الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بها محمد [صلى الله عليه وسلم] فى سور العهد المكى (1) من حيث إنه قال إنه لم يرسل من قبله نبى إلى العرب (سورة القصص، الآية؛ 46 سورة السجدة، الآية 3؛ سورة سبأ، الآية 44؛ سورة يس، الآية 6). وقد وردت قصتا هذين النبيين فى أقدم السور المكية، مثل سورة النجم، الآية 50 وما بعدها، وسورة البروج، الآية 17 وما بعدها، وسورة الفجر، الآية 9، وسورة الشمس، الآية 11 وما بعدها؛ كما ترد كثيرًا فى السور التى تليها.
المصادر:
(1)
تفاسير القرآن الكريم لسورة الأعراف.
(2)
المسعودى: مروج الذهب، طبعة باريس 1861 - 1877 م، جـ 3، ص 85 - 90.
(3)
الثعلبى: قصص الأنبياء، أو عرائس المجالس، القاهرة 1290 هـ، ص 58 وما بعدها.
(4)
Muhammed: Grimme، مونستر 1892 - 1895 م، جـ 2، ص 80
(5)
L'Arabie avant Mahomet d'apres les inscriptions: Philippe Berger، باريس 1885.
(6)
ترجمة القرآن الكريم التى قام بها بالمر (The Sacred Books of the East) جـ 1، ص 147 وما بعدها.
(7)
Annali dell'Islam: Caetani مجلد 2، جـ 1 سنة 9 هـ الفصل 34.
خورشيد [بول Fr.Buhl]
تعليق على مادة "صالح" للأستاذ أمين الخولى
- 1 -
فى المادة كثير من الآيات، وبالمراجعة يتبين اختلاف رقمها عن رقم المصحف المصرى، بالرقمين والثلاثة زيادة *؛ وتتبعها يطول، فى غير كبير فائدة، فأكتفى بالإشارة إلى هذا الاختلاف.
وبعض الآيات ليس فيها ما استشهد بها عليه كآية 43 من الذاريات، فإن الكاتب يسوقها بعد قوله: وناشدهم أن يذكروا آلاء اللَّه؛ والذى فى الذاريات عن ثمود هو: {وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ
(1) انظر التعقيب فى نهاية هذا المقال.
* تصحيح أرقام الآيات حسب المصحف الشريف طبعة الأزهر. "المحرر"
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ} فلا شئ فيها من المناشدة التى يذكرها، إلا أن يكون ذلك على تكلف واضح فى عبارة {تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ}: وليس الحال على هذا الوجه، فى آية الأعراف -74 - التى ساقها مع الذاريات؛ إذ فى آية الأعراف {فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} .
وليس فى الأمر كبير خطر، ولكن الحقيقة تقدر لذاتها. . ثم فيها دلالة على مدى الدقة عند الكاتب.
وقد تكررت عبارات من المستشرق "خرجت عن الحد" لما سبق بيانه غير مرة، من أن منهج البحث الموضوعى، القاصد إلى الدراسة فقط لا يتطلب شيئا ما من هذا التهجم؛ لأنه يحدث عن هذا النص، بما يشاء، ويلتمس فيه التناقض ويبين مخالفته للتاريخ، وأشباه ذلك من الإسراف أو الاعتدال، فلا حاجة به إلى مهاجمة عقيدة أصحابه فيه بأكثر من هذه الموضوعيات التى نعرف مدى حاجتها إلى التحرير والمناقضة. . .
وفى الحق: إن هذه التعبيرات، التى لا مبرر لها، ولا مناسبة تتهم منهج الكاتب نفسه بالهوى، وتلفت إلى أنه لا يدرس الموضوع دراسة باحث عن الحقيقة، أو حتى دراسة ناقد متماسك، بل يتناوله تناول مفتون بهواه، مغلوب على أمره. . وتلك شر آفات المنهج. . .
- 2 -
يقول الكاتب "إنما الجديد فى الأمر هو أنه كان فيهم مرجوا قبل أن يزعجهم بدعوته. . . وإذا كان هذا الجديد يستند إلى حادثة تقابله فإن ذلك يكون زيادة هامة فى تاريخ محمد". .
وهى عبارة غير جلية المراد، فى الأصل؛ ولعله يريد أن اعتراف قوم صالح بأنه كان قبل دعوته مرجوا فيهم صنف من قول المعادين لدعوات الأنبياء، لم يسمع كثيرًا من غير قوم صالح.
وإذا كان هذا القول من قوم صالح يقابل حادثة فى حياة محمد [صلى الله عليه وسلم] مع قومه، فإن ذلك يقدم لنا زيادة من الضوء على تاريخ محمد [صلى الله عليه وسلم]. . . وأحسب ان مراده هنا هو أن هذا
القصص من القرآن كان يجئ فى حوادث محمد [صلى الله عليه وسلم] مع قومه مثبتًا لفؤاده، وحاكيًا من حال الأنبياء السابقين ما يهون وقع الأحداث على الرسول [صلى الله عليه وسلم] لأنها وقعت لغيره كذلك، وهو ما تشير اليه الآية 120 من سورة هود {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ. . .} الآية
فعلى هذا الأساس يمكن أن تفهم أن قول قوم صالح {قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا} يستند إلى قول أو حادث من قوم محمد [صلى الله عليه وسلم] مشابه لذلك، فيلقى ذلك ضوءًا على السيرة المحمدية. .
هذا شئ يمكن أن يفهم من نص الكاتب الذى لم يتهيأ له الوضوح الكافى.
- 3 -
ويؤكد الكاتب بقوة أن البيوت التى نحتتها ثمود من الصخر ليست إلا قبورا، ويروى فرض أن تكون كلمة "كفرا" أى قبر الواردة فى نقوشها قد فسرت بالكفر، ضد الإيمان.
ولا تظهر قوة الاتصال بين هذا الفرض، وبين كون بيوت ثمود الصخرية المذكورة فى آيات القرآن هى قصور أو قبور؛ إلا أن يكون ذلك بتكلف كثير.
وإذا ما رددنا بعض قول القوم على بعضه وجدنا من كلامهم هم ما عبارته: وقد نحت فيها عدد كبير من الآثار الفنية بما فى ذلك قصر البنت وبيت الشيخ، وبيت الأخريمات [؟ ] ومحل المجلس والديوان كما نجد بعد ذلك أن من زار الحجر من زائريهم المقربين:"وجد أن هذه النحوت كلها، فيما خلا الديوان مقابر" ومع المقابر ديوان بقى حتى اليوم، ويمكن أن يكون ما أشارت اليه كلماتهم هم السابقة من القصر، والبيت، والمجلس، والديوان، قد رآها العرب أيام نزول القرآن، وهى التى حدثهم عنها؛ وهكذا لا يبدو وجه للاهتمام الكبير من الكاتب بتقرير أن هذه النحوت ليست إلا قبورًا؛ لأن بينها بالفعل بيوتا، ولأنه يمكن -فى قرب- أن يكون غير هذا الباقى من البيوت إلى الآن، قد كان موجودًا، وعنه حدث القرآن؛ ولا مفارقة فيما قاله على هذا. . .
ولو قدر الدارس أن من معنى البيت فى العربية "القبر" وأن القرآن يذكر
لثمود قصورًا فى السهول، ثم يذكر معها البيوت فى الجبال فيقول:". . . وبوأكم فى الأرض تتخذون من سهولها قصورًا، وتنحتون من الجبال بيوتا. . . " الأعراف/ 74 - . . لو قدر ذلك بان له أن ذكر القرآن البيوت بعد القصور يؤذن بأن تكون البيوت هنا معنى آخر من معانيها اللغوية، ولا غرابة فى أن تكون منحوتات ثمود فى الجبال، بعد قصور السهول هى المقابر التى يذكرونها. . ولا مفارقة بين ما يقوله القرآن، وبين ما يوجد من مقابر ثمود المنحوتة فى الجبال، لأنها البيوت فى قول القرآن.
وليس فى هذه الفقرة، مع ذلك، ما يمهد لهجوم الكاتب بل إن فى صنيع القرآن، بذكر القصور، والبيوت معا، من الدقة ما يلفت إلى الفرق بينهما، ويؤيده أن تكون هذه المنحوتات فى الجبال بيوتا -أى قبورا- مع قصور السهول.
- 4 -
قال الكاتب: "ومما يلفت النظر علاوة على ذلك أن قصتى صالح وهود تناقضان دعوة محمد [صلى الله عليه وسلم] المألوفة. . أنه لم يرسل من قبله نبى إلى العرب: سور كذا وآيات كذا؛ فمسألة القبور والبيوت شبهة، ثم يلفت النظر علاوة عليها ما يذكره من التناقض! !
والكاتب هنا أكثر إخلالا بالمنهج، حين يقول "لم يرسل من قبله نبى إلى العرب" ويستشهد لدعوته المزعومة بآيات نضعها هنا ليبدو دخل الاحتجاج بها، فعند ذكر القصص/ 46 - والذى فيها {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} . وذكر سورة السجدة، والذى فيها {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ}. وذكر سورة سبأ والذى فيها:{وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ} ؛ والحديث عن قوم محمد [صلى الله عليه وسلم] حين تتلى عليهم الآيات البينات فيقولون: ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم. . وما هذا إلا إفك مفترى؛ وذكر يس وفيها {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} .
وواضح من هذه الآيات أن الحديث ليس عن العرب بعموم هذا اللفظ الذى أخذ منه الكاتب ما سماه تناقضا، بل الحديث عن الجيل والقوم الذين جاءهم
محمد [صلى الله عليه وسلم]، فى ثلاث آيات مما ذكره، وعن آباء هذا الجيل فى آية أخرى، وقوم محمد [صلى الله عليه وسلم] وآباؤهم لم يأتهم نذير حقا. . ولا تناقض! !
ولو قدر الكاتب -وكان ينبغى أن يقدر- أن آية يس، لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم، قد فسرت -على وجه- بأن ما فى {مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ} مصدرية، أو موصولة، ومنصوبة على المفعول الثانى: لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم من العذاب "الكشاف 2: 247 ط محمد مصطفى" وعلى هذا التفسير لا تنفى الآية أن آباءهم قد جاءهم نذير، بل هى تفيد إثبات الإنذار بمعناه الذى يستعمله به القرآن! !
ولقد كان ينبغى بلا شك أن ينظر الكاتب فى هذا قبل أن يعقد التناقض الذى استلفت نظره، بل كان ينبغى -أو يتحتم- أن يرجع الكاتب إلى تفسير هذه الآية وغيرها فى أقرب التفاسير، كالكشاف فإنه أشبع القول فى هذا الموضوع، وكان مما قال: ولا مناقضة لأن الآى فى نفى إنذارهم، لا فى نفى إنذار آبائهم. .! ! ثم لم يكتف بهذا بل فرض أن الظاهر من تفسير الآية أن آباءهم لم ينذروا، وقال فى بيان عدم التناقض ما نصه:"أريد آباؤهم الأدنون دون الأباعد" الكشاف فى الموضع السابق.
وأكثر من هذا إخلالا بالمنهج من كاتب المادة، أنه وهو الذى يتصدى للكتابة فى القرآن لا يعرف أن فيه غير آية تقرر أن العرب قد جاءهم المنذرون، مثل:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} -فاطر/ 24 - والعرب بخاصة قد ذكروا، بأن هذه ملة إبراهيم أبيهم فى قوله:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} الحج/ 78، فكيف ساغ للكاتب مع هذا كله أن يقول "تناقضان الدعوة المألوفة التى أتى بها محمد [صلى الله عليه وسلم] فى سور العهد المكى من حيث إنه قال إنه لم يرسل نبى قبله إلى العرب. . .! ! وقد تلوت عليكم من الآيات المكية ما يقرر إرسال الأنبياء إلى العرب، وأن أحدهم أبو هذه الدعوة الإسلامية.
ويزيد التبعة فى الإخلال بالمنهج، ما يقضى به الحق من التفكير فى التوفيق لو ظهر التخالف، قبل الجهر بتقرير