الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن: في موقف الأنصار من تقسيم الغنائم
178-
قال البخاري1:حدثني عبد الله بن محمد، حدثنا هشام، أخبرنا معمر، عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال ناس من الأنصار - حين أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ما أفاء من أموال هوازن، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يعطي رجالاً المائة2 من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، قال أنس: فَحُدِّث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة3 من أدم4، ولم يدع معهم غيرهم، فلما اجتمعوا قام النبي صلى الله عليه وسلم
1 صحيح البخاري مع الفتح (8/ 52- 53 رقم 4331) .
2 تقدم أنه أعطى صفوان بن أمية وحكيم بن حزام مائة من الإبل، انظر: الرواية المتقدمة في مسلم رقم (2313) ومصنف عبد الرزاق رقم (16407) من طريق الزهري.
وأخرج أحمد في المسند (20/ 365 رقم [13084] أرناؤوط) من حديث أنس قال: أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وعيينة بن حصن مائة من الإبل
…
، وهو في البخاري رقم (4336) .
وأخرج الطبري من حديث قتادة مرسلاً وفيه، وتألف أناساً من الناس فيهم أبو سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، والأقرع بن حابس
…
الحديث، انظر: جامع البيان (10/ 100- 101) .
3 القبة من الخيام: بيت صغير مستدير، وهو من بيوت العرب. النهاية (4/ 3) .
4 الأديم: الجلد. القاموس، مادة (أدم)، - وهي بفتح الهمزة والدال -: جلد مدبوغ، شرح المواهب (3/ 93) .
فقال: ما حديث بلغني عنكم؟ فقال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئاً، وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإني أعطي رجالاً حديثي عهد بكفر أتألفهم، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم، فوالله لما تنقلبون به خير من مما ينقلبون به، قالوا: يا رسول الله قد رضينا، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ستجدون أُثْرَة1 شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله، فإني على الحوض، قال أنس: فلم يصبروا2.
1 أُثْرَة: بضم الهمزة وسكون المثلثة وبفتحتين، ويجوز كسر أوله من الإسكان، أي: الانفراد بالشيء المشترك، دون من يشركه فيه، والمعنى: أنه يستأثر عليهم بما لهم فيه اشتراك في الاستحقاق. الفتح (8/ 52) .
2 أي فيما بعد بدليل ما جاء عند مسلم رقم (1059) من طريق يونس عن الزهري وفيه (..قالوا: سنصبر) ، وفي رواية أخرى عنده من طريق ابن أخي ابن شهاب عن عمه
…
قال أنس: قالوا: نصبر، كرواية يونس عن الزهري، المصدر السابق.
والحديث أخرجه البخاري في عدة مواضع، انظر: رقم (3147) من طريق شعيب عن الزهري، ورقم (5860) من طريق الزهري مختصراً.
وأخرجه من غير طريق الزهري، انظر الأرقام (4331 و4332 و4334 و3778) .
وأخرجه مسلم برقم (1059) من طريق الزهري وغيره.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (19908) وأبو يعلى رقم (3594) وابن حبان في صحيحه (الإحسان رقم 7278) والبيهقي في السنن (6/ 337) ، وفي الدلائل (5/ 175) ، والبغوي في شرح السنة (14/ 173) رقم (3974) من طرق عن الزهري، وأخرجه أحمد في المسند من غير طريق الزهري عن أنس، انظر المسند (20/ 57- 58 رقم [12608] ورقم [12977] ورقم [12978] أرناؤوط) ، والحميدي رقم (1201) ، والترمذي رقم (3901) ، وأبو نعيم في الحلية (3/ 84) .
179-
قال الطبراني1: حدثنا الحسن بن علي المعمري2، ثنا أيوب بن محمد الوزان3، ثنا عبد الله بن سليم4 عن رِشْدين بن سعد5، عن يونس بن يزيد6 وعُقيل7 عن الزهري، عن السائب بن
1 المعجم الكبير (7/ 151) رقم (6665) .
2 هو: الحسن بن علي بن شبيب أبو علي المعمري الحافظ
…
كان من أوعية العلم يذكر بالفهم ويوصف بالحفظ، وفي حديثه غرائب وأشياء ينفرد بها، وذكره الدارقطني فقال:"صدوق حافظ"، تاريخ بغداد (7/ 369- 372) .
3 هو: أيوب بن محمد بن فروخ بن زياد الوزان، من أهل الكوفة كنيته أبو سليمان توفي في ذي القعدة سنة 249، الثقات لابن حبان (8/ 127) .
4 هو: عبد الله بن سليم الجزري، أبو عبد الرحمن الرقي، مقبول، من كبار العاشرة، توفي سنة ثلاث عشرة، س، التقريب (306) .
5 رشدين: - بكسر الراء وسكون المعجمة - بن سعد بن مفلح المِهْري - بفتح الميم وسكون الهاء - أبو الحجاج المصري، ضعيف، رجح أبو حاتم عليه ابن لَهيعة، وقال ابن يونس: كان صالحاً في دينه، فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث، من السابعة، مات سنة ثمان وثمانين وله ثمان وسبعون سنة، ت ق، التقريب (209) .
6 ثقة، تقدم في الرواية رقم [77] .
7 ثقة، تقدم في الرواية رقم [68] .
يزيد1، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم الفيء الذي أفاء الله بحنين من غنائم هوازن، فأفشى القسم في أهل مكة من قريش وغيرهم، فغضب الأنصار، فلما سمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في منازلهم ثم قال:"من كان ههنا ليس من الأنصار فليخرج إلى رحله".
ثم تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمد الله عزوجل ثم قال: (يا معشر الأنصار قد بلغني من حديثكم في هذه المغانم التي آثرت بها أناساً أتألفهم على الإسلام، لعلهم أن يشهدوا بعد اليوم، وقد أدخل الله قلوبهم الإسلام) ثم قال: "يا معشر الأنصار ألم يَمُنّ الله عليكم بالإيمان وخصّكم بالكرامة، وسماكم بأحسن الأسماء أنصار الله وأنصار رسوله؟ ولولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً وسلكتم وادياً لسلكت واديكم، أفلا ترضون أن يذهب الناس بهذه الغنائم الشاة والبعير، وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلما سمعت الأنصار قول النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: رضينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أجيبوني فيما قلت: فقالت الأنصار: يا رسول الله وجدتنا في ظلمة فأخرجنا الله بك إلى النور، ووجدتنا على شفا حفرة من النار، فأنقذنا الله بك، ووجدتنا ضلالاً فهدانا الله بك، فرضينا بالله رباًّ وبالإسلام ديناً
1 هو: السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي، وقيل: غير ذلك في نسبه، ويعرف بابن أخت النمر صحابي صغير، له أحاديث قليلة، وحج في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة، مات سنة إحدى وتسعين، وقيل: قبل ذلك، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة، ع، التقريب (228) .
وبمحمد نبياً، فاصنع يا رسول الله ما شئت في أوسع الحل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أما والله لو أجبتموني بغير هذا القول لقلت: صدقتم، لو قلتم: ألم تأتنا طريداً فآويناك، ومكذَّباً فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وقبلنا ما رد الناس عليك، لو قلتم هذا لصدقتم"، قالت الأنصار: بل لله ولرسوله المن، والفضل علينا وعلى غيرنا، ثم بكوا فكثر بكاؤهم، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم معهم ورضي عنهم، فكانوا بالذي قال لهم أشد اغتباطاً1 وأفضل عندهم من كل مال2.
1 الغبطة: بكسر الغين: حسن الحال والمسرة، القاموس مادة (غبط) .
2 قال الهيثمي في المجمع (10/ 31) وفيه رشدين بن سعد وحديثه في الرقائق ونحوها حسن، وبقية رجاله ثقات.
والحق أن سنده ضعيف من أجل: رشدين بن سعد، كما مر، لكن للحديث شواهد صحيحة مر ذكرها في الرواية المتقدمة رقم [127] .