الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرض ورغب فى مضاعفة الأجر. فقد ورد عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:
السادس: أن يستشعر العبد فى نفسه مبادئ البطر والطّغيان بطول مدّة الصحّة، فيترك التداوى خوفا من أن يعاجله زوال المرض فتعاوده الغفلة والبطر والطغيان أو طول الأمل والتسويف فى تدارك الفائت وتأخير الخيرات؛ فإن الصحة تحرّك الهوى وتبعث على الشهوات وتدعو إلى المعاصى، وأقلّها أن تدعو إلى التنعّم فى المباحات وهو تضييع الأوقات وإهمال الربح العظيم فى مخالفة النفس وملازمة الطاعات. وإذا أراد الله بعبد خيرا لم يخله عن التنبيه بالأمراض والمصائب؛ ولذلك قيل: لا يخلو المؤمنون من علّة أو قلّة أو ذلّة. قال: فلما أن كثرت فوائد المرض رأى جماعة ترك الحيلة فى زوالها، إذ رأوا لأنفسهم مزيدا فيها لا من حيث رأوا التداوى نقصانا، وكيف يكون ذلك نقصانا وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم!.
فهذه نبذة كافية فى مقامى الزهد والتوكل. فلنذكر الأدعية.
الباب الرابع من القسم الرابع من الفن الثانى فى الأدعية
وهذا الباب- يقبل الله منا ومنك وفينا وفيك صالح الدعوات، وجعلنا وإيّاك ممن اعتمد على كرمه ومنّته فى الحركات والسكنات؛ ووفّقنا للتضرع والسكون إلى فضله، وعاملنا بما هو من أهله لا ما نحن من أهله- هو مشرع الظمآن إلى موارد الكرم العذبة، ومفزع الحيران إذا ألّمت به الضائقة وحصرته الكربة؛ فبه يتوسّل الى الله تعالى فى مطالب الدنيا والآخرة، ويتوصّل إلى النعم الوافية والخيرات الوافرة؛ كيف لا وقد
أمرنا الرب العظيم بالدعاء والإنابة، ووعدنا وهو الوفىّ الكريم بالقبول والإجابة؛ وترادفت بفضله الأخبار الصحيحة، وجاءت بشرفه الآثار الصريحة؛ على ما ستقف على ذلك إن شاء الله تعالى واضحا، وتعوّل عليه مقيما وظاعنا وغاديا ورائحا. فلازمه فى سائر أحوالك، وتعاهده فى بكرك وآصالك؛ فستجنى إن شاء الله منه ثمار غرسك، وتجد حلاوة ذلك فى قلبك وأنسه فى نفسك.
واعلم أن للدعاء، كما قال ابن عطاء، أركانا وأجنحة وأسبابا وأوقاتا. قال: فإن وافق أركانه قوى، وإن وافق أجنحته طار فى السموات، وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه أنجح. فأركانه حضور القلب والرقة والاستكانة والخشوع وتعلق القلب بالله وقطعه من الأسباب. وأجنحته الصدق. ومواقيته الأسحار.
وأسبابه الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم. قال الله عز وجل: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ.
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول الله تعالى للعبد يوم القيامة أكنت ترى لبعض دعائك الإجابة ولا ترى لبعضه فيقول نعم فيقول له أما إنك ما دعوتنى بدعوة إلا وقد استجبت لك فيها أليس دعوتنى يوم كذا وكذا فرأيت الإجابة فيقول نعم ويقول ودعوتنى يوم كذا وكذا فلم تر الإجابة فيقول نعم فيقول فإنى ادّخرتها لك فى الجنة فلا يبقى له دعوة إلا بيّنها له حتى يتمنّى المؤمن أن دعواته كلها كانت ذخائره فى الآخرة»
. وعن النعمان بن بشير رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الدعاء هو العبادة»
قال: وقرأ وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ.
وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس شىء أكرم على الله من الدعاء»
. وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الدعاء ينفع
مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدّعاء»
. وعن أنس رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله عز وجل حيّى كريم يستحيى إذا بسط الرجل إليه يديه أن يردّهما صفرا ليس فيهما شىء»
. وعن أبى سعيد الخدرىّ رضى الله عنه عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «دعوة المسلم لا تردّ إلا بإحدى ثلاث ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم إمّا أن يستجيب الله له فيما دعا أو يدّخر له فى الآخرة أو يصرف عنه من السوء بقدر ما دعا»
. وعن أنس رضى الله عنه قال: قيل يا رسول الله: إنا ندعو بدعاء كثير منه ما نرى إجابته ومنه ما لا نرى إجابته فقال: «والذى نفسى بيده ما من أحد يدعو بدعوة إلا استجيب له أو صرف عنه مثلها شرّا» . قالوا: يا رسول الله، إذا نكثر؟ قال:«الله أكثر وأكثر»
ثلاث مرات.
وعنه رضى الله عنه عن النبىّ صلى الله عليه وسلم: «دعوة فى السر تعدل سبعين دعوة فى العلانية»
. وعن أبى سعيد الخدرىّ رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله عز وجل فى الليل والنهار عتقاء من النار ولكلّ مسلم ومسلمة فى كلّ يوم وليلة دعوة مستجابة»
. وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى يقول من ذا الذى دعانى فلم أجبه وسألنى فلم أعطه واستغفرنى فلم أغفر له وأنا أرحم الراحمين»
. وعن أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا فتح الله على عبد باب الدعاء فليكثر فإنّ الله يستجيب له»
. وعن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من فتح له باب فى الدعاء فتحت له أبواب الإجابة»
. وعن أبى هريرة عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من لم يسأل الله يغضب عليه»
. وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه أن النبىّ صلى الله عليه وسلم قرأ قوله تعالى: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ
الآية فقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنّك
أمرت بالدعاء وتوكّلت بالإجابة لبّيك اللهم لبّيك لبّيك لا شريك لك لبيك إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك أشهد أنّك فرد أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وأشهد أنّ وعدك حق ولقاءك حقّ والجنة حق والنار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأنّك تبعث من فى القبور»
. هذا مما ورد فى الحثّ على الدعاء.
وأمّا ما ورد فى نفع الدعاء ودفعه للبلاء؛
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن أنواع البرّ كلّها نصف العبادة والنصف الآخر الدعاء»
. وعن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينفع حذر من قدر والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن الدعاء ليلقى البلاء فيعتلجان إلى يوم القيامة»
. وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء ينفع مما نزل ومما لم لا ينزل وإن الدعاء ليردّ القضاء المبرم وإن الدعاء والبلاء ليلتقيان بين السماء والأرض فلا يزال أحدهما يدفع صاحبه إلى يوم القيامة»
. وعن سلمان الفارسىّ رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يردّ القضاء إلا الدعاء ولا يزيد فى العمر إلا البرّ»
. وعن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدّين ونور السموات والأرض» .
وأمّا ما ورد فى الإلحاح فى الدعاء وهيئة الذّلّة والإنابة؛ قال الله تعالى:
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.
وعن عائشة رضى الله عنها قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله يحبّ الملحّين فى الدعاء» .
وعن أبى هريرة
رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله عز وجل لا يستجيب دعاء من قلب ساه لاه»
. وعن أنس رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه فى الدعاء حتى يرى بياض [1] إبطيه. وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا جعل باطن كفّيه إلى وجهه.
وعنه عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سلوا الله ببطون أكفّكم ولا تسألوه بظهورها فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم»
وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم عز وجل حيىّ كريم يستحيى أن يرفع العبد يديه فيردّهما صفرا لا خير فيهما فإذا رفع أحدكم يده فليقل يا حىّ لا إله إلا أنت يا أرحم الراحمين ثلاث مرات ثم إذا ردّ يده فليفرغ ذلك الخير على وجهه»
. وعن عمر رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مدّ يديه فى الدعاء لم يردّهما حتى يمسح بهما وجهه.
وعن ابن عبّاس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الإخلاص هكذا ورفع إصبعا واحدا من اليد اليمنى والدعاء هكذا وجعل بطونهما مما يلى السماء والابتهال هكذا ومدّ يديه شيئا وجعل ظهر الكفّ مما يلى السماء»
. وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد فأكثروا الدعاء» .
وأمّا ما ورد من كراهية استعجال الإجابة ورفع البصر والسجع فى الدعاء قال تعالى: بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ.
وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل
[1] فى الأصلين هكذا: «بيان» والتصحيح عن الإحياء (ج 1 ص 287) .
فيقول قد دعوت فلم يستجب لى»
. وعنه صلى الله عليه وسلم: «لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل» . قالوا: وكيف يستعجل؟ قال: «يقول قد دعوت الله مرارا فلا أراه يستجيب لى»
. وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لينتهينّ أقوام عن رفع أبصارهم عند الدعاء فى الصلاة إلى السماء أو لتخطفنّ أبصارهم»
. وعن ابن عبّاس رضى الله عنهما قال: إيّاك والسجع فى الدعاء فإنّى شهدت النبىّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون ذلك.
وأمّا ما ورد فيمن تجاب دعواتهم. قال الله عز وجل: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ
. وقال تعالى: وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «خمس دعوات لا تردّ دعوة الحاجّ حتّى يصدر ودعوة الغازى حتى يرجع ودعوة المظلوم حتى ينتصر ودعوة المريض حتى يبرأ ودعوة الأخ لأخيه بالغيب وأسرع هؤلاء الدعوات إجابة دعوة الأخ لأخيه بالغيب»
. وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث دعوات مستجابات لا شكّ فيهنّ دعوة الوالد ودعوة المسافر ودعوة المظلوم»
. وفى حديث آخر: «دعوة الصائم بدل دعوة الوالد»
. وعن ابن عبّاس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: «إنّك تأتى قوما أهل كتاب فاتّق دعوة المظلوم»
. وعنه صلى الله وسلم: «الإمام العادل لا تردّ دعوته»
. وقال صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا تردّ دعوتهم إمام مقسط ودعوة الصائم ودعوة المظلوم تفتح لها أبواب السماء ويقول الله عز وجل لأنصرنّك ولو بعد حين»
. وعنه صلى الله عليه وسلم: «دعاء الوالد لولده مثل دعاء النبى لأمته»
. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: