المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب الدعوى والبينات - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٨

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ

- ‌كِتَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقَلُّ الْجِزْيَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى نَحْوِ خَيْلٍ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ

- ‌فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌بَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ]

- ‌فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَمَا يَلْزَمُ سَيِّدَ الْمُكَاتَب وَيُنْدَبُ لَهُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان مَا يحرم عَلَى سَيِّد الْمُكَاتَب]

- ‌[فَصَلِّ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ قَبْلَ مَحِلِّهَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ وَمَا تُوَافِقُ أَوْ تُبَايِنُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ

- ‌كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَةُ الْكِتَابِ]

الفصل: ‌كتاب الدعوى والبينات

‌كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

الدَّعْوَى جَمْعُهَا دَعَاوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ لُغَةً: الطَّلَبُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} [يس: 57] وَأَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ وَشَرْعًا: إخْبَارٌ عَنْ وُجُوبِ حَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ، وَالْبَيِّنَةُ الشُّهُودُ، سُمُّوا بِهَا لِأَنَّ بِهِمْ يَتَبَيَّنُ الْحَقُّ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ كَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَفِي الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَوَهَمَ فِي الْكِفَايَةِ فَعَزَا هَذِهِ لِمُسْلِمٍ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ جَانِبَ الْمُدَّعِي ضَعِيفٌ فَدَعْوَاهُ خِلَافُ الْأَصْلِ فَكُلِّفَ الْحُجَّةَ الْقَوِيَّةَ وَجَانِبُ الْمُنْكِرِ قَوِيٌّ فَاكْتُفِيَ مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الضَّعِيفَةِ. .

وَلَمَّا كَانَ مَدَارُ الْخُصُومَةِ عَلَى خَمْسَةٍ: الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ وَالْيَمِينُ وَالنُّكُولُ وَالْبَيِّنَةُ ذَكَرَهَا كَذَلِكَ فَقَالَ (تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ) أَوْ مُحَكَّمٍ أَوْ سَيِّدٍ (فِي عُقُوبَةٍ) لِآدَمِيٍّ (كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) فَلَا يَسْتَقِلُّ مُسْتَحَقُّهَا بِاسْتِيفَائِهَا لِعِظَمِ خَطَرِهَا كَمَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ، نَعَمْ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: مَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ أَوْ حَدُّ قَذْفٍ وَكَانَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَاخِرِ قَوَاعِدِهِ: لَوْ انْفَرَدَ بِحَيْثُ لَا يُرَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ الْقَوَدِ وَلَا سِيَّمَا إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ. .

أَمَّا عُقُوبَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَى الْقَاضِي أَيْضًا لَكِنْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهَا لِانْتِفَاءِ حَقِّ الْمُدَّعِي فِيهَا، نَعَمْ لِقَاذِفٍ أُرِيدَ حَدُّهُ الدَّعْوَى عَلَى الْمَقْذُوفِ وَطَلَبُ حَلِفِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ يَسْقُطُ عَنْهَا الْحَدُّ إنْ نَكَلَ.

وَمَا يُوجِبُ تَعْزِيرًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى إنْ تَعَلَّقَ بِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ كَطَرْحِ حِجَارَةٍ بِطَرِيقٍ وَمَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَدَاءُ عِنْدَ نَحْوِ أَمِيرٍ تَوَقَّفَ وُصُولُ الْحَقِّ إلَى رَبِّهِ عَلَيْهِ وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الدَّعْوَى عِنْدَهُ أَيْ إنْ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

[كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

(قَوْلُهُ: وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ) أَيْ يَطْلُبُونَ (قَوْلُهُ: وَأَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ) أَيْ لِأَنَّهَا بِوَزْنِ فَعْلَى (قَوْلُهُ: إخْبَارٌ عَنْ وُجُوبِ حَقٍّ إلَخْ) لَمْ يُقَيَّدْ الْحَقُّ بِكَوْنِهِ لَهُ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ بِمَالِ مُوَلِّيهِ أَوْ الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ النَّاظِرُ لِلْوَقْفِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ حَاكِمٍ) أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ الْمُحَكَّمُ وَالسَّيِّدُ كَمَا يَأْتِي وَمَا يَلْحَقُ بِهِمَا كَذِي الشَّوْكَةِ إذَا تَصَدَّى لِفَصْلِ الْأُمُورِ بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ أَيْضًا وَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَدَاءُ عِنْدَ نَحْوِ أَمِيرٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَقِلُّ مُسْتَحِقُّهَا) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَاسْتَقَلَّ وَقَعَتْ الْمَوْقِعَ وَإِنْ أَثِمَ بِاسْتِقْلَالِهِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ) أَيْ أَوْ قَرِيبَةٍ مِنْهُ وَخَافَ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ عَدَمَ التَّمَكُّنِ مِنْ إثْبَاتِ حَقِّهِ أَوْ غُرْمَ دَرَاهِمَ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ حَيْثُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ وَأَمِنَ الْفِتْنَةَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ ذَلِكَ فَلَهُ تَعْزِيرُهُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ الْقَوَدِ) أَيْ شَرْعًا فَيَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ بَاطِنًا

(قَوْلُهُ: تَوَقَّفَ وُصُولُ الْحَقِّ إلَى رَبِّهِ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ (قَوْلُهُ: عَنْ وُجُوبِ حَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ لَهُ لِتَخْرُجَ الشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا فِي التُّحْفَةِ بِقَوْلِهِ لِيَلْزَمَهُ بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا ذَكَرْته أَوْلَى لِإِدْخَالِهِ جَمِيعَ شُرُوطِ الدَّعْوَى

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي النِّكَاحِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ هَذِهِ يُشْتَرَطُ فِيهَا الدَّعْوَى عِنْدَ مَنْ ذُكِرَ، وَضَابِطُ مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى عِنْدَ مَنْ ذُكِرَ كُلُّ مَا لَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَلَيْسَ بِمَالٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ

(قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهَا إلَخْ) فَالطَّرِيقُ فِي إثْبَاتِهَا شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ

(قَوْلُهُ: إنْ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ حَتَّى يَتَأَتَّى التَّنْظِيرُ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ

ص: 333

وَفِيهِ نَظَرٌ وَحِينَئِذٍ فَالْأَدَاءُ لِهَذِهِ الضَّرُورَةِ لَا يَسْتَدْعِي تَوَقُّفَهُ عَلَى دَعْوَى وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ تُشْتَرَطُ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِهِ بِاسْتِيفَائِهِ بِدُونِ قَاضٍ وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ لَا الْقَوَدِ وَكُلُّ مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى وَخَرَجَ بِالْعُقُوبَةِ وَمَا مَعَهَا الْمَالُ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ وَنَحْوِهِ أَخْذَهُ ظَفْرًا مِنْ غَيْرِ دَعْوَى.

كَمَا قَالَ (وَإِنْ)(اسْتَحَقَّ) شَخْصٌ (عَيْنًا) عِنْدَ آخَرَ بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بِمَنْفَعَةٍ كَمَا بَحَثَهُ جَمْعٌ أَوْ وِلَايَةٍ كَأَنْ غُصِبَتْ عَيْنٌ لِمُوَلِّيهِ وَقَدِرَ عَلَى أَخْذِهَا (فَلَهُ أَخْذُهَا) مُسْتَقِلًّا بِهِ (إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً) سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ عَادِيَةً أَمْ لَا كَأَنْ اشْتَرَى مَغْصُوبًا جَاهِلًا بِحَالِهِ، نَعَمْ مَنْ ائْتَمَنَهُ الْمَالِكُ كَمُودِعٍ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَخْذُ مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ لِأَنَّ فِيهِ إرْعَابًا بِظَنِّ ضَيَاعِهَا وَفِي نَحْوِ الْإِجَارَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ بِأَخْذِ الْعَيْنِ لِيَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَتَهُ مِنْهَا وَفِي الذِّمَّةِ يَأْخُذُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا مِنْ مَالِهِ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي شِرَاءِ غَيْرِ الْجِنْسِ بِالنَّقْدِ أَنَّهُ يَسْتَأْجِرُ بِهَا وَيُتَّجَهُ لُزُومُ اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا تُيُقِّنَ أَنَّهُ قِيمَةٌ لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ سُؤَالُ عَدْلَيْنِ يَعْرِفَانِهَا وَالْعَمَلُ بِقَوْلِهِمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ خَافَ فِتْنَةً: أَيْ مَفْسَدَةً تَقْضِي إلَى مُحَرَّمٍ كَأَخْذِ مَالِهِ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ أَوْ اسْتَوَيَا كَمَا بَحَثَهُ جَمَاعَةٌ (وَجَبَ الرَّفْعُ) مَا دَامَ مُرِيدًا لِلْأَخْذِ (إلَى قَاضٍ) أَوْ نَحْوِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِهِ (أَوْ دَيْنًا) حَالًّا (عَلَى غَيْرِ مُمْتَنِعٍ مِنْ الْأَدَاءِ طَالِبُهُ) لِيُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ (وَلَا يَحِلُّ أَخْذُ شَيْءٍ) لِأَنَّ لَهُ الدَّفْعَ مِنْ أَيِّ مَالِهِ شَاءَ، فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ وَبَدَلُهُ إنْ تَلِفَ مَا لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ التَّقَاصِّ (أَوْ عَلَى مُنْكِرٍ) أَوْ مَنْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَمَا نُوزِعَ بِهِ مِنْ قَوْلِ مُجَلِّي أَنَّ مَنْ لَهُ مَالٌ عَلَى صَغِيرٍ لَا يَأْخُذُ جِنْسَهُ مِنْ مَالِهِ اتِّفَاقًا مَحْمُولٌ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ يَسْهُلُ بِهَا خَلَاصُ حَقِّهِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَامْتَنَعُوا أَوْ طَلَبُوا مِنْهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ أَوْ كَانَ حَاكِمُ مَحَلَّتِهِ جَائِرًا لَا يَحْكُمُ إلَّا بِرِشْوَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ (أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مِنْ مَالِهِ) ظَفْرًا لِعَجْزِهِ عَنْ حَقِّهِ إلَّا بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا أَخَذَ مُمَاثِلَهُ مِنْ جِنْسِهِ لَا مِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَمَعَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ وَالْقَاضِي الْكَبِيرِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعُقُوبَةِ كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ فَقَطْ، حَتَّى لَوْ عَامَلَ مَنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا أَوْ رَجْعِيَّتَهَا مُعَامَلَةَ الزَّوْجَةِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ صَادِقًا فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي حَدِّ الْقَذْفِ) أَيْ إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ السُّلْطَانِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْبَعِيدَ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ الرَّفْعُ (قَوْلُهُ: لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى) بَلْ لَا تَجُوزُ اهـ حَجّ تَبَعًا لِلْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً) عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ اهـ حَجّ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ عَلَقَةٌ (قَوْلُهُ: كَمُودِعٍ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ) أَيْ الْوَدِيعِ (قَوْلُهُ: وَفِي نَحْوِ الْإِجَارَةِ) أَيْ وَالْأَخْذُ فِي نَحْوِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَخْذِ الْعَيْنِ) أَيْ يَحْصُلُ بِأَخْذِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ وَقْتَ أَخْذِ مَا ظَفِرَ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) كَصَبِيٍّ (قَوْلُهُ: لَا يَحْكُمُ إلَّا بِرِشْوَةٍ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى مِصْرَ مِنْ إكْرَاهِ الشَّادِّ مَثَلًا أَهْلَ قَرْيَتِهِ عَلَى عَمَلٍ لِلْمُلْتَزِمِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى الْقَرْيَةِ هَلْ الضَّمَانُ عَلَى الشَّادِّ أَوْ عَلَى الْمُلْتَزَمِ أَوْ عَلَيْهِمَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ عَلَى الشَّادِّ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ لَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى إكْرَاهِهِمْ، فَإِنْ فُرِضَ مِنْ الْمُلْتَزِمِ إكْرَاهٌ لِلشَّادِّ فَكُلٌّ مِنْ الشَّادِّ وَالْمُلْتَزِمِ طَرِيقٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ تَكْرَارُ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ قَبْلَهُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ عَلَيْهِ الْمَارَّ قَبْلَهُ رَاجِعٌ إلَى الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِاسْتِيفَائِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ عَيْنًا) أَيْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَنْفَعَتِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ) أَيْ الْآخِذِ (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْمُؤَجِّرِ (قَوْلُهُ: أَوْ سُؤَالٍ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى اقْتِصَارِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُتَقَوِّمًا) أَيْ كَأَنْ وَجَبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ ثَوْبٌ أَوْ حَيَوَانٌ مَوْصُوفٌ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ.

أَمَّا لَوْ غُصِبَ مِنْهُ مُتَقَوِّمًا وَأَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ مَثَلًا فَالْوَاجِبُ قِيمَتُهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمِثْلِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، كَذَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ

ص: 334

غَيْرِهِ (وَكَذَا غَيْرُ جِنْسِهِ) وَلَوْ أَمَةً (إنْ فَقَدَهُ) أَيْ جِنْسَ حَقِّهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِلضَّرُورَةِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ نَقْدًا فَإِنْ وَجَدَهُ امْتَنَعَ عُدُولُهُ إلَى غَيْرِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَارْتَضَاهُ، ثُمَّ قَالَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُصَدِّقًا أَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَوْ كَانَ مُنْكِرًا كَوْنَهُ لَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ وَجْهًا وَاحِدًا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي الْوَكَالَةِ وَقَالَ: إنَّهُ مَقْطُوعٌ بِهِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مَحْجُورِ فَلَسٍ أَوْ مَيِّتٍ لَمْ يَأْخُذْ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ بِالْمُضَارَبَةِ إنْ عَلِمَهَا وَإِلَّا احْتَاطَ وَقِيلَ قَوْلَانِ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمَلُّكِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَالَ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ (أَوْ عَلَى مُقِرٍّ مُمْتَنِعٍ أَوْ مُنْكِرٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ فَكَذَلِكَ) لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِ حَقِّهِ لِمَا فِي الرَّفْعِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالْمُؤْنَةِ (وَقِيلَ يَجِبُ الرَّفْعُ إلَى قَاضٍ) لِإِمْكَانِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ يَرْجُو إقْرَارَهُ لَوْ أَحْضَرَهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَعَرَضَهُ عَلَيْهِ وَجَبَ إحْضَارُهُ، هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ. .

أَمَّا الزَّكَاةُ لَوْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ أَدَائِهَا وَظَفِرَ الْمُسْتَحِقُّونَ بِجِنْسِهَا فَلَيْسَ لَهُمْ الْأَخْذُ وَإِنْ انْحَصَرُوا لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ قَدْرَهَا وَنَوَى وَعَلِمُوا ذَلِكَ جَازَ لِلْمَحْصُورِينَ أَخْذُهَا بِالظَّفْرِ حِينَئِذٍ، وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ لَهَا بِمَا ذُكِرَ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ الْإِخْرَاجَ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ ادَّعَى مَنْ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ عَلَى الظَّافِرِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ كَذَا فَقَالَ: مَا أَخَذْتُ فَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا لَكِنَّهُ يَدَّعِي تَأْجِيلَهُ كَذِبًا وَلَوْ حُلِّفَ لَحَلَفَ فَلِلْمُسْتَحِقِّ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ مِمَّا يَظْفَرُ بِهِ أَوْ كَانَ مُقِرًّا لَكِنَّهُ ادَّعَى الْإِعْسَارَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَوْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَرَبُّ الدَّيْنِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُهُ عَلَى الْمُلْتَزِمِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ الْمَالَ مِلْكُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ مُنْكِرًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ لِجَوَازِ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَتَعَدَّى بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ أَوْ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَجْهًا وَاحِدًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا احْتَاطَ) أَيْ فَيَأْخُذُ مَا تَيَقَّنَ أَنَّ أَخْذَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَخُصُّهُ

(قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ) حَتَّى لَوْ مَاتَ مَنْ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِقِيَامِ وَارِثِهِ مَقَامَهُ خَاصًّا كَانَ أَوْ عَامًّا (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ) تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ فَصْلِ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْفَوْرِ عَنْ فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الزَّكَاةَ مَعَ الْإِفْرَازِ فَأَخَذَهَا صَبِيٌّ أَوْ كَافِرٌ وَدَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا أَوْ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ لِنَفْسِهِ ثُمَّ عَلِمَ الْمَالِكُ بِذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْهَا لِوُجُودِ النِّيَّةِ مِنْ الْمُخَاطَبِ بِالزَّكَاةِ مُقَارَنَةً لِفِعْلِهِ وَيَمْلِكُهَا الْمُسْتَحِقُّ، لَكِنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ بِذَلِكَ وَجَبَ إخْرَاجُهَا اهـ وَهُوَ خِلَافُ مَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّارِحُ، وَقَدْ قَدَّمَ فِي ذَلِكَ الْفَصْلِ نَقْلَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا عَنْ بَعْضِهِمْ وَرَدَّهُ بِمَا أَشَرْنَا فِي هَوَامِشِهِ إلَى الْبَحْثِ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ سم عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ لِجَوَازِ أَنَّ مَا هُنَا فِي مُجَرَّدِ عَدَمِ جَوَازِ أَخْذِ الْمُسْتَحِقِّ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ لَهُ إبْدَالُ مَا مَيَّزَهُ لِلزَّكَاةِ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ حَيْثُ أَخَذَهُ بَعْدَ تَمْيِيزِ الْمَالِكِ وَنِيَّتِهِ وَإِنْ أَثِمَ بِالْأَخْذِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى مَنْ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَإِنَّهُ حِينَ أَخَذَهُ كَانَ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِالطَّرِيقِ الْآتِي بَعْدُ فَكَيْفَ سَاغَ لَهُ الْحَلِفُ، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَنْوِي أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِهِ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ الْأَخْذَ مِنْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ فِي فَصْلِ سَنِّ تَغْلِيظِ يَمِينٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ: فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُصَدِّقًا) لَعَلَّهُ بِمَعْنَى مُعْتَقِدًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَيِّتٍ) أَيْ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَعَرَضَهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْيَمِينَ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا، إلَى قَوْلِهِ: وَجَبَ إحْضَارُهُ) أَيْ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ فَلَهُ الْأَخْذُ اسْتِقْلَالًا

(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُمْ الْأَخْذُ وَإِنْ انْحَصَرُوا لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا كَاَلَّذِي بَعْدَهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الزَّكَاةِ مَا دَامَتْ مُتَعَلِّقَةً بِعَيْنِ الْمَالِ.

أَمَّا لَوْ انْتَقَلَ تَعَلُّقُهَا لِلذِّمَّةِ بِأَنْ أَتْلَفَ الْمَالَ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِعَيْنِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا تَصِيرُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فَيُجْرَى فِيهَا حُكْمُ الظَّرْفِ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ) أَيْ وَيَنْوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

ص: 335

يَعْلَمُ لَهُ مَالًا كَتَمَهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى بَيِّنَةٍ فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ وَلَوْ جَحَدَ قَرَابَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوْ ادَّعَى الْعَجْزَ عَنْهَا كَاذِبًا أَوْ أَنْكَرَ الزَّوْجِيَّةَ فَعَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ قُوتَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ مِمَّا يَظْفَرُ بِهِ (وَإِذَا جَازَ الْأَخْذُ) ظَفْرًا (فَلَهُ كَسْرُ بَابٍ وَنَقْبُ جِدَارٍ) لِغَرِيمِهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ كَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ وَحَجْرِ فَلَسٍ وَوَصِيَّةٍ كَمَا مَرَّ (لَا يَصِلُ إلَى الْمَالِ إلَّا بِهِ) لِأَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا اسْتَحَقَّ الْوُصُولَ إلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَدَفْعِ الصَّائِلِ وَلَوْ كَانَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيًّا لَمْ يَجُزْ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَيَمْتَنِعُ النَّقْبُ وَنَحْوُهُ فِي غَيْرِ مُتَعَدٍّ لِنَحْوِ صِغَرٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي غَائِبٍ مَعْذُورٍ وَإِنْ جَازَ الْأَخْذُ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله مَا لَوْ كَانَ الَّذِي لَهُ تَافِهَ الْقِيمَةِ أَوْ اخْتِصَاصًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (ثُمَّ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ جِنْسِ حَقِّهِ (يَتَمَلَّكُهُ) بَدَلًا عَنْهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إنَّمَا يَجُوزُ لِمَنْ يَقْصِدُ أَخْذَ حَقِّهِ بِلَا شَكٍّ وَلِهَذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: لَوْ أَخَذَهُ لِيَكُونَ رَهْنًا بِحَقِّهِ لَمْ يَجُزْ وَإِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ مُقَارِنًا لِلْأَخْذِ كَفَى وَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ: فَإِنْ قَصَدَ أَخْذَهُ عَنْ حَقِّهِ مَلَكَهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ فَإِذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ انْتَهَى وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ: فَمَعْنَى يَتَمَلَّكُهُ يَتَمَوَّلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِصِفَتِهِ أَوْ صِفَةٍ أَدْوَنَ، وَالثَّانِي عَلَى غَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ غَيْرِ الصِّفَةِ بِأَنْ كَانَ بِصِفَةٍ أَرْفَعَ إذْ هُوَ كَغَيْرِ الْجِنْسِ فِيمَا يَأْتِي فِيهِ، (وَ) الْمَأْخُوذُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْجِنْسِ أَوْ مِنْهُ وَهُوَ بِصِفَةٍ أَرْفَعَ كَمَا تَقَرَّرَ (يَبِيعُهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ لِأَجْنَبِيٍّ لَا لِنَفْسِهِ اتِّفَاقًا أَيْ وَلَا لِمَحْجُورِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِامْتِنَاعِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ وَلِلتُّهْمَةِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ عِلْمُ الْقَاضِي بِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ لِمُؤْنَةٍ وَمَشَقَّةٍ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ إذْنُهُ (وَقِيلَ: يَجِبُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَنْوِي بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَالِ الْمَكْتُومِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ قُوتَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ) هَذَا وَاضِحٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سُهُولَةُ الْأَخْذِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مَا يَكْفِيهِ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ سُهُولَةِ الْأَخْذِ فِيهَا (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الْوُصُولَ إلَيْهِ) وَمِنْ لَازِمِهِ جَوَازُ السَّبَبِ فِيمَا يُوصَلُ إلَيْهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ وَجَدَ مَا يَأْخُذُهُ.

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَهَلْ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ لِبِنَائِهِ عَلَى ظَنٍّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُوِّزَ لَهُ ذَلِكَ لِلتَّوَصُّلِ بِهِ إلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ وَحَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فِي فِعْلِهِ وَعَدَمُ الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ (قَوْلُهُ: وُكِّلَ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْكَسْرِ وَالنَّقْبِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي مُنَاوَلَتِهِ لَهُ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ وَلَا نَقْبٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ) أَيْ إنْ وَكَّلَ أَجْنَبِيًّا ضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ صِغَرٍ) أَيْ جُنُونٍ (قَوْلُهُ: تَافِهَ الْقِيمَةِ) أَيْ وَلَوْ أَقَلَّ مُتَمَوِّلٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ لِأَخْذِ الِاخْتِصَاصِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: مَلَكَهُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) مُرَادُهُ بِالْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِتَمَلُّكٍ، وَبِالثَّانِي الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِنَفْسِ الْأَخْذِ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي إفَادَةِ هَذَا الْمَعْنَى أَوْضَحُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَأْخُوذُ مِنْ غَيْرِهِ) مِنْهُ الْأَمَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا غَيْرُ جِنْسِهِ وَلَوْ أَمَةً فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِخْدَامُهَا وَالنَّظَرُ إلَيْهَا وَإِنْ خَافَ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ أَيْنَ مَرَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ) يَعْنِي الْوَكِيلَ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ التَّشْبِيهَ الَّذِي أَفَادَتْهُ الْكَافُ بِالنِّسْبَةِ لِشُمُولِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا ذُكِرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَقِبَ قَوْلِهِ أَوْ اخْتِصَاصًا (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ) يَعْنِي وَوَجْهُ مَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ، وَانْظُرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ بِلَا شَكٍّ وَمَا الدَّاعِي إلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ أَخَذَهُ لِيَكُونَ رَهْنًا بِحَقِّهِ لَمْ يَجُزْ) أَيْ فَإِنْ أَخَذَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَمْلِكْهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وإذَا وُجِدَ الْقَصْدُ مُقَارِنًا لِلْأَخْذِ كَفَى (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبَغَوِيّ: فَإِذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ) أَيْ إذَا وُجِدَ ذَلِكَ الْقَصْدُ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِكَلَامِ الْإِمَامِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لِامْتِنَاعِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) أَيْ هُنَا لِأَنَّ الْمَالَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ) يَعْنِي التَّمَلُّكَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) يَعْنِي مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ

ص: 336

دَفْعُهُ إلَى قَاضٍ يَبِيعُهُ) مُطْلَقًا كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ تَخْلِيصُ حَقِّهِ بِالْمُطَالَبَةِ وَالتَّقَاصِّ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ ثُمَّ إنْ كَانَ جِنْسُ حَقِّهِ تَمَلَّكَهُ وَإِلَّا اشْتَرَى جِنْسَ حَقِّهِ لَا بِصِفَةٍ أَرْفَعَ وَتَمَلَّكَهُ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقُّهُ دَرَاهِمَ صِحَاحًا فَظَفِرَ بِمُكَسَّرَةٍ فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَمَلُّكُهَا أَوْ مُكَسَّرَةً فَظَفِرَ بِصِحَاحٍ جَازَ أَخْذُهَا لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَلَا يَمْتَلِكُهَا وَلَا يَشْتَرِي بِهَا مُكَسَّرَةً لَا مُتَفَاضِلًا لِلرِّبَا وَلَا مُتَسَاوِيًا لِأَنَّهُ يَجْحَفُ بِالْمَأْخُوذِ مِنْهُ لَكِنْ يَبِيعُ صِحَاحَ الدَّرَاهِمِ بِدَنَانِيرَ وَيَشْتَرِي بِهَا دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً وَيَتَمَلَّكَهَا (وَالْمَأْخُوذُ) مِنْ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ (مَضْمُونٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْآخِذِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِحَظِّ نَفْسِهِ (فِي الْأَصَحِّ فَيَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ) أَيْ الْجِنْسِ (وَ) قَبْلَ (بَيْعِهِ) أَيْ غَيْرِ الْجِنْسِ، بَلْ وَيَضْمَنُ ثَمَنَهُ أَيْضًا إنْ تَلِفَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ شِرَاءِ الْجِنْسِ بِهِ فَلْيُبَادِرْ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ أَخَّرَ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ ضَمِنَ النَّقْصَ، وَلَوْ نَقَصَتْ وَارْتَفَعَتْ وَتَلِفَ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ لِمَالِكِهِ وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ لِلتَّوَثُّقِ وَالتَّوَصُّلِ بِهِ إلَى الْحَقِّ فَأَشْبَهَ الرَّهْنَ، وَإِذْنُ الشَّرْعِ فِي الْأَخْذِ يَقُومُ مَقَامَ إذْنِ الْمَالِكِ.

وَ (لَا يَأْخُذُ) الْمُسْتَحِقُّ (فَوْقَ حَقِّهِ إنْ أَمْكَنَ الِاخْتِصَارُ) عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، فَإِنْ زَادَ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ عَدَمِ أَخْذِ الزِّيَادَةِ ضَمِنَهَا وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ فَرَأَى ثَوْبًا بِمِائَتَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ الزِّيَادَةَ لِعُذْرِهِ وَيَقْتَصِرُ فِيمَا يَتَجَزَّأُ عَلَى بَيْعِ قَدْرِ حَقِّهِ وَكَذَا فِي غَيْرِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا بَاعَ الْكُلَّ ثُمَّ يَرُدُّ الزَّائِدَ لِمَالِكِهِ بِنَحْوِ هِبَةٍ إنْ أَمْكَنَهُ وَإِلَّا أَمْسَكَهُ إلَى الْإِمْكَانِ.

(وَلَهُ أَخْذُ مَالِ غَرِيمِ غَرِيمِهِ) كَأَنْ يَكُونَ لِزَيْدٍ مَثَلًا عَلَى عَمْرٍو دَيْنٌ وَلِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ مِثْلُهُ فَلِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ بَكْرٍ مَالَهُ عَلَى عَمْرٍو، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ عَمْرٍو وَإِقْرَارُ بَكْرٍ لَهُ وَلَا جُحُودُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اطِّلَاعِ مَالِكِهَا عَلَيْهَا إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ بَيْعُهَا فِي غَيْرِ مَحَلَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا، وَبِفَرْضِ تَعَذُّرِ ذَلِكَ فَهُوَ نَادِرٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ كَانَ جِنْسُ حَقِّهِ تَمَلَّكَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِحَظِّ نَفْسِهِ) كَالْمُسْتَامِ اهـ مَحَلِّيٌّ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: فَيَضْمَنُهُ بِأَقْصَى قِيَمِهِ كَالْمَغْصُوبِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَالْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي يَعْنِي مَا فِي الْمَتْنِ وَكَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْأَوَّلِ بَدَلَ الثَّانِي وَبِالْعَكْسِ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ قَوْلِهِ عَلَى غَيْرِ الْجِنْسِ وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي هَذَا الْجَمْعِ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ.

وَأَعْلَمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ اتِّحَادُ هَذَا الْقِسْمِ مَعَ الْقِسْمِ الثَّانِي الْآتِي وَضَيَاعُ تَفْصِيلِ الْمَتْنِ وَالسُّكُوتُ عَنْ حُكْمِ مَا إذَا كَانَ بِصِفَةِ حَقِّهِ أَوْ بِصِفَةٍ أَدْوَنَ فَالْوَجْهُ مَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ غَيْرُ حَاصِلٍ مَا أَفَادَهُ هَذَا الْجَمْعُ الَّذِي اسْتَوْجَهَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ ادَّعَى الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّهُ مُفَادُهُ وَحَاصِلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِتَيَسُّرِ عِلْمِهِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِصِفَةٍ أَرْفَعَ وَتَمْلِكُهُ) اُنْظُرْ هَلْ التَّمَلُّكُ هُنَا عَلَى ظَاهِرِهِ، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدَ الْمَتْنِ إنَّ تَلِفَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ شِرَاءِ الْجِنْسِ إلَخْ إرَادَةُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَتَمْلِكُهَا) يَعْنِي تَمَوُّلَهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مِنْ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ) نَظَرَ فِيهِ ابْنُ قَاسِمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِنْسِ لِمَا مَرَّ مِنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّلَفُ قَبْلَ التَّمَلُّكِ، قَالَ: إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّمَلُّكِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ التَّمَوُّلُ كَمَا مَرَّ فَهُوَ دَفْعٌ لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ يَبْقَى حَقُّهُ، قَالَ: وَلَا يُفِيدُهُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا كَانَ بِصِفَةٍ أَرْفَعَ لِأَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي: أَيْ وَهُوَ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعِهِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَتِمُّ قَوْلُهُ الْآتِي مَعَ الْمَتْنِ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ: أَيْ الْجِنْسِ وَقَبْلَ بَيْعِهِ: أَيْ غَيْرِ الْجِنْسِ اهـ بِالْمَعْنَى

(قَوْلُهُ: وَلِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ مِثْلُهُ) هَلْ الْمُرَادُ الْمِثْلِيَّةُ فِي أَصْلِ الدَّيْنِيَّةِ لَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ أَوْ حَقِيقَةُ الْمِثْلِيَّةِ بِحَيْثُ يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ لَوْ ظَفِرَ بِهِ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ، وَإِذَا قُلْنَا بِالثَّانِي فَهَلْ لَهُ أَخْذُ غَيْرِ الْجِنْسِ مِنْ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ

ص: 337

بَكْرٍ اسْتِحْقَاقَ زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَكَأَصْلِهَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ بِالْأَخْذِ وَتَنْزِيلُ مَالِ الثَّانِي مَنْزِلَةَ مَالِ الْأَوَّلِ، كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَكِنْ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ رَدُّ عَمْرٍو تَبَعًا لِمَا فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ الْمُعْتَمَدَةِ وَوَقَعَ فِي غَيْرِهَا حَذْفُهَا وَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ إثْبَاتِهَا، وَعَلَى الْإِثْبَاتِ يَبْقَى الْمَعْنَى وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْأَخْذِ رَدُّ عَمْرٍو، وَالْحَالُ أَنَّ بَكْرًا أَقَرَّ لَهُ، فَلَوْ رَدَّ عَمْرٌو قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ دَيْنًا عَلَى بَكْرٍ وَوَافَقَهُ بَكْرٌ عَلَى رَدِّ عَمْرٍو لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ بَكْرٍ شَيْئًا لِعَدَمِ الْمُقْتَضَى، وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ بِالْأَخْذِ فِي الْأَخْذِ تَكَلُّفٌ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: لَا يَمْنَعُ مِنْ الْأَخْذِ رَدُّ عَمْرٍو إقْرَارَ بَكْرٍ فُهِمَ بِالْإِشَارَةِ أَنَّهُ لَمَّا إنْ كَانَ رَدُّ عَمْرٍو إقْرَارَ بَكْرٍ لَا يَمْنَعُ عِلْمَ أَنَّ عَمْرًا عَلِمَ بِالْأَخْذِ.

وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ وَلَا جُحُودُ بَكْرٍ دَيْنَ زَيْدٍ أَنَّ بَكْرًا يَعْلَمُ بِأَخْذِ زَيْدٍ حَتَّى يَجْحَدَ دَيْنَهُ وَأَنَّ لَهُ الْأَخْذَ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ قَدْ يَعْلَمُ الْآخِذُ قَبْلَ أَخْذِهِ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْآخِذِ قَبْلَ عِلْمِهِمَا نَعَمْ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قِيَاسِهِمْ أَخْذُ غَرِيمِ الْغَرِيمِ عَلَى أَخْذِ الْغَرِيمِ وَأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْقِيَاسِ الْمُسَاوَاةُ فَقِيَاسُ أَخْذٍ عَلَى أَخْذٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ تَسَاوَى الْأَخْذَانِ فَاَلَّذِي يُسَاوِي أَخْذَ مَنْ جَاحَدَ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ مُقِرٌّ مُمْتَنِعٌ إلَى آخِرِهِ فَإِذَا كَانَ فِي أَخْذِ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ ضَرَرٌ عَلَى زَيْدٍ لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْغَرِيمِ وَغَرِيمِ الْغَرِيمِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ مَرَّتَيْنِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِأَخْذِ زَيْدٍ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ عَمْرٌو بِالْأَخْذِ مِنْ بَكْرٍ فَإِنَّ عَمْرًا يُطَالِبُ بَكْرًا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَتَأَتَّى انْدِفَاعُ الضَّرَرِ إلَّا بِعِلْمِهِمَا بِالْأَخْذِ وَحَيْثُ عَلِمَا بِهِ يُسَاوِي أَخْذَ مَالِ الْغَرِيمِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَخْذَيْنِ مُوَصِّلٌ لِلْحَقِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، وَأَيْضًا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَنْزِيلُ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ بِقَوْلِهِ مَالُ الْغَرِيمِ وَالْأَخْذُ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ وَأَنَّ جَوَازَهُ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِهِ جَاحِدًا أَوْ مُمَاطِلًا فَلْيَكُنْ الْمَقِيسُ مِثْلَهُ، فَإِذَا أُخِذَ بِإِطْلَاقِهِ جَوَازُ أَخْذِ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ لَمْ يُنَزَّلْ مَالُهُ مَنْزِلَةَ مَالِ الْغَرِيمِ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ اللُّزُومِ زِيَادَةُ إيضَاحٍ وَإِلَّا فَالتَّصْوِيرُ الْمَذْكُورُ يُعْلَمُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ.

أَمَّا عِلْمُ الْغَرِيمِ فَمِنْ قَوْلِهِمْ وَإِنْ رَدَّ عَمْرٌو إقْرَارَ بَكْرٍ لَهُ وَأَمَّا عِلْمُ غَرِيمِ غَرِيمِهِ فَمِنْ قَوْلِهِمْ أَوْ جَحَدَ بَكْرٌ إلَخْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْغَرِيمُ قَدْ لَا يَعْلَمُ بِالْأَخْذِ فَيَأْخُذُ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْأَخْذِ مَرَّتَيْنِ وَغَرِيمُهُ قَدْ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْغَرِيمُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَا بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ فَالتَّشْبِيهُ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ الضَّمَانِ اهـ عُبَابٌ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ) أَيْ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ عَلِمَا بِهِ يُسَاوِي أَخْذَ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ)(قَوْلُهُ: فَلْيَكُنْ الْمَقِيسُ مِثْلَهُ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ كَسْرَ بَابِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَنَقْبَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَتَنْزِيلُ مَالِ الثَّانِي مَنْزِلَةَ مَالِ الْأَوَّلِ) أَيْ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ صَاحِبِهِ جَاحِدًا وَلَا بَيِّنَةَ إلَخْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ) أَيْ لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ وَوَافَقَ بَكْرًا إلَخْ) وَكَذَا إذَا كَانَ الرَّادُّ بَكْرًا فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَمَّا إنْ كَانَ رَدَّ عَمْرٍو إلَخْ) هُوَ مُجَرَّدُ تَكْرِيرٍ لِمَا قَبْلَهُ فَالْأَصْوَبُ حَذْفُهُ إلَى قَوْلِهِ أَنَّ عَمْرًا عَلِمَ بِالْأَخْذِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ) أَيْ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: إذْ قَدْ يُعْلَمُ الْأَخْذُ قَبْلَ أَخْذِهِ) لَمْ أَفْهَمْ لِهَذَا مَعْنًى فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) لَيْسَ فِي نُسَخِ الشَّرْحِ لِهَذَا الشَّرْطِ جَوَابٌ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَنْزِيلُ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ إلَخْ) أَيْ حَسَبَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالْأَخْذُ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ) اُنْظُرْ مَعْنَاهُ وَمَا هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِهِ جَاحِدًا أَوْ مُمَاطِلًا) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ الْمَارِّ.

وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ عَمْرٍو إقْرَارَ بَكْرٍ لَهُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) هَذَا كَلَامٌ لَا مَعْنَى لَهُ هُنَا إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ ذِكْرُ لُزُومٍ، ثُمَّ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالتَّصْوِيرُ الْمَذْكُورُ يُعْلَمُ مِنْهُ إلَخْ هُوَ عَيْنُ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الشَّارِحِ الْجَلَالِ وَتَعَقَّبَهُ بِمَا مَرَّ.

وَعُذْرُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا نَقَلَ الْكَلَامَ الْمُتَقَدِّمَ عَمَّنْ نَقَلَهُ عَنْهُ

ص: 338

فَيُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ أَيْضًا، وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِالْعِلْمِ فَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ) وَيُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُهُ مُعَيَّنًا مَعْصُومًا مُكَلَّفًا أَوْ سَكْرَانَ وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فَيَقُولُ وَوَلِيِّي يَسْتَحِقُّ تَسَلُّمَهُ (مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ) وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الْمُتَّصِفُ بِمَا مَرَّ (مَنْ يُوَافِقُهُ) وَلِذَلِكَ جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَى الْمُنْكِرِ لِيَنْجَبِرَ ضَعْفُ جَانِبِ الْمُدَّعِي بِقُوَّةِ حُجَّتِهِ وَضَعْفِ حُجَّةِ الْمُنْكِرِ بِقُوَّةِ جَانِبِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُحْوِجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُطَالِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُجَّتِهِ إذَا تَخَاصَمَا، وَقِيلَ الْمُدَّعِي مَنْ لَوْ سَكَتَ خُلِّيَ وَلَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَا يُخَلَّى وَلَا يَكْفِيهِ السُّكُوتُ، فَإِذَا طَالَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِحَقٍّ فَأَنْكَرَ فَزَيْدٌ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ مِنْ بَرَاءَةِ عَمْرٍو وَلَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَعَمْرٌو يُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ، وَلَوْ سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَزَيْدٌ مُدَّعٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَخْتَلِفُ مُوجِبُهُمَا غَالِبًا، وَقَدْ يَخْتَلِفُ كَالْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ.

(فَإِذَا)(أَسْلَمَ زَوْجَانِ قَبْلَ وَطْءٍ فَقَالَ) الزَّوْجُ: (أَسْلَمْنَا مَعًا فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَقَالَتْ) الزَّوْجَةُ: بَلْ أَسْلَمْنَا (مُرَتَّبًا) فَلَا نِكَاحَ (فَهُوَ مُدَّعٍ) لِأَنَّ وُقُوعَ الْإِسْلَامِيِّينَ مَعًا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا وَالثَّانِي هِيَ مُدَّعِيَةٌ لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ تُرِكَتْ وَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَوْ سَكَتَ لِزَعْمِهَا انْفِسَاخَ النِّكَاحِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ وَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ، وَعَلَى الثَّانِي يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ، وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِاعْتِضَادِهِ بِقُوَّةِ جَانِبِ الزَّوْجِ بِكَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَ الْعِصْمَةِ وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَسْلَمْتِ قَبْلِي فَلَا نِكَاحَ بَيْنَنَا وَلَا مَهْرَ لَك وَقَالَتْ: بَلْ أَسْلَمْنَا مَعًا صُدِّقَ فِي الْفُرْقَةِ بِلَا يَمِينٍ وَفِي الْمَهْرِ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَصُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهَا لَا تُتْرَكُ بِالسُّكُوتِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ سُقُوطَ الْمَهْرِ، فَإِذَا سَكَتَتْ وَلَا بَيِّنَةَ جُعِلَتْ نَاكِلَةً وَحَلَفَ هُوَ وَسَقَطَ الْمَهْرُ.

وَالْأَمِينُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ مُدَّعٍ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ الرَّدَّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ يَدَهُ لِغَرَضِ الْمَالِكِ وَقَدْ ائْتَمَنَهُ فَلَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

جِدَارِهِ (قَوْلُهُ: مَعْصُومًا) خَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي هِيَ مُدَّعِيَةٌ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فِي تَعْرِيفِ الْمُدَّعِي

(قَوْلُهُ: وَالْأَمِينُ) كَالْمُودِعِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

ذَكَرَ بَعْدَهُ كَلَامَ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ بِرُمَّتِهِ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ فَوَقَعَ لَهُ مَا ذُكِرَ.

وَحَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ التَّصْوِيرَ الْمَارَّ أَوَّلَ السِّوَادَةِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَأَنْ يَكُونَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو إلَخْ، قَالَ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ: وَشَرَطَ الْمُتَوَلِّي أَنْ لَا يَظْفَرَ بِمَالِ الْغَرِيمِ وَأَنْ يَكُونَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ جَاحِدًا مُمْتَنِعًا أَيْضًا، إلَى أَنْ قَالَ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ خَشِيَ أَنَّ الْغَرِيمَ يَأْخُذُ مِنْهُ ظُلْمًا لَزِمَهُ فِيمَا يَظْهَرُ إعْلَامُهُ لِيَظْفَرَ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ اللُّزُومِ: أَيْ فِي قَوْلِهِ لَزِمَهُ فِيمَا يَظْهَرُ إعْلَامُهُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ شَارِحٌ وَهُوَ زِيَادَةُ إيضَاحٍ، وَإِلَّا فَالتَّصْوِيرُ الْمَذْكُورُ يُعْلَمُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ أَمَّا عِلْمُ الْغَرِيمِ إلَى آخِرِهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا فَاعْلَمْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُهُ مُعَيَّنًا) لَعَلَّهُ يَخْرُجُ بِهِ مَا إذَا قَالَ جَمَاعَةٌ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَثَلًا نَدَّعِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ ضَرَبَ أَحَدَنَا أَوْ قَذَفَهُ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ مَعْصُومًا الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ غَيْرُ الْمَعْصُومِ عَلَى الْإِطْلَاقِ: أَيْ الَّذِي لَيْسَ لَهُ جِهَةُ عِصْمَةٍ أَصْلًا وَهُوَ الْحَرْبِيُّ لَا غَيْرُ كَمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ حَوَاشِي ابْنِ قَاسِمٍ: أَيْ بِخِلَافِ مَنْ لَهُ عِصْمَةٌ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِمِثْلِهِ كَالْمُرْتَدِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّيْخِ خَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ فَيُقَالُ عَلَيْهِ أَيْ فَرْقٌ بَيْنَ الْمُرْتَدِّ وَنَحْوِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِصْمَةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ) فِي هَذَا قُصُورٌ إذْ هُوَ خَاصٌّ بِالْأَمْوَالِ فَلَا يَتَأَتَّى فِي مِثْلِ دَعْوَى النِّكَاحِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِفُ بِمَا مَرَّ) أَيْ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ التَّكْلِيفُ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي تَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْجَوَابُ وَالْحَلِفُ وَإِلَّا فَنَحْوُ الصَّبِيِّ يُدَّعَى عَلَيْهِ لَكِنْ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ) يَعْنِي كَوْنَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينِ عَلَى

ص: 339

يَحْسُنُ تَكْلِيفُهُ بَيِّنَةَ الرَّدِّ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي لَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَفِي التَّحَالُفِ كُلٌّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ لِاسْتِوَائِهِمَا.

(وَمَتَى ادَّعَى نَقْدًا) خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا وَلَوْ دَيْنًا (اُشْتُرِطَ) فِيهِ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَ النَّقْدُ غَالِبَ نَقْدِ الْبَلَدِ (بَيَانُ جِنْسٍ وَنَوْعٍ وَقَدْرٍ وَصِحَّةٍ وَ) هِيَ بِمَعْنَى أَوْ (تُكْسَرُ) وَغَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الصِّفَاتِ (إذَا اخْتَلَفَتْ بِهِمَا قِيمَةٌ) كَأَلْفِ دِرْهَمٍ فِضَّةً خَالِصَةً أَوْ مَغْشُوشَةً أُطَالِبُهُ بِهَا إذْ شَرْطُ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً، وَمَا كَانَ وَزْنُهُ مَعْلُومًا كَالدِّينَارِ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِوَزْنِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فِي الْمَغْشُوشِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ، وَزَعْمُ الْبُلْقِينِيِّ وُجُوبَهُ فِيهِ مُطْلَقًا غَيْرُ صَحِيحٍ أَمَّا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ بِهِمَا قِيمَةٌ فَلَا يَجِبُ ذِكْرُهَا إلَّا فِي دَيْنِ السَّلَمِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. .

وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى رَبِّ دَيْنٍ عَلَى مُفْلِسٍ ثَبَتَ فَلَسُهُ أَنَّهُ وَجَدَ لَهُ مَالًا مَا لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهُ كَإِرْثٍ وَاكْتِسَابٍ وَقَدْرِهِ.

وَمَنْ لَهُ غَرِيمٌ غَائِبٌ اُعْتُبِرَ أَنْ يَقُولَ: لِي غَرِيمٌ غَائِبٌ غَيْبَةً شَرْعِيَّةً وَلِي بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِذَلِكَ.

(أَوْ) ادَّعَى (عَيْنًا) حَاضِرَةً بِالْبَلَدِ يُمْكِنُ إحْضَارُهَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ أَوْ غَائِبَةً كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (تَنْضَبِطُ) بِالصِّفَاتِ مِثْلِيَّةً أَوْ مُتَقَوِّمَةً (كَحَيَوَانٍ) وَحُبُوبٍ (وَصَفَهَا بِصِفَةِ السَّلَمِ) وُجُوبًا فِي الْمِثْلِيِّ وَنَدْبًا فِي الْمُتَقَوِّمِ مَعَ وُجُوبِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ فِيهِ لِعَدَمِ تَأَتِّي التَّمْيِيزِ الْكَامِلِ بِدُونِهَا (وَقِيلَ: يَجِبُ مَعَهَا ذِكْرُ الْقِيمَةِ) احْتِيَاطًا، وَيَجِبُ ذِكْرُ الْجِنْسِ فَيَقُولُ عَبْدٌ: قِيمَتُهُ مِائَةٌ.

وَلَوْ غَصَبَ مِنْهُ غَيْرُهُ عَيْنًا فِي بَلَدٍ ثُمَّ لَقِيَهُ فِي آخَرَ وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَلِنَقْلِهَا مُؤْنَةٌ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: ذَكَرَ قِيمَتَهَا وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ لِأَنَّهَا الْمُسْتَحَقَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَإِذَا رَدَّ الْعَيْنَ رَدَّ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَفْسِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُصَرِّحَ فِي مَذْبُوحَةٍ وَحَامِلٍ بِأَنَّ قِيمَتَهَا مَذْبُوحَةً أَوْ حَامِلًا كَذَا، وَمَرَّ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مَا يَجِبُ ذِكْرُهُ فِي الْعَقَارِ وَالدَّعْوَى فِي مُسْتَأْجِرٍ عَلَى الْأَجِيرِ وَإِنْ كَانَ لَا يُخَاصِمُ لِأَنَّهُ بِيَدِهِ الْآنَ دُونَ مُؤَجِّرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِرَفْعِ يَدِهِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِرَفْعِ يَدِ مُدَّعِي الْمِلْكِ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِهِ، وَخَرَجَ بِتَنْضَبِطُ غَيْرُهُ كَالْجَوَاهِرِ فَيُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَهِيَ بِمَعْنَى أَوْ) أَيْ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَتُكْسَرُ

(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ أَنْ يَقُولَ) أَيْ فِي سَمَاعِ دَعْوَاهُ عَلَى غَرِيمِهِ الْغَائِبِ

(قَوْلُهُ: رَدَّ الْقِيمَةَ) أَيْ لِأَنَّ أَخْذَهَا كَانَ لِلْحَيْلُولَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَامِلًا كَذَا) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ فَاسِقًا حَيْثُ ذَكَرَ قَدْرًا لَائِقًا (قَوْلُهُ: وَالدَّعْوَى) أَيْ مِنْ ثَالِثٍ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَجِيرِ: أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ دَيْنًا) هُوَ غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَغْشُوشًا وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ النَّقْدَ الْمَغْشُوشَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: إنْ اخْتَلَفَ بِهِمَا) يَعْنِي بِالصِّحَّةِ وَالتَّكَسُّرِ

(قَوْلُهُ: مَعَ وُجُوبِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ فِيهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ تَضْعِيفٌ لِإِطْلَاقِ الْمَتْنِ عَدَمَ وُجُوبِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ فَلَا يَنْسَجِمُ مَعَ قَوْلِهِ وَقِيلَ يَجِبُ مَعَهَا ذِكْرُ الْقِيمَةِ، فَكَانَ الْأَصْوَبُ خِلَافُ هَذَا الصَّنِيعِ عَلَى أَنَّهُ نَاقَضَ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا هُنَا لِأَنَّ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ ذِكْرُ الشَّيْءِ فِي بَابِهِ وَهُوَ هُنَاكَ تَابِعٌ لِابْنِ حَجَرٍ، وَأَيْضًا فَقَدْ جَزَمَ بِهِ هُنَا جَزَمَ الْمَذْهَبُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَأَيْضًا فَمِنْ الْمُرَجَّحَاتِ تَأَخُّرُ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ ذِكْرُ الْجِنْسِ) يَعْنِي فِي الْمُتَقَوِّمِ بِقَرِينَةِ التَّمْثِيلِ وَإِلَّا فَالْمِثْلُ يَجِبُ فِيهِ أَوْصَافُ السَّلَمِ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْجِنْسُ (قَوْلُهُ فَيَقُولُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمَتْنِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ) أَيْ فَحُكْمُهَا حُكْمُ التَّالِفِ لِمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ، لَكِنَّ هَذَا لَا مَوْقِعَ لَهُ مَعَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ مِنْ ذِكْرِ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا، وَكَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ الْمَوْجُودَ لَا يَجِبُ فِيهِ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ هَذِهِ الصُّورَةُ وَيَجْعَلُهَا فِي حُكْمِ التَّالِفِ كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ سِيَاقُهُمْ لِكَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ، فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ هَذِهِ لِدُخُولِهَا فِي كَلَامِهِمْ وَإِيهَامٌ وَإِيرَادُهَا بَعْدَهُ مُخَالَفَتُهَا لَهُ، وَأَمَّا قَوْلُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَفَى ذِكْرُهَا: أَيْ الْقِيمَةِ وَحْدَهَا فَهُوَ غَيْرُ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِتَنْضَبِطُ غَيْرُهُ كَالْجَوَاهِرِ فَيُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) هَذَا بِإِطْلَاقِهِ لَا يَتَأَتَّى عَلَى مُعْتَمَدِهِ مِنْ ذِكْرِ الْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَالدَّعْوَى فِي مُسْتَأْجِرٍ عَلَى الْأَجِيرِ)

ص: 340

فَيَقُولُ: جَوْهَرٌ قِيمَتُهُ كَذَا وَيُقَوَّمُ بِفِضَّةٍ سَيْفٌ مُحَلَّى بِذَهَبٍ كَعَكْسِهِ وَبِأَحَدِهِمَا إنْ حُلِّيَ بِهِمَا.

(فَإِنْ) تَلِفَتْ الْعَيْنُ (وَهِيَ مُتَقَوِّمَةٌ) بِكَسْرِ الْوَاوِ (وَجَبَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) مَعَ الْجِنْسِ كَمَا مَرَّ كَعَبْدٍ قِيمَتُهُ كَذَا، وَقَدْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ كَوَصِيَّةٍ وَإِقْرَارٍ وَدِيَةٍ وَغُرَّةٍ وَمَمَرٍّ وَمَجْرَى مَاءٍ بِمِلْكِ الْغَيْرِ، بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ تَحْدِيدِهِ إنْ لَمْ يَنْحَصِرْ حَقُّهُ فِي جِهَةٍ مِنْهُ، بَلْ قَدْ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا مَجْهُولَةً وَذَلِكَ فِيمَا يَتَوَقَّفُ تَعْيِينُهُ عَلَى الْقَاضِي كَفَرْضِ مَهْرٍ وَمُتْعَةٍ وَحُكُومَةٍ وَرَضْخٍ، وَيُعْتَبَرُ فِي الدَّعْوَى أَيْضًا كَوْنُهَا مُلْزَمَةً كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ لَازِمًا فَلَا تُسْمَعُ بِدَيْنٍ حَتَّى يَقُولَ وَهُوَ مُمْتَنِعُ أَدَائِهِ، وَلَا بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إقْرَارٍ حَتَّى يَقُولَ: وَقَبَضْتُهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ أَوْ أَقْبِضْنِيهِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَوْ الْمُقِرَّ التَّسْلِيمُ إلَيَّ وَيَزِيدُ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ وَهَا هُوَ ذَا أَوْ وَالثَّمَنُ مُؤَجَّلٌ، وَلَا بِرَهْنٍ بِأَنْ قَالَ: وَهَذَا مِلْكِي رَهَنْتُهُ مِنْهُ بِكَذَا إلَّا إنْ قَالَ: وَأَحْضَرْتُهُ فَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيَّ إذَا قَبَضَهُ،.

وَأَخَذَ الْغَزِّيِّ مِنْ ذَلِكَ عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَى الْمُؤَجِّرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالْعَيْنِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمٌ إلَيَّ رُدَّ بِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ التَّصَرُّفَ فِي الرَّقَبَةِ فَيَمْنَعُهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِدَعْوَى الْمِلْكِ فَيُتَّجَهُ صِحَّةُ دَعْوَاهُ وَأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ بَيْعِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ وَأَنْ لَا يُنَاقِضَهَا دَعْوَى أُخْرَى، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَنْ أَثْبَتَ إعْسَارَهُ وَأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِمَالٍ لَهُ لِأَنَّهُ إنْ أَطْلَقَهُ فَوَاضِحٌ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ، وَإِنْ أَرَّخَهُ بِزَمَنٍ قَبْلَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ فَلِأَنَّ الْمَالَ الْمَنْفِيَّ فِيهِ مَا يَجِبُ الْأَدَاءُ مِنْهُ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ.

وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى دَائِنٍ مَيِّتٍ عَلَى مَنْ تَحْتَ يَدِهِ مَالٌ لِلْمَيِّتِ مَعَ حُضُورِ الْوَارِثِ، فَإِنْ غَابَ أَوْ كَانَ قَاصِرًا وَالْأَجْنَبِيُّ مُقِرٌّ بِهِ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُوفِيَهُ مِنْهُ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَالْأَجْنَبِيُّ مُقِرٌّ بِهِ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُنْكِرًا لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَالْقِيَاسُ سَمَاعُهَا لِيُوَفِّيَهُ الْقَاضِي حَقَّهُ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

اُنْظُرْهُ مَعَ مَا يَأْتِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ لِمَنْ تُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ انْصَرَفَتْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ، وَلَعَلَّ هَذَا مُقَيِّدٌ لِذَاكَ فَيَكُونُ مَحَلُّ ذَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ حَقٌّ لَازِمٌ فِيهَا، بِخِلَافِ نَحْوِ الْأَجِيرِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَوْ جَعَلْنَا الدَّعْوَى عَلَى الْمُؤَجِّرِ لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِخْلَاصُ الْعَيْنِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ إنْ كُنْت مَالِكًا فَقَدْ أَجَرْتنِي فَلَيْسَ لَك أَخْذُ الْعَيْنِ حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ كُنْت غَيْرَ مَالِكٍ لَهَا فَلَا سَلَاطَةَ لَك عَلَيْهَا، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مِثْلُهُ نَحْوَ الْمُرْتَهِنِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَبِأَحَدِهِمَا إنْ حُلِّيَ بِهِمَا) أَيْ لِلضَّرُورَةِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا يَقُومُ بِالْآخَرِ.

وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَهُمَا فِي الدَّعْوَى وَيُقَوَّمَ بِغَيْرِ الْجِنْسِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنَّ كَلَامَهُمْ فِيمَا إذَا جَهِلَ حَقِيقَةَ مِقْدَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَمَّا لَوْ عَلِمَهُ فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ اهـ.

وَيَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ بِالضَّرُورَةِ

(قَوْلُهُ: مَعَ الْجِنْسِ كَمَا مَرَّ) يَعْنِي فِي الْمُتَقَوِّمَةِ غَيْرِ التَّالِفَةِ بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِهِ، فَالْمُتَقَوِّمُ حِينَئِذٍ حُكْمُهُ وَاحِدٌ بَاقِيًا كَانَ أَوْ تَالِفًا حَاضِرًا بِالْبَلَدِ أَوْ غَائِبًا يَنْضَبِطُ أَوْ لَا يَنْضَبِطُ (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ تَحْدِيدِهِ) أَيْ مِلْكِ الْغَيْرِ، وَعِبَارَةُ رَوْضَةِ الْحُكَّامِ، لِشُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ: لَوْ ادَّعَى حَقًّا لَا يَتَمَيَّزُ مِثْلَ مَسِيلِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِ جَارِهِ مِنْ دَارِهِ أَوْ مُرُورِهِ فِي دَارِ غَيْرِهِ مُجْتَازًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِهِ إحْدَى الدَّارَيْنِ إنْ كَانَتَا مُتَّصِلَتَيْنِ فَيَدَّعِي أَنَّ لَهُ دَارًا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَذْكُرَ الْحَدَّ الَّذِي يَنْتَهِي إلَى دَارِ خَصْمِهِ ثُمَّ يَقُولُ وَأَنَا أَسْتَحِقُّ إجْرَاءَ الْمَاءِ مِنْ دَارِي هَذِهِ عَلَى سَطْحِ دَارِ فُلَانٍ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِّهَا الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي مَثَلًا إلَى الطَّرِيقِ الْفُلَانِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارَانِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ حُدُودِ الدَّارَيْنِ انْتَهَتْ.

وَمَا صَوَّرَ بِهِ هُوَ مِنْ الْحَقِّ الْمُنْحَصِرِ فِي جِهَةٍ فَلِذَلِكَ احْتَرَزَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْحَصِرْ إلَخْ، فَإِذَا لَمْ يَنْحَصِرْ فِي جِهَةٍ يَكْفِي تَحْدِيدُ الْمِلْكِ الَّذِي فِيهِ الْمُرُورُ أَوْ الْإِجْرَاءُ وَهُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَى إذَا قَبَضَهُ) اُنْظُرْ هَلَّا قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا.

(قَوْلُهُ: رَدَّ بِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ التَّصَرُّفَ إلَخْ) هَذَا لَا يُلَاقِي كَلَامَ الْغَزِّيِّ لِأَنَّ فَرْضَ كَلَامِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فِي الدَّعْوَى الْمَطْلُوبِ فِيهَا تَحْصِيلُ الْحَقِّ وَهِيَ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِلْزَامُ، وَأَمَّا

ص: 341

وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ السُّبْكِيّ لِلْوَصِيِّ وَالدَّائِنِ الْمُطَالَبَةُ بِالْحُقُوقِ: أَيْ بِالرَّفْعِ لِلْقَاضِي لِيُوفِيَهُمَا مِمَّا ثَبَتَ لَهُ، وَلَوْ ادَّعَى وَلَمْ يَقُلْ: سَلْ جَوَابَ دَعْوَايَ أَوْ نَحْوَهُ جَازَ لِلْقَاضِي سُؤَالُهُ وَلَهُ اسْتِفْصَالُهُ عَنْ وَصْفٍ أَطْلَقَهُ لَا عَنْ شَرْطٍ أَهْمَلَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ حَتَّى يُصَحِّحَ دَعْوَاهُ كَمَا مَرَّ.

وَلَيْسَ لَهُ سَمَاعُ الدَّعْوَى بِعَقْدٍ أُجْمِعَ عَلَى فَسَادِهِ إلَّا لِنَحْوِ رَدِّ الثَّمَنِ، وَلَهُ سَمَاعُهَا بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ لِيَحْكُمَ فِيهِ بِمَا يَرَاهُ، بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا إلَّا فِيمَا يَرَاهُ لِأَنَّهَا مُجَرَّدُ دَعْوَى فَتَبْطُلُ بِرَدِّهِ لَهَا، بِخِلَافِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْحُكْمِ بِإِبْطَالِهِ، وَبَحَثَ الْغَزِّيِّ سَمَاعَهُ فِيهَا إنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّ طَالِبَهَا يُعَارِضُنِي فِيمَا اشْتَرَيْتُهُ بِلَا حَقٍّ فَامْنَعْهُ مِنْ مُعَارَضَتِي، وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى بِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا.

(أَوْ) ادَّعَى رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ (نِكَاحًا) فِي الْإِسْلَامِ (لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ يَقُولُ نَكَحْتُهَا) نِكَاحًا صَحِيحًا (بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ) أَوْ سَيِّدٍ يَلِي نِكَاحَهَا أَوْ بِهِمَا فِي مُبَعَّضَةٍ (وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرِضَاهَا إنْ كَانَ يُشْتَرَطُ) لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَبِإِذْنِ وَلِيِّي إنْ كَانَ سَفِيهًا أَوْ سَيِّدِي إنْ كَانَ عَبْدًا لِأَنَّ النِّكَاحَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ الْآدَمِيِّ فَاحْتِيطَ لَهُ كَالْقَتْلِ بِجَامِعِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُمَا بَعْدَ وُقُوعِهِمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذِكْرُ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ كَرَضَاعٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَاهَا كَمُجْبَرَةٍ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا بَلْ لِمُزَوِّجِهَا مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ لِعِلْمِهَا بِهِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهَا وَالثَّانِي يَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَيَكُونُ التَّعَرُّضُ لِذَلِكَ مُسْتَحَبًّا كَمَا اكْتَفَى بِهِ فِي دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ السَّبَبِ بِلَا خِلَافٍ وَلِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ مَا وُجِدَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُرْشِدِ الْعَدْلُ، وَإِنَّمَا آثَرَهُ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي لَفْظِ خَبَرِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ» وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى وَصْفِ الشَّاهِدَيْنِ بِالْعَدَالَةِ لِانْعِقَادِهِ بِالْمَسْتُورِينَ وَتَنْفِيذُ الْقَاضِي لَمَّا شَهِدَا بِهِ مَا لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّزْكِيَةِ رُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي نِكَاحٍ غَيْرِ مُتَنَازَعٍ فِيهِ، أَمَّا الْمُتَنَازَعُ فِيهِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَتَعَيَّنَ مَا قَالُوهُ، وَقَوْلُ الْقَمُولِيِّ: وَلَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِمَّا تَحْتَ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ حَيْثُ أَثْبَتَهُ (قَوْلُهُ: جَازَ لِلْقَاضِي سُؤَالُهُ) أَيْ وَجَازَ لَهُ تَرْكُهُ، وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا إذَا سَأَلَهُ إيَّاهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْغَزِّيِّ) أَيْ الشَّرَفُ صَاحِبُ مَيْدَانِ الْفُرْسَانِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ) أَيْ الطَّالِبِ لِلْأَخْذِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا) أَيْ كَالْحَنَفِيِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الدَّعْوَى الْمَقْصُودُ مِنْهَا دَفْعُ النِّزَاعِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِلْزَامُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَهِيَ لَيْسَتْ مِنْ فَرْضِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فَتَأَمَّلْ، وَأَنْ لَا يُنَاقِضَهَا دَعْوَى أُخْرَى: أَيْ مِنْهُ أَوْ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا يَأْتِي

(قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ السُّبْكِيّ إلَخْ) وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَيْضًا حَمْلُ كَلَامِ السُّبْكِيّ عَلَى الْعَيْنِ وَأَنَّهُ تَجُوزُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْهُ الْوَارِثُ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ.

وَذَكَرَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّهُ بَحَثَ مَعَ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْحَمْلِ الْآتِي فَبَالَغَ فِي إنْكَارِهِ وَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ لِيُوَفِّيَهُ مِنْ الْعَيْنِ كَالدَّيْنِ إذَا كَانَا ثَابِتَيْنِ، وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْحُكْمِ بِإِبْطَالِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِخِلَافِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِإِبْطَالِهِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى بِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ الدَّعْوَى بِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، وَحِينَئِذٍ فَلْيُنْظَرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَتَبْطُلُ بِرَدِّهِ لَهَا

(قَوْلُهُ: أَوْ امْرَأَةٌ) كَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يَذْكُرَ صُورَةَ دَعْوَاهَا، وَإِلَّا فَاَلَّذِي فِي الْمَتْنِ إنَّمَا هُوَ صُورَةُ دَعْوَى الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ نَصُّهَا: لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الرَّبِّ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ، وَإِذَا وَقَعَ وَطْءٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذِكْرُ انْتِفَاعِ الْمَوَانِعِ) أَيْ تَفْصِيلًا وَإِلَّا فَقَدْ تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ نِكَاحًا صَحِيحًا (قَوْلُهُ: بَلْ لِمُزَوِّجِهَا) أَيْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ إذْ الْمُجْبَرَةُ تَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَيْهَا أَوْ عَلَى مُجْبِرِهَا، وَانْظُرْ حِينَئِذٍ مَا مَعْنَى تَعَرُّضِهِ لَهُ، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةً فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي نِكَاحٍ غَيْرِ مُتَنَازَعٍ فِيهِ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدَالَةِ فِي قَوْلِهِمْ: وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ، لَكِنْ فِي حَوَاشِي

ص: 342

يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ إلَّا إنْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ بِالْإِجْبَارِ غَيْرُ صَحِيحٍ، نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ الثَّانِي عَلَى حَالَةِ عَدَمِ التَّنَازُعِ، أَمَّا نِكَاحُ الْكُفَّارِ فَيَكْفِي فِيهِ الْإِطْلَاقُ مَا لَمْ يَذْكُرْ اسْتِمْرَارَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَيَذْكُرُ شُرُوطَ تَقْرِيرِهِ.

وَلَوْ ادَّعَتْ زَوْجِيَّةَ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ فَحَلَفَتْ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ ثَبَتَتْ زَوْجِيَّتُهَا وَوَجَبَتْ مُؤْنَتُهَا وَحَلَّ لَهُ إصَابَتُهَا لِأَنَّ إنْكَارَ النِّكَاحِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمَحَلُّ حِلِّ إصَابَتِهَا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ إنْ صُدِّقَ فِي الْإِنْكَارِ (فَإِنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (أَمَةً) أَيْ بِهَا رِقٌّ (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ ذِكْرِ) مَا مَرَّ مَعَ ذِكْرِ إسْلَامِهَا إنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَ (الْعَجْزُ عَنْ طُولِ) أَيْ مَهْرٍ لِحُرَّةٍ (وَخَوْفِ عَنَتٍ) وَأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَهُ مَنْ تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ كَمَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِعَدَمِ الْمَوَانِعِ. .

وَلَوْ أَجَابَتْ دَعْوَاهُ لِلنِّكَاحِ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ مِنْ مُنْذُ سَنَةٍ فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا زَوْجَتُهُ مِنْ شَهْرٍ حُكِمَ بِهَا لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهَا نِكَاحُهُ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الطَّلَاقُ لَا حُكْمَ لِلنِّكَاحِ الثَّانِي.

(أَوْ) ادَّعَى (عَقْدًا مَالِيًّا كَبَيْعٍ) وَلَوْ سَلَمًا (وَهِبَةً) وَلَوْ لِأَمَةٍ (كَفَى الْإِطْلَاقُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ دُونَ النِّكَاحِ فِي الِاحْتِيَاطِ، نَعَمْ يُعْتَبَرُ لِإِثْبَاتِ صِحَّةِ كُلِّ عَقْدٍ نِكَاحٌ أَوْ غَيْرُهُ مَعَ مَا مَرَّ وَصْفُهُ بِالصِّحَّةِ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَالنِّكَاحِ فَيَقُولُ تَعَاقَدْنَاهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَنَحْنُ جَائِزَا التَّصَرُّفِ وَتَفَرَّقْنَا عَنْ تَرَاضٍ. .

وَاعْلَمْ أَنَّهُ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الدَّعْوَى بِنَحْوِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ دُونَ الْمُسْتَحِقِّ وَإِنْ حَضَرَ فَفِي وَقْفٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: بِنَحْوِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ) أَيْ الطَّلَبِ بِتَخْلِيصِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ فَهُوَ الْمُدَّعِي، وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ طَلَبٌ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

ابْنِ قَاسِمٍ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ مَا نَصُّهُ: هُوَ شَامِلٌ لِمَسْتُورَيْ الْعَدَالَةِ لِانْعِقَادِهِ بِهِمَا.

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ وَإِنْ صَحَّتْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِهِ إلَّا إنْ ثَبَتَتْ الْعَدَالَةُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدَالَةِ الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ.

وَعَلَيْهِ فَلَا يَرِدُ بَحْثُ الْبُلْقِينِيِّ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ (قَوْلُهُ نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ الثَّانِي إلَخْ) لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَعَلَّ قَوْلَهُ الثَّانِي مُحَرَّفٌ عَنْ الْأَوَّلِ، وَهُوَ كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ الَّذِي هُوَ أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ لِكَلَامِ الْقَمُولِيِّ: أَيْ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِتَنْفِيذِ الْقَاضِي الَّذِي ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ التَّنْفِيذِ الَّذِي لَمْ تَتَقَدَّمْهُ خُصُومَةٌ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَهُ مَنْ تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَيْهِ بَعْدَ ذِكْرِ خَوْفِ الْعَنَتِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ لِأَمَةٍ) أَيْ أَنَّهُ وَهَبَهُ إيَّاهَا: أَيْ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهَا كَالنِّكَاحِ بِجَامِعِ خَطَرِ الْوَطْءِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى النَّاظِرِ دُونَ الْمُسْتَحِقِّ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَى ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ بَحَثَ فِيهِ مَعَ الشَّارِحِ فَتَوَقَّفَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ أَبْدَلْت لَفْظَ عَلَى بِلَفْظِ مِنْ اهـ.

وَأَقُولُ: لَا خَفَاءَ فِي فَهْمِ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُصَوَّرُ بِهِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ يَسْتَوْلِي عَلَى الرِّيعِ دُونَ بَعْضٍ، فَهَذَا الَّذِي لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ اسْتِحْقَاقُهُ لَا يَدَّعِي بِهِ إلَّا عَلَى النَّاظِرِ دُونَ الْمُسْتَحِقِّ الْمُسْتَوْلِي، وَأَمَّا تَغْيِيرُ عَلَى بِمِنْ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَغْيِيرُ مَوْضُوعِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَأَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْهُ، ثُمَّ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْ الْمُسْتَحِقِّ إذَا لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ كَأَحَدِ الْأَوْلَادِ فَقَدْ نَقَلَ الشَّارِحُ نَفْسُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ التَّوْشِيحِ سَمَاعَ دَعْوَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ كَأَنْ كَانَ يَسْتَحِقُّ فِي رِيعِ نَحْوِ مَسْجِدٍ لِعَمَلِهِ فِيهِ، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ قَاسِمٍ نَفْسُهُ فِي بَابِ الْحَوَالَةِ مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى السَّاكِنِ إذَا سَوَّغَهُ لِلنَّاظِرِ عَلَيْهِ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْوِيرُ الدَّعْوَى عَلَى النَّاظِرِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ نَاظِرُ نَحْوِ مَسْجِدٍ بِرِيعٍ لِلْمَسْجِدِ فِي الْوَقْفِ الَّذِي هُوَ نَاظِرٌ عَلَيْهِ، وَكَانَ تَوَقُّفُ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ الْمَذْكُورُ هُوَ الَّذِي حَمَلَ شَيْخَنَا عَلَى حَمْلِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ بِنَحْوِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ: أَيْ الطَّلَبُ بِتَخْلِيصِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ فَهُوَ الْمُدَّعِي وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ طَلَبٌ اهـ.

مَعَ أَنَّ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا

ص: 343

عَلَى مُعَيَّنِينَ مَشْرُوطٌ لِكُلٍّ مِنْهُمْ النَّظَرُ عَلَى حِصَّتِهِ يُعْتَبَرُ حُضُورُهُمْ وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ عَلَيْهِمْ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عِنْدَهُ فَالدَّعْوَى عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الدَّعْوَى عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ مَعَ حُضُورِ بَاقِيهِمْ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ سَمَاعُهَا عَلَى الْبَعْضِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، نَعَمْ لَا يَحْكُمُ إلَّا بَعْدَ إعْلَامِ الْجَمِيعِ بِالْحَالِ، وَأَطَالَ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى لِمَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ تَحْتَ نَظَرِ الْحَاكِمِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ ثُمَّ اسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ دَعْوَى أَصْلًا وَلَا عَلَى نَائِبِهِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَدَّعِي وَمَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفٍ أَوْ مَالٍ نَحْوُ يَتِيمٍ أَوْ بَيْتِ مَالٍ، وَتَخْصِيصُهُ نَصْبَ ذَلِكَ بِالْقَاضِي الشَّافِعِيِّ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فِي تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِالنَّظَرِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا الْآنَ فَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَنَفِيِّ دُونَ غَيْرِهِ فَلْيَخْتَصَّ ذَلِكَ بِهِ.

(وَمَنْ)(قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) بِحَقٍّ (لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي) عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ مُدَّعَاهُ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ حُجَّةٍ بَعْدَ قِيَامِ حُجَّةٍ وَلِأَنَّهُ كَالطَّعْنِ فِي الشُّهُودِ وَلِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البقرة: 282] نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَدِينِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِإِعْسَارِهِ لِجَوَازِ أَنَّ لَهُ مَالًا بَاطِنًا كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِعَيْنٍ وَقَالُوا: لَا نَعْلَمُهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَلِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهَا مَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ.

وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً ثُمَّ قَالَ: لَا تَحْكُمُ حَتَّى تُحَلِّفَهُ فَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ بُطْلَانَ بَيِّنَتِهِ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهَا مِمَّا لَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِهَا، وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ ظُهُورَ إقْدَامِهِ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي كَلَامِهِ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ.

(فَإِنْ)(ادَّعَى) عَلَيْهِ (أَدَاءً) لَهُ (أَوْ إبْرَاءً) مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ (أَوْ شِرَاءَ عَيْنٍ) مِنْهُ (أَوْ هِبَتَهَا وَإِقْبَاضَهَا) أَيْ أَنَّهُ وَهَبَهُ إيَّاهَا وَأَقْبَضَهَا لَهُ (حَلَّفَهُ) أَيْ مُدَّعِي نَحْوِ الْأَدَاءِ (عَلَى نَفْيِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ مَا تَأَدَّى مِنْهُ الْحَقُّ وَلَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا بَاعَهُ لَهُ وَلَا وَهَبَهُ إيَّاهُ: نَعَمْ إنْ ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُحَلِّفْهُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ بِالْحُكْمِ، كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. .

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ لَا يُلَائِمُهُ مَا فِي الشَّرْحِ بَعْدَهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ حُضُورُهُمْ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ حُضُورُهُمْ وَالدَّعْوَى عَلَيْهِمْ أَوْ مُجَرَّدُ الْحُضُورِ، وَعَلَى الثَّانِي فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ النَّاظِرُ الْقَاضِيَ الْمَذْكُورَ بَعْدُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ مَعَ حُضُورِ بَاقِيهِمْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ الْأَوْجُهُ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ سَمَاعُهَا عَلَى الْبَعْضِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ غَيْبَةِ الْبَاقِينَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا بَعْدَهُ: أَيْ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَحْكُمُ إلَّا بَعْدَ إعْلَامِ الْجَمِيعِ) تَقَدَّمَتْ لَهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي فَصْلٍ فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ، لَكِنَّ عِبَارَتَهُ هُنَاكَ: وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ حُضُورُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِ الْحَاضِرِ انْتَهَتْ.

وَبَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ مُبَايَنَةٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَدَّعِي) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى لِمَنْ ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ وَمَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ: أَيْ فِيمَا إذَا كَانُوا مُدَّعًى عَلَيْهِمْ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَدِينِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ هُوَ يَسَارَهُ، وَبِهَذَا فَارَقَتْ هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مَا سَيَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ ادَّعَى أَدَاءً أَوْ إبْرَاءً إلَخْ، فَلَا يُقَالُ كَانَ مِنْ حَقِّ الشَّارِحِ تَأْخِيرُ اسْتِثْنَاءِ هَاتَيْنِ عَمَّا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ: لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ) حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَبِعَ شَرْحَ الرَّوْضِ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ فَذِكْرُ الْخَصْمِ فِيهَا ظَاهِرٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي يُحَلِّفُهُ لِلْحَاكِمِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْحُكْمِ فَالتَّعْبِيرُ بِخَصْمِهِ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي دَعْوَاهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ وُقُوعَهُ قَبْلَ

ص: 344

عَنْ الْبَغَوِيّ، وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ نَفْعَ خَصْمِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي الْكِتَابِ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ لَا دَافِعَ لَهُ وَلَا مَطْعَنَ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا مِنْ نِسْيَانٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ التَّحْلِيفُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ وَغَيْرِهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي قَبْلَ ذَلِكَ، أَمَّا مَعَ شَاهِدِهِ أَوْ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَى وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى إبْرَاءٍ مِنْ الدَّعْوَى لِأَنَّهُ بَاطِلٌ.

(وَكَذَا لَوْ)(ادَّعَى) خَصْمُهُ (عِلْمَهُ بِفِسْقِ شَاهِدِهِ) أَوْ نَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا يُبْطِلُ الشَّهَادَةَ (أَوْ كَذِبِهِ) فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ لَهُ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ كُلَّ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَنَفَعَ خَصْمَهُ لِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِهِ. نَعَمْ لَا يَتَوَجَّهُ حَلِفٌ عَلَى شَاهِدٍ أَوْ قَاضٍ ادَّعَى كَذِبَهُ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ نَفْعَهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَسَادٍ عَامٍّ، وَلَوْ نَكَلَ عَنْ هَذِهِ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ، وَمَرَّ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّ لِلْمُقِرِّ تَحْلِيفَ الْمُقَرِّ لَهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَشْهَدَ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ، وَلَوْ أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْنٍ بِلَا أَمْنَعُك مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمَنْعُ وَلَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا حَلَفَ أَنَّهَا حِينَ قَوْلِهِ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ بِيَدِهِ.

(وَإِذَا)(اسْتَمْهَلَ) مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَيْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ (لِيَأْتِيَ بِدَافِعٍ)(أُمْهِلَ) وُجُوبًا لَكِنْ بِكَفِيلٍ وَإِلَّا رُسِمَ عَلَيْهِ إنْ خِيفَ هَرَبُهُ وَذَلِكَ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ الدَّافِعَ، فَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْهُ وَجَبَ اسْتِفْسَارُهُ حَيْثُ كَانَ عَامِّيًّا لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِدُ مَا لَيْسَ بِدَافِعٍ دَفْعًا (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ لَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ فِيهَا، فَإِنْ احْتَاجَ فِي إثْبَاتِهِ إلَى سَفَرٍ مُكِّنَ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثَّلَاثِ، وَلَوْ أَحْضَرَ بَعْدَ الْإِمْهَالِ الْمَذْكُورِ شُهُودَ الدَّافِعِ أَوْ شَاهِدًا أَوْ أَحَدًا أُمْهِلَ ثَلَاثًا أُخْرَى لِلتَّعْدِيلِ أَوْ التَّكْمِيلِ، وَلَوْ عَيَّنَ جِهَةً وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَى أُخْرَى عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُهْلَةِ وَاسْتَمْهَلَ لَهَا لَمْ يُمْهَلْ أَوْ أَثْنَاءَهَا أُمْهِلَ بَقِيَّتَهَا فَقَطْ.

(وَلَوْ)(ادَّعَى رِقَّ بَالِغٍ) عَاقِلٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ وَلَوْ سَكْرَانَ (فَقَالَ: أَنَا حُرٌّ) بِالْأَصَالَةِ وَهُوَ رَشِيدٌ وَلَمْ يَسْبِقْ إقْرَارُهُ بِالْمِلْكِ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْجُعَالَةِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ، وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرِّقِّ عَلَى بَيِّنَةِ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ مَعَ الْأُولَى زِيَادَةَ عِلْمٍ بِنَقْلِهَا عَنْ الْأَصْلِ، كَذَا أَطْلَقَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَحَكَى الْهَرَوِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْحُرِّيَّةِ أَوْلَى خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَكَذَا قَالَ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ. .

أَمَّا لَوْ اعْتَرَفَ بِالرِّقِّ وَادَّعَى زَوَالَهُ كَأَعْتَقَنِي هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، وَإِذَا ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ الْأَصْلِيَّةُ بِقَوْلِهِ رَجَعَ مُشْتَرِيهِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ لِبِنَائِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ.

(أَوْ) ادَّعَى (رِقَّ صَغِيرٍ) أَوْ مَجْنُونٍ كَبِيرٍ (لَيْسَ فِي يَدِهِ) وَكَذَّبَهُ صَاحِبُ الْيَدِ (لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا كَعِلْمِ قَاضٍ وَيَمِينٍ مَرْدُودَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ (أَوْ فِي يَدِهِ) أَوْ يَدِ غَيْرِهِ وَصَدَّقَهُ (حُكِمَ لَهُ بِهِ إنْ) حَلَفَ لِعِظَمِ خَطَرِ الْحُرِّيَّةِ، وَ (لَمْ يَعْرِفْ اسْتِنَادَهَا) فِيهِمَا (إلَى الْتِقَاطٍ) وَلَا أَثَرَ لِإِنْكَارِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ لِأَنَّ الْيَدَ حُجَّةٌ، بِخِلَافِ الْمُسْتَنِدَةِ لِلِالْتِقَاطِ لِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ ظَاهِرًا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ، وَذَكَرَ ذَلِكَ هُنَا تَتْمِيمًا لِأَحْوَالِ الْمَسْأَلَةِ فَلَا تَكْرَارَ.

(وَلَوْ)(أَنْكَرَ الصَّغِيرُ وَهُوَ مُمَيِّزٌ) كَوْنَهُ قِنَّهُ (فَإِنْكَارُهُ لَغْوٌ) لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِ (وَقِيلَ كَبَالِغٍ) لِأَنَّهُ يَعْرِفُ نَفْسَهُ، وَكَذَا لَا يُؤَثِّرُ إنْكَارُهُ بَعْدَ كَمَالِهِ لِأَنَّهُ حُكِمَ بِرِقِّهِ فَلَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الرشيدي]

شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا: أَيْ وَبَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا) أَيْ فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَافِعَ لَهُ وَلَا مَطْعَنَ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ) يَعْنِي مِنْ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ إنْ أَسْنَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ إلَى مَا بَعْدَ حَلِفِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: خَصْمُهُ) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَكُنْ بِيَدِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ.

(إنْ خِيفَ هَرَبُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ عَامِّيًّا) هُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ إلَخْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَ ذَلِكَ، فَغَيْرُ الْعَامِّيِّ يُمْهَلُ وَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ.

ص: 345

إلَّا بِحُجَّةٍ.

(وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إلْزَامٌ وَمُطَالَبَةٌ فِي الْحَالِ، نَعَمْ إنْ كَانَ بَعْضُهُ حَالًّا وَادَّعَى بِجَمِيعِهِ لِيُطَالِبَهُ بِمَا حَلَّ وَإِنْ قَلَّ وَيَكُونُ الْمُؤَجَّلُ تَبَعًا سُمِعَتْ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالثَّانِي تُسْمَعُ لِيُثْبِتَهُ فِي الْحَالِ وَيُطَالِبَهُ بِهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ. .

وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ صِحَّةَ الدَّعْوَى بِقَتْلِ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ عَلَى الْقَاتِلِ وَإِنْ اسْتَلْزَمَتْ الدِّيَةُ مُؤَجَّلَةً لِأَنَّ الْقَصْدَ ثُبُوتُ الْقَتْلِ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ دَعْوَى عَقْدٍ بِمُؤَجَّلٍ قُصِدَ بِهَا تَصْحِيحُ الْعَقْدِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مُسْتَحَقٌّ فِي الْحَالِ.

وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مُعْسِرٍ وَقَصَدَ إثْبَاتَهُ لِيُطَالِبَهُ إذَا أَيْسَرَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا، وَاعْتَمَدَهُ الْغَزِّيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ اقْتَضَى مَا قَرَّرْنَاهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ سَمَاعَهَا لِأَنَّ الْقَصْدَ إثْبَاتُهُ ظَاهِرًا مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَحِقًّا قَبَضَهُ حَالًّا بِتَقْدِيرِ يَسَارِهِ الْقَرِيبِ عَادَةً، وَمَرَّ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى أَنْ لَا يُنَافِيَهَا دَعْوَى أُخْرَى، وَمِنْهُ أَنْ لَا يُكَذِّبَ أَصْلَهُ.

فَلَوْ ثَبَتَ إقْرَارُ رَجُلٍ بِأَنَّهُ عَبَّاسِيٌّ فَادَّعَى فَرْعَهُ أَنَّهُ حَسَنِيٌّ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَةَ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ الثَّلَاثَةَ الْمَعْلُومَةَ مِمَّا سَبَقَ، وَهِيَ الْعِلْمُ وَالْإِلْزَامُ وَعَدَمُ الْمُنَاقَضَةِ مُعْتَبَرَةٌ فِي كُلِّ دَعْوَى، وَيَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَاشْتَرَيْتُهَا أَوْ اتَّهَبْتُهَا مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ يَمْلِكُهَا أَوْ سَلَّمَنِيهَا، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا يَمْلِكُهُ وَفِي الدَّعْوَى عَلَى الْوَارِثِ بِدَيْنٍ وَمَاتَ الْمَدِينُ وَخَلَّفَ تَرِكَةً تَفِي بِالدَّيْنِ أَوْ بِكَذَا مِنْهُ وَهُوَ بِيَدِ هَذَا وَهُوَ يَعْلَمُ الدَّيْنَ: أَيْ أَوْ لِي بِهِ بَيِّنَةٌ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا) مِنْ هَذَا يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا تَقَرَّرَ فِي نِظَارَةٍ عَلَى وَقْفٍ مِنْ أَوْقَافِ الْمُسْلِمِينَ فَوَجَدَهُ خَرَابًا، ثُمَّ إنَّهُ عَمَّرَهُ عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ بِهِ ثُمَّ سَأَلَ الْقَاضِيَ بَعْدَ الْعِمَارَةِ فِي نُزُولِ كَشْفٍ عَلَى الْمَحَلِّ وَتَحْدِيدِ الْعِمَارَةِ وَكِتَابَةِ حُجَّةٍ بِذَلِكَ فَأَجَابَهُ لِذَلِكَ وَعَيَّنَ مَعَهُ كَشَّافًا وَشُهُودًا وَمُهَنْدِسِينَ، فَقَطَعُوا قِيمَةَ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ نِصْفٍ وَأَخْبَرُوا الْقَاضِيَ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ حُجَّةً لِيَقْطَعَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مَعَالِيمَهُمْ وَيَمْنَعَ مَنْ يُرِيدُ أَخْذَ الْوَقْفِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمِقْدَارَ الْمَذْكُورَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِالْحُجَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجِيبُهُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ إذْ ذَاكَ وَلَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى، وَالْكِتَابَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِدَفْعِ مَا طُلِبَ مِنْهُ وَادُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْجُودًا هُنَا، وَطَرِيقُهُ فِي إثْبَاتِ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِمَا صَرَفَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا مَثَلًا، وَيَكُونُ ذَلِكَ جَوَابًا لِدَعْوَى مُلْزَمَةٍ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ يُصَدَّقُ فِيمَا صَرَفَهُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ ادَّعَى قَدْرًا لَائِقًا وَسَاغَ لَهُ صَرْفُهُ بِأَنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَأَذِنَ لَهُ الْقَاضِي فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ كَالْقَرْضِ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ، أَوْ كَانَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ أَنَّ لِلنَّاظِرِ اقْتِرَاضَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحَالُ مِنْ الْعِمَارَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَهُوَ صِحَّةُ الدَّعْوَى بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِهِمْ حَتَّى فِي الْمُتُونِ، فَلَا وَجْهَ لِإِسْنَادِهِ لِبَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُنْسَبُ لِلْبُلْقِينِيِّ التَّنْبِيهُ، عَلَى أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ إثْبَاتُهُ إلَخْ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقَصْدَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِقَوْلِهِ وَسَلَّمَنِيهَا عَنْ قَوْلِهِ وَكَانَ يَمْلِكُهَا.

ص: 346