المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الأول فيما يفسد الصوم وما لا يفسده - مسند الشافعي - ترتيب السندي - جـ ١

[الشافعي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الإيمان والإسلام

- ‌كتاب العلم

- ‌كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

- ‌كتاب الطهارة وفيه عشرة أبواب

- ‌الباب الأول في المياه

- ‌الباب الثاني في الأنجاسْ وتطهيرها

- ‌الباب الثالث في الآنية والدباغة

- ‌الباب الرابع في آداب الخلاء

- ‌الباب الخامس في صفة الوضوء

- ‌الباب السادس في نواقض الوضوء

- ‌الباب السابع في أحكام الغسل

- ‌الباب الثامن في المسح على الخفين

- ‌الباب التاسع في التيمم

- ‌كتاب الصلاة وفيه ثلاثة وعشرون بابا

- ‌الباب الأول في مواقيت الصلاة

- ‌الباب الثاني في الأذان

- ‌الباب الثالث في شروط الصلاة

- ‌الباب الرابع في المساجد

- ‌الباب الخامس في سترة المصلي

- ‌الباب السادس في صفة الصلاة

- ‌الباب السابع في الجماعة وأحكام الإمامة

- ‌الباب الثامن فيما يمنع فعله في الصلاة وما يباح فيها

- ‌الباب التاسع في سُجود السّهْو

- ‌الباب العاشر في سجود التلاوة

- ‌الباب الحادي عشر في صلاة الجمعة

- ‌الباب الثاني عشر في صلاة العيدين

- ‌الباب الثالث عشر في الأضاحي

- ‌الباب الرابع عشر في صلاة الكسوف

- ‌الباب الخامس عشر في صلاة الاستسقاء

- ‌الباب السادس عشر في الدعاء

- ‌الباب السابع عشر في صلاة الخوف

- ‌الباب الثامن عشر في صَلاة المسافِرْ

- ‌الباب التاسع عشر في التهجد (التهجد السهر والنوم فهو من الأضداد في اللغة وتهجد القوم استيقظوا للصلاة أو غيرها وفي القرآن «ومن الليل فتهجد به نافلة لك» والمتهجد: القائم من النوم إلى الصلاة وكأنه قيل له متهجد لإ لقائه الحنث عن نفسه)

- ‌الباب العشرون في الوتر (الوتر بالكسر والفتح الفرد وروى أصحاب السنن بسند حسن عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا أهل القرآن أوتروا فإن اللَّه وتر يحب الوتر» انتهى وأهل القرآن أمته وأوتروا: صلوا الوتر وقوله فإن اللَّه وتر أي واحد في ذاته وصفاته وأفعاله يحب الوتر أي الفرد وقال صلى الله عليه وسلم: "الوتر حق على كل مسلم فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن شاء أوتر بواحدة وهما يدلان على وجوب الوتر بظاهرهما وهو مذهب الحنفية فإن قيل: ألا تعارض هذه الأحاديث الداعية إلى الوتر حديث «صلاة الليل مثنى مثنى» قلت: لا تعارض لأن التوفيق ممكن بينهما فإن في إمكان المسلم أن يصلي في ليله ما شاء من النوافل ثنتين ثنتين ثم إذا أراد أن ينصرف لنومه صلى واحدة وبذا يكون موترا وعاملا بالأحاديث كلها ولذا روى الأربعة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» أي أختموا صلاة الليل بالوتر وعن ابن عمر أيضا: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت رواه الخمسة)

- ‌الباب الحادي والعشرون في قضاء الفوائت

- ‌الباب الثاني والعشرون في صلاة المريض

- ‌الباب الثالث والعشرون في صلاة الجنائز وأحكامها

- ‌كتاب الزكاة وفيه خمسة أبواب

- ‌الباب الأول في الأمر بها والتهديد على تركها وعلى من تجب وفيم تجب

- ‌الباب الثاني فيما يجب أخذه من رب المال من الزكاة وما لا ينبغي أن يؤخذ

- ‌الباب الثالث فيمن تحل له الزكاة وما جاء في العامل

- ‌الباب الرابع في الركاز والمعادن (الركاز ككتاب عند الحجازيين كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض وعند أهل العراق المعادن واللغة تحتملهما لأن كلاً منهما مركوز وثابت في الأرض وإنما وجب فيه الخمس لبيت المال لكثرة نفعه وسهولة أخذه وعلى ذلك فمن وجد معدنا في أرضه كالتبر والفضة والفحم والحديد ففيه عند الحنفية الخمس لبيت المال والباقي لصاحب الأرض وعند الحجازيين ليست بركاز وزكاتها كزكاة المال أي فيها ربع العشر إذا بلغت مائتي درهم أو عشرين مثقالا وروى الأزهري عن الشافعي أنه قال: الذي لا أشك فيه أن الركاز دفين الجاهلية)

- ‌الباب الخامس في صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم وفيه خمسة أبواب

- ‌الباب الأول فيما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌الباب الثاني فيما جاء في صوم التطوع

- ‌الباب الثالث فيما جاء في صوم المسافر

- ‌الباب الرابع في أحكام متفرقة في الصوم

- ‌الباب الخامس في الإعتكاف

- ‌كتاب الحج وفيه اثنا عشر باباً

- ‌الباب الأول فيما جاء في فرض الحج وشروطه

- ‌الباب الثاني في مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية

- ‌الباب الثالث في فضل مكة

- ‌الباب الرابع فيما يلزم المحرم عند تلبسه بالإحرام

- ‌الباب الخامس فيما يباح للمحرم وما يحرم وما يترتب على ارتكابه من المحرمات من الجنايات

- ‌الباب السادس فيما يلزم الحاج بعد دخول مكة إلى فراغه من مناسكه (المناسك: جمع منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد ويطلق على المصدر والزمان والمكان ثم سميت أمور الحج كلها مناسك والمنسك: المذبح والنسيكة الذبيحة والنسك الطاعة والقيادة وكل ما تقرب به إلى اللَّه)

- ‌الباب السابع في الإفراد والقران والتمتع

- ‌الباب الثامن فيما جاء في العمرة

- ‌الباب التاسع في أحكام المحصر ومن فاته الحج

- ‌الباب العاشر في الحج عن الغير (هذا العنوان من وضع مرتب المسند وهو المرحوم الشيخ عابد السندي وغير متوغلة في الإبهام فلا تدخل عليها أداة التعريف لأن دخولها لا يفيد شيئا ولا ينقل غير عن إبهامها اهـ حامد مصطفى)

- ‌الباب الحادي عشر في مسائل متفرقة من كتاب الحج

- ‌الباب الثاني عشر في فضل المدينة وما جاء فيها

الفصل: ‌الباب الأول فيما يفسد الصوم وما لا يفسده

‌كتاب الصوم وفيه خمسة أبواب

ص: 255

‌الباب الأول فيما يفسد الصوم وما لا يفسده

ص: 255

685-

(أخبرنا) : عَبْدُ الوهَّاب، عن خالدٍ الحَذَّاء، عن أبي قِلَابَةَ، عن أبي الأشْعَثِ، عن شَدَّادِ بن أوْسٍ قال:

-كنا مع رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زمانَ الفتح فرأى رَجلاً يحتجمُ لثمانَ عَشْرَةَ خلت من رمضان فقال: وهو آخذٌ بيدي: "أفطَرَ الحاجِمُ وَالمحجومُ (حجمه يحجمه من بابي ضرب ونصر حجما: مصه فهو حاجم وذاك محجوم والحجم: المص والحجام المصاص والمحجم والمحجمة بكسرهما ما يحجم به ومعنى أفطر الحاجم والمحجوم: تعرضا للإفطار أما المحجوم فلضعفه بخروج دمه فربما أعجزه ذلك عن الصوم وأما الحاجم فلأنه لا يأمن أن يصل إلى حلقه شئ من الدم فيبلعه وقيل هذا على سبيل الدعاء عليهما أي بطل أجرهما فكأنهما صارا مفطرين وهذان المعنيان يفيدان كراهة الحجامة في الصيام للحاجم والمحجوم وبهذا صرف لفظ الحديث عن ظاهره وبه أخذ الجمهور ومنهم الحنفية والمالكية والشافعية فلا يفطر الحاجم ولا المحجوم عندهم وإنما يكره لهما ذلك لضعف المحجوم وتعرض الحاجم للفطر وبعضهم أخذ بظاهره ولم يؤوله فقال إنهما يقضيان صومهما ومنهم أحمد وإسحاق وبعض الصحابة والتابعين وعمدة الجمهور في هذا على حديث ابن عباس الذي يلي هذا وهو أن مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم احتجم محرما صائما وحديث ابن عمر بعده وحديث أنس بالبخاري) .

ص: 255

686-

(أخبرنا) : سُفيانُ، عن يَزِيدَ بنِ أبي زيادٍ، عن مَقْسِم، عن ابن عباس:

-أنَّ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ مُحْرِماً صائماً.

ص: 255

687-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابن عُمَرَ:

-أنه كان يَحْتَجِمُ وَهُو صائمٌ ثم تَرك ذلك (لأنه رآه يضعفه عن الصوم وهو مؤيد لرأي الجمهور لحديث ابن عباس السابق) .

قال الشافعي رضي الله عنه: ومن تَقَيَّأَ وهو صائمٌ وجَبَ عليهِ القضاءُ ومن ذَرَعَهُ القئُ فلا قَضَاءَ عليه (تقيأ أي تكلف القيء وجب عليه قضاء يومه ومن ذرعه القيء أي سبقه وغلبه فلا قضاء عليه لأن ذلك لم يكن باختياره وعلى هذا جمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة غير أن الحنفية شرطوا في الإفطار أن تكون المادة الخارجة ملء الفم وشذ ابن مسعود وعكرمة وربيعة فقالوا: لا يفسد الصوم بالقيء مطلقا ما لم يرجع منه شئ باختياره ولعلهم استدلوا بما رواه البخاري موقوفا «الفطر مما دخل وليس مما خرج» ) وبهذا الإسناد قال: أخبرنا: مالكٌ عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ.

ص: 256

688-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن هِشَام بن عُرْوَةَ، عن أبيه عن عائشة: أنها قالت:

-إن كان رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُقَبِّلَ أزْوَاجَه وهُو صائمٌ ثمَّ تَضْحَكُ (سيأتي قريبا أن ابن عباس سئل عن القبلة للصائم فأرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب ويفهم من هذا أن المدار على ضبط النفس والقدرة على كبحها فهذا ميسور للشيخ دون الشاب الذي تغلب عليه شهوته لحدتها فيوشك أن يخسر صيامه إذا ما قبل وأما مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكان أملك الناس لأربه وأقدرهم على ضبط نفسه لهذا ثبت أنه كان يقبل زوجاته وهو صائم) .

ص: 256

689-

(أخبرنا) : مالكُ بنُ أنَسٍ عن زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ:

-أنَّ رَجُلاً قَبَّلَ امرأتَهُ وهُو صائِمٌ فَوَجَدَ (وجد هنا بمعنى حزن وفيها لغات فتح عينها والكسر والضم كما في التاج) من ذلك وَجْداً شَدِيداً

⦗ص: 257⦘

فأرْسَلَ امْرَأتَهُ تَسْألُ عن ذلكَ فَدَخَلَتْ على أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ المؤمنينَ فَأَخْبَرَتْها فقالتْ أُمِّ سَلَمَةَ إنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلَ وهُو صائمٌ فَرَجَعَتِ المرأةُ إلى زَوْجِها فَأَخْبَرَتْه فَزَادَه ذلك شَرًّا وقال: لَسْنَا مِثْلَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُحِلُّ اللَّهُ تعالى لرسوله ما شاء فَرَجَعَتِ المرأةُ إلى أُمِّ سَلَمَةَ فَوَجَدَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهَا فقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ما بالُ هذِهِ المرأةِ؟ فَأَخْبَرَتْه أُمِّ سَلَمَةَ فقال: ألَا أُخبرتها (ألا بالتخفيف أو التشديد للتحضيض) أنِّي أفْعَلُ ذلكَ قَالتْ أُمِّ سَلَمَةَ قَدْ أُخْبَرْتُها فَذَهَبَتْ إلى زَوْجِها فَأَخْبَرَتْه فَزَادَه ذلك شَرًّا وقال: لَسْنَا مِثْلَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُحِلُّ اللَّهُ تعالى لرسوله ما شاء فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقَالَ: واللَّهِ إنِّي لأَتْقاكُمْ للَّلهِ وأعْلمُكمْ بِحُدُودِه".

ص: 256

690-

(أخبرنا) : مالكُ بنُ أنَسٍ، عن زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ:

-أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما سُئِلَ عن القُبْلَةِ للصائِم فَأرْخَصَ فيها للشيخ وكرهها للشَّاب

⦗ص: 258⦘

(الرخصة التسهيل في الأمر والتيسير يقال رخص لنا الشارع في ذكا ترخيصاً وأرخص لنا فيه إرخاصاً إذا يسره وسهله وحكمة التفرقة في التقبيل بين الشيخ والشاب واضحة وفي نهاية ابن الأثير أنه كان يقبل ويباشر وهو صائم أراد بالمباشرة الملامسة وأصله من لمس الرجل بشرة المرأة وقد جاز ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأنه كما قالت عائشة كان أملككم لأربه وأما غيره فهيهات أن يملك من أمر نفسه ما يملك الرسول لذلك قالوا بالكراهة أن أمن الوقوع في المحرم فإن علمه أو ظنه أو شك فيه حرمت المباشرة وبه قال مالك والشافعي وأحمد وقال الحنفية أن أمن المحرم وهو الجماع أو الإنزال فلا كراهة في المباشرة وإلا كرهت وأخذ الجمهور بالأحوط) .

ص: 257

691-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ الرحمنِ بنِ مَعْمَرٍ الأَنْصَارِيِّ، عن أبي يُونسَ مولى عائشة أُمِّ المؤمنينَ، عن عائشةَ:

-أنَّ رَجُلاً قالَ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهُو واقفٌ على البابِ وأناَ أسْمَعُ يا رَسُولَ اللَّهِ: إنِّي أُصْبِحُ جُنُباً وأنَا أُرِيدُ الصّومَ فاغتسلُ وأصومُ ذلكَ اليوم فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وأنا أُصْبِحُ جُنُباً وأنَا أُرِيدُ الصّومَ فاغتسلُ وأصومُ ذلكَ اليومَ (فهم من الحديث وما بعده أن الجنابة لا تضر الصوم ولا تنافيه سواء أكانت من جماع أم من احتلام فإذا جامع الصائم ليلا وظل على جنابته نهارا فلا يفسد صومه وكذلك إذا احتلم وهو صائم أما إذا أنزل بالاستمناء أو بتعمد النظر فإنه يفطر وهو مذهب الجمهور سلفا وخلفاً وفهم منه أن التطهر من الجنابة مطلوب وإن كانت لا تنافي الصوم) » .

ص: 258

692-

(أخبرنا) :) : مالكٌ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ الرحمنِ بنِ مَعْمَرٍ الأَنْصَارِيِّ عن أبي يُونسَ مولى عائشة أُمِّ المؤمنينَ، عن عائشةَ:

-أنَّ رَجُلاً قالَ للنبيّ صلى الله عليه وسلم وهي تَسْمَعُ إنِّي أُصْبِحُ جُنُباً وأنَا أُرِيدُ الصيامَ فقالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم وأنا أُصْبِحُ جُنُباً وأنَا أُرِيدُ الصيامَ فأغْتَسِلُ ثم أصومُ ذلكَ اليومَ فقال الرجلُ: إنكَ لَسْتَ مِثْلَنا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تقدم من ذنبكَ وما تَأَخَّرَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقَالَ: واللَّهِ إنِّي لأَرْجُوا أن أكونَ أخْشَاكُمْ لِلَّلهِ وأعْلَمكُمْ بما أَتَّقِي".

ص: 258

693-

(أخبرنا) : سُفيانُ أخبرنا: سُمى مولى أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث عن عائشةَ أنها قالت:

-كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُدْرِكه الصُّبْحُ وهُو جُنُبٌ فَيَغْتَسِلُ ويَصُومُ يَومَهُ.

ص: 259

694-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن سُمى مولى أبي بكر أنه سَمِعَ أبا بكر بنَ عَبْدِ الرحمنِ يقُولُ:

-كُنْتُ أنا وأبي عند مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ وهُو أميرُ المدينةِ فَذَكَرَ له أنَّ أبا هُرَيرَةَ رضي الله عنه يقُولُ: منْ أصْبَحَ جُنُباً أفطَرَ ذلكَ اليومَ فقالَ مَرْوَانَ أقسمْتُ عَليكَ يا عَبْد الرحمنِ لَتَذْهَبَنَّ إلى أُمِّي المؤنينَ عائشةَ وأُمِّ سَلَمَةَ فَلَتَسْأَلَنَّهُما عن ذلك فقال أبو بكر: فذهب عبدُ الرحمن: وذهبتُ معهُ حتى دخلنا على عائشةَ رضي الله عنها فَسَلَّمَ عليها عَبْدُ الرحمن فقال: يا أُمَّ المؤمنينَ إنَّا كُنّا عند مَرْوَانَ فَذُكِرَ له أنَّ أبا هُرَيرَةَ قال: منْ أصْبَحَ جُنُباً أفطَرَ ذلكَ اليومَ فقالَتْ عائشةُ: لَيْسَ كما قال أبو هُرَيرَةَ يا عبد الرحمن: أتَرْغَبُ عَما كان رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ؟ قال عبدُ الرحمن: لا واللَّهِ يا عائشةُ فقالت عائشةُ فَأَشْهَدُ على رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنْ كان لَيُصْبح جُنُباً من جِماع غَيْرَ احْتلامٍ ثُمَّ يَصُومُ ذلكَ اليومَ قال: ثمَّ خَرَجْنا حتى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها فسألها عن ذلك فقالتْ أُمِّ سَلَمَةَ مثلَ ما قالتْ عائشةُ فخَرَجْنا حتى جِئْنَا مَرْوانَ فقال ما قالتا؟ فأخبَرهُ فقال مَرْوَانُ أقسمْتُ عَليكَ يا أبا أحمد لَتَرْكبَنَّ دابَّتِي فَلَتَأْتِيَنَّ أبا هُرَيرَةَ فَلَتُخْبِرَنَّهُ بذلك

⦗ص: 260⦘

فَرَكِبَ عَبْدُ الرَّحْمن ورَكِبْتُ مَعَهُ حتى أتَيْنَا أبا هُرَيرَةَ فَتَحَدَّثَ معهُ عَبْدُ الرَّحْمن ساعةً ثمَّ ذكَرَ لهُ ذلك فقال أبو هُرَيرَةَ: لا عِلْمَ لي بذلكَ إنما أخْبَرَنيه مُخْبر (المخبر الذي أخبره بقوله من أدركه الفجر جنبا فلا يصم وفي رواية أفطر هو الفضل ابن عباس قال أبو هريرة: سمعت ذلك من الفضل ولم أسمعه من النبيُّ صلى الله عليه وسلم وفي رواية أخرى أسامة بن زيد ويحمل على أنه سمعه منهما وفي مسلم فقال أبو هريرة: أهما (عائشة وأم سلمة) قالتاه لك؟ يخاطب عبد الرحمن قال نعم قال: هما أعلم قال: فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك وقد أجمع علماء الأمصار على صحة صوم الجنب سواء أكان من احتلام أم من جماع وإنما رجع أبو هريرة عما رواه لأنه رأى أن حديث عائشة وأم سلمة أولى بالإعتماد لأنهما أعلم بمثل هذا من غيرهما ولأنه موافق لقوله تعالى (فالآن باشروهن) الآية فقد أجازت الجماع إلى طلوع الفجر وهذا يستلزم أن يصبح جنبا ويصح صومه وأما الحديث الذي رواه مخالفاً لذلك فيمكن حمله على من أدركه الفجر مجامعا فاستمر في جماعه فإنه يفطر أو نقول إنه إرشاد إلى الأفضل وإنما تركه الرسول أحيانا للبيان والتعليم كما ترك الطواف ماشيا وطاف راكبا في بعض الأحيان مع أنه خلاف الأفضل لكن البيان يجعله أفضل وقد قيل أن حديث أبي هريرة كان في أول الإسلام حين كان الجماع محرما في الليل بعد النوم كالطعام والشراب ثم نسخ ذلك ولم يعلمه أبو هريرة فكان يفتي به حتى بلغه الناسخ فرجع إليه) .

ص: 259

695-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن حُمَيْدٍ بنِ عَبْدِ الرَّحمنِ، عن أبي هُرَيرَةَ:

-أنَّ رَجُلاً أفطَرَ فِي شَهرِ رَمضانَ (أفطر في رمضان أي عامداً بجماع كما فسره الإمام الشافعي عقب هذا الحديث) فأمَرَهُ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعِتْقِ رَقَبَةٍ (أمره الرسول بعتق رقبة أي بتحريرها من الرق وذلك بأن يعتقها إن كانت مملوكة أو بعد أن يشتريها ومن هذا وأمثاله تتجلى رغبة الدين الإسلامي قوية في مناهضة الرق والعمل على تحرير الأرقاء فقد شرع في كفارات كثيرة وحث عليه القرآن بقوله (العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة) هذا وربما قيل لماذا عبر بالعتق والمقام يقتضي الإعتاق الذي هو فعل المفطر أما العتق فأثر الأعتاق وهو قائم بالمعتق أي المحرر والجواب أنه يقال أعتق العبد عتقا فأقاموا مصدر الثلاثي مقام مصدر الرباعي كما قالوا أعطى عطاء ولم أر منهم من صرح بمصدر الرباعي وهو الإعتاق والعتق بالكسر والفتح والعتاق والعتاقة بفتحهما مصدر عتق العبد من باب ضرب أي صار حرا وقيل العتق بالفتح مصدر وبالكسر إسم) أو صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أو إطْعَامِ

⦗ص: 261⦘

سِتِّينَ مِسْكِيناً فقالَ: إني لا أجِدُ فَأُتِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقِ تَمْرٍ فقال: خُذْ هذا فَتَصَدَّقْ به فقال يا رسولَ اللَّهِ: ما أحَدٌ أحْوَجَ مِنِّي فَضَحِكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى بدَتْ ثناياهُ ثم قال: «كُلْهُ» (العرق بفتحتين القفة والثنايا الأضراس الأربع التي في مقدم الفم ثنتان فوق ثنتان تحت وفي هذا الحديث إجمال في قوله فأمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا فقال إلى لا أجد لآن عدم الوجود إنما يصلح في العتق والإطعام دون الصيام وقد جاءت رواية مسلم أوضح وأتم فإنه قال هل تجد ما تعتق رقبة قال لا قال فهل تستطيع أن صوم شهرين متتابعين قال لا قال فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا قال لا إلخ ومذهب الشافعي والعلماء كافة وجوب الكفارة على من جامع عامدا في نهار رمضان وهي عتق رقبة فإن عجز فإطعام ستين مسكينا كل مسكين مد من طعام فإن عجز فهناك قولان للشافعي أحدهما لا شئ عليه وإن قدر بعد ذلك وحجته أن الرسول لم يقل له أن الكفارة باقية في ذمته بل أذن له في إطعام عياله والآخر وهو الصحيح عند الشافعية أن الكفارة باقية في ذمته حتى يمكنه أداؤها كغيرها من الديون وليس في الحديث ما ينافي ذلك بل فيه ما يدل عليه وهو أنه أمره بعد إعطائه التمر بإخراجه في الكفارة فلو كانت تسقط بالعجز ما أمره بإخراجها وإنما أذن له في أكله لشدة فاقته وإنقاذ أولاده ووجوبها على التراخي) ".

قال الشافعي رضي الله عنه وكان فطره بِجِمَاع.

ص: 260

696-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ، عن سَعِيدِ بن المُسَيَّبِ قال:

-أتَى أعْرَابِيٌّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يَنْتِفُ شَعْرَهُ ويضرب نحره

⦗ص: 262⦘

ويقولُ: هَلَكَ الأبْعَدُ (الأبعد المتباعد عن الخير والعصمة والأبعد: الخائن) فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «وما ذاك؟» قال: جامَعْتُ أهْلي في رمَضَانَ وَأنا صاَئِمٌ فقال رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هل تَسْتَطيعُ أنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً؟ قال: لا قال فهل تَسْتَطيعُ أنْ تُهْدِيَ بَدَنَةً؟ (البدنة تطلق على الجمل والناقة والبقرة وهي بالإبل أشبه وسميت بدنة لعظمها وسمنها ولم يرد إهداء البدنة في مسلم وحكى عن الحسن أن الصائم مخير بين عتق رقبة ونحر بدنة أخذا بهذا الحديث قال ابن الأثير في شافي العي ولا قائل بذلك) قال: لا قالَ: «فاجْلِسْ» قال: فَأُتِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقِ تَمْرٍ فقال: «خُذْ هذا فَتَصَدَّقْ به» قال: ما أحَدٌ أحْوَجَ مِنِّي قال: «فَكُلْهُ وصُمْ يوماً مَكَانَ مَا أصبْتَ» قال عَطَاءٌ: فسألتُ سَعِيداً؟ كم في ذلك العَرَق قال: ما بين خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً إلى عشرين.

ص: 261