المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الحادي عشر في صلاة الجمعة - مسند الشافعي - ترتيب السندي - جـ ١

[الشافعي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الإيمان والإسلام

- ‌كتاب العلم

- ‌كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

- ‌كتاب الطهارة وفيه عشرة أبواب

- ‌الباب الأول في المياه

- ‌الباب الثاني في الأنجاسْ وتطهيرها

- ‌الباب الثالث في الآنية والدباغة

- ‌الباب الرابع في آداب الخلاء

- ‌الباب الخامس في صفة الوضوء

- ‌الباب السادس في نواقض الوضوء

- ‌الباب السابع في أحكام الغسل

- ‌الباب الثامن في المسح على الخفين

- ‌الباب التاسع في التيمم

- ‌كتاب الصلاة وفيه ثلاثة وعشرون بابا

- ‌الباب الأول في مواقيت الصلاة

- ‌الباب الثاني في الأذان

- ‌الباب الثالث في شروط الصلاة

- ‌الباب الرابع في المساجد

- ‌الباب الخامس في سترة المصلي

- ‌الباب السادس في صفة الصلاة

- ‌الباب السابع في الجماعة وأحكام الإمامة

- ‌الباب الثامن فيما يمنع فعله في الصلاة وما يباح فيها

- ‌الباب التاسع في سُجود السّهْو

- ‌الباب العاشر في سجود التلاوة

- ‌الباب الحادي عشر في صلاة الجمعة

- ‌الباب الثاني عشر في صلاة العيدين

- ‌الباب الثالث عشر في الأضاحي

- ‌الباب الرابع عشر في صلاة الكسوف

- ‌الباب الخامس عشر في صلاة الاستسقاء

- ‌الباب السادس عشر في الدعاء

- ‌الباب السابع عشر في صلاة الخوف

- ‌الباب الثامن عشر في صَلاة المسافِرْ

- ‌الباب التاسع عشر في التهجد (التهجد السهر والنوم فهو من الأضداد في اللغة وتهجد القوم استيقظوا للصلاة أو غيرها وفي القرآن «ومن الليل فتهجد به نافلة لك» والمتهجد: القائم من النوم إلى الصلاة وكأنه قيل له متهجد لإ لقائه الحنث عن نفسه)

- ‌الباب العشرون في الوتر (الوتر بالكسر والفتح الفرد وروى أصحاب السنن بسند حسن عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا أهل القرآن أوتروا فإن اللَّه وتر يحب الوتر» انتهى وأهل القرآن أمته وأوتروا: صلوا الوتر وقوله فإن اللَّه وتر أي واحد في ذاته وصفاته وأفعاله يحب الوتر أي الفرد وقال صلى الله عليه وسلم: "الوتر حق على كل مسلم فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن شاء أوتر بواحدة وهما يدلان على وجوب الوتر بظاهرهما وهو مذهب الحنفية فإن قيل: ألا تعارض هذه الأحاديث الداعية إلى الوتر حديث «صلاة الليل مثنى مثنى» قلت: لا تعارض لأن التوفيق ممكن بينهما فإن في إمكان المسلم أن يصلي في ليله ما شاء من النوافل ثنتين ثنتين ثم إذا أراد أن ينصرف لنومه صلى واحدة وبذا يكون موترا وعاملا بالأحاديث كلها ولذا روى الأربعة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» أي أختموا صلاة الليل بالوتر وعن ابن عمر أيضا: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت رواه الخمسة)

- ‌الباب الحادي والعشرون في قضاء الفوائت

- ‌الباب الثاني والعشرون في صلاة المريض

- ‌الباب الثالث والعشرون في صلاة الجنائز وأحكامها

- ‌كتاب الزكاة وفيه خمسة أبواب

- ‌الباب الأول في الأمر بها والتهديد على تركها وعلى من تجب وفيم تجب

- ‌الباب الثاني فيما يجب أخذه من رب المال من الزكاة وما لا ينبغي أن يؤخذ

- ‌الباب الثالث فيمن تحل له الزكاة وما جاء في العامل

- ‌الباب الرابع في الركاز والمعادن (الركاز ككتاب عند الحجازيين كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض وعند أهل العراق المعادن واللغة تحتملهما لأن كلاً منهما مركوز وثابت في الأرض وإنما وجب فيه الخمس لبيت المال لكثرة نفعه وسهولة أخذه وعلى ذلك فمن وجد معدنا في أرضه كالتبر والفضة والفحم والحديد ففيه عند الحنفية الخمس لبيت المال والباقي لصاحب الأرض وعند الحجازيين ليست بركاز وزكاتها كزكاة المال أي فيها ربع العشر إذا بلغت مائتي درهم أو عشرين مثقالا وروى الأزهري عن الشافعي أنه قال: الذي لا أشك فيه أن الركاز دفين الجاهلية)

- ‌الباب الخامس في صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم وفيه خمسة أبواب

- ‌الباب الأول فيما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌الباب الثاني فيما جاء في صوم التطوع

- ‌الباب الثالث فيما جاء في صوم المسافر

- ‌الباب الرابع في أحكام متفرقة في الصوم

- ‌الباب الخامس في الإعتكاف

- ‌كتاب الحج وفيه اثنا عشر باباً

- ‌الباب الأول فيما جاء في فرض الحج وشروطه

- ‌الباب الثاني في مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية

- ‌الباب الثالث في فضل مكة

- ‌الباب الرابع فيما يلزم المحرم عند تلبسه بالإحرام

- ‌الباب الخامس فيما يباح للمحرم وما يحرم وما يترتب على ارتكابه من المحرمات من الجنايات

- ‌الباب السادس فيما يلزم الحاج بعد دخول مكة إلى فراغه من مناسكه (المناسك: جمع منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد ويطلق على المصدر والزمان والمكان ثم سميت أمور الحج كلها مناسك والمنسك: المذبح والنسيكة الذبيحة والنسك الطاعة والقيادة وكل ما تقرب به إلى اللَّه)

- ‌الباب السابع في الإفراد والقران والتمتع

- ‌الباب الثامن فيما جاء في العمرة

- ‌الباب التاسع في أحكام المحصر ومن فاته الحج

- ‌الباب العاشر في الحج عن الغير (هذا العنوان من وضع مرتب المسند وهو المرحوم الشيخ عابد السندي وغير متوغلة في الإبهام فلا تدخل عليها أداة التعريف لأن دخولها لا يفيد شيئا ولا ينقل غير عن إبهامها اهـ حامد مصطفى)

- ‌الباب الحادي عشر في مسائل متفرقة من كتاب الحج

- ‌الباب الثاني عشر في فضل المدينة وما جاء فيها

الفصل: ‌الباب الحادي عشر في صلاة الجمعة

365-

(أخبرنا) : مالك، عن عبد اللَّه بن يزيد مولى الأسد بن سُفيان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن:

-أن أبا هريرة قرأ لهم «إذا السماء انشقت» فسجد فيهافلما انصرف أخبرهم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سجد فيها.

ص: 124

366-

(أخبرنا) : ابن عُيَيْنة، عن عَبْدَة، عن زِرَّ بن حُبَيْش (زر بكسر الزاي وحبيش بضم الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة الأسدي الكوفي مخضرم توفي سنة 82 هـ) عن ابن مسعود:

-أنه كان لا يسجد في ص ويقول: «إنما هي تَوبَةُ بَني» .

ص: 124

367-

(أخبرنا) : ابن عيينة، عن أيوب عن عِكْرِمة، عن ابن عباس:

-عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجدها يعني في ص.

ص: 124

‌الباب الحادي عشر في صلاة الجمعة

ص: 124

368-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد بن أبي يحي، حدثني صَفوان بن سُليمْ، عن نافع بن جُبَيْر بن مُطعم وعَطَاء بن يَسَار:

-عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "شَاهِدٌ يَومُ الجمعَة ومشهودٌ يومُ عَرَفَةَ

⦗ص: 125⦘

(في لسان العرب قال الفراء الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة لأن الناس يشهدونه ويحضرورنه ويجتمعون فيه اهـ وقد علل اسم المشهود ولم يعلل اسم الشاهد والظاهر أنه سمي بذلك لأنه يشهد اجتماع المسلمين أو يشهد لمن صلى الجمعة والجمع بينهما لإظهار شرف يوم الجمعة وإن له من المكانة والمنزلة ما يجعله يقرن بيوم عرفة ففي كليهما يجتمع المسلمون وإن كان اجتماع عرفة أقوى وأشمل) .

ص: 124

369-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: شَرِيك بنُ عبد الله بن أبي نَمرِ، عن عَطَاء بن يسار:

-عن عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

ص: 125

370-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: عبد الرحمن بن حَرْ مَلَة، عن ابن المُسَيِّب:

-عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

ص: 125

371-

(أخبرنا) : ابن عُيَيْنة، عن عبد اللَّه بن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

-قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ الآخِرونَ ونَحْنُ السّاَبِقون (معناه الآخرون في الزمان السابقون بالفضل ودخول الجنة فتدخل هذه الأمة الجنة قبل سائر الأمم) بَيْدَ (بيد قال الكسائي: بيد بمعنى غير وقيل بمعنى على أنهم وقد جاء في بعض الروايات بايد أنهم قال إبن الأثير: ولم أره في اللغة بهذا المعنى وقال بعضهم إنها بأيد أي بقوة ومعناه نحن السابقون إلى الجنة يوم القيامة بقوة أعطاناها اللَّه وفضلنا بها) أنَّهم أوتُوا الكِتَاب مِن قبلِنَا وَأُتِينَاهُ مِن بعدِهم فهذا اليَومُ الذي اختلفوا فيه فهدانا اللَّه له (قال القاضي عياض الظاهر أنه فرض عليهم تعظيم الجمعة بغير تعيين ووكله إلى إجتهادهم لإقامة شريعتهم فيه فاختلف اجتهادهم في تعيينه ولم يهدهم اللَّه له وفرضه على هذه الأمة مبينا ولم يكله إلى اجتهادهم ففازوا بتفضيله وقد ورد أن موسى عليه السلام أمرهم بالجمعة وأعلمهم بفضلها فقالوا له السبت أفضل فقيل له دعهم قيل لو كان معينا لم يقل اختلفوا فيه بل كان يقول خالفوا فيه ويمكن أن يكون أمروا به صريحا فاختلفوا هل يلزم تعيينه أولهم ابدا له وابدلوه وغلطوا في ابداله) فالناسُ لنَا تَبَعٌ اليَهُودُ غَدَاً (اليهود غدا أي عيد اليهود غدا لأن الزمن لا يخبر به عن الجنة والمراد فعيد اليهود السبت وعيد النصارى الأحد) والنَّصَارى بعدَ غَدٍ".

ص: 125

372-

(أخبرنا) : سُفيان، عن أبي الزِّناد، عن الأعْرج عن أبي هريرة:

-عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال: بَايْدَ أنّهم

⦗ص: 126⦘

(سبق الكلام عليها في بيد أنهم في هذا الحديث) .

ص: 125

374-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني موسى بن عُبَبْدة حدثني: أبو الأزهر معاويةُ بن اسحاق بن طَلحَةَ، عن عُبَيد اللَّه بن عُمَير:

-أنه سمع أنَس ابن مالك يقول: أتى جبريلُ بمرْآةٍ بيضاءَ فيها وكْتَهٌ (الوكتة بفتح فسكون: الأثر في الشئ كالنقطة من غير لونه ومنه قيل للبسر إذا وقعت فيه نقطة من الأرطاب قد وكت) إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مَاهذِهِ؟ فقَال هذه الجمعَةُ فُضِّلْتَ بها أنتَ وأمتَّك فالنَّاس لكم فيها تبع اليهود والنصارى ولكم فيها خير وفيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعوا اللَّه بخير إلا اسْتُجيب له وهو عندنا يوم المَزِيد. قال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبيرل ما يوم المزيد؟ قال إن ربك إتخذ في الفِرْدَوس (الفردوس البستان الذي فيه الكرم والأشجار) وادياً أفْيَحَ فيه (أفيح: واسع يقال واد أفيح وروضة فيحاء أي واسعة) كُثُب (الكثب بضمتين جمع كثيب وهو التل) مِسْك فإذا كان يوم الجمعة أنزل اللَّه ما شاء من ملائكته وحوله منابرُ من نور عليها مقاعدُ للنبيين وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللةٍ بالياقوت والزَّبَرْجَد عليها الشهداءُ والصديقون

⦗ص: 127⦘

(الشهداء جمع شهيد وهو من قتل في الجهاد في سبيل اللَّه والصديق صيغة مبالغة أي كثير الصدق أو الذي يصدق قوله فعله) فجلسوا من ورائهم على تلك الكُثُب فيقول اللَّه لهم أناربكم وقد صدقتكم وعدى فاسألوني أُعْطِكم فيقولون ربنا نسألك رضوانك في قول قد رضيتُ عنكم ولكم عليّ ما تمنيتم ولَدَيَّ مَزيدٌ فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهُّم من الخير وهو اليومُ الذي استوى (استوى: بمعنى استولى قال الشاعر:

قد استوى بسر على العراق * من غير سيف ودم مهراق

والحديث وما بعده في فضل يوم الجمعة ولا غرو فهم عيد للمسلمين يجتمعون فيه ويوجههم الإمام إلى الصالح العام) فيه ربكم على العرش وفيه خَلَقَ آدمَ وفيه تقوم الساعة (إبراهيم بن محمد وشيخه متكلم فيهما: للحافظ ابن عساكر جزء سماه «القول في جملة الأسانيد الواردة في حديث يوم المزيد» بين فيه وجوه الوهى فيها وقال: إن لهذا الحديث عن أنس عدة طرق في جميعها مقال) .

ص: 126

375-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثنا: أبو عِمْران إبراهيم بن الجَعْد، عن أَنَسٍ:

- شبيهاً به وزاد عليه: ولكم فيه خير مَنْ دعا بخير هو له قُسِم أعطيته وإن لم يكن له قُسِم دُخِر له ما هو خير له منه وزاد فيه أيضاً أشياء (هذا كالذي قبله والذي بعده في أن في هذا اليوم ساعة مباركة يستجاب فيها الدعاء وقد أخفيت علينا لنديم العبادة والذكر وسؤال اللَّه في هذا اليوم) .

ص: 127

376-

أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني عبد اللَّه بن محمد بن عَقِيل، عن عمروبن شُرَحْبِيل بن سعد، عن أبيه، عن جده:

-أن رجلاً من الأنصار جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول اللَّه: أخبرنا عن الجمعة ماذا فيها من الخير؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فِيه (أعاد الضمير مذكرا ملاحظة لليوم كأنه قال في يوم الجمعة خمس خلال إلخ) خمسُ خِلَال فِيهِ خَلَقَ اللَّهُ آدم، وفيه أهْبَطَ اللَّه آدم إلى الأرض، وفِيهِ تَوفَّى اللَّهُ آدَمَ وفِيه سَاعة لا يسأل

⦗ص: 128⦘

العبدُ شيئاً إلا آتاه اللَّه إياه ما لم يسأل مأثماً (المأثم الأمر الذي يأثم به أو هو الإثم نفسه وهو الذنب والمراد أن كل دعاء مباح مستجاب فيها أما الأدعية التي يأثم بها الإنسان كأن يدعوا على غيره بالشر أو تؤدي إلى قطع الرحم فلا يستجاب) أو قطيعة رَحِم، وفِيه تقُومُ الساعةُ فما من مَلَكٍ مُقرَّبٍ ولا سَمَاءٍ ولَا أرضٍ ولا جَبَلٍ إلَاّ وهو يشفق من يوم الجمعة» .

ص: 127

377-

(أخبرنا) : مالك، عن أبي الزناد، عن الأَعْرَج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:

-أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذكر يومَ الجمعة فقال: فِيهِ ساعةٌ لَا يُوَافِقُها إنسانٌ مسلِمٌ وهُوَ قَائِم يُصَلي (لم تقيد الأحاديث السابقة ساعة إجابة الدعاء بالقيام في الصلاة وهذا قيدها بذلك وفي الحديث الآتي أن المنتظر للصلاة في حكم المصلي فكان ليس بقيد) يسأل اللَّه شيئاً إلا أعطاه إيّاه وأشَارَ النبي صلى الله عليه وسلم بيده يقللها (وأشار بيده يقللها أي يصورها بصورة الشئ الصغير القليل يفهمهم أنها ضيقة سريعة الإنقضاء) .

ص: 128

378-

(أخبرنا) : مالك، عن يَزيدَ بن عبد الهادّ، عن محمد بن إبراهيم ابن أبي الحارث، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

-قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ فِيه الشَّمْس يَوْمُ الجمعَةِ فِيه خُلِقَ آدَمُ وفِيه أُهْبِط وفيه تِيبَ عَليْه وفِيه مَاتَ، وفِيه تقُومُ الساعةُ ومَا مِنْ دَابَّةٍ إلَاّ وهِيَ مَصِيخَة (أصاخ إليه: أصغي وشفقا من الساعة أي خوفا والغرض من هذا الحديث وما قبله بيان فضل هذا اليوم على غيره من الأيام وأن اللَّه شرفه بخلق آدام فيه والمتاب عليه وإنزاله إلى الأرض إلخ وإلا فليس بمعقول أن يعد إخراج آدام وقيام الساعة فيه فضيلة وإنما هو بيان لما وقع فيه من الأمور العظام وما سيقع ليتأهب العبد فيه بالأعمال الصالحة لنيل رحمة اللَّه ودفع نقمته كما قال القاضي عياض) يومَ الجمعة من حين تُصْبح حتَّى تطلَعَ الشمس شَفَقاً من الساعة إلا الجنَّ والإنس وفيه سَاعةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبدٌ مُسلم يسأل اللَّه شيئاً إلا أعطاهُ إياه" قال أبو هريرة قال عبد اللَّه بن سَلَامَ هي آخر

⦗ص: 129⦘

ساعة من يوم الجمعة فقلت له كيف تكون آخر ساعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي وتلك ساعة لا يُصَلَّى فيها فقال ابن سَلَام: أَلم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ جَلَس مجلساً ينتظرُ الصَّلاة فهو في صلاةٍ حتى يصلي"قال: قلت بلى قال: فهو ذاك.

ص: 128

379 -

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثنا: عبد الرحمن بن حَرْمَلَةَ، عن سعيد ابن المسيب:

-أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سَيدُ الأيَّامِ يَوْمُ الجمعَةِ (ليس غريبا أن يكون هذا اليوم سيد الأيام لما ذكرنا من اجتماع المسلمين في المساجد واستماعهم للخطباء وتوجيههم إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة وليس لباقي أيام الأسبوع مثل هذه المزية) .

ص: 129

380 -

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد بن أبي يحي أخبرني: أبي، أنَّ ابن المسيب وهو سعيد قال: أحبُّ الأيام إلى أن أموت فيه ضُحًى يَوْمَ الجمعة (لعله خص الضحى ليتمكن أهله من دفنه في يوم وفاته لإغنه إذا مات آخر اليوم لم يمكنهم ذلك والسنة التعجيل بالدفن) .

ص: 129

381-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: صَفوان بن سُلَيْم، عن إبراهيم ابن عبد اللَّه بن سعيد، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما:

-أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ تَرَكَ الجُمْعة مِن غير ضَرورةٍ (هذا تحذير من التخلف عن صلاة الجمعة وتقبيح لتركها بغير عذر وذلك لأهمية فرضيتها الظاهرة في الإجتماع مع إخوانه والإنتفاع بنصائح الإمام وتوجيهاته وقوله وفي بعض الحديث ثلاثا معناه أنه ورد في بعض الروايات من ترك الجمعة ثلاثا كالحديث الآتي) . كُتِبَ مُنَافِقاً في كتاب لا يُمْحَى ولا يُبَدَّل"وفي بعض الحديث ثلاثاً.

ص: 129

382-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: محمدبن عمرو، عن عُبيدة بن سُفْيان،

⦗ص: 130⦘

الحَضْرَمي عن أبي الجَعْد الضَّمْري:

-عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يَتركُ أحَدٌ الجمعةَ ثَلاثاً تَهاوناً بها إلا طَبَعَ اللَّه عَلىَ قلبِهِ (طبع الله على قلبه أي ختم عليه وغشاه وقوله تهاونا هنا تفسير لقوله من غير ضرورة في الحديث السابق) .

ص: 129

383-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن صالح بن كيسان، عن عُبيدة بن سُفْيان، الحَضْرَمي قال:

-سمعت عمرو بن أُمَيَّة يقول: لَا يَتْرُكُ رجلٌ مسلم الجمعة ثلاثا تهاونا بها إلا كتب من الغافلين (الغافلين يعني عن ذكر الله وعما أوجبه عليهم «ومن يغفل عن ذكر الرحمن نقيضله شيطانا فهو له قرين» .

ص: 130

384-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: جعفر بن محمد، عن أبيه قال:

-كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة وكانت لهم سوق يقال لها البطْحَاء كانت بنو سُلَيْم يجلُبُون إليها الخيل والإبل والغنم والسَّمْن فَقَدموا فخرج إليهم الناس وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لهم لهوإذا تزوج أحدهم من الأنصار ضربوا بالكَبَرِ (الكبر بفتحتين الطبل وقيل الطبل له وجه واحد (لسان)) فعيرهم اللَّه بذلك فقال: (وإذَا رَأَوْا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً) .

ص: 130

385-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: سلمة بن عبد الله الخطمي، عن محمد بن كعب:

-أنه سمع رجلاً من بني وائل يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«تجبُ الجُمُعَةُ على كل مسْلمٍ إلَاّ امراةً أو صبياً أو مملوكاً» .

ص: 130

386-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: عبد العزيز بن عُمر بن عبد العزيز،

⦗ص: 131⦘

عن أبيه، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عُتْبَة قال:«كُّل قَرْية فيها أربعون رجلا فعليهم الجمعة» .

ص: 130

387 -

(أخبرنا) : سُفْيان، عن الزُّهري، عن سَعيد بن المسيَّب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذَا كَانَ يومُ الجمعة كانَ عَلَى كل باب من أبواب المسجد ملائكةٌ يكتبونَ النَّاس عَلَى منَازلهم الأَولَ فالأَولَ (يكتبون الناس على منازلهم إلخ أي يقيدون للحاضرين للصلاة منازلهم التي استحقوها بالتكبير) فإذا خرج الإمامُ طُويت الصحف واستمعوا الخُطبة والمُهَجِّر (التهجير هنا وفي قوله صلى الله عليه وسلم لو يعلمون مافي التهجير لاستبقوا إليه بمعنى التكبير إلى الصلوات وهو المضي في أول أوقاتها وأصله السير في الهاجرة وهي رمز وقت الزوال إلى العصر اهـ قاموس وفي النهاية التهجير التكبير إلى كل شئ والمبادرة إليه يقال هجر يهجر تهجيرا فهو مهجر وهي لغة حجارية أراد المبادرة إلى أول وقت الصلاة والمهجر بالتشديد المبكر) إلى الصلاةِ كالمُهدِي بَدَنةً ثم الذي يليه كالمهدي بقرة ثم الذي يليه كالمهدي كبشاً حتَّى ذَكَر الدَّجَاجَة والبَيْضَة» .

ص: 131

388-

(أخبرنا) : سُفيْان بن عُيَيْنة، عن ابن شِهَاب، عن سَعيد بن المسيَّب، عن أبي هريرة:

-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذَا كَانَ يومُ الجمعة جَلَسَ على أبواب المساجد وذكر الحديث.

ص: 131

389-

(أخبرنا) : مالك، عن سُمَىّ، عن أبي صالح السَّمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه:

-أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "منِ اغتسَلَ يومَ الجمعَةِ غُسْلَ الجنابة (غسل الجنابة أي غسلا كغسل الجنابة) ثم رَاحَ فكأنما قرب بَدَنَةً (البدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة وهي بالإبل أشبه وسميت بدنة لعظمها وسمتها اهـ نهاية وفي المصباح البدنة ناقة أو بقرة تنحر بمكة سميت بذلك لأنهم كانوا يسممونها اهـ أقول: والمراد بها هنا الجمل أو النافة لأن البقرة واردة في المنزلة التالية لهذه المنزلة وراح أي ذهب إلى المسجد) ومن رَاحَ في السَّاعةِ الثانية فكأنما

⦗ص: 132⦘

قرب بقرة، ومن رَاحَ في السَّاعةِ الثالثة فكأنماقرب كبشاً أقرن (الأقرن: كبير القرنين والأنثى قرناء والحديث وما قبله في فضل التكبير بالذهاب إلى صلاة الجمعة وبيان أن ثواب الذهاب إليها على قدر التكبير من أجلها) ومن رَاحَ في السَّاعةِ الرابعة فكأنما قرَّب دَجَاجةً ومن رَاحَ في السَّاعةِ الخامسة فكأنماقرب بَيْضَة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر".

ص: 131

390-

(أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن ابن عُمْر:

-أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى حُلَّةً سِيَرَاءَ (الحلة بضم أوله واحدة الحلل وهي البرود التي ترد من اليمن والسيراء بكسر السين وفتح الياء صفة للحلة وهي نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور وقال بعض المتأخرين إنما هو حلة سيراء بالإضافة واحتج بأن سيبويه قال لم يأت فعلاء صفة بل اسما وشرح السيراء بالحرير الصافي ومعناه حلة حرير) عند باب المسجد فقال يا رسول اللَّه: لوِ اشتَريْتَ (لو حرف شرط وجوابها محذوف أو حرف تمن لا الخلاق بالفتح: النصيب من الخير) هذهِ فلبستَها يومَ الجمعةِ وللوفودِ إذَا قَدِموا عَليْكَ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما يَلْبَسُ هذِهِ منْ لَا خَلاقَ لَهُ في الآخِرَةِ» ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حُلَلٌ فأعطى عُمَرَ منها حُلةً فقال عُمر يارسول اللَّه: كَسَوْتَنيها وقد قلتَ في حُلة عُطَارِد ما قُلتَ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم أكْسُكَها لِتَلبَسها» فكساها عمر لأخ له مشرك بمكة

⦗ص: 133⦘

(والحديث ظاهر في حرمة لبس الحرير الصافي لقوله صلى الله عليه وسلم إنما يلبسها من لا خلاق له في الآخرة ولقوله لم أكسكها لتلبسها أي لأن لبسها محرم) .

ص: 132

391-

(أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن ابن السَّبَّاق (السباق بتشديد المهملة والباء وبعدها قاف وهو حماد بن سلمة رضي الله عنه :

-أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في جُمعة من الجُمع: "يا مَعْشَرَ المسلمينَ إنَّ هذَا اليَوم جَعله اللَّه عيدا للمسلمين فاغتسلوا ومَنْ كَانَ عندهُ طِيبٌ فَلَا يَضُرّه أن يمُّسّ منه وعليكم بالسِّوكِ (قوله فاغتسلوا وفليغتسل في الحديث الذي بعده وغسل الجمعة واجب على كل محتلم وأنرسول اللَّه كان يأمر بالغسل ظاهرها وجوب الغسل للجمعة وقد حكى الوجوب عن طائفة من العلماء وهو مذهب أهل الظاهر وحكى عن الحسن البصري ومالك وذهب الجمهور من السلف والخلف إلى أنه سنة مستحبة لا واجب وهو المعروف من مذهب مالك ودليلهم قول النبي من توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل وقوله أيضا: لو إغتسلتم يوم الجمعة لأن تقديره لكان أفضل والأحاديث الواردة بما ظاهره الأمر محمولة على؟؟ جمعا بين الأحاديث وقوله واجب على كل محتلم أي متأكد في حقه كما تقول لصاحبك حقك واجب علي أي متأكد لا إنه محتم معاقب عليه هذا ومس الطيب والسواك سنة أيضا في هذا اليوم الذي يكثر فيه الزحام وتتأكد فيه النظافة والتجمل والبعد عما يتأذى منه من الروائح الكريهة وظاهرة العبارة الخاصة بالطيب يفيد الحل لا الندب ولكنه مأخوذ من أحاديث أخرى وقوله: عليكم بالسواك الأمر فيه للندب أيضا لا للوجوب لقوله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك» ) .

ص: 133

392-

(أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه:

-أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ جَاءَ منكُم الجمعة فليغتَسِل» .

ص: 133

393-

(أخبرنا) : مالك وسفيان، عن صفوان بن سُلَيم، عن أبيه:

-أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ جَاءَ منكُم الجمعة فليغتَسِل» .

ص: 133

394-

(أخبرنا) : مالك وسفيان، عن صفوان بن سُلَيم، عن عَطَاء بن يسار،

⦗ص: 134⦘

عن أبي سعيد الخدري:

-أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "غسلُ يوم الجمعةِ واجبٌ عَلَى كُل محتلم (قال النووي الذي وقع في جميع الأصول غسل الجمعة على كل محتلم وليس فيه ذكر واجب والمحتلم: البالغ وقوله من جاء منكم الجمعة فليغتسل أعم من هذا لأن هذا خاص بالمحتلم وهو البالغ وذاك يشمل البالغ والصبي المميز قال النووي: فيقال في الجمع بين الأحاديث أن الغسل مستحب لكل مريد الجمعة ومتأكد في حق الذكور أكثر من النساء وفي حق البالغين أكثر من الصبيان قال: ومذهبنا المشهور أنه يستحب لكل مريد لها وقيل للذكور خاصة وقيل لمن تلزمه الجمعة دون الصبيان والعبيد والمسافرين وقيل لكل أحد كغسل العيد والصحيح الأول) .

ص: 133

395-

(أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر (سالم بن عبد الله بن عمر العدوي المدني الفقيه قال ابن إسحاق أصح الأسانيد الزهري عن سالم عن أبيه مات سنة 106 على الأصح) قال:

-دخل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المسجد يوم الجمعة وعُمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه يخطب فقال عمر: أيةُ سَاعةٍ هذه؟ (قاله توبيخا له وإنكارا لتأخره إلى هذا الوقت وفيه تفقد الإمام رعيته وأمرهم بمصالح دينهم والإنكار على مخالف السنة وإن كان كبير القدر في مجمع من الناس وفيه جواز الكلام في الخطبة) فقَال يا أمير المؤمنين: انقلبتُ من السُّوقِ فسمعت النداء فما زدت على أن توضأت (فيه الإعتذار إلى ولاة الأمور وفيه إباحة العمل يوم الجمعة قبل النداء وفيه إشارة إلى أن الغسل مستحب لأن عمر لم يأمره بالرجوع للغسل) فقال عمر: الوضوءَ (والوضوء أيضا بالنصب أي وتوضأت الوضوء فقط قاله الأزهري وغيره) أيضاً وقدعلمت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغُسْل.

ص: 134

396-

(أخبرنا) : الثقة، عن معَمَر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه:

-مثل معنى حديث مالك وسمى الداخل يوم الجمعة بغير غُسل عثمان بن عفان.

ص: 135

397-

(أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن يحي بن سعيد، عن عَمْرة، عن عائشة قالت:

-كَان النَّاس عُمال أنفسهم وكانوا يَرُحُون بهيآتهم فقيل لهم لو اغتسلتم (لو اغتسلتم هذا اللفظ يقتضي أن الغسل مستحب لا واجب لأن تقديره لو اغتسلتم لكان أفضل وأكمل وقولها كان الناس عمال أنفسهم أي لم يكن لهم خدم ورواية مسلم عن عائشة كان الناس أهل عمل ولم يكن لهم كفاة (جمع كاف وهو الخادم) فكانوا يكونون لهم لو؟؟ أي رائحة كريهة فقيل لهم لو اغتسلتم وفي مسلم رواية أخرى عنها فيها كان الناس ينتابون الجمعة من العوالي فيأتون في العباء ويصيبهم الغبار فتخرج منهم الريح فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسان منهم وهو عندي فقال رسول الله لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا فقوله وكانوا يروحون بهياتهم أي يذهبون إلى المساجد بملابس عملهم وعرقهم وغبارهم فيكون لهم ريح مؤذية لمن يجاورهم فندبهم الرسول للغسل حتى لا يتأذى بهم أحد ويؤخذ من الحديث أنه يندب لمن يذهب إلى المسجد أو لمجالسة الناس أن ينظف جسمه وثوبه وأن يتجنب الروائح الكريهة) .

ص: 135

398-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن جابر ابن عتيك، عن جده جابر ب نعتيك صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال:

- «إذَا خَرجْتَ إلى الجمعة فامْشِ عَلَى هِينَتك (على هينتك أي على رسلك أي متمهلا غير مسرع لأن سرعة المشي في هذه الحالة قد تشعر بالرياء المنهي عنه وفضلا عن ذلك فإنها تذهب ببهاء المؤمن ووقاره) » .

ص: 135

401-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: خالد بن ربَاح، عن المطلب ابن حَنْطَب (الذي في خلاصة تهذيب الكلام المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب وفي القاموس المطلب بن حنطب كما هنا صحابي قال والحنطبة الشجاعة) . أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي الجمعة إذا فاء الفَئْ بمقدار ذراع أو نحوه (الفيء: الظل الذي يكون بعد الزوال وسمي فيئا لأن الفيء في الأصل الرجوع وفاء إلى أمر اللَّه: رجع فيسمى الظل الذي بعد الزوال فيئا لرجوعه من جانب الغرب إلى جانب الشرق أي أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة بعد زوال الشمس بذراع وهذا ظاهر في أنها إلا تصح بعد زوال الشمس وبه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وخالفهم الإمام أحمد فجوز صلاتها قبل الزوال) .

ص: 136

402-

(أخبرنا) : سُفيْان بن عُيَيْنة، عن عَمْرو بن دينار، عنيوسفبن ماهَك قال:

-قَدِمَ مُعَاذ على أهل مكة وهم يُصلون الجمعة والفَئُ في الحِجر فقال:

⦗ص: 137⦘

لا تصلوا حتى تفيء الكعبة من وجهها (الحجر بالكسر ما حواه الحطيم المدار بالكعبة من جانب الشمال ومعنى هذا أن الفيء الأول يكون قبل الزوال والثاني وهو الذي يكون للكعبة من وجهها بعد الزوال وقد بان من الحديث السابق على هذا أنها لا تصح إلا بعد الزوال عند جمهور العلماء) .

ص: 136

403-

(أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة:

-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبكَ أَنْصِتْ والإِمَام يخطب فقدْ لغوت (لغوت قلت اللغو وهو الكلام الملغى الساقط المردود وقيل معناه قلت غير الصواب وقيل تكلمت بما لا ينبغي ففي الحديث النهي عن جميع أنواع الكلام حال الخطبة لأنه نهي عن أن يقول للمتحدث أنصت وهو أمر بمعروف فغير ذلك من الكلام أولى بالمنع وطريقه إلى منع من يتكلم من الكلام أن يشير إليه بالسكوت إن فهم بالإشارة وإلا فبالعبارة الموجزة إلى أبعد حدود الإيجاز والإنصات للخطبة واجب عند الشافعي ومالك وأبي حنيفة وعامة العلماء وحكى عن النخعي والشعبي وبعض السلف أنه لا يجب إلا إذا تلى فيها القرآن وهل يلزمه الإنصات وإن لم يسمع صوت الإمام قال الجمهور يلزمه وقال النخعي وأحمد والشافعي في قول لا يلزمه وهل الكلام حرام أو مكروه كراهة تنزيه في هذه الحالة هما قولان للشافعي كما ذكر النووي في شرح مسلم وقوله والإمام يخطب جملة حالية وهي قيد في الحكم الذي بيناه أي أن الكلام إنما يحرم وقت الخطبة الذي يجب فيه الإنصات وهو مذهب الشافعية والمالكية ومذهب الجمهور وقالت الحنفية يجب الإنصات بخروج الإمام للخطبة) » .

ص: 137

404-

(أخبرنا) : مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة:

-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبكَ أَنْصِتْ والإِمَام يخطبُ يوم الجمعة فقد لغوت» .

ص: 137

405-

(أخبرنا) : سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة:

⦗ص: 138⦘

-عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل معناه إلا أنه قال «لَغَيْتَ» قال ابن عيينة: "لغيت (إلا أنه قال فقد لغيت قال ابن عيينة هي لغة أبي هريرة وفي مسلم قال أبو الزناد وهي لغة أبو هريرة وإنما هو لغوت أقول لو كانت لغيت لغة صحيحة مثل لغوت لذكر مصدرها في المعاجم كما ذكر مصدر غيرها وهو اللغو ولكننا لم نر لها مصدرا على كثرة بحثنا فيها واستقصاؤنا فلو صحت لقالوا لغا يلغوا لغوا ولغا يلغي لغيا ولكن أحدا لم يذكر هذا المصدر الأخير بل اقتصروا في مصدر المادة على اللغو واللغا مقصورا قال في القاموس واللغو واللغا: السقط ومالا يعتدبه من كلام وغيره ولغي في قوله كسعى ودعا ورضى لغاً ولاغية وملغاة: أخطأ وفي اللسان اللغو واللغا: السقط ومالا يعتدبه من كلام وغيره ولا يحصل منه على فائدة ولا تقع ولغا في القول يلغي ويلغي لغوا ولغى يلغي لغاً وملغاة أخطأ وقال باطلا اهـ أقول وياء لغى مقلوبة على واو كياء رضى فالمادة واوية على كل حال فلا يقال عند إسناد الفعل إلى ضمير المتكلم لغيت بل لغوت فبان بهذا أن الصواب إنما هو لغوت كما قال أبو الزناد اهـ) .

لغة أبو هريرة.

ص: 137

406-

(أخبرنا) : مالك، عن أبي النّضْر مولى عُمر بن عُبيد اللَّه، عن مالك ابن أبي عامر:

- أنَّ عثمان بن عفان كان يقول في خطبته وقلما يدع ذلك إذا خطب (هذه جملة إعتراضية بين القول ومقوله الغرض منها بيان ما كان عليه عثمان من الإهتمام بحث الحاضرين لصلاة الجمعة على الاستماع للخطبة) إذا قام (قام الإمام أن يخطب فيه حال محذوفة والتقدير مريدا أن يخطب) الإمام أن يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنْصِتوا فإِن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للسامع المنصت فإذا قامت الصلاة فاعدلوا (عدلت الشئ فاعتدل سويته فاستوى واعتدل الشعر اتزن واستقام وعدله كعدله وإذا مال شئ قلت عدلته أي أقمته فاعتدل أي استقام والمراد اجعلوها معتدلة ومستوية لا ميل بها ولا اعوجاج وكان لحرصه على اعتدال الصفوف قد وكل بها رجالا فلا يحرم بالجمعة حتى يخبره هؤلاء باعتدالها) الصفوف وحاذُوا بالمناكب (حاذى الشئ: وازاه والمناكب جمع منكب كمجلس وهو مجتمع رأسي الكتف والعضد أي اجعلوا بعضكم محاذيا لبعض بالمناكب حتى يكون منكب كل واحد موازيا لمنكب جاره لا خارجا عنه ولا داخلا وبذا تتحقق تسوية الصفوف المنشودة) فإن إعتدال الصفوف من تمام

⦗ص: 139⦘

الصلاة ثم لا يُكَبّر عثمان حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبرونه بأن قد استوت فيكبر.

ص: 138

408-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فَرْوة، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة:

-أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة (النهي استثنى منه يوم الجمعة فالصلاة فيه في هذا الوقت غير منهي عنها ولا مكروهة وبه قال طاوس ومكحول والشافعي وغيرهم وخص المالكية النهي بالنافلة دون الفريضة وأما الحنفية فعمموا ولم يستثنوا) .

ص: 139

409-

(أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن ثعلبة بن أبي مالك:

-أنه أخبره انهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يوم الجمعة يصلون حتى يخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإذا خرج وجلس على المنبر وأذن المؤذن جَلسوا يتحدثون حتى إذا سكت المؤذن وقام عمر سكتوا فلم يتكلم أحد.

ص: 139

410-

(أخبرنا) : ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب قال:

-حدثني: ثعلبة بن أبي مالك أن قُعود الإمَام يَقطعُ السُّبْحَةَ (السبحة بالضم: صلاة النافلة، يقال قضيت سبحتي، أي نافلتي) وأن كلامَه

⦗ص: 140⦘

يقطعُ الكلام وأنهم كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعُمَرُ جالسٌ على المنبر، فإذا سكتَ المؤذن قام عُمَرُ فلم يتكلم أحد حتى يقضي الخطبتين كلتيهما، فإذا قامت الصلاة ونزَل عمر تكلموا.

ص: 139

411-

(أخبرنا) : سُفْيان، بن عيينة، عن عَمْرو بن دينار، عن جابر بن عبد اللَّه قال:

-دخل رجل يوم الجمعة المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطبُ فقال له: أصَلَّيْتَ؟ قالَ: لَا قَالَ: فَصَلِّ ركعتين (بين جابر في الحديث الآتي هذا الرجل الذي أمره النبي بتحية المسجد فقال وهو سليك الغطفاني وفي مسلم مثل ذلك بزيادة وتجوز فيهما أي في الركعتين وهذه الأحاديث صريحة في استحباب صلاة ركعتين تحية للمسجد ولو في أثناء خطبة الجمعة وأنه يستحب أن يتجوز فيهما أي يتخفف ليسمع بعدهما الخطبة ويكره الجلوس قبل أن يصليهما وبهذا أخذ الشافعي وأحمد وفقهاء المحدثين وقال مالك والليث وأبو حنيفة والثوري وجمهور السلف من الصحابة والتابعين لا يصليهمافي هذه الحالة وهو مروي عن عمر وعثمان وعلي وحجتهم الحديث السابق إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب إلخ وتأولوه هذه الأحاديث بأن هذا الرجل كان عريانا فأمره النبي بالقيام ليراه الناس فيتصدقوا عليه ومن هذه الأحاديث يؤخذ جواز الكلام في الخطبة لحاجة أو تعليم وإن تحية المسجد ركعتان وانها لا تفوت بالجلوس بالنسبة لمن جهل حكمها إذ في بعض روايات مسلم فقعد سليك قبل أن يصلي فقال له النبي أركعت إلخ ويستنبط منها أيضا أن تحية المسجد لا تترك في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها عند الشافعية لأنها ذات سبب ويلحق بها ذوات الأسباب لقضاء الفائتة ونحوها إذ لو سقطت في حال لكان هذا الحال أولى بسقوطها فيه لأنه صلى الله عليه وسلم قد أمر باستماع الخطبة، فإذا ترك لها ذلك دل على تأكدها وإنها لا تترك بحال خلافا للحنفية فمكروه عندهم أن تصلي في هذه الأوقات) .

ص: 140

412-

(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن أبي الزُّبيْر، عن جابر بن عبد اللَّه:

-عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد في حديث جابر وهو سُلَيْكٌ الغَطَفَاني.

ص: 140

413-

(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن ابن عَجْلان، عن عَيَاض بن عبد اللَّه بن سَعْدابن أبي سَرْح قال:

-رأيتُ أبا سَعيدٍ الخدريَّ جاء ومَرْوانُ يخطب فقام فصلى ركعتين فجاء إليه الأحراس (الأحراس: جمع حرس وهم خدم السلطان المرتبون لحفظه وحراسته والحراس آخذون بالوجه الآخر في المسألة وهوترك كل عمل ووجوب الإنصات للخطيب) ليجلسوه فأبَى أن يَجْلس حتى صَلَّى ركعتين، فلما قضينا الصلاة أتيناه فقُلنا يا أبا سعيد كاد هؤلاء أن يفْعلوا بك فقال: ما كنت لأدعها لشئ بعد شئ رأيتُهُ من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وجاء رجل وهو يخطب فدخل المسجد بهيئة بَذَّة (بذة بالذال المعجمة أي رثة والمراد ترك الزينة ولبس

الملابس القديمة) فقال: " أصَلَّيْتَ؟ قالَ: لَا قَالَ: فَصَلِّ ركعتين قال ثم حثَّ النَّاس على الصَّدقة فألقوا ثياباً فأعطي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منها الرجل ثَوْبين فلما كانت الجمعة الآخرى جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطبُ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " أصَلَّيْتَ؟ قالَ: لَا قَالَ: فَصَلِّ ركعتين قال ثم حثَّ النَّاس على الصَّدقة فَطَرَح يعني ذلك الرجل أحَدَ ثَوْبيه فصاح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: خُذْهُ خُذْهُ ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنظُرُوا إلى هذَا جاء تِلك الجمعة بِهيئة بَذَّة، فأمرتُ الناس بالصدقة فَطَرَحوا ثياباً، فأعطيته منها ثوبين، فلما جاءت الجمعة أمرتُ الناس بالصدقة، فجاء فألقى أحَدَ ثَوْبيه

⦗ص: 142⦘

(الغرض من لفت الرسول أنظارهم إلى عمل هذا الرجل حملهم على أن يقتدوا به ويسرعوا إلى التصدق فإنه بالرغم من فقره وطلب النبي من الحاضرين أن يتصدقوا عليه بادر بالتصدق بأحد الثوبين اللذين تصدق بهما عليه ولا شك أنها اريحية وعاطفة دينية تستحق الإعجاب والثناء) ".

ص: 141

414-

(أخبرنا) : سُفْيان، عن عَمْرو بن دينار قال:

-كان ابن عمر يقول للرجل إذا نَعَسَ يومَ الجمعة والإِمامُ يخطبُ أن يَتَحَوَّلَ مِنْهُ (يقول في هذا الحديث مضمنة معنى يأمر ونعس بفتح العين ومضارعه كذلك بمعنى نام والحكمة في أمر النائم بالتحول هو طرد النوم وبعث اليقظة وهذه الحركة عند حد الإنتقال من المكان جديرة بأن تحمله على التيقظ والإنتباه) ".

ص: 142

415-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: سُهَيْل بن أبي صالح، عن أبي هُريرة رضي الله عنه:

-عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قَامَ أحَدُكُممِنْ مَجلسه يَومَ الجُمْعَة ثم رَجَعَ إليه فهو أحقُّ به (وإنما كان أحق به لأنه سبق غيره إليه

فلا ينبغي أن يزاحم عليه بعد ذلك فإذا قام لتجديد وضوئه مثلا فلا ينبغي

لغيره أن يجلس مكانه لأن المباح لمن سبق وينبغي لمن ترك مكانه أن يشغله بشئ من ملابسه إشارة إلى أنه مشغول حتى لا ينازع ممن وجده

فارغا فشغله ويحدثان ما يخل بأدب المسجد ويؤلم المصلين) » .

ص: 142

416-

(أخبرنا) : عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جُريج قال أخبرني:

-أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خَطَبَ استند إِلى جِذْع نَخلةٍ من سَوَارِي (السواري: هي الأسطوانات أي الأعمدة التي يقام عليها السقف ومفردها: سارية) المسجد، فلما صُنِعَ لَهُ المِنْبَرُ، فاستوى عليه (استوى عليه: جلس عليه) اضطربت تلك السَّارِية كحنين الناقة (اضطربت تحركت وماجت وقوله كحنين الناقة أي وحنت حنينا كحنين الناقة والحنين شدة البكاء والطرب وقيل هو صوت الطرب سواء كان ذلك عن حزن أو فرح والحنين الشوق وتوقان النفس والمعنيان متقاربان وحنين الناقة على معنين حنينها صوتها إذا اشتاقت إلى ولدها وحنينها نزاعها إلى ولدها من غير صوت والأكثر أن الحنين بالصوت هذا هو الأصل والحنين في الحديث بصوت لقوله حتى سمعها أهل المسجد وهو فيه الطرب عن حزن لأن السارية حزنت على ابتعاد الرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عنها فادرك ذلك فاعتنقها فسكتت في النهاية فحن الجذع إليه أي نزع واشتاق وأصل الحنين ترجيع الناقة صوتها في أثر ولدها وقد عد العلماء هذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم وكم له من معجزات) حتى

⦗ص: 143⦘

سمعها أهل المسجد، حتى نَزَل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فاعْتنقها فَسَكنَتْ.

ص: 142

417-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، أخبرني: عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن الطُّفَيْلُ بن أُبيّ بن كَعْب عن أبيه قال:

-كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصَلي إلى جِذْع (الجذع بالكسر ساق نخلة) وكان المسجد عَرِيشا (العريش بفتح فكسر خيمة من خشب وثمام عيدان تنصب ويظلل عليها والعرب تسمي المظال التي تتخذ من جريد النخل ويطرح فوقها الثمام عرشا الواحد منها عريش وكانوا يأتون النخيل فيبنون فيه من سعفه مثل الكوخ فيقيمون فيه مدة حملة الرطب إلى أن يصرم) وكان يخطبُ إلى ذلك الجِذْع فقال رجل من أصحابه يا رسول اللَّه: هل لك أن نَجْعَل لك مِنْبَراً تخطب عليه يومَ الجمعة وتُسْمِع الناس خُطبتك؟ قال: نعم فَصَنَع له ثلاث درجات (في نسخة العماد) هي اللآتي على المِنْبَرَ فلما وضع المنبر ووُضع مَوْضِعَه الذي وَضَعه فيه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بَدَا (بدا له في الأمر بدوا وبداء: نشأ له فيه رأى هكذا في القاموس وعبارة المصباح بدا له في الأمر ظهر له ما لم يظهر أولا وفي اللسان بدا لي بداء أي تغير رأيي عما كان عليه) للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقومَ على ذلك المنبر فيخطبَ عليه فَمَرَّ إليه فلما جاوز (جاوزه: تخطاه) ذلك الجِذْعَ الذي كان يخطبُ إليه خار (خاريخور خوارا: صاح) حتى تَصَدع (تصدع انشق) وانشق فنزل النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا سَمِع صوت الجِذْع فَمَسَحه بيده ثم

⦗ص: 144⦘

رَجَعَ إلى المنبر فلما هُدِم المسجد أخذ ذلك الجذع أُبيُّ بن كعب وكان عنده في بيته حتى بلي وأكلته الأرضَةُ وعَادَ رُفاتاً (الرفات بضم ففتح الحطام، وهو مادق وكسر يقال: رفت الشئ فارفت أي كسرته فتكسر فالرفت الدق والكسر والرفات المدقوق المكسور) .

ص: 143

418-

(أخبرنا) : إبراهيم بن حمد، أخبرنا: صفوان بن محمد، عن أبيه، عن جابربن عبد اللَّه قال:

-كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة خطبتين قائماً يفصل بينهما بجلوس (زاد مسلم فمن نبا أنه كان يخطب جالسا فقد كذب فقد واللَّه صليت معه أكثر من ألفي صلاة وهذا دليل لمذهب الشافعي والأكثرين على أن خطبة الجمعة لا تصح للقادر إلا من قيام في الخطبتين وإن الجمعة لا تصح إلا بخطبتين وأنه لابد من الجلوس بينهما وعن الحسن البصري وأهل الظاهر ومالك في رواية انها تصح بدون خطبة وأبو حنيفة يجوز الخطبة من قعود ولا رأى القيام فيها واجبا وقال مالك وهو واجب لو تركه أساء وصحت الجمعة وأما الجلوس بين الخطبتين عند مالك وأبي حنيفة والجمهور فسنة لا واجب ولا شرط وقال الشافعي هوفرض وشط لصحة الخطبة دليله أنه ثبت عن رسول اللَّه مع قوله صلوا كما رأيتموني أصلي) .

ص: 144

419 -

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: عُبَيْدُ اللَّه بن عُمر، عن نافع، عن ابن عمر:

-عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

ص: 144

420-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن صالح مولى التَّوْأَمة (التوأمة: مؤنث التوأم وهو من جمعه الرحم بأخيه في وقت واحد أي يكونا معا في حمل واحد) ، عن أبي هُريرة رضي الله عنه:

-عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعُمر، وعُثْمان رضي الله عنهم أنهم كانوا يخطبون يومَ الجُمْعَة خُطبتين على المنبر قِياماً يَفْصِلون

⦗ص: 145⦘

بينهما بجُلوس حتى جلس معاويةُ في الخطبة الأولى فَخَطب جالساً (قوله فخطب جالسا يصلح دليلا للحنفية الذين جوزوا أداء الخطبة من قعود وللشافعية على وجوب أدائها من قيام أدلة كثيرة غير سلف منها ماروى مسلم عن كعب بن عجرة قال دخل المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعدا فقال: انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعدا وقال الله تعالى: (وإذا رأوا تجارة أولهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) فقد أخبر اللَّه أن النبي كان يخطب قائما وقد قال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وقال: (فاتبعوه) وقال: (وما آتاكم الرسول فخذوه) وخطب في الثانية قائما.

ص: 144

421-

(أخبرنا) : عَبْدُ المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جُرَيْج قال:

-قلتُ لعطَاءٍ أكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقوم على عَصاً إذا خطب؟ قال: نعم يَعْتمد عليها اعتماداً.

ص: 145

422-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: اللَّيْثُ، عن عَطَاء:

-أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب يَعْتمد على عَنَزَته (العنزة بفتحات العصا وأخذ العصى أو المخاصر في الخطب عادة قديمة في العرب وكانوا يشيرون بها أثناء خطبهم أما الرسول فبين الحديث أنه كان يعتمد عليها فقط وخطباؤنا السياسيون الآن يشيرون بأيديهم مستعينين بحركاتها على جذب أنظار المستمعين والتأثير فيهم ولا يزال خطباء المساجد آخذين بهذه السنة معتمدين في خطبهم على عصى على هيئة سيوف) اعتماداً.

ص: 145

423-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد قال حدثني: عبد اللَّه بن أبي بكربن حزم، عن خُبَيْب بن عبد الرحمن بن إساف، عن أم هِشام بنت حارثَةَ بن النّعْمان:

-أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يَقْرأ بِقاف وهو يخطب على المِنْبَر يومَ الجمعة وأَنها لم تحْفظها إلا من النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو على المنبر لكثرة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يَقْرأ بها يوم الجمعة على المنبر

⦗ص: 146⦘

(وسبب اختيارها اشتمالها على ذكر البعث والموت والمواعظ الشديدة والزواجر الأكيدة وفيه استحباب قراءة هذه السورة أو بعضها في الخطبة) .

ص: 145

424-

(أخبرنا) : إبراهيمُ بْنُ محمد قال حدثني: محمدُ بنُ أبي بكر بن حَزْم، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرَارَة، عن أم هِشَام بنتِ حارثةَ ابنِ النعمان:

- مثله قال إبراهيم: ولا أَعْلَمُني إلا سمِعتُ أبا بكر بن حَزْم يقرأ بها يوم الجمعة على المنبر قال إبراهيم سمعتُ محمد بن أبي بكر يقْرَأُ بها وهو يَوْمَئِذٍ قاضٍ عَلَى المدينة على المنبر.

ص: 146

425-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد قال حدثني: محمد بن عمرو بن حَلْحَلَة عن أبي نعيم وهب بن كيسان، عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقرأ في خطبته يوم الجمعة "إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (كورت جمع ضوؤها ولف كماتلف العمامة وقيل معنى كورت غورت وقيل كورت: اضمحلت وذهبت ويستفاد منه أنقراءة القرآن في خطبة الجمعة مشروعة باتفاق واختلفوا في وجوبها وهو الصحيح عند الشافعية وأقلها آية) حتى بلغ «عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ» ، ثم يقطع السورة.

ص: 146

426-

(أخبرنا) : مالك، عن هِشَام بن عُرْوةَ، عن أبيه، عن عُمر رضي الله عنه:

-قرأ بذلك على المِنْبَر.

ص: 146

427-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد قال حدثني: إسحاقُ بن عبد اللَّه، عن أَبَان ابن صالح، عن كُرَيْب مولى ابن عباس، عن ابن عبّاس:

-أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه

⦗ص: 147⦘

عليه وسلم خطب يوماً، فقال: "إنَّ الحمدَ للَّهِ نَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ ونَسْتَهْدِيه ونستنصُرُه (السين والتاء في نستعينه وما عطف عليه من الأفعال: للطلب) ونَعُوذُ باللَّه من شُرُورِ أنْفُسِنَا ومِنْ سيئآتِ أعمالنا مَنْ يَهدِهِ اللَّهُ فلا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضِلّ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أن لا إله اللَّه، وأشْهَدُ أَنَّ مُحمداًعبدُهُ ورسُولُه، مَنْ يُطِعِ اللَّهَ ورسُولَهُ فَقَدْ

رَشِدَ (رشد من باب نصر وفرح رشدا ورشدا أو رشاداً: اهتدى) ومَنْ يَعْصِ اللَّهَ ورسُولَهُ فَقَدْ غَوَى (غوى يغوي من باب ضرب وعلم ومصدر الأول ألغى والثاني الغواية بمعنى ضل وخاب وانهمك في الجهل هكذا في اللسان والقاموس والمصباح فقول النووي فيه والصواب الفتح أي فتح الواو غير صواب) حَتَّى يفِئَ إلى أمْرِ اللَّهِ.

ص: 146

428-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد قال حدثني: عبد العزيز بن رُفَيع (رفيع بضم أوله وفتح الفاء الأسدي وثق عبد العزيز هذا أحمد وابن معين وتوفي سنة ثلاثين ومائة) عن تَمِيم بن طَرَفَةَ، عن عَدِيّ بن حاتم قال:

-خطب رجُلٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم فقالَ: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ ورسُولَهُ فَقَدْ رَشِدَ، ومَنْ يَعْصِهما فَقَدْ غَوَى فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اسْكُتْ فَبِئْسَ الخَطِيبُ أنْتَ (قال بعضهم أنكر عليه الرسول لتشريكه في الضمير المقتضى للتسوية وأمره بالعطف تعظما للَّه تعالى بتقديم اسمه لكن يرد على هذا أن مثل هذا الضمير تكرر في الأحاديث الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم: «أن يكون اللَّه ورسوله أحبإليه مما سواهما» فالجواب الصحيح أن الخطب يقتضي مقامها البسط والأطناب ليفهم عن الخطيب ما يقول بخلاف المقامات الأخرى كالتعليم الذي يتطلب الحفظ ويناسبه الإيجاز ولذا ثبت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم كلمة أعادها ثلاثاً ليفهم القوم فالذي دعا لتقبيحه هو هذا الإيجاز في مقام الوعظ والبيان) ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ ورسُولَهُ فَقَدْ رَشِدَ

⦗ص: 148⦘

مَنْ يَعْصِ اللَّهَ ورسُولَهُ فَقَدْ غَوَى ولَا تَقُلْ ومَنْ يَعْصِهماَ".

ص: 147

429-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، أخبرني: عمرو:

-أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوماً فقال في خطبته: «ألا إنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكلُ مِنْها البَرُّ (المطيع لله الصالح الزاهد والفاجر المنبعث في المعاصي والمحارم) والفاجِرُ، ألا وإنَّ الآخِرَةَ أجَلٌ صَادِقٌ يَقْضِي فِيهَا مَلِكٌ قادِر، ألَا وإنَّ الخَيرَ كلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ (الحذافير جمع حِذفار بالكسر، أو حُذفور بالضم، وهي ال؟؟، أو الأعالي، والمراد أن الخير بأسره في الجنة والشر بأسره في النار وهو توكيد بعد توكيد لأنه قال أولا الخير كله ثم قال بحذافيره) في الجنة، ألَا وإنَّ الشَّرَّ كلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ في النار ألَا فاعْمَلُوا وأنتُم مِنَ اللَّهِ عَلَى حَذَرٍ، واعلموا أنكم مَعْرُوضُونَ عَلَى أعْمَالِكُمْ (معروضون على أعمالكم هو من باب القلب كما يقولون عرضت الحوض على الناقة والمعروض في الحقيقة هو الناقة والمراد أن أعمالكم تعرض عليكم أولا قلب والمعنى إنكم مطلعون على أعمالكم التي أسلفتموها لتعلموا أنكم أخذتم بما قد تم ولم تظلموا والمراد من الحديث تهوين أمر الدنيا وتحقيرها لأن الأخيار والأشرار يستمتعون بها بخلاف الآخرة فلا يستمع بها إلا الأخيار وإن كل إنسان مجزى بما قدم من خير وشر) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» .

ص: 148

430-

(أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ محمد، حدثني: عبد اللَّه بن أبي لَبِيدٍ، عن سعيد المَقْبُرِيّ، عن أبي هريرة رضي الله عنه:

-أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعَتي الجُمعةِ سُورَةَ الجمعَةِ والمُنَافِقين

⦗ص: 149⦘

(أي أنه كان يقرأ في الركعة الأولى سورة الجمعة وفي الأخرى المنافقين وقد ورد التصريح بهذا في مسلم في أكثر من حديث وفي الحديث استحباب قراءتهما بكمالهما في الركعتين وهو مذهب الشافعية والحكمة في قراءة الجمعة اشتمالها على وجوب الجمعة وأحكامها والحث على التوكل والذكر وأما سورة المنافقين فلتوبيخ الحاضرين منهم وتنبيههم على التوبة لأنهم كانوا يجتمعون بكثرة في الجمعة) .

ص: 148

431-

(أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ محمد وغيرهُ، عن جَعْفَر بن محمد، عن أبيه، عن عُبيد اللَّه بن أبي رافع، عن أبي هُريرة رضي الله عنه:

-أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في إثْرِ (في أثرها بفتحتين أو بكسر فسكون أي بعدها والمراد أنه قرأها في الركعة الثانية لا في ركعة واحدة كما قلناه في الحديث السابق) سُورَةَ الجمعَةِ إذا جاءك المُنَافِقون.

ص: 149

432-

(أخبرنا) : عبد العزيز بن محمد، عن جَعْفَر بن محمد، عن أبيه، عن عُبيد اللَّه بن أبي رافع، عن أبي هُريرة رضي الله عنه:

-أنه قرأ في الجمعة سُورَةَ الجمعَةِ وإذَا جَاءَكَ المُنَافِقونَ قَالَ عُبيد اللَّه: فَقُلْتُ لَهُ قد قرأت بسورتين كَان عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه يَقْرَأ بهما في الجمعَةِ، فقال إنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهما".

ص: 149

433-

(أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: مِسْعر بن كُدَام، عَنْ مَعْبَد ابن خالد، عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ:

-عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَقْرَأ في الجُمَعةِ سَبِّح اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةَ (كان يقرأ في الجمعة أي في ركعتيها ففي الأولى يقرأ سبح وفي الأخرى الغاشية ولا تناقض بين هذا الحديث وسابقه فإن هذا الاختلاف مبني على اختلاف الأحوال فتارة يقرأ في الجمعة السورتين السابقتين وتارة أخرى يقرأ بهاتين السورتين أي أن قرائته في الجمعة كانت دائرة بين هذه السور لا تعدوها ومن هنا كان المستحب الإتيان بهاتين أو سابقتيهما وفي سورة الغاشية منذكر القيامة وأهوالها واختلاف حال الناس فيها ما يدعو إلى إيثارها في هذا المقام) .

ص: 149

434-

(أخبرنا) : مالك، عن ضَمْرَة بنِ سعيد المازني، عن عُبَيْدُ اللَّه

⦗ص: 150⦘

ابن عبد اللَّه بن عُتْبَةَ:

-أنَّ الضَّحَّاكَ بن قيس سَأَلَ النُّعْمان بن بشِير عما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأبه في صلاة الجمعة على إثْرِسُورة الجمعة فقال: كان يقرأ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةَ".

ص: 149

435-

(أخبرنا) : سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ، عن الأسْودَ بن قَيْس، عن أبيه قال:

- أبْصَرَعُمَرُ بن الخطَّاب رجُلاً على هَيْئَةِ السَّفَر، فسمعه يقول: لولا أن اليوم يَوْمُ جمعة لخرجتُ. فقال عمر: أخْرُجْ فَإنَّ الجمعة لا تحبُس عن سفرٍ (أقول لقد بين مر رضي الله عنه أنه لا ينبغي أن يقعد الناس عن أسفارهم يوم الجمعة ولا يكلف اللَّه عباده أن يؤخروا أعمالهم لسبب إكبارها والإحتفاء بها بل يدعوهم إلى مزاولة أعمالهم في يوم الجمعة كغيره من الأيام وإن إجلال هذا اليوم لا يستلزم القعود عن السفر فيه لأن الحفاوة التي طلبها الشارع لهذا اليوم لا تعدوا الإغتسال والتطيب والحرص على صلاة الجمعة واستماع الخطبة وذلك ميسور للمقيم والمسافر سفراً ما) .

ص: 150

436-

(أخبرنا) : سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ، عن ابن أبي نُجَيح، عن إسمَاعيل ابن عبد الرحمن بن ابي ذُؤَيب، قال:

- دُعِي عبد اللَّه بنُ عُمَر لسَعِيد بنِ زيدٍ وهو يموتُ وابنُ عُمَر يَسْتجمر (استجمر الإنسان: قلع النجاسة بالجمرات أو الجمار وهي الحجارة أي الاستنجاء واستجمر واستنجى بمعنى واحد واستجمر أيضا بالمجمر إذا تبخر بالعود وهذا هو المراد هنا لأن المعنى أنه استدعي له وهو يتطيب للجمعة التي يندب لها التطيب أي دعى له وهو يتأهب لصلاة الجمعة فتركها وذهب إليه ويفهم من هذا أن التخلف عن الجمعة لمثل هذا العذر أمر مستساغ لأنها ضرورة جازبة يغتفر لها التخلف عن الجمعة إذ قد تكون الحاجة ماسة إلى لقائه ليقر له بدين عليه أو بوصية بأبنائه أو يوصي أمامه بشئ من ماله ونحو ذلك فإذا ذهب إلى الصلاة فات هذا ونحوه باشتداد الحالة وتعذر النطق أو بالموت) للجمعة فأتَاهُ وتَرَكَ الجمعة، وأُخْبرْتُ عن عُبَيد اللَّه بن عمر بن نافع عن ابن عُمرَ مثله أو مثل معناه.

ص: 150