عقبة عن عروة وابن إسحاق (ابن هشام 2/ 623) ، ومغازي الواقدي (2/ 769- 771) والطبقات الكبرى (2/ 131) ، ومسند أحمد (الفتح الرباني 21/ 139- 140) من مرسل الشعبي وتفاصيل السرية رويت بطرق كلها مرسلة، ولكن أصلها ثابت في الصحيحين كما سبق.
وكان من شأن هذه السرية ما ذكره الواقدي وملخصها: أن أبا عبيدة أطاع عمراً فآب إلى عمرو جمعٌ، فصاروا خمسمائة، فسار الليل والنهار حتى وطئ بلاد بَليٍّ ودوّخَها، وكلما انتهى إلى موضع بلغه أنه كان بهذا الموضع جمع، فلما سمعوا به تفرقوا، حتى انتهى إلى أقصى بلاد بليّ وعُذْرة وبَلْقَيْن، ولقي في آخر ذلك جمعاً ليس بالكثير، فقاتلوا ساعة وتراموا بالنبل، ورمي يومئذ عامر بن ربيعة بسهم فأصيب ذراعه، وحمل المسلمون عليهم فهربوا وأعجزوا هرباً في البلاد وتفرقوا، ودوّخ عمرو ما هنالك وأقام أياماً لا يسمع لهم بجمع ولا بمكان صاروا فيه، وكان يبعث أصحاب الخيل فيأتون بالشاء والنّعم، وكانوا ينحرون ويذبحون، لم يكن في ذلك أكثر من ذلك، ولم تكن غنائم تُقسم إلا ما ذكر له. مغازي الواقدي (2/ 771) ، ودلائل البيهقي (4/ 401) ، والبداية والنهاية (4/ 273) .