الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَقْرَبُهُمَا وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ حَمْلُهُ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ عِنْدَ اشْتِرَاطِ اجْتِمَاعٍ أَوْ اسْتِقْلَالٍ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْوَصِيَّيْنِ بِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ هُنَا مُمْتَنِعٌ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مَا أَمْكَنَ، وَالِاجْتِمَاعُ ثَمَّ جَائِزٌ فَحُمِلَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَحْوَطَ.
وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ كَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى حُكْمٍ) فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا لِأَنَّ اجْتِهَادَهُمَا مُخْتَلِفٌ غَالِبًا فَلَا تَنْفَصِلُ الْخُصُومَاتُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُقَلِّدَيْنِ لِإِمَامٍ وَاحِدٍ وَلَا أَهْلِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا فِي نَظَرٍ وَلَا تَرْجِيحٍ أَوْ شَرَطَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا صَحَّ شَرْطُ اجْتِمَاعِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى تَخَالُفِ اجْتِهَادٍ وَلَا تَرْجِيحٍ، وَلَوْ حَكَّمَ اثْنَيْنِ اُشْتُرِطَ اجْتِمَاعُهُمَا، بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ فِي الْقَاضِيَيْنِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ، قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَا يُوَلَّى فِيهِ، نَعَمْ إنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِتَبَعِيَّةِ بِلَادٍ فِي تَوْلِيَتِهَا دَخَلَتْ تَبَعًا لَهَا وَيَسْتَفِيدُ بِتَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ الْعَامِّ سَائِرَ الْوِلَايَاتِ وَأُمُورَ النَّاسِ حَتَّى نَحْوَ زَكَاةٍ وَحِسْبَةٍ لَمْ يُفَوَّضْ أَمْرُهُمَا لِغَيْرِهِ.
نَعَمْ يُتَّجَهُ فِي قَوْلِهِ اُحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْحُكْمِ لَا يَتَجَاوَزُ لِغَيْرِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَّيْتُك الْقَضَاءَ بِأَنَّهُ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ بِمَعْنَى إمْضَاءِ الْأَمْرِ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِ الْقَاضِي فِيهَا إمْضَاءُ الْحُكْمِ بِخِلَافِ الْمُحَكَّمِ.
(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ
إذَا (جُنَّ قَاضٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) وَإِنْ قَلَّ الزَّمَنُ، أَوْ مَرِضَ مَرَضًا غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ وَقَدْ عَجَزَ مَعَهُ عَنْ الْحُكْمِ (أَوْ عَمِيَ) أَوْ صَارَ كَالْأَعْمَى كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَصِيرًا (أَوْ ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ) الْمُطْلَقِ أَوْ الْمُقَيَّدِ بِنَحْوِ غَفْلَةٍ (وَ) كَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَصَحَّحْنَا وِلَايَتَهُ فَطَرَأَ إذْهَابُ (ضَبْطِهِ بِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) لِانْعِزَالِهِ بِذَلِكَ، وَكَذَا إنْ خَرِسَ أَوْ صُمَّ، نَعَمْ لَوْ عَمِيَ بَعْدَ ثُبُوتِ قَضِيَّةٍ عِنْدَهُ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُهُ حَكَمْت بِكَذَا وَلَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ إلَى إشَارَةٍ نَفَذَ حُكْمُهُ فِيهَا (وَكَذَا لَوْ)(فَسَقَ) أَوْ زَادَ فِسْقُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ مُوَلِّيهِ بِفِسْقِهِ الْأَصْلِيِّ أَوْ الزَّائِدِ حَالَ تَوْلِيَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ الْمُنَافِي.
وَالثَّانِي يَنْفُذُ كَالْإِمَامِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْوَجْهَانِ إذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ.
فَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ لَمْ يَنْفُذْ قَطْعًا.
ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَهُوَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَبِهِ يَزُولُ مَحْذُورُ التَّكْرَارِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلِانْعِزَالِ لَا لِنُفُوذِ الْحُكْمِ، وَلَا نَظَرَ لِفَهْمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَأَقْرَبَهُمَا) أَيْ فَطَالَبَ أَقْرَبَهُمَا يُجَابُ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ أَيْضًا: أَيْ فَأَقْرَبُهُمَا يُجَابُ طَالِبُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَكَمَ اثْنَيْنِ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَرْقِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ التَّوْلِيَةَ لِلْمُحَكَّمِ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَرِضَاهُمَا مُعْتَبَرٌ فَالْحُكْمُ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ حُكْمٌ لِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ.
(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ إلَى إشَارَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَعْرُوفَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِفَهْمِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِتَبَعِيَّتِهِ لِبِلَادٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَعَمْ إنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِتَبَعِيَّةِ بِلَادٍ لِبِلَادٍ فِي تَوْلِيَتِهَا دَخَلَتْ تَبَعًا لَهَا فَلَعَلَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ سَقْطًا.
[فَصْلٌ فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]
(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي
(قَوْلُهُ: بِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: بِحَيْثُ إذَا نُبِّهَ لَا يَتَنَبَّهُ اهـ.
وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ هَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي غَفْلَةِ الْمُجْتَهِدِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ إذْ أَصْلُ الْغَفْلَةِ مُخِلٌّ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ الشِّهَابِ سم (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَعْلَمْ مُوَلِّيهِ بِفِسْقِهِ الْأَصْلِيِّ أَوْ الزَّائِدِ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ، إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّفْصِيلُ فِي الْفِسْقِ الطَّارِئِ أَوْ الزَّائِدِ بَعْدَ
أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ النُّفُوذِ عَدَمُ الْوِلَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ زَالَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ لَمْ تَعُدْ وِلَايَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) إلَّا بِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ كَالْوِلَايَةِ، وَالثَّانِي تَعُودُ كَالْأَبِ إذَا جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ أَوْ فَسَقَ ثُمَّ تَابَ.
(وَلِلْإِمَامِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ (عَزْلُ)(قَاضٍ) لَمْ يَتَعَيَّنْ (ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ) لَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ كَكَثْرَةِ الشَّكَاوَى مِنْهُ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ أَوْ زَالَتْ هَيْبَتُهُ فِي الْقُلُوبِ وَذَلِكَ
لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ
، أَمَّا ظُهُورُ مَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ فَيُعْزَلُ بِهِ وَلَمْ يَحْتَجْ لِعَزْلٍ وَإِنْ ظُنَّ بِقَرَائِنَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ، وَيَحْتَمِلُ فِيهِ نَدْبُ عَزْلِهِ وَإِطْلَاقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَ صَرْفِهِ عِنْدَ كَثْرَةِ الشَّكَاوَى مِنْهُ اخْتِيَارٌ لَهُ (أَوْ)(لَمْ يَظْهَرْ) مِنْهُ خَلَلٌ (وَهُنَاكَ أَفْضَلُ مِنْهُ) فَلَهُ عَزْلُهُ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْمِثْلِ
رِعَايَةً لِلْأَصْلَحِ لِلْمُسْلِمِينَ
، وَلَا يَجِبُ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ وِلَايَةَ الْمَفْضُولِ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ لِأَنَّ الْغَرَضَ حُدُوثُ الْأَفْضَلِ بَعْدَ الْوِلَايَةِ فَلَمْ يَقْدَحْ فِيهَا (أَوْ) هُنَاكَ (مِثْلُهُ) أَوْ دُونَهُ (وَفِي عَزْلِهِ بِهِ مَصْلَحَةٌ كَتَسْكِينِ فِتْنَةٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ (فَلَا) يَجُوزُ عَزْلُهُ بِهِ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَتَصَرُّفُ الْإِمَامِ يُصَانُ عَنْهُ، وَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْمَصْلَحَةِ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ هُنَا، وَلَيْسَ فِي عَزْلِهِ فِتْنَةٌ لِأَنَّهُ لَا تَتِمُّ الْمَصْلَحَةُ إلَّا إذَا انْتَفَتْ الْفِتْنَةُ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهُ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ مَصْلَحَةً مِنْ وَجْهٍ وَمَفْسَدَةً مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى (لَكِنْ يَنْفُذُ الْعَزْلُ فِي الْأَصَحِّ) مَعَ إثْمِ الْمُوَلِّي وَالْمُتَوَلِّي بَذْلًا لِطَاعَةِ السُّلْطَانِ، وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْأَوَّلِ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي عَزْلِهِ، أَمَّا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ، وَلَوْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ، وَسَكَتَ هُنَا عَنْ انْعِزَالِهِ بِعَزْلِ نَفْسِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَالْوَكِيلِ هَذَا فِي الْأَمْرِ الْعَامِّ، أَمَّا الْوَظَائِفُ الْخَاصَّةُ كَإِمَامَةٍ وَأَذَانٍ وَتَصَوُّفٍ وَتَدْرِيسٍ وَطَلَبٍ وَنَظَرٍ وَنَحْوِهَا فَلَا تَنْعَزِلُ أَرْبَابُهَا بِالْعَزْلِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ.
كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ خَبَرُ عَزْلِهِ) لِعِظَمِ الضَّرَرِ بِنَقْضِ وَفَسَادِ التَّصَرُّفَاتِ، نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْخَصْمُ أَنَّهُ مَعْزُولٌ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ لَهُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ غَيْرُ حَاكِمٍ بَاطِنًا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، فَإِنْ رَضِيَا بِحُكْمِهِ كَانَ كَالتَّحْكِيمِ بِشَرْطِهِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ إذَا عَلِمَ الْخَصْمُ بِعَزْلِ الْقَاضِي لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ قَاضِيًا وَلَمْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
التَّكْرَارَ يُعْتَبَرُ فِيهِ خُصُوصُ مَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَكْفِي فِيهِ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ السِّيَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي تَعُودُ كَالْأَبِ) وَمِثْلُ الْأَبِ فِي هَذَا الْحُكْمِ الْجَدُّ وَالْحَاضِنَةُ وَالنَّاظِرُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ.
(قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ عَزْلُ قَاضٍ إلَخْ فَيَجُوزُ عَزْلُهُ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبُ صَرْفِهِ) أَيْ عَزْلِهِ عَنْ الْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا إنَّ وِلَايَةَ الْمَفْضُولِ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ) أَيْ لَكِنَّا نَقُولُ بِهِ بَلْ هِيَ مُنْعَقِدَةٌ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: مَعَ إثْمِ الْمُوَلِّي) أَيْ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْعِبْرَةُ فِي السَّبَبِ الَّذِي يَقْتَضِي الْعَزْلَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: مَا يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِيهِ أَنَّ لِلنَّاظِرِ الْعَزْلَ بِلَا جُنْحَةٍ (قَوْلُهُ: لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ خَبَرُ عَزْلِهِ) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ بُلُوغٍ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) ضَعِيفٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
التَّوْلِيَةِ بَيْنَ عِلْمِ الْمَوْلَى بِهِ حَالَ التَّوْلِيَةِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ لِعَدَمِ وُجُودِهِ إذْ ذَاكَ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَتَهُ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ نَصُّهَا: وَيَظْهَرُ لِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ مَا طَرَأَ عَلَيْهِ لَوْ عَلِمَ بِهِ مُسْتَنِيبُهُ لَمْ يَعْزِلْهُ بِسَبَبِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ وَإِلَّا فَلَا
(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَالْوَكِيلِ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلْقَضَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: بِالْعَزْلِ) أَيْ بِعَزْلِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ) يَعْنِي فِي صُورَةِ الْعَكْسِ، وَإِلَّا فَالْبُلْقِينِيُّ قَائِلٌ فِي صُورَةِ الطَّرْدِ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ
يَتَعَرَّضُوا لِمَا يَحْصُلُ بِهِ بُلُوغُ خَبَرِ الْعَزْلِ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ ذَلِكَ بِخَبَرِ التَّوْلِيَةِ بَلْ أَوْلَى حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهِ شَاهِدَانِ وَتُغْنِي الِاسْتِفَاضَةُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حِكَايَةُ قَوْلَيْنِ كَالْوَكَالَةِ، وَمَرَّ الْفَرْقُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، وَلَوْ بَلَغَ الْخَبَرُ الْمُسْتَنِيبَ دُونَ النَّائِبِ أَوْ بِالْعَكْسِ انْعَزَلَ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي بُلُوغِ خَبَرِ الْعَزْلِ لِلنَّائِبِ بِمَذْهَبِهِ لَا بِمَذْهَبِ مُسْتَنِيبِهِ. (وَإِذَا كَتَبَ الْإِمَامُ إلَيْهِ إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْت مَعْزُولٌ فَقَرَأَهُ انْعَزَلَ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَكَذَا لَوْ طَالَعَهُ وَفَهِمَ مَا فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ (وَكَذَا إنْ قُرِئَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْقَصْدَ إعْلَامُهُ بِالْعَزْلِ لَا قِرَاءَتُهُ بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَارِئًا أَمْ أُمِّيًّا، وَالثَّانِي لَا يَنْعَزِلُ وَهُوَ الْمُصَحَّحُ فِي الطَّلَاقِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَرْعِيَّ ثَمَّ النَّظَرُ إلَى الصِّفَاتِ وَهُنَا إلَى الْإِعْلَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا قِرَاءَةُ مَحَلِّ الْعَزْلِ فَقَطْ لَا جَمِيعَ الْكِتَابِ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِي الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا انْمَحَى بَعْضُهُ أَوْ انْمَحَقَ. (وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَانْعِزَالُهُ مِنْ إذْنٍ لَهُ فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ كَبَيْعِ مَالِ) مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ وَسَمَاعِ شَهَادَةٍ فِي حَادِثَةٍ مُعَيَّنَةٍ كَالْوَكِيلِ (وَالْأَصَحُّ انْعِزَالُ نَائِبِهِ الْمُطْلَقِ إنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الِاسْتِخْلَافِ الْمُعَاوَنَةُ وَقَدْ زَالَتْ وِلَايَتُهُ فَبَطَلَتْ الْمُعَاوَنَةُ (أَوْ)(قِيلَ) لَهُ (اسْتَخْلِفْ عَنْ نَفْسِك) لِمَا ذُكِرَ (أَوْ أَطْلَقَ) لِظُهُورِ غَرَضِ الْمُعَاوَنَةِ وَبُطْلَانُهَا بِبُطْلَانِ وِلَايَتِهِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ بِأَنَّ الْغَرَضَ ثَمَّ لَيْسَ مُعَاوَنَةَ الْوَكِيلِ بَلْ النَّظَرُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَحَمَلَ الْإِطْلَاقَ عَلَى إرَادَتِهِ، نَعَمْ إنْ عَيَّنَ لَهُ الْخَلِيفَةُ كَانَ قَاطِعًا لِنَظَرِهِ فَيَكُونُ كَمَا فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ قِيلَ) أَيْ قَالَ لَهُ مُوَلِّيهِ (اسْتَخْلِفْ عَنِّي فَلَا) يَنْعَزِلُ الْخَلِيفَةُ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبَهُ.
(وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ) غَيْرُ قَاضِي ضَرُورَةٍ وَلَا قَاضِي ضَرُورَةٍ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُجْتَهِدٌ صَالِحٌ وَلَا مَنْ وِلَايَتُهُ عَامَّةٌ كَنَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ وَالْجَيْشِ وَالْحِسْبَةِ وَالْأَوْقَافِ (بِمَوْتِ الْإِمَامِ) الْأَعْظَمِ وَلَا بِانْعِزَالِهِ لِعِظَمِ الضَّرَرِ بِتَعْطِيلِ الْحَوَادِثِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَلَّاهُ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ انْعَزَلَ بِفَرَاغِهِ مِنْهُ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يُوَلِّي الْقَضَاءَ نِيَابَةً عَنْ الْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ الْقَاضِي لِنُوَّابِهِ فَإِنَّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ لَهُ عَزْلُهُمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إلَّا بِسَبَبٍ.
وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ قَاضِيَ الضَّرُورَةِ حَيْثُ انْعَزَلَ اسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ مِنْ نَظَرِ الْأَوْقَافِ، وَعَلَى الْقَضَاءِ لَا يَتَأَتَّى مَعَ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ وِلَايَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ انْعِزَالِهِ مَعَ وُجُودِ مُجْتَهِدٍ صَالِحٍ إلَّا إنْ رُجِيَ تَوْلِيَتُهُ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي انْعِزَالِهِ (وَلَا) يَنْعَزِلُ (نَاظِرُ يَتِيمٍ) وَمَسْجِدٍ (وَوَقْفٍ بِمَوْتِ قَاضٍ) نَصَبَهُمْ وَكَذَا بِانْعِزَالِهِ لِئَلَّا تَخْتَلَّ الْمَصَالِحُ، نَعَمْ لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ انْعَزَلَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِتَوْلِيَةِ قَاضٍ جَدِيدٍ لِصَيْرُورَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) وَإِنْ كَانَ انْعِزَالُهُ بِالْعَمَى عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (بَعْدَ انْعِزَالِهِ) وَلَا قَوْلَ لِلْمُحَكَّمِ بَعْدَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: انْعَزَلَ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ قُلْنَا بِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِيمَا لَوْ بَلَغَ الْخَصْمَ عَزْلُ الْقَاضِي وَلَمْ يَبْلُغْ الْقَاضِي أَمَّا عَلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ مِنْ نُفُوذِ الْحُكْمِ عَلَى الْخَصْمِ وَلَهُ لِعَدَمِ انْعِزَالِ الْقَاضِي فَفِيهِ نَظَرٌ وَمَا عَلَّلَ بِهِ يَقْتَضِي أَنَّ النَّائِبَ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا بَعْدَ عَزْلِ الْمُسْتَنِيبِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ عَدَمِ عَزْلِ النَّائِبِ بِبُلُوغِ خَبَرٍ لِلْمُسْتَنِيبِ دُونَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ اسْتَخْلَفَهُ عَنْ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ قَاضِي ضَرُورَةٍ) دَخَلَ فِي قَوْلِهِ قَاضِي ضَرُورَةِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْقِنِّ وَالْأَعْمَى فَلَا يَنْعَزِلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِمَوْتِ السُّلْطَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُجْتَهِدٌ وَقَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَوَلِيُّ السُّلْطَانِ إلَخْ وَبَحْثُ الْبُلْقِينِيِّ إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فِي غَيْرِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ إعْلَامُهُ بِالْعَزْلِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَهُ إنْسَانٌ فِي نَفْسِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي ثُمَّ أَعْلَمَهُ بِمَا فِيهِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ وَأَنَّهُ لَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْهَمْ مَعْنَاهُ لِكَوْنِهِ أَعْجَمِيًّا وَالْكِتَابُ بِالْعَرَبِيَّةِ، أَوْ عَكْسُهُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يُخْبِرَهُ بِهِ إنْسَانٌ فَلْيُرَاجَعْ.
ثُمَّ رَأَيْت وَالِدَ الشَّارِحِ صَرَّحَ بِعَدَمِ انْعِزَالِهِ فِي الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لَا جَمِيعِ الْكِتَابِ) يَعْنِي فَإِنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ قِرَاءَتُهُ، فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ
(قَوْلُهُ: غَيْرُ قَاضِي ضَرُورَةٍ) دَخَلَ فِي قَاضِي الضَّرُورَةِ الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْقِنُّ وَالْأَعْمَى، فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِمَوْتِ السُّلْطَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُجْتَهِدٌ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ عَنْ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَعَذَّرَ جَمِيعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَوَلَّى سُلْطَانٌ لَهُ شَوْكَةٌ فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِابْنِ حَجَرٍ إلَّا أَنَّ ذَاكَ ذَكَرَهُ قَبْلُ
مُفَارَقَةِ مَجْلِسِ حُكْمِهِ (حَكَمْت بِكَذَا) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ (فَإِنْ شَهِدَ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ (آخَرَ بِحُكْمِهِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ يَشْهَدُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرَّ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ نَفْعًا وَلَمْ يَدْفَعْ ضَرَرًا، وَيُفَارِقُ الْمُرْضِعَةَ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهَا لَا تَتَضَمَّنُ تَزْكِيَةَ نَفْسِهَا بِخِلَافِ الْحَاكِمِ فِيهِمَا، وَخَرَجَ بِحُكْمِهِ شَهَادَتُهُ بِإِقْرَارٍ صَدَرَ فِي مَجْلِسِهِ فَيُقْبَلُ جَزْمًا (أَوْ) شَهِدَ (بِحُكْمِ حَاكِمٍ جَائِزِ الْحُكْمِ قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْمُرْضِعَةُ بِرَضَاعِ مَحْرَمٍ وَلَمْ تَذْكُرْ فِعْلَهَا، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَيَجِبُ الْبَيَانُ لِيَزُولَ اللَّبْسَ وَلَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ الْمُبْطِلِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْنِي حُكْمَهُ لَمْ يَقْبَلْهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ جَائِزُ الْحُكْمِ لِإِيهَامِ حَذْفِهِ حُكْمَ حَاكِمٍ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ كَحَاكِمِ الشُّرْطَةِ مَثَلًا (يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَ عَزْلِهِ حَكَمْت بِكَذَا) لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ حِينَئِذٍ حَتَّى لَوْ قَالَ عَلَى سَبِيلِ الْحُكْمِ نِسَاءُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ طَوَالِقُ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ قُبِلَ، وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي مَحْصُورَاتٍ وَإِلَّا فَهُوَ كَاذِبٌ مُجَازِفٌ وَفِي قَاضٍ مُجْتَهِدٍ وَلَوْ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ قَالَ وَلَا رَيْبَ عِنْدِي فِي عَدَمِ نُفُوذِهِ مِنْ فَاسِقٍ وَجَاهِلٍ، وَلَا بُدَّ فِي قَاضِي الضَّرُورَةِ مِنْ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ، فَلَوْ قَالَ حَكَمْت بِحُجَّةٍ أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ شَرْعًا وَامْتَنَعَ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ حُكْمُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ بِمُسْتَنَدٍ مُسْتَنَدًا، وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ بِشَاهِدَيْنِ فَقَالَا إنَّمَا شَهِدْنَا بِطَلَاقٍ مُقَيَّدٍ بِصِفَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ وَقَالَ بَلْ أَطْلَقْتُمَا قُبِلَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِي ذَلِكَ لِعِلْمِهِ وَأَمَانَتِهِ (فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) وَهُوَ خَارِجُ عَمَلِهِ لَا مَجْلِسِ حُكْمِهِ، وَدَعْوَى مَنْ أَرَادَ الثَّانِي أَرَادَ بِهِ أَنَّ مُوَلِّيَهُ قَيَّدَ وِلَايَتَهُ بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ (فَكَمَعْزُولٍ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ فَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِهِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فَكَمَعْزُولٍ عَدَمَ نُفُوذِ تَصَرُّفٍ مِنْهُ اسْتَبَاحَهُ بِالْوِلَايَةِ كَإِيجَارِ وَقْفٍ نَظَرُهُ لِلْقَاضِي وَبَيْعِ مَالِ يَتِيمٍ وَتَقْرِيرٍ فِي وَظِيفَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَتَزْوِيجِ مَنْ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ، نَعَمْ لَوْ اسْتَخْلَفَ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ مَنْ يَحْكُمُ بِهَا بَعْدَ وُصُولِهِ لَهَا صَحَّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ الِاسْتِخْلَافُ لَيْسَ بِحُكْمٍ حَتَّى يَمْتَنِعَ بَلْ مُجَرَّدُ إذْنٍ فَهُوَ كَمَحْرَمٍ، وَكُلُّ مَنْ يُزَوِّجُهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ أَطْلَقَ وَمُنَازَعَةُ بَعْضِهِمْ.
فِيهِ بِأَنَّهُ إذْنٌ اسْتَفَادَهُ بِالْوِلَايَةِ بِمَحَلٍّ مَخْصُوصٍ فَكَيْفَ يُعْتَدُّ مِنْهُ بِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ، وَأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِمُسَلَّمٍ لِأَنَّهُ الْمَحْرَمُ لَيْسَ مَمْنُوعًا إلَّا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ وَالْقَاضِي قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِإِذْنٍ وَلَا حُكْمٍ، وَإِنَّمَا قِيَاسُهُ أَنْ يُقَيَّدَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ بِبَلَدٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمُقَلِّدِ وَالْفَاسِقِ مَعَ وُجُودِ الْعَدْلِ وَعَدَمِ الْمُجْتَهِدِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ الْمُرْضِعَةَ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ حَيْثُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهَا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بَلْ الْمَقْصُودُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ التَّحْرِيمِ، وَقَوْلُهُ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهَا إلَخْ وَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِرْضَاعِ حُصُولُ اللَّبَنِ فِي جَوْفِ الطِّفْلِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ وَهَذَا الْمَعْنَى يُحْصَلُ بِإِرْضَاعِ الْفَاسِقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَذْكُرْ فِعْلَهَا) لَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ لِتَتِمَّ الْمُشَابَهَةُ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْمُرْضِعَةُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا وَإِنْ ذَكَرَتْ فِعْلِ نَفْسِهَا عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ بِمُسْتَنَدٍ مُسْتَنَدًا) أَيْ لَمْ يَنْهَ مُوَلِّيَهُ عَنْ طَلَبِ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فَإِنْ تَعَذَّرَ جَمْعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ أَرَادَ الثَّانِيَ) هُوَ قَوْلُهُ لَا مَجْلِسَ حِكْمَةٍ (قَوْلُهُ: قَيَّدَ وِلَايَتَهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ الْمُعْتَادِ نَفَذَ حُكْمُهُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ كُلِّهِ، وَإِنْ كَانَ قَيَّدَ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ كَمَسْجِدٍ مَثَلًا، وَمَحَلُّ عَمَلِهِ مَا نَصَّ مُوَلِّيهِ عَلَيْهِ أَوْ اُعْتِيدَ أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْمَجْلِسِ الَّذِي وَلَّاهُ لِيَحْكُمَ فِيهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ اسْتَخْلَفَ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَرْسَلَ لِمَنْ يَحْكُمُ عَنْهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ بَعْدَ وُصُولِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْقَاضِي الْمُسْتَخْلِفِ لَا لِمَنْ كَمَا يَسْتَدِلُّ عَلَيْهِ تَشْبِيهُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مِنْ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ) قَدْ مَرَّ هَذَا بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: قَيَّدَ وِلَايَتَهُ بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ) وَمِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ثَوَابِ الْقَاضِي الْأَصِيلِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ فَهُمْ خَارِجَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْمُسَمَّى بِالْمَحْكَمَةِ كَمَعْزُولَيْنِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ اسْتَخْلَفَ إلَخْ) قَدْ مَرَّ هَذَا بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ وُصُولِهِ) أَيْ الْخَلِيفَةَ
فَلَيْسَ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِيهِ التَّوْكِيلُ وَإِنْ جَوَّزْنَا لَهُ الْإِذْنَ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ فِي غَيْرِهَا مَرْدُودَةٌ بِصِحَّةِ الْقِيَاسِ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمَحْرَمِ فِي النِّكَاحِ مُخْتَلَّةٌ مُطْلَقًا بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ فِي زَمَنِ الْإِحْرَامِ وَصَحَّ إذْنُهُ الْمَذْكُورُ، فَكَذَلِكَ الْقَاضِي يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الْخَارِجِ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَصَحَّ إذْنُهُ فِيهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.
(وَلَوْ)(ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَعْزُولٍ) وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ الْإِخْبَارُ، فَتَسْمِيَتُهُ دَعْوَى مَجَازٌ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ حُضُورِهِ (أَنَّهُ أَخَذَ مَا لَهُ بِرِشْوَةٍ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الرِّشْوَةِ كَمَا بِأَصْلِهِ وَهِيَ مُثَلَّثَةُ الرَّاءِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَاهُ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالرِّشْوَةِ لَازِمُهَا: أَيْ بِبَاطِلٍ، فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ أَوْلَى لِإِيهَامِ عِبَارَةِ الْكِتَابِ أَنَّ الرِّشْوَةَ سَبَبٌ مُغَايِرٌ لِلْأَخْذِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (أَوْ شَهَادَةِ عَبْدَيْنِ مَثَلًا) وَأَعْطَاهُ لِفُلَانٍ وَمَذْهَبُهُ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا (أُحْضِرَ وَفُصِلَتْ خُصُومَتُهُمَا) لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِ ذَلِكَ بِغَيْرِ حُضُورِهِ، وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَلَا يَحْضُرَ، فَإِذَا حَضَرَ وَكِيلُهُ اُسْتُؤْنِفَتْ الدَّعْوَى، وَإِنَّمَا يَجِبُ إحْضَارُهُ إذَا ذَكَرَ شَيْئًا يَقْتَضِي الْمُطَالَبَةَ شَرْعًا كَمَا مَثَّلَهُ، فَلَوْ طَلَبَ إحْضَارَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ، إذْ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ حَقٌّ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ ابْتِذَالَهُ بِالْخُصُومَةِ (وَإِنْ قَالَ حَكَمَ بِعَبْدَيْنِ) أَوْ فَاسِقَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَأَنَا أُطَالِبُهُ بِالْغُرْمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا سُمِعَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الدَّعَاوَى الْمُلْزِمَةِ إذْ لَيْسَتْ بِنَفْسِ الْحَقِّ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا التَّدْرِيجُ إلَى إلْزَامِ الْخَصْمِ (وَلَمْ يَذْكُرْ مَا لَا أُحْضِرَ) لِيُجِيبَ عَنْ دَعْوَاهُ (وَقِيلَ لَا) يَحْضُرُ (حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ) لِأَنَّهُ كَانَ أَمِينَ الشَّرْعِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ أَحْكَامِ الْقُضَاةِ وُقُوعُهَا عَلَى وَفْقِ الصِّحَّةِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْ الظَّاهِرِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
صِيَانَةً لِوُلَاةِ الْمُسْلِمِينَ
عَنْ الْبِذْلَةِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا الظَّاهِرَ وَإِنْ سُلِّمَ لَا يَمْنَعُ إحْضَارَهُ لِتَبَيُّنِ الْحَالِ (فَإِنْ حَضَرَ) بَعْدَ الْبَيِّنَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ (وَأَنْكَرَ) بِأَنْ قَالَ لَمْ أَحْكُمْ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ لَمْ أَحْكُمْ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ حُرَّيْنِ (صَدَقَ بِلَا يَمِينٍ فِي الْأَصَحِّ) صِيَانَةً لَهُ عَنْ الِابْتِذَالِ (قُلْت: الْأَصَحُّ) أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا (بِيَمِينٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعُمُومِ خَبَرِ «وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَلِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ أَمِينٌ وَهُوَ كَالْوَدِيعِ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ، هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ عُلِمَ بَقَاءُ أَهْلِيَّتِهِ إلَى عَزْلِهِ، أَمَّا مَنْ ظَهَرَ فِسْقُهُ وَجَوْرُهُ وَعُلِمَتْ خِيَانَتُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَطْعًا، وَأَمَّا أُمَنَاؤُهُ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُ الْأُجْرَةِ إذَا حُوسِبَ بَعْضُهُمْ فَبَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَقَالَ أَخَذْت هَذَا الْمَالَ أُجْرَةً عَلَى عَمَلِي وَصَدَّقَهُ الْمَعْزُولُ لَمْ يَنْفَعْهُ تَصْدِيقُهُ وَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ مَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ.
(وَلَوْ)(اُدُّعِيَ عَلَى قَاضٍ) مُتَوَلٍّ (جَوْرٌ فِي حُكْمٍ)(لَمْ تُسْمَعْ) الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَنَّهُ يَحْلِفُ لَهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى شَاهِدٍ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا وَأَرَادَ تَغْرِيمَهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمِينُ الشَّرْعِ (وَتُشْتَرَطُ) لِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ (بَيِّنَةٌ) يُحْضِرُهَا بَيْنَ يَدَيْ الْمُدَّعِي عِنْدَهُ لِتُخْبِرَهُ حَتَّى يُحْضِرَهُ إذْ لَوْ فُتِحَ بَابُ تَحْلِيفِهِمَا لِكُلِّ مُدَّعٍ لَاشْتَدَّ الْأَمْرُ وَرَغِبَ النَّاسُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ (وَإِنْ) ادَّعَى عَلَى مُتَوَلٍّ بِشَيْءٍ (لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحُكْمِهِ) كَغَصْبٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ بَيْعٍ (حَكَمَ بَيْنَهُمَا خَلِيفَتُهُ أَوْ غَيْرُهُ) كَوَاحِدٍ مِنْ الرَّعِيَّةِ يُحَكِّمَانِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ: هَذَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِمَا لَا يَقْدَحُ فِيهِ وَلَا يُخِلُّ بِمَنْصِبِهِ وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى قَطْعًا وَلَا يَحْلِفُ وَلَا طَرِيقَ لِلْمُدَّعِي حِينَئِذٍ إلَّا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِالْمُحْرِمِ
(قَوْلُهُ: وَأَعْطَاهُ) عَطْفٌ عَلَى أَخَذَ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ) أَيْ وَقَالَ فِي دَعْوَاهُ وَهُوَ يَعْلَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي وَإِلَّا قَضَى بِهَا بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ مَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ مَالِكٌ مَعْلُومٌ دَفَعَ لَهُ وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُخِلُّ بِمَنْصِبِهِ) كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّوْكِيلِ
(قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَدْفَعُ الْأَوْلَوِيَّةَ وَالْإِيهَامُ قَائِمٌ، وَغَايَةُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ تَصْحِيحٌ لِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَا دَافِعٌ لِلْإِيهَامِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَضَرَ وَكِيلُهُ) لَعَلَّهُ سَقَطَ لَفْظُ أَوْ قَبْلَ قَوْلِهِ وَكِيلُهُ: أَيْ فَإِذَا حَضَرَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ
(قَوْلُهُ: مُتَوَلٍّ) أَيْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِمَا بَيِّنَةٌ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا يَأْتِي أَنَّ التَّزْوِيرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ