الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
عبدالملك بن مروان
هو «عبدالملك بن مروان بن الحكم» ، ولد فى «المدينة» سنة
(26هـ) فى خلافة «عثمان بن عفان» ، ونشأ بها نشأة علمية،
وتتلمذ لكبار الصحابة، من أمثال «عبدالله بن عمر» ، و «أبى
سعيد الخدرى»، و «أبى هريرة» رضى الله عنهم، وبرع فى
الفقه حتى عُدَّ من فقهاء «المدينة» ، وقد تواترت الأخبار عن
فقهه وغزارة علمه ورجاحة عقله، قال عنه «الذهبى»: «ذكرته
لغزارة علمه»، وقال «الشعبى»: «ما جالستُ أحدًا إلا رأيت لى
الفضل عليه إلا عبدالملك بن مروان»، واحتج الإمام «مالك بن
أنس» بقضائه. ومكث «عبدالملك» معظم حياته قبل أن يلى
الخلافة فى «المدينة المنورة» ، لم يغادرها إلا لحج أو لجهاد،
فقد اشترك فى فتح «شمال إفريقيا» فى عهد «معاوية بن أبى
سفيان». تولى «عبدالملك» الخلافة بعد وفاة أبيه فى رمضان
سنة (65هـ)، ووجد الدولة الإسلامية قد تنازعتها خمس دول:
دولته هو، وتتكون من «مصر» والشام وعاصمتها «دمشق» ،
ودولة «عبدالله بن الزبير» وتتكون من «الحجاز» وبعض
«العراق» و «بلاد فارس» ، وعاصمتها «مكة المكرمة» ، ودولة
للشيعة أقامها «المختار بن أبى عبيد الثقفى» فى جزء من
«العراق» ، وعاصمتها «الكوفة» ، ودولة للخوارج الأزارقة فى
إقليم «الأهواز» ، جنوبى شرقى «العراق» ، ودولة للخوارج
النجدات فى إقليم «اليمامة» فى شرقى الجزيرة العربية
وجنوبى شرقيها. رأى «عبدالملك» أن هذه الدول التى برزت
خلال الفوضى التى عمَّت بعد وفاة «يزيد بن معاوية» لا رابط
يجمع بينها سوى العداء لبنى أمية، فتركهم فى البداية يأكل
بعضهم بعضًا، فاشتبك «ابن الزبير» مع «المختار الثقفى» ،
وقضى عليه تمامًا حين أرسل له جيشًا بقيادة أخيه «مصعب بن
الزبير»، فتمكن من هزيمته سنة (67هـ)، وبذلك تخلص
«عبدالملك» من واحد من أقوى خصومه دون أن يبذل أى جهد،
ثم توجَّه هو على رأس جيش استطاع أن يقضى به على «مصعب
بن الزبير» سنة (72هـ)، ثم أرسل جيشًا بقيادة «الحجاج بن
يوسف» إلى «مكة» استطاع أن يقضى على «عبدالله بن الزبير»
سنة (73هـ)، كما نجح عبدالملك فى القضاء على دولتى
الخوارج، وبذلك تخلَّص من خصومه، وقضى على الانقسامات
التى أضعفت الدولة الإسلامية، وأعاد إليها وحدتها، ولذا عدَّه
المؤرخون المؤسس الثانى للدولة الأموية، وعدُّوا سنة (73هـ) عام
الجماعة الثانى. أظهر «عبدالملك» براعة فائقة فى إدارة الدولة
وتنظيم أجهزتها، مثلما أظهر براعة فى إعادة الوحدة إلى
الدولة الإسلامية، فاعتمد على أكثر الرجال -فى عصره- مهارة
ومقدرة، وأعظمهم كفاءة وخبرة، وسياسة وإدارة، ومن
أبرزهم «الحجاج بن يوسف الثقفى» الذى عهد إليه «عبدالملك»
بإدارة القسم الشرقى للدولة، الذى يتكون من «العراق» ، وكل
أقاليم الدولة الفارسية القديمة، وكان «الحجاج» عند حسن الظن
به، فبذل أقصى طاقته فى تثبيت أركان الدولة، والقضاء على
كل مناوئيها، وكذلك إخوة «عبدالملك» الذين كانوا من أبرز
ركائز دولته، ومنهم:«بشر بن مروان» ، «ومحمد بن مروان»
و «عبدالعزيز بن مروان» الذى ولى «مصر» نحو عشرين سنة (65
- 85هـ). وتفقد «عبدالملك» أحوال دولته بنفسه وتابع أحوال
عُمَّاله وولاته، وراقب سلوكهم، ولم يسمح لأحد منهم بأن يداهنه
أو ينافقه. وأنجز أعمالا إدارية ضخمة، دفعت بالدولة الإسلامية
أشواطًا على طريق التقدم والحضارة، تمثلت فى تعريب دواوين
الخراج فى الدولة الإسلامية كلها، وتعريب النقود، وتنظيم
ديوان البريد، وجعله جهازًا رقابيا، يراقب العمال والولاة ويرفع
إليه تقارير عن سير العمل فى الولايات. وتُوفِّى «عبدالملك بن
مروان» فى شوال سنة (86هـ) بعد أن كرَّس كل وقته وجهده
لتوطيد أركان الدولة، والسهر على رعاية مصالح المسلمين.