الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
بدر الدين بن جماعة
(1) : ت 733هـ
وله مؤلفات كثيرة في الحديث وعلوم القرآن وغيرها، أما كتبه في العقيدة فلم يصل إلينا إلا كتابه الذي سماه:" كتاب إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل، ولا يزال مخطوطاً، وقد نحا فيه منحى الأشاعرة، وذكر في أوله انتشار مذهب المعطلة (المعتزلة) والمشبهة، ثم ذكر أن مذهب المعتزلة " قد محى في بلادنا رسمه، ولم يبقَ فيها إلا ذكره واسمه، وأما مذهب التشبيه فإن جماعات من الأغوام (2) المجانيين للعلماء الأعلام أحسنوا الظن في بعض من ينسب ذلك إليهم، واعتمدوا في تقليد دينهم عليهم، إذ كان هذا المذهب أقرب إلى ذهن العامي وفهمه" (3) ، ثم ذكر أنه أورد ما تمسكوا به من الآيات والأخبار، وما يتعين عليه حملها مما يوافق مذهب الأشاعرة، وقد سار على طريقتهم فأوّل العلو والاستواء (4) ، وبقية الصفات الفعلية والخبرية كالمجيء والوجه، واليدين، والعين، والساق، والقدم، والنزول، والضحك، والفرح، والعجب، وغيرها (5)،ومما يلاحظ في منهجه أنه ذكر أن العلماء قسمان: أهل تأويل وأهل تفويض (6) ، ثم رجح التأويل لعدة وجوه، وذكر منها أنه لو قيل بالتفويض لتعطل معنى النصوص، وصار الخطاب بلفظ مهمل، وهذا الكلام مما يركز عليه شيخ الإسلام ابن تيمية كثيراً في الرد على المفوضة، لكن ابن جماعة ذكره لترجيح القول بالتأويل على القول بالتفويض، وفي معرض إنكاره للعلو ذكر القانون العقلي المشهور عند الأشاعرة (7) ، كما أنه قال بأن العقلاء اتفقوا على وجود ما ليس في حيز ولا جهة كالعقول والنفوس (8) ، وهو في هذا متأثر بالرازي والآمدي.
(1) سبقت ترجمته (ص: 184) .
(2)
كذا في المخطوطة.
(3)
إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل - مخطوط - (2-أ) .
(4)
انظر: إيضاح الدليل (6-أ-23-أ) ، وأيضاً ما بعدها.
(5)
انظر: المصدر السابق (3-أ) .
(6)
انظر: المصدر نفسه (4-أ-ب) .
(7)
انظر: المصدر نفسه (8 - ب) .
(8)
انظر: المصدر نفسه (6-أ-ب) .
كما يلاحظ في منهجه أنه ذكر أولاً الآيات الدالة على الصفات وأوّلها، ثم ذكر الأخبار الصحيحة وأوّلها (1) ، ثم ذكر في القسم الثالث الأحاديث الضعيفة (2) ، ولم يكتفِ ببيان ضعفها بل أكثر القول في تأويلها، وكأنه في هذا سار على منهج أبي الحسن الطبري، تلميذ الأشعري، وقد سبق الكلام عنه وعن كتابه المشابه لكتاب ابن جماعة، ومن أعجب ما أورده ابن جماعة في كتابه هذا أنه قال عن حديث النار وأن الله يضع عليها قدمه - أو رجله (3)، بعد أن رد على ابن خزيمة بشدة:" واعلم أن من العلماء من جزم بضعف هذا الحديث وإن خرجه الإمامان لأنهما ومن روياه عنه غير معصومين"(4)، وموطن العدب في هذا الكلام - وكله عجب- أن المعهود عند هؤلاء المؤولة أن يقول الواحد منهم: إن هذه الأحاديث آحاد لا تفيد اليقين فلا يحتج بها في العقائد، أما أن يقول قائل: إن ما اتفق عليه الشيخان وروياه من عدة طرق، حديث ضعيف لأن البخاري ومسلماً من رويا عنهم غير معصومين، فهذا غريب حقاً، خاصة إذا جاء من عالم مهتم بالحديث له مثل كتاب تذكرة السامع والمتكلم، والمنهل الروي (5) ،
وغيرهما، ويشبه هذا ما ذكره - نقلاً عن غيره - من احتمال التصحيف في حديث " ولا شخص أغير من الله "(6) ، وغيره (7) .
(1) إيضاح الدليل (16- ب) وما بعدها.
(2)
نفسه (28 -ب) وما بعدها.
(3)
متفق عليه - بلفظ " رجله " و " قدمه " البخاري في مواضع منها التفسير - سورة ق، باب هل من مزيد، ورقمه (4848-4850) ، (الفتح 8/594-595) ، وفي التوحيد، ورقمه (7384)(الفتح 13/369) ، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها باب النار يدخلها الجبارون ورقمه (2846-2848) .
(4)
إيضاح الدليل (20-أ) .
(5)
كلاهم لبدر الدين ابن جماعة، وقد بين في المنهل الروي (ص: 37) ، أن الأحاديث الضعيفة قد توجد فيما سوى الصحيحين، وانظر أيضاً:(ص: 34) ، عن معلقات البخاري، وهو في كلا الموضعين يرد على كلامه هنا..
(6)
انظر: إيضاح الدليل (28-أ) ، وهو هنا ناقل عن الخطابي أو البيهقي الذي نقل أيضاً عن الخطابي، انظر: الأسماء والصفات للبيهقي (ص:287)، والحديث سبق تخريجه (ص: 617) .
(7)
انظر مثلاً: إيضاح الدليل (23-ب) حول حديث " ينادي بصوت " حيث ذكر احتمال أنه يفتح الدال، ثم تصحفت.