الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد امتدحه كثيراً في ردوده على الباطنية (1) ، ومواقفه العظيمة من النصارى (2) .
أما الجويني فيدافع عنه على الرغم من كونه ممن مال إلى المعتزلة أكثر ممن سبقه من الأشاعرة، وبعد أن نقل عنه الأقوال في الكلام ونسبته إلى أهل السنة ما ليس من مذهبهم، رد عليه ابن تيمية وقال:" وأبو المعالي وأمثاله أجل من أن يتعمد الكذب، لكن القول المحكي قد يسمع من قائل لم يضبطه، وقد يكون القائل نفسه لم يحرر قولهم"(3) ، ويذكر هذا في مناسبة أخرى ويرى أنه لم يتعمد الكذب لكنه كان قليل المعرفة بحال أهل السنة (4) ، ويحتج بأقواله ويصححها في معرض ردوده على الجهمية (5) ، وابن رشد (6) .
جـ - الغزالي:
يعتبر شيخ الإسلام ابن تيمية من القلائل الذين عرفوا حقيقة ما انتهى إليه الغزالي في كتبه المختلفة، وأنه كان مائلاً إلى الفلسفة التي صاغها بعبارات ومصطلحات الصوفية، فأصبح متفلسفاً صوفياً إشراقياً (7) ، ومع أن شيخ الإسلام نقده كثيراً وفي مناسبات مختلفة، ونقل ردود العلماء عليه (8)، إلا أنه أنصفه ومدحه وذلك من خلال:
1-
بيانه أن الغزالي لا يتعمد الكذب، ولذلك لما نسب إلى الإمام أحمد أنه يقول بالتأويل رد عليه ابن تيمية بأنه: " نقله عن مجهول لا يعرف، وذلك المجهول أرسله إرسالاً عن أحمد، ولا يتنازع من يعرف أحمد وكلامه أن هذا كذب
(1) انظر: ما سبق من ذكر إجابيات الأشاعرة في الرد على الباطنية، وانظر أيضاً، منهاج السنة (4/269-271) ، وشرح حديث النزول - مجموع الفتاوي (5/558) .
(2)
انظر: منهاج السنة (2/39) المحققة.
(3)
انظر: درء التعارض (2/310) .
(4)
انظر، التسعينية (ص: 249) .
(5)
انظر: درء التعارض (5/186-190) .
(6)
انظر: المصدر السابق (9/110-112) .
(7)
سبقت الإشارة إلى ذلك في ترجمة الغزالي عند الحديث عن تطور المذهب الأشعري.
(8)
ذكر ذلك مرات عديدة، انظر مثلاً: النبوات (ص: 118-119) .
مفترى عليه، ونصوصه المنقولة عنه بنقل الثقات الأثبات، المتواتر عنه برد هذا الهذيان الذي نقله عنه، بل إذا كان أبو حامد ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين من الأكاذيب لا يحصيه إلا الله، فكيف ما ينقله عن مثل أحمد"، ثم يعقب شيخ الإسلام مدافعاً عن الغزالي: " ولم يكن ممن يتعمد (1) الكذب، كان أجلّ قدراً من ذلك، وكان من أعظم الناس ذكاء وطلباً للعلم وبحثاً عن الأمور، ولما قاله كان من أعظم الناس قصداً للحق، وله من الكلام الحسن المقبول أشياء عظيمة، بليغة، ومن حسن التقسيم والترتيب ما هو به من أحسن المصنفين، لكن كونه لم يصل إلى ما جاء به الرسول من الطرق الصحيحة كان ينقل ذلك بحسب ما بلغه لاسيما مع هذا الأصل، إذ جعل النبوات فرعاً على غيرها (2) .
2-
كما أن شيخ الإسلام يعترف للغزالي بجهوده في ردوده على الفلاسفة، ويمتدحه كثيراً في ذلك، ولما احتج الفلاسفة على نفي الصفات بالتركيب وما يلزم رد عليهم الغزالي ووافقه ابن تيمية فقال:" ما ذكره أبو حامد مستقيم، مبطل لقول الفلاسفة، وما ذكره ابن رشد إنما نشأ من جهة ما في اللفظ من الإجمال والاشتراك "(3)، ثم قال مناقشاً ابن رشد:" وهذه الطريق التي سلكها أبو حامد في مناظرته إخوانك وهي طريق صحيحة، وقد تبين أن ما ذكره أبو حامد عن احتجاجهم بلفظ المركب جواب صحيح "(4) ، ويقول ابن تيمية عن ابن رشد " وقد رد على أبي حامد في تهافت التهافت رداً أخطأ في كثير منه، والصواب مع أبي حامد.. وقد تكلمت على ذلك وبينت تحقيق ما قاله أبو حامد في ذلك من الصواب الموافق لأصول الإسلام، وخطأ ما خالفه من كلام ابن رشد وغيره من الفلاسفة، وإن ما قالوه من الحق الموافق للكتاب والسنة لا يرد،
(1) في الأصل المخطوط يعتمد، ولعل الصواب ما أثبته.
(2)
نقض التأسيس المخطوط (3/100) .
(3)
انظر: درء التعارض (3/402) .
(4)
انظر: درء التعارض (3/438) ، وانظر أيضاً (3/389) .