الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
معاوية بن أبى سفيان
هو «معاوية بن أبى سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن
عبدمناف»، وأمه «هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد
مناف»، ويلتقى نسبه من جهة أبيه وأمه مع نسب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فى «عبد مناف» ، ولُقِّب بخال المؤمنين؛
لأن أخته «أم حبيبة» أم المؤمنين كانت زوجًا للنبى - صلى الله
عليه وسلم -. وُلد قبل الهجرة بنحو خمسة عشر عامًا، وأسلم عام
الفتح، سنة (8هـ)، مع أبيه وأخيه «يزيد بن أبى سفيان» وسائر
«قريش» ، وأصبح منذ أن أسلم كاتبًا من كتَّاب الوحى لرسول
الله صلى الله عليه وسلم، وشارك فى عهد «أبى بكر الصديق»
فى حروب الردة، وفى فتوح الشام تحت قيادة أخيه الأكبر
«يزيد» ، وأبلى فى ذلك بلاءً حسنًا. عيَّنه «عمر بن الخطاب»
واليًا على الشام كله، بعد وفاة أخيه «يزيد» سنة (18هـ)؛
لكفاءته الحربية ومهارته فى السياسة والإدارة، وظل فى ولايته
مدة خلافة «عمر» ، ثم أقره «عثمان بن عفان» (24 - 36هـ) على
ولايته، فاستمر فى سياسته الحكيمة، ضابطًا لعمله، حارسًا
لحدود إمارته، متصديا بكل حزم لأعداء الإسلام، محبوبًا من
رعيته. استقبل المسلمون خلافة «معاوية» استقبالا حسنًا،
واجتمعت عليه كلمتهم، وكان هو عند حسن الظن، جديرًا
بالمنصب الجليل، خبيرًا بشئون الحكم وأمور السياسة، تدعمه فى
ذلك خبرة واسعة، وتجربة طويلة فى الإدارة وسياسة الناس،
امتدت إلى أكثر من عشرين عامًا، هى فترة ولايته على الشام،
بالإضافة إلى تمتعه بكثير من الصفات الرفيعة، التى تؤهله
ليكون رجل دولة من الطراز الأول. وقد أجمع المؤرخون على أنه
كان لمعاوية نصيب كبير من الذكاء والدهاء والسماحة والحلم
والكرم، وسعة الأفق، وقدرة فائقة على التعامل مع الناس على
قدر أحوالهم، أعداءً كانوا أم أصدقاء. وقد أفرغ «معاوية»
جهده كله، ومواهبه وطاقاته فى رعاية مصالح المسلمين
وتوطيد دعائم الدولة، ونشر الأمن والاستقرار فى ربوعها، واتبع
فى تحقيق ذلك سياسة حكيمة تقوم على دعائم ثابتة، تتلخص
فيما يلى: - العمل على تضميد جراح الأمة، وتسكين نفوسها،
وتأليف قلوبها بعد فترة مضطربة من حياتها، والإحسان والتودد
إلى كبار الشخصيات من شيوخ الصحابة وأبنائهم، وبخاصة آل
بيت النبى صلى الله عليه وسلم، وقد أدت هذه السياسة إلى
تجميع القلوب حوله، وتحويل الخصوم إلى أعوان وأصدقاء. -
وحسن اختياره للولاة والحكام، لأنه أدرك أنه مهما أوتى من
ذكاء وفطنة، ومقدرة وحكمة، فلن يستطيع أن يحكم الدولة
وحده، ومن ثم لابد له من أعوان، يساعدونه فى إدارة البلاد
على خير وجه، فاختارهم بعناية فائقة من بين أقوى الناس
عقلا، وأحسنهم سياسة، وأحزمهم إدارة، أمثال «عمرو بن
العاص»، و «المغيرة بن شعبة» ، و «زياد» و «عتبة» أخويه،
وغيرهم. - ومباشرته أعماله بنفسه، وتكريسه وقته وجهده
للدولة وسياستها، وعدم ركونه إلى حياة الراحة والدعة، على
الرغم من استعانته فى إدارة الدولة بأعظم الرجال فى عصره.
بهذه السياسة استقرت الدولة وسادها النظام، وعمَّها الأمن
والسكينة، ولم يشذ عن ذلك سوى الخوارج، فأخذهم «معاوية»
بالشدة؛ حفاظًا على سلامة الأمة، واتسمت سياسته الخارجية
وبخاصة تجاه الدولة البيزنطية بمواصلة الضغط عليها، ومحاصرة
«القسطنطينية» - عاصمتها - أكثر من مرة، وجعلها تقف موقف
الدفاع عن نفسها. وتُوفِّى «معاوية» فى شهر رجب سنة (60هـ).