الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الحكم المستنصر
أحد خلفاء الدولة الأموية بالأندلس، تولى الحكم فى 3رمضان
سنة 350هـ = 16أكتوبر سنة 961م خلفاً لأبيه عبد الرحمن الناصر
ولقب بالحكم المستنصر. استهل الحكم عهده بالأمر بتوسيع
المسجد الجامع بعد أن ضاق بالمصلين، فأدخلت عليه زيادة من
الناحية الشرقية من الجنوب إلى الشمال إلى أن بلغت الصحن
وتضاعف بذلك حجم الجامع، كما بنى الحكم محراب المسجد
الثالث واستغرق بناؤه لهذا الجزء أربعة أعوام، وعملت له قبة
زخرفت بالفسيفساء الذى جاء معظمه هدية من إمبراطور
بيزنطة، وأنشأ الحكم أيضًا قبة على الطراز البيزنطى ومقصورة
ودارًا للصدقة وأخرى للوعاظ وعمال المسجد، وأنشأ للمسجد
الجامع منبرًا جديدًا، وزود المسجد بالماء بطريقة هندسية وأنفق
على ذلك كثيرًا، وبهذا أكمل الحكم توسعة المسجد الجامع التى
بدأها أبوه ولم يتمها، وتعتبر هذه الزيادة تتويجًا لأعمال الناصر
وابنه المستنصر من الناحية الحضارية. يمتاز عصر الحكم بازدهار
العلوم والآداب فيه بصورة غير مسبوقة، وهو صاحب الفضل
الأكبر فى إنشاء المكتبة الأموية، أعظم مكتبات العصور
الوسطى. ويرجع ذلك لشخصية الحكم وشغفه الفائق بالعلم
لدرجة دفعته إلى استجلاب نفائس الكتب من كل بلد وفى كل
فن. وقد شهد التعليم فى عهد الحكم نهضة عظيمة، فانتشرت
بين أفراد الشعب معرفة القراءة والكتابة، بينما كان لايعرفها
أرفع الناس فى أوربا باستنثناء رجال الدين، وقد بَنَى الحكم
مدرسة لتعليم الفقراء مجانًا، كما أسس جامعة قرطبة أشهر
جامعات العالم آنئذ، وكان مركزها المسجد الجامع، وتدرس فى
حلقاتها كل العلوم ويختار لها أعظم الأساتذة. وقد احتلت حلقات
الدرس أكثر من نصف المسجد، وتم تحديد مرتبات للشيوخ
ليتفرغوا للدرس والتأليف، كما خصصت أموال للطلاب ومكافآت
ومعونات للمحتاجين، ووصل الأمر بنفر من الأساتذة إلى ما يشبه
منصب الأستاذية اليوم فى مجالات علوم القرآن الكريم والحديث
النبوى الشريف والنحو، وعهد الحكم إلى أخيه المنذر بالإشراف
على جامعة قرطبة، كما عهد بمهمة الإشراف على المكتبة
الأموية إلى أخيه عبدالعزيز. وفى عهده أضحت الأندلس كعبة
تأتى إليها ملوك النصرانية وتلتمس ودها، بدأ ذلك عام (355هـ =
966م) واستمر بعده، وكان أول الوافدين أمير جليقيه وأمير
اشتورياس، ثم وفدت رسل ملك نبرة، وفى سنة (360هـ = 971م)
جاءت سفارة من أمير برشلونة تطلب تجديد الصداقة، ثم جاءت
عمة ملك ليون، وغير هؤلاء، كما تلقى الحكم رسائل من قيصر
بيزنطة، ومن امبراطور ألمانيا وغيرهما، كل ذلك جعل فندث
بيدال - العالم الإسبانى الكبير - يقول: «وصلت الخلافة الأندلسية
فى ذلك العصر إلى أوج روعتها وبسطت سيادتها السلمية على
سائر إسبانيا وكفلت بذلك السكينة العامة». وتوفى الحكم فى
(2 صفر 366هـ = 30سبتمبر 976م)، وبموته انتهى آخر العظماء
من بنى أمية فى الأندلس.