الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني فيما جاء في صوم التطوع
697-
(أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، أنه سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بن أبي يزيد يقول سمعتُ ابنَ عَباس يقولُ:
-ما عَلِمْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم صامَ يَوْماً يَتَحَرَّى صِيَامَه (التحري القصد والإجتهاد في الطلب أي أنه صلى الله عليه وسلم كان أكثر قصداً لصوم هذا اليوم وأقل ما يفيده ذلك استحباب صومه وسيأتي لهذا الكلام مزيد بيان) على الأيام إلا هذا اليومَ يعني: يَوْمَ عَاشُورَاءَ.
698-
(أخبرنا) : ابنُ أبي فُدَيْكٍ عن ابن أبي ذِئْبٍ عن الزُّهْري عن
⦗ص: 263⦘
عُرْوَة عن عائشة رضي الله عنها قالت:
-كانَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ عاشوراء (قال ابن الأثير: عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم وقيل: هو التاسع وفي القاموس والعاشوراء والعشوراء يقصران والعاشور: عاشر المحرم أو تاسعه وفي اللسان: وعاشوراء وعشوراء ممدودان: اليوم العاشر من المحرم وقيل التاسع وهو مذهب ابن عباس: فعاشوراء عنده تاسع المحرم وبه أخذ بعض العلماء والمشهور من أقاويل العلماء سلفهم وخلفهم أن عاشوراء عاشر المحرم وتاسوعاء تاسعه لأنه صلى الله عليه وسلم صام عاشوراء فقيل له أن اليهود والنصارى تعظمه فقال: فإذا كان العام المقبل صمنا التاسع فإنه يدل على أنه كان يصوم ما صامه وقيل أراد ترك العاشر وصوم التاسع وحده لمخالفة أهل الكتاب وفيه نظر لقوله عليه الصلاة والسلام «صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود صومواقبله يوما وبعده يوما» ومعناه صوموا معه يوما قبله أو بعده حتى تخرجوا عن التشبه باليهود في إفراد العاشر واختلف هل كان صومه واجبا ونسخ بصوم رمضان أو لم يكن واجبا قط واتفقوا على أن صومه سنة اهـ فيومي في مصباحه أقول والقول بأن عاشوراء هو عاشر المحرم هو الموافق للإشتقاق ويؤيده عدة أحاديث في مسلم وغيره وعليه الجمهور والأئمة الأربعة وإن كان يرى أحمد والشافعي صوم التاسع مع العاشر لأن النبي صلى الله عليه وسلم نوى صومهما معا إن عاش ألا ترى إلى قوله: لئن سلمت إلى قابل لأصومن التاسع أي مع العاشر وفي رواية لئن بقيت إلخ) ويَأمُرُ بِصِيَامِهِ.
699-
(أخبرنا) : مالكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
-كان يومُ عاشوراءَ يوماً تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجاهليةِ وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ في الجاهليةِ فلما قَدِمَ النبي صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ صَامَهُ وأمَرَ بِصِيَامِهِ (ظاهر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتابع قومه في صوم هذا اليوم قبل النبوة فلما هاجر إلى المدينة أمرهم بصومه فلما فرض اللَّه صيام رمضان صار هو الفرض فخيرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بين صوم يوم عاشوراء وفطره بعد ذلك ثم حثهم بعد ذلك على صومه فصار صومه سنة بتلك الأحاديث الواردة في غير كتابنا ففهمنا أن صوم هذا اليوم كان فرضا ثم خيروا فيه فترة ثم ندبوا إلى صيامه) فلما فُرِضَ رَمَضَانُ كانَ هُوَ الفَرِيضة
⦗ص: 264⦘
وتَرَكَ يَوْمَ عاشوراءَ فَمَن شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهْ (لو كان الأمر مقصورا على هذا الحديث لما كان صوم هذا اليوم سنة باتفاق ولكن وردت أحاديث تحث على صومه كقوله «صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود» وقوله «لئن سلمت إلى قابل لأصومن التاسع وفي رواية تاسوعاء» ) .
700-
(أخبرنا) : يَحْيَ بنُ حَسّانَ، عن اللّيْثِ يَعني ابنَ سَعْدٍ، عن نافع عن ابن عُمَرَ قال:
-ذُكِرَ عِنْدَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَوْمُ عاشُورَاءَ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم "كانَ يَوْماً تَصُومُهُ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ فَمَنْ أحَبَّ منكم أنْ يَصُومَهُ فَليَصُمْهُ ومن كرِهَهُ فَلْيَدَعْهُ.
701-
(أخبرنا) : سُفيانُ، عن الزُّهْري، عن حُمَيْدِ بنِ عبد الرَّحمن قالَ:
-سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بنَ أبي سفيان يَوْمَ عاشُورَاءَ وهو عَلَى المِنْبَرِ مِنْبَرِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وقد أخرج من كُمِّهِ قُصَّةً من (في المصباح القصة بالضم: الطرة وهي هنا الطائفة من الشعر التي تستعيرها المرأة لتزيد بها شعرها وتتحلى بها وهذه المرأة تسمى الواصلة وقد نهى الرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن هذا العمل فقال لعن اللَّه الواصلة والمستوصلة وقد أخذت الغيرة الدينية معاوية حين شاهد النساء يعمدن إلى هذه الخلة وخشي أن يفتن الشبان ويصرفن الرجال بها عن الجد إلى الهذيان فحذرهم عواقبها وذكرهم بما أصاب بني إسرائيل من نتائجها فليت شعري ما هو قائل لو بعث الآن ورأى ما صارت إليه نساؤنا من تبرج واضح وتهتك فاضح حتى النساء بل بعض الفتيات شبه عاريات يمشين متكسرات ويجلسن مدخنات بل يشربن الخمور ويراقصن غير البعول) شَعْر يَقُولُ: أيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ أهْلَ المدِينةِ لَقَدْ سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عن مثل هذه ويقولُ: «إنما هَلَكَ بَنُو إسرائيلَ حِينَ اتَّخَذَتها
⦗ص: 265⦘
نساؤُهُمْ» ثم قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم في مثل هذا اليوم يَقُولُ: «إنِّي صائمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ» .
702-
(أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن حُمَيْدِ بنِ عبد الرَّحمن:
- أنه سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بنَ أبي سفيان عامَ حَجَّ وهو عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «هذا اليوم هذا يومُ عاشوراءَ لم يَكْتُبِ اللَّهُ عليكم صِيامَه وأنا صائمٌ فَمَنْ شَاءَ منكم فَلْيَصُمْ ومن شاءَ فَلْيُفْطِرْ» .
703-
(أخبرنا) : مالكٌ، عن يَحْيَ بنِ سَعِيدٍ، عن أبي سَلمَة أنه سَمِعَ عائشةَ تقُولُ:
-إنْ كانَ لَيَكُونُ عَلَيَّ الصَّومُ من رمضانَ فَمَا أَسْتطيع أن أصُومَه حتى يأتِيَ شَعْبَانُ (ويفهم من الحديث أن قضاء الصوم لا يجب على الفور إذا فات الإنسان لعذر وهو مذهب أحمد والشافعي ومالك وأبي حنيفة وجماهير السلف والخلف لكن قالوا لا يجوز تأخيره عن شعبان الذي يليه وخالفهم داود فقال: يجب المبادرة بقضائه وهو محجوج بهذا الحديث لكنهم متفقون على أن يكون صادق العزم على قضائه وإلا حنث بالتأخير وهذا كله في القادر على القضاء أما العاجز فعذره في التأخير مقبول) .
704-
(أخبرنا) : الدَّارَاوَرْدِي، عن يَزِيدَ بنِ الهاد، عن عَبْدِ اللَّه بن أبي سَلَمَةَ، عن عمْرِوبنِ سُلَيْم الرَّقى، عن أُمِّهِ قالت:
-بَيْنَمَا نَحُنُ بِمِنًى وإذا عليّ بن أبي طالب عَلَى جَمل يَقُولُ: إنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ هَذِهِ أيَّامُ (يريد بهذه الأيام أيام التشريق وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر سميت بذلك لتشريق الناس لحوم الأضاحي فيها أي تقديرها بنشرها في الشمسوفي مسلم قال رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم» أيام التشريق أيام أكل وشرب وفي رواية أيام منى"وفيه دليل على أنه لا يصح صومها بحال وهو أظهر القولين في مذهب الشافعي وبه قال أبو حنيفة) فلا يَصُومَنَّ أحَدٌ فاتَّبَعَ النَّاسَ وهُو
⦗ص: 266⦘
عَلَى جَمَلٍ يَصْرُخُ فيهم بذلك.
705-
(أخبرنا) : مُسْلِمُ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن ابنِ شِهابٍ:
- الحديث الذي رويته عن حَفْصَةَ وعائشةَ أنَّهما أصْبَحَتَا صائمتينِ فأُهْدِيَ لهما شئٌ فَأَفْطَرَتَا فَذَكَرتا ذلكَ للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «صُومَا يَوْماً مكانه» (أي لا بأس عليكما في الإفطار ولكن صوما يوما آخر بدله عن طريق الندب لا الإيجاب فان للبدل حكم الأصل وقد كان مندوبا فكذلك ما قام مقامه وأفاد الحديث أن للصائم متطوعا الفطر وإن كان يندب إعادة هذا اليوم وعلى هذا جمهور العلماء من السلف والخلف ومنهم الشافعي وأحمد وقال بعضهم يجب القضاء لأن من شرع في نفل فأفسده وجب عليه قضاؤه لوجوبه بالشروع فيه ولقوله تعالى (ولا تبطلوا أعمالكم) قال الجمهور: الإبطال المنهي عنه ما كان سببه الرياء) قال ابنُ جَرَيْج: فقلتُ له أسَمِعْتَهُ من عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ؟ فقال: لا إنما أخبرنيه رجُلٌ ببابِ عَبْدِ الملك بنِ مَرْوانَ أو رجُلٌ من جُلَساءِ عَبْدِ الملك بنِ مَرْوانَ.
706-
(أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن طَلْحَةَ بن يَحْيَ بن طَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللَّهِ، عن عَمَّتِه عائشةَ بنتِ طَلْحَةَ، عن عائشة أُمِّ المؤمنين رضي الله عنها قالت:
-دخل عَلَيَّ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلتُ: إنَّا خَبَّأْنا لك حَيْساً (الحيس تمر ينزع نواه ويدق مع أقط ويعجنان بالسمن ثم يدلك باليد حتى يبقى كالثريد وربما جعل معه سويق والحديث وما بعده كالذي قبلهما في جواز إفطار الصائم تطوعا) فقال: «أمَا إنّي كنتُ أُرِيدُ الصَّومَ ولكن قَرِّبيه» .