الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر عن سفيان الثورى أنه قال: "من لم يخشع فسدت صلاته"؛ وقد بسط هذا فى فصلين خاصين: (بيان اشتراط الخشوع وحضور القلب، ص 145 وما بعدها؛ وحكايات وأخبار فى صلاة الخاشعين، ص 157 وما بعدها) ويسوق فى هذا الفصل الأخير عدة أمثلة عن مبلغ استغراق كبار الأئمة فى صلاتهم.
[فنسنك A.J.Wensinck]
تعليق على مادة "صلاة" بقلم الأستاذ أمين الخولى
(أ) نظرة عامة
كاتب هذه المادة "فنسنك" من أساطين المستشرقين، وكان الظن أن يكتبها أعمق كثيرًا مما كتب؛ فبدل أن يعنى بأن كلمة صلاة لم تظهر فى الآثار الأدبية السابقة على القرآن، يعنى بما هو أهم من ذلك، فى شأن الصلاة نفسها فى الجزيرة العربية، على اختلاف دياناتها المتعددة؛ ونحو ذلك من الدراسة المقارنة، التى يستفيد منها دارسو الإسلام، ودارسو غيره من الأديان. . لكنه تناول المادة ذلك التناول القريب، ذا الهوى المحتلم -كما سنرى- وأطال حتى أمل فى تفاصيل مما فى متون الفقه الإسلامى، لا يستفيد منها عارف بالإسلام، مسلمًا أو غير مسلم؛ ويستفيد من غيرها أقرب منها وأيسر من لا يعرف الإسلام.
وهكذا جاءت المادة طويلة، فى غير طائل، متعثرة الخطى، فى قديم من معتاد أخطاء القوم، أو تمحلهم فى الفهم والتخريج، فى كل مجال إسلامى، مما كثر وتكرر، وأسهب القول فى رد ومناقشته؛ فكان الرأى هنا، بعد ما قيل فى هذا أن توضع هذه الأخطاء، فى ربطة واحدة، وتنال بكلمة شاملة -كما سيلى-
وهذه هى الملاحظ على المادة:
(ب) منطق مدخول
قال الكاتب: "ويبدو أن كلمة صلاة لم تظهر فى الآثار الأدبية السابقة على القرآن".
ومهما يكن معنى "البدوّ" وأنه الظهور الواضح عنده، أو أنه مجرد الاحتمال، فإن هذا القول عن عدم ظهور لفظ الصلاة فى الآثار الأدبية السابقة
على القرآن لا يسلم له لأنا نجد من تلك الآثار الأدبية السابقة على القرآن مثل قول أعشى قيس:
فما أيبلى على هيكل
…
بناه وصلب فيه وصار
يراوح من صلواته لمليك
…
طورًا سجودًا وطورًا جوار
(الديوان ص 40، 41 ط أوروبا)
على أنا لا نغفل ما فى هذا المنطق اللغوى والأدبى من دخل؛ وهو أن ما وصلنا من الآثار الأدبية السابقة على القرآن لا يمثل الحياة الأدبية العربية قبل الإسلام تمام التمثيل؛ وبذلك لا يمثل الحياة الاجتماعية لهذه الفترة أصدق التمثيل؛ ونقص ما وصلنا هو ما يقرره قول القدماء، منذ عصور مبكرة؛ فى عبارة "أبى عمرو بن العلاء" المرددة:"ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله، ولو جاءكم وافرًا لجاءكم علم وشعر كثير" إلى آخر ما يسوقه من أدلة وشواهد على ذهاب العلم وسقوطه - ص 10 من طبقات الشعراء لابن سلام، ط ليدن.
وكذلك يقرر المنهج الحديث نقص ما وصلنا عن الجاهلية بما يتطلع إليه من الحفر والتنقيب فى الجزيرة العربية، والتتبع العملى لآثار الحياة فيها قديما وحديثا.
وكل ذلك يعرفه "فنسنك" لا محالة، وينبغى أن يقدر مع ذلك أن ليس من الصواب فى شئ أن يستقرئ الآثار الأدبية الباقية التى وصلتنا عما قبل الإسلام ليخرج بنتيجة لهذا الاستقراء يقرر على أساسها عدم وجود شئ لأنه لم يجد له فيما بقى صدى للحياة اللغوية أو الأدبية فى العصر الجاهلى، فينفى وجود شئ دينى أو غيره لأنه لا صدى له فيما بقى من الأدب.
وهذا إن سلم له الاستقراء للأقل الذى وصل من الآثار الأدبية قبل الإسلام فكيف وهو لم يسلم؟ وقد ورد لفظ "الصلاة" فيما ورد من جمعها، فى قول الشاعر السابق، وهو كاف فى رد الدعوى المتوسعة، وقد يسعف البحث بغيره يزيد بطلان هذا البدوّ الذى لاح لفنسنك. .
وبهذا وهى الأساس الذى أراد الكاتب وضعه ليبنى عليه ما بعده.