المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الرابع في أحكام متفرقة في الصوم - مسند الشافعي - ترتيب السندي - جـ ١

[الشافعي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الإيمان والإسلام

- ‌كتاب العلم

- ‌كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

- ‌كتاب الطهارة وفيه عشرة أبواب

- ‌الباب الأول في المياه

- ‌الباب الثاني في الأنجاسْ وتطهيرها

- ‌الباب الثالث في الآنية والدباغة

- ‌الباب الرابع في آداب الخلاء

- ‌الباب الخامس في صفة الوضوء

- ‌الباب السادس في نواقض الوضوء

- ‌الباب السابع في أحكام الغسل

- ‌الباب الثامن في المسح على الخفين

- ‌الباب التاسع في التيمم

- ‌كتاب الصلاة وفيه ثلاثة وعشرون بابا

- ‌الباب الأول في مواقيت الصلاة

- ‌الباب الثاني في الأذان

- ‌الباب الثالث في شروط الصلاة

- ‌الباب الرابع في المساجد

- ‌الباب الخامس في سترة المصلي

- ‌الباب السادس في صفة الصلاة

- ‌الباب السابع في الجماعة وأحكام الإمامة

- ‌الباب الثامن فيما يمنع فعله في الصلاة وما يباح فيها

- ‌الباب التاسع في سُجود السّهْو

- ‌الباب العاشر في سجود التلاوة

- ‌الباب الحادي عشر في صلاة الجمعة

- ‌الباب الثاني عشر في صلاة العيدين

- ‌الباب الثالث عشر في الأضاحي

- ‌الباب الرابع عشر في صلاة الكسوف

- ‌الباب الخامس عشر في صلاة الاستسقاء

- ‌الباب السادس عشر في الدعاء

- ‌الباب السابع عشر في صلاة الخوف

- ‌الباب الثامن عشر في صَلاة المسافِرْ

- ‌الباب التاسع عشر في التهجد (التهجد السهر والنوم فهو من الأضداد في اللغة وتهجد القوم استيقظوا للصلاة أو غيرها وفي القرآن «ومن الليل فتهجد به نافلة لك» والمتهجد: القائم من النوم إلى الصلاة وكأنه قيل له متهجد لإ لقائه الحنث عن نفسه)

- ‌الباب العشرون في الوتر (الوتر بالكسر والفتح الفرد وروى أصحاب السنن بسند حسن عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا أهل القرآن أوتروا فإن اللَّه وتر يحب الوتر» انتهى وأهل القرآن أمته وأوتروا: صلوا الوتر وقوله فإن اللَّه وتر أي واحد في ذاته وصفاته وأفعاله يحب الوتر أي الفرد وقال صلى الله عليه وسلم: "الوتر حق على كل مسلم فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن شاء أوتر بواحدة وهما يدلان على وجوب الوتر بظاهرهما وهو مذهب الحنفية فإن قيل: ألا تعارض هذه الأحاديث الداعية إلى الوتر حديث «صلاة الليل مثنى مثنى» قلت: لا تعارض لأن التوفيق ممكن بينهما فإن في إمكان المسلم أن يصلي في ليله ما شاء من النوافل ثنتين ثنتين ثم إذا أراد أن ينصرف لنومه صلى واحدة وبذا يكون موترا وعاملا بالأحاديث كلها ولذا روى الأربعة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» أي أختموا صلاة الليل بالوتر وعن ابن عمر أيضا: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت رواه الخمسة)

- ‌الباب الحادي والعشرون في قضاء الفوائت

- ‌الباب الثاني والعشرون في صلاة المريض

- ‌الباب الثالث والعشرون في صلاة الجنائز وأحكامها

- ‌كتاب الزكاة وفيه خمسة أبواب

- ‌الباب الأول في الأمر بها والتهديد على تركها وعلى من تجب وفيم تجب

- ‌الباب الثاني فيما يجب أخذه من رب المال من الزكاة وما لا ينبغي أن يؤخذ

- ‌الباب الثالث فيمن تحل له الزكاة وما جاء في العامل

- ‌الباب الرابع في الركاز والمعادن (الركاز ككتاب عند الحجازيين كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض وعند أهل العراق المعادن واللغة تحتملهما لأن كلاً منهما مركوز وثابت في الأرض وإنما وجب فيه الخمس لبيت المال لكثرة نفعه وسهولة أخذه وعلى ذلك فمن وجد معدنا في أرضه كالتبر والفضة والفحم والحديد ففيه عند الحنفية الخمس لبيت المال والباقي لصاحب الأرض وعند الحجازيين ليست بركاز وزكاتها كزكاة المال أي فيها ربع العشر إذا بلغت مائتي درهم أو عشرين مثقالا وروى الأزهري عن الشافعي أنه قال: الذي لا أشك فيه أن الركاز دفين الجاهلية)

- ‌الباب الخامس في صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم وفيه خمسة أبواب

- ‌الباب الأول فيما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌الباب الثاني فيما جاء في صوم التطوع

- ‌الباب الثالث فيما جاء في صوم المسافر

- ‌الباب الرابع في أحكام متفرقة في الصوم

- ‌الباب الخامس في الإعتكاف

- ‌كتاب الحج وفيه اثنا عشر باباً

- ‌الباب الأول فيما جاء في فرض الحج وشروطه

- ‌الباب الثاني في مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية

- ‌الباب الثالث في فضل مكة

- ‌الباب الرابع فيما يلزم المحرم عند تلبسه بالإحرام

- ‌الباب الخامس فيما يباح للمحرم وما يحرم وما يترتب على ارتكابه من المحرمات من الجنايات

- ‌الباب السادس فيما يلزم الحاج بعد دخول مكة إلى فراغه من مناسكه (المناسك: جمع منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد ويطلق على المصدر والزمان والمكان ثم سميت أمور الحج كلها مناسك والمنسك: المذبح والنسيكة الذبيحة والنسك الطاعة والقيادة وكل ما تقرب به إلى اللَّه)

- ‌الباب السابع في الإفراد والقران والتمتع

- ‌الباب الثامن فيما جاء في العمرة

- ‌الباب التاسع في أحكام المحصر ومن فاته الحج

- ‌الباب العاشر في الحج عن الغير (هذا العنوان من وضع مرتب المسند وهو المرحوم الشيخ عابد السندي وغير متوغلة في الإبهام فلا تدخل عليها أداة التعريف لأن دخولها لا يفيد شيئا ولا ينقل غير عن إبهامها اهـ حامد مصطفى)

- ‌الباب الحادي عشر في مسائل متفرقة من كتاب الحج

- ‌الباب الثاني عشر في فضل المدينة وما جاء فيها

الفصل: ‌الباب الرابع في أحكام متفرقة في الصوم

719-

(أخبرنا) : سُفيانُ، عن الزُّهْري، عن صَفْوانِ بنِ عَبْدِ اللَّه، عن أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عن كَعْب بنِ عاصم الأشعري:

-أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْس من البرِّ الصيامُ في السَّفَرِ» .

ص: 272

‌الباب الرابع في أحكام متفرقة في الصوم

ص: 272

720-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ اللَّهِ بن دِينارٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ:

-أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: " الشَّهْرُ تسعةٌ وعشرونَ فلا تَصُومُوا حتى تَرَوُا الهِلَالَ ولا تُفْطِرُوا حتى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلَاثِينَ

⦗ص: 273⦘

(تضمن هذا الحديث أمرين ثانيهما مبني على الأول وذلك الأول هو عدد أيام الشهر العربي وقد صرح بأنها تسعة وعشرون وفي مسلم روايات كثيرة عن ابن عمر في أنها تسعة وعشرون لا داعي لإيرادها وفيه ما يفيد أنها متراوحة بين تسعة وعشرين وثلاثين وهي هذه سمع عمر بن سعيد ابن عمر يحدث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام ثلاثين فأفاد أنها دائرة بين هذين العددين لا تنقص عن تسعة وعشرين ولا تزيد عن ثلاثين وعلى ذلك فمعنى قوله: الشهر تسعة وعشرون أي قد يكون كذلك فإذا رئي هلال رمضان بعد إنقضاءتسع وعشرين من شعبان ثبت رمضان ووجب على المسلمين الصيام وإن لم يرى هلال رمضان أكمل المسلمون عدة شعبان ثلاثين وصاموا عقب ذلك وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم فلا تصوموا حتى تروا الهلال أي هلال رمضان ولا تفطروا حتى تروه أي حتى تروا هلال شوال فإن غم بالبناء للمجهول ونائب الفاعل الهلال أي إذا غطيته فأكملوا عدة الشهر ثلاثين فإن كنتم في شعبان ولم تروا هلال رمضان بعد التاسع والعشرين فأكملوا عدة شعبان ثلاثين وإن كنتم في رمضان ولم تروا هلال شوال بعد التاسع والعشرين فأكملوا عدة رمضان ثلاثين) ".

ص: 272

721-

(أخبرنا) : عبدُ العزيز بنُ محمد الدَّرَاوَرْدِي، عن محمد بن عبد اللَّه بن عَمْرو بن عُثْمانَ، عن أُمه فَاطِمَةَ بنت حُسَيْنٍ:

-أنَّ رَجُلاً شَهِدَ عنْدَ عَلِي رضي الله عنه على رؤيةَ هِلال رمضانَ فصامَ وأحْسَبُه قال وأَمَرَ الناسَ أن يَصُوموا وقال أصومُ يَوْماً من شَعْبَانَ أَحَبُّ إليَّ من أَنْ أفْطِرَ يَوْماً من رَمَضانَ

⦗ص: 274⦘

(قول علي عليه السلام «أصوم يوما من شعبان أحب إلى إلخ» ظاهر في أنه لم يعد هذا من رمضان ولم يأخذ بشهادة الفرد في رؤية الهلال وإنما صامه للإحتياط مخافة أن يكون من رمضان فيقع ناقصا فقال عليه السلام «لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان» وذلك لأن الكلام في صوم يوم الشك فهو يفضل أن يصومه فإن ظهر أنه من رمضان فقد أداه كاملا وإن ظهر أنه من شعبان وقع نفلا ومن هنا نفهم مذهبه في صوم يوم الشك وقد أوجبه أحمد وجماعة بشرط أن يكون هناك غيم والجمهور ومنهم مالك والشافعي على حرمة صومه إلا أن يوافق عادة له لئلا يزاد في رمضان ما ليس منه كما فعل أهل الكتاب وليستقبل رمضان بجد ونشاط وقيل محل ذلك إذا نواه من رمضان فإن نواه من شعبان فلا حرمة وفي الفتح أنه لا يجوز صومه عن رمضان فقط عند مالك وأبي حنيفة وللحديث الذي رواه مسلم عن صلة قال: كنا عند عمار بن ياسر فأتى بشاة مصلية فقال: كلوا فتنحى بعض القوم فقال إني صائم فقال عمار: من صام اليوم الذي يشك فيه الناس فقد عصى أبا القاسم والعصيان لا يكون إلا بفعل المحرم فيكون صوم يوم الشك محرما وحجة أحمد ومن وافقه صوم علي وأمره الناس أن يصوموه وقوله صلى الله عليه وسلم «فاقدروا له أي ضيقوا له وقدروه تحت السحاب» وسترى أن الجمهور فسره بغير هذا) .

وقال الشافعي بعدُ لا يَجُوزَ على رمضانَ إلا شاهدان.

ص: 273

722-

(أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ سَعْد بن إبراهيمَ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ عَوْفٍ، عن ابن شِهابٍ، عن سالم، عن أبيه:

- أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتُم الهِلَالَ فَصُوموا وإذا رأيتُموه فأَفْطِروا فإن غُمَّ عليكم فأقْدِرُوا له (قدرت الشيء قدرا من بابي ضرب وقتل وقدرته تقديرا بمعنى وقوله صلى الله عليه وسلم» فأقدروا له أي قدروا له عدد الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوما «وفى رواية فإن غم عليكم فأكملوا العده» وفسره ابن سريج بقوله: أي قدروا له منازل القمر فإنها تدلكم وتبين لكم أن الشهر تسع وعشرون أو ثلاثون وهذا خاص بمن يعرف هذا العلم والرواية الأخرى: فأكملوا العدة للعامه التي لا تحسن تقدير المنازل قال والأول أصح قال المازرى: حمل جمهور الفقهاء قوله صلى الله عليه وسلم «فأقدروا له» على أن المراد إكمال العدة ثلاثين كما فسره في حديث آخرقالوا ولا يجوز أن يكون المراد حساب المنجمين لأنه لا يعرفه إلا القليل والشرع إنما يعرف بما يعرفه الجماهير.) "فكان عبدُ الَّله يَصُومُ قَبْلَ الهِلَالِ بيومٍ قِيل لإبراهيمَ بن سعد يَتَقَدَّمَهُ قال نَعَمْ (ظاهره استغراب صوم يوم الشك ووقوعه منهم موقع العجب وقد مر الخلاف بينهم في صومه وسيأتي أن تقدمه بيوم أو يومين جائز إن وافق عادته فلعله كان عادة له) .

ص: 274

723-

(أخبرنا) : سُفيانُ، عن عَمْرو بن دينارٍ، عن مُحَمَّد بن خَيبر، عن ابن عَباس قال:

-عَجِبْتُ مِمَّنْ يَتَقَدَّمُ الشَّهْرَ وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لا تَصُومُوا حتى تَرَوْهُ ولا تُفْطِرُوا حتى تَرَوْهُ» .

ص: 274

724-

(أخبرنا) : عبدُ العزيز بنُ محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمَةَ، عن

⦗ص: 275⦘

أبي هُريرة:

-أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: لا تَقَدَّموا الشهر بيوم ولا بيومين إلا أن يوافقَ ذلك يوما كان يَصُومُه أحدُكم (الحديث صريح في النهي عن استقبال رمضان بصوم يوم أو يومين ليستقبل رمضان بنشاط ولئلا يزاد في رمضان ما ليس منه ومحل الحرمة ما إذا لم يصادف صومه عادة له كصوم الإثنين أوالخميس بنية التطوع وكذلك لا حرمة إذا وصله بما قبله ففي هذه الأحوال يتقي المعنى المخوف فلا يحرم الصوم ويشمل هذا النهي يوم الشك لأنه تقدم للصوم بيوم وقد عرفنا الخلاف في صومه) صُومُوا لرؤيته وأفْطِرُوا لرؤيته فإن غُمَّ عليكم فَعُدُّوا ثلاثين.

ص: 274

725-

(أخبرنا) : عَمْرو بنُ أبي سَلَمَةَ، عن الأوْزَاعِيِّ حدثنا يَحْيَ بنُ أبي كَثِير حدثني: أبو سَلَمَةَ، عن أبي هُريرة قال:

-قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لا تَقَدَّموا بين يَدَيْ رمضانَ بيوم ولا بيَوْمين إلا رَجُلاً كان يَصُومُ صوما فَلْيَصُمْهُ» .

ص: 275

726-

(أخبرنا) : سفيانُ، عن الزُّهْري، عن سالم، عن أبيه:

-أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فكُلوا واشْرَبوا حتى يُنَادِيَ ابنُ أمِّ مكْتوم» وكان رجلاً أعمى لا يُنَادِي حتى يُقَالَ له: أَصْبَحْتَ أصبحت

⦗ص: 276⦘

(فهم من الحديث أنهم رضي الله عنهم كانوا يؤذنون للصبح أذانين يتقدمون الوقت بأحدهما للتنبيه والإيقاظ ويكون بعد نصف الليل والآخر يكون بعد طلوع الفجر ويكون للصلاة والصيام ففهمنا أن هذا التأذين المتقدم مستحب لتلك الغاية وفهمنا من جواز الأكل والشرب والجماع حتى مطلع الفجر وفهم منه جواز أذان الأعمى وإن كان مكروها إلا إذا كان معه بصير يمنعه أن يخطئ فلا كراهة كابن مكتوم مع بلال وفهم منه أيضا جواز أن يكون للمسجد الواحد مؤذنان أو أكثر إن دعت الحاجة إلى ذلك) ".

ص: 275

728-

(أخبرنا) : عَبْدُ المجِيدِ، عن ابنِ جُرَيْج، عن عَطاء، عن أبي الدَّرْدَاء:

-أنه كان يَأْتي أهْلَه حين يَنْتَصِفُ النهارُ أو قَبْلَهُ فيقولُ هل من غَدَاءٍ فيجدُه أو لا يجدُه فيقولُ لأصومَنَّ هذا اليومَ فيصومُه وإن كان مُفْطِراً وبَلَغَ ذلك الحسين وهو مُفْطِرٌ حتى الضحى أو بعده ولعلَّه وَجَدَ غَدَاءً أو لَمْ يَجِدهُ

⦗ص: 277⦘

(الحديث في صوم التطوع وأنه يمتد وقت نيته حتى منتصف النهار وقوله «فيصومه وإن كان مفطرا» معناه وإن لم يكن قد نوى صيامه قبل ذلك أي أن النية في صوم التطوع يجوز تأخيرها وإحداثها في النهار إلى ما قبل زوال الشمس وقد ورد في مسلم ما يؤيد هذا الحديث ويفيد زيادة عليه جواز الإفطار للصائم متطوعا وهو ما روى عن عائشة قالت: دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: "هل عندكم شئ؟ فقلنا لا قال: إني صائم"ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله: أهدى لنا حيس فقال «أرينه فلقد أصبحت صائما» فأكل.

وبه أخذ الشافعي في جواز قطع الصوم النافلة والأكل نهارا وبه قال أحمد وإسحاق لكنهم متفقون جميعا على أن إتمام الصوم مستحب وقال أبو حنيفة ومالك لا يصح قطعه ويجب قضاؤه على من أفطر بغير عذر وأجمعوا على أن لا قضاء على من أفطره بعذر وقد سبق بيان وجه الحنفية لكن الأحاديث الكثيرة في كتب السنة شاهدة للشافعية مثل «الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر» رواه أحمد وأصحاب السنن) .

ص: 276

729-

(أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن زَيْدِ بن أسْلَم، عن أخيه خالِد بن أسْلَم:

-أنَّ عُمَرَ بن الخَطَّاب أفْطَر في رمضانَ في يوم ذِي غَيْم ورَأى أنه قَدْ أمْسى وغَابَتِ الشمسُ فجاءَهُ رجلٌ فقال يا أمير المؤمنين: قد طَلَعَت الشمسُ فقال عُمَرُ بنُ الخَطَّاب: الخَطْبُ يَسِيرٌ (الخطب الأمر الذي يقع فيه المخاطبة ويسير هين وذلك لأنه لا يلزمه أكثر من أن يصوم يوما مكانه وذلك هين عليه يسير وإنما يلزم أكثر منه لأنه مخطئ لا متعمد فإنه ظن أن الشمس قد غربت وتبين أنها كانت محتجبة بالغيم) ".

ص: 277

731-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهابٍ، عن حُمَيد بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ عَوْف:

-أنَّ عُمَرَ وعُثْمانَ رضي الله عنهما كانا يُصَلِّيَانِ المَغْرِبِ حِينَ يَنْظُرَانِ إلى الليل الأسْوَدِ ثم يُفْطِرَان بَعْدَ الصلاةِ وذلكَ في رمضانَ

⦗ص: 278⦘

(لم أعثر على هذا الأثر في غير هذا المسند ومعناه أن عمر وعثمان كانا يقدمان صلاة المغرب على الإفطار في رمضان ولا يناقض صنعهما هذا مامر من تفضيل التعجيل بالفطر فإن الإفطار عقب صلاة المغرب يعتبر تعجيلا للفطر فإن قلت: إن أداء الصلاة مع الجوع والظمأ وتطلع النفس واشتغالها بتناول الطعام مكروه غير محبوب ولذا قال الحنفية تكره الصلاة عند حضور الطعام وتطلع النفس إليه لأن ذلك يصرف الإنسان عن إعطاء الصلاة حقها كاملا من ذكر اللَّه قلنا: إن مثل هذا إن جازفي حقنا فهو بعيد على عمر وعثمان صاحبي الدين القوي والإيمان الصادق والنفس القاهرة الغالبة فمن كان على شاكلتهما وآنس من نفسه مثل قوتهما فليستن بسنتهما ومن لا فلا) .

ص: 277

732-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع أخبرنا: ابنُ عُمَر:

-سُئِلَ عن المرأةِ الحامِلِ إذا خافتْ عَلَى وَلَدِهَا قال: تُفْطِرُ وتُطْعِمُ مَكانَ كلِّ يوم مِسْكِيناً مُداًّ مِنْ حِنْطَةٍ (وكذلك إذا خافت على نفسها فإن اللَّه رأفة بها بضعفها ورحمة بها وبحملها أجاز لها الإفطارمع الفدية وهي إطعام مسكين كل يوم ومثلها المرضع لحاجتها إلى إدرار اللبن لولدها ولا يتم ذلك مع الصوم ثم هو يجهدها ويضعفها أضعافا شديدا لا ترضاه الشريعة التي يقول كتابها «ما جعل عليكم في الدين من حرج» ويقول أيضا «يريد اللَّه بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» ولكن بقي أن نعرف أعليهما القضاء أم لا والجواب أن ظاهر الحديث أنه لا قضاء عليهما لأنه لم يوجب عليهما سوى الفدية وهي إطعام مسكين كل يوم ولقول ابن عباس لأم ولد له حبلى أنت بمنزلة الذي لا يطيق فعليك الفداء ولا قضاء رواه البزار وصححه الدارقطني وقال الشافعية والحنابلة: عليهما القضاء والفدية إذا خافتا على الولد لأنه فطر انتفع به شخصان وإن خافتا على أنفسهما فقط فعليهما القضاء فقط وقال الحنفية: عليهما القضاء دون الفدية وقال مالك: على الحامل القضاء وعلى المرضع القضاء والفدية ومنشأ هذا الاختلاف اختلاف الأحاديث الواردة في الموضوع فمنها ما صرح بالفداء دون القضاء كالذي أثر عن ابن عباس ومنها ما هو مطلق لا يفهم منه أكثر من الترخيص لهما بالفطر كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه أصحاب السنن «في التاج» وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم ورخص للحبلى والمرضع فاختلفت الآراء باختلاف الأحاديث وفهمها والأخذ بها) .

ص: 278

733-

(أخبرنا) : ابن عُيَيْنَةَ، عن شَبِيب، عن ابن عُرْوَةَ، عن حِبّانَ بن الحارث قال:

-أتيتُ عليا رضي الله عنه وهو يُعسْكِرُ بِدَيْرِ ابن مُوسى فَوَجَدْتُه

⦗ص: 279⦘

يَطْعَمُ فقال ادْنُ فَكُلْ فقلتُ إني أُرِيدُ الصَّوْمَ قال: وأنا أُرِيدُهُ فَدَنَوْتُ فَأَكَلْتُ فلمَّا فَرَغَ قال: يا ابنَ النَّبَّاح أَقِمِ الصَّلاةَ (الظاهر أن هذا الأكل هو أكل السحور فإنهما بعد أن أكلا دعا مؤذنه ابن النباح (كشداد) فقال له: أقم الصلاة وذلك بقرينة قول المدعو للطعام: إني أريد الصوم والصلاة التي دعا ابن النباح لإقامتها هي صلاة الصبح وإذا دل الحديث على شئ فعلى تأخير السحور وهو أمر مطلوب مدعوا إليه مثل تعجيل الفطر) .

ص: 278