الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى هذا كله لا يزال يبنى على ما سبق ذكره من المنطق المدخول فى اللغويات والأدبيات، فمع أن كلمة صلاة موجودة فى الآثار الأدبية قبل الإسلام، لو سلمنا جدلا للكاتب بأنها لم تكن موجودة، وإنما دخلت الحياة العربية قبيل الإسلام فليس فرد، هو محمد [صلى الله عليه وسلم] أو سواه، هو الذى يتولى هذا النقل لأنكم أنتم الذين تقولون: إن الظواهر اللغوية اجتماعية، لا تنسب لشخص ولا لعصر، بل لا تنسب لجمع؛ فكيف تقولون بعد ذلك: إن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] هو الذى اتخذ كلمة صلاة. . وإن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] هو الذى نقل كلمة صلاة. . إلخ!
إن هذا القول يبطله المنهج اللغوى والاجتماعى الخاص -على ما رأينا- كما يبطله المنهج العلمى العام؛ لأن قائله لا يملك أى دليل على أن هذا من عمل محمد [صلى الله عليه وسلم]. وهو يتناسى احتمالا سيظل موجود، ما دام العلم لم يثبت بطلان الأسلوب الدينى، والوحى الدينى. . وما دام هذا فى الحساب وليس محمد عليه الصلاة والسلام هو الذى اتخذ الشعيرة، من اليهود والمسيحيين فى بلاد العرب؛ وليس محمد هو الذى نقل كلمة صلاة بهذا المعنى من جيرانه. . وليس محمد [صلى الله عليه وسلم] هو الذى احتكم فى هذه الشعيرة -إلخ. ما هو تتمة وبقية لتلك الدعاوى من أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] هو الذى فعل. . لأن المقرر الذى لم يبطل بعد هو: وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحى يوحى، فما لكم عرفتم الرسالات الدينية، ثم رحتم تنكرون أن الإسلام منها بدافع عصبية اعتقادية -لا غير، مع أنه هو الداعى إلى وحدة التدين. .!
(د) تشابه الأديان
وهى كذلك من أنغامهم القديمة التى عرض لها التعليق على هذه الدائرة، ولعله لم يبق جديد من القول فيها؛ وأن وحدة الأديان، التى كان الإسلام بترتيبه الزمنى داعيا واضح الدعوة إليها فى إعلان أنه أنزل إلى النبيين من قبله، وأوحى إليه كما أوحى إلى من قبله؛ وأنه مصدق لما بين يديه؛ ولا مكان مع ذلك للقول بأن هذا قد أخذ من ذاك، أو هذه قد شابهت تلك؛ لأن الكل فى بيان القرآن واحد المصدر، واحد الغاية؛ وفى ضوء هذا الأصل الواضح المسلم تقرأ فى مادة صلاة ما يلى:
(أ)"يكشف نظام الصلاة عند المسلمين عن تشابه كبير بصلاة اليهود والمسيحيين كما سنبين ذلك بالتفصيل بعد" ولا شئ فى هذا بعد الذى تبين من وحدة الأديان، وتطور حقيقة واحدة فيها، وصدورها عن أصل واحد، وتصديق لاحقها لسابقها. . وأنها رغم كل ما قد يصيب بعضها من تغيير أو نحوه تظل تحتفظ بحقيقة كبرى، وغاية واحدة، وبقايا تفاصيل وجزئيات سليمة، فتحمى كلها الحقيقة الكبرى، وتحقق كلها الغاية المشتركة؛ وتبقى فيها مشابهة فى أعمال، وأحكام، وآداب لا ينفى بقاؤها ما قد أصاب بعضها من تغيير؛ ولا يضر تشابهها سماوية واحد منها. . وذلك ها تذكره عند كل ها سيلقى إليك من مواضع الإلحاح فى المشابهة من مادة صلاة. . مثل:
(ب) "ويشبه هذا المشهد -مراجعة محمد [صلى الله عليه وسلم] فى الصلوات حين فرضت - بعض الشبه ما جاء بسفر التكوين - الإصحاح 18 - الآية 23 وما بعدها - حيث وصفت شفاعة إبراهيم لسدوم وعمورة - ولا شئ فى ذلك.
(جـ) إضافة الصلاة الوسطى إلى الصلاتين المعتادتين "يرجح أن يكون ذلك قد تم محاكاة لليهود، الذين كانوا يقيمون أيضًا صلاتهم (تفلاه) ثلاث مرات كل يوم". . وبم يرجح أنها محاكاة! ! وبم يثبت ذلك! ! وقد تبين ان التشابه طبيعى وأصيل فى ظواهر حقيقة واحدة.
(د) يقول فى الركوع "كريعًا عند اليهود" -ولا بأس فى هذا.
(هـ) يقول فى السجود "وكان أيضًا من شعائر الصلاة عند اليهود". . ونقول: فليكن ذلك، فلا شئ فيه.
(و)"يفترض متفوح وجود التأثير اليهودى فى الاختيار الأصلى للركعتين" ولا موضع لافتراض التأثير بعد وحدة المصدر والتوجيه. . والقول بالتأثير تحكم باطل لا أصل له.
(ز) التسليم؛ وأن صيغة السلام عليكم، تشير كذلك إلى الملائكة الحافظين الحاضرين، يقول: (انظر ميتفوخ عن نظائر ذلك فى حياة اليهود" -ولا بأس بهذا التناظر.
(ح) عن التهجد يقول: "والاشتقاق من هذه الكلمة، الذى يعنى السهر يوحى بوجود علاقة وثيقة بينه وبين صلوات الليل المسيحية، وخاصة مع