الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
محمود كعت التمبكتى
هو أحد العلماء البارزين فى سلطنة صنغى الإسلامية التى قامت
فى غربى إفريقيا فى النصف الثانى من القرن (14 م)، وأصبحت
إمبراطورية كبرى على عهد سلطانها أسكيا محمد الأول (899 -
935 هـ = 1493 - 1529 م). وكان محمود كعت يعيش فى عصر
هذا السلطان العظيم الذى اهتم بالعلم والعلماء، وكان محمود
كعت مؤرخ دولته وقاضيه، ولذلك كان فى معيته عندما أزمع
هذا السلطان الرحيل إلى بلاد الحجاز لأداء فريضة الحج فى عام
(902 هـ = 1496 م)، تلك الرحلة التى وصفها محمود كعت فى
كتابه الذى ألفه فى تاريخ هذه السلطنة الإسلامية وسمَّاه:
تاريخ الفتاش فى أخبار البلدان والجيوش وأكابر الناس، وذكر
وقائع التكرور وعظائم الأمور وتفريق أنساب العبيد من الأحرار،
وهو من أهم الكتب التى رصدت تاريخ هذه الدولة بدءًا من عصر
أسكيا محمد الأول، وذيل عليه حفدته. وقد امتد العمر بالشيخ
محمود كمت حتى عاصر عددًا من أولاد أسكيا محمد الأول الذين
حكموا بعد والدهم، إذ يذكر فى كتابه بعض الأحداث التى حدثت
فى عصر أسكيا داود بن أسكيا محمد الأول الذى حكم سلطنة
صنغى فى الفترة من (956 - 990هـ = 1549 - 1582 م) وكان
شاهدًا عليها، ومن ذلك قصة تدل على ما كان يتمتع به هذا
الفقيه القاضى وغيره من علماء عصره فى هذه السلطنة،
وموجز هذه القصة أن أحد الحجاج صافح أسكيا داود على
عادتهم فى ذلك، إذ كان السلطان يستقبل الحجاج ويصافحهم
عند عودتهم تبركًا بهم، ولما حدث أن صافحه رجل من الرقيق
ولاحظ ذلك رئيس الحرس - الذى كان يعرف أصل هذا الرجل - قام
ونزع يد الرجل من يد السلطان وأقسم أن يقطعها، وكان محمود
كعت جالسًا بجوار أسكيا داود فسأله الرأى، فأخذ محمود كعت
يستنكر قطع يد الرجل بأسلوب فيه توبيخ شديد لرئيس الحرس،
عندئذٍ قام أسكيا داواد وسالت دموعه وقبَّل الرجل ومنحه عطاءً
جزيلأً، وأمر بعقاب رئيس الحرس، وأهدى القاضى محمود كعت
عشرة أثواب وخمسة عبيد جزاء نصيحته الخالصة لوجه الله
تعالى، والتى منعت السلطان أن يقع فى الإثم ومعصية الله؛ مما
يدل على أن محمود كعت كان فقيهًا لايخشى فى الله لومة لائم،
كما كان محمود كعت مؤرخًا؛ إذ حفظ لنا بكتابه - الذى أشرنا
إليه - تاريخ فترة مهمة لدولة إسلامية كبرى قامت فى هذا الجزء
الغربى من القارة فى أواخر العصور الوسطى وأوائل العصر
الحديث.