المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الأول فيما جاء في فرض الحج وشروطه - مسند الشافعي - ترتيب السندي - جـ ١

[الشافعي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الإيمان والإسلام

- ‌كتاب العلم

- ‌كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

- ‌كتاب الطهارة وفيه عشرة أبواب

- ‌الباب الأول في المياه

- ‌الباب الثاني في الأنجاسْ وتطهيرها

- ‌الباب الثالث في الآنية والدباغة

- ‌الباب الرابع في آداب الخلاء

- ‌الباب الخامس في صفة الوضوء

- ‌الباب السادس في نواقض الوضوء

- ‌الباب السابع في أحكام الغسل

- ‌الباب الثامن في المسح على الخفين

- ‌الباب التاسع في التيمم

- ‌كتاب الصلاة وفيه ثلاثة وعشرون بابا

- ‌الباب الأول في مواقيت الصلاة

- ‌الباب الثاني في الأذان

- ‌الباب الثالث في شروط الصلاة

- ‌الباب الرابع في المساجد

- ‌الباب الخامس في سترة المصلي

- ‌الباب السادس في صفة الصلاة

- ‌الباب السابع في الجماعة وأحكام الإمامة

- ‌الباب الثامن فيما يمنع فعله في الصلاة وما يباح فيها

- ‌الباب التاسع في سُجود السّهْو

- ‌الباب العاشر في سجود التلاوة

- ‌الباب الحادي عشر في صلاة الجمعة

- ‌الباب الثاني عشر في صلاة العيدين

- ‌الباب الثالث عشر في الأضاحي

- ‌الباب الرابع عشر في صلاة الكسوف

- ‌الباب الخامس عشر في صلاة الاستسقاء

- ‌الباب السادس عشر في الدعاء

- ‌الباب السابع عشر في صلاة الخوف

- ‌الباب الثامن عشر في صَلاة المسافِرْ

- ‌الباب التاسع عشر في التهجد (التهجد السهر والنوم فهو من الأضداد في اللغة وتهجد القوم استيقظوا للصلاة أو غيرها وفي القرآن «ومن الليل فتهجد به نافلة لك» والمتهجد: القائم من النوم إلى الصلاة وكأنه قيل له متهجد لإ لقائه الحنث عن نفسه)

- ‌الباب العشرون في الوتر (الوتر بالكسر والفتح الفرد وروى أصحاب السنن بسند حسن عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا أهل القرآن أوتروا فإن اللَّه وتر يحب الوتر» انتهى وأهل القرآن أمته وأوتروا: صلوا الوتر وقوله فإن اللَّه وتر أي واحد في ذاته وصفاته وأفعاله يحب الوتر أي الفرد وقال صلى الله عليه وسلم: "الوتر حق على كل مسلم فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن شاء أوتر بواحدة وهما يدلان على وجوب الوتر بظاهرهما وهو مذهب الحنفية فإن قيل: ألا تعارض هذه الأحاديث الداعية إلى الوتر حديث «صلاة الليل مثنى مثنى» قلت: لا تعارض لأن التوفيق ممكن بينهما فإن في إمكان المسلم أن يصلي في ليله ما شاء من النوافل ثنتين ثنتين ثم إذا أراد أن ينصرف لنومه صلى واحدة وبذا يكون موترا وعاملا بالأحاديث كلها ولذا روى الأربعة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» أي أختموا صلاة الليل بالوتر وعن ابن عمر أيضا: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت رواه الخمسة)

- ‌الباب الحادي والعشرون في قضاء الفوائت

- ‌الباب الثاني والعشرون في صلاة المريض

- ‌الباب الثالث والعشرون في صلاة الجنائز وأحكامها

- ‌كتاب الزكاة وفيه خمسة أبواب

- ‌الباب الأول في الأمر بها والتهديد على تركها وعلى من تجب وفيم تجب

- ‌الباب الثاني فيما يجب أخذه من رب المال من الزكاة وما لا ينبغي أن يؤخذ

- ‌الباب الثالث فيمن تحل له الزكاة وما جاء في العامل

- ‌الباب الرابع في الركاز والمعادن (الركاز ككتاب عند الحجازيين كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض وعند أهل العراق المعادن واللغة تحتملهما لأن كلاً منهما مركوز وثابت في الأرض وإنما وجب فيه الخمس لبيت المال لكثرة نفعه وسهولة أخذه وعلى ذلك فمن وجد معدنا في أرضه كالتبر والفضة والفحم والحديد ففيه عند الحنفية الخمس لبيت المال والباقي لصاحب الأرض وعند الحجازيين ليست بركاز وزكاتها كزكاة المال أي فيها ربع العشر إذا بلغت مائتي درهم أو عشرين مثقالا وروى الأزهري عن الشافعي أنه قال: الذي لا أشك فيه أن الركاز دفين الجاهلية)

- ‌الباب الخامس في صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم وفيه خمسة أبواب

- ‌الباب الأول فيما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌الباب الثاني فيما جاء في صوم التطوع

- ‌الباب الثالث فيما جاء في صوم المسافر

- ‌الباب الرابع في أحكام متفرقة في الصوم

- ‌الباب الخامس في الإعتكاف

- ‌كتاب الحج وفيه اثنا عشر باباً

- ‌الباب الأول فيما جاء في فرض الحج وشروطه

- ‌الباب الثاني في مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية

- ‌الباب الثالث في فضل مكة

- ‌الباب الرابع فيما يلزم المحرم عند تلبسه بالإحرام

- ‌الباب الخامس فيما يباح للمحرم وما يحرم وما يترتب على ارتكابه من المحرمات من الجنايات

- ‌الباب السادس فيما يلزم الحاج بعد دخول مكة إلى فراغه من مناسكه (المناسك: جمع منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد ويطلق على المصدر والزمان والمكان ثم سميت أمور الحج كلها مناسك والمنسك: المذبح والنسيكة الذبيحة والنسك الطاعة والقيادة وكل ما تقرب به إلى اللَّه)

- ‌الباب السابع في الإفراد والقران والتمتع

- ‌الباب الثامن فيما جاء في العمرة

- ‌الباب التاسع في أحكام المحصر ومن فاته الحج

- ‌الباب العاشر في الحج عن الغير (هذا العنوان من وضع مرتب المسند وهو المرحوم الشيخ عابد السندي وغير متوغلة في الإبهام فلا تدخل عليها أداة التعريف لأن دخولها لا يفيد شيئا ولا ينقل غير عن إبهامها اهـ حامد مصطفى)

- ‌الباب الحادي عشر في مسائل متفرقة من كتاب الحج

- ‌الباب الثاني عشر في فضل المدينة وما جاء فيها

الفصل: ‌الباب الأول فيما جاء في فرض الحج وشروطه

‌كتاب الحج وفيه اثنا عشر باباً

ص: 280

(الحج في اللغة: القصد يقال حج يحج من باب نصر فهو حاج وجمعه حجاج وحجيج وهي حاجة وجمعها حواج والمصدر بفتح الحاء وكسرها وقال بعضهم المفتوح المصدر والمكسور الإسم وبهما قرئ قوله تعالى وللله على الناس حج البيت والفتح الأصل والمرة منه حجة بكسر الحاء على خلاف القياس لأنه لم يسمع من العرب حججت حجة بالفتح وإنما يقولون حججت حجة (بكسر الحاء) ثم قصر استعمال الحج في الشرع على قصد الكعبة للحج أوالعمرة وفريضة الحج إحدى دعائم الإسلام وأسسه العظام التي شيد عليها بناؤه وتحقق بها كيانه وحث عليها القرآن وعنى بأدائها سيد الأكوان لمالها من جليل النفع وعظيم الأثر في تقوية المسلمين ومقاومة ما يعتريهم من ضعف أو يحل بهم من خزي وذل وإلى ذلك يشيرقوله تعالى: «ليشهدوا منافع لهم» الآية ذلك أنه بمثابة مؤتمر سنوي يجمع أشتات المسلمين من مختلف الأقطار فيتعارفون ويتناصحون ويتداولون الفكر في علاج ما عسى أن يكون طرأ عليهم من ضعف ويتعاونون على مقاومة أدوائهم الدينية والخلقية والسياسية فيظلون متآزرين متماسكين كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ويدفع بعضهم عن بعض ويأخذ القوي بيد الضعيف والعالم بيد الجاهل فيظلون أقوياء وتظل لهم العزة التي جعلها الله لهم بقوله: فأله العزة ولرسوله وللمؤمنون" وهذا فضلا عن إنقاذ أهل تلك البلاد الماحلة من مخالب الفقر وترفيه عيشهم وإمساك رمقهم.

هذا والحج فرض عين على كل مسلم قادر ولا يجب الحج إلا مرة واحدة في العمر وهل يجب على الفور أو التراخي قال الشافعي وأبو يوسف وجماعة على التراخي إلى أن يصير إلى حال يظن فيها فواته مع التأخير وقال مالك وأبو حنيفة يجب على الفور واللَّه أعلم) .

ص: 280

‌الباب الأول فيما جاء في فرض الحج وشروطه

ص: 280

736-

(أخبرنا) : سُفيانُ، عن ابن أبي لَبِيد، عن محمد بن كَعْب القُرَظيّ أوغيره قال:

-: "حَجَّ آد مُ عليه السلام فلقيتْه الملائكةُ فقالوا بُرَّ نُسْكُكَ

⦗ص: 281⦘

آدمُ لَقَدْ حَجَجْنَا قَبْلَكَ بِألْفَيْ عامٍ (بر بفتح الباء وضمها أي ببنائه للمعلوم والمجهول يقال بر حجك يبر برورا وبر الحج يبر برا الأول من باب علم والثاني من باب ضرب وهما بالبناء للفاعل مع اللزوم فيهما ويقال بر اللَّه حجه وأبره براً وإبرارا فتعديه ثلاثيا ورباعيا وتبنيه للمجهول فتقول برحجك وأبر والنسك ككقفل وعنق: العبادة والطاعة وكل ما يتقرب به إلى اللَّه كالصوم والصلاة وغيرهما والمراد به هنا الحج والجملة دعائية أي جعله اللَّه حجا مبرورا لا يخالطه شئ من الآثام أو هو إخبار منهم بقبول اللَّه تعالى إياه منه والمراد أن الحج فريضة قديمة تعبد اللَّه بها الإمم من قديم الأزل وتقرب بها الملائكة فضلا عن الأنس لله وما كان هذا شأنه فهو جدير بالعناية به والمحافظة على أدائه) ".

ص: 280

738-

(أخبرنا) : القَدَّاحُ عن الثَّوْريَّ عن زَيْدِ بنِ جُبَيْرٍ قال:

-إنِّي لَعِنْدَ عَبْدَ اللَّهِ بنِ عُمَرَ وسُئِلَ عن هذه فقال: هذِهِ حِجَّةُ الإِسْلام فَلْيَلْتَمِسْ أنْ يَقْضِيَ نَذْرَهُ يعني لمن كان عليهِ الْحَجُّ ونَذَرَ حَجًّا

⦗ص: 282⦘

(خلاصة الحديث أن رجلا نذر حجا قبل أن يؤدي فريضة الحج ثم حج فهذه الحجة تقع عن الفرض لا عن النذر أي أن النذر وإن كان واجب الأداء إلا أن الفريضة مقدمة عليه فالحجة الأولى تقع عن الفرض ويبقى عليه حجة النذر) ".

ص: 281

739-

(أخبرنا) : مُسْلِمُ وسَعِيد، عن ابن جُرَيْج، عن عَطَاءٍ:

-أنَّ رَجُلاً سَألَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فقال: أُوَاجِرُ نَفْسي مِنْ هؤلاءِ القومِ فَأنْسُكُ مَعَهُمُ المناسِكَ هل يُجْزِي عَنِّي؟ فقال ابنُ عباسٍ: نعم" أُؤلئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَاب (أفاد الحديث أن الحج يسقط عن الحاج ولو كان في صحبة قوم حجاج يخدمهم بأجر أي أن الكسب الذي يصادفه الحاج في سفره لا يمنع من قبول حجه وعلى هذا فلو أتجر الحاج في حجه لم يضره ذلك وإن كان الأفضل التفرغ له ويشهد لذلك قوله تعالى: «ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم» فقد فسرت بمواسم الحج وفي مسلم أكثر من حديث في عدم منافاة التجارة والكسب للحج) ".

ص: 282

740-

(أخبرنا) : مُسْلِمُ وسَعِيد، عن ابن جُرَيْج، عن عَطَاءٍ، عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

-أنَّ رَجُلاً سَأله فقال: أُوَاجِرُ نَفْسي مِنْ هؤلاءِ القومِ فَأنْسُكُ مَعَهُمُ المناسِكَ ألِيَ أجْرٌ؟ فقال: ابنُ عباسٍ: نَعَمْ إلخ.

ص: 282

741-

(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن إبراهيمَ بنِ عَقْبَةَ، عن كُرَيْبٍ موْلى ابنِ عَباسٍ رضي الله عنهما، عن ابنِ عباس:

-أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَفَلَ فلما كاَنَ بالرَّوْحَاءِ لَقِيَ رَكْباً فسَلّم عليهم فقال: "مَنِ القَوْمُ؟ فقالوا مُسْلِمُونَ فمَنِ القَوْمُ؟ قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَرَفَعْتُ إليهِ امرأةٌ صَبِيًّا لها من مِحَفَّةٍ فقالتْ يا رسول اللَّه: ألِهذَا حَجٌّ؟ فقال: نَعَمْ ولكِ أجْرٌ

⦗ص: 283⦘

(قفل: رجع والركب: القوم المسافرون على الإبل واحده راكب كصحب وصاحب والروحاء بفتح فسكون موضع بين الحرمين على ثلاثين ميلا من المدينة والمحفة بكسر الميم: مركب للنساء كالهودج إلا أنها لا تصنع على هيئة قبة وظاهر من الحديث أنهم لم يعرفوا الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يعرفهم ومنشأ ذلك أن اللقاء كان بالليل فلم يعرفوه صلى الله عليه وسلم أوكان بالنهار ولكن لم يسبق لهم رؤيته صلى الله عليه وسلم والحديث حجة للشافعي ومالك وأحمد على أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب عليه وإن كان لا يجزيه عن حجة الإسلام اتفاقا بل يجب عليه أن يحج بعد البلوغ ويقع حجه في الصغر نفلا وقال أبو حنيفة: لا يصح حجة وإنما فعلوه تمرينا له ليعتاده فيفعله بعد البلوغ وإنما كان لها أجر لأن الدال على الخير كفاعله فهي تثاب كما يثاب الصبي وقد بان من الحديث أنه لا خلاف في جواز الحج بالصبيان وخلاف أبي حنيفة إنما هو في صحة حجهم لا في جاوز خرجهم مع أهلهم وما منعه إلا طائفة مبتدعة لا يلتفت إليها) ".

ص: 282

742-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن إبراهيمَ بنِ عَقْبَةَ، عن كُرَيْبٍ موْلى ابنِ عَباسٍ عن ابنِ عباس رضي الله عنهما:

- أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرّ بامْرَأةٍ وهي في مِحَفّتها فقيل لهل: هذا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ كانَ معها فقالتْ:: ألِهذَا حَجٌّ؟ فقال: نَعَمْ ولكِ أجْرٌ".

ص: 283

743-

(أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم، عن مَالك بنِ مِغْوَل، عن أبي السَّفَرقال:

-قال ابنُ عباس رضي الله عنهما: أيُّهَا الناسُ أَسْمِعُونِي مَا تَقُولُونَ وافْهَمُوا ما أقُولُ لكم: أيُّمَا مَمْلُوكٍ حَجَّ بِهِ أهْلُهُ فماتَ قبلَ أنْ يُعْتَقَ فقد قَضَى حَجَّهُ وإنْ عَتَقَ قبل أنْ يموتَ فَلْيَحُجَّ أيُّمَا غُلامٍ حَجَّ بِهِ أهْلُهُ فماتَ قبلَ أنْ يُدْرِكَ فقد قَضَى حِجَّتَهُ وإنْ بَلَغَ فَلْيَحُجَّ

⦗ص: 284⦘

(هذا الحديث يؤيد ما قررناه وهو أن حج الصبي لا يجزئ عن الفريضة لأنه نافلة فإن مات قبل البلوغ فلا شئ عليه وإن مات بعد البلوغ ولم يكن قد حج فقد مات مقصرا وفي ذمته الحج والذي جاء في الحديث من الزيادة أن العبد كالصبي في هذا الحكم فإن حج في رقه أولم يحج ومات قبل عتقه فلاشيء عليه وإن أعتق ولم يحج ذهب إلى ربه وفي عنقه هذه الفريضة والحديث في حث الصبي والعبد على أداء فريضة الحج بعد البلوغ والعتق وعدم صحة الإعتماد على الحج السابق على البلوغ والعتق لأن النافلة لا تجزئ عن الفرض) .

ص: 283

744-

(أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم، عن إبراهيمَ بنِ يَزِيدَ، عن مُحمد بنِ عَبَّادٍ ابنِ جَعْفَرٍ قال:

-قَعَدْنَا إلى عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ فَسَمِعْتُهُ يقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: ما الحاجُّ؟ فقال: "الشَّعِث التَّفِلُ (ككتف المغبر الشعر المتلبد لعدم تعهده بالنظافة والدهن والشعث أيضا الوسخ الجلد من عدم النظافة والتفل: ككتف أيضا الذي ترك استعمال الطيب فأنتن ريحه والمراد أن ينسى المرء نفسه ويهملها مدة من النظافة ويهينها فترة يذكر فيها ربه ويقهر قيها نفسه تقربا إلى ربه) فقامَ آخرُ فقال يا رسولَ اللَّهِ: أيُّ الحجّ أفضل؟ فقال: العَجّ والثَّجُّ (العج بالفتح رفع الصوت بالتلبية والثج: سيلان دماء الهدى والأضاحي يقال ثجه يثجه ثجا وروى أفضل الحج: العج والثج) فقامَ آخرُ فقال يا رسولَ اللَّهِ: ما السَّبيلُ؟ فقال: "زَادٌ ورَاحِلَةٌ (الزاد ما يتزوده المسافر لأكله والراحلة: الدابة التي يركبها أي أن الحج لا يجب إلا على من قدر على نفقة السفر بنوعيها وإنما سأل السائل عن السبيل في قوله تعالى «وللله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا» فسأل سائل عن معنى السبيل ففسره الرسول صلى الله عليه وسلم بالزاد والراحلة أي نفقة الأكل والركوب) ".

ص: 284

745-

(أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم، عن سُفْيانَ الثَّوْرِيَّ، عن طارقِ ابنِ عَبْدِ الرَّحمنِ عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ أبي أوْفَى صاحِبِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:

-سَألْتُ عن الرجُلِ لم يَحُجَّ أَيَسْتَقْرِضْ للحَجّ؟ قال: «لا

⦗ص: 285⦘

(أي لا يلزمه الإقتراض لأداء الحج وإنما يجب عليه إذا كانت النفقة في يده ولا يلزمه الشارع الاستدانة للحج وكثير من جهالنا يقترضون بالربا ويحجون وهذا خطأ مبين لا يقره عقل ولا دين لأن الفروض شرعت زواجر عن ارتكاب المحرمات فكيف تكون سببا في ارتكابها) » .

ص: 284

746-

(أخبرنا) : مُسْلِمٌ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيْج، عن عَطَاءٍ وطاوسٍ أنهما قالا:

-الحِجَّةُ الواجبةُ من رَأسِ المال (الحجة بكسر الحاء الواجبة أي المفروضة من رأس المال: أي تؤدى من رأس المال إذا تحققت شروط لزوم الحج من الصحة وأمن الطريق ووجود المحرم للمرأة فإذا لم تكن نفقات الحج مدخرة لدى الإنسان وجب عليه أن يحج من رأس ماله بأن يبيع من عقاره أو تجارته ما يفي بنفقات حجه ولا يحل له أن يؤخر الحج بحجة أن نفقات الحج ليست مجتمعة لديه ومعنى هذا: أنه إن مات قبل أداء الحج وفي رأسماله متسع لحجه مات آثما مقصرا وقيد الحجة بالواجبة لأن حجة النافلة وهي الزائدة عن الفرض لا يجب أداؤها من رأس ماله مثل حجة الفرض بل إن شاء أداها من رأس ماله وإن شاء أداها من غلة ماله وإن شاء لم يؤدها) .

ص: 285

747-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن سَعِيدِ بن أبي سعيدٍ المَقْبُرِي، عن أبي هُرَيرةَ:

-عن رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يَحِلُّ لامرأةٍ تُؤمِنُ باللَّهِ واليومِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ إلَاّ مَعَ ذِي مُحْرَمٍ

⦗ص: 286⦘

(قيد السفر في هذه الرواية بمسيرة يوم وليلة وفي الحديث الذي يليه أطلقه زفي مسلم روايات أخرى قيد فيها بيومين أو بيوم أو بليلة أو بثلاثة وغير ذلك وكأنه صلى الله عليه وسلم سئل مرة عن هذا ومرة عن ذاك وثالثة عن الثالث ورابعة عن الرابع وهكذا فقال لا وليس في هذا كله تحديد لأقل ما يقع عليه إسم سفر بل المراد أن كل ما يسمى سفرا تمنع المرأة عنه بغيرزوج أو محرم سواء كان يوما أو أكثر أو أقل لرواية ابن عباس المطلقة التي تقول لا يحل لامرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم وفي رواية: ذو حرمة وهذا معقول لأن الفساد المخشي متحقق في كل سفر والحج واجب على المرأة وجوبه على الرجل غير أنه لا جيب عليها إلا إذا كان لها زوج أو محرم يؤمن معه الفساد وعند الشافعي: لا يتعين هذان بل الواجب هو ما يتحقق به الأمن عليها كأن تحج مع نسوة ثقات فلا يلزمها الحج مع امرأة واحدة ثقة لكن يجوز لها الحج معها وهذا في حجة الفرض أما حجة التطوع وسفر الزيارة والتجارة ونحو ذلك من الأسفار غير الواجبة فقيل يجوز لها الخروج مع نسوة ثقات كحجة الإسلام وقال الجمهور لا يجوز إلا مع زوج أو محرم وهذا هو الصحيح للأحاديث الصحيحة وهذا كله في الشابة وأما الكبيرة غير المشتهاة فقال الباجي تسافر كيف شاءت بلا زوج ولا محرم وسوى غيره بين الشابة والكبيرة لأن المرأة مطموع فيها وإن كانت كبيرة خصوصا في الأسفار التي يجتمع فيها من السقاط والأوغاد من لا يترفع عن التطلع للكبيرة لغلبة الشهوة وبعدهم عن نسائهم وقد قيل لكل ساقطة لاقطة ولا فرق بين محرم ومحرم بل كلهم سواء في جواز السفر سواء كانت المحرمية من جهة النسب أم من جهة القرابة أم الرضاع وكره مالك سفر المرأة مع ابن زوجها لفساد الناس بعد العصر الأول ولأن كثيرا من الناس لا ينفرون من زوجات آبائهم نفورهم من أخواتهم وعماتهم) ".

ص: 285