الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب العاشر في الحج عن الغير (هذا العنوان من وضع مرتب المسند وهو المرحوم الشيخ عابد السندي وغير متوغلة في الإبهام فلا تدخل عليها أداة التعريف لأن دخولها لا يفيد شيئا ولا ينقل غير عن إبهامها اهـ حامد مصطفى)
.
992-
(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ قال سَمِعْتُ الزَّهْري يُحَدِّثُ، عن سُلَيْمانَ ابْنِ يَسَارٍ، عن ابنِ عباسٍ:
-أنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ سَأَلَتْ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالتْ: إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ في الحَجّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أبي شَيخاً كَبيراً لَا يَسْتَطِيعُ أنْ يَسْتَمْسِكَ علىَ رَاحِلَتِهِ، فَهَلْ تَرَى أنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ فقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ» .
قال سُفْيَانُ: هكذا حَفِظْتُهُ مِنَ الزُّهْريِّ (هذا الحديث في مسلم وهو وما بعده إلى آخر الباب في أداء الحج عمن لم يحج لعجز بشيخوخة أو زمانة وذلك لأن الحج عبادة تعبد للَّله بها عبادة كالصلاة والصيام فكل إنسان مكلف مطالب أن يؤديها عن نفسه وكان مقتضى ذلك ألا يؤديها أحد عن غيره كالصلاة والصيام وبهذا قال بعضهم ولكن لما كانت عبادة مالية بدنية وكان إنفاق المال فيها أحد ركنيها كان هناك فرق بينها وبين الصلاة والصيام ووجوبها ليس على الفور عند بعض الأئمة فلهذين ولغيرهما قبلت فيها النيابة ولم تقبل في الصلاة والصيام واللَّه أعلم. وجملة ما يؤخذ من الحديث جواز النيابة في الحج عن العاجز الميؤوس منه بهرم أو زمانة أو موت وأن تكون المرأة نائبة عن الرجل في الحج وعدم سقوط فريضة الحج عمن عجزعن أدائه بنفسه وقدر على أدائه بغيره كولده وهو مذهب الشافعية وجواز حج المرأة بلا محرم إذا أمنت على نفسها وتقدمت آراء الفقهاء في هذه المسألة وفيه فضلا عن هذا كله الإشارة إلى بر الوالدين والقيام بخدمتهما وأداء ما وجب عليها من دين وحج وغيرهما وليس في قولها أن فريضة الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً ما يفيد أن الحج لو وجب على الإنسان قويا ثم تأخر في الأداء لا يؤدي عنه بدليل حديث طاووس الآلي أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: أن أمي ماتت وعليها حج فقال حجي عن أمك فكما تجوز النيابة في الحج للعجز تجوز للموت وإن قضى الميت سنين قادراً على أداء هذه الفريضة وقد أشرنا إلى أن النيابة في الحج مسألة خلافية والجمهور ومنهم الشافعية والحنفية على جواز النيابة في الحج لموت أوعجز وقال مالك ولليث لا نيابة في الحج إلا عمن مات ولم يحج حجة الإسلام وحكى عن النخعي وبعض السلف أنها غير جائزة لا عن ميت ولا عن حي عاجز وهذا مروي عن مالك أيضاً ومذهب الشافعي أن ذلك واجب في تركته وعنده يجوز للعاجز الإنابة في حج التطوع على أصح القولين) وأخبرني عَمْرُو بنُ
⦗ص: 386⦘
دِينارٍ، عن الزُّهْري، عن سُلَيْمانَ ابْنِ يَسَارٍ:
- عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وزَادَ فِيهِ فَقَالَتْ يا رَسُولَ اللَّهِ: فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذلِكَ؟ قال: " نَعَمْ، كَما لَوْ كَان عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِهِ يَنْفَعُهُ (فقضيته هكذا روى بإثبات الياء وهي لغة بعض العرب وهذه الرواية مرسلة لسقوط ابن عباس منها) .
993-
(أخبرنا) : مالكٌ، عن الزَّهْري، عن سُلَيْمانَ ابْنِ يَسَارٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عباسٍ قال:
-كَانَ الفَضْلُ بْنُ العَبَّاسِ رَدِيفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَتْهُ امْرَأةٌ مِنْ خَثْعَمٍ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إليْهاَ وهِيَ تَنْظُرُ إليه فَجَعَلَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إلى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالتْ يا رسول اللَّه: إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ في الحَجّ عَلَى عِبَادِهِ، أَدْرَكَتْ أبي شَيخاً كَبيراً لَا يَسْتَطِيعُ أنْ يَثْبُتَ علىَ الرَاحِلةِ، أفأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ:«نَعَمْ» وذلِكَ فِي حِجَّةِ الوَداَعِ
⦗ص: 387⦘
(يؤخذ من هذا الحديث جواز الإرداف على الدابة إذا كانت مطيقة وسماع صوت المرأة الأجنبية لحاجة كالاستفتاء والبيع والشراء وغيرها وتحريم النظر إلى الأجنبية وإزالة المنكر باليد لمن قدر على ذلك هذا وخثعم كجعفر أبو قبيلة من معد هكذا في القاموس المحيط وفي اللسان خثعم "إسم قبيلة وهو خثعم بن أنمار من اليمن ويقال هم من معد صاروا باليمن اهـ وقوله حجة الوداع بكسر الحاء وفتحها خطأ لأن المرة والهيئة من هذه المادة تكسر كما نبهنا سابقاً) .
994-
(أخبرنا) : مُسْلمُ بْنُ خالدٍ الزِّنْجِيُّ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: قال ابنِ شِهَابٍ حدثني: سُلَيْمانَ ابْنِ يَسَارٍ، عن ابنِ عباسٍ، عن الفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ:
-أنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ قالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أبي قَدْ أدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الحَجِّ، وهُو شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَسْتَطيعُ أنْ يَسْتَوِي عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، قال:«فَحُجِّي عَنْهُ» .
995-
(أخبرنا) : عَمْرُو بْنُ أبي سَلَمَةَ، عن عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مُحمَّدٍ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الحَارِثِ المَخْزُوميِّ، عن زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، عن أبيه، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي رَافِعٍ، عن عَلِيِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه:
-أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "وكُلُّ مِنىً مَنْحَرٌ، ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ قالَتْ: إنَّ أبي شَيْخٌ قَدْ أَفْنَدَ وأدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجّ، ولَا يَسْتَطِيعُ أدَائِهَا، فَهَلْ يُجْزي أنْ أُؤد بها عَنْهُ؟ قال: " نَعَمْ
⦗ص: 388⦘
(ورد هذا الحديث في الأصل مصحفاً ومحرفا فكلمة قال كانت ساقطة منه وكلمة أفند كانت فيه أنفد وزيد فيه كلمة على فحذفناها منه لأنه لامعنى لها ولا وجود لها في النسخة المطبوعة فاستقام الحديث بعد تلا في هذه الأخطاء وفهم معناه واضحا والحمد للله هذا والمنحر بفتح الحاء مكان النحر أي كل مكان في منى صالح لأن تذبح فيه الهدايا وأفند: خرف وأخطأ للكبر) ".
996-
(أخبرنا) : سَعيدُ بْنُ سالمٍ، عن حَنْظَلَة: سَمِعْتُ طاَووساً يَقُولُ:
-أَتَتْ النبيَّ صلى الله عليه وسلم امْرأَةٌ، فَقَالتْ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وعَلَيْها حَجٌّ فَقَالَ: «حُجِّي عَنْ أُمِّكِ» .
997-
(أخبرنا) : الشافعيّ، وذكر أنَّهُ مالكٌ، أَوْ غَيْرُهُ، عن أيُّوبَ، عن ابْنِ سِيرينَ، عن ابنِ عَبَّاسٍ:
-أنَّ رَجُلاً أَتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ يا رسولَ اللَّهِ: إنَّ أُمِّي عجُوزٌ كَبِيرَةٌ، لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرْكَبَ عَلىَ البَعِيرِ وَإنْ رَبَطْتُها خِفْتُ أنْ تَمُوتَ، أفأَحُجُّ عَنْها؟ فقَالَ: رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَعَمْ» .
998-
(أخبرنا) : مالكٌ وغَيْرُهُ، عن أيُّوبَ، عن ابْنِ سِيرينَ:
-أنَّ رَجُلاً جَعَلَ عَلَى نَففْسِهِ ألَاّ يَبْلُغَ أحَدٌ مِنْ وَلَدِه الَّذِي قالَ الشَّيْخُ، وقَدْ كَبِرَ الشَّيْخُ، فَجَاءَ ابْنُهُ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ الخَبَرَ، فَقال: إنَّ أبي قَدْ كَبِرَ، ولَا يَسْتَطِيعُ أنْ يَحُجَّ، أفأَحُجُّ عَنْها؟ فقَالَ: رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَعَمْ» .
999-
(أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابنِ جُرَيْج، عن عَطَاءٍ:
-سَمِعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ فُلانٍ، فَقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إن كُنْتَ حَجَجْتَ فَلَبِّ عَنْهُ، وإلَاّ فَالحَجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ احْجُجْ عَنْهُ
⦗ص: 389⦘
(ما أحسن أدب الرسول وأحكمه فإن من قلة العقل والذوق أن تؤدي واجب غيرك وأنت مهمل هذا الواجب فأحرى بمن يؤدي واجب غيره أن يؤدي واجب نفسه أولا فليس لأحد أن يحج عن غيره إذا كان لم يحج عن نفسه ويضرني في هذا قول الشاعر:
كتاركة بيضها بالعراء * وملحفة بيض أخرى بجناحها
ويؤيده الحديثان الآتيان وفيهما زيادة أن المحجوج له قريب الحاج وقد أفاد أنه لا فرق في هذا الحكم بين القريب والغريب فالواجب أن تؤدي أولا عن نفسك ثم تؤدي عمن شئت بعد ذلك من القرباء والغرباء اهـ) .