المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل وأما ما نسبه إلى الشافعى من حكمه بالنجوم على عمر ذلك المولود - مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط العلمية - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصل مِفْتَاح دَار السَّعَادَة

- ‌فصل الشَّرَائِع كلهَا فِي أُصُولهَا وَإِن تباينت متفقة مركوز حسنها فِي

- ‌فصل وَقد أنكر تَعَالَى على من نسب إِلَى حكمته التَّسْوِيَة بَين الْمُخْتَلِفين

- ‌فصل وَتَحْقِيق هَذَا الْمقَام بالْكلَام فِي مقامين أَحدهمَا فِي الْأَعْمَال خُصُوصا

- ‌فصل وَأما المسئلة الثَّانِيَة وَهِي مَا تَسَاوَت مصْلحَته ومفسدته فقد اخْتلف

- ‌فصل وَهَهُنَا سر بديع من أسرار الْخلق وَالْأَمر بِهِ يتَبَيَّن لَك حَقِيقَة الْأَمر

- ‌فصل وَأما مَا خلقه سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ أوجده لحكمة فِي إيجاده فَإِذا اقْتَضَت

- ‌فصل فَهَذِهِ أقوى أَدِلَّة النفاة باعترافهم بِضعْف مَا سواهَا فَلَا حَاجَة بِنَا

- ‌فصل وَإِذا قد انتهينا فِي هَذِه المسئلة إِلَى هَذَا الْموضع وَهُوَ بحرها

- ‌فصل وَقد سلم كثير من النفاة أَن كَون الْفِعْل حسنا أَو قبيحا بِمَعْنى

- ‌فصل إِذا عرفت هَذِه الْمُقدمَة فَالْكَلَام على كَلِمَات النفاة من وُجُوه:

- ‌فصل والأسماء الْحسنى وَالصِّفَات الْعلَا مقتضية لآثارها من الْعُبُودِيَّة

- ‌فصل وَعكس هَذَا أَنه لم تشْتَرط الْمُكَافَأَة فِي علم وَجَهل وَلَا فِي كَمَال

- ‌فصل وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي الْإِيجَاب فِي حق الله سَوَاء الْأَقْوَال فِيهِ كالأقوال

- ‌فصل وَقد ظهر بِهَذَا بطلَان قَول طائفتين مَعًا الَّذين وضعُوا لله شَرِيعَة

- ‌فصل وَأما مَا ذكره الفلاسفة من مَقْصُود الشَّرَائِع وان ذَلِك لاستكمال

- ‌فصل وَهَذِه الكمالات الْأَرْبَعَة الَّتِي ذكرهَا الفلاسفة للنَّفس لَا بُد مِنْهَا

- ‌فصل وَرَأَيْت لبَعض فضلائهم وَهُوَ أَبُو الْقَاسِم عِيسَى بن عَليّ بن عِيسَى رِسَالَة

- ‌فصل فلنرجع إِلَى كَلَام صَاحب الرسَالَة قَالَ زَعَمُوا أَن الْقَمَر والزهرة

- ‌فصل قَالَ صَاحب الرسَالَة ذكر جمل من احتجاجهم والاحتجاج عَلَيْهِم من إوكد

- ‌فصل وَأما الِاسْتِدْلَال بِالْآيَاتِ الدَّالَّة على أَن الله سُبْحَانَهُ وضع حركات

- ‌فصل وَأما ماذكره عَن إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن أَنه تمسك بِعلم النُّجُوم حِين

- ‌فصل وَأما الِاسْتِدْلَال بقوله تَعَالَى لخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض أكبر من خلق

- ‌فصل وَأما استدلاله بقوله تَعَالَى {وَمَا خلقنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا بَاطِلا} فَعجب من الْعجب فَإِن هَذَا من اقوى الْأَدِلَّة وأبينها على بطلَان قَول المنجمين والدهرية الَّذين يسندون جَمِيع مَا فِي الْعَالم من الْخَيْر وَالشَّر إِلَى النُّجُوم وحركاتها واتصالاتها ويزعمون أَن مَا تَأتي

- ‌فصل وَأما قَوْله إِن إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه كَانَ اعْتِمَاده فِي

- ‌فصل وَأما استدلاله بِأَن النَّبِي نهى عِنْد قَضَاء الْحَاجة عَن اسْتِقْبَال

- ‌فصل وَأما استدلاله بِحَدِيث ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي إِذا ذكر الْقدر

- ‌فصل وَالَّذِي أوجب للمنجمين كَرَاهِيَة السّفر وَالْقَمَر فِي الْعَقْرَب انهم قَالُوا

- ‌فصل وَأما مَا احْتج بِهِ من الْأَثر عَن عَليّ أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ

- ‌فصل وَأما احتجاجه بِحَدِيث أبي الدَّرْدَاء لقد توفّي رَسُول الله وَتَركنَا

- ‌فصل وَأما مَا نسبه إِلَى الشافعى من حكمه بالنجوم على عمر ذَلِك الْمَوْلُود

- ‌فصل وَأما قَوْله إِن هَذَا علم مَا خلت عَنهُ مِلَّة من الْملَل وَلَا

- ‌فصل وَأما مَا ذكره فِي أَمر الطالع عَن الْفرس وَأَنَّهُمْ كَانُوا يعتنون بطالع

- ‌فصل الْآن الْتَقت حلقتا البطان وتداعى نزال الْفَرِيقَانِ نعم وَهَهُنَا أَضْعَاف

- ‌فصل وَأما الْأَثر الَّذِي ذكره مَالك عَن يحيى بن سعيد أَن عمر بن

- ‌فصل وَأما محبَّة النَّبِي التَّيَمُّن فِي تنعله وَترَجله وَطهُوره وشأنه كُله

- ‌فصل وَأما قَوْله الشؤم فِي ثَلَاث الحَدِيث فَهُوَ حَدِيث صَحِيح من رِوَايَة

- ‌فصل وَأما الْأَثر الَّذِي ذكره مَالك عَن يحيى بن سعيد جَاءَت امْرَأَة إِلَى

- ‌فصل وَأما قَول النَّبِي للَّذي سل سَيْفه يَوْم أحد شم سَيْفك فَإِنِّي

- ‌فصل وَأما مَا احْتج بِهِ وَنسبه إِلَى قَوْله وقدت الْحَرْب لما رأى

- ‌فصل وَأما استقباله الجبلين فِي طَرِيقه وهما مسلح ومخرىء وَترك

- ‌فصل وَأما كَرَاهِيَة السّلف أَن يتبع الْمَيِّت بِشَيْء من النَّار أَو أَن يدْخل

- ‌فصل وَأما تِلْكَ الوقائع الَّتِي ذكروها مِمَّا يدل على وُقُوع مَا تطير بِهِ

- ‌فصل وَمِمَّا كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَتَطَيَّرُونَ بِهِ ويتشاءمون مِنْهُ العطاس كَمَا

- ‌فصل وَأما قَوْله لَا يُورد ممرض على مصح فالممرض الَّذِي إبِله مراض والمصح

- ‌فصل وَيُشبه هَذَا مَا روى عَنهُ من نَهْيه عَن وَطْء الغيل وَهُوَ

- ‌فصل وَيُشبه هَذَا قَوْله للَّذي قَالَ لَهُ إِن لي أمة وَأَنا أكره

- ‌فصل وَأما قَضِيَّة المجذوم فَلَا ريب أَنه روى عَن النَّبِي أَنه قَالَ

الفصل: ‌فصل وأما ما نسبه إلى الشافعى من حكمه بالنجوم على عمر ذلك المولود

عَاملا بهَا فِي حركاته وسكناته وأسفاره كَمَا هُوَ الْمَعْرُوف من الْمُشْركين وأتباعهم سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم

وَأما قَوْله أَنه جَاءَ فِي الْآثَار أَن أول من أعْطى هَذَا الْعلم آدم لِأَنَّهُ عَاشَ حَتَّى أدْرك من ذُريَّته أَرْبَعِينَ ألف أهل بَيت وَتَفَرَّقُوا عَنهُ فِي الأَرْض فَكَانَ يغتم لخفاء خبرهم عَلَيْهِ فَأكْرمه الله تَعَالَى بِهَذَا الْعلم فَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يعرف حَال أحدهم حسب لَهُ بِهَذَا الْحساب فيقف على حَالَته فَلَيْسَ هَذَا ببدع من بهت المنجمين والملاحدة وإفكهم وافترائهم على آدم وَقد علمُوا بِالْمثلِ السائر هُنَا: إِذا كذبت فابعد شاهدك 0

‌فصل وَأما مَا نسبه إِلَى الشافعى من حكمه بالنجوم على عمر ذَلِك الْمَوْلُود

فَلَقَد نسب الشافعى إِلَى هَذَا الْعلم وَحكمه فِيهِ بِأَحْكَام ليعجز عَن مثلهَا ائمة المنجمين وأظن الذى غره فِي ذَلِك أَبُو عبد الله الْحَاكِم فَإِنَّهُ صنف فِي مَنَاقِب الشافعى كتابا كَبِيرا وَذكر علومه فِي أَبْوَاب وَقَالَ الْبَاب الرَّابِع وَالْعشْرُونَ فِي مَعْرفَته تسيير الْكَوَاكِب من علم النُّجُوم وَذكر فِيهِ حكايات عَن الشافعى تدل على تَصْحِيحه لأحكام النُّجُوم وَكَانَ هَذَا الْكتاب وَقع للرازي فتصرف فِيهِ وَزَاد وَنقص وصنف مَنَاقِب الشافعى من هَذَا الْكتاب على أَن فِي كتاب الْحَاكِم من الْفَوَائِد والْآثَار مالم يلم بِهِ الرَّازِيّ وَالَّذِي غر الْحَاكِم من هَذِه الحكايات تساهله فِي إسنادها وَنحن نبينها ونبين حَالهَا ليتبين أَن نِسْبَة ذَلِك إِلَى الشافعى كذب عَلَيْهِ وان الصَّحِيح عَنهُ من ذَلِك مَا كَانَت الْعَرَب تعرفه من علم الْمنَازل والاهتداء بالنجوم فِي الطرقات وَهَذَا هُوَ الثَّابِت الصَّحِيح عَنهُ بأصح إِسْنَاد إِلَيْهِ قَالَ الْحَاكِم حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب حَدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان قَالَ قَالَ الشافعى قَالَ الله عز وجل هُوَ الَّذِي جعل لكم النُّجُوم لتهتدوا بهَا فِي ظلمات الْبر وَالْبَحْر {وَقَالَ} وعلامات وبالنجم هم يَهْتَدُونَ كَانَت العلامات جبالا يعْرفُونَ موَاضعهَا من الأَرْض وشمسا وقمرا ونجما مِمَّا يعْرفُونَ من الْفلك ورياحا يعْرفُونَ صفاتها فِي الْهَوَاء تدل على قصد الْبَيْت الْحَرَام وَأما الحكايات الَّتِى ذكرت عَنهُ فِي أَحْكَام النُّجُوم فَثَلَاث حكايات إِحْدَاهَا قَالَ الْحَاكِم قرىء على أبي يعلى حَمْزَة بن مُحَمَّد العلوى وَأكْثر ظنى أَنِّي حَضرته حَدثنَا أَبُو اسحاق إِبْرَاهِيم ابْن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الآزدى فِي آخَرين قَالُوا حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوب الجوال الدينورى حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبلوى حَدَّثَنى خالى عمَارَة بن زيد قَالَ كنت صديقا لمُحَمد ابْن الْحسن فَدخلت مَعَه يَوْمًا على هرون الرشيد فساءله ثمَّ أَنِّي سَمِعت مُحَمَّد بن الْحسن وَهُوَ يَقُول إِن مُحَمَّد بن أدريس يزْعم أَن للخلافة أَهلا قَالَ فاستشاط هرون من قَوْله غَضبا ثمَّ قَالَ على بِهِ فَلَمَّا مثل بَين يَدَيْهِ أطرق سَاعَة ثمَّ رفع رَأسه اليه فَقَالَ إيها قَالَ الشافعى مَا إيها يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنْت الداعى وَأَنا الْمَدْعُو وَأَنت السَّائِل وَأَنا الْمُجيب فَذكر حِكَايَة طَوِيلَة

ص: 219

سَأَلَهُ فِيهَا عَن الْعُلُوم ومعرفته بهَا إِلَى أَن قَالَ كَيفَ علمك بالنجوم قَالَ أعرف الْفلك الدائر والنجم السائر والقطب الثَّابِت والمائى والناري وَمَا كَانَت الْعَرَب تسميه الأنواء ومنازل النيرَان وَالشَّمْس وَالْقَمَر والاستقامة وَالرُّجُوع والنحوس والسعود وهيآتها وطبائعها وَمَا اسْتدلَّ بِهِ من بَرى وَيجْرِي وأستدل فِي أَوْقَات صَلَاتي وَأعرف مَا مضى من الْأَوْقَات فِي كل ممسي ومصبح وظعنى فِي أسفارى قَالَ فَكيف علمك بالطب قَالَ اعرف مَا قَالَت الرّوم مثل ارسطاطا لَيْسَ ومهراريس وفرفوريس وجالينوس وبقراط واسد فَلَيْسَ بلغاتهم وَمَا نقل من أطباء الْعَرَب وفلاسفة الْهِنْد ونمقته عُلَمَاء الْفرس مثل حاماسف وشاهمرو وبهم ردويوز جمهر ثمَّ سَاق الْعُلُوم على هَذَا النَّحْو فِي حِكَايَة طَوِيلَة يعلم من لَهُ علم بالمنقولات أَنَّهَا كذب مختلق وافك مفترى على الشافعى وَالْبَلَاء فِيهَا من عِنْد مُحَمَّد بن عبد الله الْبلوى هَذَا فَإِنَّهُ كَذَّاب وَضاع وَهُوَ الَّذِي وضع رحْلَة الشافعى وَذكر فِيهَا مناظرته لأبي يُوسُف بِحَضْرَة الرشيد وَلم ير الشافعى أَبَا يرسف وَلَا اجْتمع بِهِ قطّ وَإِنَّمَا دخل بَغْدَاد بعد مَوته ثمَّ إِن فِي سِيَاق الْحِكَايَة مَا يدل من لَهُ عقل على انها كذب مفترى فَإِن الشافعى لم يعرف لغه هَؤُلَاءِ اليونان الْبَتَّةَ حَتَّى يَقُول إِنِّي أعرف مَا قَالُوهُ بلغاتهم وَأَيْضًا فَإِن هَذِه الْحِكَايَة أَن مُحَمَّد بن الْحسن وشى بالشافعى إِلَى الرشيد وَأَرَادَ قَتله وتعظيم مُحَمَّد الشافعى ومحبته لَهُ وتعظيم الشافعى لَهُ وثناؤه عَلَيْهِ هُوَ الْمَعْرُوف وَهُوَ يدْفع هَذَا الْكَذِب وَأَيْضًا فَإِن الشافعى رحمه الله لم يكن يعرف علم الطِّبّ اليوناني بل كَانَ عِنْده من طب الْعَرَب طرف حفظ عَنهُ فِي منثور كَلَامه بعضه كنهيه عَن أكل الباذنجان بِاللَّيْلِ وَأكل الْبيض المصلوق بِاللَّيْلِ وَكَانَ يَقُول عجبا لمن يتعشى ببيض وينام كَيفَ يعِيش وَكَانَ يَقُول عجبا لمن يخرج من الْحمام وَلَا يَأْكُل كَيفَ يعِيش وَكَانَ يَقُول عجبا لمن يحتجم ثمَّ يَأْكُل كَيفَ يعِيش يعْنى عقب الْحجامَة وَكَانَ يَقُول احذر أَن تشرب لهَؤُلَاء الْأَطِبَّاء دَوَاء وَلَا تعرفه وَكَانَ يَقُول لَا تسكن ببلدة لَيْسَ فِيهَا عَالم ينبئك عَن دينك وَلَا طَبِيب ينبئك عَن أَمر بدنك وَكَانَ يَقُول لم أر شَيْئا انفع للوباء من البنفسج يدهن بِهِ وَيشْرب إِلَى امثال هَذِه الْكَلِمَات الَّتِى حفظت عَنهُ فَأَما أَنه كَانَ يعلم طب اليونان وَالروم والهند وَالْفرس بلغاتها فَهَذَا بهت وَكذب عَلَيْهِ قد أعاذة الله عَن دَعْوَاهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَمن لَهُ علم بالمنقولات لَا يستريب فِي كذب هَذِه الْحِكَايَة عَلَيْهِ وَلَوْلَا طولهَا لسقناها ليتبين اثر الصَّنْعَة والوضع عَلَيْهَا

وَأما الْحِكَايَة الثَّانِيَة فَقَالَ الْحَاكِم أخبرنَا أَبُو الْوَلِيد الْفَقِيه قَالَ حدثت عَن الْحسن بن سُفْيَان عَن حَرْمَلَة قَالَ كَانَ الشافعى يديم النّظر فِي كتب النُّجُوم وَكَانَ لَهُ صديق وَعِنْده وَجَارِيَة قد حبلت فَقَالَ إِنَّهَا تَلد إِلَى سَبْعَة

وَعشْرين يَوْمًا وَيكون فِي فَخذ الْوَلَد الْأَيْسَر خَال أسود ويعيش أَرْبَعَة وَعشْرين يَوْمًا ثمَّ يَمُوت بِهِ على النَّعْت الذى وصف وَانْقَضَت

ص: 220

مدَّته فَمَاتَ فَأحرق الشافعى بعد ذَلِك تِلْكَ الْكتب وَمَا عاود النّظر فِي شَيْء مِنْهَا وَهَذَا الْإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات لَكِن الشَّأْن فِيمَن حدث أَبَا الْوَلِيد بِهَذِهِ الْحِكَايَة عَن الْحسن بن سُفْيَان أَو فِيمَن حدث بهَا الْحسن عَن حزملة وَهَذِه الْحِكَايَة لَو صحت لوَجَبَ أَن تثنى الخناصر على هَذَا الْعلم وتشد بِهِ الأيدى لَا أَن تحرق كتبه ويهان غَايَة الإهانة وَيجْعَل طعمة للنار وَهَذَا لَا يفعل إِلَّا بكتب الْمحَال وَالْبَاطِل

ثمَّ إِنَّه لَيْسَ فِي الْعَالم طالع للولادة يقتضى هَذَا كُله كَمَا سَنذكرُهُ عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى والطالع عِنْد المنجمين طالعان طالع مسْقط النُّطْفَة وَهُوَ الطالع الأصلى وَهَذَا لَا سَبِيل إِلَّا الْعلم بِهِ إِلَّا فِي أندر النَّادِر الَّذِي لَا يَقْتَضِيهِ الْوُجُود وَالثَّانِي طالع الْولادَة وهم معترفون أَنه لَا يدل على أَحْوَال الْوَلَد وجزئيات امْرَهْ لِأَنَّهُ انْتِقَال الْوَلَد من مَكَان إِلَى مَكَان وَإِنَّمَا أَخَذُوهُ بَدَلا من الطالع الأصلى لما تعذر عَلَيْهِم اعْتِبَاره وَهَذَا الْحِكَايَة لَيْسَ فِيهَا أَخذ وَاحِد من الطالعين لِأَن فِيهَا الحكم على الْمَوْلُود قبل خُرُوجه من غير اعْتِبَار طالعه الأصلى والمنجم يقطع بِأَن الحكم على هَذَا الْوَلَد لَا سَبِيل إِلَيْهِ وَلَيْسَ فِي صناعَة النُّجُوم مَا يُوجب الحكم عَلَيْهِ وَالْحَالة هَذِه وَهَذَا يدل على أَن هَذِه الْحِكَايَة كذب مختلق على الشافعى على هَذَا الْوَجْه وَكَذَلِكَ الْحِكَايَة الثَّالِثَة وَهِي مَا رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا أنباني عبد الرَّحْمَن بن الْحسن القاضى أَن زَكَرِيَّا بن يحيى الساجى حَدثهمْ أَخْبرنِي أَحْمد بن مُحَمَّد بن بنت الشافعى قَالَ سَمِعت أبي يَقُول كَانَ الشافعى وَهُوَ حدث ينظر فِي النُّجُوم وَمَا نظر فِي شَيْء إِلَّا فاق فِيهِ فَجَلَسَ يَوْمًا وَامْرَأَة تَلد فَحسب فَقَالَ تَلد جَارِيَة عوراء على فرجهَا خَال أسود وَتَمُوت إِلَى كَذَا وَكَذَا فَولدت فَكَانَ كَمَا قَالَ فَجعل على نَفسه أَلا ينظر فِيهِ أبدا وَأمر هَذِه الْحِكَايَة كالتى قبلهَا فَأن ابْن بنت الشافعى لم يلق الشافعى وَلَا رَآهُ والشأن فِيمَن حَدثهُ بِهَذَا عَنهُ وَالَّذِي عندى فِي هَذَا أَن النَّاقِل إِن أحسن بِهِ الظَّن فَإِنَّهُ غلط على الشافعى والشافعى كَانَ من أَفرس النَّاس وَكَانَ قد قَرَأَ كتب الفراسة وَكَانَت لَهُ فِيهَا الْيَد الطُّولى فَحكم فِي هَذِه الْقَضِيَّة وأمثالها بالفراسة فَأصَاب الحكم فَظن النَّاقِل أَن الْحَاكِم كَانَ يسْتَند إِلَى قضايا النُّجُوم وأحكامها وَقد برأَ الله من هُوَ دون الشافعى من ذَلِك الهذيان فَكيف بِمثل الشافعى رحمه الله فِي عقله وَعلمه ومعرفته حَتَّى يروج عَلَيْهِ هذيان المنجمين الَّذِي لَا يروج إِلَّا على جَاهِل ضَعِيف الْعقل وتنزيه الشافعى رحمه الله عَن هَذَا هُوَ الذى ينبغى أَن يكون من مناقبه فَأَما أَن يذكر فِي مناقبه أَنه كَانَ منجما يرى القَوْل بِأَحْكَام النُّجُوم وتصحيحها فَهَذَا فعل من يذم بِمَا يَظُنّهُ مدحا وَإِذا كَانَ الشافعى شَدِيد الْإِنْكَار على الْمُتَكَلِّمين مزريا بهم وَكَانَ حكمه فيهم أَن يضْربُوا بالحديد وَيُطَاف بهم فِي الْقَبَائِل فَمَاذَا رَأْيه فِي المنجمين وَهُوَ أجل وَأعلم من ان يحكم بِهَذَا الحكم على أهل الْحق وَمن قضاياهم فِي الصدْق ينتهى إِلَى الْحَد الذى ذكر فِي هَذِه الْكِتَابَة فَذكر عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَغَيرهمَا عَن الحميدى قَالَ قَالَ الشافعى خرجت

ص: 221

إِلَى الْيمن فِي طلب كتب الفراسة حَتَّى كتبتها وجمعتها ثمَّ لما كَانَ انصرافي مَرَرْت فِي طريقي بِرَجُل وَهُوَ محتب بِفنَاء دَاره أَزْرَق الْعين نأتيء الْجَبْهَة سفاط فَقلت لَهُ هَل من منزل قَالَ نعم قَالَ الشافعى وَهَذَا النَّعْت أَخبث مَا يكون فِي الفراسة فأنزلنى فَرَأَيْت أكْرم رجل بعث إِلَى بعشاء وَطيب وعلف لدوابي وفراش ولحاف وَجعلت أتقلب اللَّيْل أجمع مَا أصنع بِهَذِهِ الْكتب فَلَمَّا أَصبَحت قلت للغلام أَسْرج فأسرج فركبت ومررت عَلَيْهِ وَقلت لَهُ إِذا قدمت مَكَّة ومررت بذى طوى فاسأل عَن منزل مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشافعى فَقَالَ لى الرجل أمولا لأَبِيك أَنا قلت لَا قَالَ فَهَل كَانَت لَك عندى نعْمَة قلت لَا قَالَ فَأَيْنَ مَا تكلفت لَك البارحة قلت وَمَا هُوَ قَالَ اشْتريت لَك طَعَاما بِدِرْهَمَيْنِ وأدما بِكَذَا وعطرا بِثَلَاثَة دَرَاهِم وعلفا لدوابك بِدِرْهَمَيْنِ وكرى والفراش واللحاف دِرْهَمَانِ قَالَ قلت يَا غُلَام فَهَل بقى شَيْء قَالَ كرى الْمنزل فَأَنِّي وسعت عَلَيْك وضيقت على نفسى فغبطت نَفسِي بِتِلْكَ الْكتب فَقلت لَهُ بعد ذَلِك هَل بقى شَيْء قَالَ امْضِ أخزاك الله فَمَا رَأَيْت شرا مِنْك

وَقَالَ الرّبيع اشْتريت للشافعى طيبا بِدِينَار فَقَالَ لى مِمَّن اشْتَرَيْته فَقلت من ذَلِك الْأَشْقَر الْأَزْرَق فَقَالَ أشقر أَزْرَق أذهب فَرده وَقَالَ الرّبيع مر أخي فِي صحن الْجَامِع فدعاني الشافعى فَقَالَ لى ياربيع أنظر إِلَى الذى يمشى هَذَا أَخُوك قلت نعم أصلحك الله قَالَ اذْهَبْ وَلم يكن رَآهُ قبل ذَلِك

قَالَ قُتَيْبَة بن سعيد رَأَيْت مُحَمَّد بن الْحسن والشافعى قَاعِدين بِفنَاء الْكَعْبَة فَمر الرجل فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه تعال نركز على هَذَا الْمَار أى حِرْفَة مَعَه فَقَالَ أَحدهمَا هَذَا خياط وَقَالَ الآخر هَذَا نجار فبعثا إِلَيْهِ فَسَأَلَاهُ فَقَالَ كنت خياطا وَالْيَوْم أنجر أَو كنت نجارا وَالْيَوْم أخيط

وَقَالَ الرّبيع سَمِعت الشافعى وَقدم عَلَيْهِ رجل من أهل صنعاء فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ من أهل صنعاء قَالَ نعم قَالَ فحداد أَنْت قَالَ نعم

وَقَالَ كنت عِنْد الشافعى إِذْ أَتَاهُ رجل فَقَالَ لَهُ الشافعى أنساج أَنْت قَالَ عندى أجراء وَقَالَ كُنَّا عِنْد الشافعى إِذا مر بِهِ رجل فَقَالَ الشافعى لَا يَخْلُو هَذَا أَن يكون حائكا أَو نجارا قَالَ فدعوناه فَقَالَ مَا صنعتك فَقَالَ نجار فَقُلْنَا أَو غير ذَلِك قَالَ عندى غلْمَان يعْملُونَ الثِّيَاب

وَقَالَ حَرْمَلَة سَمِعت الشافعى يَقُول احْذَرُوا من كل ذى عاهة فِي بدنه فَإِنَّهُ شَيْطَان قَالَ حَرْمَلَة قلت من أُولَئِكَ قَالَ الْأَعْرَج وَالْأَحْوَال والأشل وَغَيره

وَقَالَ اشْتهى الشافعى يَوْمًا عنبا أَبيض فَأمرنِي فاشتريت لَهُ مِنْهُ بدرهم فَلَمَّا رَآهُ استجاده فَقَالَ لى يَا أَبَا مُحَمَّد مِمَّن أشتريت هَذَا فسميت لَهُ البَائِع فنحى الطَّبَق من بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لى رده عَلَيْهِ وَاشْترى لى من غَيره فَقلت لَهُ وَمَا شَأْنه فَقَالَ ألم أَنْهَك أَن تصْحَب الْأَزْرَق والأشقر فَإِنَّهُ لَا ينجب فَكيف آكل من شَيْء اشْتَرَيْته لى مِمَّن أنهى عَن صحبته قَالَ الرّبيع فَرددت الْعِنَب على البَائِع واعتذرت إِلَيْهِ بِكَلَام واشتريت لَهُ عنبا من غَيره

وَقَالَ حَرْمَلَة سَمِعت الشافعى يَقُول احْذَرُوا

ص: 222

الْأَعْوَر والأحول والأعرج والأحدب والأشقر والكوسج وكل من بِهِ عاهة فِي بدنه وكل نَاقص الْخلق فَاحْذَرُوهُ فَإِنَّهُ صَاحب لؤم ومعاملته مره وَقَالَ مرّة أُخْرَى فَإِنَّهُم أَصْحَاب خب

وَقَالَ الرّبيع دَخَلنَا على الشافعى عِنْد وَفَاته أَنا والبويطى والمزني وَمُحَمّد بن عبد الله ابْن عبد الحكم قَالَ فَنظر إِلَيْنَا الشافعى سَاعَة فَأطَال ثمَّ الْتفت فَقَالَ أما أَنْت يَا أَبَا يَعْقُوب فستموت فِي حَدِيد يعْنى البويطى وَأما أَنْت يَا مزني فسيكون لَك بِمصْر هَنَات وهنات ولتدركن زَمَانا تكون أَقيس أهل ذَلِك الزَّمَان وَأما انت يَا مُحَمَّد فسترجع إِلَى مَذْهَب أَبِيك وَأما أَنْت يَا ربيع فَأَنت أنفعهم لى فِي نشر الْكتب قُم يَا أَبَا يَعْقُوب فتسلم الْحلقَة قَالَ الرّبيع فَكَانَ كَمَا قَالَ

وَقَالَ الرّبيع مَا رَأَيْت أفطن من الشافعى لقد سمى رجَالًا مِمَّن يَصْحَبهُ فوصف كل وَاحِد مِنْهُم بِصفة مَا أَخطَأ فِيهَا فَذكر الْمُزنِيّ والبويطى وَفُلَانًا فَقَالَ ليفعلن فلَان كَذَا وَفُلَان كَذَا وليصحبن فلَان السُّلْطَان وليقلدن الْقَضَاء وَقَالَ لَهُم يَوْمًا وَقد اجْتَمعُوا مَا فِيكُم أَنْفَع من هَذَا وأوما إِلَى لِأَنَّهُ أمثلكم بأَخيه وَذكر صفاتا غير هَذِه قَالَ فَلَمَّا مَاتَ الشافعى صَار كل مِنْهُم إِلَى مَا ذكر فِيهِ مَا أَخطَأ فِي شَيْء من ذَلِك

وَقَالَ حَرْمَلَة لما وَقع الشافعى فِي الْمَوْت خرجنَا من عِنْده فَقلت لأبي يَا أبه كل فراسة كَانَت للشافعى أخذناها يدا بيد إِلَّا قَوْله يقتلنى أشقر وَهَا هُوَ فِي السِّيَاق فوافينا عبد الله بن عبد الحكم ويوسف ابْن عَمْرو فَقُلْنَا إِلَى أَيْن قَالَا إِلَى الشافعى فَمَا بلغنَا الْمنزل حَتَّى أدركنا الصُّرَاخ عَلَيْهِ قُلْنَا مَه مالكم قَالُوا مَاتَ الشافعى فَقَالَ أبي من غمضه قَالُوا يُوسُف بن عَمْرو وَكَانَ أَزْرَق وَهَذِه الْآثَار وَغَيرهَا ذكرهَا ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي مصنفيهما فِي مَنَاقِب الشافعى وَهِي اللائقة بجلالته ومنصبه لَا مَا باعده الله مِنْهُ من أكاذيب المنجمين وهذياناتهم وَالله أعلم وَأما مَا احْتج بِهِ من أَن فِرْعَوْن كَانَ يذبح أَبنَاء بنى أسرائيل ويستحي نِسَاءَهُمْ لِأَن الْمُفَسّرين قَالُوا كَانَ ذَلِك بِأَن المنجمين أَخْبرُوهُ بِأَنَّهُ سيجىء بنى إِسْرَائِيل مَوْلُود يكون هَلَاكه على يَدَيْهِ فَأكْثر الْمُفَسّرين إِنَّمَا أحالوا ذَلِك على خبر الْكُهَّان وروى بَعضهم أَن قومه أَخْبرُوهُ بِأَن بنى أسرائيل يَزْعمُونَ أَنه يُولد مِنْهُم مَوْلُود يكون هلاكك على يَدَيْهِ وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ هما الدائران فِي كتب الْمُفَسّرين وَأما هَذِه الرِّوَايَة أَن المنجمين قَالُوا لَهُ ذَلِك فغايتها أَنَّهَا من أَخْبَار أهل الْكتاب وَقد خالفها غَيرهَا من الرِّوَايَات فَكيف يسوغ التَّمَسُّك بهَا فِي الْأَمر الْعَظِيم وَفِي أَخْبَار الْكُهَّان مَا هُوَ أعجب من ذَلِك فقد أخبروا بِظُهُور خَاتم الرُّسُل مُحَمَّد قبل ظُهُوره وَذَلِكَ مَوْجُود فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وَنحن لَا ننكر علم تقدمة الْمعرفَة بِأَسْبَاب مفضية إِلَيْهِ تخْتَلف قوى النَّاس فِي ادراكها وتحصلها وَإِنَّمَا كلامنا مَعكُمْ فِي أصُول علم الْأَحْكَام وَبَيَان فَسَادهَا وَكذب أَكثر الْأَحْكَام الَّتِى يسندونها إِلَيْهَا وَبَيَان أَن ضَرَر هَذَا الْعلم لَو كَانَ حَقًا أعظم من نفعة فِي

ص: 223

الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأَن أَهله لَهُم أوفر نصيب من قَوْله إِن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل سينالهم غضب من رَبهم وذلة فِي الْحَيَاة الدِّينَا وَكَذَلِكَ نجزى المفترين وَأهل هَذَا الْعلم أذلّ أذلّ النَّاس فِي الدُّنْيَا لَا يُمكن أحدا مِنْهُم أَن يَأْكُل رزقه بِهَذَا الْعلم إِلَّا بأعظم ذل وعزيزهم لابد أَن يتعبد وينضوى إِلَى مكاس أَو ديوَان أَو وَال يكون تَحت ظله وَفِي كنفه وسائرهم على الطرقات وَفِي كسر الحوانيت مدسسين صيدهم كل نَاقص الْعقل وَالْإِيمَان وَالدّين من صبى أَو امْرَأَة أَو حمَار فِي سلَاح آدمى أَو ذُبَاب طمع لَو لَاحَ لَهُ فِي عبَادَة الْأَصْنَام وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم لَكَانَ أول العابدين وَرَأس مَالهم الْكَذِب والزرق وَأخذ أَحْوَال السَّائِل مِنْهُ وَمن فلتات لِسَانه وهيئته وإعراضه فيخبرونه بِمَا يُنَاسب ذَلِك من الْأَحْوَال فينفعل عقله لَهُم وَيَقُول لقد أعْطى هَؤُلَاءِ عَطاء لم يُعْطه غَيرهم وتراهم فِي الْغَالِب يقْصد أحدهم قَرْيَة أَو دكانا منزويا عَن الطَّرِيق وَيُصلي فِيهِ للصَّيْد وَينصب الشّرك فَإِذا لَاحَ لَهُ بدوى أَو حيشى أَو تركماني فَإِنَّهُ يتبرك بطلعته وَيَقُول اجْلِسْ حَتَّى أبين لَك مَا يَقْتَضِيهِ نجمك وطالعك وَبَيت مَالك وَبَيت فراشك وَبَيت أفراحك وهمومك وَكم بقى عَلَيْك من الْقطع نعم مَا اسْمك وَاسم أمك وَأَبِيك فَإِذا قَالَ لَهُ اسْمه وَاسم أَبَوَيْهِ أخرج لَهُ الاصطرلاب أَو الكرة النّحاس وَقَالَ كَيفَ قلت اسْمك فَإِذا أخبرهُ ثَانِيَة قَالَ وَكَيف قلت اسْم الوالدة طول الله عمرها فَإِذا قَالَ درجت إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قَالَ مامات من خلف مثلك ثمَّ يحْسب وَيَقُول فُلَانَة تِسْعَة وتزيد عَلَيْهَا تِسْعَة تسْقط مِنْهَا خَمْسَة يبْقى مِنْهَا أَرْبَعَة أقعد واسمع يَا أخي إِنِّي أرى عَلَيْك حجَجًا مَكْتُوبَة ووثائق وَلَا بُد لَك من الْوُقُوف بَين يدى ولى أَمر إِمَّا حَاكم واما وَال وَأرى دَمًا خَارِجا عَنْك مَا أَنْت من أَهله وَأرى نَاسا قد اجْتَمعُوا حولك وَإِن كَانَ شكل ذَلِك الرجل شكل من هُوَ من أَرْبَاب التهم قَالَ وَأرى خشبا ينصب ومسامير تضرب وجنايات تُؤْخَذ نعم يَا أخي برجك بالأسد وَهُوَ نارى مُذَكّر أخذت مِنْهُ نطاح مِقْدَام بَطل نجمك الزهرة أَنْت قَلِيل البخت عِنْد النَّاس مكفور الْإِحْسَان مَقْصُود بالأذى قل أَن صاحبت أحدا فأثمرت لَك صحبته خيرا نعم يَا أخي أسعد أيامك يَوْم الْجُمُعَة وَخير كسبك كد يدك اعْلَم أَنه لابد لَك من أسفار وغربة وركوب أهوال واقتحام اخطار وَأُمُور عِظَام أبينها لَك إِن شَاءَ الله هَات لَا تبخل على نَفسك حط يدك فِي جيبك حل الْكيس وَلَا يزَال يلكزه ويجذبه ويطمعه حَتَّى يسْتَخْرج مَا تسمح بِهِ نَفسه فَإِن رأى مِنْهُ تباطيا قَالَ عجل قبل خُرُوج هَذِه السَّاعَة السعيدة فَإِنَّهَا سَاعَة مباركة أما سَمِعت قَول نبيك يسروا وَلَا تُعَسِّرُوا فَإِذا حَاز مَا أَخذه قَالَ لَهُ زِدْنِي فَإِن أمورك كَثِيرَة وَيحْتَاج إِلَى تَعب وفكر وحساب طَوِيل فَإِذا تمّ لَهُ مَا يَأْخُذهُ مِنْهُ بقى هُوَ من جوا فكال لَهُ من جراب الْكَذِب مَا أمكنه وَلَا يبالى أكذبه أم صدقه ثمَّ يَقُول لَهُ أخي

ص: 224

برجك الْأسد وَهُوَ سهم الْعَدَاوَة والحسد وَمَا عاداك أحد قطّ وأفلح بل يظفرك الله بِهِ وينصرك عَلَيْهِ نعم وَهُوَ برج نَارِي وَالنَّار من النُّور والنور فِيهِ الْبَهْجَة وَالسُّرُور اُبْشُرْ فَأَنت طَوِيل الْعُمر لَا تَمُوت فِي هَذَا الْوَقْت عمرك من السِّتين إِلَى السّبْعين إِلَى الثَّمَانِينَ إِلَى التسعين بَيت كسبك كَذَا وَكَذَا وَأرى حَاجَة مهمة قد خرجت عَن يدك نعم بِغَيْر مرادك وَأَنت فِي غَالب أحوالك الْخَارِج عَن يدك أَكثر من الدَّاخِل فِيهَا بِاللَّه صدقت أم لَا فَيَقُول وَالله صَحِيح وَالْأَمر كَمَا قلت وَلَكِن أَحْمد الله كلما بَقِي عَلَيْك من الْقطع أَرْبَعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام وَتخرج من نحسك وَتدْخل فِي برج سعادتك وتنجو ويخلف الله عَلَيْك بالخيرات والبركات وَلَا بُد لَك السَّاعَة من رزق يَأْتِيك الله بِهِ ويفرح بِهِ أهلك وعيلتك وَتصْلح حالك ويستقيم سعدك

الثَّالِث يَا أخي من برجك الْمِيزَان وَهُوَ بَيت الإخوان سعدك يَا أخي مِنْهُم مَنْقُوص وحظك مِنْهُم منحوس غَالب من أوليته مِنْهُم خيرا جازاك بِالشَّرِّ وغالب من قلت فِيهِ الْخَيْر مِنْهُم يَقُول فِيك الشَّرّ بِاللَّه أما الْأَمر هَكَذَا وَذَلِكَ يَا أخي أَنَّك خَفِيف الدَّم كل من رآك مَال إِلَيْك وَأنس بك وَأَنت مَحْسُود تحسد فِي مَالك وَفِي عافيتك وَفِي أهلك وأولادك وكل مَا تعمله بِيَدِك وَلَكِن الْعين لَا تُؤثر فِيك لِأَن كل من برجه الْأسد لَا بُد أَن يكون لَهُ فِي رَأسه أَو جسده عَلامَة مثل شجة أَو ضَرْبَة بَين أكتافه أَو فِي سَاقه وَمَا هُوَ بعيد أَن فِي جسدك شامة أَو فِي جسمك ثلمة وَهَذَا هُوَ الَّذِي يدْفع عَنْك الْعين وَأَنت لَا تَدْرِي

الرَّابِع من بروجك الْعَقْرَب وَهُوَ بَيت الْآبَاء أَرَاك كنت قَلِيل السعد بَين أَبَوَيْك وَمَعَ هَذَا فَكَانَ أَكثر ميلهم وإشفاقهم مَعَ غَيْرك هم عَلَيْك وَكَانَ حظك مِنْهُم نَاقِصا وَلَهُم تطلع إِلَى كدك وكسبك

الْخَامِس من بروجك الْقوس وَهُوَ بَيت الْبَنِينَ أَرَاك قَلِيلا مَا يعِيش لَك أَوْلَاد تدفنهم كلهم ثمَّ تَمُوت أَنْت بعدهمْ بل سَوف يكون لَك ولد يشد الله بِهِ عضدك وَيُقَوِّي أَمرك وتنال من جِهَته رَاحَة وَخيرا وَرُبمَا تكون سعادتك على يَدَيْهِ

السَّادِس من بروجك الجدي وَهُوَ برج أمراضك وأعلالك يَا أخي أمراضك وأسقامك كَثِيرَة وأكثرها فِي رَأسك وَرُبمَا يكون فِي أجنابك وَهِي أمراض قَوِيَّة طوال الله يعافينا وَإِيَّاك وَكنت فِي صغرك لَا ترقد فِي السرير إِلَّا بعد جهد جهيد وعهدي بك الْآن لَا ترقد فِي فراشك إِلَّا بعد شدَّة نعم وَأكْثر أمراضك فِي الصَّيف والخريف

السَّابِع من بروجك الدَّلْو وَهُوَ بَيت الْفراش وَأرى فراشك خَالِيا أَثم زَوْجَة فَإِن قَالَ نعم قَالَ لَا بُد لَك من فراقها عَن قريب إِمَّا بِمَوْت وَإِمَّا بِطَلَاق فَإِن المريخ مِنْك فِي بَيت الْفراش وَإِن قَالَ لَا قَالَ عَجِيب وَالله لقد ابصرت فِي الطبائع أَن فراشك فارغ وَأرى روحا ناظرة إِلَيْك بِعَين الألفة والمحبة خطورك وخطوره عَلَيْك وَأرى لَك من قبله مَنْفَعَة وَلَك بِهِ اتِّصَال وَفَرح أبين لَك على أَي سَبَب يكون اجتماعكما نعم فَإِن قَالَ لَهُ نعم قَالَ هَات

ص: 225