الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
خلاصة وتعقيب:
مما سبق يتبين كيف تطور المذهب الأشعري بدءاً من الأشعري وإلى عصر شيخ الإسلام ابن تيمية، ومنه يتبين كيف دخل هذا المذهب على يد أعلامه في متاهات كلامية وفلسفية، وصوفية، فقرب من الاعتزال، وخلط علومه بمقدمات الفلاسفة المنطقية وغيرها، وقرن ذلك بتصوف منحرف.
أما ما استقر عليه مذهب الأشاعرة، فلا يمكن تحديد ذلك بدقة، لاختلاف الأقوال وتعارضها، وقد يثبت بعضهم ما نفاه الآخرون، ومع ذلك فيمكن أن يقال: إن الأرضية التي استقر عليها هذا المذهب هو ما سطره الإيجي في كتابه المواقف، مع ملاحظة أنه يعرض أحياناً في بعض المسائل لعدة أقوال داخل المذهب الأشعري، ومع ملاحظة أن الأشاعرة حتى في العصور المتأخرة يعولون على كتب السابقين مثل كتب الأشعري والباقلاني والجويني والغزالي والرازي وغيرهم.
لذلك فيمكن أن يقال: إن المذهب الأشعري أخذ السمات التالية:
1-
ضرورة المقدمات المنطقية والعقلية لتحديد المصطلحات، والإحالة عليها عند عرض ما يتعلق بها من موضوعات العقيدة.
2-
التمسك بدليل حدوث الأجسام، والتركيز على ضرورته لأجل الرد على القائلين بقدم العالم.
3-
استقرار القانون العقلي - عند تعارض العقل والنقل - الذي جاءوا به على أنه قانون مسلم، يلجأون إليه دائماً عندما يواجهون بالنصوص.
4-
خبر الآحاد لا يفيد اليقين، فلا يحتج به في العقائد ابتداءً، ولا مانع من الاحتجاج به في مسائل السمعيات، أو فيما لا يعارضه قانون عقلي.
5-
مسألة نفي العلو والجهة، أصبحت من المسائل المسلمة التي لا تقبل المناقشة.
6-
التوحيد هو توحيد الربوبية فقط، ويدخلون فيه نفي الصفات الخبرية التي تقتضي عندهم تجسيماً، لأن هذا يخالف - عندهم - حقيقة التوحيد، أما توحيد الألوهية فلا يشيرون إليه في كتبهم إلا من خلال موضوعات التصوف التي تدخلها الشركيات والانحرافات الكثيرة.
7-
في الصفات استقر الأمر على إثبات الصفات السبع العقلية- وخلاف باقٍ في صفة البقاء - أما ما عداها من الصفات فيجب تأويلها.
8 -
الصفات الخبرية: فيها قولان التأويل أو التقويض، وكلاهما متقاربان في النتيجة وهي القطع بنفي ما يدل عليه ظاهرها من الصفة اللائقة بالله تعالى.
9-
نفي الصفات الفعلية الاختيارية، وهي ما تسمى بمسألة حلول الحوادث.
10-
كلام الله، أبقوا علا ما كان موجوداً عند شيوخهم من الأشاعرة، وهو القول بالكلام النفسي، وإنه أزلي، وإنه معنى واحد، أما ما يتعلق بالقرآن المتلو فقد يميلون إلى رأي المعتزلة.
11-
الرؤية الثابتة، لكن مع نفي العلو، ولم يتخلوا عن هذا التناقض الواضح إلا ما ظهر من ميل الرازي إلى تفسير الرؤية بأنها مزيد من الانكشاف العلمي، وهو قريب جداً من مذهب المعتزلة.
12-
في القدر: بقيت كثير من قضاياه، كالكسب، وإنكار التعليل، والقول بالتحسين والتقبيح الشرعي فقط، وتكليف ما لا يطاق، والاستطاعة - على المذهب المشهور عنهم- أما القدرة التي للعبد وهل هي مؤثرة فقد تعددت أقوالهم فيها، وإن كان الغالب عليهم الميل إلى أنها غير مؤثرة.
13-
الإيمان: مالوا فيه إلى مذاهب المرجئة، فقالوا إنه التصديق - وبعضهم يقول: إنه المعرفة - مع قولهم بوجوب الطاعات، وتأثيم العصاة وكذلك مالوا في مسائل زيادة الإيمان ونقصانه، ودخول الأعمال فيه، والاستثناء فيه
- إلى أقوال المرجئة - ومع قول بعضهم: أن الإيمان هو المعرفة إلا أنهم لا يلتزمون لوازم مذهب جهم الفاسدة.
14-
النبوات يثبتونها بدلائلها التي هي المعجزات، ويميلون إلى ما قرره الباقلاني فيها.
15-
وفيما يتعلق بحكمهم على من خالفهم، فقد بقي المذهب متأرجحاً بين التكفير لغالب الطوائف، والأعذار لهم.
16-
أما مسائل:
- الإمامة والتفضيل بين الخلفاء الأربعة.
- والسمعيات من المعاد وأحوال القيامة والجنة والنار.
- والشفاعة، وعدم خلود أهل الكبائر في النار.
فم يتغير مذهبهم فيها، بل بقي موافقاً لمذهب أهل السنة والجماعة كتبهم تختلف وتتباين في كثير من تفاصيل هذه المسائل، وخاصة ما يتعلق بطرق الاستدلال لها، والله أعلم.