الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تاريخ الأدب العربى، جـ 2، ص 392 ولم يذكر بروكلمان فى هذا الموضع ذلك المؤلف الصغير.
(10)
Voyages en Arabie: Burchardt الترجمة جـ 1، ص 110 - 113.
(11)
The Heart of Arabia: philby، لندن 1922 م، جـ 1، ص 182 - 203.
خورشيد [لامنس H.Lammens]
الطب
الطب فرع من فروع العلم حاز فيه العرب أعظم الشهرة، وقد تلقى المسلمون معارفهم فى هذا الموضوع من اليونان بصفة خاصة عن طريق السريان والفرس فى بادئ الأمر، ثم عن طريق ترجمة المؤلفات القديمة مباشرة. وعنى الحكام المسلمون والأمراء فى جميع العهود عناية شديدة باختيار أطبائهم، وكان فى بلاط الخلفاء أطباء يهود ونصارى ومزدكية وصابئة بل وقليل من الأطباء الهنود. وقد درس الطب كثيرًا فى المشرق فى الفترة السابقة على الإسلام وخاصة فى الإسكندرية من أعمال مصر، وفى مدرسة جند يسابور فى فارس، وهى المدرسة التى ظلت على قيد الوجود حتى عهد العباسيين.
وعرف العرب بصفة خاصة من مؤلفى كتب الطب اليونان: بقراط وجالينوس، كما نذكر علاوة على هؤلاء روفس الإفسوسى Rufus of Ephesus وأوريباسيوس Oribases وآتيوس Aetius وبولس الأيجيمى وقد ترجمت مؤلفات بقراط إلى العربية على يد حنين بن إسحاق، وقسطا بن لوقا، وعيسى بن يحيى، وعبد الرحمن ابن على، ذلك أنهم ترجموا كتابه المسائل Aphorisms ثم درست وشرحت مقالاته فى تقدمة المعرفة Prognostics، والأمراض الوافدة Epidemics؛ وقد ترجم كثير من مؤلفات جالينوس إلى العربية منها كتاب الصناعة Ars medica أو إيساغوجى Isagoge وهو الكتاب الذى شاع استعماله فى العصور الوسطى؛ وكتاب الأسطقسات على رأى
بقراط De elementis secundum Hippocratem، وكتاب المزاج De temperamentis؛ وكتاب تدبير الأصحاء De sanitate tuenda؛ وثلاثة كتب عن خصائص الأغذية؛ وكتاب قوى الأغذية De alimentorum facultatibus وأربع عشرة مقالة فى حيلة البرء Therapeutics؛ وكتاب مداواة الأمراض Methodus medendi؛ وكتاب تقدمة المعرفة؛ وكتاب العلل والأعراض De morbis et symptomatibas؛ وكتاب آخر فى الحميات كان معروفًا جيدًا فى اللاتينية، كما ترجمت له كتب أخرى فى النبض وفى الأورام وشروح كثيرة على كتب بقراط وخاصة شرحه لكتاب الحميات والمسائل، كما نضيف إلى هذه الشروح، شرحه لكتاب بيماوس لأفلاطون وهو الشرح الذى ترجمه حنين بن إسحاق.
ونذكر من الأطباء النصارى الذين برزوا فى بلاط الخلفاء: ابن ماسويه طبيب هارون الرشيد، فقد عهد إليه الخليفة القيام على ترجمة كتب الطب التى ألفها القدماء كما كان يدرس الطب فى بغداد. واشتهرت بالطب فى ذلك العهد أسرة بختيشوع، وقد لزم أحد أفرادها الرشيد فى بداية حكمه.
ويقال إن هذه الأسرة وفدت من جنديسابور. وكان على بن رضوان أحد النصارى المصريين طبيبًا للخليفة الفاطمى الحاكم بمصر، وقد كتب شرحًا على جالينوس.
وكان على بن عباس المجوسى (الزردشتى) طبيبا للسلطان البويهى عضد الدولة، وقد كتب كتابه المسمى "الملكى" ونال هذا الكتاب أوسع الشهرة قبل كتاب القانون لابن سينا، وقد لزم سنان الصابئ، وهو ابن عالم الهندسة العظيم ثابت بن قره، الخليفة القاهر.
وكان هذا الطبيب يحمل إجازة طبية رسمية من أحد المعاهد، ذلك أن الراغبين فى الاشتغال بمهنة الطب كان يفرض عليهم أن ينجحوا فى الامتحان وأن تمنح لهم الإجازات التى تحدد العمل الذى يسمح لهم بمزاولته. وكان فى بغداد وحدها أكثر من ثمانمائة طبيب يحملون هذه الإجازات، ولا يدخل فى عدادهم الأطباء الذين أعفوا من
الامتحان بسبب شهرتهم فى الطب. وقد فر سنان إلى خراسان لاضطهاد الخليفة له ثم عاد من بعد إلى بغداد حيث توفى بها عام 942 م.
ولا يعنى هذا الاختلاف فى الأصل بين الأطباء وجود تباين ذى شأن فى آرائهم وخبرتهم فى هذا الفن، وهذا لا ينفى وجود قليل من الوصفات الطبية أو قليل من طرق العلاج فى حالة أو غيرها تختص بها مدرسة أو أخرى من مدارس الطب. ويروى ابن القفطى قصة أمير من أسرة هارون الرشيد أصابه البحران، فأرسل فى طلب طبيب نصرانى ليعالجه، ثم طلب طبيبًا يهوديًا، ولكنهما لم يستطيعا عمل شئ حيال مرضه، فأرسل فى طلب طبيب هندى فنجح فى علاجه.
وقد فاقت شهرة الأطباء المسلمين شهرة من سبقوهم. والرازى الذى عرف حق المعرفة فى العصور الوسطى بالاسم اللاتينى Razes كان طبيبًا وصيدليًا وجراحًا وكيمائيًا. وخلف لنا الرازى كتابين كبيرين هما: "الحاوى" و"المنصورى" وقد أهداهما لأبى صالح منصور السامانى، وهما فى بعض الأمراض الخاصة. وكان الرازى رئيسًا لبيمارستان الرى ثم رئيسًا لبيمارستان بغداد. والحق إن إقامة البيمارستانات المنظمة تحت إشراف الدولة لمن الأمور التى تشرف العلم الإسلامى والحكومات الإسلامية أسمى تشريف. ويذكر المؤرخون أيضًا بيمارستان دمشق. وكان فى المدن الكبرى علاوة على ذلك رئيس للأطباء تعينه السلطات المسئولة. ونذكر من بين الذين حازوا هذا اللقب ابن زهر الثانى.
وكان كبار فلاسفة المدارس الهللينية المتأخرة، وهم المتكلمون، أطباء ألفوا فى الطب. فابن سينا كان يمارس مهنة الطب وله فيها شهرة فائقة، وكتابه العظيم القانون فى الطب أكبر مرجع فى هذا الموضوع ألف فى العصور الوسطى. وقد شرح هذا الكتاب عدة مرات باللغة العربية وأصبح حجة فى المشرق ثم فى المغرب بعد ذلك. وينقسم هذا المرجع إلى خمسة كتب، الأول مخصص لمبادئ الطب العامة أى الكليات. وهذه الكليات هى التشريح
وعلم الصحة Hygiene والأمراض التى تؤثر بصفة عامة على البدن كله فى مقابل الأمراض الخاصة التى تؤثر بنوع خاص فى عضو أو طرف من الأطراف. وقد عددت هذه الأمراض ودرست فى الكتاب الثالث ابتداء من الرأس ثم هبوطا حتى القدم، كما درست الأمراض العامة أيضًا فى الكتاب الرابع؛ ثم تأتى بعد ذلك العوارض المختلفة والأورام والتسمم وكسور الأطراف. والكتاب الثانى رسالة فى الأعشاب الطبية؛ أما الكتاب الخامس فمخصص للأدوية المركبة التى تسمى أقراباذين.
وفى المغرب نجد ابن باجة وابن طفيل وهما من أطباء الموحدين. وكتب ابن رشد الذى خلف ابن طفيل فى التطبيب للموحدين كتابًا فى الكليات، وقد نافست شهرة هذا الكتاب قانون ابن سينا فى العالم الإسلامى الغربى ثم فى العالم المسيحى. وأنجبت الأندلس أسرة ابن زهر المعروفة فى العصور الوسطى بالصيغة اللاتينية Avenzoar.
وكان للطب العربى أثر ضخم فى العالم الغربى. فقد انتقل بادئ الأمر إلى اليهود وخاصة إلى ابن ميمون Maimonides صاحب المؤلفات الطبية الجمة. ثم انتقل بعد ذلك إلى النصارى. وعن هذا الطريق قام جيرارد القرمونى Gerard of Cremona بترجمة قانون ابن سينا وكتاب المنصورى للرازى. وقام أندرياس ألياكوس البللونى Andreas Alpagus of Bellona بتنقيح ترجمة القانون كما قام بترجمة كتاب الترياق De Therica لابن رشد وكتاب الكنّاش Practica لابن سرافيون. وترجم فرّاكوت Farragut كتاب الحاوى Continens للرازى كما ترجم بوناكوسا Bonacossa وهو يهودى من بادوا كليات ابن رشد. وقد نشرت هذه الترجمات فى بداية العهد بالطباعة.
والمعرفة بالأقراباذين والأعشاب الطبية تتمثل فى رسالة ابن البيطار المالقى علاوة على أجزاء من قانون ابن سينا تشير إلى هذا الموضوع. وقد درس العرب أنفسهم الأعشاب ثم وسعوا معرفتهم بخصائصها الطبية