الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ
(مَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ) فِي النَّفْسِ (وَقَطْعٌ) لِطَرَفٍ قِصَاصًا (وَحَدُّ قَذْفٍ) وَتَعْزِيرٌ لِأَرْبَعَةٍ (وَطَالَبُوهُ) عُزِّرَ وَإِنْ تَأَخَّرَ، ثُمَّ (جُلِدَ) لِلْقَذْفِ (ثُمَّ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ) تَقْدِيمًا لِلْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى اسْتِيفَاءِ الْكُلِّ (وَيُبَادِرُ بِقَتْلِهِ بَعْدَ قَطْعِهِ) مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ بَيْنَهُمَا فَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ مُطَالَبٌ وَالنَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ (لَا قَطْعِهِ بَعْدَ جَلْدِهِ إنْ غَابَ مُسْتَحِقُّ قَتْلِهِ) لِئَلَّا يَهْلَكَ بِالْمُوَالَاةِ فَيَفُوتَ حَقُّ مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ (وَكَذَا إنْ حَضَرَ وَقَالَ عَجِّلُوا الْقَطْعَ فِي الْأَصَحِّ) وَأَنَا أُبَادِرُ بِالْقَتْلِ بَعْدَهُ وَخِيفَ مَوْتُهُ بِالْمُوَالَاةِ فَيَفُوتُ قَوَدُ النَّفْسِ مَعَ أَنَّهُ لَهُ مَصْلَحَةٌ هِيَ سُقُوطُ الْعِقَابِ عَنْهُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَيْضًا فَرُبَّمَا عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ فَتَكُونُ الْمُوَالَاةُ سَبَبًا لِفَوَاتِ النَّفْسِ فَاتَّجَهَ عَدَمُ نَظَرِهِمْ لِرِضَاهُ بِالتَّقْدِيمِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَخْفَ مَوْتُهُ بِالْمُوَالَاةِ فَيُجْعَلُ جَزْمًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ يُخْشَى مِنْهُ مَوْتُهُ بِالْجَلْدِ إنْ لَمْ يُبَادِرْ بِالْقَطْعِ فَيُبَادِرُ بِهِ وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَ) خَرَجَ بِطَالَبُوهُ مَا لَوْ طَالَبَهُ بَعْضُهُمْ فَلَهُ أَحْوَالٌ فَحِينَئِذٍ (إذَا أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ حَقَّهُ) وَطَالَبَ الْآخَرَانِ (جُلِدَ فَإِذَا بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا (قُطِعَ) وَلَا يُوَالِي بَيْنَهُمَا خَوْفًا مِنْ فَوَات حَقِّ مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ (وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ طَرَفٍ جُلِدَ وَعَلَى مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ الصَّبْرُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الطَّرَفَ) لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ، وَاحْتِمَالُ تَأْخِيرِ مُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ لَا إلَى غَايَةٍ فَيَفُوتُ الْقَتْلُ غَيْرَ مَنْظُورٍ لَهُ إذْ مَبْنَى الْقَوَدِ عَلَى الدَّرْءِ وَالْإِسْقَاطِ مَا أَمْكَنَ، فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَحْسَنَ جَبْرُهُ عَلَى الْقَوَدِ أَوْ الْعَفْوِ أَوْ الْإِذْنِ (فَإِنْ بَادَرَ) مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ (فَقَتَلَ) فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ غَيْرَ أَنَّهُ يُعَزَّرُ لِتَعَدِّيهِ وَحِينَئِذٍ (فَلِمُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ دِيَتُهُ) فِي تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ (وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ الْجَلْدِ) حَقَّهُ، وَطَالَبَ الْآخَرَانِ (فَالْقِيَاسُ صَبْرُ الْآخَرَيْنِ) وُجُوبًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ اسْتِحْقَاقُهُمَا لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ بِاسْتِيفَائِهِمَا أَوْ اسْتِيفَاءِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ أُنْمُلَةٍ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ عَظِيمُ الْخَطَرِ، وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الزُّهُوقِ فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا
(وَلَوْ)(اجْتَمَعَ حُدُودٌ لِلَّهِ تَعَالَى) كَأَنْ زَنَى بِكْرٌ وَسَرَقَ وَشَرِبَ وَارْتَدَّ (قُدِّمَ) وُجُوبًا (الْأَخَفُّ) مِنْهَا (فَالْأَخَفُّ) حِفْظًا لِمَحَلِّ الْقَتْلِ، فَيُحَدُّ لِلشُّرْبِ ثُمَّ بَعْدَ بُرْئِهِ مِنْهُ يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ أَيْضًا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَخَفُّ وَلَا يُخْشَى مِنْهُ هَلَاكٌ، ثُمَّ يُقْطَعُ ثُمَّ يُقْتَلُ، وَلَوْ اجْتَمَعَ قَطْعُ سَرِقَةٍ وَقَطْعُ مُحَارَبَةٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لَهُمَا وَرِجْلُهُ لِلْمُحَارَبَةِ، أَوْ قَتْلُ زِنًا وَقَتْلُ رِدَّةٍ رُجِمَ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ نَكَالًا وَيَدْخُلُ فِيهِ قَتْلُ الرِّدَّةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: مَنْ لَزِمَهُ) لِآدَمِيِّينَ اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ) دَلَّ عَلَى عَدَمِ تَأْخِيرِ الْجَلْدِ لِلْمَرَضِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَحْسَنَ جَبْرُهُ) هَذِهِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْكَثِيرَةُ إجْبَارُهُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ) لَعَلَّ مِنْهُ أَنَّ الْقَطْعَ لَا يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقٌ لِقَوْلٍ بِتَأْخِيرِهِ
(قَوْلُهُ: قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لَهُمَا) أَيْ لِلسَّرِقَةِ وَالْمُحَارَبَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْيُمْنَى تُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَلِلْمَالِ الَّذِي أُخِذَ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ أَنَّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ]
(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ) هُوَ غَايَةٌ فِيمَا بَعْدَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ لَا قَطْعُهُ بَعْدَ جَلْدِهِ) يَعْنِي تَمْتَنِعُ فِيهِ الْمُوَالَاةُ (قَوْلُهُ: وَأَنَا أُبَادِرُ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: لِرِضَاهُ) أَيْ مُسْتَحِقِّ قَتْلِهِ (قَوْلُهُ: بِالتَّقْدِيمِ) أَيْ التَّقْدِيمُ فِي الزَّمَنِ بِمَعْنَى الْمُوَالَاةِ (قَوْلُهُ: فَيُجْعَلُ جَزْمًا) أَيْ يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ جَزْمًا
وَالرُّويَانِيُّ، وَذَهَبَ الْقَاضِي إلَى قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ لِأَنَّ فَسَادَهَا أَشَدُّ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كُلٍّ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مَصْلَحَةً، وَلَوْ اجْتَمَعَ قَتْلُ قِصَاصٍ فِي غَيْرِ مُحَارَبَةٍ وَقَتْلُ مُحَارَبَةٍ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا وَيَرْجِعُ الْآخَرُ لِلدِّيَةِ، وَفِي انْدِرَاجِ قَطْعِ السَّرِقَةِ فِي قَتْلِ الْمُحَارَبَةِ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا لَا، فَيُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ، ثُمَّ يُقْتَلُ وَيُصْلَبُ لِلْمُحَارَبَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي ذَلِكَ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَفُوتُ بِتَقْدِيمِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى
(أَوْ) اجْتَمَعَ (عُقُوبَاتٌ) لِلَّهِ أَوْ لِلْآدَمِيِّ وَاسْتَوَتْ خِفَّةً أَوْ غِلَظًا قُدِّمَ الْأَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ، وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ أَوْ عُقُوبَاتٌ (لِلَّهِ تَعَالَى وَلِآدَمِيِّينَ) كَأَنْ كَانَ مَعَ هَذِهِ حَدُّ قَذْفٍ وَكَأَنْ شَرِبَ وَزَنَى وَقَذَفَ وَقَطَعَ وَقَتَلَ (قُدِّمَ) حَقُّ الْآدَمِيِّ إنْ لَمْ يَفُتْ حَقُّهُ تَعَالَى أَوْ كَانَ قَتْلًا فَيُقَدَّمُ (حَدُّ قَذْفٍ وَ) قَطْعٍ (عَلَى) حَدِّ (زِنًا) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ وَلَوْ أَغْلَظَ كَمَا قَالَ (وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُهُ) أَيْ حَدِّ الْقَذْفِ وَكَذَا الْقَطْعُ (عَلَى حَدِّ شُرْبٍ وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْقِصَاصَ قَتْلًا وَقَطْعًا يُقَدَّمُ عَلَى) حَدِّ (الزِّنَا) إنْ كَانَ رَجْمًا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ لَا لِلْقَطْعِ كَمَا تَقَرَّرَ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ، بِخِلَافِ جَلْدِ الزِّنَا وَتَغْرِيبِهِ وَحَدِّ الشُّرْبِ فَإِنَّهُمَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الْقَتْلِ لِئَلَّا يَفُوتَا، وَالثَّانِي الْعَكْسُ تَقْدِيمًا لِلْأَخَفِّ، وَوَقَعَ لِلزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِ تَنَافٍ فِي تَحْرِيرِ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ مَعَ الْحُدُودِ تَعْزِيرٌ قُدِّمَ عَلَيْهَا كُلِّهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَحَقُّ آدَمِيٍّ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْيُمْنَى لِلْمَالِ وَالْيُسْرَى لِلْمُحَارَبَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مَصْلَحَةً) أَيْ فَإِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، أَوْ فِي قَتْلِهِ بِالزِّنَا
(قَوْلُهُ: اجْتَمَعَ عُقُوبَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَلِلْآدَمِيِّ وَاسْتَوَتْ) مَا صُورَةُ الِاسْتِوَاءِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَوْلُهُ أَوْ لِلْآدَمِيِّ وَاسْتَوَتْ كَقَذْفِ اثْنَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ لَا الْقَطْعِ) أَيْ بَلْ يُقَدَّمُ الْقَطْعُ عَلَى حَدِّ الزِّنَا مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقَطْعٌ عَلَى حَدِّ زِنًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَحَقُّ آدَمِيٍّ) اُنْظُرْهُ إذَا كَانَ التَّعْزِيرُ يَكُونُ حَقًّا لِلَّهِ اهـ سم عَلَى حَجّ، إلَّا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى هُوَ أَحَقُّ فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي ذَلِكَ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَفُوتُ إلَخْ) إشَارَةً إلَى رَدِّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْمُقَابِلُ مِنْ أَنَّهُ إذَا قُدِّمَ حَقُّ اللَّهِ وَهُوَ الْقَطْعُ رُبَّمَا يَفُوتُ حَقُّ الْآدَمِيِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُشَاحَةِ وَهُوَ الْقَتْلُ قِصَاصًا وَحَاصِلُ الرَّدِّ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الظَّاهِرِ
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ قَتْلًا) كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ فِي التُّحْفَةِ أَوْ كَانَا بِأَلِفِ التَّثْنِيَةِ (قَوْلُهُ: وَحَقُّ آدَمِيٍّ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ التَّعْزِيرَ قَدْ يَكُونُ لِلَّهِ تَعَالَى.