المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل) في الحلف على السكنى والمساكنة وغيرهما مما يأتي - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٨

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ

- ‌كِتَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقَلُّ الْجِزْيَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى نَحْوِ خَيْلٍ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ

- ‌فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌بَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ]

- ‌فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَمَا يَلْزَمُ سَيِّدَ الْمُكَاتَب وَيُنْدَبُ لَهُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان مَا يحرم عَلَى سَيِّد الْمُكَاتَب]

- ‌[فَصَلِّ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ قَبْلَ مَحِلِّهَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ وَمَا تُوَافِقُ أَوْ تُبَايِنُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ

- ‌كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَةُ الْكِتَابِ]

الفصل: ‌فصل) في الحلف على السكنى والمساكنة وغيرهما مما يأتي

‌فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي

وَالْأَصْلُ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ تُحْمَلُ عَلَى حَقَائِقِهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَجَازُ مُتَعَارَفًا وَيُرِيدُ دُخُولَهُ فَيَدْخُلُ أَيْضًا، فَلَا يَحْنَثُ أَمِيرٌ حَلَفَ لَا يَبْنِي دَارِهِ وَأَطْلَقَ إلَّا بِفِعْلِهِ، وَلَا مَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَحَلَقَ غَيْرُهُ لَهُ بِأَمْرِهِ إذَا (حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا) أَيْ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارًا (أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا) وَهُوَ فِيهَا عِنْدَ الْحَلِفِ (فَلْيَخْرُجْ) مِنْهَا حَالًا بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقَامَةِ وَالسُّكْنَى فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ إنْ أَرَادَ عَدَمَ الْحِنْثِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ حَيْثُ كَانَ مُتَوَطِّنًا فِيهِ قَبْلَ حَلِفِهِ، فَلَوْ دَخَلَهُ لِنَحْوِ تَفَرُّجٍ فَحَلَفَ لَا يَسْكُنُهُ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا (فِي الْحَالِ) بِبَدَنِهِ فَقَطْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا

(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ تُحْمَلُ إلَخْ) وَعِبَارَةُ حَجّ زِيَادَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ: وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا الْأَصْلُ فِي الْبِرِّ وَالْحِنْثِ اتِّبَاعُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَقَدْ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّخْصِيصُ وَالتَّقْيِيدُ بِنِيَّةٍ تَقْتَرِنُ بِهِ أَوْ بِاصْطِلَاحٍ خَاصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ انْتَهَى.

وَهِيَ تُفِيدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ اللَّفْظَ تَارَةً يُحْمَلُ عَلَى مُقْتَضَاهُ وَذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَتَارَةً عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ، وَذَلِكَ إذَا تَعَارَفَ الْمَجَازُ وَأُرِيدَ دُخُولُهُ فِيهِ، وَتَارَةً عَلَى مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَذَلِكَ إذَا قُيِّدَ أَوْ خُصِّصَ بِقَرِينَةٍ أَوْ نِيَّةٍ أَوْ عُرْفٍ، وَمَفْهُومُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِاللَّفْظِ غَيْرَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَحْدَهُ مَجَازًا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ كَتَّانًا وَأَرَادَ الْقُطْنَ مَثَلًا وَكَانَ لَفْظُ الْكَتَّانِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْقُطْنِ مَجَازًا عَدَمُ قَبُولِ إرَادَتِهِ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

لَا يُقَالُ: مُقْتَضَى التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ أَنْ يَحْنَثَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا.

لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ حَيْثُ احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ عَلَى مَا مَرَّ، لَكِنْ سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: نَعَمْ إنْ نَوَى شَيْئًا مِمَّا مَرَّ حَنِثَ بِهِ، إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْحَقِيقَةِ وَعَلَيْهِ فَيَحْنَثُ بِالْقُطْنِ دُونَ الْكَتَّانِ إنْ ثَبَتَ اسْتِعْمَالُ الْقُطْنِ فِي الْكَتَّانِ مَجَازًا (قَوْلُهُ مُتَعَارَفًا) أَيْ مَشْهُورًا (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ أَيْضًا) أَيْ مَعَ الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ أَمِيرٌ) أَيْ مَثَلًا فَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَمِيرٍ أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ) أَيْ وَأَطْلَقَ أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُهُ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ حَنِثَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُهُ وَنَوَى بِغَيْرِهِ خَاصَّةً يَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَيُرِيدُ دُخُولَهُ إلَخْ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِالْغَيْرِ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ الِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا) أَيْ وَيَخْرُجُ حَالًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي]

فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى إلَخْ

(قَوْلُهُ: تُحْمَلُ عَلَى حَقَائِقِهَا) شَمَلَ الْحَقَائِقَ الْعُرْفِيَّةَ وَالشَّرْعِيَّةَ كَاللُّغَوِيَّةِ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَجَازَاتِهَا، وَأَمَّا إذَا تَعَارَضَتْ تِلْكَ الْحَقَائِقُ فَمِقْدَارٌ آخَرُ يَأْتِي فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَجَازُ مُتَعَارَفًا وَيُرِيدُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ تَعَارُفِهِ لَا يَكْفِي وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ تُهْجَرْ الْحَقِيقَةُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ الْمَجَازَ غَيْرَ الْمُتَعَارَفِ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادَهُ، وَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي الْفَصْلِ الْأَخِيرِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا يَنْكِحُ حَنِثَ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّ الْمَجَازَ الْمَرْجُوحَ يَصِيرُ قَوِيًّا بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ أَيْضًا) أَيْ مَعَ الْحَقِيقَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ وَحْدَهُ وَإِنْ أَرَادَهُ وَحْدَهُ أَيْضًا وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ أَيْضًا فِي الْفَصْلِ آخِرَ الْبَابِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ وَأَرَادَ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: حَالًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا)

ص: 186

وَإِنْ تَرَكَ أَمْتِعَتَهُ لِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ الْعَدْوَ، وَلَا الْخُرُوجَ مِنْ أَقْرَبِ الْبَابَيْنِ، نَعَمْ لَوْ عَدَلَ لِبَابِ السَّطْحِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ غَيْرِهِ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهُ بِصُعُودِهِ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ: أَيْ وَلَا نَظَرَ لِتَسَاوِي الْمَسَافَتَيْنِ وَلَا لِأَقْرَبِيَّةِ طَرِيقِ السَّطْحِ عَلَى مَا أَطْلَقَهُ لِأَنَّهُ بِمَشْيِهِ إلَى الْبَابِ آخِذٌ فِي سَبَبِ الْخُرُوجِ، وَبِالْعُدُولِ عَنْهُ إلَى الصُّعُودِ غَيْرُ آخِذٍ فِي ذَلِكَ عُرْفًا، أَمَّا خُرُوجُهُ بِغَيْرِ نِيَّةِ التَّحَوُّلِ فَيَحْنَثُ مَعَهُ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُسَمَّى سَاكِنًا أَوْ مُقِيمًا عُرْفًا (فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ) وَلَوْ لَحْظَةً وَهُوَ مُرَادُ الرَّوْضَةِ بِسَاعَةٍ، وَقَوْلُ الْغَزِّيِّ كَمَا لَوْ وَقَفَ لِيَشْرَبَ مَثَلًا يَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ مِثَالِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ شَرِبَهُ لِعَطَشٍ لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ عَادَةً كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُمْ (حَنِثَ وَإِنْ بَعَثَ مَتَاعَهُ) وَأَهْلَهُ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ سُكْنَاهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ إذْ السُّكْنَى تُطْلَقُ عَلَى الدَّوَامِ كَالِابْتِدَاءِ، فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَأَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ لَمْ يَحْنَثْ، وَجَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ ذَلِكَ ضِيقَ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْخُرُوجِ لَفَاتَتْهُ فَإِنْ طَرَأَ الْعَجْزُ بَعْدَ الْحَلِفِ فَكَالْمُكْرَهِ (وَإِنْ) نَوَى التَّحَوُّلَ لَكِنَّهُ (اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَجَمْعِ مَتَاعٍ وَإِخْرَاجِ أَهْلٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ) يَعْتَادُ لُبْسَهُ فِي الْخُرُوجِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا وَإِنْ طَالَ مَقَامُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ عَقِبَ حَلِفِهِ نَحْوُ مَرَضٍ مَنَعَهُ مِنْ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْرِجُهُ أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ لَوْ خَرَجَ فَمَكَثَ وَلَوْ لَيْلَةً أَوْ أَكْثَرَ فَلَا حِنْثَ، وَيُتَّجَهُ ضَبْطُ الْمَرَضِ هُنَا بِمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اقْتِصَارُهُ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ التَّحَوُّلِ، لَكِنْ مُقْتَضَى قَوْلِ ع الْآتِي: فَإِنْ أَرَادَ لَا أَتَّخِذُهَا مَسْكَنًا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْحِنْثِ اشْتِرَاطُ الْخُرُوجِ هُنَا حَالًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ) هَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنَّهُ يَأْخُذُ أَهْلَهُ وَأَمْتِعَتَهُ لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِأَخْذِهِمَا فَوْرًا (قَوْلُهُ: وَلَا الْخُرُوجُ مِنْ أَقْرَبِ الْبَابَيْنِ) أَيْ بِأَنْ يَقْصِدَهُ مِنْ مَحَلٍّ أَمَّا لَوْ مَرَّ عَلَيْهِ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَيَنْبَغِي الْحِنْثُ أَخْذًا مِمَّا عَلَّلَ بِهِ الْعُدُولُ إلَى السَّطْحِ مِنْ أَنَّهُ بِالْعُدُولِ عَنْهُ إلَى الصُّعُودِ غَيْرُ آخِذٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِبَابِ السَّطْحِ) أَوْ إلَى حَائِطٍ لِيَخْرُجَ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ قُبَالَتَهُ فَتَخُطَّاهَا مِنْ غَيْرِ عُدُولٍ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ غَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَبْعَدَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ ع: وَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّ الْمُكْثَ وَلَوْ قَلَّ يَضُرُّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: هُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ لَا أَمْكُثُ، فَإِنْ أَرَادَ لَا أَتَّخِذُهَا مَسْكَنًا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْحِنْثِ بِمُكْثِ نَحْوِ السَّاعَةِ اهـ.

أَقُولُ: لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِنَحْوِ السَّاعَةِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَّخِذُهَا مَسْكَنًا وَمَكَثَ مُدَّةً يَبْحَثُ فِيهَا عَنْ مَحَلٍّ يَسْكُنُ فِيهِ مَعَ عَدَمِ إرَادَةِ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى اتِّخَاذِهَا مَسْكَنًا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ إلَخْ خَرَجَ بِهِ الْإِطْلَاقُ فَيَحْنَثُ بِالْمُكْثِ وَإِنْ قَلَّ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ وَلَوْ لَحْظَةً وَهُوَ مُرَادُ الرَّوْضَةِ بِسَاعَةٍ وَقَوْلُ الْغَزِّيِّ كَمَا لَوْ وَقَفَ لِيَشْرَبَ مَثَلًا يَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ مِثَالِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ شُرْبُهُ لِعَطَشٍ لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ عَادَةً كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُمْ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ: لَفَاتَتْهُ) أَيْ كَامِلَةً حَجّ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَتَى خَافَ خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهَا عَنْ وَقْتِهَا لَوْ اشْتَغَلَ عُذِرَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْخَوْفُ مَوْجُودًا حَالَ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالِهِ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَإِنْ قَلَّ، وَقَوْلُهُ لَوْ خَرَجَ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ خَوْفُهُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ تَرْكِهِ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ حَمْلُهُ مَعَهُ أَوْ كَانَ الْخَوْفُ حَاصِلًا لَهُ سَوَاءٌ أَخَذَهُ أَوْ تَرَكَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ خَافَ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ لَاقَاهُ أَعْوَانُ الظُّلْمَةِ مَثَلًا فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ ذَلِكَ بِسَبَبِ خُرُوجِهِ فِي ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي تَحْنِيثِهِ بِالْمُكْثِ الْيَسِيرِ نَظَرٌ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا أَسْكُنُهُ لَا أَتَّخِذُهُ سَكَنًا انْتَهَى (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُمْ) الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ ذَكَرَ هَذَا قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَنِثَ مَعَ أَنَّ صَوَابَهُ ذَكَرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ فَكَالْمُكْرَهِ) أَيْ فِي الْخِلَافِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِذِكْرِ هَذَا فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِبَيَانِ مَسَائِلِ الْخِلَافِ بِخِلَافِ الشَّارِحِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ مَعَ أَنَّ فِي كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا مَا يُغْنِي عَنْهُ.

ص: 187

يَشُقُّ مَعَهُ الْخُرُوجُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ غَالِبًا.

نَعَمْ لَوْ أَمْكَنَهُ اسْتِئْجَارُ مَنْ يَحْمِلُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَوَجَدَهَا فَتَرَكَ ذَلِكَ حَنِثَ، وَقَلِيلُ الْمَالِ كَكَثِيرِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَلَوْ خَرَجَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا لِنَحْوِ عِيَادَةٍ أَوْ زِيَادَةٍ لَمْ يَحْنَثْ مَا دَامَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ زَائِرًا وَعَائِدًا عُرْفًا وَإِلَّا حَنِثَ، وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله عَدَمَ الْحِنْثِ بِمَقَامِهِ لِجَمْعِ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ بِمَا إذَا لَمْ تُمْكِنْهُ الِاسْتِنَابَةُ وَإِلَّا حَنِثَ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّاشِيُّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ وُجُودَ مَنْ لَا يَرْضَى بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ يَرْضَى بِهَا وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَبْقَى لَهُ مِمَّا مَرَّ فِي الْفَلْسِ كَالْعَدَمِ فَلَا يَحْنَثْ لِعُذْرِهِ

(وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا) بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ نَظِيرَ مَا مَرَّ (فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ) لِانْتِفَاءِ الْمُسَاكَنَةِ، إذْ الْمُفَاعَلَةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْمُكْثِ هُنَا لِعُذْرِ اشْتِغَالِهِ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَمَا مَرَّ (وَكَذَا لَوْ بُنِيَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ) مِنْ طِينٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلِكُلِّ جَانِبٍ مَدْخَلٌ فِي الْأَصَحِّ) لِاشْتِغَالِهِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمُحَرَّرَ، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْجُمْهُورِ الْحِنْثُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِحُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْبِنَاءُ بِفِعْلِ الْحَالِفِ أَوْ أَمْرِهِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْآخَرِ وَإِلَّا حَنِثَ قَطْعًا، وَإِرْخَاءُ السِّتْرِ بَيْنَهُمَا وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ مَانِعٌ مِنْ الْمُسَاكَنَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَلَيْسَ مِنْهَا تَجَاوُرُهُمَا بِبَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ وَإِنْ صَغُرَ وَاتَّحَدَ مَرَقَاهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِكُلٍّ بَابٌ وَلَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ إنْ كَانَ لِكُلٍّ بَابٌ وَغَلَّقَ، وَكَذَا لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِحُجْرَةٍ انْفَرَدَتْ بِجَمِيعِ مَرَافِقِهَا وَإِنْ اتَّحَدَتْ الدَّارُ وَالْمَمَرُّ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ عَمَّا لَوْ أَطْلَقَ الْمُسَاكَنَةَ فَإِنْ نَوَى مُعِينًا حُمِلَتْ يَمِينُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَنِثَ بِالْمُسَاكَنَةِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْوَقْتِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ غَلَبَةُ الظَّنِّ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مَرِيضًا) أَيْ حَالَ حَلِفِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ طَرَأَ إلَخْ، وَالرَّاجِحُ فِيهِ عَدَمُ الْحِنْثِ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِ الْحَلِفِ حَالَةَ الْعُذْرِ وَبَيْنَ طُرُوُّ الْعُذْرِ عَلَى الْحَلِفِ لَعَلَّهُ مِنْ حَيْثُ الْقَطْعُ وَالْخِلَافُ وَإِلَّا فَلَمْ يَظْهَرْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ إذْ الْحَلِفُ حَالَ الْمَرَضِ مَانِعٌ مِنْ الْحِنْثِ وَكَذَا لَوْ طَرَأَ فَالْحَالَانِ مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَمِنًا) أَيْ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْرِجُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ آيِسًا مِنْ الْخُرُوجِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِأَنْ قَطَعَ بِعَدَمِ تَيَسُّرِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ يَحْمِلُهُ) أَيْ أَوْ مَنْ يَحْرُسُ لَهُ مَالَهُ حَيْثُ وَثِقَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَوَجَدَهَا) أَيْ فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ فَضْلُهَا عَمَّا يَبْقَى لِلْمُفْلِسِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَقَلِيلُ الْمَالِ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ مُتَمَوِّلًا لِأَنَّهُ الَّذِي يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ مَالًا، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الْخَوْفِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ عُذْرٌ أَيْضًا إنْ كَانَ لَهُ وَقَعَ عُرْفًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَعَائِدًا عُرْفًا) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَحْلِفُ ثُمَّ يَأْتِي بِقَصْدِ الزِّيَارَةِ مَعَ نِيَّةِ أَنْ يُقِيمَ زَمَنَ النِّيلِ أَوْ رَمَضَانَ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى زِيَارَةً عُرْفًا فَيَحْنَثُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تُمْكِنُهُ الِاسْتِنَابَةُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ مِنْ الِاسْتِنَابَةِ ضَرَرًا وَمِنْهُ الْخَوْفُ عَلَى ظُهُورِ مَالِهِ مِنْ السُّرَّاقِ وَالظُّلْمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدِرُ) أَيْ الْحَالِفُ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهَا) أَيْ الْمُسَاكَنَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ صَغُرَ وَاتَّحَدَ مَرَقَاهُ) غَايَةٌ: أَيْ وَحُشُّهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَا سَاكِنَيْنِ فِيهَا قَبْلَ الْحَلِفِ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا بَيْنَ السُّكَّانِ فِي مَحَلَّةٍ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ فَيَحْلِفُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ مَا بَقِيَ يُسَاكِنُ صَاحِبَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَيُطْلِقُ وَيَكُونُ لِكُلٍّ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِهَا مَا ذُكِرَ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِاسْتِدَامَةِ السُّكْنَى وَإِنْ كَانَتْ الْقَرِينَةُ ظَاهِرَةً فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ السُّكْنَى عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْحَلِفِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ حَيْثُ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى نَفْيِ السُّكْنَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَقَوْلُهُ لَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ إنْ كَانَ لِكُلٍّ بَابٌ وَغَلْقٌ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ انْفِرَادِ الْمَرَافِقِ مَعَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّقْيِيدِ

ص: 188

كَانَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَأَطْلَقَ وَكَانَا فِي مَوْضِعَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَعُدُّهُمَا الْعُرْفُ مُتَسَاكِنَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ، أَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا وَعَمْرًا بَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا أَوْ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا لَمْ يَبَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا

(وَلَوْ)(حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا) أَيْ الدَّارَ (وَهُوَ فِيهَا أَوْ لَا يَخْرُجْ) مِنْهَا (وَهُوَ خَارِجٌ) قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: أَوْ لَا يَمْلِكُ هَذِهِ الْعَيْنَ وَهُوَ مَالِكُهَا فَاسْتَدَامَ مِلْكُهَا (فَلَا حِنْثَ بِهَا) لِأَنَّ حَقِيقَةَ الدُّخُولِ انْفِصَالُهُ مِنْ خَارِجٍ لِدَاخِلٍ وَالْخُرُوجُ عَكْسُهُ وَلَمْ يُوجَدَا فِي الِاسْتِدَامَةِ وَلِأَنَّهُمَا لَا يَتَقَدَّرَانِ بِمُدَّةٍ، نَعَمْ لَوْ نَوَى بِعَدَمِ الدُّخُولِ الِاجْتِنَابَ فَأَقَامَ أَوْ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ أَنْ لَا يَنْقُلَ أَهْلَهُ مَثَلًا فَنَقَلَهُمْ حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَطَهَّرُ أَوْ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَقُومُ أَوْ لَا يَقْعُدُ) أَوْ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا أَوْ لَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ (فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ)(حَنِثَ) لِتَقْدِيرِهَا بِزَمَانٍ تَقُولُ لَبِسْت يَوْمًا وَرَكِبْت لَيْلَةً وَشَارَكْته شَهْرًا وَكَذَا الْبَقِيَّةُ، وَإِذَا حَنِثَ بِاسْتِدَامَةِ شَيْءٍ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَاسْتَدَامَهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى لِانْحِلَالِ يَمِينِهِ الْأُولَى بِاسْتِدَامَتِهِ الْأُولَى،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلُ (قَوْلِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَأَطْلَقَ) وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي بَلَدِ كَذَا وَسَكَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَارٍ مِنْهَا فَلَا حِنْثَ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُمَا مُتَسَاكَنَيْنِ وَذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ

(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ لَا يَبِيتُ فِي بَلَدِ كَذَا فَخَرَجَ مِنْهَا قَاصِدًا الْمَبِيتَ فِي بَلَدٍ أُخْرَى، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهَا وَجَدَ فِيهَا شَرًّا فَخَافَ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْبَلَدَ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْهَا ضَرَرٌ فَرَجَعَ إلَى الْبَلَدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا وَبَاتَ فِيهَا فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ خَوْفًا شَدِيدًا وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْمَبِيتُ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ سِيَّمَا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْحِنْثِ لِكَوْنِ حَلِفِهِ مَحْمُولًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْمَبِيتِ فِي غَيْرِهَا مَانِعٌ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَمْلِكُ هَذِهِ الْعَيْنَ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي هَذَا وَلَا يَبِيعُهُ وَقَدْ سَبَقَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَلِفِ فَلَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ لَوْ أَرَادَ اجْتِنَابَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَدِيمُ الْمِلْكُ فِيهَا وَلَمْ يُوَافِقْهُ الْبَائِعُ عَلَى الْفَسْخِ مَثَلًا أَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ النَّقْلُ عَنْ مِلْكِهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُهَا وَأَرَادَ لَا يَسْتَدِيمُ الْمِلْكُ هَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَوْ لَا، وَهَلْ عَجْزُهُ عَمَّنْ يَشْتَرِي بِثَمَنِ الْمِثْلِ حَالًا فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَدِيمُ الْمِلْكُ عُذْرٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ الْقَوْلُ بِالْحِنْثِ فِيهِمَا، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيمَا لَوْ لَمْ يُوَافِقْهُ الْبَائِعُ عَلَى الْفَسْخِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَا أَشْتَرِي وَأَرَادَ رَدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ وَالْحِنْثِ فِيمَا عَدَاهُ (قَوْلُهُ: فَلَا حِنْثَ) أَيْ وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَلَوْ خَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ عَادَ حَنِثَ بِالدُّخُولِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُمَا لَا يَتَقَدَّرَانِ بِمُدَّةٍ) وَلِأَنَّ مِلْكَ الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ تَمَلُّكِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا تَمَلَّكَهُ بِاخْتِيَارِهِ حَنِثَ بِهِ، أَمَّا مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَأَنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ فَدَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِمَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَنْقُلَ أَهْلَهُ) أَيْ وَأَرَادَ بِعَدَمِ الْمِلْكِ أَنْ لَا تَبْقَى فِي مِلْكِهِ فَاسْتَدَامَ حَنِثَ أَوْ أَرَادَ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ حَنِثَ وَإِنْ أَزَالَهَا عَنْ مِلْكِهِ حَالًا (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُشَارِكُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَكُلُّ عَقْدٍ أَوْ فِعْلٍ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ فَلَا يَكُونُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ، وَفِيمَا أَطْلَقَهُ فِي الْعَقْدِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى الشَّرِكَةِ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَالْإِرْثِ اهـ حَجّ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ أَخَاهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَهِيَ مِلْكُ أَبِيهِمَا فَمَاتَ الْوَالِدُ وَانْتَقَلَ الْإِرْثُ لَهُمَا وَصَارَا شَرِيكَيْنِ فَهَلْ يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَهَلْ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ شَرِكَةٌ تُؤَثِّرُ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ أَمَّا مُجَرَّدُ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ، وَأَمَّا الِاسْتِدَامَةُ فَمُقْتَضَى قَوَاعِدِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهَا اهـ: أَيْ وَطَرِيقَةُ أَنْ يَقْتَسِمَاهَا حَالًا، فَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْفَوْرِيَّةُ فِيهِ لِعَدَمِ وُجُودِ قَاسِمٍ مَثَلًا عُذِرَ مَا دَامَ الْحَالُ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الشَّرِكَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِعَقْدٍ كَأَنْ خَلَطَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ، ثُمَّ نَقَلَ التَّقْيِيدَ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا) مَحَلُّ الْحِنْثِ فِي هَذِهِ

ص: 189

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كُلَّمَا لَبِسْتِ فَأَنْت طَالِقٌ تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ الِاسْتِدَامَةِ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ وَهِيَ لَابِسَةٌ، وَدَعْوَى أَنَّ ذِكْرَ كُلَّمَا قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ لِلِابْتِدَاءِ مَمْنُوعَةٌ وَلَوْ حَلَفَ لَابِسٌ لَا يَلْبَسُ إلَى وَقْتِ كَذَا فَهَلْ تُحْمَلُ يَمِينُهُ عَلَى عَدَمِ إيجَادِهِ لُبْسًا قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ وَلَوْ لَحْظَةً أَوْ عَلَى الِاسْتِدَامَةِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إنْ اسْتَمَرَّ لَابِسًا إلَيْهِ؟ .

الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ الْفِعْلُ الْمَنْفِيُّ بِمَنْزِلَةِ النَّكِرَةِ الْمَنْفِيَّةِ فِي إفَادَةِ الْعُمُومِ أَمَّا لَوْ اسْتَدَامَ التَّسَرِّيَ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ حَجَبَ الْأَمَةَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَإِنْزَالُهُ فِيهَا وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ الِاسْتِدَامَةِ (قُلْت: تَحْنِيثُهُ بِاسْتِدَامَةِ التَّزَوُّجِ وَالتَّطَهُّرِ غَلَطٌ لِذُهُولٍ) عَمَّا فِي الشَّرْحَيْنِ فَقَدْ جَزَمَ فِيهِمَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ الْمَنْصُوصُ لِعَدَمِ تَقْدِيرِهِمَا بِمُدَّةٍ كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ فَلَا يُقَالُ تَزَوَّجْت وَلَا تَطَهَّرْت شَهْرًا مَثَلًا بَلْ مُنْذُ شَهْرٍ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الْحِنْثِ فِيهِمَا إنْ لَمْ يَنْوِ اسْتِدَامَتَهُمَا وَإِلَّا حَنِثَ بِهِمَا جَزْمًا (وَاسْتِدَامَةُ طِيبٍ لَيْسَتْ تَطَيُّبًا فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ تَقْدِيرِهِ بِمُدَّةٍ عَادَةً وَلِهَذَا لَمْ تَلْزَمْهُ بِهَا فِدْيَةٌ فِيمَا لَوْ تَطَيَّبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ وَالثَّانِي نَعَمْ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى التَّطَيُّبِ (وَكَذَا وَطْءٌ) وَغَصْبٌ (وَصَوْمٌ وَصَلَاةٌ) فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا فِي الْأَصَحِّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ الْمُرَادُ فِي نَحْوِ نَكَحَ أَوْ وَطِئَ فُلَانَةَ أَوْ غَصَبَ كَذَا وَصَامَ شَهْرًا اسْتِمْرَارُ مُدَّةِ أَحْكَامِ تِلْكَ لَا حَقِيقَتُهَا لِانْفِصَالِهَا بِانْقِضَاءِ أَدْنَى زَمَنٍ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَبِمُضِيِّ يَوْمٍ لَا بَعْضِهِ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لَمْ يُعْهَدْ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا تَقْدِيرُهَا بِزَمَنٍ بَلْ بِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ فِي الْوَطْءِ جَعْلُهُمْ اسْتِدَامَتَهُ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ الْفَجْرِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ مُفْسِدًا.

لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَعْنًى آخَرَ أَشَارُوا إلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ تَنْزِيلًا لِمَنْعِ الِانْعِقَادِ مَنْزِلَةَ الْإِبْطَالِ وَاسْتِدَامَةُ السَّفَرِ سَفَرٌ وَلَوْ بِالْعَوْدِ مِنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا يُقَدَّرُ عُرْفًا بِمُدَّةٍ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ بَلْ يَكُونُ دَوَامُهُ كَابْتِدَائِهِ فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ وَمَا لَا فَلَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُقِيمُ بِمَحَلٍّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَطْلَقَ فَأَقَامَ بِهِ يَوْمَيْنِ ثُمَّ سَافَرَ ثُمَّ عَادَ وَأَقَامَ بِهِ يَوْمًا حَنِثَ كَمَا هُوَ الْأَوْجَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَالَ وَأَذِنَ كُلٌّ لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ فَهَلْ يَكْفِي فِي عَدَمِ الْحِنْثِ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ الْفَسْخُ وَحْدَهُ أَوْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ قِسْمَةِ الْمَالَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ إذَا قُلْنَا إنَّهُ يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا عَلَى الرَّاجِحِ، أَمَّا إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ لَمْ يَحْتَجْ لِلْفَسْخِ وَلَا لِلْقِسْمَةِ مَا لَمْ يَرِدْ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ عَدَمُ بَقَائِهَا، وَكَالدَّارِ فِيمَا ذُكِرَ مَا لَوْ حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي بَهِيمَةٍ مَثَلًا وَهِيَ شَرِكَةٌ بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِإِزَالَةِ الشَّرِكَةِ فَوْرًا إمَّا بِبَيْعِ حِصَّتِهِ أَوْ هِبَتِهَا لِثَالِثٍ أَوْ لِشَرِيكِهِ

[فَرْعٌ] لَوْ حَلَفَ لَا يُرَافِقُهُ فِي طَرِيقٍ فَجَمَعَتْهُمَا مَعِدِيَّةٌ لَا حِنْثَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ قَوْمًا وَتُفَرِّقُ آخَرِينَ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: ثَلَاثُ لَحَظَاتٍ) وَالْمُرَادُ بِاللَّحْظَةِ أَقَلُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ النَّزْعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَابِسٌ لَا يَلْبَسُ) أَيْ الْقَمِيصَ مَثَلًا بِأَنْ قَالَ لَا أَلْبَسُ هَذَا الْقَمِيصَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أُوجِدُ لُبْسًا مَا لِهَذَا الثَّوْبِ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَقَدْ وَجَدَ بِالِاسْتِدَامَةِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِيجَادِ فَيَحْنَثُ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَجَبَ الْأَمَةَ) أَيْ التَّسَرِّيَ (قَوْلُهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) هِيَ قَوْلُهُ إذْ الْمُرَادُ فِي نَحْوِ نَكَحَ أَوْ وَطِئَ فُلَانَةَ أَوْ غَصَبَ كَذَا (قَوْلُهُ: وَاسْتِدَامَةُ السَّفَرِ سَفَرٌ وَلَوْ بِالْعَوْدِ مِنْهُ) نَعَمْ إنْ حَلَفَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالْعَوْدِ مِنْهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ سَافَرَ ثُمَّ عَادَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا لَمْ يُرِدْ الْعَقْدَ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الشَّارِحِ وَأَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ اسْتَدَامَ التَّسَرِّي) إلَخْ كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ اسْتِدْرَاكِ التَّزَوُّجِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فِي نَكَحَ) الظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ نَكَحَ زَادَهْ الشَّارِحُ مَعَ مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ فَسَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إذْ الْمُرَادُ فِي نَحْوِ نَكَحَ وَقَوْلُهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ سَافَرَ ثُمَّ عَادَ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِأَنَّهُ لَا يُقِيمُ بِكَذَا مُدَّةَ كَذَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِإِقَامَةِ ذَلِكَ

ص: 190

فِيمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مَثَلًا قَالُوا لِصِدْقِ الِاسْمِ بِالْمُتَفَرِّقِ وَالْمُتَوَالِي، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ الْهَجْرُ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ تَتَابُعٍ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا تَمْكُثُ زَوْجَتُهُ فِي الضِّيَافَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَخَرَجَتْ مِنْهَا لِثَلَاثٍ فَأَقَلَّ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهَا فَلَا حِنْثَ، لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ وُجِدَ هُنَا لَا ثَمَّ، لِأَنَّ الْمُكْثَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِلضِّيَافَةِ وَالرُّجُوعِ وَلَوْ بِقَصْدِ الضِّيَافَةِ لَا يُسَمَّى ضِيَافَةً لِاخْتِصَاصِهَا بِالْمُسَافِرِ بَعْدَ قُدُومِهِ

(وَمَنْ)(حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا) عَيْنَهَا أَوْ مَدْرَسَةً أَوْ رِبَاطًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمَسْجِدُ مِثْلُهَا (حَنِثَ بِدُخُولِ دِهْلِيزٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَإِنْ طَالَ وَفَحُشَ طُولُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (دَاخِلَ الْبَابِ أَوْ بَيْنَ بَابَيْنِ) لِكَوْنِهِ مِنْ الدَّارِ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا (لَا بِدُخُولِ طَاقٍ) مَعْقُودٍ (قُدَّامَ الْبَابِ) لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْهَا عُرْفًا وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى تَرْبِيعِهَا إذْ هُوَ ثَخَانَةُ الْحَائِطِ الْمَعْقُودِ لَهُ قُدَّامَ بَابِ الْأَكَابِرِ، نَعَمْ لَوْ جُعِلَ عَلَيْهِ مَرَدٌ حِنْثٍ بِدُخُولِهِ وَلَوْ غَيْرَ مُسْقَفٍ كَمَا شَمَلَهُ قَوْلُهُ أَوْ بَيْنَ بَابَيْنِ، وَاسْتِشْكَالُ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ مِنْهَا مُطْلَقًا رُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْبَابِ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُهُ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي حُدُودِهَا بَلْ وَلَا اخْتَصَّ بِهَا، وَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ إصْطَبْلٍ خَارِجٍ عَنْ حُدُودِهَا، وَكَذَا إنْ دَخَلَ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهِ بَابٌ إلَيْهَا لَا بِدُخُولِ بُسْتَانٍ يُلَاصِقُهَا حَيْثُ لَمْ يَعُدْ مِنْ مَرَافِقِهَا (وَلَا بِصُعُودِ سَطْحٍ) مِنْ خَارِجِهَا (غَيْرِ مَحُوطٍ) إذْ لَا يُعَدُّ مِنْهَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا (وَكَذَا مَحُوطٌ) مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ بِحَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِإِحَاطَةِ حِيطَانِ الدَّارِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبٍ لَمْ يُؤَثِّرْ قَطْعًا، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله حَيْثُ لَمْ يُسْقَفْ فَإِنْ سُقِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَنُسِبَ إلَيْهَا بِأَنْ كَانَ يَصْعَدُ إلَيْهِ مِنْهَا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ حَنِثَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَطَبَقَةٍ مِنْهَا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْهُ شَرْعًا وَحُكْمًا لَا تَسْمِيَةً وَهُوَ الْمَنَاطُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا) أَيْ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الشَّهْرِ الْمُتَتَابِعِ فَلَوْ لَمْ يُكَلِّمْهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا ثُمَّ كَلَّمَهُ مُدَّةً ثُمَّ تَرَكَ كَلَامَهُ وَهَكَذَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ قَدْرَ الشَّهْرِ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ التَّوَالِي.

[فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ] قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ وَذِكْرٍ فَلَا تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُمْ يَوْمَ صِيَامٍ» إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ حَلَفَ إنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ لَمْ يَحْنَثْ لِهَذَا الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ لَا يَقْتَضِيهِ، كَذَا فِي شَرْحِ أَحْكَامِ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ اهـ.

وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ إنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَخْ: أَيْ وَأَطْلَقَ (قَوْلُهُ: بَعْدً قُدُومِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ سَافَرَتْ ثُمَّ عَادَتْ فَمَكَثَتْ مُدَّةً زَائِدَةً عَلَى ثَلَاثَةٍ حَنِثَ، وَأَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ مَجِيءِ بَعْضِ أَهْلِ الْبَلَدِ لِبَعْضٍ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فِيهِ إنَّهَا لَا تَقْعُدُ فِي الضِّيَافَةِ مُدَّةَ كَذَا أَوْ حَلَفَ إنَّهُ لَا يُضَيِّفُ زَيْدًا لَمْ يَحْنَثْ بِمُكْثِهَا مُدَّةً وَلَوْ طَالَتْ وَلَا بِذَهَابِهِ لِزَيْدٍ وَلَوْ بِطَلَبٍ مِنْ زَيْدٍ لَهُ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى ضِيَافَةً وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أَرَادَ شَيْئًا عَمِلَ بِهِ

(قَوْلُهُ: دَارًا عَيْنَهَا) أَيْ وَكَذَا وَلَمْ يُعَيَّنْ (قَوْلُهُ أَوْ بَيْنَ بَابَيْنِ) لَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بَيْنَ إلَخْ كَانَ أَوْضَحُ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي أَنَّ التَّقْدِيرَ أَوْ لَمْ يَكُنْ دَاخِلَ الدَّارِ لَكِنْ كَانَ بَيْنَ بَابَيْنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ) أَيْ الطَّاقُ الْمَعْقُودُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ مِنْهَا مُطْلَقًا) جُعِلَ لَهُ مَرَدٌّ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ فِيهَا) أَيْ فِي حُدُودِهَا (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) هُوَ قَوْلُهُ إذْ لَا يُعَدُّ مِنْهَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ يَصْعَدُ إلَيْهَا مِنْهَا) وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَصَعِدَ سَطْحَهَا لَمْ يَحْنَثْ إنْ كَانَ مُسَقَّفًا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَنُسِبَ إلَيْهَا بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَإِلَّا حَنِثَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ مَا لَوْ قَالَ لَا أَسْكُنُهَا أَوْ لَا أَنَامُ فِيهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَمَكَثَ بِسَطْحِهَا وَصُورَةُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مُتَوَالِيًا، قَالَ الشَّارِحُ: لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ ذَلِكَ عُرْفًا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ: عَيَّنَهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَلَوْ انْهَدَمَتْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا) قَدْ يُقَالُ: لَا دَخْلَ لِهَذَا فِي الْحُكْمِ وَإِلَّا

ص: 191

ثَمَّ لَا هُنَا (وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ أَوْ رِجْلَهُ) وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى ذَلِكَ وَحْدَهُ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دَاخِلًا حُكْمًا (فَإِنْ وَضَعَ رَجُلَيْهِ فِيهَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا) أَوْ رِجْلًا وَاحِدَةً وَاعْتَمَدَ عَلَيْهَا وَحْدَهَا بِأَنْ كَانَ لَوْ رَفَعَ الْأُخْرَى لَمْ يَقَعْ وَبَاقِي بَدَنِهِ خَارِجٌ (حَنِثَ) لِأَنَّهُ يُسَمَّى دَاخِلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَمِدْ كَذَلِكَ كَأَنْ اعْتَمَدَ عَلَى الدَّاخِلَةِ وَالْخَارِجَةِ مَعًا، وَلَوْ أَدْخَلَ جَمِيعَ بَدَنِهِ لَكِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا لِتَعَلُّقِهِ بِنَحْوِ حَبْلٍ حَنِثَ أَيْضًا، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ الْخُرُوجُ، وَلَوْ تَعَلَّقَ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ مِنْ الدَّارِ بِأَنْ أَحَاطَ بِهِ بِنَاؤُهَا فَإِنْ لَمْ يَعْلُ عَلَيْهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ انْهَدَمَتْ) الدَّارُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ (فَدَخَلَ وَقَدْ بَقِيَ أَسَاسُ الْحِيطَانِ) أَيْ شَيْءٌ بَارِزٌ مِنْهَا وَإِنْ قَلَّ (حَنِثَ) لِأَنَّهَا مِنْهَا فَكَأَنَّهُ دَخَلَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمْرَ دَائِرٌ مَعَ اسْمِ الدَّارِ وَعَدَمِهِ وَلَوْ قَالَ لَا أَدْخَلُ هَذِهِ حَنِثَ بِالْعَرْصَةِ أَوْ دَارًا لَمْ يَحْنَثْ بِفَضَاءِ مَا كَانَ دَارًا (وَإِنْ) عَطَفَ عَلَى جُمْلَةٍ وَقَدْ بَقِيَ (صَارَتْ فَضَاءً) بِالْمَدِّ وَهُوَ السَّاحَةُ الْخَالِيَةُ مِنْ الْبَاءِ (أَوْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا فَلَا) حِنْثَ إلَّا إنْ أُعِيدَتْ بِآلَتِهَا الْأُولَى.

(وَلَوْ)(حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ) أَوْ حَانُوتَهُ (حَنِثَ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهَا بِمِلْكٍ)(لَا بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ وَغَصْبٍ) وَوَصِيَّةٍ بِمَنْفَعَتِهَا لَهُ وَوَقْفٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى مَنْ يَمْلِكُ تَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمِلْكِ حَقِيقَةً، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ هَذِهِ لِزَيْدٍ لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِأَنَّهُ يَسْكُنُهَا، وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاعْتَمَدَ تَبَعًا لِجَمْعٍ الْحِنْثَ بِكُلِّ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ الْآنَ، قَالَ: فَالْمُعْتَبَرُ عُرْفُ اللَّافِظِ لَا عُرْفُ اللَّفْظِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَسْكَنَهُ) فَيَحْنَثُ بِكُلِّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَجَازٌ قَرِيبٌ، نَعَمْ لَا تُقْبَلُ إرَادَتُهُ فِي هَذِهِ فِي حَلِفٍ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ ظَاهِرًا، وَلَا يَعْتَرِضُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مُغَلِّظٌ عَلَى نَفْسِهِ فَلِمَ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُ مُخَفِّفٌ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ بِمَا يَمْلِكُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ بِالسَّطْحِ وَقْتَ الْحَلِفِ أَوْ فِي غَيْرِهِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْخُرُوجِ وَإِلَّا حَنِثَ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَدَلَ لِبَابِ السَّطْحِ حَنِثَ (قَوْلُهُ: حَنِثَ) سَوَاءٌ دَخَلَ تَحْتَ السَّقْفِ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَقْفٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ قَوْلُهُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: مُعْتَمَدًا عَلَيْهِمَا) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ خُلِقَ لَهُ رِجْلٌ زَائِدَةٌ وَكَانَتْ عَامِلَةً بِحَيْثُ إنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَرْجُلٍ فِي مَشْيِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَحَاطَ بِهِ) أَيْ الشَّخْصُ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلُ عَلَيْهِ: أَيْ الشَّخْصُ عَلَى الْبِنَاءِ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ كَانَ الْبِنَاءُ أَعْلَى مِنْهُ حَنِثَ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا: أَيْ بِأَنْ كَانَ التَّعَلُّقُ بِالْغُصْنِ أَعْلَى مِنْ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ مُحِيطًا بِبَعْضِهِ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ دَارٍ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ أُعِيدَتْ) أَيْ الدَّارُ: أَيْ أُعِيدَ مِنْهَا بِهَا وَلَوْ الْأَسَاسُ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ.

وَقَوْلُهُ بِآلَتِهَا خَرَجَ مَا لَوْ أُعِيدَتْ بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ فَلَا يَحْنَثُ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ حَانُوتَهُ) أَيْ وَمِثْلُهَا الدُّكَّانُ لِمُرَادِفَتِهَا لِلْحَانُوتِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهَا) أَيْ الدَّارَ، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْحَانُوتُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ بِمِلْكٍ: أَيْ لِجَمِيعِهَا فَلَا حِنْثَ بِالْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ تَبَعًا لِجَمْعٍ الْحِنْثَ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تُقْبَلُ إرَادَتُهُ) أَيْ ظَاهِرًا، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ: أَيْ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ وَقَالَ أَرَدْت مَسْكَنَهُ وَدَخَلَ دَارًا يَمْلِكُهَا وَلَمْ يَسْكُنْهَا أَمَّا إذَا دَخَلَ مَا يَسْكُنُهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُخَفِّفٌ عَلَيْهَا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَوْ رَدَّ الطَّاقَ الَّذِي قُدَّامَ الْبَابِ الْآتِي عَقِبَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْلُ عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَعْلُ الشَّخْصُ عَلَى الْبِنَاءِ وَفِي هَذَا شَيْءٌ مَعَ كَوْنِ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَحَاطَ بِهَا بِنَاؤُهَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِأَنْ عَلَا عَلَيْهِ: أَيْ بِأَنْ عَلَا الْبِنَاءُ عَلَى الشَّخْصِ فَهُوَ تَصْوِيرٌ لِلْمُثْبَتِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ بِقَضَاءِ مَا كَانَ دَارًا) أَيْ وَإِنْ بَقِيَ رُسُومُهَا وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ رَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ مُحْتَرَزَانِ لِقَوْلِهِ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ فَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِشَارَةِ أَوْ عَلَى ذِكْرِ الدَّارِ وَهُمَا الْمَذْكُورَانِ هُنَا (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أُعِيدَتْ بِآلَتِهَا) أَيْ أُعِيدَتْ دَارًا كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَفِي الِاسْتِثْنَاءِ حَزَازَةٌ.

(قَوْلُهُ: فَلِمَ لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرُ هَذَا مَعَ الْجَوَابِ الْآتِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا

ص: 192

وَلَا يَسْكُنُهُ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ دُونَ مَا فِيهِ تَخْفِيفٌ لَهُ (وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ) كُلَّهُ وَإِنْ تَجَدَّدَ طُرُوُّهُ لَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ (وَلَا يَسْكُنُهُ) إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَسْكَنَهُ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ عَمَلًا بِقَصْدِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِضَافَةُ مُشْتَهِرَةً لِلتَّعْرِيفِ كَدَارِ الْأَرْقَمِ بِمَكَّةَ وَسُوقِ يَحْيَى بِبَغْدَادَ حَنِثَ بِدُخُولِهَا مُطْلَقًا لِتَعَذُّرِ حَمْلِ الْإِضَافَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَفَارَقَ الْمُتَجَدِّدُ هُنَا لَا أُكَلِّمُ وَلَدَ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَوْجُودِ دُونَ الْمُتَجَدِّدِ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنَزَّلَةٌ عَلَى مَا لِلْحَالِفِ قُدْرَةٌ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَلَا يُشْكِلُ بِقَوْلِ الْكَافِي، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَمَسُّ شَعْرَ فُلَانٍ فَحَلَقَهُ ثُمَّ مَسَّ مَا نَبَتَ مِنْهُ حَنِثَ لِأَنَّ إخْلَافَ الشَّعْرِ مَعْهُودٌ عَادَةً مُطَرَّدَةً فِي أَقْرَبِ وَقْتٍ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ (وَلَوْ) (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ أَوْ) لَا يُكَلِّمُ (زَوْجَتَهُ) (فَبَاعَهُمَا) أَيْ الدَّارَ وَالْعَبْدَ بَيْعًا لَازِمًا: أَيْ يَنْقُلُ الْمِلْكَ وَلَوْ مَعَ الْخِيَارِ بِأَنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ أَوْ لَهُمَا وَأُجِيزَ الْبَيْعُ وَبَيْعُ بَعْضِهِمَا وَإِنْ قَلَّ كَبَيْعِهِمَا (أَوْ طَلَّقَهَا) بَائِنًا لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ (فَدَخَلَ) الدَّارَ (وَكَلَّمَ) الْعَبْدَ وَالزَّوْجَةَ (لَمْ يَحْنَثْ) تَغْلِيبًا لِلْحَقِيقَةِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ وَالزَّوْجِيَّةِ بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ اشْتَرَى بَعْدَ بَيْعِهِمَا غَيْرَهُمَا فَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ أَيَّ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ مَلَكَهُ حَنِثَ بِالثَّانِيَةِ أَوْ التَّقْيِيدَ بِالْأَوَّلِ فَلَا (إلَّا أَنْ يَقُولَ دَارُهُ هَذِهِ أَوْ زَوْجَتُهُ هَذِهِ أَوْ عَبْدُهُ هَذَا) أَوْ يُرِيدُ أَيَّ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ جَرَى عَلَيْهِ مِلْكُهُ أَوْ أَيَّ امْرَأَةٍ جَرَى عَلَيْهَا نِكَاحُهُ (فَيَحْنَثُ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ عَلَى الْإِضَافَةِ وَغَلَبَةِ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهَا فِيمَا مَرَّ) .

آنِفًا لِأَنَّهَا أَقْوَى لِأَنَّ الْفَهْمَ يَسْبِقُ إلَيْهَا أَكْثَرَ وَعَمَلًا بِتِلْكَ النِّيَّةِ وَأَلْحَقَ بِالتَّلَفُّظِ بِالْإِشَارَةِ نِيَّتَهَا، وَإِنَّمَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي بِعْتُكَ هَذِهِ الشَّاةَ فَإِذَا هِيَ بَقَرَةٌ لِمُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ فِي الْعُقُودِ مَا أَمْكَنَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذِهِ السَّخْلَةِ فَكَبِرَتْ وَأَكَلَهُ لَا يَحْنَثُ، وَفَارَقْت نَحْوَ دَارِ زَيْدٍ هَذِهِ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهَا عَارِضَةٌ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهَا بَلْ بِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ الصَّادِقَةِ بِالِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ، وَفِي تِلْكَ لَازِمَةٌ لِلُزُومِ الِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ، وَلِأَنَّ زَوَالَهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَغْيِيرٍ بِعِلَاجٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ كُلُّهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمُشْتَرَكِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْمِيمَ فِي الْمَمْلُوكِ: أَيْ بِأَيِّ مَمْلُوكٍ لَهُ حَادِثًا كَانَ أَوْ مُتَجَدِّدًا، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَنَا الظَّاهِرَ أَنَّهُ إلَخْ قَوْلُهُ الْآتِي وَبَيْعُ بَعْضِهِمَا وَإِنْ قَلَّ كَبَيْعِهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَجَدَّدَ طُرُوُّهُ لَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَأَنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ) أَيْ إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنَزَّلَةٌ عَلَى مَا لِلْحَالِفِ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ مَا لِلْحَالِفِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ مَا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ كَزَيْدٍ هُنَا قُدْرَةٌ عَلَى تَحْصِيلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ) وَالْمُرَادُ بِالتَّكْلِيمِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَكَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُبْقِي زَوْجَتَهُ عَلَى عِصْمَتِهِ أَوْ عَلَى ذِمَّتِهِ فَطَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَمْ يَبَرَّ فَيَحْنَثُ بِإِبْقَائِهَا عَلَى الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ.

(قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ، وَغَلَبَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهَا فِيمَا مَرَّ آنِفًا لِأَنَّهَا أَقْوَى لِأَنَّ الْفَهْمَ يَسْبِقُ إلَيْهَا أَكْثَرُ وَعَلَيْهَا يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ إلَخْ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ مَا فِي قَوْلِهِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَصَارَتْ فَضَاءً إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ) عُمُومُهُ شَامِلٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّفْرِيعِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ إلَخْ إلَّا أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلَاقَةً (قَوْلُهُ: بَيْعًا لَازِمًا) أَيْ مِنْ جِهَتِهِ، وَمُرَادُهُ بِلُزُومِهِ مَا يَشْمَلُ إلْزَامَهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ انْهَدَمَتْ بِاعْتِبَارِ مَا صَوَّرَهُ بِهِ الشَّارِحُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: وَعَمَلًا بِتِلْكَ النِّيَّةِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ فَالْأَوَّلُ تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ وَالْمَعْطُوفُ تَعْلِيلٌ لِمَا زَادَهْ بِقَوْلِهِ أَوْ يُرِيدُ أَيَّ دَارٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي بِعْتُك هَذِهِ الشَّاةَ إلَخْ) مَرَّ قَرِيبًا أَنَّ التَّسْمِيَةَ أَقْوَى مِنْ الْإِشَارَةِ وَهَذَا مِنْهُ فَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى جَوَابٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بَلْ لِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ الصَّادِقَةِ بِالِابْتِدَاءِ أَوْ الدَّوَامِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ.

قَالَ: وَكَأَنَّهُ أَرَادَ حَالَ مِلْكِهِ وَبَعْدَ زَوَالِهِ (قَوْلُهُ بِعِلَاجٍ) أَيْ أَوْ خِلْقَةٍ

ص: 193

فَاعْتُبِرَتْ مَعَ الْإِشَارَةِ وَتَعَلَّقَتْ بِمَجْمُوعِهَا، فَإِذَا زَالَتْ إحْدَاهُمَا لِكَوْنِهَا سَخْلَةً فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ زَالَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ زَالَ اسْمُ الْعَبْدِ بِعِتْقِهِ وَاسْمُ الدَّارِ بِجَعْلِهَا مَسْجِدًا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَشَارَ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ السَّابِقِ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ: أَيْ مَعَ بَقَاءِ الِاسْمِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) الْحَالِفُ بِقَوْلِهِ هَذِهِ أَوْ هَذَا (مَا دَامَ مِلْكُهُ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَلَا يَحْنَثْ بِدُخُولٍ أَوْ تَكْلِيمٍ بَعْدَ زَوَالِهِ بِمِلْكٍ أَوْ طَلَاقٍ لِأَنَّهَا إرَادَةٌ قَرِيبَةٌ، وَيَأْتِي فِي قَبُولِ هَذَا فِي حَلِفِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ مَا دَامَ فِي إجَارَتِهِ وَأَطْلَقَ الْعِرَابَ مِنْهُ عُرْفًا كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ إنَّهُ مَا دَامَ مُسْتَحِقًّا لِمَنْفَعَتِهِ فَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِإِيجَارِهِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ ثُمَّ اسْتِئْجَارُهُ مِنْهُ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ، وَأَفْتَى فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلَ هَذَا مَا دَامَ فُلَانٌ فِيهِ فَخَرَجَ فُلَانٌ ثُمَّ دَخَلَ الْحَالِفُ ثُمَّ فُلَانٌ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ مُكْثِهِ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الدُّخُولِ لَيْسَتْ بِدُخُولٍ، وَيَحْنَثُ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ وَفُلَانٌ فِيهِ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ إنْ أَرَادَ بِمُدَّةِ دَوَامِهِ فِيهِ ذَلِكَ الدَّوَامَ وَمَا بَعْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي لَا رَأَيْتُ مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْتُهُ لِلْقَاضِي فُلَانٍ، وَأَرَادَ مَا دَامَ قَاضِيًا مِنْ أَنَّهُ إذَا رَآهُ بَعْدَ عَزْلِهِ لَا يَحْنَثْ وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ فَيَرْفَعُهُ إلَيْهِ وَيَبَرُّ، فَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ فِيهِ هَذِهِ الْمَرَّةَ انْحَلَّتْ بِخُرُوجِهِ اهـ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ الْقَاضِي ظَاهِرٌ لِأَنَّ الدَّيْمُومَةَ ثَمَّ مَرْبُوطَةٌ بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يَطْرَأُ وَيَزُولُ فَأُنِيطَ بِهِ وَهُنَا بِمَحَلٍّ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ فَانْعَدَمَتْ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ فَالْمُتَّجَهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الْحِنْثِ كَالْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ

(وَلَوْ) (حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا مِنْ ذَا الْبَابِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِتَبَدُّلِ الذَّاتِ وَالصِّفَةِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ فَإِذَا هُوَ أَسْوَدُ لَمْ يَصِحَّ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ فِي الْبَيْعِ تُخَالِفُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ مَا دَامَ فِي إجَارَتِهِ) مِثْلُهُ مَا يَقَعُ مِنْ الْعَوَامّ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا أُكَلِّمُهُ مَثَلًا طُولَ مَا هُوَ فِي هَذِهِ الدَّارِ مَثَلًا فَيَبَرُّ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا وَإِنْ قَلَّ الزَّمَنُ حَيْثُ خَرَجَ عَلَى نِيَّةِ التَّرْكِ لَهَا أَوْ أَطْلَقَ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَفْتَى فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى) أَيْ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ: انْحَلَّتْ بِخُرُوجِهِ انْتَهَى) وَفِي نُسْخَةٍ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ الْقَاضِي ظَاهِرٌ لِأَنَّ الدَّيْمُومَةَ مَرْبُوطَةٌ بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يَطْرَأُ وَيَزُولُ فَأُنِيطَ بِهِ وَهُنَا بِمَحَلٍّ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ فَانْعَدَمَتْ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ فَالْمُتَّجَهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الْحِنْثِ كَالْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ وَلَوْ حَلَفَ إلَخْ وَهِيَ أَوْضَحُ مِمَّا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَاضِي (قَوْله كَالْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ فِيهِ هَذِهِ الْمَرَّةَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مِنْ ذَا الْبَابِ) أَيْ فَيَحْنَثُ بِالدُّخُولِ مِنْهُ وَإِنْ نُصِبَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ) أَيْ أَوْ أَرَادَ مَا دَامَ مُسْتَحِقًّا لِمَنْفَعَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى مَا دَامَ عَقْدُ إجَارَتِهِ بَاقِيًا لَمْ تَنْقَضِ مُدَّتُهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ إجَارَتَهُ بَاقِيَةٌ لَمْ تَفْرُغْ وَلَمْ تَنْقَضِ، قَالَ ذَلِكَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي لَا رَأَيْتُ مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْته لِلْقَاضِي إلَخْ) سَيَأْتِي فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ الْقَاضِي الْآتِيَةِ فِي الْمَتْنِ أَنَّ هَذَا كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الدَّيْمُومَةِ (قَوْلُهُ: بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الرَّفْعَ إلَيْهِ مُنَاسِبٌ لِاتِّصَافِهِ بِالْقَضَاءِ إذْ لَا يُرْفَعُ إلَّا لِلْقَاضِي أَوْ نَحْوِهِ، وَذَلِكَ الْوَصْفُ الَّذِي هُوَ الْقَضَاءُ يَطْرَأُ وَيَزُولُ، فَكَانَ رَبْطُ الرَّفْعِ بِهَذَا الْوَصْفِ قَرِينَةً عَلَى إرَادَةِ الرَّفْعِ حَيْثُمَا وُجِدَ هَذَا الْوَصْفُ فَهُوَ مِنْ دَلَالَةِ الْإِيمَاءِ الْمُقَرَّرَةِ فِي الْأُصُولِ، هَذَا وَاَلَّذِي سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْقَاضِي أَنَّهُ حَيْثُ نَوَى الدَّيْمُومَةَ فِيهَا انْقَطَعَتْ بِالْعَزْلِ وَإِنْ عَادَ إلَى الْقَضَاءِ: أَيْ إنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ الدَّوَامَ وَمَا بَعْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا هُنَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ دُخُولِ الدَّارِ وَمَسْأَلَةِ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: كَالْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ) أَيْ إذَا أَرَادَ مَا دَامَ فِيهِ هَذِهِ الْمَرَّةِ

ص: 194

فَنُزِعَ) بَابُهَا الْمُعَلَّقُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَنُصِبَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا)(لَمْ يَحْنَثْ بِالثَّانِي) وَإِنْ سُدَّ الْأَوَّلُ (وَيَحْنَثُ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْبَابَ حَقِيقَةٌ فِي الْمَنْفَذِ مَجَازٌ فِي الْخَشَبِ، فَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ حُمِلَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي عَلَى الْمَنْصُوبِ فَيَحْنَثُ بِالثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا (أَوْ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا) وَأَطْلَقَ (حَنِثَ بِكُلِّ بَيْتٍ مِنْ طِينٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ خَشَبٍ) أَوْ قَصَبٍ مُحْكَمٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (أَوْ خَيْمَةٍ) أَوْ بَيْتِ شَعْرٍ أَوْ جِلْدٍ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ حَضَرِيًّا لِإِطْلَاقِ الْبَيْتِ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ حَقِيقَةً لُغَةً كَمَا يَحْنَثُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْخُبْزِ أَوْ الطَّعَامِ (وَإِنْ اخْتَصَّ بَعْضَ النَّوَاحِي بِنَوْعٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ إذْ الْعَادَةُ لَا تُخَصِّصُ) ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّ لَفْظُ الرُّءُوسِ أَوْ الْبَيْضِ أَوْ نَحْوِهِمَا بِمَا يَأْتِي لِلْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ وَهِيَ تَعَلُّقُ الْأَكْلِ بِهِ، وَأَهْلُ الْعُرْفِ لَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى مَا عَدَا مَا يَأْتِي فِيهَا (وَلَا يَحْنَثُ بِمَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ وَكَنِيسَةٍ وَغَارِ جَبَلٍ) وَبَيْتِ رَحًى لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى فِي الْعُرْفِ بُيُوتًا مَعَ حُدُوثِ أَسْمَاءٍ خَاصَّةٍ لَهَا، وَاسْمُ الْبَيْتِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا إلَّا بِضَرْبٍ مِنْ التَّقْيِيدِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي غَارِ الْجَبَلِ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِيوَاءَ، أَمَّا مَا اُتُّخِذَ مِنْهَا بَيْتًا لِلسَّكَنِ فَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ اعْتَادَ سُكْنَاهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَنِيسَةِ مَحَلُّ تَعَبُّدِهِمْ، أَمَّا لَوْ دَخَلَ بَيْتًا فِيهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ حِنْثُهُ بِخَلْوَةٍ فِي مَسْجِدٍ لَا تُعَدُّ مِنْهُ شَرْعًا، وَبَحَثَ أَيْضًا عَدَمَ الْحِنْثِ بِسَاحَةِ نَحْوِ الْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَأَبْوَابِهَا بِخِلَافِ بَيْتٍ فِيهَا، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْبَيْتَ غَيْرُ الدَّارِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارِهِ دُونَ بَيْتِهِ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ فَدَخَلَ بَيْتَهُ فِيهَا حَنِثَ (أَوْ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ بَيْتًا فِيهِ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ حَنِثَ) لِوُجُودِ صُورَةِ الدُّخُولِ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِهِ ذَاكِرًا لِلْحَالِ مُخْتَارًا، وَخَرَجَ بِبَيْتًا دُخُولُهُ عَلَيْهِ فِي نَحْوِ مَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ مِمَّا لَا يَخْتَصُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثْ بِالْمَنْفَذِ حَيْثُ نُزِعَ الْبَابُ مِنْهُ، وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ وَقَالَ أَرَدْت مَسْكَنَهُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ حَقِيقَةٌ فِي الْمَنْفَذِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ الثَّانِي حُمِلَ عَلَيْهِ) وَكَذَا لَوْ تَسَوَّرَ الْجِدَارَ فَنَزَلَهَا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْبَابِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَبٍ مُحْكِمٍ) قَيْدٌ فِي الْقَصَبِ (قَوْلُهُ: إذْ الْعَادَةُ لَا تُخَصِّصُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ زَيْدٍ وَكَانَ الْعَادَةُ فِي مَحَلِّهِ إطْلَاقُ الْبَيْتِ عَلَى الدَّارِ بِتَمَامِهَا عَدَمُ الْحِنْثِ بِدُخُولِ الدَّارِ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِهَا (قَوْلُهُ: وَبَيْتِ رَحًى) الْمَعْرُوفَةِ بِالطَّاحُونِ الْآنَ وَمِثْلُهُ الْقَهْوَةُ (قَوْلُهُ: لَا تُعَدُّ مِنْهُ شَرْعًا) أَيْ بِأَنْ لَا تَدْخُلَ فِي وَقْفِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ حَلَفَ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ زَيْدٍ فِي بَيْتِ فُلَانٍ فَاجْتَمَعَ فِي دَارِهِ دُونَ بَيْتِهِ لَمْ يَحْنَثْ، خِلَافًا لِمَا بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفْتَى بِالْحِنْثِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعْ سَلَامَهُ إلَخْ يُؤْخَذُ اسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَكَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ، بَلْ أَوْلَى انْتَهَى (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِهِ) أَمَّا لَوْ دَخَلَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا حِنْثَ وَإِنْ اسْتَدَامَ لَكِنْ لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِبَيْتًا دُخُولُهُ عَلَيْهِ فِي نَحْوِ مَسْجِدٍ إلَخْ) وَمِنْهُ الْقَهْوَةُ وَبَيْتُ الرَّحَى، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ الثَّانِي حُمِلَ عَلَيْهِ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْحَقِيقَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي عَلَى الْمَنْصُوبِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ، وَحَقُّهَا: وَالثَّانِي يَحْنَثُ بِالثَّانِي حَمْلًا عَلَى الْمَنْصُوبِ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا) أَيْ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا مُجْتَمِعِينَ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهَذَا الْمَنْفَذِ مُعَلِّقًا عَلَيْهِ هَذَا الْبَابَ بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَعَلُّقُ الْأَكْلِ بِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِهَا غَيْرَ الْأَكْلِ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَحْمِلُ رُءُوسًا أَوْ بَيْضًا يَحْنَثُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ مَنْ اعْتَادَ سُكْنَاهُ) هَلَّا يَحْنَثُ غَيْرُ الْمُعْتَادِ أَيْضًا لِمَا مَرَّ، وَيَأْتِي أَنَّ الْعَادَةَ إذَا ثَبَتَتْ بِمَحَلٍّ عَمَّتْ جَمِيعَ الْمَحَالِّ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ) الَّذِي فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ جَزْمٌ لَا بَحْثٌ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْبَيْتَ غَيْرُ الدَّارِ) أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ عُرْفَ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ إطْلَاقُ الْبَيْتِ عَلَى الدَّارِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعُرْفِ الْخَاصِّ، وَيُصَرِّحُ بِهَذَا كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ، فَإِنَّهُ

ص: 195