المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السادس فيما يلزم الحاج بعد دخول مكة إلى فراغه من مناسكه (المناسك: جمع منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد ويطلق على المصدر والزمان والمكان ثم سميت أمور الحج كلها مناسك والمنسك: المذبح والنسيكة الذبيحة والنسك الطاعة والقيادة وكل ما تقرب به إلى الله) - مسند الشافعي - ترتيب السندي - جـ ١

[الشافعي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الإيمان والإسلام

- ‌كتاب العلم

- ‌كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

- ‌كتاب الطهارة وفيه عشرة أبواب

- ‌الباب الأول في المياه

- ‌الباب الثاني في الأنجاسْ وتطهيرها

- ‌الباب الثالث في الآنية والدباغة

- ‌الباب الرابع في آداب الخلاء

- ‌الباب الخامس في صفة الوضوء

- ‌الباب السادس في نواقض الوضوء

- ‌الباب السابع في أحكام الغسل

- ‌الباب الثامن في المسح على الخفين

- ‌الباب التاسع في التيمم

- ‌كتاب الصلاة وفيه ثلاثة وعشرون بابا

- ‌الباب الأول في مواقيت الصلاة

- ‌الباب الثاني في الأذان

- ‌الباب الثالث في شروط الصلاة

- ‌الباب الرابع في المساجد

- ‌الباب الخامس في سترة المصلي

- ‌الباب السادس في صفة الصلاة

- ‌الباب السابع في الجماعة وأحكام الإمامة

- ‌الباب الثامن فيما يمنع فعله في الصلاة وما يباح فيها

- ‌الباب التاسع في سُجود السّهْو

- ‌الباب العاشر في سجود التلاوة

- ‌الباب الحادي عشر في صلاة الجمعة

- ‌الباب الثاني عشر في صلاة العيدين

- ‌الباب الثالث عشر في الأضاحي

- ‌الباب الرابع عشر في صلاة الكسوف

- ‌الباب الخامس عشر في صلاة الاستسقاء

- ‌الباب السادس عشر في الدعاء

- ‌الباب السابع عشر في صلاة الخوف

- ‌الباب الثامن عشر في صَلاة المسافِرْ

- ‌الباب التاسع عشر في التهجد (التهجد السهر والنوم فهو من الأضداد في اللغة وتهجد القوم استيقظوا للصلاة أو غيرها وفي القرآن «ومن الليل فتهجد به نافلة لك» والمتهجد: القائم من النوم إلى الصلاة وكأنه قيل له متهجد لإ لقائه الحنث عن نفسه)

- ‌الباب العشرون في الوتر (الوتر بالكسر والفتح الفرد وروى أصحاب السنن بسند حسن عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا أهل القرآن أوتروا فإن اللَّه وتر يحب الوتر» انتهى وأهل القرآن أمته وأوتروا: صلوا الوتر وقوله فإن اللَّه وتر أي واحد في ذاته وصفاته وأفعاله يحب الوتر أي الفرد وقال صلى الله عليه وسلم: "الوتر حق على كل مسلم فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن شاء أوتر بواحدة وهما يدلان على وجوب الوتر بظاهرهما وهو مذهب الحنفية فإن قيل: ألا تعارض هذه الأحاديث الداعية إلى الوتر حديث «صلاة الليل مثنى مثنى» قلت: لا تعارض لأن التوفيق ممكن بينهما فإن في إمكان المسلم أن يصلي في ليله ما شاء من النوافل ثنتين ثنتين ثم إذا أراد أن ينصرف لنومه صلى واحدة وبذا يكون موترا وعاملا بالأحاديث كلها ولذا روى الأربعة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» أي أختموا صلاة الليل بالوتر وعن ابن عمر أيضا: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت رواه الخمسة)

- ‌الباب الحادي والعشرون في قضاء الفوائت

- ‌الباب الثاني والعشرون في صلاة المريض

- ‌الباب الثالث والعشرون في صلاة الجنائز وأحكامها

- ‌كتاب الزكاة وفيه خمسة أبواب

- ‌الباب الأول في الأمر بها والتهديد على تركها وعلى من تجب وفيم تجب

- ‌الباب الثاني فيما يجب أخذه من رب المال من الزكاة وما لا ينبغي أن يؤخذ

- ‌الباب الثالث فيمن تحل له الزكاة وما جاء في العامل

- ‌الباب الرابع في الركاز والمعادن (الركاز ككتاب عند الحجازيين كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض وعند أهل العراق المعادن واللغة تحتملهما لأن كلاً منهما مركوز وثابت في الأرض وإنما وجب فيه الخمس لبيت المال لكثرة نفعه وسهولة أخذه وعلى ذلك فمن وجد معدنا في أرضه كالتبر والفضة والفحم والحديد ففيه عند الحنفية الخمس لبيت المال والباقي لصاحب الأرض وعند الحجازيين ليست بركاز وزكاتها كزكاة المال أي فيها ربع العشر إذا بلغت مائتي درهم أو عشرين مثقالا وروى الأزهري عن الشافعي أنه قال: الذي لا أشك فيه أن الركاز دفين الجاهلية)

- ‌الباب الخامس في صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم وفيه خمسة أبواب

- ‌الباب الأول فيما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌الباب الثاني فيما جاء في صوم التطوع

- ‌الباب الثالث فيما جاء في صوم المسافر

- ‌الباب الرابع في أحكام متفرقة في الصوم

- ‌الباب الخامس في الإعتكاف

- ‌كتاب الحج وفيه اثنا عشر باباً

- ‌الباب الأول فيما جاء في فرض الحج وشروطه

- ‌الباب الثاني في مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية

- ‌الباب الثالث في فضل مكة

- ‌الباب الرابع فيما يلزم المحرم عند تلبسه بالإحرام

- ‌الباب الخامس فيما يباح للمحرم وما يحرم وما يترتب على ارتكابه من المحرمات من الجنايات

- ‌الباب السادس فيما يلزم الحاج بعد دخول مكة إلى فراغه من مناسكه (المناسك: جمع منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد ويطلق على المصدر والزمان والمكان ثم سميت أمور الحج كلها مناسك والمنسك: المذبح والنسيكة الذبيحة والنسك الطاعة والقيادة وكل ما تقرب به إلى اللَّه)

- ‌الباب السابع في الإفراد والقران والتمتع

- ‌الباب الثامن فيما جاء في العمرة

- ‌الباب التاسع في أحكام المحصر ومن فاته الحج

- ‌الباب العاشر في الحج عن الغير (هذا العنوان من وضع مرتب المسند وهو المرحوم الشيخ عابد السندي وغير متوغلة في الإبهام فلا تدخل عليها أداة التعريف لأن دخولها لا يفيد شيئا ولا ينقل غير عن إبهامها اهـ حامد مصطفى)

- ‌الباب الحادي عشر في مسائل متفرقة من كتاب الحج

- ‌الباب الثاني عشر في فضل المدينة وما جاء فيها

الفصل: ‌الباب السادس فيما يلزم الحاج بعد دخول مكة إلى فراغه من مناسكه (المناسك: جمع منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد ويطلق على المصدر والزمان والمكان ثم سميت أمور الحج كلها مناسك والمنسك: المذبح والنسيكة الذبيحة والنسك الطاعة والقيادة وكل ما تقرب به إلى الله)

‌الباب السادس فيما يلزم الحاج بعد دخول مكة إلى فراغه من مناسكه (المناسك: جمع منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد ويطلق على المصدر والزمان والمكان ثم سميت أمور الحج كلها مناسك والمنسك: المذبح والنسيكة الذبيحة والنسك الطاعة والقيادة وكل ما تقرب به إلى اللَّه)

.

ص: 338

871-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن نافِعٍ، عن ابن عُمَرَ:

-أنَّهُ كانَ يَغْتَسِلُ لِدخُولِ مكَّةَ.

ص: 338

872-

(أخبرنا) : سَعيدُ بن سَالم، عن ابن جُرَيج، عن عَطاءٍ قال:

-لما دَخَلَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكَّةَ لم يَلْوِ ولم يُعَرِّجْ (لويت عليه: عطفت ولوى عليهم يلوي إذا عطف عليهم وتحبس ولوى عليهم إذا عطف وعرج وألوى بالألف عطف على مستغيث) .

ص: 338

873-

(أخبرنا) : ابن عُيَيْنَةَ، عن يَحْيَ بن سَعيدٍ، عن مُحمد بنِ سَعيدٍ، عن أبيه سَعيدِ بنِ المُسَيَّبِ:

-أنَّهُ كانَ حِينَ يَنْظُرُ إلى البيت، يقول: اللَّهُمَّ أَنتَ السَّلامُ، ومنك السَّلامُ، فَحَيِّنَا ربَّنَا بالسَّلامُ

⦗ص: 339⦘

(السلام في الأصل السلامة يقال: سلم يسلم وسلامة ثم سمى به اللَّه تعالى فقيل السلام المؤمن المهيمن إلخ وسمى به لسلامته من النقص والعيب والفناء أو لسلامته مما يلحق غيره من آفات الغير والفناء وبقائه بعد فناء خلقه وقيل تسميته تعالى: السلام على تأويل أنه ذو السلام الذي يملك السلام أي يخلص من المكروه ومنك السلام أي الأمان فحينا ربنا بالسلام أي حينا بصيغة: السلام عليكم لأن السلام إسم من التسليم فهو دعا للإنسان بأن يسلم من الآفات في دينه ونفسه أو لأن السلام معناه: السلامة أو الأمان فإذا قال: السلام عليكم فمعناه: السلامة لكم أو الأمان) .

ص: 338

874-

(أخبرنا) : سَعيدُ بن سَالم، عن ابن جُرَيج:

-أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كانَ إذا رأى البَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وقال: "اللَّهُمَّ زِدْ هذا البَيْتَ تَشْرِيفاً، وَتَكْرِيماً، وَتَعْظِيماً، وَمَهابَةً، وزِدْ من شَرَفِهِ وكَرَمِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ واعْتَمَرَهُ تَشْرِيفاً، وَتَكْرِيماً، وَتَعْظِيماً، وبِرًّا (حجه قصده واعتمره: زاره والاعتمار: الزيارة والقصد وقوله: زد من شرفه وكرمه ممن حجه أي زد من تشريفه وتكريمه ممن قصده أي اجعل قاصديه يزدادون تكريما له وتعظيما ودلنا قوله: كان إذا رأى البيت رفع يديه على أن هذا أحد المواضع التي ترفع فيها الأيدي عند الدعاء احتفالا واهتماما وقد عد الحديث التالي مواضع رفع الأيدي في الدعاء) .

ص: 339

875-

(أخبرنا) : سَعيدُ بن سَالم، عن ابن جُرَيج قال:

-حُدِّثْتُ عن مَقسِم مَوْلَى عبدِ اللَّهِ بن الحارثِ عن ابن عَبَّاسٍ عن النّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تُرْفَعُ الأيْدِي في الصَّلَاةِ، وإذَا رَأَى البَيْتَ، وعَلَى الصَّفَا والمَرْوَةِ، وعَشِيَّةَ عَرَفَةَ، والجَمْع، وعِنْدَ الْجَمْرَتَينِ، وعَلَى المَيِّتِ (وعشية عرفة آخر النهار وقوله عند الجمرتين أما الثالثة: فلا يرفع عندها ولا يدعوا قال النووي: واعلم أن رمي جمار أيام التشريق يشترط فيه الترتيب وهو أن يبدأ بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الحيف ثم الوسطى ثم جمرة العقبة ويستحب أن يقف عقب رمي الأولى عندها مستقبل القبلة زمانا يدعوا ويذكر اللَّه ويقف كذلك عند الثانية ولا يقف عند الثالثة ويستحب رفع اليدين في هذا الدعاء عندنا وبه قال جمهور العلماء واختلف قول مالك في ذلك ويستحب هذا في كل يوم من الأيام الثلاثة ثبت ذلك في معنى صحيح البخاري) .

ص: 339

876-

(أخبرنا) : سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَةَ عن منْصور، عن أبي وَائل، عن مَسْرُوقٍ، عن عبدِ اللَّهِ بن مسعود:

-أنَّهُ رَآهُ بَدَأ، فاسْتَلَم الحَجَرَ، ثُمَّ أخَذَ

⦗ص: 340⦘

عَن يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثلاثةَ أطْوافْ ومشى أربعة، ثم إنه أتى المَقامَ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ (أنه أي ابن مسعود رآه أي رأى النّبي صلى الله عليه وسلم بدأ فاستلم: أي لمس الحجر الأسود ثم أخذعن يمينه فرمل أي هرول ثلاثة أطواف ومشى أربعة أو أربعا باختلاف النسخ وكلاهما جائز عربية والرمل بالتحريك: الهرولة رمل من باب طلب رملا ورملانا إذا أسرع في مشيته وهز منكبيه وهو في ذلك لا يثب وعرفه بعضهم بأنه دون العدو وفوق المشي ثم أتى المقام بالفتح أي مكان قيام إبراهيم عليه السلام وأخذ من هذا الحديث سنية الخبب أو الرمل في الأطواف الثلاثة الأول من السبع وإنما يسن ذلك في طواف العمرة وفي طواف واحد في الحج ويتصور ذلك في طواف القدوم وطواف الإفاضة ولا أخل بالرمل لا يأتي به في الأربعة الأخيرة لأن السنة فيها المشي المعتاد وإذا تعذر الرمل عليه بالزحام كفاه الإتيان بهيئته وإذا لم يتيسر له إلا بالإبتعاد عن الكعبة جاز له ذلك وهو غير مشروع للنساء باتفاق كما لم يشرع لهن شدة السعي بين الصفا والمروة ولو تركه فقد ترك السنة وخالف ابن عباس الصحابة والتابعين فلم يقل بأنه سنة ولا شئ عليه عند الشافعية واختلف المالكية فوافق بعضهم الشافعية وقال بعضهم: عليه في تركه دم وصلاة هاتين الركعتين سنة في المشهور في مذهب الشافعية وقيل واجب) .

ص: 339

877-

(أخبرنا) : سُفيانُ، عن ابْن أبي نَجيح، عن مُجَاهِدٍ، عن ابن عَبَّاسٍ قال:

-يُلَبِّي المُعْتَمِرُ حِينَ يَفْتَتِحُ الطَّوَافَ مَشْياً، أو غَيْرَ مَشْيٍ (أي أن من مواطن التلبية افتتاح الطواف سواء أكان الطائف راكبا أم ماشيا فمشيا مصدر بمعنى ماش أي حال أو منصوب على نزع الخافض أي يفتتح الطواف بمشي أو بغيره: أي بركوب وأفاد الأثر جواز الطواف بالبيت للمعتمر والحاج راكبا وقد اتفقوا على جواز الركوب في السعي بين الصفا والمروة وإن كانوا قد أجمعوا على أن المشي أفضل إلا لعذر وإنما ركب النبي في السعي لبيان أنه مشروع أو فتعذر عليه المشي بالزحام والفقه أن يقال هنا ما قيل هناك اهـ) .

ص: 340

878-

(أخبرنا) : مُسلمٌ وسَعيدٌ، عن ابن جُرَيج، عن عَطاء، عن

⦗ص: 341⦘

ابن عباس أنَّهُ قال:

-يُلَبِّي المُعْتَمِرُ حِينَ يَفْتَتِحُ الطَّوَافَ، مُسْتَلِماً، أوْ غَيْرَ مُسْتَلِمٍ.

ص: 340

879-

(أخبرنا) : سُفيانُ، عن ابْن أبي نَجيح، عن مُجَاهِدٍ، عن ابن عَبَّاسٍ:

- في المُعْتَمِرُ يُلَبِّي حِينَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ (استلام الركن المسح باليد عليه والمراد بالركن: الحجر الأسود وقد رأى القاضي أبو الطيب من الشافعية أن المستحب استلام الحجر الأسود والركن الذي هو فيه: أي أنه يستلم الإثني واقتصر جمهور الشافعية على استلام الحجر الأسود) .

ص: 341

880-

(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ عن منْصور، عن أبي وَائل، عن مَسْرُوقٍ، عن عبدِ اللَّهِ:

-أنَّهُ لَبَّى على الصَّفَا في عُمْرَةٍ بَعْدَ مَا طَافَ بِالبَيْتِ.

ص: 341

881-

(أخبرنا) : مُسْلِمُ بنُ خالد، عن ابن جُرَيج، عن مُحمد بن عَبَّاد ابن جَعْفَرٍ، قال:

-رأيتُ ابنَ عَبَّاس أتى الرُّكنَ الأسْودَ مُسَبِّداً فَقَبَّلَهُ، ثمَّ سَجَدَ عليهِ، ثمَّ قَبَّلَهُ، ثمَّ سَجَدَ عليهِ، ثمَّ قَبَّلَهُ، ثمَّ سَجَدَ عليهِ

⦗ص: 342⦘

(قال أبو عبيد: والتسبيد ههنا ترك التدهن والغسل وبعضهم يقول: التسميد بالميم ومعناهما واحد وإنما قال ههنا لأن للتسبيد معنيين آخريين وهي الحلق واستئصال الشعر والتسريح يقال: سبد الرجل شعره إذا سرحه وبله ولكنهما غير مرادين هنا وأفاد الحديث استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف والسجود عليه بوضع جبهته فوقه فالسنة استلامه فتقبيله فوضع الجبهة عليه وهو مذهب الجمهور وفيهم الشافعي وأحمد وقال مالك: السجود عليه بدعة واعترف القاضي عياض بشذوذ مالك في ذلك عن العلماء وأما الركن اليماني: فيستلمه ولا يقبله بل يقبل اليد بعد استلامه وهو مذهب الشافعية وقال أبو حنيفة: لا يستلمه وقال مالك وأحمد يستلمه ولا يقبل اليد بعده وقولة عمر في تقبيله مشهورة وهي: لقد علمت أنك حجر وأنك لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك أي أننا نعلم أنك لا نفع منك ولاضرر ولكنا نقبلك إطاعة للرسول وتعبداً لله وأراد بذلك تنبيه المسلمين حتى لا يتوهموا فيه النفع) .

ص: 341

882-

(أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيج، عن أبي جَعفرٍ قال:

-رأيتُ ابنَ عَبَّاس جاءَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ مُسَبِّداً رَأْسَهُ فَقَبَّلَ الرُّكنَ، ثمَّ سَجَدَ عليهِ، ثمَّ قَبَّلَهُ، ثمَّ سَجَدَ عليهِ، ثلاث مرّاتٍ (قوله قبل الركن: يريد به الركن الأسود وليس المراد نفس الركن الأسود بل ما فيه وهو الحجر الأسود ويوم التروية هو ثامن ذي الحجة) .

ص: 342

883-

(أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيج، عن ابن أبي مُلَيْكَةَ:

-أنَّ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ اسْتلمَ الرُّكْنَ لِيَسْعَى، ثم قال: لِمَنْ نُبْدي الآنَ منا كِبَنَا ومن نُرَائي وقدْ أظْهَرَ اللَّهُ الإسْلامَ، واللَّهِ على ذلك لأَسْعَيَنَّ كَمَا سَعَى (استلم الركن أي استلم الحجر الأسود من ذكر المحل وإرادة الحال كماهو رأي الجمهور وقوله ليسعى: أي ليطوف بالبيت وسماه سعيا لمشاركته السعي في الإسراع ثم قال: لمن نبدي مناكبنا أي نظهرها ومن نرائي من المشركين وقد ذهبوا بصولة الإسلام وإعزاز اللَّه ونصره إياه ثم قال: واللَّه لأسعين كماسعى الرسول كأنه اعترض وقال: مالداعي إلى هذا الآن وقدذهبت الحاجة إليه بتقوي الإسلام وذهاب ضعفه وهم إنما كانوا يفعلونه ليروا أعدائهم قوتهم ثم عاد وقال: ولكنها السنة نحافظ عليها) .

ص: 342

884-

(أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن عُبيدِ اللَّهِ بن عُمرَ، عن نافع، عن ابنِ عُمَرَ:

-أنَّهُ كان يرمُلُ من الحَجَر إلى الحَجَرِ، ثمّ يقولُ: هكذا فَعَلَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 343⦘

(فيه أن الرمل يبدأ كل طوف منه الحجر الأسود وينتهي إليه وأما حديث ابن عباس المذكور في مسلم وفيه قال: وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين فمنسوخ بما معنا لأن حديث ابن عباس كان في عمرة القضاء سنة سبع وكانفي المسلمين ضعف في أبدانهم وإنما رملوا إظهارا للقوة واحتاجوا إلى ذلك ما بين الركنين اليمانيين لأن المشركين كانوا جلوسا في الحجر وكانوا لا يرونهم بين هذين الركنين ويرونهم فيما سوى ذلك فلما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع سنة عشر رمل من الحجر إلى الحجر فنسخ هذا ما تقدمه) .

ص: 342

885-

(أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيج، عن عَطَاء:

-أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رَمَلَ من سَبْعَةٍ ثلاثةَ أطْوَافٍ خَبَباً، لَيْسَ بَيْنَهُنَّ مَشْيٌ (الخبب والرمل واحد وقد تقدم شرح الرمل قريبا) .

ص: 343

886-

(أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيجٍ قال:

-قلتُ لعَطَاءٍ هَلْ رَأيْتَ أَحَداً من أصحابِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا اسْتَلَمُوا قَبَّلُوا أَيْدِيَهُمْ، فقال: نَعَمْ رَأَيْتُ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وابنَ عُمَرَ، وأبا سَعيدٍ الخُدْرِيّ، وأَبا هُرَيْرَةَ، رضي الله عنهم: إذا اسْتَلَمُوا قَبَّلُوا (يستفاد منه استحباب تقبيل اليد بعد استلام الحجر الأسود إذا عجز عن تقبيله وأما القادر على تقبيله: فيستحب أن يقبله وهذا مذهب الجمهور وفيهم الشافعية وقال القاسم بن محمد التابعي المشهور لا يستحب التقبيل وبه قال مالك في أحد قوليه) أَيْدِيَهُمْ، قُلْتُ: وابنُ عَبّاسٍ؟ قال: نَعَمْ، وحَسِبْتُ كَثيراً قُلْتُ: هَلْ تَدَعْ أنْتَ إذا اسْتَلَمْتَ أنْ تُقَبِّلَ يَدَكَ؟ قالَ: فَلَم اسْتَلَمتُهُ إذاً؟ .

ص: 343

887-

(أخبرنا) : سَعيدٌ، عن موسى بنِ عُبَيْدَةَ، عن محمد بِنْ كعْبٍ:

-أنَّ رَجُلاً من أصحَابِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْسَحُ الأرْكانَ كلَّها، ويقولُ: لَا يَنْبَغِي لِبَيْتِ اللَّهِ تعالى أن يكونَ شئٌ منهُ مَهْجُوراً. وكان ابنُ عَبَّاسٍ يقولُ: لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

⦗ص: 344⦘

(ومعنى احتجاج ابن عباس بالآية وجوب الإقتصار في مسح الأركان على ما كان يمسحه الرسول إذ نحن مأمورون بالإقتداء به بقوله: ولقدكان لكم في رسول الله أسوة حسنة وقد روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم «لم يكن يستلم من أركان البيت إلا الركنين اليمانيين، وفي رواية» لم يكن يستلم من أركان البيت إلا الركن الأسود والذي يليه «وفي رواية ثالثة» لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني" وكلها متفقة والركنان اليمانيان تغليبا كما قيل: للأب والأم أبوان والآخران يقال لهما الشاميان والحجر الأسود يستلم ويقبل والركن اليماني يستلم ولا يقبل والركنان الشاميان لا يستلمان ولا يقبلان وقد أجمعت الأمة على استحباب استلام الركنين اليمانيين واتفق الجماهير على عدم مسح الركنين الآخرين واستحبه بعض السلف وممن قال باستلامهما الحسن والحسين وابن الزبير وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك قال القاضي أبو الطيب أجمع أئمة الأمصار على أنهما لا يستلمان والقرض الخلاف الذي وقع في ذلك لبعض الصحابة والتابعين وأجمعوا على عدم استلامهما وهل يستلم الركن الذي فيه الحجر الأسود مع استلام الحجر أو يقتصر على استلام الحجر قال جمهور الشافعية بالأول وقال القاضي أبو الطيب: يستحب أن يستلم الإثنين واستلامه هو المسح عليه باليد) .

ص: 343

888-

(أخبرنا) : سَعيدٌ، أخبرني مُوسى بنُ عُبَيْدَةَ الرّبَذِي، عن مُحمدِ ابنِ كَعْبٍ:

-أنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كانَ يَمْسَحُ عَلَى الرُّكن اليَمَانِيِّ والحَجَرِ. وكان ابنُ الزُّبَيْر يَمْسَحُ الأرْكانَ كلَّها، ويقولُ: لَا يَنْبَغِي لِبَيْتِ اللَّهِ تعالى أن يكونَ شئٌ منهُ مَهْجُوراً. وكان ابنُ عَبَّاسٍ يقولُ: لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.

ص: 344

889-

(أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن ابنِ جُرَيج، عن عَطَاء، عن ابنِ عَبّاسٍ، قال:

-إذَا وَجَدْتَ على الركن زِحَاماً فانْصَرِفْ ولا تَقِفْ

⦗ص: 345⦘

(عرفنا أن السنة استلام الحجر الأسود وتقبيله إن أمكنه وتقبيل يده إن تعذر تقبيله من الزحام وعرفنا ما في تقبيل اليد إذ ذاك من خلاف ولما كان كثير من الناس يتزاحمون على استلامه وتقبيله بين ابن عباس أن هذا التزاحم ليس بمطلوب بل مرغوب عنه لأنه يؤدي إلى إيذاء بعض الحجاج فقال ابن عباس: إذا كان هناك إزدحام فلا داعي للزحمة ولا الإنتظار وتسقط سنة الاستلام والتقبيل لهذه الضرورة) .

ص: 344

890-

سَعيدُ بنُ سالم، عن عُمَرَ بنِ سَعيدِ بنِ أبي حُسَيْنٍ، عن مَنْبُوذِ بنِ أبي سُليمَانَ:

-عن أمِّهِ أنَّهَا كانَتْ عِنْدَ عائشةَ زَوْجِ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَتْ عليها مَوْلَاةٌ لها، فقامت لها، يا أُمَّ المؤمنينَ: طُفْتُ بالبيتِ سَبْعاً، واسْتَلَمْتُ الرُّكنَ مرَّتَينِ أوْ ثلاثاً، فقالت لها عائشةُ: لا آجُرَكِ اللَّهُ، لا آجُرَكِ اللَّهُ، تُدَافِعِينَ الرجالَ، ألَا كَبَّرْتِ اللَّهِ ومَرَرْتِ (قد فهمنا من الحديث السابق أنه إذا اشتد الزحام على الحجر الأسود فلا داعي لإنتظار الرجال ولتزاحمهم وقد بين هذا الحديث أن النساء أولى بهذا الحكم وأنهن لا ينبغي لهن أن تزاحمن الرجال لما في ذلك من الإخلال بالأدب ولذا أنكرت عائشة على مولاتها مدافعتها الرجال واستلام الركن ودعت بأن يحرمها اللَّه الأجر وقالت لها: ألا كبرت ومررت أي: هذا الذي كان ينبغي لك) .

ص: 345

891-

(أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيجٍ قال: أخبرني أبو الزُّبَيْرِ المكيُّ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ الأنصاريّ، أنَّهُ سَمِعَهُ يقولُ:

-طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في حِجَّةِ الوَدَاع على رَاحِلَتِهِ بالبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةَ لِيَرَاهُ الناسُ وليُشْرِفَ لهم إنَّ النَّاسَ غَشُوهُ (ليشرف لهم أي ليعلوا ويرتفع وغشوه: بفتح الغين وضم الشين أي إزدحموا عليه وكثروا وفي هذا الحديث جواز طواف الحاج بالبيت وبين الصفا والمروة راكبا وقوله ليراه الناس إلخ بيان لعلة الركوب وقيل إنما ركب: لبيان الجواز وقيل: لأنه كان مريضا) .

ص: 345

892-

(أخبرنا) : سَعيدٌ بن سالم القدَّاح، عن ابن أبي ذِئْبٍ، عن ابن شهاب، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عبدِ اللَّه، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما:

-أنَّ رَسُولَ اللَّهِ

⦗ص: 346⦘

صلى الله عليه وسلم طَافَ بالبَيْتِ على رَاحِلَتِهِ واسْتَلَمَ الركن بِمَحْجَنِهِ (المحجن كمقود عصا معوجة الرأس مثل الصولجان وهذا الحديث كسابقه في جواز الطواف مع الركوب وفيه زيادة استلام الحجر الأسود بمحجنه إن تعذر عليه استلامه بيده والسنة أن يقبل طرف المحجن في هذه الحالة كما يؤخذ من حديث طاوس الآتي والأمران: أعني الاستلام بالعصا وتقبيل طرفها مستحبان واستدل به أحمد والمالكية على طهارة بول ما يؤكل لحمه وروثه قالوا لأنه لو كان نجسا ما طاف به في المسجد وقال الشافعية والحنفية: بنجاسته لأن بوله وروثه حين الطواف ليس مقطوعا به وإذا حصل يطهر كما أن أذنه صلى الله عليه وسلم بدخول الأطفال المساجد وجائز أن يبولوا لا يدل على طهارة بولهم) .

ص: 345

893-

(أخبرنا) : سَعيدُ بن سالم، عن ابن أبي ذِئْبٍ، عن شُعْبَةَ، مَوْلَى ابنِ عَبَّاسٍ، عن ابنَ عَبَّاسٍ:

-عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بمثله.

ص: 346

894-

(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن ابن طاَوسٍ، عن أبيه:

-أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ أصحابَهُ أنْ يُهَجِّرُوا بالإفاَضَةِ وأفَاضَ في نِسَائهِ لَيْلاً على رَاحِلَتِهِ يسْتَلَمَ الركن بِمَحْجَنِهِ، وأحْسَبُهُ قال: ويُقَبِّلُ طَرَفَ المَحْجَنِ (التهجير التكبير في الشيء لغة حجازية وتطلق أيضا على السير في الهاجرة وهي اشتداد الحر نصف النهار والإفاضة: الزحف والدفع في السير بكثرة كانتقال الحجاج من عرفات إلى منى ومن منى إلى مكة ومنه طواف الإفاضة) .

ص: 346

895-

(أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيجٍ قال: أخبرني عطَاءٌ:

-أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَافَ بالبَيْتِ وبالصَّفَا وبالمَرْوَةِ راكباً. فقُلتُ: وَلِمَ؟ قال: لا أدْرِي قال: ثمّ نزلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ (تقدم معرفة جواب هذا السؤال والذي جاء به هذا الحديث من زيادة هوسنية صلاة الركعتين بعد الطواف) .

ص: 346

896-

(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن الأحْوَصِ بنِ حَكيم، قال:

-رأيْتُ أنَسَ

⦗ص: 347⦘

ابْنَ مالكٍ يَطوفُ بين الصَّفَا والمَرْوَةِ عَلَى حِمَارِهِ.

ص: 346

897-

(أخبرنا) : مالكٌ، وعَبْدُ العزيز، عن جَعْفَرِ بنِ مُحمدٍ، عن أبيه، عن جابرٍ، وأخبرنا أنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عن نافعٍ، عن ابْنِ عُمَرَ:

-أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا طَافَ بالبَيْتِ في الحجّ والعمرَةِ، أوَّلَ مَا يُقْدمُ يَسْعَى ثلاثَةَ أطْوافٍ بالبَيْتِ، ومَشَى أربَعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ (يسجد سجدتين أي يصلي ركعتين كما ورد بهذا اللفظ في حديث عطاء السابق قريبا وإطلاق السجدة على الركعة سائغ لغة من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل) ثمّ يطوفُ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَة.

ص: 347

898-

(أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم القداح، عن ابنِ جُرَيجٍ، عن يَحْيَ ابنِ عُبَيْدِ، مَوْلَى السائِبِ، عن أبيهِ، عن عبدِ اللَّهِ بْنِ السائبِ:

-أنَّهُ سَمِعَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: فيما بَينَ رُكنِ بَني جُمَحَ والركنِ الأسْوَدِ"رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِناَ عَذَابَ النَّارِ

⦗ص: 348⦘

(ركن بني جمح كعمر: هو الركن اليماني وبنو جمح من قريش والمراد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعوا في طوافه بهذا الدعاء فينبغي أن نقتدي به وقد كانت هذه الدعوة أحب الدعوات إلى الرسول وكان يرددها أكثر من سواها كما روى البخاري ومسلم والحسنة في الدنيا هي العافية والكفاف قاله قتادة: أو المرأة الصالحة قاله علي: أو العلم والعبادة قاله الحسن: أو المال الصالح قاله السدي: أو الأولاد الأبرار أو ثناء الخلق قاله ابن عمر أو الصحة والكفاية والنصرة على الأعداء والفهم في كتاب الله أو صحبة الصالحين قاله جعفر: والظاهر أن الحسنة وإن كانت نكرة في الإثبات وهي لا تعم إلا أنها مطلقة فتنصرف إلى الكامل والحسنة الكاملة في الدنيا ما يشمل جميع حسناتها والحسنة في الآخرة قيل: هي الجنة وقيل السلامة من هول الموقف وسوء الحساب وقيل الحور العين وهو مروى عن علي وقيل لذة الرؤية والظاهر الإطلاق وإرادة الكامل وهو الرحمة والإحسان «وقنا عذاب النار» أي إحفظنا منه بالعفو والغفران واجعلنا ممن يدخل الجنة بغيرعذاب وقال الحسن: احفظنا من الشهوات والذنوب المؤدية إلى عذاب الناروقال علي: عذاب النار امرأة السوء اهـ ألوسى بتصرف) ".

ص: 347

899-

(أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن حَنْظَلَةَ، عن طَاووسٍ:

-أنَّهُ سَمِعَهُ يقولُ: سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ يقولُ: أَقِلُّوا الكلامَ فِي الطَّوافِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ في صَلَاةٍ (فإنما أنتم في صلاة: أي في عبادة كالصلاة إذ لو كانوا في صلاة حقيقية لنهاهم عن كثير الكلام وقليله لأن أقل قدر منه يفسدها وقد أفاد هذا النهي إباحة القليل من الكلام أثناء الطواف وهو ما به تؤدى الحاجات الضرورة وأفهم ذ لك كراهة كثرة الكلام في الطواف لأنه عبادة فينبغي التوجه فيه إلى اللَّه والإشتغال بمناجاته ودعائه ولإنصراف عن كلام الناس) .

ص: 348

900-

(أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن ابنِ جُرَيج، عن عَطَاءٍ قال:

-طُفْتُ خَلْفَ عُمَرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، فَمَا سَمِعْتُ واحداً منهما مُتَكَلِماً حتى فرغ من طَوَافِهِ (هذا الحديث يؤيد سابقه في كراهة الإشتغال بالكلام أثناء الطواف وسنية الإشتغال حينذاك بالمناجاة والعبادة) .

ص: 348

901-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن ابْنِ شِهابٍ، عن سالم بنِ عبدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أنَّ عبدَ اللَّه بن أبي بكرٍ، أخْبَرَ عبدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عن عائشةَ:

-أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "ألَمْ تَرَى أنَّ قَوْمَكَ حِينَ بَنَوْا الكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عنْ قواعِدِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام قالتْ: فقُلْتُ

⦗ص: 349⦘

يا رسول اللَّه: أفلا تَرَدُّها علي قواعِدِ إبْرَاهِيمَ قال: لولا حِدْثَانُ قَوْمِكَ بالكُفْرِ لرَدَدْتُها على ما كانت عليه"، فقال ابْنِ عُمَرَ لَئِنْ كانَتْ عائشةُ رضي الله عنها سَمِعتْ هذا من رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ما أُرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ اسْتلام الرُّكنينِ اللَّذَيْنِ يليانِ الحِجْرَ إلَاّ أنَّ البَيْتَ لم يَتِمَّ على قواعِدِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام (اقتصروا عن قواعد إبراهيم وفي رواية أخرى فإن قريشا اقتصرتها وفي غيرها استقصروا وفي رواية قصرت منهم النفقة وكلها بمعنى واحد وهو أنهم قصروا عن تمام بنائها واقتصروا على هذا القدر لقصور نفقتهم عن باقيها وقوله حدثان قومك: هو بكسر الحاء وإسكان الدال أي قرب عهدهم بالكفر وقوله إلا أن البيت لم يتم على قواعد إبراهيم وفي رواية مسلم لم يتم إلخ معناه: إلا أن البيت إلخ والمعنى أن الرسول لم يستلم هذين الركنين لأن البيت فيهما مبناه على قواعد إبراهيم بل نقص عنه بدليل الحديث الآتي وقوله: الحجر من البيت وسنبين فيه القدر الذي نقص منه نقلا عن العلماء وقول ابن عمر: لئن كانت عائشة إلخ ليس هذا تشككا منه في صدقها وحفظها وإنما هو كقوله تعالى: «وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين» وقوله: «قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت» إلخ وكثيراً ما يجئ الكلام في صورة التشكك والمراد به اليقين ويؤخذ من الحديث أنه إذا عارضت المصلحة مفسدة أعظم تركت تلك المصلحة لأنه صلى الله عليه وسلم أخبرأن هدم الكعبة وبنائها على قواعد إبراهيم مصلحة لكن تعارضه مفسدة أكبر منه وهي فتنة من أسلم حديثا من قريش) .

ص: 348

902-

(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، حدثنا: هشامٌ، عن طاوسٍ فيما أحْسب أنَّهُ قال، عن ابن عَبَّاسٍ أنَّهُ قال:

-الحِجْرُ مِنَ البَيْتِ وقال اللَّهُ عز وجل «ولْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقْ» وقدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من وراء الحِجْرُ

⦗ص: 350⦘

(قال النووي: قال أصحابنا: ست أذرع من الحجر مما يلي البيت محسوبة من البيت بلا خلاف وفي الزائد خلاف فإن طاف في الحجر وبينه وبين البيت أكثر من ست أذرع فقيل يجوز لظاهر الحديث ورجحه جماعات من أصحابنا وقيل: لا يجوز طوافه في شئ من الحجر ولا على جداره بل يجب أن يطوف خارج الحجر وهذا هو الصحيح وقطع به جماهير أصحابنا العراقيين وبه قال جميع علماء المسلمين سوى أبو حنيفة فإنه قال: إن طاف في الحجر وبقي في مكة أعاد وإن رجع من مكة بلا إعادة أراق دما أجزأه طوافه واحتج الجمهور بأنه صلى الله عليه وسلم طاف من وراء الحجر وأجمع المسلمون عليه من زمنه إلى الآن وإنما قال: الحجر من البيت لأن أكثره منه وللأكثر حكم الكل والعتيق القديم لأنه أول بيت وضع للناس أو لأنه أعتق من الغرق في طوفان نوح أو من الجبابرة) ".

ص: 349

903-

(أخبرنا) : سُفْيانُ، أخبرنا: عُبَيْد اللَّه بْنُ أبي يَزيدَ: أخبرني: أبيقال:

-أَرْسَلَ عُمَرُ رضي الله عنه إلى شيخٍ من بني زُهْرَةَ، فَجِئْتُ مَعَهُ إلى عُمَرَ وهُوَ الحِجْرِ، فَسَأَلَهُ عَنْ وِلادٍ من وِلَادِ الجاهلية، فقال الشيخُ: أما النُّطْفَةُ فمِنْ فلانٍ وأما الوَلَدُ: فَعَلَى فِرَاشِ فلانٍ، فقال عُمَرُ رضي الله عنه: صَدَقْتَ: ولكنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بالولد للفراش فلما وَلّى الشَّيْخُ، دَعَاهُ عُمَرُ رضي الله عنه فقال: أخْبِرْني عن بِنَاءِ البَيْتِ، فقال: إنَّ قُرَيْشاً كَانَتْ تَقُوتُ لبِناءِ البَيْتِ، فَعَجَزُوا، فَتَرَكُوا بعضه في الحِجْرِ، فقال عُمَرُ: صَدَقْتَ (جئ بهذا الحديث لما في آخره مما يتعلق ببناء البيت وبيان السبب في نقص بنائه عن قواعد إبراهيم وهو عجز قريش عن القيام بتموين البنائين والعمال وقوله: سأله عن ولاد إلخ الولاد مصدر بمعنى الولادة) .

ص: 350

904-

(أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن ابنِ جُرَيج، عن عَطَاءٍ:

-أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم سَعَى في عُمْرَةِ الأربع بالبَيْتِ، والصَّفَا والمَرْوَةٍ، إلَاّ

⦗ص: 351⦘

أَنَّهُمْ رَدُّوهُ في الأولى من الحُدَيْبِيَةِ (العمر بضم ففتح جمع عمرة والحديث يفيد لزوم السعي والطواف بالبيت وبين الصفا والمروة وذهب جماهير العلماء إلى أنه ركن من أركان الحج لا يصح إلا به ولا يجبر بدم وممن قال بهذا مالك والشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة: هو واجب ويصح الحج مع تركه ويجبر بالدم ودليل الجمهور سعي النبيّ صلى الله عليه وسلم وقوله: خذوا عني مناسككم والواجب سعي واحد فلا يكرر السعي في حج ولا عمرة بل يكره تكراره لأنه بدعة) .

ص: 350

905-

(أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيج، عن عَطَاءٍ قال:

-سَعَى أبو بكر رضي الله عنه عَامَ حَجّ في حَجّه إذ بَعَثَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ عُمَرَ وعُثمانُ رضي الله عنهم والخلفاءُ هَلُمَّ جَرَّ يَسْعَوْنَ كذلك (الحديث مؤيد لما سبقه في لزوم السعي بدليل إطباق الخلفاء على الإتيان به وجرا: مفعول مطلق لفعل محذوف: أي جر جراً) .

ص: 351

906-

(أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيج، عن عبد اللَّهِ بنِ عُمَرَ، عن نافع، عن ابن عُمَرَ:

-أنَّهُ قالَ: ليسَ على النِّسَاءِ سَعْيٌ بالبيتِ، ولا بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ.

ص: 351

907-

(أخبرنا) : عبدُ اللَّه بن المُؤمل العائذيّ، عن عُمَرَ بن عبد الرحمن بن مُحَيْصِنٍ، عن عَطَاء بن أبي ربَاح، عن صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قالت:

-أخبرَتْني بِنْتُ أبي تَجْرَاة، إحدَى نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ قالت: دَخَلْتُ معَ نِسْوَةٍ من قُريْشٍ دَارَ أبي حُسَيْن نَنْظُرُ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهُو يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوةِ، وإنّ مِئْزَرَه لَيَدُورُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْي،

⦗ص: 352⦘

حتى لأَقُولُ: إِنِّي لأَرَى رُكْبَتَيْهِ، وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إسْمَعُوا، فإِنَّ اللَّه عَزَّوجلَّ كتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ" قَرَأ الربيعُ: حتى إِنِّي لأَقُولُ (السعي من خصائص الرجال لأنه يستلزم كشف بعض العورة التي أمرنا بسترها وقد تقدم بيان اختصاصه بالرجال وقوله: وإن مئزره ليدور دليل على قوة الرسول وشدة هرولته في سعيه صلى الله عليه وسلم هذا ولم أعثر في كتب الأسماء على بنت أبي تجراة وأخشى أن يكون فيه تصحيف) .

ص: 351

909-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن محمدٍ بن أبي بكر الثقفيِّ:

-أنَّهُ سَألَ أنَسَ بن مالكٍ وهما غادِيَانِ من مِنىً إلى عَرَفَة كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُون في هذا اليوم مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان يُهِلُّ منا فلا يُنْكِرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ المُكَبِّرُ مِنَّا فلا يُنْكِرُ عَلَيْهِ (غاديان: ذاهبان من غدا يغدو غدواً: ذهب غدوة وهي مابين صلاة الصبح وطلوع الشمس ثم كثر حتى استعمل في الذهاب والإنطلاق أي وقت كان ويهل المهل: يرفع صوته بالتلبية ويكبر المكبر: يقول اللَّه أكبر أي كان فريق منهم يلبي وآخر يكبر فأفاد جواز الأمرين التلبية والتكبير لأن أحداً لم ينكر على أحد ما أتى منهما قال النووي: فيه دليل على استحبابهما) .

ص: 352

910-

(أخبرنا) : سُفيانُ، عن عمرو بن دينارٍ قال:

-مَنْ رَأى ابْنَ عَبَّاسٍ يأتِي عَرَفَةَ بِسَحَرٍ (السحر بفتحتين آخر الليل قبيل الصبح والمراد به التبكير بالذهاب إلى عرفة) .

ص: 352

911-

(أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ محمد وغَيْرُهُ، عن جَعْفر بن محمد، عن أبيه، عن جابِرٍ في حِجَّةِ الإِسْلامِ قال:

-فَرَاحَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى المَوْقِفِ

⦗ص: 353⦘

بِعَرَفَةَ، فَخَطَبَ النَّاسَ الخُطبَةَ الأُولَى، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ أخَذَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانيةِ، فَفَرَغَ من الخِطْبَةِ وبِلالٌ مِن الأذانِ، ثم أقامَ بِلَالٌ، فَصُلِّي الظُهْرُ ثم أَقَامَ بِلَالٌ، فَصُلِّي العَصْرُ (الحديث في الجمع بين الظهر والعصر بعرفة بأذان واحد وإقامتين إقامة للظهر وأخرى للعصر) .

ص: 352

912-

(أخبرنا) : محمدٌ بنُ إسماعيلَ بهذا، وعبدُ اللَّه بن نَافِعٍ، عن ابن أبي ذِئْبٍ، عن ابن شِهابٍ، عن سالم، عن أبيه:

-قال أبو العباس بذلك.

قال الشافعي رضي الله عنه: والَّذي قُلتُ بِعَرَفَةَ من أذَانٍ وإقاَمَتَينِ شئٌ (هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة ولا معنى له لأن الإخبار عن الأمر بأنه شئ بدون وصف الشيء بالحسن أو القبيح أو القدم أو الحدوث مثلا كلا إخبار ويظهر أن كلمة شئ مصحفة عن سني من السناء وهو الرفعة واللَّه أعلم) .

ص: 353

913-

(أخبرنا) : ابْنُ أبي يَحْيَ، عن جَعْفَر بْن محمدٍ، عن أبيهِ، عن جابِرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ:

-عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي به.

ص: 353

914-

(أخبرنا) : أَنَسُ بْنِ عِيَاضٍ، عن مُوسى بنِ عُقْبَةَ، عن نافِعٍ، عن ابنِ عُمَرَ، أنَّهُ قال:

-مَنْ أدْرَكَ لَيْلَةَ النَّحْرِ من الحَاجِّ مَوْقِفاً بِجِبَالِ عَرَفَةَ قَبْلَ أنْ يَطْلُعَ الفجْرُ، فَقَدْ أدْرَكَ الحجَّ، ومَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ فَيَقِفْ بها قَبْلَ الفجْرِ فاتهُ الحجُّ، فَلْيَأتِ البَيْتَ، فَلْيَطُفْ بهِ سبعاً، ويَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوةِ سبعاً، ثمَّ لْيَحْلِقْ ولْيَقْصِّرْ إنْ شاءَ، وإنْ كان معه هَدْيُهُ، فَلْيَنْحَرْهُ قَبْلَ أنْ يَحْلِقَ، فإذَا فَرغَ مِنْ طَوافِهِ وسَعْيِهِ فلْيَحْلِقْ أو يُقْصِّرْ، ثمَّ لْيَرْجِع إلى أهْلِهِ إنْ شاء، فإنْ أدْرَكَهُ الحجَّ مِنْ قَابِلَ، فَلْيَحِجَّ إِن

⦗ص: 354⦘

اسْتَطاعَ، ولْيُهدِ هَدْياً، فإنْ لَمْ يجد هَدْياً فَلْيَصُمْ عنه ثلاثَةَ أيَّامٍ في الْحَجِّ وسَبْعَةً إذَا رَجعَ إلى أهْلِهِ.

ص: 353

915-

(أخبرنا) : سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عمرو بن عبدِ اللَّه بْنِ صَفوانَ، عن خَالٍ له إنْ شاءَ اللَّهُ يُقالُ له: يَزيدُ بنُ شَيْبَانَ قال:

-كُنَّا في مَوْقِفٍ لناَ بِعَرَفَةَ يُبَاعِدِهُ عمرو بن دينارٍ مِنْ مَوْقِفِ الإِمَامِ جدا، فأتاناَ ابْنُ بزيغ الأَنْصَارِيُّ، فقال لنا: إنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إليكُمْ، إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يأمُرُكُمْ أنْ تَقِفُوا عَلَى مَشَاعِرِكُم هذه، فإنَّكُمْ على إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ أبيكُمْ إبْرَاهِيمَ عليه السلام

⦗ص: 355⦘

(ابن يزيغ هو في النسخ التي نقلنا منها بالغين المعجمة والذي عثرت عليه في القاموس تمام بن بزيع وصبح بن بزيع كأمير، وهما بالعين المهملة، وقال بجوار منهما محدث؟؟ والأول بالزاي والآخر بالذال واللَّه أعلم أيهما المراد، وقوله في موقف يباعده عمرو بن دينار من موقف الإمام، أي يذكر أنه بعيد من موقف الإمام جدا، وسيق هذا الحديث لبيان أن كل موضع من عرفة موقف، والخطاب لقريش لأنهم كانوا يقفون بالمزدلفة ولا يخرجون إلى عرفات ويقولون نحن سكان بيته ولا نخرج من حرمه، فلما حج النبي ظنوا أنه يوافقهم ويقف بمزدلفة فجاوزها إلى عرفة وحضهم بقوله «إنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم» على الوقف بعرفة. والمشاعر: جمع مشعر وهو المعلم والمتعبد من متعبدا نه [متعبداته؟؟] ، والمشاعر المعالم التي ندب اللَّه إليها وأمر بالقيام عليها، ومنه المشعر الحرام لأنه معلم للعبادة وموضع، ويقولونه بفتح الميم وكسرها ولا يكادون أن يقولونه بغير الألف واللام، ومنه {فاذكروا اللَّه عند المشعر الحرام} وهو مزدلفة وهي جمع تسمى بها جميعا، والمشعر والشعار بمعنى واحد، وشعار الحج مناسكه وعلاماته وآثاره وأعماله، جمع شعيرة، وكل ما جعل علم لطاعة اللَّه كالوقوف والطواف والسعي والرمح والذبح ورفع الصوت بالتلبية، والإرث مصدر ورث واسم للمال الموروث، والمناسب هنا أي أنكم على عبادة موروثة عن أبيكم إبراهيم يقول إن هذه عبارة قديمة موروثة عن أبيكم إبراهيم فلا تتهاونوا فيها ولا تحجموا عنها) .

ص: 354

916-

(أخبرنا) : مُسلمُ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيج، عن مُحمدِ بنِ قَيْسٍ ابْنِ مَخْرَمَةَ، قال:

-خَطبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: " إنَّ أهْلَ الجاهلية كَانُوا يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ أنْ تَغِيبَ الشَّمسُ، ومن المُزْدَلِفَةِ بَعْدَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمٍسُ حِينَ تكون الشَّمْسُ كأنَّها عَمَائِمُ الرجال في وجُوهِهِمْ، وإنَّا لا نَدْفَعُ من عَرَفَة حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، نَدْفَعُ من المُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمسُ هَدْيُناَ مُخالِفٌ لِهَدْيِ أهْلِ الأوْثَانِ والشِّرْكِ (سرفع من عرفة: ابتدأ السير ودفع نفسه منها ونحاها أو دفع ناقته وحملها على السير وقوله حين تكون الشمس كأنها عمائم الرجال جمع عمامة أي حين تكون الشمس كالعمامة في الاستدارة وذلك قبيل الغروب أو كالعمائم أي حين تدنوا من للغروب وتكون كالعمائم للجبال أي فوقها كالعمائم فوق الرءوس وقوله هدينا مخالف لهدي الأوثان أي سيرتنا وطريقتنا مخالفان لسيرتهم وطريقتهم) .

ص: 355

917-

(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال الشافعي رضي الله عنه: وأخبرني مُسلمٌ، عن ابن جُرَيج، عن مُحمدِ بنِ قَيْسٍ بْن مَخْرَمَةَ زاد أحَدُهُمَا على الآخرَ، واجتَمَعَا في المعنى:

-أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "كان أهْلُ الجاهلية يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ أنْ تَغِيبَ الشَّمسُ، ومن المُزْدَلِفَةِ بَعْدَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمسُ، ويَقُولُونَ: أشْرِقْ ثَبِيرُ كيْما نُغيرُ، فَأَخَّرَ اللَّهُ هذهِ وَقَدَّمَ هذهِ، يعني قَدَّمَ المُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمسُ، وأَخَّرَ عَرَفَةَ إلى أنْ تَغِيبَ الشَّمسُ

⦗ص: 356⦘

(أشرق ثبير إلخ ثبيرككريم: جبل بين مكة ومنى ويرى من منى وهو على يمين الداخل منها إلى مكة وأشرق أشرقت عليه الشمس فأضاء وأشرقت الأرض: أنارت وأشرق القوم: دخلوا في وقت الشروق كأصبحوا وأظهروا والمعنى أدخل أيها الجبل في الشروق وهو ضوء الشمس كيما نغير أي ندفع للنحر والإغارة الدفع وكانوا يقولون ذلك في الجاهلية وكانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس فخالفهم الرسول ويقال كيما ندفع في السير من قولك أغارة إغارة الثعلب أي أسرع ودفع في عدوه) .

ص: 355

918-

مُسلمُ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيج، عن ابن الزُّبَيْرِ، عن جابِرِ:

-مثله.

ص: 356

919-

(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال:

-كان أهْلُ الجاهلية يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ أنْ تَغِيبَ الشَّمسُ، ومن المُزْدَلِفَةِ بَعْدَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمسُ، وتقُولُ: أشْرِقْ ثَبِيرُ كيْما نُغيرُ، فَأَخَّرَ اللَّهُ تعالى هذهِ وَقَدَّمَ هذهِ.

ص: 356

920-

(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن محمد بنِ المُنْكَدِرِ، عن سَعيد بن عَبْدِ الرحمن ابنِ يَرْبُوعٍ، عن أبي الحُوَيْرِثِ قال:

-رَأيْتُ أبا بكرٍ الصديق وَقِفاً على قُزَحَ، وهُو يقولُ: أيُّها الناسُ أصْبِحُوا، ثمَّ دَفَعَ فَرَأيْتُ فَخِذَهُ مما يَخْرِشُ بَعِيرَهُ بِمِحْجَنَهِ

⦗ص: 357⦘

(قزح كعمر: جبل بالمزدلفة وقال ابن الأثير: هو القرن الذي يقف عنده الإمام بالمزدلفة ولا ينصرف للعلمية والعدل كعمر وقوله أيها الناس أصبحوا أي انتبهوا وأبصروا رشدكم وما يصلحكم ثم دفع أي أسرع فرأيت فخذه مما يخرش بعيره بمحجنه أي يضربه به ثم يجذبه إليه يريد تحريكه للإسراع وهو شبيه بالخدش والنخس والمحجن: العصا المعقفة الرأس وفي الحديث الآتي يأيها الناس أسفروا ويفسر ذلك حديث أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر أي صلوا صلاة الفجر بعد ما يتبين الفجر ويظهر ظهوراً لا إرتياب فيه وكلمن نظر إليه عرف أنه الفجر الصادق وعلى هذا يكون معنى قوله أصبحوا وأسفروا أي بالصبح قال ابن الأثير يحتمل أنه حين أمرهم بتغليس صلاة الفجر في أول وقتها كانوا يصلونها عند الفجر الأول حرصا ورغبة فقال أسفروا بها أي أخروها إلى أن يطلع الفجر الثاني وتحققوه ويقوى ذلك أنه قال لبلال نوربالفجر قدرمايبصر القوم مواقع نبلهم وقيل الأمر بالإسفار خاص بالليالي المقمرة لأن أول الصبح لا يتبين فيها فأخروا بالإسفار احتياطا) .

ص: 356

921-

(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن محمد بنِ المُنْكَدِرِ، عن سَعيد بن عَبْدِ الرحمن بنِ يَرْبُوعٍ، عن جُوَيْبِر بْنِ الحُوَيْرِثِ قال:

-رَأيْتُ أبا بكرٍ واَقِفاً على قُزَحَ، وهُو يقولُ: يا أيُّها الناسُ أسْفِرُوا، ثمَّ دَفَعَ فَكَأَنِّي أَنْظُر إلى فَخِذَهُ مما يَخْرِشُ بَعِيرَهُ بِمِحْجَنَهِ.

ص: 357

922-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن سالم، عن أبيه:

-أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى المغرِبَ والعِشَاءَ بالمُزْدَلِفَةَ جَمْعاً (أي جمع تأخير والسنة في هذا الموضع تأخير المغرب إلى العشاء والجمع بينهما ولو صلاهما في طريقه أو صلى كل واحدة في وقتها وفاتته الفضيلة وقال بعض المالكية إن صلى المغرب في وقتها لزمه إعادتها وهو ضعيف كما قال النووي) .

ص: 357

923-

(أخبرنا) : سُفْيانُ أنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أبي يَزِيدَ، يقُولُ: سمعت ابنَ عَباسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

-كُنْتُ فِيمَنْ قَدَّمَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم من ضَعَفَةِ أهْلِهِ من المُزْدَلِفَةِ إلى منىً (في بعض الأحاديث أن سودة استأذنت رسول الله أن تفيض من جمع بليل فأذن لها فدل هذا على جواز الدفع من مزدلفة قبل الفجر والصحيح المبيت بالمزدلفة ليلة النحر واجب عند الشافعي أن تركه لزمه دم وقيل هو سنة من تركه فاتته الفضيلة ولا دم عليه وهو قول للشافعي وقالت طائفة لا يصح حجه) .

ص: 357

924-

(أخبرنا) : الشافعيُّ، عن داودَ بنِ عبد الرحمنِ العَطَّار، وعبد العزيز ابْنِ مُحمدٍ الدَّرَاوَرْدِي، عن هِشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، قال:

-دارَ

⦗ص: 358⦘

رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أمِّ سَلَمَةَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأمَرَها أنْ تعَجِّلَ الإفَاضَةَ من جَمْعٍ حتى تَأتِي مَكَّةَ فَتُصَلِّي بها الصُّبْحَ، وكانَ يَوْمَهَا، فأَحَبَّ أنْ تُوَافيه (دار رسول الله إلى أم سلمة أي رجع إليها فأمرها أن تعجل الإفاضة أي السير من الجمع أي المزدلفة سميت جمعا لإجتماع الناس بها أو لأن آدم اجتمع فيها بحواء حين هبطا من الجنة (وكان يومها) أي كان اليوم يومها فأحب أن توافيه) .

ص: 357

925-

(أخبرنا) : مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنَ المَشْرِقِييِّنَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أبيه: عن زَيْنَبَ بِنْتِ أمِّ سَلَمَةَ:

-عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.

ص: 358

926-

(أخبرنا) : مُسلمُ بنُ خالد، ٍو سَعيدُ بن سَالم، عن عَطَاءٍ، عن عَبْدِ اللَّه بْنِ عَبَّاسٍ، أخْبَرَني الفضْلُ بنُ عباس:

-أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أَرْدَفَهُ مِنْ جَمْعٍ إلى منىً، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي، حتى رَمَى الْجَمْرَةَ (هو دليل على استدامة التلبية حتى يفرغ من رمي جمرة العقبة وبه قال أحمد وإسحاق وبعض السلف ورواية مسلم لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة وهي تدل على استدامة التلبية حتى الشروع في رمي جمرة العقبة غداة يوم النحر وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وسفيان الثوري وأردفه أركبه وراءه وجمع هي المزدلفة كما مر) .

ص: 358

927-

(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن مُحمدِ بنِ أبي حَرْمَلَةَ، عن كُرَيْبٍ مَولَى ابنِ عباسٍ، عن الفَضْل:

-عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.

ص: 358

928-

(أخبرنا) : الثِّقَةُ، أنْبَأَنَا: ابنُ أبي نُجَيحٍ، أو سُفيانُ، أوْ هُما، عن هِشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيه:

-أنَّ ابْن عُمَرَ كان يُحَرِّكُ ف مُحَسِّرٍ، ويَقُولُ شِعراً:

⦗ص: 359⦘

إلَيْكَ تَعْدو قَلِقاً وضِّينُهَا * مُخَالِفاً دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا (محسر بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المشددة: موضع بمنى وقيل واد بين عرفات ومنى والوضين للهودج بمنزلة البطان للقتب والتصدير للرحل والحزام للسرج وقيل هو بطان منسوج بعضه على بعض يشد به الرحل على البعير ووضين قلق: سريع الحركة فهو وصف بالخفة وقلة الثبات كالحزام إذا كان رخوا وفي اللسان أنشد أبو عبيدة:

إليك تعدو قلقا وضينها * معترضا في بطنها جنينها

مخالفا دين النصارى دينها

أراد دينه لأن الناقة لا دين لها قال ابن بري وهذه الأبيات يروى أن ابن عمر أنشدها لما اندفع من جمع ووردت في حديثه أراد أنها قد هزلت ودقت للسير عليها قال ابن الأثير أخرجه البروي والزمخشري عن ابن عمر وأخرجه الطبراني في المعجم عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفات وهو يقول: إليك تعدو قلقا وضينها اهـ وتعدو: تقارب الهرولة ومشيها والعدو دون الجري) .

ص: 358

929-

(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه قال:

- دَفَعَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم من المُزْدَلِفَةَ، فَلَمْ تَرْفَعْ نَاقَتُهُ يَدَهَا وَضِعَةً، أي مُسْرِعَة حتى رَمى الْجَمْرَةَ (دفع رسول الله من المزدلفة: ابتدأ السير ودفع نفسه منها ونحاها أو دفع ناقته وحملها على السير «ولم ترفع ناقته يدها إلى منى أي وقفت» واضعة" مقيمة ترعى الحمض أو راعية الحمض تفيد كونه حول الماء أي أنها ظلت واقفة ترعى الحمض حتى رمى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم الجمرة والجمرة اجتماع القبيلة الواحدة على من ناوأها من سائر القبائل ومن هذا قيل لمواضع الجمار التي ترمى بمنى جمرات لأن كل مجمع حصى فيها جمرة وهي ثلاث جمرات اهـ لسان قال الفيومي: وكل شئ جمعته فقد جمرته ومنه الجمرة وهي مجتمع الحصى بمنى فكل كوتة من الحصى بمنى جمرة وجمرات من ثلاث بين كل جمرتين نحو غلوة سهم) .

ص: 359

930-

(أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالمٍ القَدَّاحُ، عن أيْمَنَ بْنِ نَابِلٍ، أخبرني: قُدَامَةُ بنُ عَبدِ اللَّهِ بنِ عَمَّار الكِلابي، قال:

-رأيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ على نَاقَةٍ صَهْبَاءَ، لَيْسَ ضَرْبٌ، ولا طَرْدٌ، ولَيْسَ

⦗ص: 360⦘

قِيلُ إليْكَ إليْكَ (قال سيبويه وقالوا إليك إذا قلت تنح وفي حديث الحج وليس ثم طرد ولا إليك إليك قال ابن الأثير هو كما تقول الطريق الطريق ويفعل بين يدي الأمراء ومعناه تنح وابعد وتكريره للتأكيد اهـ لسان وخبر ليس محذوف تقديره وليس هنالك ضرب ولا طرد ولا قيل إليك إليك أي لم يكن يعمل لرسول الله في ذلك الوقت ما يعمل للعظماء أو للملوك إذا حضروا من ضرب الناس وطردهم وتنحيتهم وشتمهم كما نسمع عنه الآن منعا للزحام وإبعاد الناس عنهم أي لم يكن يصاحب حضور رسول الله في هذا الوقف شئ من تلك المظاهر التي اعتدنا أن نراها من الشرطة حين حضور العظماء وكبار الحكام المحافل والمجتمعات لأن رسول الله لا يرضى أن يؤذي أحدا بسببه ولا أن يظهر بمظهر العظمة والسيطرة وأخذ النماس بالشدة والعنف والصهباء حمراء يعلوها سواد وقيل الحمراء وقيل الشقراء وهي التي تخلط بياضها حمرة وقيل البيضاء وقد أخذته الشافعية في استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر من ركوب لمن وصل منى راكبا وأما من وصلها ماشيا فيرمها ماشيا وهذا في يوم النحر وأما يوما التشريق الأولان فالسنة أن يرمي فيهما ماشيا وفي اليوم الثالث يرمي راكبا وينفرد في هذا كله مذهب الشافعي ومالك وقال أحمد يستحب أن يرمي يوم النحر ماشيا وكان ابن عمربن الزبير وسالم يرمون مشاة في هذا وأيمن الذي في سند هذا الحديث بفتح الهمزة والميم وهو في الأصل لمن يعمل بيمناه أو للميمون أي المبارك ثم استعمل علما وهو ابن نابل بنون فباء موحدة فلام وكان في الأصل نائل كما أن قدامة بن عبد الله بن عمار كان في الأصل ابن عمير في نسخة وعمران في أخرى فصححنا هذا وذاك من الخلاصة وأسماء رواة البخاري) .

ص: 359

931-

(أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابنِ جُرَيْج، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابرٍ:

-أنَّهُ رَأَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رَمَى الْجِمَارَ بِمِثْلِ حَصَى الْخُذْفِ

⦗ص: 361⦘

(الخذف بالخاء المعجمة مصدر خذفه يخذفه بمعنى رماه بصغار الحصاء فالخذف رميك بحصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك وقال الأزهري هو الرمي بالحصى الصغار بأطراف الأصابع اهـ وفيه دليل على استحباب كون الحصى في هذا القدر وهو كقدر حبة الباقلا ولو رمى بأكبر أو أصغر جاز مع الكراهة وفي النهاية لأبن الأثير في حديث رمي الجمار عليكم بمثل حصى الخذف أي صغارا والحديث الثاني في معنى هذا الحديث ولا جديد بينه أي أنهما في الحث على الرمي بالحصا الصغار فيفيدان هما وما في معناهما من الأحاديث استحباب ذلك ومنه الجمرة وهي مجتمع الحصى بمنى) .

ص: 360

932-

(أخبرنا) : سُفيانُ، عن حُميد بن قَيس، عن مُحمدِ بن إبراهيمَ بن الحارِث التَّيْمِيِّ، عن رَجُلٍ من قومه بني تَيْمٍ، يُقَالُ لهُ مُعَاذُ، أو ابن مُعاذ:

-أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُنْزِلُ الناسَ بمنىً مَنَازِلَهُمْ، وهو يقُولُ:«أَرْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ» .

ص: 361

933-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابن عُمرَ،:

-أنَّهُ كانَ يقُولُ: مَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْيِ بَعِيرٌ أوْ بَقَرَةٌ.

ص: 361

934-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابرٍ قالَ:

-نَحَرْناَ مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عامَ الحُدَيْبِيَةِ البَدَنَةَ عن سَبْعَةٍ، وَالبقَرَةَ عن سَبْعَةٍ (وفي الحديث دلالة على جواز الإشتراك في الهدي وبه أخذ الشافعي وأحمد وجمهور العلماء وقال داود يجوز الإشتراك في هدي التطوع دون الواجب وقال مالك لا يجوز مطلقا وقال أبو حنيفة يجوز إن كانوا كلهم متقربين والبدنة ناقة أو بقرة أو بعير ذكر) .

ص: 361

935-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، أن ابن عُمرَ:

-كان إذَا حَلَقَ فِي حَجٍّ أو عُمْرَةٍ أخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وشاَرِبِهِ (ظاهر هذا أن التقصير يشمل تقصير اللحية والشارب لا الرأس فقط) .

ص: 361

936-

(أخبرنا) : يَحْيَ بنُ سُلَيم، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ، عن نافع، عن ابن عُمَرَ:

-أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لأَهْلِ السِّقَايَةِ مِنْ أهْلِ بَيْتهِ، أمْ يَبِيتُوا بمكة لَياَلِيَ مِنىً

⦗ص: 362⦘

(يؤخذ منه أن المبيت بمنى أيام التشريق مأمور به واختلفوا أواجب هو أم سنة وللشافعي فيه قولان أصحهما الوجوب وبه قال مالك وأحمد والثاني سنة وبه قال أبو حنيفة فمن أوجبه أوجب الدم في تركه ومن قال بسنيته لم يوجب ذلك وهل يبيت معظم الليل أو يكفي ساعة هما قولان للشافعي وفهم منه أيضا جواز ترك هذا المبيت لأهل السقاية وأن يذهبوا إلى مكة ليستقوا بالليل الماء من زمزم ويجعلوه في الحياض مسبلا للشاربين وهو جائز لكل من يتولى السقاية وكذا لو حدثت سقاية أخرى كان لأهلها هذا الحق) .

ص: 361

937-

(أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابنِ جُرَيْج، عن عَطَاءٍ:

- مِثْلَهُ وزادَ عَطاءٌ من أجْلِ سِقَايَتِهِمْ.

ص: 362

938-

(أخبرنا) : سُفْيانُ، عن أبي حُسَيْن، عن أبي عَلِيِّ الأزْدِيّ قال:

-سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ يَقُولُ لِلْحَالِقِ: يَاغُلَامُ ابْلُغِ العَظْم، وإنْ قَصَّرَ أخَذَ مِنْ جَانِبِهِ الأيْمَنِ قَبلَ جانبهِ الأيْسَر (أبلغ العظم يريد المبالغة في الحلق واستقصاء أخذ الشعر قال الشافعي: والعظم هوا لذي عند منقطع الصدغين وإذا قصر بدأ بالجانب الأيمن إلخ يدل على أن السنة البدء بالجانب الأيمن ويؤيده الحديث الذي يليه ويشير الحديث إلى جواز الأمرين الحلق والتقصير لكن في الحديث الصحيح يرحم اللَّه المحلقين مرة أو مرتين ثم قال والمقصرين فدل على تفضيل الحلق وهذا مجمع عليه من العلماء واجمعوا على أن الأفضل حلق جميع الرأس أو تقصيره جميعه واختلفوا في أقل ما يجزي فيهما فعند الشافعي ثلاث شعرات وعند أبي حنيفة ربع الرأس وعند مالك وأحمد أكثر الرأس والمشروع في حق النساء التقصير ويكره لهن الحلق) .

ص: 362

939-

(أخبرنا) : سُفيانُ، عن عمْروبنِ دِينارٍ، قال:

-أخْبَرَنِي حَجَّامٌ أنَّهُ قَصَّرَ لإبن عباسٍ فقال: ابْدَأْ بِالشِّقِّ الأيْمَنِ.

ص: 362

940-

(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن سُلَيمانَ الأَحْولِ، وهو سُلَيمانُ بن أبي مُسلم خالُ ابن أبي نُجيْحٍ، وكان ثِقَةً، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ قال:

-كانَ الناسُ يَنْصَرِفُونَ لكُلّ وَجْهٍ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:

⦗ص: 363⦘

"لَا يَصْدُرَنَّ أحَدٌ من الحج حتى يكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالبَيْت (كان الناس ينصرفون لكل وجه أي يذهبون لأوجه مختلفة قاصدين إلى بلادهم من قبل أن يطوفوا طواف الوداع فنهاهم الرسول عن الذهاب إلى بلادهم قبل الطواف بالبيت بقوله لا يصدرن أحد أي لا يرجعن أحد إلخ) .

ص: 362

941-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه قال:

- «لَا يَصْدُرَنَّ أحَدٌ من الحاجِّ، حتى يكونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالبَيْت، فإنَّ آخِرَ النُّسْك الطَّوَافُ بِالبَيْتِ (لا يصدرن أحد أي لا يرجعن إلى بلده (من الحاج) أي الحجاج فالحاج إسم جنس وقد يكون إسما للجمع كالجامل والباقر كما قال صاحب التاج» حتى يكون آخر عهده بالبيت «أي يطوف» فإن آخر النسك"بضمتي النون والسين أو بضم فسكون: الطاعة والعبادة وكل ما تقرب به إلى الله تعالى وما أمرت به الشريعة وفي الحديث وما يليه دلالة لمن قال بوجوب طواف الوداع وأنه إذا تركه لزمه دم وهو الصحيح من مذهب الشافعية وبه قال أبو حنيفة وأحمد وقال مالك وداود هو سنة لا شئ في تركه) .

ص: 363

942-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ، أن عُمَرَ رضي الله عنه قال:

- "لَا يَصْدُرَنَّ أحَدٌ من الحاجِّ، حتى يطُوفَ بِالبَيْت، فإنَّ آخِرَ النُّسْك الطَّوَافُ بِالبَيْتِ قال مالكٌ: وذلكَ فيما نرَى، واللَّهُ أَعْلَمُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ:(ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى البَيْت العَتِيقِ) ، مَحَلَّ الشَّعائِرِ، وانْقِضَاؤهَا إلى البَيْت العَتِيق

⦗ص: 364⦘

(المعنى المتبادر من قوله تعالى «ذلك ومن يعظم شعائر اللَّه فإنها من تقوى القلوب لكم قيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق» إن المراد من الشعائر البدن والمهداة لأنها تشعر أي تعلم بالوخز بالسكين وإسالة الدم ومنافعها الركوب والنسل واللبن والصوف ينتفعون بها في هذه الأمور إلى أن تنحر وتعظيمها بتخير الجيد منها الحسن السمين الغالي الثمن فإن تعظيمها من أفعال ذي تقوى القلوب ثم هي وقت نحرها منتهية إلى البيت أي ما يليه من الحرم وقد رجح هذا الوجه البيضاوي وغيره قال وهو أوفق لظاهرما بعده وقيل المراد من الشعائر مواضع الحج لكم في تلك المواضع منافع بالأجر بأداء ما يلزم أداؤه فيها إلى أجل مسمى وهو القضاء أيام الحج ثم محلها أي محل الناس من إحرامهم إلى البيت العتيق أي منته إليه بأن يطوفوا به طواف الزيارة يوم النحر وروى نحو ذلك عن مالك الموطأ اهـ من البيضاوي والألوسي) .

ص: 363

943-

(أخبرنا) : مُسْلمٌ، عن سُلَيمانَ الأَحْولِ، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ قال:

-أُمِرَ الناسُ أنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالبيت، إلا أنَّه رُخِّصَ لِلْمَرْأَةِ الحائِضِ (هذا دليل لوجوب طواف الوداع على غير الحائض وسقوطه عنها وأنه لا يلزمها دم إذا بتركه وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد وأبي حنيفة وحكى عن عمر وزيد بن ثابت أنها مأمورة بالمقام لطواف الوداع وهذا الرأي محجوج بالحديث والذي يليه) .

ص: 364

944-

(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن ابنِ طاووسٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قال:

- أُمِرَ الناسُ أنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالبيت، إلا

إلى آخِرِه.

ص: 364

945-

(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عمْروبنِ دِينارٍ، وإبراهيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عن طاووسٍ قال:

-جَلَسْتُ إلى ابنِ عُمَرَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لا يَنْصَرِفْ أحَدُكُمْ حتى يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بالبيت، فَقُلْتُ: مَالَهُ أَمَا سَمِعَ أصحابه؟ ثم جَلَسْتُ إليه مِنَ العاَمِ المُقْبِلِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: زَعَمُوا أنَّهُ رُخِّصَ للمرْأةِ الحائض

⦗ص: 365⦘

(رخص للمرأة الحائض أي في ترك طواف الوداع لأن حيضها عاقها عن أدائه بصيرورتها غير أهل لهذه العبادة وفي إبقائها وتأخيرها إلى أن تطهر ثم تؤديه مشقة عليها فأعفيت منه هذا هو مذهب العلماء كافة) .

ص: 364

946-

(أخبرنا) : سَعيدُ بن سَالم، عن ابنِ جُرَيْج، عن الحَسَنْ بن مُسْلم، عن طاووسٍ قال:

-كُنْتُ مع ابن عباس إذْ قالَ لهُ زَيْدٌ بنُ ثابِتٍ: أَتُفْتِي أنْ تَصْدُرَ الحائضُ قَبل أنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالبَيْتِ؟ قال: نَعَمْ، قال زَيْدٌ: فلَا يُفْتى بذلك، فقال ابن عباسٍ: إمَّا لَا، فاسْأَلْ فُلَانَةَ الأنْصَارِيَّةَ هَلْ أمَرَهَا رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: فَرَجَعَ زَيْدٌ بنُ ثابِتٍ يَضْحَكُ، فقال: مَأرَاكَ إلَاّ صَدَقْتَ (ظاهر من الحديث أن زيد بن ثابت كان مخالفا في إعفاء المرأة الحائض من طواف الوداع ولكنه بعد مناقشة بن عباس وسؤاله الأنصارية عاد معترفا بصدق ابن عباس وظاهر هذا عدوله عن رأيه الأول فذكر العلماء خلافه في هذه المسألة مبني على رأيه الأول قبل أن يصنفه ابن عباس واللَّه أعلم) .

ص: 365

947-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن أبي الرَّجَّالِ، عن أُمِّهِ عَمْرَةَ:

-أنَّهاَ أخْبَرَتْهُ أنَّ عائشةَ رضي الله عنها، كانتْ إذَا حَجَّتْ مَعَهاَ نِسَاءٌ تَخَافُ أنْ يَحِضْنَ، قَدَّمَتَهُنَّ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأَفَضْنَ، فإِنْ حِضْنَ بَعْدَ ذلِكَ لَم تَنْتَظِرْ لَهُنَّ أنْ يَطْهُرْنَ فَتَنْفِرُ بِهِنّ وهُنَّ حُيَّضٌ (الإفاضة والنفر والدفع كلها بمعنى واحد وهذا احتياط من السيدة عائشة لتمكين النسوة من إحراز ثواب طواف الوداع والحيلولة بين النسوة وحرمانهن منه وقد أرادت به أن يسرعن بالطواف فيسبقن به الحيض حتى لا يحرمن ثوابه ولا يدخل عليهن الغم بحرمانهن منه) .

ص: 365

948-

(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن أيُّوبَ، عن القاسم بنِ مُحمدٍ:

-أنَّ عائشة كانت تأمُرُ النِسَاءَ أنْ يُعَجِّلْنَ الإِفَاضَةَ مَخَافَةَ الْحَيْضِ

⦗ص: 366⦘

(الإفاضة سرعة الركض والإفاضة من عرفات: الدفع منها وأفاض الناس من منى إلى مكة يوم النحر: رجعوا إليها ومنه طواف الإفاضة أي طواف الرجوع من منى إلى مكة وأصل الإفاضة الصب فاستعيرت للدفع في السير يقال فاض الماء كثر وتدفق وأفاض الماء على نفسه صبه فالأصل أفاض نفسه أو راحلته ولم يذكروا المفعول حتى أشبه الفعل اللازم فقوله يعجلن الإفاضة أي الإندفاع من منى إلى مكة ليطفن طواف الإفاضة قبل أن يعوقهن طروء الحيض عن أدائه هذا وأجمع العلماء على أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يصح بدونه واتفقوا على أنه يستحب أن يكون يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق فإن آخره عن يوم النحر وإن أتى به أيام التشريق أجزأه ولادم عليه اتفاقا وكذلك إن أخره إلى بعد أيام التشريق عند الشافعية وقال مالك وأبو حنيفة إذا أخره طويلا لزمه معه دم أما طواف الوداع فتقدم أنه واجب عند أبي حنيفة وأحمد وفي الصحيح من مذهب الشافعية وإن تركه لزمه دم وسنة عند مالك وداود ولاشئ في تركه فوضح الفرق بين الطوافين وتقدم الكلام في أنه رخص للحائض في ترك طواف الوداع وأنها لا تكلف الإنتظار إلى أن تطهر ثم تأتي به وذلك بخلاف طواف الإفاضة فإنه ركن لا بد من أدائه فإذا طرأ الحيض على المرأة اضطرت إلى إنتظار الطهر وأدائه وهذا هو السر في أمر عائشة النساء أن يعجلن بالإفاضة وفي مسلم قالت صفية ما أراني إلا حابستكم قال لها وماكنت طفت يوم النحر قالت بلى قال لا بأس انفري وذلك أن صفية حاضت قبل طواف الوداع فلما أراد النبي الرجوع إلى المدينة قالت ما أظنني إلا حابستكم لإنتظار طهري وطوافي للوداع وظننت أن طواف الوداع لا يسقط عن الحائض فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما كنت طفت طواف الإفاضة يوم النحر؟ قالت بلى قال يكفيك ذلك لأنه هو الركن الذي لا بد من أدائه وأما طواف الوداع فلا يجب على الحائض) .

ص: 365

949-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن هِشَامٍ، عن أبيهِ، عن عائشةَ:

-أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَقِيلَ إنَّها قَدْ حاَضَتْ، فقال رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أحَابِسَتُنَا؟ قيل: إنَّها قَدْ أفَاضَتْ، قالَ فَلَا إذاً " قال مالكٌ، قال هشامٌ، قال عُرْوَةَ، قالت عائشةُ: نَحْنُ نَذْكُرُ ذلكَ، فَلِمَ يُقَدِّمُ الناسُ نِسَاءَهُمْ إنْ كان لَا يَنْفَعَهُمْ، ولو كانَ ذلك

⦗ص: 367⦘

الذي يَقُولُ لأَصْبَح بِمِنىً أكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ لآلَافِ امْرَأَةٍ حَائِضٍ (أحابستنا أي أمانعتنا من السفر إنتظاراً لطهرها وطوافها فقيل له إنها أفاضت أي طافت طواف الإفاضة قبل أن تحيض فقال فلا إذا أي أنها ليست بحابستنا ما دامت قد أفاضت ومن هذا يتبين أنهم يطلقون الإفاضة على طواف الإفاضة لأنها سببه وفي رواية مسلم أفاضت وطافت وقول عائشة نحن على ذكر من قصة صفية في هذا الأمر ثم أرادت أن تقرر هذا الحكيم وهو التعجيل بالإفاضة مخافة الحيض فقالت إنه لولا ذلك ما عجل الناس إفاضة نسائهم وأيدت ذلك بقولها لولا هذا التعجيل لأصبح بمنى كثير من الحائضات المحبوسات عن السفر) .

ص: 366

950-

(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَبْد الرحمنِ بنِ القاسمِ، عن أبيه، عن عائشةَ رضي الله عنها أَنَّهاَ قالَتْ:

-حَاضَتْ صَفِيَّةَ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ، فَذَكَرَتْ حَيْضَتَهاَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال:«أحَابِسَتُنَا هِيَ» ؟ فَقُلْتُ: يا رسولَ اللَّهِ: إنَّها قَدْ حَاضَتْ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ، قالَ:«فَلَا إذاً» (يظهر من هذا الحديث وغيره أنهم يريدون ممن الإفاضة طواف الإفاضة فإنه لما بلغ النبي حيض صفية قال: أحابستنا هي أي أمانعتنا من السفر إنتظارا لطهرها وطوافها ثم قيل له أنها قد أفاضت قال فلا إذاً أي فليست بحابستنا ما دامت قد أفاضت وظاهر أن الدفع إلى مكة قبل الطواف لا يؤدي إلى هذه النتيجة وإنما الذي يؤدي إليها الطواف وقد بان من هذا الحديث وما بعده وما قبله أن طواف الإفاضة لا يسقط عن الحائض بل تقيم حتى تطهر فإن ذهبت إلى بلدهاقبله بقيت محرمة بخلاف طواف الوداع) .

ص: 367

951-

(أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ الرحمن بن القاسمِ نَحْوَهُ.

ص: 367

952-

(أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن الزَّهْريِّ، عَن عُرْوَةَ، عن عائشةَ:

-أنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ، فَذَكَرَتْ عائشةُ حَيْضَتَهاَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال:«أحَابِسَتُنَاَ» ؟ فَقُلْتُ: إنَّها قَدْ أَفَاضَتْ، ثم حَاضَتْ بَعْدَ ذلِكَ، فقالَ:«فَلْتَنْفِرْ إذاً» .

ص: 367