المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) فيما يملك به الصيد وما يذكر معه - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٨

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ

- ‌كِتَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقَلُّ الْجِزْيَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى نَحْوِ خَيْلٍ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ

- ‌فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌بَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ]

- ‌فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَمَا يَلْزَمُ سَيِّدَ الْمُكَاتَب وَيُنْدَبُ لَهُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان مَا يحرم عَلَى سَيِّد الْمُكَاتَب]

- ‌[فَصَلِّ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ قَبْلَ مَحِلِّهَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ وَمَا تُوَافِقُ أَوْ تُبَايِنُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ

- ‌كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَةُ الْكِتَابِ]

الفصل: ‌(فصل) فيما يملك به الصيد وما يذكر معه

إنَّا أَهْلُ صَيْدٍ وَإِنَّ أَحَدَنَا يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَغِيبُ عَنْهُ اللَّيْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَيَجِدُهُ مَيِّتًا، فَقَالَ: إذَا وَجَدْت فِيهِ أَثَرَ سَهْمِك وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرُ سَبُعٍ وَعَلِمْت أَنَّ سَهْمَك قَتَلَهُ فَكُلْ» فَهَذَا مُقَيِّدٌ لِبَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ وَدَالٌّ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ: أَيْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ سَهْمَهُ قَتَلَهُ.

وَالثَّانِي يَحِلُّ، وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ أَصَحُّ دَلِيلًا، وَفِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الصَّحِيحُ أَوْ الصَّوَابُ، وَثَبَتَ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ أَنْهَاهُ بِالْجُرْحِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ، فَإِنْ أَنْهَاهُ حَلَّ قَطْعًا، وَمَا إذَا لَمْ يَجِدْ فِيهِ غَيْرَ جُرْحِهِ فَإِنْ وَجَدَ فِيهِ جِرَاحَةً أُخْرَى أَوْ وَجَدَهُ فِي مَاءٍ حَرُمَ قَطْعًا.

(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

(يُمْلَكُ الصَّيْدُ) الَّذِي يَحِلُّ اصْطِيَادُهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَرَمِيًّا وَلَيْسَ بِهِ أَثَرُ مِلْكٍ كَخَضْبٍ وَقَصِّ جَنَاحٍ وَلَمْ يَكُنْ صَائِدُهُ مُحْرِمًا (بِضَبْطِهِ) أَيْ الْإِنْسَانِ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَأَمَرَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ لِذَلِكَ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ آلَةٌ لَهُ مَحْضَةٌ (بِيَدِهِ) لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَمُلِكَ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ سَوَاءٌ قَصَدَ بِذَلِكَ مِلْكَهُ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ مَلَكَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُمْتَنِعًا أَوْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94] أَرَادَ بِمَا تَنَالُهُ الْأَيْدِي الصِّغَارَ، وَلَوْ كَانَ الصَّائِدُ غَيْرَ مُمَيَّزٍ كَأَعْجَمِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ أَحَدٌ مَلَكَهُ وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ غَيْرُهُ فَهَلْ هُوَ لَهُ إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ لِسَيِّدِهِ إنْ كَانَ قِنًّا أَوْ لِلْآمِرِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ، أَمَّا الَّذِي لَا يَحِلُّ اصْطِيَادُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ «وَعَلِمْت أَنَّ سَهْمَك قَتَلَهُ» ) أَيْ أَصَابَهُ.

(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ

(قَوْلُهُ: يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ (قَوْلُهُ: الَّذِي يَحِلُّ اصْطِيَادُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ الْإِوَزُّ الْعِرَاقِيُّ الْمَعْرُوفُ فَيَحِلُّ اصْطِيَادُهُ وَأَكْلُهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ مُلَّاكًا مَعْرُوفِينَ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ، وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَيَجُوزُ أَنَّ ذَلِكَ الْإِوَزَّ مِنْ الْمُبَاحِ الَّذِي لَا مَالِكَ لَهُ، فَإِنْ وُجِدَ بِهِ عَلَامَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ كَخَضْبٍ وَقَصِّ جَنَاحٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لُقَطَةً كَغَيْرِهِ مِمَّا يُوجَدُ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَرَمِيًّا) يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ وَلَمْ يَكُنْ مِمَّا أُمِرَ بِقَتْلِهِ كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، فَإِنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ صَائِدُهُ مُحْرِمًا) وَلَا مُرْتَدًّا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ) أَيْ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ، لِأَنَّهُ آلَةٌ لَهُ مَحْضَةٌ وَخَرَجَ بِمَا مَرَّ مَا لَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ أَحَدٌ فَيَمْلِكُ مَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ عَدَمُ تَمْيِيزِهِ (قَوْلُهُ: بِيَدِهِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ تَعَقَّلَ بِنَحْوِ شَبَكَةٍ نَصَبَهَا ثُمَّ أَخَذَهَا الصَّيَّادُ بِمَا فِيهَا وَانْفَلَتَ مِنْهَا الصَّيْدُ بَعْدَ أَخْذِهَا فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَرَادَ بِمَا تَنَالُهُ الْأَيْدِي الصِّغَارُ) أَيْ مِنْ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الصَّائِدُ) هَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ أَحَدٌ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَصَائِدُهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ: أَيْ وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَإِنْ أَمَرَهَا غَيْرُهُمَا: أَيْ إنْ كَانَ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمَرَهُ) أَيْ أَمَرَ الصَّائِدُ الَّذِي يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ لَا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ إذْ لَا قَصْدَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْآمِرِ فِيهِ الْوَجْهَانِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ (قَوْلُهُ أَيْ الْإِنْسَانُ) اُنْظُرْ هَلَّا قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ يُمْلَكُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ " يُمْلَكُ " مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ تَعَيُّنِهِ مَعَ أَنَّ بِنَاءَهُ لِلْفَاعِلِ أَفْيَدُ مِنْ حَيْثُ تَضَمُّنُهُ النَّصَّ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي التَّوْكِيلِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ انْتَهَتْ.

فَلَعَلَّ لَفْظَ فِي التَّوْكِيلِ

ص: 124

فَلَا يَمْلِكُهُ قَطْعًا، وَلَوْ سَعَى خَلْفَهُ فَوَقَفَ إعْيَاءً أَوْ جَرَحَهُ فَوَقَفَ عَطَشًا لِعَدَمِ الْمَاءِ لَا عَجْزًا عَنْ الْوُصُولِ إلَى الْمَاءِ لَمْ يَمْلِكْهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ (وَبِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ) أَيْ مُسْرِعٍ لِلْقَتْلِ (وَبِإِزْمَانٍ وَكَسْرِ جَنَاحٍ) أَوْ قَصِّهِ بِحَيْثُ يَعْجِزُ عَنْ الطَّيَرَانِ وَالْعَدْوِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ يُعَدُّ بِذَلِكَ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ إبْطَالُ شِدَّةِ عَدْوِهِ بِحَيْثُ يَسْهُلُ أَخْذُهُ، وَلَوْ قَطَعَ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ أَوْ أَخْرَجَ حُشْوَتَهُ بِسَهْمِهِ أَوْ جَارِحَتِهِ كَانَ كَافِيًا بِالْأَوْلَى (وَبِوُقُوعِهِ) وُقُوعًا لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخَلَاصِ (فِي شَبَكَةٍ) وَلَوْ مَغْصُوبَةً (نَصَبَهَا) لَهُ، نَعَمْ إنْ قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهَا لَمْ يَمْلِكْهُ، فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ مَلَكَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يَمْلِكُهُ مَنْ طَرَدَهُ إلَيْهَا لِتَقَدُّمِ حَقِّ نَاصِبِهَا، وَخَرَجَ بِنَصْبِهَا مَا لَوْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ وَيَعُودُ الصَّيْدُ الْوَاقِعُ فِيهَا مُبَاحًا إنْ قَطَعَهَا فَانْفَلَتَ وَيَمْلِكُهُ آخِذُهُ، وَإِنْ قَطَعَهَا غَيْرُهُ فَانْفَلَتَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا فَلَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ ذَهَبَ بِالشَّبَكَةِ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى امْتِنَاعِهِ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لِصَاحِبِهَا، وَلَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبًا وَلَوْ غَيْرَ مُعَلَّمٍ أَوْ سَبُعًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ يَدٌ مُلْكه، فَلَوْ انْفَلَتَ مِنْ نَحْوِ الْكَلْبِ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَهُ صَاحِبُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، أَمَّا إذَا قَدَرَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَمْلِكُهُ مَا دَامَ قَادِرًا فَمَنْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ (وَبِإِلْجَائِهِ إلَى مَضِيقٍ لَا يُفْلِتُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ: أَيْ يَنْفَلِتُ (مِنْهُ) بِأَنْ يُدْخِلَهُ بَيْتًا وَنَحْوَهُ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ، فَلَوْ أَدْخَلَ سَمَكًا حَوْضًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ صَغِيرًا يُمْكِنُهُ تَنَاوُلُهُ مَا فِيهِ بِيَدِهِ مَلَكَهُ، فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ مَا فِيهِ إلَّا بِجَهْدٍ وَتَعَبٍ أَوْ إلْقَاءِ شَبَكَةٍ لَمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الرَّاجِحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِلْآمِرِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْآخِذُ تَمَلُّكَهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ لَا عَجْزًا) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ جَرَحَهُ فَوَقَفَ عَجْزًا عَنْ الْوُصُولِ إلَى الْمَاءِ مَلَكَهُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ وُقُوفَهُ بَعْدَ الْجُرْحِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ عَجْزَهُ نَشَأَ عَنْ الْجُرْحِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَبْطَلَ مَنْعَتَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ عَطَشًا فَإِنَّ عَطَشَهُ الْمُقْتَضِي لِلْوُقُوفِ لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ الْجُرْحِ، وَكَذَا إعْيَاؤُهُ فِيمَا لَوْ سَعَى خَلْفَهُ لَيْسَ بِفِعْلٍ أَوْجَدَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْإِعْيَاءُ نَاشِئًا عَنْ سَعْيِهِ خَلْفَهُ فَلْيُحَرَّرْ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ (قَوْلُهُ: حُلْقُومُهُ وَمَرِيئُهُ) أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: حُشْوَتُهُ) هِيَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا الْأَمْعَاءُ، وَأَخْرَجْت حُشْوَةَ الشَّاةِ: أَيْ جَوْفَهَا اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ) الْأَوْلَى فَإِنَّ لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلُ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخَلَاصِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ) أَيْ وَيَصْدُقُ فِي كَوْنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ مَا صَيَّرَهُ بِهِ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ) أَيْ فَلَا يَمْلِكُهُ لِعَدَمِ فِعْلٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَعُودُ الصَّيْدُ الْوَاقِعُ فِيهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِوُقُوعِهِ فِي شَبَكَةٍ نَصَبَهَا إلَخْ، وَقَدْ يُشْكِلُ زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْهُ بِقَطْعِهِ لَهَا بِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى مَلَكَهُ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ بِانْفِلَاتِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ بِقَطْعِهِ لَهَا تَبَيَّنَ أَنَّ وُقُوعَهُ فِيهَا غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ إمْكَانِ تَخَلُّصِهِ مِنْهَا، وَقَدْ جَعَلَ عَدَمَ إمْكَانِ التَّخَلُّصِ شَرْطًا لِلْمِلْكِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَهَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا) أَيْ وَيَضْمَنُ الْقَاطِعُ أَرْشَ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قَدَرَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَدْخَلَ) أَيْ تَسَبَّبَ فِي إدْخَالِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

سَقَطَ مِنْ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: لَا عَجْزًا عَنْ الْوُصُولِ إلَى الْمَاءِ) أَيْ بِسَبَبِ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِلصَّيْدِ: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا نَصَبَهَا لَا لِلصَّيْدِ فَلَا يَمْلِكُ مَا وَقَعَ فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ خِلَافًا لِلدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَدَرَ إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وُقُوعًا لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخَلَاصِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُكَرِّرُهُ فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا قَدَرَ مَعَهُ إلَخْ، وَالتَّعْبِيرُ بِمَا سَيَأْتِي هُوَ الْمُنَاسِبُ لَكِنْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ الْآتِي الْمَذْكُورِ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا وُقُوعًا لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخَلَاصِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِنَصْبِهَا) أَيْ لِلصَّيْدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيَعُودُ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ صَغِيرًا إلَخْ) لَعَلَّ الْوَجْهَ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا إلَخْ إذْ لَا يَحْسُنُ عِلَّةً لِمَا قَبْلَهُ بَلْ هُوَ قَيْدٌ زَائِدٌ

ص: 125

يَمْلِكْهُ بِهِ وَلَكِنَّهُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ صَيْدُهُ بِدُونِ إذْنِهِ.

(وَلَوْ وَقَعَ صَيْدٌ فِي مِلْكِهِ) اتِّفَاقًا أَوْ بِمَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَوْ بِعَارِيَّةٍ كَسَفِينَةٍ كَبِيرَةٍ (وَصَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِتَوَحُّلٍ وَغَيْرِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يَقْصِدُ بِمِثْلِهِ الِاصْطِيَادَ وَالْقَصْدُ مَرْعِيٌّ فِي التَّمْلِيكِ، نَعَمْ يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي يَمْلِكُهُ كَالشَّبَكَةِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الِاصْطِيَادَ، فَإِنْ قَصَدَهُ بِهِ وَاعْتِيدَ ذَلِكَ مَلَكَهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ الِاصْطِيَادَ بِهِ فَلَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ عَنْ الْإِمَامِ أَيْضًا، وَلَوْ أَغْلَقَ عَلَى الصَّيْدِ بَابَ الْبَيْتِ مَثَلًا لِئَلَّا يَخْرُجَ مَلَكَهُ إنْ أَغْلَقَهُ عَلَيْهِ مَنْ لَهُ يَدٌ لَا مَنْ لَا يَدَ لَهُ عَلَى الْبَيْتِ وَلَوْ عَشَّشَ فِي أَرْضِهِ وَبَاضَ وَفَرَّخَ لَمْ يَمْلِكْهُ كَبَيْضِهِ وَفَرْخِهِ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ بِهِ الِاصْطِيَادُ وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ، فَإِنْ قَصَدَ بِبِنَائِهِ ذَلِكَ وَاعْتِيدَ الِاصْطِيَادُ بِهِ مَلَكَهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ (وَمَتَى مَلَكَهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ) عَنْهُ (بِانْفِلَاتِهِ) كَمَا لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ، وَمَنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ لَهُ وَإِنْ تَوَحَّشَ (وَكَذَا بِإِرْسَالِ الْمَالِكِ لَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدِ لَا يَقْتَضِي زَوَالَ الْمِلْكِ كَمَا لَوْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ، بَلْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ السَّوَائِبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ} [المائدة: 103] وَلِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِطُ بِالْمُبَاحِ فَيُصَادُ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا.

وَالثَّانِي يَزُولُ كَعِتْقِ عَبْدِهِ، وَمَحَلُّ كَلَامِهِ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ.

أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ وَفِي مِلْكِهِ صَيْدٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَيَزُولُ عَنْهُ مِلْكُهُ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ مَا إذَا خِيفَ عَلَى وَلَدِهِ بِحَبْسِ مَا صَادَهُ فَيُتَّجَهُ وُجُوبُ إرْسَالِهِ صِيَانَةً لِرُوحِهِ كَمَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ حَدِيثُ الْغَزَالَةِ الَّتِي أَطْلَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَجْلِ أَوْلَادِهَا لَمَّا اسْتَجَارَتْ بِهِ، وَحَدِيثُ الْحُمَّرَةِ الَّتِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَدِّ فَرْخِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ صَيْدُهُ) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِدُونِ إذْنِهِ) أَيْ لَكِنْ لَوْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ كَالْمُتَحَجِّرِ

(قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ يَدٌ) أَيْ وَلَوْ بِغَصْبٍ (قَوْلُهُ: وَبَاضَ وَفَرَّخَ لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْبِنَاءِ الِاصْطِيَادَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ قَصَدَ بِبِنَائِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ مَلَكَهُ) أَيْ الصَّيْدَ وَبَيْضَهُ وَفَرْخَهُ (قَوْلُهُ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} [المائدة: 103] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي تَلِدُ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ آخِرُهَا ذَكَرًا كَانُوا يُبْحِرُونَ أُذُنَهَا: أَيْ يَشُقُّونَهَا وَيُخْلُونَ سَبِيلَهَا فَلَا تُرْكَبُ وَلَا تُحْلَبُ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ: إذَا شُفِيت فَنَاقَتِي سَائِبَةٌ وَيَجْعَلُهَا كَالْبَحِيرَةِ فِي تَحْرِيمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا، وَإِذَا وَلَدَتْ الشَّاةُ أُنْثَى فَهِيَ لَهُمْ، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَهُوَ لِآلِهَتِهِمْ وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا قَالُوا وَصَلَتْ الْأُنْثَى أَخَاهَا فَلَا يُذَبَّحُ لَهَا الذَّكَرُ، وَإِذَا نَتَجَتْ مِنْ صُلْبِ الْفَحْلِ عَشْرَةَ أَبْطُنٍ حَرَّمُوا ظَهْرَهُ، وَلَا يَمْنَعُوهُ مِنْ مَاءٍ وَلَا مَرْعًى وَقَالُوا قَدْ حَمَى ظَهْرَهُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ إلَخْ إلَى تَعْرِيفِ السَّائِبَةِ، وَبِقَوْلِهِ وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا وَصَلَتْ إلَى تَعْرِيفِ الْوَصِيلَةِ، وَبِقَوْلِهِ وَإِذَا نَتَجَتْ إلَخْ إلَى تَعْرِيفِ الْحَامِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ قَدْ يُخْلَطُ بِالْمُبَاحِ فَيُصَادُ) أَيْ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ وَيَزُولُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: فَيُتَّجَهُ وُجُوبُ إرْسَالِهِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَحَدِيثُ الْحُمَّرَةِ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ فَمِيمٍ مُشَدَّدَةٍ، وَقَدْ تُخَفَّفُ طَائِرٌ كَالْعُصْفُورِ اهـ حَجّ.

وَعِبَارَةُ سِيرَةِ الشَّامِيِّ: رَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْعَظَمَةِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَمَرَرْنَا بِشَجَرَةٍ فِيهَا فَرْخًا حُمَّرَةً فَأَخَذْنَاهُمَا، فَجَاءَتْ الْحُمَّرَةُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ تَفْرِشُ: يَعْنِي تَقْرُبُ مِنْ الْأَرْضِ وَتُرَفْرِفُ بِجَنَاحِهَا، فَقَالَ مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِفَرْخَيْهَا، قَالَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُ الْمَتْنِ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا مَرَّ، وَهُوَ مَا إذَا قَطَعَ الشَّبَكَةَ وَانْفَلَتَ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى اسْتِثْنَائِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِطُ بِالْمُبَاحِ) تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ) أَيْ فِي عَدَمِ الْمِلْكِ: أَيْ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْإِفْصَاحِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَلَدِهِ) فِيهِ تَقْدِيمُ الضَّمِيرِ عَلَى مَرْجِعِهِ (قَوْلُهُ: الْحُمَّرَةِ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ فَمِيمٍ مُشَدَّدَةٍ وَقَدْ تُخَفَّفُ طَائِرٌ

ص: 126

عَلَيْهَا، وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ، لَكِنْ نَقَلَ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ عَنْ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ وَأَنَّ مَنْ نَسَبَهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ: إنَّهُ وَرَدَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا، نَعَمْ لَوْ صَادَ الْوَلَدُ وَكَانَ مَأْكُولًا لَمْ يَتَعَيَّنْ إرْسَالُهُ بَلْ لَهُ ذَبْحُهُ، وَمَحَلُّ مَا مَرَّ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لَمْ يَقُلْ مُرْسِلُهُ أَبَحْتُهُ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِمَنْ يَأْخُذُهُ حَلَّ لِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ بِلَا ضَمَانٍ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ وَلَا بِإِطْعَامِ غَيْرِهِ مِنْهُ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَيَحِلُّ أَخْذُ كِسَرِ الْخُبْزِ وَالسَّنَابِلِ وَنَحْوِهَا الْمَطْرُوحَةِ مِنْ مَالِكِهَا الْمُعْرِضِ عَنْهَا وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا الزَّكَاةُ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، نَعَمْ مَحَلُّ جَوَازِ أَخْذِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَا الْمَالِكِ بِذَلِكَ كَأَنْ وَكَّلَ مَنْ يَلْتَقِطُهُ لَهُ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَالَ الْمَحْجُورِ لَا يُمْلَكُ مِنْهُ شَيْءٌ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ إعْرَاضِهِ، وَلَوْ أَخَذَ جِلْدَ مَيْتَةٍ أَعْرَضَ عَنْهُ صَاحِبُهُ وَدَبَغَهُ مَلَكَهُ وَيَزُولُ اخْتِصَاصُ الْمُعْرِضِ عَنْهُ، وَلَوْ وَجَدَ دُرَّةً غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَقُلْنَا نَحْنُ، قَالَ رُدُّوهُمَا، فَرَدَدْنَاهُمَا إلَى مَوْضِعِهِمَا فَلَمْ تَرْجِعْ» اهـ (قَوْلُهُ: وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ) نَقَلَ ذَلِكَ حَجّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا مَرَّ مِنْ الْحُرْمَةِ) أَيْ حُرْمَةِ الْإِرْسَالِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ مُرْسِلُهُ أَبَحْته) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ لِمَنْ يَأْخُذُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: حَلَّ لِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ) هَذَا لَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِقَوْلِهِ وَمَحَلُّ مَا مَرَّ مِنْ الْحُرْمَةِ إلَخْ، وَإِنَّمَا جَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ: حَلَّ لِقَاتِلِ ذَلِكَ إرْسَالُهُ وَلِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى حِلِّ الْأَكْلِ لِآخِذِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ حِلَّ الْإِرْسَالِ بَلْ قَدْ يَقْتَضِي بَقَاءَ حُرْمَةِ الْإِرْسَالِ فَلْيُرَاجَعْ.

وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ حَلَّ لِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ: أَيْ فَقَطْ، وَخَرَجَ بِأَكْلِهِ أَكْلُ مَا تُولَدُ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ فَيُرْسِلُهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ.

وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ حَلَّ لِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ: أَيْ فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ غَيْرَ مَأْكُولٍ فَيَنْبَغِي أَنَّ لِمَنْ أَخَذَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْهُ.

وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ حَلَّ لِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ وَمِثْلُهُ عِيَالُهُ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى مَنْ يَأْكُلُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا يُدْفَعُ لِلْغَنِيِّ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَيَتَصَدَّقُ مِنْهُ وَيُطْعِمُ الضَّيْفَ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ وَلَا بِإِطْعَامِ غَيْرِهِ مِنْهُ حُرْمَةُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ هُنَا بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ، بِخِلَافِ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّ الْمُهْدَى إلَيْهِ يَمْلِكُهُ مِلْكًا مُرَاعًى (قَوْلُهُ وَيَحِلُّ أَخْذُ كِسَرِ الْخُبْزِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ غَيْرَ مُمَيَّزٍ وَلَمْ يَأْمُرْهُ غَيْرُهُ بِذَلِكَ وَيَمْلِكُهُ بِأَخْذِهِ، وَحَيْثُ أَمَرَهُ غَيْرُهُ مَلَكَهُ الْآمِرُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ إذْنًا عَامًّا كَأَنْ قَالَ لَهُ الْتَقِطْ مِنْ السَّنَابِلِ مَا وَجَدْته أَوْ تَيَسَّرَ لَك وَتَرَاخَى فِعْلُ الْمَأْذُونِ لَهُ عَنْ إذْنِ الْآمِرِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ أَبَوَاهُ مَثَلًا كَانَ مَا الْتَقَطَهُ مِنْهَا مِلْكًا لَهُمَا مَا لَمْ يَقْصِدْ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ الْمَطْرُوحَةُ مِنْ مَالِكِهَا) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ مِنْ الْمَالِكِ عَدَمَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَمَّا أَخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُقْصَدُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ فَكَأَنَّ الزَّكَاةَ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ) قَضِيَّةُ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ أَنَّهُ مَلَكَهَا بِنَفْسِ الْأَخْذِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ طَلَبَ مَالِكُهَا رَدَّهَا إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ دَفْعُهَا لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَعْرَضَ عَنْهُ صَاحِبُهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ ذُو الْيَدِ لَا يَمْلِكُهُ الدَّابِغُ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي نَظِيرِ الدَّبْغِ وَلَا فِي ثَمَنِ مَا دَبَغَ بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ الْآخِذُ وَصَاحِبُهُ صُدِّقَ صَاحِبُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْرَاضِ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِعْرَاضِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَالْعُصْفُورِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ) يَعْنِي حَدِيثَ الْغَزَالَةِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ) لَعَلَّ أَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ: أَيْ السَّخَاوِيُّ: أَيْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ كَثِيرٍ مَا ذَكَرَ بِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ إرْسَالُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَلَا بِإِطْعَامِ غَيْرِهِ مِنْهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ قَالَ أَبَحْته لِمَنْ يَأْخُذُهُ.

أَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَبَحْته فَلَا وَكَلَامُ التُّحْفَةِ كَالصَّرِيحِ فِي التَّفْرِقَةِ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 127

فِي جَوْفِ سَمَكَةٍ مَلَكَهَا الصَّائِدُ لَهَا مِنْ بَحْرِ الدُّرِّ إنْ لَمْ يَبِعْهَا، فَإِنْ بَاعَهَا فَلِلْمُشْتَرِي تَبَعًا لَهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنْ كَانَتْ مَثْقُوبَةً فَلِلْبَائِعِ إنْ ادَّعَاهَا وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ

(وَلَوْ تَحَوَّلَ حَمَامُهُ إلَى بُرْجِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ) إنْ تَمَيَّزَ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ كَالضَّالَّةِ، فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُمَا بَيْضٌ أَوْ فَرْخٌ كَانَ لِمَالِكِ الْأُنْثَى لَا الذَّكَرِ، وَمُرَادُهُ بِالرَّدِّ إعْلَامُ مَالِكِهِ بِهِ وَتَمْكِينُهُ مِنْ أَخْذِهِ كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لَا رَدُّهُ حَقِيقَةً، فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ ضَمِنَهُ، وَلَوْ شَكَّ فِي كَوْنِ الْمُخَالِطِ لَحَمَامِهِ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ أَوْ مُبَاحًا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، وَلَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ تَحَوُّلَ حَمَامِهِ إلَى بُرْجِ غَيْرِهِ لَمْ يَصْدُقْ وَالْوَرَعُ تَصْدِيقُهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ كَذِبُهُ (فَإِنْ اخْتَلَطَ وَعَسُرَ التَّمْيِيزُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ أَحَدِهِمَا وَهِبَتُهُ شَيْئًا مِنْهُ لِثَالِثٍ) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْمِلْكُ فِيهِ (وَيَجُوزُ لِصَاحِبِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ لِذَلِكَ، وَقَدْ تَدْعُو إلَى الْمُسَامَحَةِ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ وَلِهَذَا صَحَّحُوا الْقِرَاضَ وَالْجَعَالَةَ مَعَ مَا فِيهِمَا مِنْ الْجَهَالَةِ، وَكَالْبَيْعِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ.

وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِلْجَهَالَةِ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِمَا إذَا جَهِلَا الْعَدَدَ وَالْقِيمَةَ فَإِنْ عَلِمَاهَا اتَّجَهَ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ وَالزَّرْكَشِيُّ (فَإِنْ بَاعَاهُمَا) أَيْ الْحَمَامَيْنِ الْمُخْتَلِطَيْنِ لِثَالِثٍ وَلَا يَدْرِي أَحَدُهُمَا عَيْنَ مَالِهِ (وَالْعَدَدُ مَعْلُومٌ وَالْقِيمَةُ سَوَاءٌ صَحَّ) لِصِحَّةِ التَّوْزِيعِ عَلَى أَعْدَادِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ الْجَهَالَةُ فِي الْبَيْعِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ كَانَ لِوَاحِدٍ مِائَةٌ وَلِلْآخَرِ مِائَتَانِ فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْعَدَدُ مَجْهُولًا وَالْقِيمَةُ مُتَفَاوِتَةٌ (فَلَا) يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَالطَّرِيقُ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعْتُك الْحَمَامَ الَّذِي فِي هَذَا الْبُرْجِ بِكَذَا فَيَكُونُ الثَّمَنُ مَعْلُومًا، وَيُحْتَمَلُ الْجَهْلُ فِي الْمَبِيعِ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ حَمَامَةٌ مَمْلُوكَةٌ بِحَمَامَاتِ بُرْجِهِ فَلَهُ الْأَكْلُ بِالِاجْتِهَادِ إلَّا وَاحِدَةً كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ ثَمَرَةُ غَيْرِهِ بِثَمَرَتِهِ أَوْ حَمَامُ مَمْلُوكٍ مَحْصُورٍ أَوْ غَيْرِهِ بِحَمَامِ بَلَدٍ مُبَاحٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ أَوْ انْصَبَّ مَاؤُهُ فِي نَهْرٍ لَمْ يَحْرُمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَإِلْقَائِهِ عَلَى نَحْوِ الْكَوْمِ (قَوْلُهُ: مِنْ بَحْرِ الدُّرِّ) مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) خِلَافًا لحج فَإِنَّهُ يَقُولُ بِبَقَاءِ الدُّرَّةِ عَلَى مِلْكِ الصَّيَّادِ (قَوْلُهُ: فَلِلْبَائِعِ إنْ ادَّعَاهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَائِقَةً بِهِ وَبَعْدَ مِلْكِهِ لِمِثْلِهَا

(قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ مِلْكِهِ) أَيْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: كَانَ لِمَالِكِ الْأُنْثَى) أَيْ فَلَوْ تَنَازَعَا فِيهِ فَقَالَ صَاحِبُ الْبُرْجِ هُوَ بَيْضُ إنَاثِي وَقَالَ مَنْ تَحَوَّلَ الْحَمَامُ مِنْ بُرْجِهِ هُوَ بَيْضُ إنَاثِي صُدِّقَ ذُو الْيَدِ وَهُوَ صَاحِبُ الْبُرْجِ وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ تَقْضِي الْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا بِبَيْضِ الْحَمَامِ الْمُتَحَوِّلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَبِضْ أَوْ بَاضَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ إعْلَامُ مَالِكِهِ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْرِي أَحَدُهُمَا) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ الْجَهْلُ فِي الْمَبِيعِ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ عَدِمَ الصِّحَّةَ فِيمَا لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ إذَا صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ شَرَطَ فِيهِ بَيْعَ صَاحِبِهِ لَمْ يَصِحَّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الشَّرْطِ، وَإِلَّا فَقَدْ حَكَمَ بِصِحَّةِ عَقْدِهِ ابْتِدَاءً فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ عَدَمُ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ لَهُ إلَّا أَنْ تُصَوَّرَ الْمَسْأَلَةُ بِمَا لَوْ قَالَا مَعًا وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوَ قَبِلْت ذَلِكَ.

وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَبَاعَ لِثَالِثٍ كَذَلِكَ، فَإِنْ بَيَّنَ ثَمَنَ نَفْسِهِ وَثَمَنَ مُوَكِّلِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ صَحَّ اهـ: أَيْ وَإِلَّا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَكْلُ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ وَإِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: كَانَ لِمَالِكِ الْأُنْثَى) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَمْلِكُ الْإِنَاثَ فَقَطْ وَالْآخَرُ الذُّكُورَ، أَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمْلِكُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا فَقَدْ لَا يَتَمَيَّزُ بَيْضٌ أَوْ فَرْخُ إنَاثِ أَحَدِهِمَا مِنْ إنَاثِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْمِلْكُ فِيهِ) وَلَا يُشْكِلُ مَا إذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا الْجَمِيعَ بِمَا مَرَّ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مِنْ الصِّحَّةِ فِي نَصِيبِهِ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَاكَ إذَا عَلِمَ عَيْنَ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِصَاحِبِهِ فِي الْأَصَحِّ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ وَغَيْرِهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجُوزُ نَصُّهَا بِبَيْعِ أَحَدِهِمَا وَهِبَتِهِ مَالَهُ مِنْهُ انْتَهَتْ.

وَانْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ مَالَهُ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ مَالِهِ احْتِرَازًا عَنْ بَعْضِهِ فَيَكُونُ الْغَرَضُ إخْرَاجَ الْمَتْنِ عَنْ ظَاهِرِهِ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ بَيْعِهِ الْجَمِيعَ لِصَاحِبِهِ فَيَشْمَلُ مَا إذَا بَاع لَهُ بَعْضَ نَصِيبِهِ

ص: 128

عَلَى أَحَدٍ اصْطِيَادٌ وَاسْتِقَاءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُبَاحُ مَحْصُورًا حَرُمَ، وَلَوْ اخْتَلَطَتْ دَرَاهِمُ أَوْ دُهْنٌ أَوْ نَحْوُهُمَا حَرَامٌ بِدَرَاهِمِهِ أَوْ دُهْنِهِ فَمَيَّزَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَصَرَفَهُ لِمَا يَجِبُ صَرْفُهُ لَهُ وَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي جَازَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي لِلْمُتَّقِي اجْتِنَابُ طَيْرِ الْبُرْجِ وَبِنَائِهَا.

(وَلَوْ جَرَحَ الصَّيْدُ اثْنَانِ مُتَعَاقِبَانِ، فَإِنْ ذَفَّفَ الثَّانِي أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْأَوَّلِ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَذْفِيفٌ وَلَا إزْمَانٌ (فَهُوَ لِلثَّانِي) لِأَنَّ جُرْحَهُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي امْتِنَاعِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ بِجِرَاحَتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا حِينَئِذٍ (وَإِنْ ذَفَّفَ الْأَوَّلَ فَلَهُ) لِمَا سَبَقَ وَعَلَى الثَّانِي أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ (وَإِنْ أَزْمَنَ) الْأَوَّلُ (فَلَهُ) لِإِزْمَانِهِ إيَّاهُ (ثُمَّ إنْ ذَفَّفَ الثَّانِيَ بِقَطْعِ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ فَهُوَ حَلَالٌ وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ زَمِنًا وَمَذْبُوحًا كَذَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَعَلَّلَ أَيْضًا بِإِفْسَادِهِ مَالَ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ إذَا كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَإِنْ كَانَ مُتَأَلِّمًا بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُذْبَحْ لَهَلَكَ فَمَا عِنْدِي أَنَّهُ يَنْقُصُ بِالذَّبْحِ شَيْءٌ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْجِلْدَ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ فَيَلْزَمُ الثَّانِيَ نَقْصُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي ضَمَانِ النَّقْصِ أَنَّهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ زَمِنًا وَمَذْبُوحًا (وَإِنْ ذَفَّفَ لَا يَقْطَعُهُمَا أَوْ لَمْ يُذَفَّفْ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَحَرَامٌ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِ.

وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِاجْتِمَاعِ الْمُبِيحِ وَالْمُحَرِّمِ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ فِي الذَّبْحِ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ (وَيَضْمَنُهُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ أَفْسَدَ مِلْكَهُ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ صَحِيحًا عَشَرَةً وَمَذْبُوحًا تِسْعَةً نُظِرَ فِي قِيمَتِهِ مَذْبُوحًا ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ فَإِنْ كَانَتْ ثَمَانِيَةً فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إفْسَادًا لَكِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي حُصُولِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَ مَحْصُورًا، وَإِلَّا جَازَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَمَيَّزَ قَدْرَ الْحَرَامِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّمْيِيزِ لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي الْبَاقِي، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ بِاخْتِلَاطِهِ بِهِ صَارَ كَالْمُشْتَرَكِ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَتَصَرَّفُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالْقِسْمَةُ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ التَّرَاضِي وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا، فَنَزَلَ صَرْفُهُ فِيمَا يَجِبُ صَرْفُهُ فِيهِ مَنْزِلَةَ الْقِسْمَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ وَعِبَارَتَهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ طَرِيقُهُ أَنْ يَصْرِفَ قَدْرَ الْحَرَامِ إلَى مَا يَجِبُ صَرْفُهُ فِيهِ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي بِمَا أَرَادَ (قَوْلُهُ: لِمَا يَجِبُ صَرْفُهُ لَهُ) أَيْ إمَّا بِرَدِّهِ لِمَالِكِهِ إنْ عَرَفَهُ وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ صَرَفَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ لِمَصَالِح بَيْتِ الْمَالِ إنْ عَرَفَهَا (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي لِلْمُتَّقِي اجْتِنَابُ طَيْرِ الْبُرْجِ) أَيْ اجْتِنَابُ أَكْلِهِ فَيَكُونُ الْوَرَعُ تَرْكَ ذَلِكَ مَعَ جَوَازِهِ فِي نَفْسِهِ، وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْبُرْجِ يَلْتَقِطُ مِمَّا يَعْرِضُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَوْ مِنْ الْحَشِيشِ الْمُبَاحِ أَوْ كَانَ يُطْعِمُهُ مَالِكُهُ فِي الْبُرْجِ، أَمَّا إذَا اتَّخَذَهُ وَأَرْسَلَهُ لِأَكْلِهِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَلَا تَبْعُدُ حُرْمَةُ الِاتِّخَاذِ وَالْإِرْسَالِ دُونَ أَكْلِهِ مِنْهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ وَجَوَازُ بَيْعِهِ لِعَدَمِ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ، وَعَلَى الْحُرْمَةِ يَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِمَنْعِهِ مِنْ الْإِرْسَالِ كَأَنْ يُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابَ الْبُرْجِ (قَوْلُهُ: وَبِنَائِهَا) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ اصْطِيَادَ حَمَامِ الْغَيْرِ بِأَنْ يَتَسَبَّبَ فِي إدْخَالِهِ فِيهِ وَإِلَّا حَرُمَ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي ضَمَانِ النَّقْصِ) أَيْ بَلْ إمَّا ذَلِكَ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يُحَرَّرُ (قَوْلُهُ: وَصَرْفُهُ لِمَا يَجِبُ صَرْفُهُ لَهُ) اُنْظُرْ هَلْ الصَّرْفُ الْمَذْكُورُ شَرْطٌ لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الْبَاقِي حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ التَّصَرُّفُ عَقِبَ التَّمْيِيزِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَقَدْ مَرَّ فِي الشَّرْحِ عَنْ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ نَحْوُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ فِي مَظِنَّتِهِ

(قَوْلُهُ: وَعَلَّلَ أَيْضًا) اُنْظُرْ مَوْقِعَ أَيْضًا هُنَا، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ حَذْفُهُ وَالتَّعْلِيلُ لَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ) أَيْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ: أَيْ بِأَنْ كَانَا يُزْهِقَانِ الرُّوحَ لَوْ تُرِكَ لِيَتَأَتَّى التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ تَارَةً يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَبْحِهِ وَتَارَةً لَا، وَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ تَارَةً يَذْبَحُهُ وَتَارَةً لَا لَكِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَحَرَامٌ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا مَاتَ بِهِمَا بِالْفِعْلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نُظِرَ فِي قِيمَتِهِ مَذْبُوحًا) أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ ذُبِحَ ثُمَّ، هَذَا النَّظَرُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِ الْمَسْأَلَةِ لَا فِي كُلِّهَا كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهَا خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ صَنِيعُهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ

ص: 129