الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع فيما يلزم المحرم عند تلبسه بالإحرام
770-
(أخبرنا) : الدَّرَاوَرْدِىُّ وحاتم بن اسماعيل، عن جَعْفَرْبن محمد، عن أبيه، حدثنا: جابر:
- وهويُحدث عن حِجَّة النبى صلى الله عليه وسلم قال: فلما كنا بذى الحليفه وَلَدَتْ أسماءُ بنت عُمَيْسٍ فأمَرَها بالغُسْل والإِحرام (وظاهر الحديث أن النفاس لا يمنع المرأة من أداء حجها ومثله الحيض لأنهما عذران قهريان فيغتفران لهن لأنه شئ كتبه اللَّه على بنات آدم ولا مخلص منه لهن ولهما أن يأتيا كل مناسك الحج ما عدا الطواف بالبيت فلا يحل لهن حتى يطهرن) .
771-
(أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عَطَاءِ بن السائِب، عن إبراهيمَ عن الأسود، عن عائشةَ قالت:
-رَاَيْتُ وبِيصَ الطيب في مفَارق رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ثَلَاث (وبص يبص وبيصا: برق فوبيص الطيب: بريقه ولمعانه والمفارق جمع مفرق بكسر الراء وفتحها مع فتح الميم فيهما وسط الرأس وهو أيضا الفرق كما تسميه العامة وإنما جاء بصيغة الجمع مع أنه واحد لتنزيل كل جزء منه منزلة مفرق وبعض روايات مسلم جاء بالإفراد وبعضها جاء بالجمع وفي الحديث دلالة على استحباب الطيب عند إرادة الإحرام وأنه لا بأس باستدامته بعد الإحرام وإنما يحرم ابتداؤه في الإحرام وهو مذهب الشافعية وأبو حنيفة وأبي يوسف وأحمد وداود والثوري وغيرهم وقال آخرون بمنعه ومنهم الزهري ومالك ومحمد بن الحسن وتأول هؤلاء حديث عائشة على أنه تطيب ثم اغتسل بعده فذهب الطيب قبل الإحرام وقولها ثم أصبح ينضح طيبا أي قبل غسله ولا داعي لهذا التكلف والراجح مذهب الجمهور) .
772-
(أخبرنا) : سَعيدُ بن سالم، عن ابن جُرَيج، عن عُمَرَ بن عَبْدِ اللَّهِ بن
⦗ص: 297⦘
عُرْوَةَ:
- أنَّهُ سَمِعَ القاسم وعُرْوَةَ يَخبران عن عائشة أنها قالت: طيبتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بيدي في حِجةِ الوَدَاع للحل والإحْرام (الجمهور على أن الطيب مستحب للإحرام لقولها طيبته لحرمه وهو ظاهر في أن الطيب للإحرام وقولها للحل المراد به طواف الإفاضة ففيه دلالة لاستباحة الطيب بعد رمي جمرة العقبة والحلق وكرهه مالك قبل طواف الإفاضة وقولها لحله في الحديث الآتي دليل على أنه حصل له تحلل) .
773-
(أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عُرْوَةَ:
-سَمِعْتُ أبي يَقُول سَمِعْتُ عائشة تقول: طَيَّبْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لحُرْمه ولحله فقلت لها: بأيِّ طِيبٍ؟ فقالت: بأطْيَبِ الطِيبِ فقال عُثمانُ ما رَوَى هِشَامٌ هذا الحديث إلا عَنِّي.
774-
(أخبرنا) : سُفيانُ الزُّهْري، عن عُرْوَةَ، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
-طَيَّبْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ هَاتَين لحُرْمه حِينَ أَحْرَمَ ولحلِّهِ قَبْلَ أن يطوف بالبيت.
775-
(أخبرنا) : سُفْيانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحمن بنِ القاسم، عَنْ أبيه، عَنْ عَائشةَ رضي الله عنها وبَسَطَتْ يديْها تقُولُ:
-أنا طَيَّبْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ هَاتَين لإحْرامِه حِينَ أَحْرَمَ ولحلِّهِ قَبْلَ أن يطوف.
776-
(أخبرنا) : مالكٌ، عن عبد الرحمن بنِ القاسم عن أبيه، عن عائشةَ قالت:
-كنتُ أطيبُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لإحرامه قَبْلَ أن يُحْرِمَ ولحلِّهِ قَبْلَ أن يطوف بالبيت.
777-
(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عمرو بن دينار قال:
-قال عمرُ بن الخطاب
⦗ص: 298⦘
رضي الله عنه إذَا رَمْيتُمُ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ ما حَرُمَ إلا النسَّاءَ والطيبَ (في الأحاديث التي تلي هذا الأثر مخالفة واضحة له إذ فيها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحق بالإتباع وعائشة أدرى بمثل هذا) .
778-
(أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سالم بن عبد اللَّه قال:
-قالت عائشةُ رضي الله عنها أنا طَيَّبْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقال في كتاب الإملاء لحله ولإحرامه (لحله ولإحرامه إي لإرادة حله وإحرماه وفي اللسان في حديث عائشة كنت أطيبه صلى الله عليه وسلم لحله وحرمه أي عند إحرامه قال الأزهري المعنى أنها كانت تطيبه إذا اغتسل وأراد الإحرام والإهلال بما يكون به محرما من حج أو عمرة وكانت تطيبه إذا حل من إحرامه الحرم بضم الحاء وسكون الراء: الإحرام بالحج وبالكسر الرجل المحرم تقول أنت حل وأنت حرم والإحرام مصدر أحرم الرجل يحرم إحراماً إذا أهل بالحج أو بالعمرة وباشر اسبابهما وشروطهما من خلع المخيط وتجنب ما منعه الشارع منه كالنكاح والطيب والصيد وغير ذلك وقد وضح الحديث التالي هذا الحديث وزاده بيانا فقد قالت عائش فيه أنا طيبت رسول اللَّه لإحرامه قبل أن يحرمولحله قبل بعد أن رمى جمرة العقبة وقبل أن يزور البيت وفيه دلالة على استحباب الطيب عند إرادة الإحرام وجواز استدامته بعد الإحرام وبه أخذ جماهير المحدثين والفقهاء وخلائق منالصحابة والتابعين ومنهم أبو حنيفة وأبو يوسف وأحمد وداود وغيرهم ومنعه الزهري ومالك ومحمد بن الحسن كما قلنا وتأولوا حديث عائشة بأنه تطيب ثم اغتسل فذهب الطيب قبل الإحرام ويؤيد ذلك قول عائشة في رواية أخرى رواها مسلم طيبت رسول اللَّه عند إحرامه ثم طاف على نسائه ثم أصبح محرما فظاهره أنه تطيب لمباشرة نسائه وزال طيبه بالغسل لأن المعروف أنه صلى الله عليه وسلم كان يتكهر من كل واحدة قبل الأخرى ولا يبقي الطيب مع ذلك وقولها ثم أصبح ينضح طيبا أي قبل اغتساله وقولها كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارقه المراد به أثره لا جرمه وهذا كله تعسف وتكلف الصواب رأي الجمهور كما قلنا وهو استحباب الطيب للإحرام لقولها طيبته لحرمه وهذا ظاهر في أن الطيب لإحرام للنساء ويعضده قولها كأني أنظر إلى وبيص الطيب إلخ) قال سالم وسنةُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحَق أن تُتَّبَعَ.
779-
(أخبرنا) : سُفْيانُ، عَنْ عَمْرو بنِ دِينارٍ، عن سَالم بنِ عَبْدِ اللَّهِ ورُبماَ قالَ، عن أبيه ورُبما لم يقُلْهُ قال:
-قال عُمَرُ إذَا رَمَيْتُمُ الجَمْرَةَ وذَبَحْتمْ وحَلَقْتمْ فَقَدْ حَلّ لكُمْ كلُّ شَئٍ حَرُمَ عليكم إلَاّ النِّسَاءَ والطيبَ (قوله إلا النساء والطيب ظاهر في أن الطيب كالنساء لا يحلان برمي الجمرة والحلق وإنما يحلان بالطواف وقد أنكرت عائشة مساواة الطيب للنكاح قائلة إنني طيبت رسول اللَّه لحله بعد رمي جمرة العقبة وقبل أن يزور البيت أي قبل طواف الإفاضة فدل كلامها على استباحة الطيب بعد رمي جمرة العقبة والحلق وقبل الطواف وهو مذهب الشافعي والعلماء كافة إلا مالكا فإنه كرهه قبل طواف الإفاضة وهو محجوج بهذا الحديث وبالحديث الآتي الذي زادت عائشة فيه الأمر توكيدا بقولها طيبت رسول الله بيدي لحله قبل أن يطوف بالبيت وقد أخذ الجمهور بحديث عائشة وما نرى مالكا أخذ بحديث عمر فإن ظاهر كلام عمر يقتضي الحرمة لا الكراهة فإنه قال إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم فقد حل لكم كل شئ حرم إلا النساء وطاليب أي فهذان باقيان على حرمتهما فلا بد له من دليل آخر) . قال سَلمٌ وقالت عائشةُ؟ أنا طَيَّبتُ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم لإحرامِهِ قبل أنْ يُحْرِمَ وَلِحِلّهِ بَعْدَ أنْ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةَ وقبل أنْ يَزُورَ البَيْتَ قال سالمٌ: وسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أحَقُّ أنْ تُتَّبَعَ.
780-
(أخبرنا) : سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرو بنِ دِينارٍ، عن سَالم بنِ عَبْدِ اللَّهِ:
-أنَّ عُمَرَ بْنَ الخطابِ نَهَى عَن الطِّيبِ قبلَ زِيارَةِ البَيْتِ وبعد رَمْيَ الجَمْرَةِ قال سَالمٌ: فقالت عائشةُ طَيَّبتُ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم بيَدَيَ لإحرامِهِ قبل أنْ يُحْرِمَ وَلِحِلّهِ قبل أنْ يطُوفَ بالبَيْتِ وسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أحَقُّ.
781-
(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن مُحمدِ بنِ عَجْلانَ:
-أنَّهُ سَمِعَ عائشةَ بِنْتِ سَعْدٍ تَقُولُ: طَيَّبتُ أبي عند إحْرامه بالمسْكِ والذّرِيرَةِ (عائشة هذه بنت سعد بن أبي وقاص الزهرية والذريرة بفتح الذال المعجمة وكسر الراء المهملة فتات من قصب الطيب الذي يجلب من الهند وقيل هي نوع من الطيب مجموع من أخلاط وقوله عند إحرامه أي عند إرادة إحرامه لا عند الإحرام نفسه لما سبق وهو دليل آخر للجمهور على استحباب الطيب عند إرادة الإحرام) .
782-
(أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن حُسَينِ بنِ زَيْدٍ، عن أبيه قال:
-رَأيتُ ابنَ عَبَّاسٍ مُحْرِماً وإنَّ على رَأْسِهِ كمثْلِ الرُّبِ من الغَالِيَةِ (الرب بالضم ما يطبخ من التمر وهو الدبس أيضا والغالية بالغين المعجمة نوع من الطيب مركب من مسك وعنبر وعود ودهن أي أنه باق واضح بكثرة في رأسه والمعنى أنه تطيب به قبل الإحرام وهو دليل آخر للجمهور يضاف إلى ما سبق) .
783-
(أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابنِ عُمَرَ:
-أنَّ رَجُلاً سَألَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِن الثِّيابِ؟ فقالَ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَا يَلْبَسُ المَحْرِمُ القَميصَ ولَا السَّرَاوِيلَاتِ ولَا العَمائِمَ ولا البَرَانِسَ ولا الخِفَافَ (سئل صلى الله عليه وسلم عما يلبس المحرم فأجاب بمالا يلبسه وذلك لأن ما لا يلبس محصور وما يلبس غير محصور فكان حكيما في إجابته ونبه بالقميص (وفي مسلم القمص) والسراويل على جميع ما في معناهما مما هو مخيط مفصل على قدر البدن أو عضو منه كالتبان والقفاز والصدار وغيرها ونبه بالعمائم والبرانس على كل ساتر للرأس مخيطا كان أو غيره حتى العصابة فإنها حرام فإن اضطر إليها لشجة أو صداع جاز له ولزمته الفدية ونبه بالخفاف على كل ساتر للرجل من جورب ومداس وغيرهاهذا كله في الرجال أما المرأة فيباح لها ستر جميع بدنها بكل ساتر من محيط وغيره إلا ستر وجهها فإنه حرام بكل ساتر وفي ستر يديها بالقفازين خلاف والأصح التحريم عند الشافعية والحكمة في تحريم اللباس المذكور على المحرم ووجوب لبسه الإزار والرداء إبعاده عن الترفه واتصافه بصفات الذليل المنكسر الناسي لذاته المقبل على طاعاته وتذكر الكفن وحالة الموت والبعث وبذلك يكون أقرب إلى تذكر اللَّه وأقوى في مراقبته وصيانة عبادته وقوله إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما إلخ النعل ما لا يستر الرجل بل يقيها حرارة الأرض وبردها وما بها من شوك أو زجاج ونحوه وفي هذا الحديث والحديثين بعد وليقطعهما أسفل الكعبين وفيما يليهما لا توجد هذه العبارة بل اقتصر على لبس الخفين ولم يذكر قطعهما إلى أسفل الكعبين وكان ذلك سببا في اختلاف العلماء فقال أحمد يجوز لبس الخفين بحالهما ولا يجب قطعهما لحديث ابن عباس وحديث سالم عن أبيه الآتي بعد حديث ابن عباس وزعم أصحاب أحمد أن حديث ابن عمر المصرح بقطعهما منسوخ وقالوا أن قطعهما تبديد للأموال وهو منهي عنه وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور العلماء لا يجوز لبسهما إلا بعد قطعهما أسفل من الكعبين لحديث ابن عمر وأما حديث ابن عباس فيجب حمله على حديث ابن عمر لأن المطلق يحمل على المقيد والزيادة مقبولة من الثقة وليس هذا بإضاعة للمال لأن الشرع قد ورد بها فيجب الإذعان له فإن لبس الخفين لعدم النعلين فلا فدية عليه لأنه لو كان عليه فدية لبينها النبي وقال أبو حنيفة وأصحابه عليه الفدية كما إذا إحتاج إلى حلق رأسه فحلقه وإن لبس ما نهي عنه عامدا لزمته الفدية بالإجماع فإن كان ناسيا فلا فدية عليه عند الشافعي وأحمد وأوجبها أبو حنيفة ومالك) إلَاّ أحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّينِ ولْيَقْطَعْهُماَ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ.
784-
(أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ اللَّه بنِ دِينارٍ، عن عَبْدِ اللَّه بن عُمَرَ:
-رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نهى أنْ يَلْبَسَ المُحْرِمُ ثَوْباً مَصْبُوغاً بزَعْفَرَان أو وَرْسٍ قال فَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنْ فَلْيَلْبِس الخُفَّيْنِ ولْيَقْطَعْهُماَ أسْفَلَ الكَعْبَيْنِ.
785-
(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْري، عن سالم، عن أبيه:
-أنَّ رَجُلاً أَتَى النبيّ صلى الله عليه وسلم فسأله مَا يَلْبَسُ من الثياب؟ فقال: «إنَّه لا يَلْبَسُ القَميصَ ولا العِمامةَ ولا البُرْنُسَ ولا السَّرَاويلَ ولا الخُفَيْنِ
⦗ص: 302⦘
إلا لَمنْ لَا يَجِدْ نَعْلَيْنْ فَلْيَلْبِس الخُفَّيْنِ ولْيَقْطَعْهُماَ حتى يكونا أسْفَلَ من الكَعْبَيْنِ» .
786-
(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ أنّه سَمِعَ عَمْرو بنَ دينارٍ يَقولُ:
-سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ وهو يَقولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ وهو يَقولُ: «إذا لَمْ يَجِدْ المُحْرِمُ نَعْلَيْنْ لبِسَ الخُفَّيْنِ وإذا لَمْ يَجِدْ إزاراً لَبِسَ السراويل (عدم الوجود يتحقق بألا يجد الصنف المطلوب أو بألا يد ثمنه فهو بالنسبة له حينئذ كغير الموجود والسراويل مفرد لا جمع في أصح الأقوال وهو المعروف بيننا الآن بمصر في اللباس وهو ما يستر النصف الأسفل من الجسم وهو صريح في جواز السراويل للمحرم إذا لم يجد إزارا وعليه الشافعية والجمهور ومنعه مالك لأنه لم يذكر في حديث ابن عمر بل اقتصر على عدم وجود النعلين والصواب إباحته لحديث ابن عباس لأنه متمم لحديث ابن عمر وما دامت المسألة مسألة ضرورة فلا فرق بين تعذر النعلين وتعذر الإزار) » .
787-
(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْري، عن سالم (سالم هذا هو سالم ابن عبد الله بن عمر العدوي المدني الفقيه فأبوه هو عبد الله بن عمر قال ابن إسحاق أصح الأسانيد كلها الزهري عن سالم عن أبيه مات سنة 106 على الأصح وظاهر من الحديث أن ابن عمر كان يسوي في قطع الخفين إلى أسفل الكعبين بين الرجال والنساء وكان ابنه يفتي برأيه إلى أن نبهته صفيه إلى فتوى عائشة بجواز لبس الخفين للنساء فعدل عن رأي أبيه إلى رأيها وهذا الحديث يؤيده ما قدمناه ممن أن للمرأة أن تستر بدنها بكل ثوب مخيطا أو غيره ماعدا وجهها ويديها فقدروي عن ابن عمر أنه سمع النبي نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو حلياً أو سراويل أو قميصا أو خفا رواه أحمد وأصحاب السنن فالواجب على الرجل في الإحرام كشف رأسه ووجهه ونزع اللباس المعتاد وعليه أن يلبس إزارا ورداء ونعلين بخلاف المرأة المحرمة فإن لها أن تلبس كل شئ ويجب عليها كشف وجهها وكفيها) عن أبيه:
-أنّه كان يُفْتي النِساءَ إذا أَحْرَمْنَ أَنْ يَقْطَعْنَ الخُفَّيْنِ حتى أَخْبَرَتْهُ صَفِيَّةُ عن عائشةَ أنها كانت تُفْتِي النِّسَاءَ أَلَاّ يَقْطَعْنَ فَانتَهَى.
788-
سَعيدُ بنُ سالم، عن ابن جُرَيج، عن عَطَاءٍ، عن ابن عَبَّاسٍ قال:
-تَدْلِي عَلَيهَا من جَلَابِيبِهَا ولَا تَضْرِبُ بِه قُلتُ ما تضربُ به: فأشار لي كما تجلب المرأةُ ثم أشار إلى ما على خَدِّها من الجلْباب فَقال لا تُغَطِيه فَتَضْرَبُ به على وَجْهها فَذَلكَ الذي لا يبقى عليها ولكن تَسْدُله على وجهها كما هو مسدولاً ولا تَقْلِبُه ولا تَضْرَبُ به ولا تَعْطِفُه (في هذا الحديث اضطراب في التعبير وتخالف في النسخ اضطرني إلى الرجوع إلى؟؟ فأصلحت بمراجعته بعض ما فيه من اضطراب وبقي قوله كما هو مسدولا هكذا بنصب مسدولا ولا أدري ما وجهه والظاهر الرفع وخلاصة ماذكره ابن الأثير في شرحه أن تدلي عليها من جلابيبها أي ترسله على وجهها أي تتجلبب المرأة ببعض مالها من الجلابيب أي لا تكون مسدلة من الثياب ما دون الجلباب وأن المعنى ترخي بعض جلبابها وفضله على وجهها تتقنع به وتلويه على وجهها وهذاهو تفسير قوله ولا تضرب به يعني أنها تتقنع به وتلويه على وجهها من أحد جانبيه إلى الجانب الآخر فإن ذلك يكون ستراً لوجهها الذي وجب عليها كشفه في الإحرام فأما إرساله على وجهها إرسالاً من غير أن تضرب به عليها فلا ولذا قال الفقهاء المرأة إذا أرسلت ثوبا بحذاء وجهها متجافيا عنه فلا بأس عليها ومعنى لا تضرب به لا تلصق جلبابها ببشرة وجهها كأن الجلباب قد ضرب الوجه بمباشرته له اهـ) .
789-
(أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابنِ عُمَر:
-أنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ لبيك لا شريكَ لكَ لبيكَ إن الحمدَ والنِّعمةَ لكَ والمُلْكَ لا شَريكَ لكَ قال نافعٌ وكان عَبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ يزيدُ فيها: لَبَّيكَ لبيكَ وسعديكَ والخيرُ في يَديكَ والرَّغْباءُ إليكَ والعَمَلُ
⦗ص: 304⦘
(لبيك التلبية مصدرلبى بمعنى أجاب يقال دعاه أي طلبه فأجابه ومعنى لبيك إجابة بعد إجابة ومعنى ذلك المبالغة في الطاعة والإنقياد فتثنيته للتوكيد لا تثنيته حقيقية وقال يونس هو إسم مفرد لامثنى وألفه انقلبت ياء مع المظهر قيل وهو مأخوذمن قولهم لب الرجل وألب بالمكان إذا أقام فيه ومعناه أنا مقيم على طاعتك وإجابتك وقيل معناه إخلاصي لك من قولهم حسب لباب إذا كان خالصا محضا ومنه لب الطعام ولبابه وهو منصوب على المصدر بعامل لا يظهر كأنك قلت ألب إلبابا وسعديك أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة وإسعادا بعد إسعاد ولهذا ثنى وهو من المصادر المنصوبة بفعل لا يظهر أيضا والرغباء بالفتح مع المد وبالضم مع القصر كالنعماء والنعمى وهما من الرغبة وهي الطلب أي الطلب إليك يوجه لا إلى غيرك لأنك أنت السيد الصمد الذي يقصدفي الحاجات دون غيره والعمل بالرفع خبره محذوف أي والعمل لك دون غيرك أي يقصد به وجهك لا سواك اهـ حامد مصطفى) .
790-
(أخبرنا) : بعضُ أهلِ العلم، عن جَعْفَرْ بنِ مُحمدٍ، عن أبيه، عن جابرِ بنِ عَبدِ اللَّه:
-أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أهَلَّ بالتَّوحيد لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ لا شريكَ لكَ لبَّيكَ إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لكَ والمُلْكَ لا شَريكَ لكَ.
791-
قال الشافعي رضي الله عنه: وذَكَرَ عبدُ العزيز بنُ عبد اللَّه الماجَشُون، عن عبد اللَّه بنِ الفَضْل، عن الأعرَج، عن أبي هُريرةَ قالَ:
-كان من تَلْبيةِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَبَّيكَ إله الخلقِ لَبَّيكَ» .
792-
(أخبرنا) : سعيد، عن ابنِ جُرَيجُ قال أخبرني: حميدٌ الأعْرَجُ، عن مُجَاهِد أنَّه قال:
-كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يُظْهِرُ من التَّلْبِيَةِ لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ لا شريكَ لكَ لبيك إن الحمد لك والنعمةَ لك والملك لك لا شريك لك قال حتى إذا كان ذاتَ يوم والناسُ يُصْرَفون عنه كأنَّه أَعجبه ما هو فيه فزاد فيها لبيك
⦗ص: 305⦘
إنَّ العَيْشَ عَيْشَ الآخِرةِ قالَ ابنُ جُرَيجُ: وحَسِبْتُ أنَّ ذلكَ يَوْمَ عَرَفةَ (قوله يظهر من التلبية يشير إلى أنه كانت له أدعية أخرى سرية لا نعلمها أما الذي كان يظهره هو فهو هذا وقوله حت إذا كان ذات يوم بنصب ذات على الظرفية وكان بمعنى وجد والمعنى حتى إذا وجد النبي ذات يوم والناس يصرفون عنه بالبناء للمجهول أي خوفا عليه من شدة الزحام فزاد في التلبية قوله إن العيش عيش الآخرة وذلك لأنه أعجبه ازدحام المسلمين عليه فاستغفر ربه من هذا الخاطر الذي يخشى أن يغر صاحبه فيظن بنفسه فوق ما تستحق فقال إنها مظاهر فانية سريعة الزوال وإن كانت جميلة لأنها سحابة صيف عن قليل تقشع بخلاف عيش الآخرة فإنه باق لا فناء له ويوم عرفة منصوب على الظرفية لفعل محذوف) .
793-
(أخبرنا) : سَعيدٌ، عن القاسم بنِ مَعْنٍ، عن محمد بنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أبي سَلَمَةَ أَنَّهُ قال:
-سَمِعَ سَعْدُ بْنُ أبي وَقَّاصٍ بَعْضَ بَني أخيه وَهُوَ يُلَبِّي ياذا المعارِج فقال سَعْدٌ المعارِجَ! ! إنَّهُ تَعَالَى لَذُو المَعَارِج (المعارج: المصاعد والدرج أحدها معرج يريد معارج الملائكة إلى السماء وقيل المعارج الفواضل العالية والعروج الصعود من عرج يعرج عروجا إذا صعد وهو دليل للحنفية على أنه يجزي في التلبية ما في معناها من التسبيح والتهليل وسائر الأذكار هذا والإجماع على أن التلبية مطلوبة ثم اختلفوا فقال الشافعي هي سنة فيصح الحج بدونها ولا دم عليه وإن فاتته الفضيلة وقال مالك ليست بواجبة لكن لو تركها لزمه دم وصح حجه وقال أبو حنيفة لا ينعقد الحج إلا بإنضمام التلبية أو سوق الهدى إلى نيته ويستحب رفع الصوت بالتلبية بحيث لا يشق عليه وذلك للرجل دون المرأة خوف الفتنة ويستحب الإكثار منها عند تغير الأحوال كإقبال الليل والنهار والصعود والهبوط والقيام والقعود والركوب والنزول وإدبار الصلوات وفي المساجد ولا تزال مستحبة للحجاج حتى يشرعوا في رمي جمرة العقبة يوم النحر أو حتى يفرغوا من رميها أو حتى صلاة صبح يوم عرفة أو حتى يشرعوا في الوقوف بعرفة بعد الزوال والأول مذهب الجمهور ومنهم الشافعية والحنفية والثاني مذهب أحمد والثالث مذهب الحسن البصري والرابع مذهب مالك والمعارج الثانية محكية بالجر أو منصوبة بفعل محذوف والتقدير أتقول المعارج وإنكار سعد دليل على أن التلبية إنما تكون بالمأثور بدون زيادة وهو ما ذهب إليه الشافعي) وما هَكَذَا كُنَّا نُلَبيِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
794-
(أخبرنا) : مالكِ، عن عبدِ اللَّهِ بن أبي بكر بن محَمد بن عَمْرو بن حَزْمٍ، عن عَبْدِ المَلِكِ بنِ أبي بكر بنِ عبدِ الرحمن بنِ الحارثِ بنِ هِشَام، عن خَلَاّدِ ابن السَّائِبِ الأنصاريِّ، عن أبيه:
-أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني جِبريلُ عليه السلام فأمَرَني أَنْ آمُرَ أَصْحابي أو مَنْ مَعِي أَن يَرْفَعُوا أَصْواتَهم بالتَّلْبِيَةِ أو بالإهلالِ (أهل الرجل وأستهل: رفع صوته وأهل المحرم بالحج يهل إهلالا لي ورفع صوته وكذلك المعتمر وأهل بحجة أو بعمرة: أحرم بهاوإنما قيل للإحرام إهلال لرفع المحرم صوته بالتلبية والإهلال التلبية وأصل الإهلال رفع الصوت وكل رافع صوته فهو مهل اهـ والخلاصة أن الإهلال يأتي لمعان وهي رفع الصوت بالتلبية والتلبية نفسها والإحرام مصدر أحرم الرجل يحرم إحراما إذا أهل بالحج أو بالعمرة وباشر أسبابهما وشروطهما من خلع المخيط واجتناب ما حظره الشرع من الطيب والنكاح والصيد وغيرها فترى من هذا أن قوله أو بالإهلال لم تأت بجديد لأن معناه معنى ما قبله والذي يظهر لي أن أوهنا وفي قوله قيل ذلك أو من معي للشك أي أن الراوي شك في لفظ الرسول فلم يجزم أهو أصحابي أو من معي وكذلك لم يدرأقال يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال واللَّه أعلم هذا وقوله يريد أحدهما لم يرد إلا في مسندنا وفي الموطأ ولم يرد في مصابيح السنة ولا في التاج ولفظه فيه أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال أو بالتلبية وهي رواية أصحاب السنن وصححه الترمذي والذي يؤخذ من الحديث هو استحباب رفع الصوت بالتلبية بحيث لا يشق عليه وهذا خاص بالرجال أما النساء فلا يرفعن مخافة الإفتنان بأصواتهن) "يُريدُ أحَدَهُمَا.
795-
(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن مُحمد بن أبي حُمَيد، عن محمد بن المُنْكَدِرِ:
-أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يُكْثِرُ من التلبيةِ (هذا الحديث والذي يليه يرميان إلى غرض واحد وهو الإكثار من التلبية ويفيدان أنها مستحبة لا سيما عند تغاير الأحوال كالصعود والنزول وإقبال الليل والنهار كما سبق) .
796-
(أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم، عن نافع، عن عَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ:
-أنهُ كاَنَ يُلَبي راكباً ونازِلاً ومُضْطَجِعاً.
797-
(أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ محمد، عن صالح بن مُحَمد بن زَائِدةَ عن عُمَارَةِ ابن خُزَيْمةَ بن ثابتٍ، عن أبيه:
-عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه كان إذَا فَرِغَ من تلبيتِهِ سَأَلَ الَّلهَ رِضْوانَه الجَنَّةَ واسْتَعفاه بِرَحَمَته مِنَ النّار (يفيد استحباب سؤال الله رضوانه وجنته واستعفاءه من النار - وتقدم أنه إذا رأى شيئا يعجبه قال لبيك إن العيش عيش الآخره فعلمتنا هذه الأحاديث الثلاثة استحباب رفع الصوت بالتلبيه والإكثار منها وختمها بطلب رضوان الله واعفاءنا من النار بفضله ورحمته) .
798-
(أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم القَدَّاحُ، عن سَعِيد، عن قَتَادَه، عن أبى حَسَّانَ الأَعْرَجِ، عن ابن عباسٍ:
- أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَشْعَرَ في الشِّقِّ الأَيْمَنِ (إشعار البدنه هوأن يشق أحد جنبي سنامها حتى يسيل دمها ويجعل ذلك علامة يعرف بها أنها هدي فإن ضل رده واجده وإن اختلط بغيره تميز والشق الجانب وفي الحديث استحباب الإشعار وبه قال جماهير العلماء من السلف والخلف وخالفهم أبو حنيفة فقال هو بدعة ومثلة ومذهبه مخالف للأحاديث الصحيحة ومذهب الجماهير الإشعار في صفحة السنام اليمنى وقال مالك في اليسرى وهو محجوج بهذا الحديث وغيره واتفقوا على أن الإشعار للإبل وأما الغنم فلا تشعر لضعفها عن احتمال الجرح ولأنه لا يظهر لما عليها من الصوف فيكتفي بتقليدها) .
799-
(أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابن جُرَيج، عن نَافع، عن ابن عُمَر:
-أنه كان لا يُبالي في أَيِّ الشِّقِّينِ أَشْعَرَ في الأَيْسَرِ أَوْ في الأَيْمَنِ
⦗ص: 308⦘
(لم أعثر على هذا الحديث في كتاب آخر وحديث ابن عباس السابق هو الدائر في كتب السنة ما عدا الموطأ فإن فيه أنه صلى الله عليه وسلم أشعرها في الشق الأيسر ولذا كانت الجماهير على استحباب الإشعار في جانب السنام الأيمن وخالفهم مالك فقال بالإشعار في الجانب الأيسر ومن الغريب أنه روى ما أخذ به عن ابن عمر والمروي هنا عن ابن عمر التسوية بين الأمرين وإذا كان الغرض تعريف الهدي استوى الأمران هذا هو الفقه ولكن الجمهور أخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم التي قد لا نفهم سرها ولم أعرف أحدا من الأئمة أخذ برأي ابن عمر وقد ردوا على أبي حنيفة في ذهابه إلى أن الإشعار مثله يقولهم أنه ليس كذلك بل هو كالوسم والفصد والحجامة والختان) .