المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل قال صاحب الرسالة ذكر جمل من احتجاجهم والاحتجاج عليهم من إوكد - مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط العلمية - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصل مِفْتَاح دَار السَّعَادَة

- ‌فصل الشَّرَائِع كلهَا فِي أُصُولهَا وَإِن تباينت متفقة مركوز حسنها فِي

- ‌فصل وَقد أنكر تَعَالَى على من نسب إِلَى حكمته التَّسْوِيَة بَين الْمُخْتَلِفين

- ‌فصل وَتَحْقِيق هَذَا الْمقَام بالْكلَام فِي مقامين أَحدهمَا فِي الْأَعْمَال خُصُوصا

- ‌فصل وَأما المسئلة الثَّانِيَة وَهِي مَا تَسَاوَت مصْلحَته ومفسدته فقد اخْتلف

- ‌فصل وَهَهُنَا سر بديع من أسرار الْخلق وَالْأَمر بِهِ يتَبَيَّن لَك حَقِيقَة الْأَمر

- ‌فصل وَأما مَا خلقه سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ أوجده لحكمة فِي إيجاده فَإِذا اقْتَضَت

- ‌فصل فَهَذِهِ أقوى أَدِلَّة النفاة باعترافهم بِضعْف مَا سواهَا فَلَا حَاجَة بِنَا

- ‌فصل وَإِذا قد انتهينا فِي هَذِه المسئلة إِلَى هَذَا الْموضع وَهُوَ بحرها

- ‌فصل وَقد سلم كثير من النفاة أَن كَون الْفِعْل حسنا أَو قبيحا بِمَعْنى

- ‌فصل إِذا عرفت هَذِه الْمُقدمَة فَالْكَلَام على كَلِمَات النفاة من وُجُوه:

- ‌فصل والأسماء الْحسنى وَالصِّفَات الْعلَا مقتضية لآثارها من الْعُبُودِيَّة

- ‌فصل وَعكس هَذَا أَنه لم تشْتَرط الْمُكَافَأَة فِي علم وَجَهل وَلَا فِي كَمَال

- ‌فصل وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي الْإِيجَاب فِي حق الله سَوَاء الْأَقْوَال فِيهِ كالأقوال

- ‌فصل وَقد ظهر بِهَذَا بطلَان قَول طائفتين مَعًا الَّذين وضعُوا لله شَرِيعَة

- ‌فصل وَأما مَا ذكره الفلاسفة من مَقْصُود الشَّرَائِع وان ذَلِك لاستكمال

- ‌فصل وَهَذِه الكمالات الْأَرْبَعَة الَّتِي ذكرهَا الفلاسفة للنَّفس لَا بُد مِنْهَا

- ‌فصل وَرَأَيْت لبَعض فضلائهم وَهُوَ أَبُو الْقَاسِم عِيسَى بن عَليّ بن عِيسَى رِسَالَة

- ‌فصل فلنرجع إِلَى كَلَام صَاحب الرسَالَة قَالَ زَعَمُوا أَن الْقَمَر والزهرة

- ‌فصل قَالَ صَاحب الرسَالَة ذكر جمل من احتجاجهم والاحتجاج عَلَيْهِم من إوكد

- ‌فصل وَأما الِاسْتِدْلَال بِالْآيَاتِ الدَّالَّة على أَن الله سُبْحَانَهُ وضع حركات

- ‌فصل وَأما ماذكره عَن إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن أَنه تمسك بِعلم النُّجُوم حِين

- ‌فصل وَأما الِاسْتِدْلَال بقوله تَعَالَى لخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض أكبر من خلق

- ‌فصل وَأما استدلاله بقوله تَعَالَى {وَمَا خلقنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا بَاطِلا} فَعجب من الْعجب فَإِن هَذَا من اقوى الْأَدِلَّة وأبينها على بطلَان قَول المنجمين والدهرية الَّذين يسندون جَمِيع مَا فِي الْعَالم من الْخَيْر وَالشَّر إِلَى النُّجُوم وحركاتها واتصالاتها ويزعمون أَن مَا تَأتي

- ‌فصل وَأما قَوْله إِن إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه كَانَ اعْتِمَاده فِي

- ‌فصل وَأما استدلاله بِأَن النَّبِي نهى عِنْد قَضَاء الْحَاجة عَن اسْتِقْبَال

- ‌فصل وَأما استدلاله بِحَدِيث ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي إِذا ذكر الْقدر

- ‌فصل وَالَّذِي أوجب للمنجمين كَرَاهِيَة السّفر وَالْقَمَر فِي الْعَقْرَب انهم قَالُوا

- ‌فصل وَأما مَا احْتج بِهِ من الْأَثر عَن عَليّ أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ

- ‌فصل وَأما احتجاجه بِحَدِيث أبي الدَّرْدَاء لقد توفّي رَسُول الله وَتَركنَا

- ‌فصل وَأما مَا نسبه إِلَى الشافعى من حكمه بالنجوم على عمر ذَلِك الْمَوْلُود

- ‌فصل وَأما قَوْله إِن هَذَا علم مَا خلت عَنهُ مِلَّة من الْملَل وَلَا

- ‌فصل وَأما مَا ذكره فِي أَمر الطالع عَن الْفرس وَأَنَّهُمْ كَانُوا يعتنون بطالع

- ‌فصل الْآن الْتَقت حلقتا البطان وتداعى نزال الْفَرِيقَانِ نعم وَهَهُنَا أَضْعَاف

- ‌فصل وَأما الْأَثر الَّذِي ذكره مَالك عَن يحيى بن سعيد أَن عمر بن

- ‌فصل وَأما محبَّة النَّبِي التَّيَمُّن فِي تنعله وَترَجله وَطهُوره وشأنه كُله

- ‌فصل وَأما قَوْله الشؤم فِي ثَلَاث الحَدِيث فَهُوَ حَدِيث صَحِيح من رِوَايَة

- ‌فصل وَأما الْأَثر الَّذِي ذكره مَالك عَن يحيى بن سعيد جَاءَت امْرَأَة إِلَى

- ‌فصل وَأما قَول النَّبِي للَّذي سل سَيْفه يَوْم أحد شم سَيْفك فَإِنِّي

- ‌فصل وَأما مَا احْتج بِهِ وَنسبه إِلَى قَوْله وقدت الْحَرْب لما رأى

- ‌فصل وَأما استقباله الجبلين فِي طَرِيقه وهما مسلح ومخرىء وَترك

- ‌فصل وَأما كَرَاهِيَة السّلف أَن يتبع الْمَيِّت بِشَيْء من النَّار أَو أَن يدْخل

- ‌فصل وَأما تِلْكَ الوقائع الَّتِي ذكروها مِمَّا يدل على وُقُوع مَا تطير بِهِ

- ‌فصل وَمِمَّا كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَتَطَيَّرُونَ بِهِ ويتشاءمون مِنْهُ العطاس كَمَا

- ‌فصل وَأما قَوْله لَا يُورد ممرض على مصح فالممرض الَّذِي إبِله مراض والمصح

- ‌فصل وَيُشبه هَذَا مَا روى عَنهُ من نَهْيه عَن وَطْء الغيل وَهُوَ

- ‌فصل وَيُشبه هَذَا قَوْله للَّذي قَالَ لَهُ إِن لي أمة وَأَنا أكره

- ‌فصل وَأما قَضِيَّة المجذوم فَلَا ريب أَنه روى عَن النَّبِي أَنه قَالَ

الفصل: ‌فصل قال صاحب الرسالة ذكر جمل من احتجاجهم والاحتجاج عليهم من إوكد

الطالع ومدبر الْفلك وَمَا حواه ومسخر الْكَوَاكِب ومجريها على مَا يَشَاء سُبْحَانَهُ أَن جعلكُمْ كالذمة بل أذلّ مِنْهُم تَحت قهر عبيده وَجعل سِهَام سعادتهم من كل خير وَعلم ورئاسة وجاه أوفر من سهامكم وبيوت شرفهم فِي هَذَا الْعَالم اعمر من بُيُوتكُمْ بل خرب بُيُوتكُمْ بِأَيْدِيهِم فَلَا ينعمر مِنْهَا بَيت أَلا بالانضمام إِلَيْهِم والانتماء إِلَى شريعتهم وملتهم وَهَذَا شَأْن الْعَزِيز الْحَكِيم فِي الْكَذَّابين عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى أَن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل سينالهم غضب من رَبهم وذله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نجزي المفترين قَالَ أَبُو قلَابَة هِيَ لكل مفتر من هَذِه الْأمة يَوْم الْقِيَامَة وَهَذِه المحاورة الَّتِي جرت بَين أَصْحَاب هَذَا الْمجمع هِيَ غَايَة مَا يُمكن النجومي أَن يَقُوله وَلَا يصل إِلَى ذَلِك المبرزون مِنْهُم وَمَعَ هَذَا فقد رَأَيْت حاصلها ومضمونها ولعلهم لَو علمُوا أَن هَذِه الْكَلِمَات تَعْتَد من جَمَاعَتهمْ وتتصل بِأَهْل الْإِيمَان لم ينطقوا مِنْهَا ببنت شفة ويأبى الله إِلَّا أَن يفضح المفترى الْكذَّاب وينطقه بِمَا يبين بَاطِلَة 0

‌فصل قَالَ صَاحب الرسَالَة ذكر جمل من احتجاجهم والاحتجاج عَلَيْهِم من إوكد

مَا يستدلون بِهِ على أَن الْكَوَاكِب تفعل فِي هَذَا الْعَالم أَولهَا دلَالَة على مَا يحدث فِيهِ انهم امتحنوا عدَّة مواليد صححوا طوالعها وَجَمَاعَة مسَائِل راعوها فوجدوا الْقَضِيَّة فِي جَمِيع ذَلِك صَادِقَة فدلهم ذَلِك على أَن الْأُصُول الَّتِي عمِلُوا عَلَيْهَا صَحِيحَة فَيُقَال لَهُم إِذا كَانَ مَا تَدعُونَهُ من هَذَا دَلِيلا على صِحَة الْأَحْكَام فَمَا الْفضل بَيْنكُم وَبَين من قَالَ الدَّلِيل على بطلَان الْأَحْكَام أَن امتحنا مواليد صححنا طوالعها ومسائل تفقدنا أحوالها فَوَجَدنَا جَمِيعهَا بَاطِلا وَلم يَصح الحكم فِي شَيْء مِنْهَا

فَإِن قَالُوا إِنَّمَا يكون هَذَا لجَوَاز الْغَلَط على المنجم الَّذِي عَملهَا قيل لكم فَمَا تنكرون من أَن يكون صدق المنجم فِي حكمه بِاتِّفَاق وتخمين كإخراج الزَّوْج والفرد وَصدق الحزر فِي الْوَزْن والكيل والذرع وَالْعدَد وَإِذا كَانَت الدّلَالَة على صِحَة مَقَالَتَكُمْ صدقكُم فِي بعض أحكامكم فالدلالة على بُطْلَانهَا كذبكم فِي بَعْضهَا

فَإِن قَالُوا لَيْسَ مَا قُلْنَاهُ بتخمين لانا إِنَّمَا نحكمه على أصُول مَوْضُوعَة فِي كتب القدماء قيل لَهُم لسنا نشك فِي أَنكُمْ تتبعون مَا فِي الْكتب وتقلدون من تقدمكم وَمَا يَقع من الصدْق فَإِنَّمَا يَقع بِحَسب الأنفاق وَالَّذِي حصلتم عَلَيْهِ هُوَ الحدس والتخمين بِحَسب مَا فِي الْكتب

وَمِمَّا يسْتَدلّ بِهِ من ينتسب إِلَى الْإِسْلَام مِنْهُم على تَصْحِيح دلَالَة النُّجُوم قَوْله تَعَالَى فَنظر نظرة فِي النُّجُوم فَقَالَ إِنِّي سقيم وَلَا حجَّة فِي هَذَا الْبَتَّةَ لِأَن إِبْرَاهِيم عليه الصلاة والسلام إِنَّمَا قَالَ هَذَا ليدفع بِهِ قومه عَن نَفسه أَلا ترى أَنه عز وجل قَالَ بعد فتولوا عَنهُ مُدبرين فرَاغ إِلَى آلِهَتهم فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ فَبين تبارك وتعالى أَنه إِنَّمَا قَالَ ذَلِك ليدفعهم بِهِ لما كَانَ عزم عَلَيْهِ من أَمر

ص: 185

الْأَصْنَام وَلَيْسَ يحْتَاج أحد إِلَى معرفَة أصحيح هُوَ أم سقيم من النُّجُوم لِأَن ذَلِك يُوجد حسا وَيعلم ضَرُورَة وَلَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى اسْتِدْلَال وَبحث قلت قد احْتج لَهُم بِغَيْر هَذِه الْحجَج فنذكرها ونبين بطلَان استدلالهم بهَا وَبَيَان الْبَاطِل مِنْهَا قَالَ أَبُو عبد الله الرازى اعْلَم أَن المثبتين لهَذَا الْعلم احْتَجُّوا من كتاب الله بآيَات

إِحْدَاهَا الْآيَات الدَّالَّة على تَعْظِيم هَذِه الْكَوَاكِب فَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى فَلَا أقسم بالخنس والجواري الكنس وَأكْثر الْمُفَسّرين على أَن المُرَاد هُوَ الْكَوَاكِب الَّتِي تسير رَاجِعَة تَارَة ومستقيمة أُخْرَى وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم وَإنَّهُ لقسم لَو تعلمُونَ عَظِيم وَقد صرح تَعَالَى بتعظيم هَذَا الْقسم وَذَلِكَ يدل على غَايَة جلالة مواقع النُّجُوم وَنِهَايَة شرفها وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى وَالسَّمَاء والطارق وَمَا أَدْرَاك مَا الطارق النَّجْم الثاقب قَالَ ابْن عَبَّاس الثاقب هُوَ زحل لِأَنَّهُ يثقب بنوره سمك السَّمَوَات السَّبع وَمِنْهَا أَنه تَعَالَى بَين ألهيته بِكَوْن هَذِه الْكَوَاكِب تَحت تَدْبيره وتسخيره فَقَالَ وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم مسخرات بأَمْره أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر تبَارك الله رب الْعَالمين النَّوْع الثَّانِي الْآيَات الدلة على أَن لَهَا تَأْثِيرا فِي هَذَا الْعَالم كَقَوْلِه تَعَالَى فالمدبرات أمرا وَقَوله فَالْمُقَسِّمَات أمرا قَالَ بَعضهم المُرَاد هَذِه الْكَوَاكِب

النَّوْع الثَّالِث الْآيَات الدَّالَّة على أَنه تَعَالَى وضع حركات هَذِه الأجرام على وَجه ينْتَفع بهَا فِي مصَالح هَذَا الْعَالم فَقَالَ {هُوَ الَّذِي جعل الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نورا وَقدره منَازِل لِتَعْلَمُوا عدد السنين والحساب مَا خلق الله ذَلِك إِلَّا بِالْحَقِّ} وَقَالَ {تبَارك الَّذِي جعل فِي السَّمَاء بروجا وَجعل فِيهَا سِرَاجًا وقمرا منيرا}

النَّوْع الرَّابِع أَنه تَعَالَى حكى عَن إِبْرَاهِيم عليه السلام انه تمسك بعلوم النُّجُوم فَقَالَ فنظرة نظرة فِي النُّجُوم فَقَالَ إِنِّي سقيم النَّوْع الْخَامِس أَنه قَالَ لخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض أكبر من خلق النَّاس وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ وَلَا يكون المُرَاد من هَذَا كبر الجثة لِأَن كل أحد يعلم ذَلِك فَوَجَبَ أَن يكون المُرَاد كبر الْقدر والشرف وَقَالَ تَعَالَى ويتفكرون فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض رَبنَا مَا خلقت هَذَا بَاطِلا وَلَا يجوز أَن يكون المُرَاد أَنه تَعَالَى خلقهَا ليستدل بتركيبها وتأليفها على وجود الصَّانِع لِأَن هَذَا الْقدر حَاصِل فِي تركيب البقة والبعوضة وَفِي حُصُول الْحَيَاة فِي بنية الْحَيَوَانَات على وجود الصَّانِع أقوى من دلَالَة تركيب الأجرام الفلكية على وجود الصَّانِع لِأَن الْحَيَاة لَا يقدر عَلَيْهَا أحد أَلا الله أما تركيب الْأَجْسَام وتأليفها فقد يقدر على جنسه غير الله فَلَمَّا كَانَ هَذَا النَّوْع من الْحِكْمَة حَاصِلا فِي غير الأفلاك ثمَّ أَنه تَعَالَى خصها بِهَذَا التشريف وَهُوَ قَوْله {رَبنَا مَا خلقت هَذَا بَاطِلا} علمنَا أَن لَهُ تَعَالَى فِي تخليقها أسرارا عالية وَحكما بَالِغَة تتقاصر عقول الْبشر عَن إِدْرَاكهَا وَيقرب من هَذِه الْآيَة قَوْله تَعَالَى {وَمَا خلقنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا بَاطِلا ذَلِك ظن الَّذين كفرُوا فويل للَّذين كفرُوا من النَّار} وَلَا يُمكن أَن يكون المُرَاد أَنه تَعَالَى خلقهَا على وَجه يُمكن

ص: 186

الِاسْتِدْلَال بهَا على وجود الصَّانِع الْحَكِيم لِأَن كَونهَا دَالَّة على الافتقار إِلَى الصَّانِع أَمر ثَابت لَهَا لذاتها لِأَن كل متحيز فَهُوَ مُحدث وكل مُحدث فَإِنَّهُ مفتقر إِلَى الْفَاعِل فَثَبت أَن دلَالَة المتحيزات على وجود الْفَاعِل أَمر ثَابت لَهَا لذواتها وأعيانها وَمَا كَانَ كَذَلِك لم يكن سَبَب الْفِعْل والجعل فَلم يُمكن حمل قَوْله {وَمَا خلقنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا بَاطِلا} على هَذَا الْوَجْه فَوَجَبَ حمله على الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ

النَّوْع السَّادِس روى أَن عمر بن الْخيام كَانَ يقْرَأ كتاب المجسطي على استاذه فَدخل عَلَيْهِم وَاحِد من أجلاف المتفقهة فَقَالَ لَهُم مَاذَا تقرؤن فَقَالَ عمر بن الْخيام نَحن فِي تَفْسِير آيَة من كتاب الله افلم ينْظرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقهم كَيفَ بنيناها وزيناها وَمَالهَا من فروج فَنحْن نَنْظُر كَيفَ خلق السَّمَاء وَكَيف بناها وَكَيف صانها عَن الْفروج: النَّوْع السَّابِع أَن إِبْرَاهِيم عليه السلام لما اسْتدلَّ على إِثْبَات الصَّانِع تَعَالَى بقوله ربى الَّذِي يحي وَيُمِيت قَالَ لَهُ نمْرُود أتدعى أَنه يحي وَيُمِيت بِوَاسِطَة الطبائع والعناصر أَو لَا بِوَاسِطَة هَذِه الْأَشْيَاء فان ادعيت الأول فَلذَلِك مِمَّا لَا تَجدهُ الْبَتَّةَ لِأَن كل مَا يحدث فِي هَذَا الْعَالم فَإِنَّمَا يحدث بِوَاسِطَة أَحْوَال العناصر الْأَرْبَعَة والحركات الفلكية وَإِذا ادعيت الثَّانِي فَمثل هَذَا الْإِحْيَاء والإماتة حَاصِل منى وَمن كل أحد فَإِن الرجل قد يكون سَببا لحدوث الْوَلَد لَكِن بِوَاسِطَة تمزيج الطبائع وتحريك الأجرام الفلكية وَلذَلِك قد نمت بِهَذِهِ الوسائط وَهَذَا هُوَ المُرَاد من قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن الْخصم أَنا أَحَي وأميت ثمَّ أَن إِبْرَاهِيم عليه الصلاة والسلام أجَاب عَن هَذَا السُّؤَال بقوله فَإِن الله يَأْتِي بالشمس من الْمشرق فأت بهَا من الْمغرب يَعْنِي هَب أَنه سُبْحَانَهُ إِنَّمَا يحدث حوادث هَذَا الْعَالم بِوَاسِطَة الحركات الفلكية لكنه تَعَالَى هُوَ المبديء للحركات الفلكية لِأَن تِلْكَ الحركات لَا بُد لَهَا من سَبَب وَلَا سَبَب لَهَا سوى قدرَة الله تَعَالَى فَثَبت أَن حوادث هَذَا الْعَالم وَأَن سلمنَا إِنَّهَا إِنَّمَا حصلت بِوَاسِطَة الحركات الفلكية لكنه لما كَانَ الْمُدبر لتِلْك الحركات بِوَاسِطَة الطبائع وحركات الأفلاك إِلَّا أَن حركات الأفلاك لَيست منا بِدَلِيل أَنا لَا نقدر على تحريكها على خلاف التحريك الإلهي وَظهر الْفرق وَهَذَا هُوَ المُرَاد من قَول إِبْرَاهِيم عليه الصلاة والسلام فَإِن الله يَأْتِي بالشمس من الْمشرق فأت بهَا من الْمغرب يعْنى هَب أَن هَذِه الْحَوَادِث فِي هَذَا الْعَالم حصلت بحركة الشَّمْس من الْمشرق إِلَّا أَن هَذِه الحركات من الله لِأَن كل جسم متحرك فَلَا بُد لَهُ من محرك وَذَلِكَ المحرك لست أَنْت وَلَا أَنا فَلم لَا نحركها من الْمغرب فَثَبت أَن اعْتِمَاد إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عليه السلام فِي معرفَة ثُبُوت الصَّانِع على الدَّلَائِل الفلكية وَأَنه مَا نَازع الْخصم فِي كَون هَذِه الْحَوَادِث السفلية مرتبطة بالحركات الفلكية وَاعْلَم انك إِذا عرفت نهج الْكَلَام فِي هَذَا الْبَاب علمت أَن الْقُرْآن مَمْلُوء من تَعْظِيم الأجرام الفلكية وتشريف الكرات الكوكبية:

وَأما الْأَخْبَار فكثيرة مِنْهَا مَا روى عَن النَّبِي

ص: 187

أَنه نهى عِنْد قَضَاء الْحَاجة عَن اسْتِقْبَال الشَّمْس وَالْقَمَر واستدرهما وَمِنْهَا أَنه لما مَاتَ وَلَده إِبْرَاهِيم انكسفت الشَّمْس ثمَّ إِن النَّاس قَالُوا إِنَّمَا انكسفت لمَوْت إِبْرَاهِيم فَقَالَ إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله لَا ينكسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فافزعوا إِلَى الصَّلَاة وَمِنْهَا مَا روى ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا ذكر الْقدر فأمسكوا وَإِذا ذكر أَصْحَابِي فامسكوا وَإِذا ذكر النُّجُوم فامسكوا وَمن النَّاس من يرْوى إِنَّه قَالَ لَا تسافروا وَالْقَمَر فِي الْعَقْرَب وَمِنْهُم من يرْوى ذَلِك عَن على رضى الله عَنهُ وَأَن كَانَ المحدثون لَا يقبلونه

وَأما الْآثَار فكثيرة مِنْهَا أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ إِنِّي أُرِيد الْخُرُوج فِي تِجَارَة وَكَانَ ذَلِك فِي محاق الشَّهْر فَقَالَ تُرِيدُ أَن يمحق الله تجارتك اسْتقْبل هِلَال الشَّهْر بِالْخرُوجِ وَعَن عِكْرِمَة أَن يَهُودِيّا منجما قَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس وَيحك تخبر النَّاس بِمَا لَا تدرى فَقَالَ الْيَهُودِيّ أَن لَك ابْنا وَهُوَ فِي الْمكتب وَيَجِيء غَدا محموما وَيَمُوت فِي الْيَوْم الْعَاشِر مِنْهُ قَالَ ابْن الْعَبَّاس وَمَتى تَمُوت أَنْت قَالَ فِي رَأس السّنة ثمَّ قَالَ لِابْنِ عَبَّاس قَالَ لَا تَمُوت أَنْت حَتَّى تعمى ثمَّ جَاءَ ابْن عَبَّاس وَهُوَ مَحْمُوم وَمَات فِي الْعَاشِر وَمَات الْيَهُودِيّ فِي رَأس السّنة وَلم يمت ابْن عَبَّاس رضى الله عَنهُ حَتَّى ذهب بَصَره وَعَن الشّعبِيّ رضى الله عَنهُ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء وَالله لقد فارقنا رَسُول الله وَتَركنَا وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا وَنحن ندعى فِيهِ علما وَلَيْسَت الْكَوَاكِب موكلة بِالْفَسَادِ وَالصَّلَاح وَلَكِن فِيهَا دَلِيل بعض الْحَوَادِث عرف ذَلِك بالتجربة وَجَاء فِي الْآثَار أَن أول من أعْطى هَذَا الْعلم آدم وَذَلِكَ إِنَّه عَاشَ حَتَّى أدْرك من ذُريَّته أَرْبَعِينَ ألف أهل الْبَيْت وَتَفَرَّقُوا عَنهُ فِي الأَرْض وَكَانَ يغتم لخفاء خبرهم عَلَيْهِ فَأكْرمه الله تَعَالَى بِهَذَا الْعلم وَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يعرف حَال أحدهم حسب لَهُ بِهَذَا الْحساب فيقف على حَالَته وَعَن مَيْمُون بن مهْرَان أَنه قَالَ إيَّاكُمْ والتكذيب بالنجوم فَإِنَّهُ علم من علم النُّبُوَّة وَعنهُ أَيْضا انه قَالَ ثَلَاث ارفضوهن لَا تنازعوا أهل الْقدر وَلَا تَذكرُوا أَصْحَاب نَبِيكُم أَلا بِخَير وَإِيَّاكُم والتكذيب بالنجوم فَإِنَّهُ من علم النُّبُوَّة وروى أَن الشَّافِعِي كَانَ عَالما بالنجوم وَجَاء لبَعض جِيرَانه ولد فَحكم لَهُ الشَّافِعِي أَن هَذَا الْوَلَد يَنْبَغِي أَن يكون على الْعُضْو الفلان مِنْهُ خَال صفته كَذَا وَكَذَا فَوجدَ الْأَمر كَمَا قَالَ وَأَيْضًا انه تَعَالَى حكى عَن فِرْعَوْن أَنه كَانَ يذبح أبناه بني إِسْرَائِيل ويستحي نِسَاءَهُمْ والمفسرون قَالُوا إِن ذَلِك إِنَّمَا كَانَ لِأَن المنجمين أَخْبرُوهُ بِأَنَّهُ سَيَجِيءُ ولد من بني إِسْرَائِيل وَيكون هَلَاكه على يَده وَهَذِه الرِّوَايَة ذكرهَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَغَيره وَهَذَا يدل على اعْتِرَاف النَّاس قَدِيما وحديثا بِعلم النُّجُوم وَأما الْمَعْقُول فَهُوَ أَن هَذَا علم مَا خلت عَنهُ مِلَّة من الْملَل وَلَا أمة من الْأُمَم وَلَا يعرف تَارِيخ من التواريخ الْقَدِيمَة والحديثة إِلَّا وَكَانَ أهل ذَلِك الزَّمَان مشتغلين بِهَذَا الْعلم ومعولين عَلَيْهِ

ص: 188

فِي معرفَة الْمصَالح وَلَو كَانَ هَذَا الْعلم فَاسِدا بِالْكُلِّيَّةِ لاستحال إطباق أهل الْمشرق وَالْمغْرب من أول بِنَاء الْعَالم إِلَى آخِره عَلَيْهِ

وَقَالَ بطليموس فِي بعض كتبه بعض النَّاس يعيبون هَذَا الْعلم وَذَلِكَ الْعَيْب إِنَّمَا حصل من وُجُوه الأول عجزهم عَن معرفَة حَقِيقَة مَوضِع الْكَوَاكِب بدقائقها ومراتبها وَذَلِكَ إِن الْآلَات الرصدية لَا تنفك عَن مسامحات لَا يَفِي بضبطها الْحس لأجل قلتهَا فِي الْآلَات الرصدية لَكِنَّهَا وَإِن قلت هَذِه الْآلَات إِلَّا أَنَّهَا فِي الأجرام الفلكية كَثِيرَة فَإِذا تَبَاعَدت الأرصاد حصل بِسَبَب تِلْكَ المسامحات تفَاوت عَظِيم فِي مَوَاضِع الْكَوَاكِب

الثَّانِي أَن هَذَا الْعلم علم مَبْنِيّ على معرفَة الدَّلَائِل الفلكية وَتلك الدَّلَائِل لَا تحصل إِلَّا بتمزيجات أَحْوَال الْكَوَاكِب وَهِي كَثِيرَة جدا ثمَّ أَنَّهَا مَعَ كثرتها قد تكون متعارضة وَلَا بُد فِيهَا من التَّرْجِيح وَحِينَئِذٍ يصعب على أَكثر الإفهام الْإِحَاطَة بِتِلْكَ التمزيجات الْكَثِيرَة وَبعد الْإِحَاطَة بهَا فَإِنَّهُ يصعب الترجيحات الجيدة فَلهَذَا السَّبَب لَا يتَّفق من يُحِيط بِهَذَا الْعلم كَمَا يَنْبَغِي إِلَّا الْفَرد بعد الْفَرد ثمَّ أَن الْجُهَّال يظهرون من أنفسهم كَونهم عارفين بِهَذَا الْعلم فَإِذا حكمُوا وأخطؤا ظن النَّاس أَن ذَلِك بِسَبَب أَن هَذَا الْعلم ضَعِيف الثَّالِث أَن هَذَا الْعلم لَا يَفِي بِإِدْرَاك الجزئيات على وَجه الفصيل الباهر فَمن حكم على هَذَا الْوَجْه فقد يَقع فِي الْخَطَأ فلهذه الْأَسْبَاب الثَّلَاثَة تَوَجَّهت المطاعن إِلَى هَذَا الْعلم وَحكى أَن الأكاسرة كَانَ إِذا أَرَادَ أحدهم طلب الْوَلَد أَمر بإحضار المنجم ثمَّ كَانَ ذَلِك الْملك يَخْلُو بامرأته فساعة مَا يَقع المَاء فِي الرَّحِم يَأْمر خَادِمًا على الْبَاب بِضَرْب طستا يكون فِي يَده فَإِذا سمع المنجم طنين الطست أَخذ الطالع وَحكم عَلَيْهِ حَتَّى يخبر بِعَدَد السَّاعَات الَّتِي يمْكث فِي بطن أمه ثمَّ أَنه كَانَ يَأْخُذ الطالع أَيْضا عِنْد الْولادَة مرّة أُخْرَى وَيحكم فَلَا جرم كَانَت أحكامهم كَامِلَة قَوِيَّة لِأَن الطالع الْحَقِيقِيّ هُوَ طالع مسْقط النُّطْفَة فَإِن حُدُوث الْوَلَد إِنَّمَا يكون فِي ذَلِك الْوَقْت فَأَما طالع الْولادَة فَهُوَ وطالع مستعار لِأَن الْوَلَد لَا يحدث فِي ذَلِك الْوَقْت وَإِنَّمَا ينْتَقل من مَكَان إِلَى مَكَان آخر وروى أَن فِي عهد أردشير بن بابك أَنه قَالَ فِي الْعَهْد الَّذِي كتبه لوَلَده لَوْلَا الْيَقِين بالبوار الَّذِي على رَأس ألف سنة لَكُنْت أكتب لكم كتابا أَن تمسكتم بِهِ لن تضلوا أبدا وعنى بالبوار مَا أخبرهُ المنجمون من أَنه يَزُول ملكهم عِنْد رَأس ألف سنة من ملك كستاست وَالْمرَاد مِنْهُ زَوَال دولتهم وَظُهُور دولة الْإِسْلَام وروى أَنه دخل الْمفضل ابْن سهل على الْمَأْمُون فِي الْيَوْم الَّذِي قتل فِيهِ وَأخْبرهُ أَنه يقتل فِي هَذَا الْيَوْم بَين المَاء وَالنَّار وَأنكر الْمَأْمُون ذَلِك عَلَيْهِ وقوى قلبه ثمَّ اتّفق أَنه دخل الْحمام فَقتل فِي الْحمام وَكَانَ الْأَمر كَمَا أخبر ثمَّ قَالَ وَاعْلَم إِن التجارب فِي هَذَا الْبَاب كَثِيرَة وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ كِفَايَة

قلت فَهَذَا أقْصَى ماقرر بِهِ الرازى كَلَام هَؤُلَاءِ ومذهبهم وَلَقَد نثر الكنانة ونفض الجعبة واستفرغ الوسع وبذل الْجهد وروح وبهرج وقعقع وفرقع وجعجع وَلَا ترى طحنا وَجمع بَين مَا يعلم بالاضطرار أَنه كذب على

ص: 189

رَسُول الله وعَلى أَصْحَابه وَبَين مَا يعلم بالاضطرار أَنه خطأ فِي تَأْوِيل كَلَام الله وَمَعْرِفَة مُرَاده وَلَا يروج مَا ذكره أَلا على مفرط فِي الْجَهْل بدين الرُّسُل وَمَا جاؤا بِهِ أَو مقلد لأهل الْبَاطِل والمحال من المنجمين وأقاويلهم فَإِن جمع بَين الْأَمريْنِ شرب كَلَامه شربا وَنحن بِحَمْد الله ومعونته وتأييده نبين بطلَان استدلاله واحتجاجه فَنَقُول أما الِاسْتِدْلَال بقوله تَعَالَى {فَلَا أقسم بالخنس الْجوَار الكنس} فَإِن أَكثر الْمُفَسّرين على أَن المُرَاد هُوَ الْكَوَاكِب الَّتِي تسير رَاجِعَة تَارَة ومستقيمة أُخْرَى وَهَذَا القَوْل قد قَالَه جمَاعَة من الْمُفَسّرين وَأَنَّهَا الْكَوَاكِب الْخَمْسَة زحل وَعُطَارِد والمشترى والمريخ والزهرة وروى عَن على وَاخْتَارَهُ ابْن مقَاتل وَابْن قُتَيْبَة قَالُوا وسماها خنسا لِأَنَّهَا فِي سَيرهَا تتقدم إِلَى جِهَة الْمشرق ثمَّ تخنس أَي تتأخر وكنوسها إستتارها فِي معربها كَمَا تكنس الظباء وتفر من الوحوش إِلَى أَن تأوي إِلَى كناسها وَهِي أكنتها وَتسَمى هَذِه الْكَوَاكِب الْمُتَحَيِّرَة لِأَنَّهَا تسير مُسْتَقِيمَة وتسير رَاجِعَة وَقيل كنوسها بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّاظر وَهُوَ استتارها تَحت شُعَاع الشَّمْس وَقيل هِيَ النُّجُوم كلهَا وَهُوَ اخْتِيَار أبي عُبَيْدَة وَقَالَ الْحسن وَقَتَادَة وعَلى هَذَا القَوْل فَيكون بِاعْتِبَار أحوالها الثَّلَاثَة من طُلُوعهَا وغروبها وَمَا بَينهمَا فَهِيَ خنس عِنْد أول الطُّلُوع لِأَن النَّجْم مِنْهَا يرى كَأَنَّهُ يَبْدُو ويخنس وتكنس عِنْد غُرُوبهَا تشبها بالظباء الَّتِي تأوي إِلَى كناسها وَهِي جوَار مَا بَين طُلُوعهَا وغروبها خنس عِنْد الطُّلُوع جوَار بعده كنس عِنْد الْغُرُوب وَهَذَا كُله بِالنِّسْبَةِ إِلَى أفق كل بلد تكون لَهَا فِيهِ الْأَحْوَال الثَّلَاثَة وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود هِيَ بقر الْوَحْش وَهِي رِوَايَة عَن ابْن عَبَّاس وَاخْتَارَهُ سعيد بن جُبَير وَقيل وَهُوَ أَضْعَف الْأَقْوَال الْمَلَائِكَة حَكَاهُ الْمروزِي فِي تَفْسِيره فَإِن كَانَ المُرَاد بعض هَذِه الْأَقْوَال غير مَا حَكَاهُ الرَّازِيّ فَلَا حجَّة لَهُ وَإِن كَانَ المُرَاد مَا حَكَاهُ فغايته إِن يكون الله سبحانه وتعالى قد أقسم بهَا كَمَا أقسم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَالضُّحَى وَالْوَالِد وَالْفَجْر وليال عشر وَالشَّفْع وَالْوتر وَالسَّمَاء وَالْأَرْض وَالْيَوْم الْمَوْعُود وَشَاهد ومشهود وَالنَّفس والمرسلات والعاصفات والناشرات والفارقات والنازعات والناشطات والسابحات والسابقات وَمَا نبصره ومالا نبصره من كل غَائِب عَنَّا وحاضر مِمَّا فِيهِ التَّنْبِيه على كَمَال ربو بَيته وعزته وحكمته وَقدرته وتدبيره وتنوع مخلوقاته الدَّالَّة عَلَيْهِ المرشدة إِلَيْهِ بِمَا تضمنته من عجائب الصَّنْعَة وبديع الْخلقَة وَتشهد لفاطرها وبارئها بِأَنَّهُ الْوَاحِد الْأَحَد الَّذِي لَا شريك لَهُ وَأَنه الْكَامِل فِي علمه وَقدرته ومشيئته وحكمته وربو بَيته وَملكه وَأَنَّهَا مسخرة مذللة منقادة لأَمره مطيعة لمراده مِنْهَا فَفِي الْأَقْسَام بهَا تَعْظِيم لخالقها تبارك وتعالى وتنزيه لَهُ عَمَّا نسبه إِلَيْهِ أعداؤه الجاحدون المعطلون لربو بَيته وَقدرته ومشيئتة ووحدانيته وَأَن من هَذِه عبيده ومماليكه وخلقه وصنعه وإبداعه فَكيف تجحد ربو بَيته وألهيته وَكَيف تنكر صِفَات كَمَاله ونعوت جَلَاله وَكَيف يسوغ لذِي حس سليم وفطرة

ص: 190

مُسْتَقِيمَة تعطيلها عَن صانعها أَو تَعْطِيل صانعها عَن نعوت جَلَاله وأوصاف كَمَاله وَعَن أَفعاله فأقسامة بهَا أكبر دَلِيل على فَسَاد قَول نَوْعي المعطلة وَالْمُشْرِكين الَّذين جعلوها آلِهَة تعبد مَعَ دَلَائِل الْحُدُوث والعبودية والتسخير والافتقار عَلَيْهَا وَإِنَّهَا أَدِلَّة على بارئها وفاطرها وعَلى وحدانيته وَأَنه لَا تنبغي الربوبية والإلهية لَهَا بِوَجْه مَا بل لَا تنبغي أَلا لمن فطرها وبرأها كَمَا قَالَ الْقَائِل:

تَأمل سطور الكائنات فَإِنَّهَا إِلَى الْملك الْأَعْلَى إِلَيْك رسائل

وَقد خطّ فِيهَا لَو تَأَمَّلت خطها أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل

وَقَالَ آخر:

فوا عجبا كَيفَ يَعْصِي الألهه

أم كَيفَ يجحده جَاحد

لله فِي كل تحريكة

وتسكينة أبدا شَاهد

وَفِي كل شَيْء لَهُ آيَة

تدل على أَنه وَاحِد

فَلم يكن إقسامه بهَا سُبْحَانَهُ مقررا بذلك علم الْأَحْكَام النجومية كَمَا يَقُوله الْكَاذِبُونَ المفترون بل مقررا لكَمَال ربوبيته ووحدانيته وتفرده بالخلق والابداع وَكَمَال حكمته وَعلمه وعظمته وَهَذَا نَظِير إخْبَاره سُبْحَانَهُ عَن خلقهَا وَعَن حِكْمَة خَالِقهَا بقوله الله الَّذِي خلق سبع سموات وَمن الارض مِثْلهنَّ يتنزل الْأَمر بَينهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَن الله على كل شَيْء قدير وَأَن الله قد أحَاط بِكُل شَيْء علما وَقَوله {وَهُوَ الَّذِي خلق اللَّيْل وَالنَّهَار وَالشَّمْس وَالْقَمَر كل فِي فلك يسبحون} وَقَوله {وَمن آيَاته اللَّيْل وَالنَّهَار وَالشَّمْس وَالْقَمَر لَا تسجدوا للشمس وَلَا للقمر واسجدوا لله الَّذِي خَلقهنَّ إِن كُنْتُم إِيَّاه تَعْبدُونَ} وَقَوله إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش يغشى اللَّيْل النَّهَار يَطْلُبهُ حثيثا وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم مسخرات بأَمْره أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر تبَارك الله رب الْعَالمين وَقَوله {وسخر لكم اللَّيْل وَالنَّهَار وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم مسخرات بأَمْره إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يعْقلُونَ} وَهَؤُلَاء الْمُشْركُونَ يعظمون الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب تَعْظِيمًا يَسْجُدُونَ لَهَا ويتذللون لَهَا ويسبحونها تسابيح مَعْرُوفَة فِي كتبهمْ ودعوات لَا يَنْبَغِي أَن يدعى بهَا إِلَّا خَالِقهَا وفاطرها وَحده وَيَقُول بَعضهم فِي كتاب مصحف الشَّمْس مصحف الْقَمَر مصحف زحل مصحف عُطَارِد بَعضهم يَقُول تَسْبِيحَة الشَّمْس تَسْبِيحَة الْقَمَر تَسْبِيحَة عُطَارِد تَسْبِيحَة زحل وَلَا يتحاشى من ذَلِك وَبَعْضهمْ يَقُول دَعْوَة الشَّمْس دَعْوَة الْقَمَر دَعْوَة عُطَارِد دَعْوَة زحل وَبَعْضهمْ يَقُول هيكل الشَّمْس وَالْقَمَر وَعُطَارِد وَأَصله أَن الهيكل هُوَ الْبَيْت الْمَبْنِيّ لِلْعِبَادَةِ وَكَانَ الصابئون يبنون لكل كَوْكَب من هَذِه الْكَوَاكِب هيكلا ويصورون فِيهِ ذَلِك الْكَوْكَب ويتخذونه لعبادته وتعظيمه ودعائه ويزعمون أَن روحانية ذَلِك الْكَوْكَب تتنزل عَلَيْهِم فتخاطبهم وتقضي حوائجهم وشاهدوا

ص: 191

ذَلِك مِنْهَا وعاينوه وَتلك الروحانية هِيَ الشَّيَاطِين تنزلت عَلَيْهِم وخاطبتهم وقضت حوائجهم ثمَّ لما رام هَذَا الْفِعْل من تستر مِنْهُم بِالْإِسْلَامِ وَلم يُمكنهُ أَن يَبْنِي لَهَا بُيُوتًا يَعْبُدهَا فِيهِ كتب لَهَا دعوات وتسبيحات وأذكارا سَمَّاهَا هيا كل ثمَّ من اشْتَدَّ تستره وخوفه أخرجهَا فِي قالب حُرُوف وكلمات لَا تفهم لِئَلَّا يُبَادر انكارها وردهَا وَمن لم يخف مِنْهُم صرح بِتِلْكَ الدَّعْوَات والتسبيحات والاذكار بِلِسَان من يخاطبه بِالْفَارِسِيَّةِ والعربية وَغَيرهَا فَلَمَّا أنكر عَلَيْهِ أهل الْإِيمَان قَالَ إِنَّمَا ذكرت هَذَا معرفَة لهَذَا الْعلم وإحاطة بِهِ لَا اعتقادا لَهُ وَلَا ترغيبا فِيهِ وَقد وصف ذَلِك الْعلم وَقَررهُ أتم تَقْرِير وَحمله هَدِيَّة إِلَى ملكه فأثابه عَلَيْهِ جملَة من الذَّهَب يُقَال أَنه ألف دِينَار وَصَارَ ذَلِك الْكتاب إِمَامًا لأهل هَذَا الْفَنّ اليه يلجئون وَعَلِيهِ يعولون وَبِه يحتجون وَيَقُولُونَ شهرة مصنفة وجلالته وَعلمه وفضله لَا تنكر وَلَا تجحد وَفِي هَذَا الْكتاب من مُخَاطبَة الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب بِالْخِطَابِ الَّذِي لَا يَلِيق إِلَّا بِاللَّه عز وجل وَلَا يَنْبَغِي لَاحَدَّ سواهُ وَمن الخضوع والذل وَالْعِبَادَة الَّتِي لم يكن عباد الْأَصْنَام يبلغونها من آلِهَتهم فبالله أَتجْعَلُ قَوْله تَعَالَى فَلَا أقسم بالخنس الجوارى الكنس دَلِيلا على هَذَا ومقدمة لَهُ فِي أول الْكتاب فان كَانَ الإقسام بهَا دَلِيلا على تأثيراتها فِي الْعَالم كَمَا يَقُولُونَ فَيَنْبَغِي أَن يكون سَائِر مَا أقسم بِهِ كَذَلِك وان لم يكن الْقسم دَلِيلا بَطل الِاسْتِدْلَال بِهِ وَأما قَوْله تَعَالَى {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} فَفِيهَا قَولَانِ

أَحدهمَا أَنَّهَا النُّجُوم الْمَعْرُوفَة وعَلى هَذَا فَفِي مواقعها أَقْوَال أَحدهَا انه انكدارها وانتشارها يَوْم الْقِيَامَة وَهَذَا قَول الْحسن والمنجمون يكذبُون بِهَذَا وَلَا يقرونَ بِهِ وَالثَّانِي مواقعها منازلها قَالَه عَطاء وَقَتَادَة وَالثَّالِث انه مغاربها وَالرَّابِع انه مواقها عِنْد طُلُوعهَا وغروبها حَكَاهُ ابْن عَطِيَّة عَن مُجَاهِد وَأبي عُبَيْدَة

وَالْخَامِس أَن مواقعها موَاضعهَا من السَّمَاء وَهَذَا الذى حَكَاهُ ابْن الجوزى عَن قَتَادَة حَكَاهُ ابْن عَطِيَّة عَنهُ فَيحْتَمل أَن يَكُونَا وَاحِدًا وان يَكُونَا قَوْلَيْنِ

السَّادِس أَن مواقعها انقضاضها أثر العفريت وَقت الرجوم حَكَاهُ ابْن عَطِيَّة ايضا وَلم يذكر أَبُو الْفرج ابْن الجوزى سوى الثَّلَاثَة الأول وَالْقَوْل الثَّانِي أَن مواقع النُّجُوم هى منَازِل الْقُرْآن ونجومه الَّتِى نزلت على النَّبِي فى مُدَّة ثَلَاث وَعشْرين سنة قَالَ ابْن عَطِيَّة وَيُؤَيّد هَذَا القَوْل عود الضَّمِير على الْقُرْآن فِي قَوْله {إِنَّه لقرآن كريم فِي كتاب مَكْنُون} وَذَلِكَ ان ذكره لم يتَقَدَّم الا على هَذَا التَّأْوِيل وَمن لَا يتَأَوَّل هَذَا التَّأْوِيل يَقُول ان الضَّمِير يعود على الْقُرْآن وان لم يتَقَدَّم ذكره لشهرة الْأَمر ووضوح الْمَعْنى كَقَوْلِه تَعَالَى {حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب} وكل من عَلَيْهَا فان وَغير ذَلِك قلت وَيُؤَيّد القَوْل الأول انه أعَاد الضَّمِير بِلَفْظ الْإِفْرَاد والتذكير ومواقع النُّجُوم جَمِيع فَلَو كَانَ الضَّمِير عَائِدًا عَلَيْهَا لقَالَ انها لقرآن كريم الا لِأَن يُقَال مواقع النُّجُوم دلّ على الْقُرْآن فَأَعَادَ الضَّمِير

ص: 192

عَلَيْهِ لِأَن مُفَسّر الضَّمِير يكْتَفى فِيهِ بذلك وَهُوَ من أَنْوَاع البلاغة والايجاز فَأن كَانَ المُرَاد من الْقسم نُجُوم الْقُرْآن بَطل استدلاله بِالْآيَةِ وان كَانَ المُرَاد الْكَوَاكِب وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين فَلَمَّا فِيهَا من الْآيَات الدَّالَّة على ربوبية الله تَعَالَى وانفراده بالخلق والابداع فانه لَا ينبغى ان تكون الإلهية أَلا لَهُ وَحده كَمَا انه وَحده المتفرد بخلقها وابداعها وَمَا تضمنته من الْآيَات والعجائب فالإقسام بهَا أوضح دَلِيل على تَكْذِيب الْمُشْركين والمنجمين والدهرية ونوعى المعطلة كَمَا تقدم وَكَذَلِكَ قَوْله والنجم الثاقب على ان فِيهِ قَوْلَيْنِ آخَرين غير القَوْل الذى ذكره

أَحدهمَا أَنه الثريا وَهَذَا قَول ابْن زيد حَكَاهُ عَنهُ أَبُو الْفرج بن الجوزى وَعنهُ رِوَايَة ثَانِيَة انه زحل حَكَاهَا عَنهُ ابْن عَطِيَّة

والثانى انه الجدى حَكَاهُ ابْن عَطِيَّة عَن ابْن عَبَّاس وَقَول آخر حَكَاهُ أَبُو الْفرج بن الجوزى عَن على بن أَحْمد النَّيْسَابُورِي أَنه جنس النُّجُوم وَأما قَوْله تَعَالَى {فالمدبرات أمرا} فَلم يقل اُحْدُ من الصَّحَابَة وَلَا التَّابِعين وَلَا الْعلمَاء بالتفسير انها النُّجُوم وَهَذِه الرِّوَايَات عَنْهُم فَقَالَ ابْن عَبَّاس هى الْمَلَائِكَة قَالَ عَطاء وكلت بِأُمُور عرفهم الله الْعَمَل بهَا وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن ساباط يدبر أُمُور الدِّينَا أَرْبَعَة جِبْرِيل وَهُوَ مُوكل بِالْوَحْي والجنود وَمِيكَائِيل وَهُوَ مُوكل بالقطر والنبات وَملك الْمَوْت وَهُوَ مُوكل بِقَبض الْأَنْفس واسرافيل وَهُوَ ينزل بِالْأَمر عَلَيْهِم وَقيل جِبْرِيل للوحي واسرافيل للصور وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة فالمدبرات أمرا الْمَلَائِكَة تنزل بالحلال وَالْحرَام وَلم يذكر المتوسعون فِي نقل أَقْوَال الْمُفَسّرين كَانَ الجوزى والماوردى وَابْن عَطِيَّة غير الْمَلَائِكَة حَتَّى قَالَ ابْن عَطِيَّة وَلَا أحفظ فلَانا انها الْمَلَائِكَة هَذَا مَعَ توسعه فِي النَّقْل وزيادته فِيهِ على ابي الْفرج وَغَيره حَتَّى انه لينفرد بأقوال لَا يحكيها غَيره فتفسير المدبرات بالنجوم كذب على الله وعَلى الْمُفَسّرين وَكَذَلِكَ المقسمات امرا لم يقل أحد من أهل التَّفْسِير الْعَالمين بِهِ أَنَّهَا النُّجُوم بل قَالُوا هى الْمَلَائِكَة الَّتِى تقسم أَمر الملكوت باذن رَبهَا من الأرزاق والآجال والخلق فِي الْأَرْحَام وَأمر الرِّيَاح وَالْجِبَال قَالَ ابْن عَطِيَّة لِأَن كل هَذَا إِنَّمَا هُوَ بملائكة تخدمه فالآية تَتَضَمَّن جَمِيع الْمَلَائِكَة لأَنهم كلهم فِي أُمُور مُخْتَلفَة قَالَ أَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وائلة كَانَ على بن أبي طَالب علم الْمِنْبَر فَقَالَ لَا تسْأَلُون عَن آيَة من كتاب الله وَسنة مَاضِيَة أَلا قلت لكم فَقَامَ إِلَيْهِ ابْن الْكواء فَسَأَلَهُ عَن الذاريات ذَروا فالحملات وَقَرَأَ فَالْجَارِيَات يسرا فَالْمُقَسِّمَات أمرا فَقَالَ الذاريات الرِّيَاح والحاملات السَّحَاب والجاريات السفن والمقسمات الْمَلَائِكَة ثمَّ قَالَ سل سُؤال تعلم وَلَا تسْأَل سُؤال تعنت وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو الْفرج وَلم يذكر فِيهِ خلافًا فِي المقسمات امرا يعْنى الْمَلَائِكَة تقسم الْأُمُور على مَا امْر الله بِهِ قَالَ ابْن السَّائِب المقسمات أَرْبَعَة جِبْرِيل وَهُوَ صَاحب الْوَحْي والغلظة يعْنى الْعقُوبَة على أَعدَاء الرُّسُل وَمِيكَائِيل وَهُوَ صَاحب الرزق وَالرَّحْمَة وإسرافيل وَهُوَ صَاحب الصُّور واللوح وعزرائيل وَهُوَ قَابض الْأَرْوَاح فتفسير الْآيَة

ص: 193