الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَن يُبَاشر الافعال الَّتِي هِيَ من بَاب الْكَرَامَة بِالْيَمِينِ كَالْأَكْلِ وَالشرب وَالْأَخْذ وَالعطَاء وضدها بالشمال كالاستنجاء وامساك الذّكر وَإِزَالَة النَّجَاسَة فَإِن كَانَ الْفِعْل مُشْتَركا بَين العضوين بَدَأَ بِالْيَمِينِ فِي افعال التكريم وأماكنه كَالْوضُوءِ وَدخُول الْمَسْجِد وباليسار فِي ضد ذَلِك كدخول الْخَلَاء وَالْخُرُوج من الْمَسْجِد وَنَحْوه وَالله تَعَالَى فضل بعض مخلوقاته على بعض وَفضل بعض جوارح الْإِنْسَان وأعضائه على بعض ففضل الْعين على الكعب وَالْوَجْه على الرجل وَكَذَلِكَ فضل الْيَد الْيَمين على الْيَسَار وَخلق خلقه صنفين سعداء وجعلهم أَصْحَاب الْيَمين وأشقياء وجعلهم أَصْحَاب الشمَال وَقَالَ النَّبِي المقسطون عِنْد الله على مَنَابِر من نور عَن يَمِين الرَّحْمَن وكلتا يَدَيْهِ يَمِين الَّذين يعدلُونَ فِي حكمهم وأهليهم وَمَا ولوا وَفِي الصَّحِيح عَنهُ لما أسرى بِهِ رأى آدم فِي سَمَاء الدُّنْيَا وَإِذا عَن يَمِينه اسودة وَعَن يسَاره اسودة فَإِذا نظر قبل يَمِينه عَنهُ ضحك وَإِذا نظر قبل شِمَاله بَكَى فَقَالَ مَا هَذَا يَا جِبْرِيل فَقَالَ هَذَا آدم وَهَذِه الاسودة عَن يَمِينه ويساره بنوه فَأهل الْيَمين أهل السَّعَادَة من ذُريَّته وَأهل الْيَسَار أهل الشقاوة وَفِي الْمسند عَن عَائِشَة قَالَت كَانَت يَد رَسُول الله الْيَمين لطهوره وَطَعَامه وَكَانَت يَده الْيُسْرَى لخلائه وَمَا كَانَ من أَذَى وَفِي الْمسند أَيْضا وَسنَن أبي دَاوُد عَن حَفْصَة بنت عمر زوج النَّبِي كَانَ يَجْعَل يَمِينه لطعامه وَيجْعَل شِمَاله لما سوى ذَلِك وَقَالَ أَحْمد كَانَت يَمِينه لطعامه وَطهُوره وَصلَاته وشأنه وَكَانَت شِمَاله لما سوى ذَلِك
فصل وَأما قَوْله الشؤم فِي ثَلَاث الحَدِيث فَهُوَ حَدِيث صَحِيح من رِوَايَة
ابْن عمر وَسَهل بن سعد وَمُعَاوِيَة بن حَكِيم وَقد روى أَن أم سَلمَة كَانَت تزيد السَّيْف يَعْنِي فِي حَدِيث الزهرى عَن حَمْزَة وَسَالم عَن أَبِيهِمَا فِي الشؤم وَقد اخْتلف النَّاس فِي هَذَا الحَدِيث وَكَانَت عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رضي الله عنها تنكر أَن يكون من كَلَام النَّبِي وَتقول إِنَّمَا حَكَاهُ رَسُول الله عَن أهل الْجَاهِلِيَّة وأقوالهم فَذكر أَبُو عمر بن عبد الْبر من حَدِيث هِشَام بن عمار حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أبي حسان أَن رجلَيْنِ دخلا على عَائِشَة وَقَالا إِن أَبَا هُرَيْرَة يحدث أَن النَّبِي قَالَ إِنَّمَا الطَّيرَة فِي الْمَرْأَة وَالدَّار وَالدَّابَّة فطارت شقة مِنْهَا فِي السَّمَاء وشقة فِي الارض ثمَّ قَالَت كذب وَالَّذِي أنزل الْفرْقَان على ابي الْقَاسِم من حدث عَنهُ بِهَذَا وَلَكِن رَسُول الله كَانَ يَقُول كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَقُولُونَ ان الطَّيرَة فِي الْمَرْأَة وَالدَّار وَالدَّابَّة ثمَّ قَرَأت عَائِشَة مَا اصاب من مُصِيبَة فِي الارض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها إِن فِي ذَلِك على الله يسير قَالَ أَبُو عمر وَكَانَت عَائِشَة
تَنْفِي الطَّيرَة وَلَا تعتقد مِنْهَا شَيْئا حَتَّى قَالَت لنسوة كن يُكْرهن الْبناء بأزواجهن فِي شَوَّال مَا تزَوجنِي رَسُول الله إِلَّا فِي شَوَّال وَمَا دخل بِي إِلَّا فِي شَوَّال فَمن كَانَ احظى مني عِنْده وَكَانَ تسْتَحب أَن يدخلن على أَزوَاجهنَّ فِي شَوَّال قَالَ أَبُو عمر وَقَوْلها فِي أبي هُرَيْرَة كذب فَإِن الْعَرَب تَقول كذبت بِمَعْنى غَلطت فِيمَا قدرت وأوهمت فِيمَا قلت وَلم تظن حَقًا وَنَحْو هَذَا وَذَلِكَ مَعْرُوف من كَلَامهم مَوْجُود فِي أشعارهم كثيرا قَالَ أَبُو طَالب:
كَذبْتُمْ وَبَيت الله نَتْرُك مَكَّة
…
ونظعن الا أَمركُم فِي بلابل
كَذبْتُمْ وَبَيت الله نبري مُحَمَّدًا
…
وَلما نطاعن دونه ونناضل
ونسلمه حَتَّى نصرع حوله
…
ونذهل عَن أَبْنَائِنَا والحلائل
وَقَالَ شَاعِر من هَمدَان:
كَذبْتُمْ وَبَيت الله لَا تأخذونه
…
مراغمة مادام للسيف قَائِم
وَقَالَ زفر بن الْحَارِث الْعَبْسِي:
أَفِي الْحق إِمَّا بَحْدَل وَابْن بَحْدَل
…
فيحي وَأما ابْن الزبير فَيقْتل
كَذبْتُمْ وَبَيت الله لَا تَقْتُلُونَهُ
…
وَلما يكن أَمر أغر محجل
قَالَ أَلا ترى أَن هَذَا لَيْسَ من بَاب الْكَذِب الَّذِي هُوَ ضد الصدْق وَإِنَّمَا هُوَ من بَاب الْغَلَط وَظن مَا لَيْسَ بِصَحِيح وَذَلِكَ أَن قُريْشًا زَعَمُوا أَنهم يخرجُون بني هَاشم من مَكَّة ان لم يتْركُوا جوَار مُحَمَّد فَقَالَ لَهُم أَبُو طَالب كَذبْتُمْ أَي غلطتم فِيمَا قُلْتُمْ وظننتم وَكَذَلِكَ معنى قَول الْهَمدَانِي والعبسي وَهَذَا مَشْهُور فِي كَلَام الْعَرَب قلت وَمن هَذَا قَول سعيد بن جُبَير كذب جَابر بن زيد يَعْنِي فِي قَوْله الطَّلَاق بيد السَّيِّد أَي أَخطَأ وَمن هَذَا قَول عبَادَة ابْن الصَّامِت كذب ابو مُحَمَّد لما قَالَ الْوتر وَاجِب أَي أَخطَأ وَفِي الصَّحِيح أَن النَّبِي قَالَ كذب ابو السنابل لما أفتى أَن الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا لَا تتَزَوَّج حَتَّى تتمّ لَهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَلَو وضعت وَهَذَا كثير وَالْمَقْصُود أَن عَائِشَة رضي الله عنها ردَّتْ هَذَا الحَدِيث وأنكرته وخطأت قَائِله وَلَكِن قَول عَائِشَة هَذَا مَرْجُوح وَلها رضي الله عنها اجْتِهَاد فِي رد بعض الحاديث الصَّحِيحَة خالفها فِيهِ غَيرهَا من الصَّحَابَة وَهِي رضي الله عنها لما طَنَّتْ أَن هَذَا احديث يَقْتَضِي إِثْبَات الطَّيرَة الَّتِي هِيَ من الشّرك لم يَسعهَا غير تَكْذِيبه ورده وَلَكِن الَّذين رَوَوْهُ مِمَّن لَا يُمكن رد روايتهم وَلم ينْفَرد بِهَذَا أَبُو هُرَيْرَة وَحده وَلَو انْفَرد بِهِ فَهُوَ حَافظ الْأمة على الْإِطْلَاق وَكلما رَوَاهُ النَّبِي فَهُوَ صَحِيح بل قد رَوَاهُ عَن النَّبِي عبد الله بن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه وَسَهل بن سعد الساعدى وَجَابِر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ وأحاديثهم فِي الصَّحِيح فَالْحق أَن الْوَاجِب بَيَان معنى الحَدِيث ومباينته للطيرة الشركية
فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق هَذَا الحَدِيث قد روى على وَجْهَيْن أَحدهمَا بِالْجَزْمِ وَالثَّانِي بِالشّرطِ فَأَما الأول فَرَوَاهُ مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سَالم وَحَمْزَة بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيهِمَا أَن رَسُول الله قَالَ الشؤم فِي الدَّار وَالْمَرْأَة وَالْفرس مُتَّفق عَلَيْهِ وَفِي لفظ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ لَا عدوى وَلَا صفر وَلَا طيرة وَإِنَّمَا الشؤم فِي ثَلَاثَة الْمَرْأَة وَالْفرس وَالدَّار وَأما الثَّانِي فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا عَن سهل بن سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله إِن كَانَ فَفِي الْمَرْأَة وَالْفرس والممكن يَعْنِي الشؤم وَقَالَ البُخَارِيّ إِن كَانَ فِي شَيْء وَفِي صَحِيح مُسلم عَن جَابر مَرْفُوعا إِن كَانَ فِي شَيْء فَفِي الرّبع وَالْخَادِم وَالْفرس وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر مَرْفُوعا إِن يكن من الشؤم شَيْء حَقًا فَفِي الْفرس والمسكن وَالْمَرْأَة وروى زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن عتبَة بن حميد قَالَ حَدثنِي عبيد الله بن أبي بكر أَنه سمع أنسا يَقُول قَالَ رَسُول الله لَا طيرة والطيرة على من تطير وَإِن يكن فِي شَيْء فَفِي الْمَرْأَة وَالدَّار وَالْفرس ذكره أَبُو عمر
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى لم يجْزم النَّبِي بالشؤم فِي هَذِه الثَّلَاثَة بل علقه على الشَّرْط فَقَالَ إِن يكن الشؤم فِي شَيْء وَلَا يلْزم من صدق الشّرطِيَّة صدق كل وَاحِد من مفرديها فقد يصدق التلازم بَين المستحيلين قَالُوا وَلَعَلَّ الْوَهم وَقع من ذَلِك وَهُوَ أَن الرَّاوِي غلط وَقَالَ الشؤم فِي ثَلَاثَة وَإِنَّمَا الحَدِيث إِن كَانَ الشؤم فِي شَيْء فَفِي ثَلَاثَة قَالُوا وَقد اخْتلف على ابْن عمر وَالرِّوَايَتَانِ صحيحتان عَنهُ قَالُوا وَبِهَذَا يَزُول الْإِشْكَال ويتبين وَجه الصَّوَاب
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى إِضَافَة رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم الشؤم إِلَى هَذِه الثَّلَاثَة مجَاز واتساع أَي قد يحصل مُقَارنًا لَهَا وَعِنْدهَا لَا أَنَّهَا هِيَ أَنْفسهَا مِمَّا يُوجب الشؤم قَالُوا وَقد يكون الدَّار قد قضى الله عز وجل عَلَيْهَا أَن يُمِيت فِيهَا خلقا من عباده كَمَا يقدر ذَلِك فِي الْبَلَد الَّذِي ينزل الطَّاعُون بِهِ وَفِي الْمَكَان الَّذِي يكثر الوباء بِهِ فيضاف ذَلِك إِلَى الْمَكَان مجَازًا وَالله خلقه عِنْده وَقدره فِيهِ كَمَا يخلق الْمَوْت عِنْد قتل الْقَاتِل والشبع والري عِنْد أكل الْآكِل وَشرب الشَّارِب فالدار الَّتِي يهْلك بهَا أَكثر ساكنيها تُوصَف بالشؤم لِأَن الله عز وجل قد قصها بِكَثْرَة من قبض فِيهَا كتب الله عَلَيْهِ الْمَوْت فِي تِلْكَ الدَّار حسن إِلَيْهِ سكناهَا وحركه إِلَيْهَا حَتَّى يقبض روحه فِي الْمَكَان الَّذِي كتب لَهُ كَمَا سَاق الرجل من بلد إِلَى بلد للأثر والبقعة الَّتِي قضى أَنه يكون مدفنه بهَا
قَالُوا وَكَذَلِكَ مَا يُوصف من طول أَعمار بعض أهل الْبلدَانِ لَيْسَ ذَلِك من أجل صِحَة هَوَاء وَلَا طيب تربة وَلَا طبع يزْدَاد بِهِ الْأَجَل وَينْقص بفواته وَلَكِن الله سُبْحَانَهُ قد خلق ذَلِك الْمَكَان وَقضى أَن يسكنهُ أطول خلقه أعمارا فيسوقهم إِلَيْهِ ويجمعهم فِيهِ ويحببه إِلَيْهِم قَالُوا وَإِذا كَانَ هَذَا على مَا وَصفنَا فِي الدّور وَالْبِقَاع جَازَ مثله فِي النِّسَاء وَالْخَيْل فَتكون الْمَرْأَة قد قدر الله عَلَيْهَا أَن تتَزَوَّج عددا من الرِّجَال ويموتون مَعهَا فَلَا بُد من انفاذ قَضَائِهِ وَقدره حَتَّى أَن الرجل ليقدم عَلَيْهَا من بعد علمه بِكَثْرَة من مَاتَ عَنْهَا لوجه من الطمع يَقُودهُ إِلَيْهَا حَتَّى
يتم قَضَاؤُهُ وَقدره فتوصف الْمَرْأَة بالشؤم لذَلِك وَكَذَلِكَ الْفرس وَإِن لم يكن لشَيْء من ذَلِك فعل وَلَا تَأْثِير
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم سُئِلَ مَالك عَن الشؤم فِي الْفرس وَالدَّار فَقَالَ إِن ذَلِك كذب فِيمَا نرى كم من دَار قد سكنها نَاس فهلكوا ثمَّ سكنها آخَرُونَ فملكوا قَالَ فَهَذَا تَفْسِيره فِيمَا نرى وَالله أعلم
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى شُؤْم الدَّار مجاورة جَار السوء وشؤم الْفرس أَن يغزى عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله وشؤم الْمَرْأَة أَن لَا تَلد وَتَكون سَيِّئَة الْخلق وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى مِنْهُم الخطائي هَذَا مُسْتَثْنى من الطَّيرَة أَي الطَّيرَة منهى عَنْهَا إِلَّا أَن يكون لَهُ دَار يكره سكناهَا أَو امْرَأَة يكره صحبتهَا أَو فرس أَو خَادِم فليفارق الْجَمِيع بِالْبيعِ وَالطَّلَاق وَنَحْوه وَلَا يُقيم على الْكَرَاهَة والتأذي بِهِ فَإِنَّهُ شُؤْم وَقد سلك هَذَا المسلك أَبُو مُحَمَّد بن قُتَيْبَة فِي كتاب مُشكل الحَدِيث لَهُ لما ذكر أَن بعض الْمَلَاحِدَة اعْترض بِحَدِيث هَذِه الثَّلَاثَة
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى الشؤم فِي هَذِه الثَّلَاثَة إِنَّمَا يلْحق من تشاءم بهَا وَتَطير بهَا فَيكون شؤمها عَلَيْهِ وَمن توكل على الله وَلم يتشاءم وَلم يتطير لم تكن مشؤمة عَلَيْهِ قَالُوا وَيدل عَلَيْهِ حَدِيث أنس الطَّيرَة على من تطير وَقد يَجْعَل الله سُبْحَانَهُ تطير العَبْد وتشاؤمه سَببا لحلول الْمَكْرُوه بِهِ كَمَا يَجْعَل الثِّقَة والتوكل عَلَيْهِ وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الْأَسْبَاب الَّتِي يدْفع بهَا الشَّرّ المتطير بِهِ وسر هَذَا أَن الطَّيرَة إِنَّمَا تَتَضَمَّن الشّرك بِاللَّه تَعَالَى وَالْخَوْف من غَيره وَعدم التَّوَكُّل عَلَيْهِ والثقة بِهِ كَانَ صَاحبهَا غَرضا لسهام الشَّرّ وَالْبَلَاء فيتسرع نفوذها فِيهِ لِأَنَّهُ لم يتدرع من التَّوْحِيد والتوكل بجنة واقية وكل من خَافَ شَيْئا غير الله سلط عَلَيْهِ كَمَا أَن من أحب مَعَ الله غَيره عذب بِهِ وَمن رجا مَعَ الله غَيره خذل من جِهَته وَهَذِه أُمُور تجربتها تَكْفِي عَن أدلتها وَالنَّفس لَا بُد أَن تتطير وَلَكِن الْمُؤمن الْقوي الايمان يدْفع مُوجب تطيره بالتوكل على الله فان من توكل على الله وَحده كَفاهُ من غَيره قَالَ تَعَالَى فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم إِنَّه لَيْسَ لَهُ سُلْطَان على الَّذين آمنُوا وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانه على الَّذين يتولونه وَالَّذين هم بِهِ مشركون وَلِهَذَا قَالَ ابْن مَسْعُود وَمَا منا إِلَّا يَعْنِي من يُقَارب التطير وَلَكِن الله يذهبه بالتوكل وَمن هَذَا قَول زبان بن سيار:
أطار الطير إِذْ سرنا زِيَاد
…
لتخبرنا وَمَا فِيهَا خَبِير
أَقَامَ كَانَ لُقْمَان بن عَاد
…
أَشَارَ لَهُ بِحِكْمَتِهِ مشير
تعلم أَنه لَا طير إِلَّا
…
على متطير وَهُوَ الثبور
بل شَيْء يُوَافق بعض شَيْء
…
أحايينا وباطله كثير
قَالُوا فالشؤم الَّذِي فِي الدَّار وَالْمَرْأَة وَالْفرس قد يكون مَخْصُوصًا بِمن تشاءم بهَا وَتَطير وَأما من توكل على الله وخافه وَحده وَلم يتطير وَلم يتشاءم فان الْفرس وَالْمَرْأَة وَالدَّار لَا يكون شؤما