الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجانب المطل على المحيط الهندى، تختلف اختلافا بينا عن الأقاليم الشمالية، ذلك أن الهضبة فى جزئها الجنوبى لا تنحدر سريعا صوب البحر، بل تنحدر انحدارها تدريجيا، وتبعد أقصى أنوفها الجبلية عن الساحل ما بين مائتى ميل وثلثمائة ميل. وهنالك لا تكون مياهها سيولا قصيرة المدى بل أنهارا كبيرة لا تفيض فى بعض المواسم فحسب، وإنما تفيض طوال السنة على اختلاف فى مناسيبها.
ويفرق الصوماليون هنا بين أربعة أقاليم يصادفها على الترتيب التالى المسافر من ساحل المحيط إلى داخل البلاد: الأول هو الجسور الرملية المتحركة (بالصومالية: بَعَد) على الساحل. ثم يلى ذلك التلال أو السهول القصيرة من الرمل الأبيض الذى لا يكاد يتماسك (الصومالية: عره عاد أى الأرض البيضاء) ثم يأتى الرمل الأحمر الصوانى وتغطيه الغابات ومعظمه من أشجار السنط (بالصومالية: عرة كدد) ثم نلقى من بعد شقة من الأرض الرسوبية التى تحاذى الأنهار (بالصومالية: عره مادو، أى الأرض السوداء) وهى إلى حد ما أرض غنية بالتربة الخصبة تصلح للزراعة بصفة خاصة.
ويوجد فى الإقليم الممتد بين نهر جوب والثنية السفلى الكبرى لنهر شبيلا، وفيما بعد الأرض السوداء الآنفة الذكر منطقة أخرى مترامية الأطراف من الأرض الحمراء يطلق عليها الأهالى اسم:"دوى" وهى أغنى مناطق الرعى فى بلاد الصومال الجنوبية. وتخط منطقة الأرض الحمراء، من الشمال الشرقى إلى الجنوب الغربى، سلسلة من التلال الجرانيتية تقوم حدودا لمشارف حوض شبيلا عند "بور ميلداق" حتى مشارف وادى جوب. وتمتد فيما وراء منطقة الأرض الحمراء، أوغل من ذلك فى الداخل. منطقتا الأرض السوداء وهما منطقة بور هكبَّة ومنطقة هضبة بَيْضُوهْ. ومن هناك ترتفع الأرض ارتفاعا تدريجيا حتى منطقة عيون بُكُّل بالقرب من حدود أوكادين
مجموعة الأنهار:
يعتمد الفيضان العالى لنهرى بلاد الصومال الكبيرين ومنسوب ارتفاع مياههما اعتمادا وثيقا
على الأمطار التى تسقط على الهضبة الإثيوبية ولا تؤثر الأمطار المحلية للصومال فى ذلك إلا أثرا ضئيلًا؛ والفيضانات العالية تحدث مرتين فى السنة تبعا لاختلاف. مواسم الأمطار بين الشدة والضعف فى جنوبى الحبشة. وتلك ظروف مواتية للزراعة، لأن الأمطار الحبشية الغزيرة تسقط خلال الشهور من 15 يونيه إلى 15 سبتمبر، على حين أن هذه الفترة هى أشد الفترات جفافا فى بلاد الصومال. ومن ثم كان الفيضان العالى، بل طغيان مائه أحيانا، يعد فى نظر بعض القبائل على الأقل تعويضا لهم عما ينزل بهم من أضرار فى فصل الصيف بالصومال.
ويطلق الصوماليون على النهر الذى عرف فى الخرائط الأوربية بجوبا وعرفه العرب بجوب، اسم "ويببى كنانه"، وهو فى الحق اسم مركب، ذلك أن "كنان" أو "كنال" معناها بالضبط النهر فى لهجات كالّه بورانا وفى بعض لهجات سداما (والاسم فى النحو جمع بحسب القاعدة الجارية فى اللغات الكوشية، وهى أن جميع أسماء المواد السائلة لا تستعمل إلا بصيغة الجمع).
أما النهر الصومالى الآخر الذى يعرفه الأوربيون فى خرائطهم باسم شبلى Shebeli فقد عرفه الأهالى الذين يعيشون فى جواره باسم: "ويبكه" أى النهر. ولعل السبب فى إطلاق اسم شبلى على هذا النهر يرجع إلى أن أهالى أوكادين هم الذين سموه للرحالة الأولين القادمين من خليج عدن باسم "ويبى شبيلا" أى نهر إقليم شبيلا، بمعنى أنه النهر الذى يخط شبيلا. وهو أغنى وأشهر إقليم يخطه المجرى الأعلى لهذا النهر. ومن ثم يجب تصحيح الترجمة الشائعة للاسم من "نهر الفهود" أى نهر موطن الفهود" (معنى شبيلا لغة:"حيث توجد الفهود").
وأشهر زروع بلاد الصومال أجمة أشجار السنط ذات الشوك، وهى أقل كثافة فى الأراضى البيضاء منها فى الأراضى الحمراء. وتقوم الأشجار الباسقة، وخاصة الجميز، على ضفاف الأنهار، وتكون فى بعض الأحيان آجاما فى شقة من الأرض تبلغ ميلا تقريبًا