الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما غنّت. ثم قالت لعقيلة والشّمّاسيّة: هاتيا، فغنّتا. ثم قالت لفرعة ونبيلة ونديمة ولذة العيش هاتين، فغنّين، فقالت: أحسنتنّ. وقالت لسعيدة والزّرقاء: غنيا، فغنّتا. ثم قالت للجماعة فغنّوا؛ وانقضى المجلس وعاد كل إنسان إلى وطنه. فما رئى مجلس ولا جمع أحسن من هذه الأيام الثلاثة. وقد ذكر أبو الفرج ما غنّى به كل واحد منهم فأوردنا بعضه وتركنا بعضه اختصارا. وأخبار جميلة كثيرة، قد ذكر منها أبو الفرج الأصفهانىّ جملة تدلّ على أنها كانت مبجّلة عند الأشراف معظّمة عند المغنّين؛ يأخذون عنها ويأتمرون بأمرها، ويسعون إليها، وينطقون إذا استنطقتهم، ويكفّون إذا استكفّتهم؛ وفيما قدّمناه دلالة على ذلك والله أعلم.
ذكر أخبار عزّة الميلاء
قال أبو الفرج الأصفهانىّ: كانت عزّة مولاة للأنصار، ومسكنها المدينة، وهى أقدم من غنّى الغناء الموقع من نساء الحجاز، وماتت قبل جميلة. قال: وقد أخذ عنها معبد ومالك بن أبى السّمح وابن محرز وغيرهم من المكيّين والمدنيّين. وكانت من أجمل النساء وجها وأحسنهنّ جسما. وسمّيت الميلاء لتمايلها فى مشيتها.
وقال معبد: كانت من أحسن النساء ضربا [1] بعود، مطبوعة على الغناء، لا يعييها أداؤه ولا صنعته ولا تأليفه، وكانت تغنّى أغانى القيان القدماء [2] مثل شيرين وزرياب وخولة والرّباب وسلمى ورائقة [3] ؛ وكانت رائقة أستاذتها. فلما قدم نشيط وسائب؛
[1] كذا فى الأغانى. وفى الأصل: «صوتا بعود» .
[2]
فى الأغانى: «من القدائم» .
[3]
كذا فى الأغانى. وفى الأصل: «ورائعة» بالعين المهملة.
خاثر المدينة غنيّا أغانى بالفارسيّة [1] ، فأخذت عزّة عنهما نغما وألّفت [2] عليها ألحانا عجيبة؛ فهى أوّل من فتن أهل المدينة بالغناء وحرّض رجالهم ونساءهم عليه.
وقال الزّبيرىّ. وجدت مشايخ أهل المدينة إذا ذكروا عزّة قالوا: لله درّها! ما كان أحسن غناءها، وأطلّ صوتها، وأندى حلقها، وأحسن ضربها بالمزاهر والمعازف وسائر الملاهى، وأجمل وجهها، وأظرف لسانها، وأقرب مجلسها، وأكرم خلقها، وأسخى نفسها، وأحسن مساعدتها!. وكانت جميلة تقول مثل ذلك فيها.
وكان ابن سريح فى حداثة سنّه يأتى المدينة فيأخذ عنها ويتعلّم منها؛ وكان بها معجبا، وكان إذا سئل: من أحسن الناس غناء؟ قال: مولاة الأنصار المتفضّلة على كل من غنّى وضرب بالمعازف والعيدان من الرجال والنساء.
وكان ابن محرز يقيم بمكة ثلاثة أشهر ثم يأتى المدينة فيقيم بها ثلاثة أشهر من أجل عزّة، وكان يأخذ عنها. وقد تقدّم ذلك فى أخباره.
وكان طويس أكثر ما يأوى إلى منزل عزّة، وكان فى جوارها، وكان إذا ذكرها يقول: هى سيّدة من غنّى من النساء، مع جمال بارع، وخلق فاضل، وإسلام لا يشوبه دنس؛ تأمر بالخير وهى من أهله، وتنهى عن الشرّ وهى تجانبه، فناهيك بها! ما كان أنبلها وأنبل مجلسها!. ثم قال: كانت إذا جلست جلوسا عامّا فكأنّ الطير على رءوس أهل مجلسها، فمن تكلّم أو تحرّك نقر رأسه.
وقال صالح بن حسّان الأنصارىّ: كانت عزّة مولاة لنا، وكانت عفيفة جميلة.
وكان عبد الله بن جعفر وابن أبى عتيق وعمر بن عبد الله بن أبى ربيعة يغشونها
[1] كذا بالأغانى. وفى الأصل: «أغانى الفارسية» .
[2]
كذا فى الأغانى. وفى الأصل: «وألقت عليهما» الخ.