الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
العادل سيف الدين
هو العادل سيف الدين بن نجم الدين أيوب، أخو صلاح الدين
الأيوبى. يعد أعظم سلاطين الأيوبيين بعد «صلاح الدين» ، فقد
اكتسب خبرة واسعة من اشتراكه مع أخيه «صلاح الدين» فى
غزواته ومفاوضاته وإدارة الأقاليم، إذ وكل إليه «صلاح الدين»
معاونة «العزيز» فى حكم «مصر» ، كما عهد إليه بحكم «حلب» ،
ثم «العراق» ، وذاع صيت «العادل» بين ملوك «أوربا» ، واشتهر
بالكفاءة والدهاء والدراية بشئون الحكم، ولم يتأخر فى حمل
المسئولية حين رأى تدهور الأوضاع بمصر وحاجتها إليه، فكان
الرجل المناسب لتلك المرحلة. تأثر «العادل» تأثرًا بالغًا بشخصية
أخيه «صلاح الدين» ، فسار على نهجه فى إدارة البلاد، رغم
الصعوبات التى واجهته، فقد ثارت ضده طائفة الشيعة
الإسماعيلية مثلما ثارت من قبل فى وجه أخيه «صلاح الدين» ،
وحاولت هذه الطائفة زعزعة ملك «العادل» وتفريق البلاد
وتشتيت الصفوف، فعمل «العادل» على الحيلولة دون حدوث
ذلك، وتمكن من القبض على عناصرها وسجنهم سنة (605هـ)،
فخرجت جماعة أخرى تنادى بتولية أحد أبناء «صلاح الدين»
أمور الدولة، وكان هذا الابن لايزال طفلا صغيرًا، فاستطاع
«العادل» التغلب عليهم وإعادة الاستقرار إلى بلاده، إلا أن
انخفاض مياه النيل كان إحدى العقبات الطبيعية التى واجهته،
فقد حدثت بسببه مجاعة وقحط شديدان؛ نتيجة قلة الزراعة، كما
أن الحملات الصليبية لم تهدأ فى عهده؛ إذ لم ترضَ «أوربا» عن
استقرار أحوال البلاد الإسلامية، فعملت على زعزعتها، وأرسلت
حملة صليبية هاجمت «مصر» ووصلت إلى «دمياط» وحاصرت
حصونها، ثم تمكنت منها، واستولت على برجها الحصين «برج
السلسلة»، يضاف إلى ذلك كله العقبات الداخلية التى واجهت
«العادل» أثناء حكمه لمصر. وعلى الرغم مما واجهه «العادل»
من صعاب داخلية وخارجية فى الحكم، فقد اتسع ملكه إلى حد
كبير، وقلَّده الخليفة العباسى بمرسوم رسمى حكم «مصر»
والشام وأرض الجزيرة، وخلع عليه الخلع الثمينة، فوزع
«العادل» حكم مملكته الواسعة بين أبنائه التسعة عشر نيابة
عنه؛ ليضمن وحدتها وتماسكها، فأناب ابنه «الكامل» عنه فى
«مصر» ، وجعل «المعظَّم عيسى» على الشام، و «نجم الدين
أيوب» على «ميافارقين» ونواحيها، وأناب ابنه «الأشرف
مظفر» على «الولايات الشرقية» . وقد ضمن «العادل» وحدة
دولته فى حياته، إلا أنه تركها إرثًا موزعًا بين أبنائه بعد
وفاته، فكان لذلك أثره الخطير فى قوة الدولة وتماسكها.
وحين سمع «العادل» بسقوط «برج السلسلة» بدمياط حزن حزنًا
شديدًا، فمرض ومات سنة (615هـ)، وكتم أصحابه خبر موته
ونقلوه إلى «دمشق» ، حيث تولى ابنه «الكامل» حكم «مصر» .
كان «العادل» حاكمًا عادلا، ذكيا، حليمًا، حسن التدبير، محبًا
للعلماء والأدباء ومشجعًا لهم، كما كان سياسيا محنكًا، قام
برحلات عديدة جاب بها أطراف مملكته الشاسعة، كى يضمن
استتباب الأمن والنظام، كما كان متفقدًا لأحوال أبنائه فى
الأقاليم التى أنابهم عنه فى حكمها.