المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في مسائل منثورة ليقاس بها غيرها - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٨

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ

- ‌كِتَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقَلُّ الْجِزْيَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى نَحْوِ خَيْلٍ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ

- ‌فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌بَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ]

- ‌فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَمَا يَلْزَمُ سَيِّدَ الْمُكَاتَب وَيُنْدَبُ لَهُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان مَا يحرم عَلَى سَيِّد الْمُكَاتَب]

- ‌[فَصَلِّ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ قَبْلَ مَحِلِّهَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ وَمَا تُوَافِقُ أَوْ تُبَايِنُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ

- ‌كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَةُ الْكِتَابِ]

الفصل: ‌(فصل) في مسائل منثورة ليقاس بها غيرها

وَإِجَّاصٍ وَرُمَّانٍ، وَالْحَلْوَى تَخْتَصُّ بِالْمَعْمُولَةِ مِنْ حُلْوٍ (وَلَوْ)(قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ)(تَنَاوَلَ لَحْمَهَا) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ (دُونَ وَلَدٍ وَلَبَنٍ) فَلَا يَتَنَاوَلُهُمَا، بِخِلَافِ مَا سِوَاهُمَا مِمَّا مَرَّ فِي اللَّحْمِ إذْ الْأَكْلُ مِنْهَا يَشْمَلُ جَمِيعَ مَا هُوَ مِنْ أَجْزَائِهَا الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي تُؤْكَلُ (أَوْ) لَا يَأْكُلُ (مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَثَمَرٌ) مِنْهَا مَأْكُولٌ هُوَ الَّذِي يَحْنَثُ بِهِ (دُونَ وَرَقٍ وَطَرَفِ غُصْنٍ) حَمْلًا عَلَى الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ عُرْفًا وَيَلْحَقُ بِهِ الْجُمَّارُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ النِّيلِ أَوْ مِنْ مَاءِ النِّيلِ حَنِثَ بِالشُّرْبِ مِنْهُ بِيَدِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ فِي إنَاءٍ أَوْ كَرَعَ مِنْهُ، أَوْ لَا أَشْرَبُ مَاءَ النِّيلِ أَوْ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ أَوْ الْغَدِيرِ لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِ بَعْضِهِ

(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا

لَوْ (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الثَّمَرَةَ فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً) أَوْ بَعْضَهَا وَشَكَّ هَلْ هِيَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا أَوْ غَيْرُهَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَالْوَرَعُ أَنْ يُكَفِّرَ.

فَإِنْ أَكَلَ الْكُلَّ حَنِثَ لَكِنْ مِنْ آخِرِ جُزْءٍ أَكَلَهُ فَيَعْتَدُّ فِي حَلِفِهِ بِطَلَاقٍ مِنْ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (أَوْ) حَلَفَ (لَيَأْكُلَنَّهَا فَاخْتَلَطَتْ) بِتَمْرٍ وَانْبَهَمَتْ (لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِالْجَمِيعِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَإِنْ قَلَّتْ الْحُمُوضَةُ.

(قَوْلُهُ: وَالْحَلْوَى تَخْتَصُّ بِالْمَعْمُولَةِ مِنْ حُلْوٍ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تُسَمَّى بِسَبَبِهِ حَلْوَى بِأَنْ عُقِدَتْ عَلَى النَّارِ أَمَّا النَّشَاءُ الْمَطْبُوخُ بِالْعَسَلِ فَلَا يُسَمَّى عُرْفًا حَلْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا بَلْ وَلَا بِالْعَسَلِ وَحْدَهُ إذَا طُبِخَ عَلَى النَّارِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحَلْوَى مِنْ تَرَكُّبِهَا مِنْ جِنْسَيْنِ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ) التَّاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ فَتَشْمَلُ الثَّوْرَ (قَوْلُهُ: دُونَ وَلَدٍ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الدَّجَاجَةِ مَثَلًا لَمْ يَحْنَثْ بِبَيْضِهَا وَلَا بِمَا تُفَرِّخَ مِنْهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ دَجَاجَةً هَلْ يَشْمَلُ ذَلِكَ الدِّيكَ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهِ لِأَنَّ التَّاءَ فِي الدَّجَاجَةِ لِلْوَحْدَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَبَنٍ) أَيْ وَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ) أَيْ التَّمْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَيَلْحَقُ بِالثِّمَارِ الْجُمَّارُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ مَاءِ النِّيلِ) وَالْمُرَادُ بِمَاءِ النِّيلِ الْحَاصِلُ فِي أَيَّامِ الزِّيَادَةِ فِي زَمَنِهَا دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِالشُّرْبِ مِنْهُ) وَإِنَّمَا حَنِثَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَعَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْكُرْعِ بِالضَّمِّ مَجَازٌ فِي غَيْرِهِ لِتَكَافُؤِ الْمَجَازِ وَالْحَقِيقَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَمَّا إذَا لَمْ تَتَعَذَّرْ الْحَقِيقَةُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا مَعَ الْمَجَازِ الرَّاجِحِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ النَّهْرِ إذْ الْحَقِيقَةُ الْكُرْعُ بِالضَّمِّ وَكَثِيرٌ يَفْعَلُونَهُ، وَالْمَجَازُ الْمَشْهُورُ الْأَخْذُ بِالْيَدِ أَوْ الْإِنَاءِ فَيَحْنَثُ بِالْكُلِّ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَكَافَآ، إذْ فِي كُلِّ قُوَّةٌ لَيْسَتْ فِي الْآخَرِ اسْتَوَيَا فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِمَا إذْ لَا مُرَجِّحَ اهـ.

(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْوَرَعُ أَنْ يُكَفِّرَ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِالْجَمِيعِ) أَيْ فَإِنْ أَحَالَتْ الْعَادَةُ أَكْلَهُ تَعَذَّرَ الْبِرُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ حَلَفَ عَالِمًا بِإِحَالَةِ الْعَادَةِ لَهُ كَأَنْ انْصَبَّ الْكُوزُ فِي بَحْرٍ وَحَلَفَ لَيَشْرَبَن مَا انْصَبَّ مِنْ الْكُوزِ فِي الْبَحْرِ حَنِثَ حَالًا لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى مُسْتَحِيلٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَصْعَدَن السَّمَاءَ وَإِنْ طُرِدَ تَعَذُّرُهُ كَأَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَثَمَرٌ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَأْكُولٌ مِنْ ثَمَرٍ وَغَيْرِهِ هَلْ تُحْمَلُ الْيَمِينُ عَلَى غَيْرِ الْمَأْكُولِ بِقَرِينَةِ عَدَمِ الْمَأْكُولِ اهـ.

[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا]

(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ) أَيْ وَعَدَمُ نَحْوِ الطَّلَاقِ

ص: 203

أَيْ أَكْلِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَتْرُوكَةِ هِيَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا فَاشْتُرِطَ تَيَقُّنُ أَكْلِهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اخْتَلَطَتْ بِجَانِبٍ مِنْ الصُّبْرَةِ أَوْ مِمَّا هُوَ بِلَوْنِهَا وَغَيْرِهِ وَقَدْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا لَمْ يَحْنَثْ لَا بِأَكْلِهِ مِمَّا فِي جَانِبِ الِاخْتِلَاطِ وَمَا هُوَ بِلَوْنِهَا فَقَطْ (أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَإِنَّمَا يَبَرُّ بِجَمِيعِ حَبِّهَا) أَيْ أَكْلِهِ لِتَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِالْكُلِّ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لَا آكُلُهَا فَتَرَكَ حَبَّةً لَمْ يَحْنَثْ، وَمَرَّ فِي فُتَاتِ خُبْزٍ يَدِقُّ مَدْرَكُهُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ فَيَحْتَمِلُ مَجِيءُ مِثْلِهِ فِي حَبَّةِ رُمَّانَةٍ يَدِقُّ مَدْرَكُهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْحَبَّةِ أَنَّهُ لَا يَدُقُّ إدْرَاكُهَا بِخِلَافِ فُتَاتِ الْخُبْزِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ فِي بَعْضِ الْحَبَّةِ التَّفْصِيلُ كَفُتَاتِ الْخُبْزِ أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَسَلَّ مِنْهُ خَيْطًا لَمْ يَحْنَثْ، وَفَارَقَ لَا أُسَاكِنُك فِي هَذِهِ الدَّارِ فَانْهَدَمَ بَعْضُهَا وَسَاكَنَهُ فِي الْبَاقِي بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى صِدْقِ الْمُسَاكَنَةِ وَلَوْ فِي جُزْءٍ مِنْ الدَّارِ وَثَمَّ عَلَى لُبْسِ الْجَمِيعِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ حَلَفَ لَا أَرْكَبُ هَذَا الْحِمَارَ أَوْ السَّفِينَةَ فَقُطِعَ مِنْهُ جُزْءٌ وَقُلِعَ مِنْهَا لَوْحٌ مَثَلًا ثُمَّ رَكِبَ ذَلِكَ حَنِثَ، أَوْ لَا أُكَلِّمُ هَذَا فَقُطِعَ أَكْثَرُ بَدَنِهِ فَكَذَلِكَ إذْ الْقَصْدُ هُنَا النَّفْسُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ مَا بَقِيَ الْمُسَمَّى، وَلَا كَذَلِكَ اللُّبْسُ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى مُلَابَسَةِ الْبَدَنِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَسَلَّ مِنْهُ خَيْطًا لَمْ يَحْنَثْ كَمَا مَرَّ (أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَيْهِمَا (فَإِنْ لَبِسَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا حَنِثَ) لِوُجُودِ لُبْسِهِمَا (أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ حَتَّى لَوْ حَنِثَ فِي أَحَدِهِمَا بَقِيَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ وُجِدَ وَجَبَتْ كَفَّارَةٌ أُخْرَى لِأَنَّ الْعَطْفَ مَعَ تَكَرُّرٍ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، فَإِنْ أَسْقَطَ لَا كَأَنْ قَالَ لَا آكُلُ هَذَا وَهَذَا، أَوْ لَآكُلَنَّ هَذَا وَهَذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَانْصَبَّ بَعْدَ حَلِفِهِ، فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَتَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِهِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ حَنِثَ حَالًا لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِنْ انْصَبَّ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ شُرْبِهِ قَبْلُ وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا لِعُذْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا يَبَرُّ بِجَمِيعِ حَبِّهَا) أَيْ وَإِنْ تَرَكَ الْقِشْرَ وَمَا فِيهِ مِمَّا يَتَّصِلُ بِالْحَبِّ الْمُسَمَّى بِالشَّحْمِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَن هَذِهِ الْبِطِّيخَةَ بَرَّ بِأَكْلِ مَا يُعْتَادُ أَكْلُهُ مِنْ لَحْمِهَا فَلَا يَضُرُّ تَرْكُ الْقِشْرِ وَاللُّبِّ، ثُمَّ يَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ أَكْلُ جَمِيعِ مَا يُمْكِنُ عَادَةً مِنْ لَحْمِهَا أَوْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ؟ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَتَرَكَ حَبَّةً) أَيْ أَوْ بَعْضَهَا مِمَّا يَدُقُّ مَدْرَكُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ يَدُقُّ مَدْرَكُهُ) أَيْ إدْرَاكُهُ بِحَيْثُ لَا يَسْهُلُ الْتِقَاطُهُ عَادَةً بِالْيَدِ وَإِنْ أَدْرَكَهُ الْبَصَرُ (قَوْلُهُ: فَسَلَّ مِنْهُ خَيْطًا) أَيْ وَلَيْسَ مِمَّا خِيطَ بِهِ بَلْ مِنْ أَصْلِ مَنْسُوجِهِ وَمِثْلُ هَذَا الثَّوْبُ هَذَا الشَّاشُ أَوْ الرِّدَاءُ مَثَلًا فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ قَالَ لَا أَلْبَسُهُ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَرْتَدِي بِهَذَا الثَّوْبِ أَوْ لَا أَتَعَمَّمُ بِهَذِهِ الْعِمَامَةِ أَوْ لَا أَلُفُّ هَذَا الشَّاشَ فَهَلْ هُوَ مِثْلُ اللُّبْسِ فَيَبَرُّ بِسَلِّ خَيْطٍ مِنْهُ أَوْ مِثْلُ رُكُوبِ الدَّابَّةِ فَلَا يَبَرُّ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الِارْتِدَاءِ وَنَحْوِهِ فِي حُكْمِ اللُّبْسِ مِنْ مُلَامَسَتِهِ جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ، قَوْلَهُ فَسَلَّ مِنْهُ خَيْطًا: أَيْ قَدْرَ أُصْبُعٍ مَثَلًا طُولًا لَا عَرْضًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ نَقْلًا عَنْ الشَّاشِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا أَرْكَبُ هَذَا الْحِمَارَ) أَيْ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْبَرْذَعَةِ فِيمَا يَظْهَرُ.

(قَوْلُهُ: إذْ الْقَصْدُ هُنَا النَّفْسُ) تَوْجِيهٌ لِمَنْ ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ لَا أَرْكَبُ إلَى هُنَا وَمِنْهُ لَا أَرْكَبُ هَذِهِ السَّفِينَةَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَوْجُودَةٌ مَا بَقِيَ الْمُسَمَّى) وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي عَدَمِ الْبِرِّ بِقَطْعِ جُزْءٍ مِنْهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْقُدُ عَلَى هَؤُلَاءِ الطَّرَارِيحِ أَوْ الطَّرَّاحَةِ أَوْ الْحَصِيرِ أَوْ الْحِرَامِ فَيَحْنَثُ بِالرُّقَادِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهُ لِوُجُودِ مُسَمَّاهُ بَعْدَ الْقَطْعِ، وَكَذَا لَوْ فَرَشَ عَلَى ذَلِكَ مُلَاءَةً مَثَلًا لِأَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّهُ رَقَدَ عَلَيْهَا، بَلْ هَذَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي النَّوْمِ عَلَى الطَّرَّاحَةِ فَتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا نُقِلَ مِنْ خِلَافِهِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ اللُّبْسُ) قَضِيَّةُ التَّفْسِيرِ بِاللُّبْسِ جَرَيَانُ هَذَا فِي غَيْرِ الثَّوْبِ مِنْ نَحْوِ زرموزة وَقَبْقَابٍ وَسَرَاوِيلَ فَيَبَرُّ فِي الْكُلِّ بِقَطْعِ جُزْءٍ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَا خِيطَ بِهِ (قَوْلُهُ: فَسَلَّ مِنْهُ خَيْطًا) أَيْ وَإِنْ قَلَّ حَيْثُ كَانَ يَحُسُّ وَيُدْرِكُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِأَكْلِهَا فِي جَانِبِ الِاخْتِلَاطِ) أَيْ وَيَبَرُّ بِذَلِكَ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرِ (قَوْلِهِ وَمَرَّ فِي فُتَاتِ خُبْزٍ) أَيْ مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى

ص: 204

أَوْ اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ فِي الْأُولَى وَالْبِرُّ فِي الثَّانِيَةِ بِهِمَا، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْإِثْبَاتَ كَالنَّفْيِ الَّذِي لَمْ يُعِدْ مَعَهُ حَرْفَهُ هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ، وَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّهُ كَالْمَنْفِيِّ الْمَعَادِ مَعَهُ حَرْفُهُ حَتَّى تَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ لِوُجُودِ حَرْفِ الْعَطْفِ فِيهِ تَوَقَّفَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ أَوْجَبَ حَرْفُ الْعَطْفِ تَعَدُّدَ الْيَمِينِ فِي الْإِثْبَاتِ لَأَوْجَبَهُ فِي النَّفْيِ: أَيْ غَيْرِ الْمَعَادِ مَعَهُ حَرْفُهُ انْتَهَى.

وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الثَّانِي هُوَ الْعَامِلُ فِي الْأَوَّلِ بِتَقْوِيَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ، وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الثَّانِي فِعْلٌ مُقَدَّرٌ وَلَوْ عَطَفَ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ عَمِلَ بِقَضِيَّةِ كُلٍّ مِنْ تَرْتِيبٍ بِمُهْمَلَةٍ أَوْ عَدَمِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ نَحْوِيًّا أَمْ لَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ.

(أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ) أَوْ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ أَوْ لَيُسَافِرَنَّ (غَدًا فَمَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ الْغَدِ لَا بِقَتْلِهِ نَفْسَهُ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ (وَإِنْ مَاتَ) أَوْ نَسِيَ (أَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ) أَوْ بَعْضُهُ (فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ) مِنْ قَضَائِهِ أَوْ السَّفَرِ أَوْ (مِنْ أَكْلِهِ) بِأَنْ أَمْكَنَهُ إسَاغَتُهُ وَلَوْ مَعَ شِبَعِهِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي مَبْحَثِ الْإِكْرَاهِ، وَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ بَعْضِهِمْ مِنْ كَوْنِ الشِّبَعِ عُذْرًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا تَقَرَّرَ (حَنِثَ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا هَلْ يَحْنَثُ بِلُبْسِ الْخَاتَمِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى لُبْسًا فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَآكُلَن هَذَا وَهَذَا) قَالَ حَجّ: وَلَوْ حَلَفَ لَا أَلْبَسُ هَذَا أَوْ هَذَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِلُبْسِهِمَا اهـ.

وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ: يَنْبَغِي الْحِنْثُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا أَلْبَسُ أَحَدَهُمَا وَيَلْبَسُ وَاحِدًا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَبِسَ الْأَحَدَ (قَوْلُهُ: عَمِلَ بِقَضِيَّةِ كُلٍّ مِنْ تَرْتِيبٍ بِمُهْمَلَةٍ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ) لَكِنْ قَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي أَنَّ دَخَلْت بِالْفَتْحِ خِلَافُهُ، وَعَلَيْهِ فَيَتَّجِهُ فِي عَامِّيٍّ لَا نِيَّةَ لَهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ تَرْتِيبٌ فَضْلًا عَنْ قَدْرِهِ اهـ حَجّ.

وَقَوْلُهُ فَضْلًا عَنْ قَدْرِهِ هُوَ التَّرَاخِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَيَأْكُلَن ذَا الطَّعَامَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَكْلُهُ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَمَكُّنِهِ) قَالَ حَجّ: لَمْ يُبَيِّنُوا لِلتَّمَكُّنِ هُنَا ضَابِطًا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ مَا نَصُّهُ: وَوَاضِحٌ أَنَّهُ حَيْثُ خُشِيَ مِنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ لَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ.

فَإِنْ لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي تَوَهُّمُ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ، لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ظَنِّ وُجُودِهِ بِلَا مَانِعٍ مِمَّا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ وَأَنَّ الْمَشْيَ وَالرُّكُوبَ هُنَا كَالْحَجِّ وَأَنَّ الْوَكِيلَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ بِنَفْسِهِ كَمَا مَرَّ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَيُعَدُّ مُتَمَكِّنًا إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ طَلَبَهَا الْوَكِيلُ فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْحَجِّ، وَأَنَّ قَائِدَ الْأَعْمَى وَنَحْوَ مَحْرَمِ الْمَرْأَةِ وَالْأَمْرَدِ كَمَا فِي الْحَجِّ فَيَجِبُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، وَأَنَّ أَعْذَارَ الْجُمُعَةِ وَنَحْوَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عُذْرٌ هُنَا إلَّا نَحْوَ أَكْلٍ كَرَبِّهِ مِمَّا لَا أَثَرَ لَهُ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ كَمَا يَأْتِي، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُكْمُ مَسْأَلَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ شَخْصٌ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ الْحَمَّامَ الْفُلَانِيَّ غَدًا فَلَمَّا أَصْبَحَ الْغَدُ وَجَدَهُ مَشْغُولًا بِالنِّسَاءِ وَتَعَذَّرَ دُخُولُهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهُنَّ وَلَوْ لِنَحْوِ مَسْلَخَةٍ مَثَلًا وَهِيَ الْحِنْثُ حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْ دُخُولِهِ قَبْلَ مَجِيئِهِنَّ وَتَرْكُهُ بِلَا عُذْرٍ وَعَدَمُهُ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ، لَكِنْ لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي الْحَمَّامِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَنَّ النِّسَاءَ لَا تَدْخُلُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِلدُّخُولِ فَأَخَّرَ دُخُولَهُ لِظَنِّ إمْكَانِ دُخُولِهِ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ فَاتَّفَقَ أَنَّ النِّسَاءَ دَخَلْنَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ كَانَ يُمْكِنُهُ الدُّخُولُ فِيهِ لَوْ أَرَادَهُ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا بِتَأْخِيرِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنْ أَضَرَّهُ لَمْ يَحْنَثْ بِتَرْكِ الْأَكْلِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

هَذَا مَعَ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ حَتَّى تَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ) لَعَلَّ مُرَادَ الْمُتَوَلِّي بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُمَا لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ، لَا أَنَّهُ إذَا فَعَلَ أَحَدَهُمَا بَرَّ إذْ لَا وَجْهَ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ) إلَخْ قَدْ يُقَالُ: لَوْ بَنَى الْمُتَوَلِّي كَلَامَهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْمَذْكُورِ لَقَالَ بِالتَّعَدُّدِ فِي جَانِبِ النَّفْيِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ قَائِلٍ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ إلْزَامِ الرَّوْضَةِ لَهُ بِهِ كَمَا مَرَّ

ص: 205

حِينَئِذٍ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ قَتْلُهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ الْغَدِ مُقْتَضِيًا لِحِنْثِهِ لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِذَلِكَ أَيْضًا، وَكَذَا لَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ قَبْلَهُ بِتَقْصِيرِهِ كَأَنْ أَمْكَنَهُ دَفْعُ أَكْلِهِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ (وَ) فِي مَوْتِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ التَّمَكُّنِ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلَانِ كَمُكْرَهٍ) وَالْأَظْهَرُ عَدَمُهُ لِعُذْرِهِ وَحَيْثُ أَطْلَقُوا قَوْلَ الْمُكْرَهِ فَمُرَادُهُمْ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْحِنْثِ فَقَطْ، أَمَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا (وَإِنْ أَتْلَفَهُ) عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا (بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ) كَأَدَائِهِ الدَّيْنَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا وَلَمْ يَنْوِ أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ أَدَاءَهُ عَنْ الْغَدِ (قَبْلَ الْغَدِ) أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ (حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَمَرَّ أَنَّ تَقْصِيرَهُ فِي تَلَفِهِ كَإِتْلَافِهِ لَهُ، ثُمَّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ وَمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُهُ فِيهِ ذَلِكَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ (وَإِنْ تَلِفَ) الطَّعَامُ بِنَفْسِهِ (أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) قَبْلَ الْغَدِ أَوْ التَّمَكُّنِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ (فَكَمُكْرَهٍ) فَلَا يَحْنَثُ إذْ لَا يَفُوتُ الْبِرُّ بِاخْتِيَارِهِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ إلْحَاقِ مَسْأَلَةِ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّهُ أَوْ لَأُسَافِرَن بِمَسْأَلَةِ الطَّعَامِ فِيمَا ذُكِرَ فِيهَا هُوَ الْقِيَاسُ، كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيُسَافِرَن فِي هَذَا الشَّهْرِ ثُمَّ خَالَعَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ قَبْلَ الْخُلْعِ وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ.

(أَوْ)(لَأَقْضِيَنك حَقَّك) سَاعَةَ بَيْعِي لِكَذَا فَبَاعَهُ مَعَ غَيْبَةِ رَبِّ الدَّيْنِ حَنِثَ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ حَالًا لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ بِبَيْعِهِ ذَلِكَ مَعَ غَيْبَةِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ إلَى زَمَنٍ فَمَاتَ بَعْدَ تَمَكُّنٍ مِنْ قَضَائِهِ حَنِثَ قُبَيْلَ مَوْتِهِ لِأَنَّ لَفْظَ الزَّمَنِ لَا يُعَيِّنُ وَقْتًا فَكَانَ جَمِيعُ الْعُمْرِ مُهْلَتَهُ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ لَحْظَةٍ فِي أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ حِينٍ أَوْ إلَى زَمَنٍ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فَتَعَلَّقَ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى زَمَنًا وَمَا هُنَا وَعْدٌ وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِأَوَّلِ مَا يَقَعُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَكِنْ لَوْ تَعَاطَى مَا حَصَلَ بِهِ الشِّبَعُ الْمُفْرِطُ فِي زَمَنٍ يُعْلَمُ عَادَةً أَنَّهُ لَا يَنْهَضِمُ الطَّعَامُ فِيهِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ هَلْ يَحْنَثُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَوَّلًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا ذُكِرَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذِي الرُّمَّانَةَ مَثَلًا فَوَجَدَهَا عَافِنَةً تَعَافُهَا الْأَنْفُسُ وَيَتَوَلَّدُ الضَّرَرُ مِنْ تَنَاوُلِهَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ، أَمَّا لَوْ وَجَدَهَا سَلِيمَةً وَتَمَكَّنَ مِنْ أَكْلِهَا فَتَرَكَهَا حَتَّى عَفِنَتْ فَيَحْنَثُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ.

وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلَهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِذَلِكَ) هَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ لِمَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْغَدِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ وَحَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهَا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا حِنْثَ وَإِنْ قَتَلَ نَفْسَهُ فَلْيُرَاجَعْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ وَلَا فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ.

وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلَهُ لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِذَلِكَ وَلَيْسَ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ قَتَلَ عَمْدًا عُدْوَانًا وَقُتِلَ فِيهِ وَلَوْ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ لِجَوَازِ الْعَفْوِ عَنْهُ مِنْ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: كَأَدَائِهِ الدَّيْنَ) الْكَافُ فِيهِ لِلتَّنْظِيرِ لَا لِلتَّمْثِيلِ لِأَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ لَيْسَ إتْلَافًا وَلَكِنَّهُ تَفْوِيتٌ لِلْبِرِّ (قَوْلُهُ: الَّتِي قَدَّمْنَاهَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ. [فَرْعٌ]

وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ رَجُلٍ حَنَفِيِّ الْمَذْهَبِ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِشَاهِدَيْنِ حَنَفِيَّيْنِ فَهَلْ الْعَقْدُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِمَا صُورَتُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الشُّهُودِ حَنَفِيَّةً وَلَا لِكَوْنِ الزَّوْجِ وَالْعَاقِدِ لَهُ كَذَلِكَ، وَلَهُ تَقْلِيدُ الشَّافِعِيِّ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَنْقُولُ عِنْدَهُمْ خِلَافَهُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَرْفَعَ إلَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَالدَّعْوَى عِنْدَهُ وَلَوْ حِسْبَةً بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ وَطَلَبِ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا فَيَحْكُمُ الشَّافِعِيُّ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِيَرْتَفِعَ الْخِلَافُ.

(قَوْلُهُ: لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُرِدْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ الْفَرْضُ أَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا قَبْلَ الْغَدِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعِبَارَةِ، وَحِينَئِذٍ فَعَدَمُ الْحِنْثِ هُنَا مُشْكِلٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمِنْ ثَمَّ أَلْحَقَ قَتْلَهُ لِنَفْسِهِ إلَخْ إذْ هُوَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُفَوِّتٌ لِلْبِرِّ بِاخْتِيَارِهِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ وَقَدْ يُفَرَّقُ

ص: 206

عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ هُنَا بَيْنَ بِاَللَّهِ وَالطَّلَاقِ، أَوْ إلَى أَيَّامٍ فَثَلَاثَةٌ أَوْ (عِنْدَ) أَوْ مَعَ (رَأْسِ الْهِلَالِ) أَوْ أَوَّلِ الشَّهْرِ (فَلْيَقْضِهِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ) ظَرْفٌ لِغُرُوبٍ لَا لِيَقْضِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ بَدَلًا لِإِبْهَامِهِ، إذْ آخِرُ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْحُكْمِ أَصَالَةً يُطْلَقُ عَلَى نِصْفِهِ الْآخِرِ وَالْيَوْمِ الْأَخِيرِ وَآخِرِ لَحْظَةٍ مِنْهُ (الشَّهْرُ) الَّذِي وَقَعَ الْحَلِفُ فِيهِ أَوْ الَّذِي قَبْلَ الْمُعَيَّنِ لِاقْتِضَاءِ عِنْدَ وَمَعَ الْمُقَارَنَةَ فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ لِيَقَعَ الْقَضَاءُ مَعَ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ، وَالْمُرَادُ الْأَوَّلِيَّةُ الْمُمْكِنَةُ عَادَةً لِاسْتِحَالَةِ الْمُقَارَنَةِ الْحَقِيقِيَّةِ (فَإِنْ قَدَّمَ) الْقَضَاءَ عَلَى ذَلِكَ (أَوْ مَضَى بَعْدَ الْغُرُوبِ قَدْرُ إمْكَانِهِ) الْعَادِي وَلَمْ يَقْضِ (حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَأْتِيَ رَأْسُ الْهِلَالِ إلَّا وَقَدْ خَرَجَ عَنْ حَقِّهِ لَمْ يَحْنَثْ بِالتَّقْدِيمِ (وَإِنْ شَرَعَ فِي) الْعَدِّ أَوْ الذَّرْعِ أَوْ (الْكَيْلِ) أَوْ الْوَزْنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ غُرُوبِ الشَّمْسِ (وَلَمْ يَفْرُغْ لِكَثْرَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي الْقَضَاءِ عِنْدَ مِيقَاتِهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارُ تَوَاصُلِ نَحْوِ الْكَيْلِ فَيَحْنَثُ بِتَخَلُّلِ فَتَرَاتٍ تَمْنَعُ تَوَاصُلَهُ بِلَا عُذْرٍ نَعَمْ لَوْ حَمَلَ حَقَّهُ إلَيْهِ مِنْ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَصِلْ مَنْزِلَهُ إلَّا بَعْدَ لَيْلَةٍ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَا يَحْنَثُ بِالتَّأْخِيرِ لِشَكِّهِ فِي الْهِلَالِ.

(أَوْ)(لَا يَتَكَلَّمُ فَسَبَّحَ) أَوْ هَلَّلَ أَوْ حَمِدَ أَوْ دَعَا بِمَا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ كَأَنْ لَا يَكُونَ مُحَرَّمًا وَلَا مُشْتَمِلًا عَلَى خِطَابِ مَخْلُوقٍ غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (أَوْ قَرَأَ) وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ (قُرْآنًا) وَإِنْ كَانَ جُنُبًا (فَلَا حِنْثَ) بِخِلَافِ مَا عَدَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ زَمَنًا يُعَدُّ بِهِ مُقَصِّرًا عُرْفًا (قَوْلُهُ: فَثَلَاثَةٌ) أَيْ فَيَحْنَثُ قُبَيْلَ مَوْتِهِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَضَائِهِ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ رَأْسِ الْهِلَالِ) لَوْ حَذَفَ: رَأْسَ؛ بَرَّ بِدَفْعِهِ لَهُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ مِنْ الشَّهْرِ الْجَدِيدِ (قَوْلُهُ: فَلْيَقْضِهِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقْضِيَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَكْفِي فِعْلُ وَكِيلِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَإِنَّمَا جَعَلُوا إعْطَاءَ وَكِيلِهِ بِحَضْرَتِهَا كَإِعْطَائِهَا كَمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ فِي إنْ أَعْطَيْتنِي لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسَمَّى إعْطَاءَ الِاكْتِفَاءِ بِإِعْطَاءِ وَكِيلِهِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ قَضَاهُ حَقَّهُ.

وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ، قَوْلَهُ فَلْيَقْضِ إلَخْ لَوْ وَجَدَ الْغَرِيمَ مُسَافِرًا آخِرَ الشَّهْرِ هَلْ يُكَلَّفُ السَّفَرَ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ بِلَا مَشَقَّةٍ وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ يُطْلَقُ عَلَى نِصْفِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَن حَقَّهُ آخِرَ الشَّهْرِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَلَا يَحْنَثُ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْهُ بَلْ يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِ الْأَدَاءِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ كُلِّهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَيَحْنَثُ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: حَنِثَ) وَمَحَلُّهُ فِي التَّقْدِيمِ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَمَضَى بَعْدَ غُرُوبِهَا زَمَنٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ الْقَضَاءُ عَادَةً أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ خَرَجَ عَنْ حَقِّهِ) أَيْ بِعِنْدَ أَوْ مَعَ إلَى لَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ خَالَفَ مَعَ تَمَكُّنِهِ حَنِثَ نَصُّهَا: فَيَنْبَغِي أَنْ يَعُدَّ الْمَالَ وَيَتَرَصَّدَ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَيَقْضِيَهُ فِيهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ إعْدَادِ الْمَالِ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ لِصَاحِبِ الْحَقِّ إلَّا بِالذَّهَابِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ مَثَلًا وَلَمْ يَفْعَلْ الْحِنْثُ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَى الْأَدَاءِ فِيهِ وَإِنْ شَرَعَ فِي الذَّهَابِ لِصَاحِبِ الْحَقِّ عِنْدَ وُجُودِ الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ هَلَّلَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ جُنُبًا) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْحِنْثِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقُرْآنَ بِأَنْ قَصَدَ الذِّكْرَ أَوْ أَطْلَقَ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ كَوْنُهُ قُرْآنًا لَمْ يَنْتِفْ كَوْنُهُ ذِكْرًا وَهُوَ لَا يَحْنَثُ بِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ) لَعَلَّ وَجْهَ الْفَسَادِ أَنَّ الْآخِرَ جُزْءٌ مِنْ الشَّهْرِ الْمَاضِي وَعِنْدَ الْغُرُوبِ لَا آخِرَ فَلَا يَتَحَقَّقُ آخِرٌ عِنْدَ الْغُرُوبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إذْ آخِرُ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا يَلْزَمُ أَيْضًا عَلَى جَعْلِ آخِرٍ ظَرْفًا لِغُرُوبٍ بَلْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ الْمَارُّ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ

ص: 207

أَيْ إنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَوْلَا الْعَارِضُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ لِانْصِرَافِ الْكَلَامِ عُرْفًا إلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ وَمِنْ ثَمَّ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَدَعْوَى أَنَّ نَحْوَ التَّسْبِيحِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ كَلَامٌ لُغَةً وَعُرْفًا وَهُوَ لَمْ يَحْلِفْ لَا يُكَلِّمُ النَّاسَ بَلْ لَا يَتَكَلَّمُ تُرَدُّ بِأَنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ مُقَدَّمٌ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى كَلَامًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، عَلَى أَنَّ الْعَادَةَ الْمُطَّرِدَةَ أَنَّ الْحَالِفِينَ كَذَلِكَ إنَّمَا يُرِيدُونَ غَيْرَ مَا ذُكِرَ، وَكَفَى بِذَلِكَ مُرَجِّحًا، وَكَذَا نَحْوُ بَعْضِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ.

(أَوْ)(لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) وَلَوْ مِنْ صَلَاةٍ كَمَا مَرَّ أَوْ قَالَ لَهُ قُمْ مَثَلًا أَوْ دَقَّ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَقَالَ لَهُ عَالِمًا بِهِ مَنْ (حَنِثَ) إنْ سَمِعَهُ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ فَهْمُهُ لِمَا سَمِعَهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ أَوْ لَا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ.

وَقَضِيَّةُ اشْتِرَاطِهِمْ سَمْعَهُ الْأَوَّلَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْهُ عَارِضٌ كَانَ كَمَا لَوْ سَمِعَهُ، وَلَوْ عَرَضَ لَهُ كَأَنْ خَاطَبَ جِدَارًا بِحَضْرَتِهِ بِكَلَامٍ لِيُفْهِمَهُ بِهِ أَوْ ذَكَرَ كَلَامًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَاطِبَ أَحَدًا بِهِ اُتُّجِهَ جَرَيَانُ مَا ذُكِرَ فِي التَّفْصِيلِ فِي قِرَاءَةِ آيَةٍ فِي ذَلِكَ (وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا) حِنْثَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ (فِي الْجَدِيدِ) لِانْتِفَاءِ كَوْنِهَا كَلَامًا عُرْفًا وَإِنْ كَانَتْ لُغَةً وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْقَدِيمُ نَعَمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا} [الشورى: 51] فَاسْتَثْنَى الرِّسَالَةَ مِنْ التَّكَلُّمِ وقَوْله تَعَالَى {أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا} [آل عمران: 41] فَاسْتَثْنَى الرَّمْزَ مِنْ الْكَلَامِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْهُ، نَعَمْ إنْ نَوَى شَيْئًا مِمَّا مَرَّ حَنِثَ بِهِ لِأَنَّ الْمَجَازَ يَقْبَلُ إرَادَتَهُ بِالنِّيَّةِ وَجُعِلَتْ نَحْوُ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ فِي غَيْرِ هَذَا وَنَحْوِهِ كَعِبَارَتِهِ لِلضَّرُورَةِ (وَإِنْ قَرَأَ آيَةً أَفْهَمَهُ بِهَا مَقْصُودَهُ وَقَصَدَ قِرَاءَةً) وَلَوْ مَعَ قَصْدِ التَّفْهِيمِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِعَدَمِ تَكْلِيمِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ وَحْدَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا (حَنِثَ) لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ، وَمَا نُوَزِّعُ بِهِ صُورَةَ الْإِطْلَاقِ مَرْدُودٌ بِإِبَاحَةِ الْقِرَاءَةِ حِينَئِذٍ لِلْجُنُبِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ مَا تَلَفَّظَ بِهِ كَلَامٌ لَا قُرْآنٌ.

وَلَوْ حَلَفَ لَيُثْنِيَنَّ عَلَى اللَّهِ بِأَجَلِّ الثَّنَاءِ وَأَعْظَمِهِ فَطَرِيقُ الْبِرِّ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك، فَلَوْ قَالَ: أَحْمَدُهُ بِمَجَامِعِ الْحَمْدِ أَوْ بِأَجَلِّهَا فَإِنَّهُ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، أَوْ لَأُصَلِّيَنَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلَ صَلَاةٍ فِيمَا يُقَالُ عَقِبَ التَّشَهُّدِ فِيهَا.

وَلَوْ قِيلَ لَهُ كَلِّمْ زَيْدًا الْيَوْمَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْته انْعَقَدَتْ عَلَى الْأَبَدِ مَا لَمْ يَنْوِ الْيَوْمَ، فَإِنْ كَانَ فِي طَلَاقٍ وَقَالَ أَرَدْت

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَكَذَا نَحْوُ بَعْضِ التَّوْرَاةِ) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ، أَيْ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ تَبْدِيلُهُمَا وَإِلَّا فَيَحْنَثُ بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالْبَعْضِ مَا لَوْ قَرَأَهُمَا كُلَّهُمَا فَيَحْنَثُ لِتَحَقُّقِ أَنَّهُ أَتَى بِمَا هُوَ مُبَدَّلٌ.

قَالَ حَجّ بَلْ لَوْ قِيلَ إنَّ أَكْثَرَهُمَا كَكُلِّهِمَا لَمْ يَبْعُدْ

(قَوْلُهُ: لَكِنْ مَنَعَ مِنْهُ عَارِضٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْعَارِضُ صَمَمًا.

وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّ الصُّمَّ لَا قُوَّةَ فِيهِمْ وَلَا فَعَلَ عَدَمَ الْحِنْثِ هُنَا بِتَكْلِيمِهِ الْأَصَمَّ فَلْيُرَاجَعْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ فِي الذَّخَائِرِ كَالْحِلْيَةِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ الْأَصَمَّ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي صَمَمٍ يَمْنَعُ السَّمَاعَ مِنْ أَصْلِهِ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ طُرُوءِ الصَّمَمِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَكَوْنِهِ كَذَلِكَ وَقْتَهُ وَإِنْ عُلِمَ بِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَجَازَ يَقْبَلُ إرَادَتَهُ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْكَلَامِ بِالْفَمِ.

وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ فَصْلِ " حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا " مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ الْأَلْفَاظَ تُحْمَلُ عَلَى حَقَائِقِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَجَازُ مُتَعَارَفًا وَيُرِيدُ دُخُولَهُ فَيَدْخُلُ أَيْضًا خِلَافُهُ، وَيُؤَيِّدُ الْحِنْثَ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ وَقَالَ: أَرَدْت مَسْكَنَهُ مِنْ الْحِنْثِ بِمَا يَسْكُنُهُ وَلَيْسَا مِلْكًا لَهُ وَبِمَا يَمْلِكُهُ وَلَمْ يَسْكُنْهُ حَيْثُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ) أَيْ حَاصِلٌ بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الْخَبَرِ) أَيْ خَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ»

(قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ جَرَيَانُ مَا ذُكِرَ) أَيْ فِيمَا يَأْتِي

ص: 208

الْيَوْمَ قُبِلَ فِي الْحُكْمِ أَيْضًا لِلْقَرِينَةِ.

(أَوْ لَا مَالَ لَهُ) وَأَطْلَقَ أَوْ عَمَّمَ (حَنِثَ بِكُلِّ نَوْعٍ) مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ لَهُ (وَإِنْ قَلَّ) إذَا كَانَ مُتَمَوَّلًا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ (حَتَّى ثَوْبِ بَدَنِهِ) لِصِدْقِ اسْمِ الْمَالِ بِهِ، نَعَمْ لَا يَحْنَثُ بِمِلْكِهِ لِمَنْفَعَةٍ لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهَا مَالًا حَالَةَ الْإِطْلَاقِ (وَمُدَبَّرٍ) لَهُ لَا لِمُوَرِّثِهِ إذَا تَأَخَّرَ عِتْقُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ) وَأُمِّ وَلَدٍ (وَمَا أُوصِيَ) لَهُ (بِهِ) لِأَنَّ الْكُلَّ مِلْكُهُ (وَدَيْنٍ حَالٍّ) وَلَوْ عَلَى مُعْسِرٍ وَجَاحِدٍ بِلَا بَيِّنَةٍ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إلَّا إنْ مَاتَ لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ تَبَرُّعِ آخَرَ بِوَفَائِهِ عَنْهُ أَوْ يَظْهَرُ لَهُ بَعْدُ بِنَحْوِ فَسْخِ بَيْعٍ وَبِفَرْضِ عَدَمِهِ هُوَ بَاقٍ لَهُ مِنْ حَيْثُ أَخْذُهُ بَدَلَهُ مِنْ حَسَنَاتِ الْمَدِينِ فَالْمُتَّجَهُ إطْلَاقُهُمْ، وَكَوْنُهُ لَا يُسَمَّى مَالًا الْآنَ مَمْنُوعٌ (وَكَذَا مُؤَجَّلٌ فِي الْأَصَحِّ) لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَصِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْهُ وَلِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ، وَأَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ عَدَمَ حِنْثِهِ بِمَالِهِ عَلَى مُكَاتَبِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، وَالْمُكَاتَبُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إسْقَاطِهِ مَتَى شَاءَ، وَلَا يَجِبُ فِيهِ زَكَاةٌ.

وَجَزَمَ الشَّيْخُ بِهِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ مَرْدُودٌ إذْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مَالًا، وَلَا أَثَرَ هُنَا لِتَعَرُّضِهِ لِلسُّقُوطِ وَلَا لِعَدَمِ وُجُوبِ زَكَاتِهِ وَعَدَمِ الِاعْتِيَاضِ هُنَا لِأَنَّهُ لِمَانِعٍ آخَرَ لَا لِانْتِفَاءِ كَوْنِ ذَلِكَ مَالًا.

وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ الْمَالِيَّةَ صِفَةٌ لِمَوْجُودٍ وَلَا مَوْجُودَ هَهُنَا، (لَا مُكَاتَبٍ) كِتَابَةً صَحِيحَةً (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ، إذْ لَا يَمْلِكُ مَنَافِعَهُ وَلَا أَرْشَ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ، وَلِذَا لَمْ يُعَدَّ هُنَا مَالًا وَإِنْ عَدُّوهُ فِي الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ مَالًا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَعْجِيزِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ.

وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِأَنَّهُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَلَا يَحْنَثُ أَيْضًا بِزَوْجَتِهِ وَاخْتِصَاصٍ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَوْ لَا مَالَ لَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ دَيْنٌ فَيَحْنَثُ بِكُلِّ مَا ذُكِرَ، ثُمَّ فَرْضُهُمْ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ يَخْرُجُ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ مَالٌ أَوْ لَيْسَ بِيَدِهِ، وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ: إنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدَيْنِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ حَالًّا وَسَهُلَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْمَدِينِ وَلَا بِمَالِهِ الْغَائِبِ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِيَدِهِ الْآنَ وَلَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَا يَحْنَثُ بِمِلْكِهِ لِمَنْفَعَةٍ) أَيْ وَإِنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِاسْتِغْلَالِهَا بِإِيجَارٍ أَوْ نَحْوِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا مَالٌ مُتَحَصَّلٌ بِالْفِعْلِ وَقْتَ الْحَلِفِ.

وَمِثْلُ الْمَنْفَعَةِ الْوَظَائِفُ وَالْجَامْكِيَّةُ فَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا لَهَا لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهَا مَالًا (قَوْلُهُ: لَا لِمُورِثِهِ) كَذَا فِي حَجّ، وَفِي نُسْخَةٍ: أَوْ لِمُورِثِهِ إذَا تَأَخَّرَ عِتْقُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ انْتَهَى.

وَمَا فِي الْأَصْلِ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ التَّدْبِيرُ مِنْ مُورِثِهِ يَصْدُقُ عَلَى الْوَارِثِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا أَوْصَى بِهِ) أَيْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ إطْلَاقُهُمْ) أَيْ وَهُوَ الْحِنْثُ بِالدَّيْنِ وَلَوْ عَلَى مَيِّتٍ مُعْسِرٍ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْكَلَامَ فِي نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَأَنَّهُ يَحْنَثُ بِغَيْرِهَا مِمَّا لَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ مِنْ الدَّيْنِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَعْجِيزِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُتَمَوَّلًا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَإِنْ لَمْ يُتَمَوَّلْ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي التُّحْفَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ رَجَعَ عَنْهُ كَمَا يَقَعُ نَظِيرُ ذَلِكَ لَهُ كَثِيرًا.

(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ أَوْ عَمَّمَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَطْلَقَ قَوْلَهُ لَا مَالَ لِي بِأَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا شَيْئًا، أَوْ عَمَّمَ بِأَنْ زَادَ عَلَيْهَا أَلْفَاظًا هِيَ نَصٌّ فِي الْعُمُومِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ لَا مَالَ لِي صِيغَةُ عُمُومٍ (قَوْلُهُ: إذَا تَأَخَّرَ عِتْقُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَمُرَادُهُ بِهَذَا تَصْوِيرُ كَوْنِهِ مُدَبَّرًا لِمُوَرِّثِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ عَتَقَ فَلَا وَجْهَ لِلْحِنْثِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا وَصَّى) هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْجَلَالِ كَغَيْرِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ بِهِ: أَيْ وَالْمَالُ الَّذِي أَوْصَى هُوَ بِهِ لِغَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَزِيَادَةُ الشَّارِحِ لَفْظَ لَهُ عَقِبَ وَصَّى غَيْرُ سَدِيدَةٍ إذْ تَقْتَضِي قِرَاءَةُ وُصِّيَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ تَبَرُّعٍ آخَرَ إلَخْ) هَذَا فِي الْمُعْسِرِ خَاصَّةً كَمَا لَا يَخْفَى، وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ يَظْهَرُ لَهُ بُعْدٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا لَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ) يَعْنِي مَالَ الْكِتَابَةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ) يَعْنِي لَيْسَ مُسْتَقِرَّ الثُّبُوتِ إذْ هُوَ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ وَإِلَّا فَهُوَ ثَابِتٌ كَمَا لَا يَخْفَى

ص: 209

وَفِي مَالِ غَائِبٍ وَضَالٍّ وَمَغْصُوبٍ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا حِنْثُهُ بِذَلِكَ لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهِ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ

وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ الْمَسْرُوقُ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ)(فَالْبِرُّ) إنَّمَا يَحْصُلُ (بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا) فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ إيلَامٌ) إذْ الِاسْمُ صَادِقٌ بِدُونِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الطَّلَاقِ مِنْ اشْتِرَاطِهِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ بِالْقُوَّةِ، وَمَا هُنَا مِنْ نَفْيِهِ مَحْمُولٌ عَلَى حُصُولِهِ بِالْفِعْلِ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) أَوْ نَوَى (ضَرْبًا شَدِيدًا) أَوْ مُوجِعًا مَثَلًا فَيُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ إيلَامُهُ عُرْفًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالزَّمَنِ وَحَالِ الْمَضْرُوبِ (وَلَيْسَ وَضْعُ سَوْطٍ عَلَيْهِ وَعَضٌّ) وَقَرْصٌ (وَخَنِقٌ) بِكَسْرِ النُّونِ (وَنَتْفُ شَعْرٍ ضَرْبًا) لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ عُرْفًا (قِيلَ: وَلَا لَطْمٌ) لِوَجْهٍ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ (وَوَكْزٌ) وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْيَدِ مُطَبَّقَةٌ أَوْ الدَّفْعُ وَلَوْ بِغَيْرِ الْيَدِ وَرَفْسٌ وَلَكْمٌ وَصَفْعٌ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى فِي الْعَادَةِ ضَرْبًا، وَالْأَصَحُّ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهَا ضَرْبٌ وَأَنَّهَا تُسَمَّاهُ عَادَةً، وَمِثْلُهَا الرَّمْيُ بِنَحْوِ حَجَرٍ أَصَابَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَشَدَّ مِائَةً) مِنْ السِّيَاطِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْخَشَبِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ (وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً أَوْ) ضَرَبَهُ (بِعِثْكَالٍ) وَهُوَ الضِّغْثُ فِي الْآيَةِ (عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ بَرَّ إنْ عَلِمَ إصَابَةَ الْكُلِّ أَوْ) عَلِمَ (تَرَاكُمَ بَعْضٍ) مِنْهَا (عَلَى بَعْضٍ فَوَصَلَهُ) بِسَبَبِ التَّرَاكُمِ (أَلَمُ الْكُلِّ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بَدَلَهُ بِثِقَلِ الْكُلِّ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَحْسَنِيَّتَهَا لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ، وَرَدَّهُ بَعْضٌ آخَرَ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعَدَدِ هُوَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الْإِيلَامِ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ ضَرْبًا شَدِيدًا، هَذَا وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ بِالْفِعْلِ وَإِنْ ذُكِرَ الْعَدَدُ، وَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي إجْزَاءِ الْعِثْكَالُ فِي قَوْلِهِ مِائَةَ سَوْطٍ، وَهُوَ مَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ مَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهَا لَا تَكْفِي لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسِيَاطٍ وَلَا مِنْ جِنْسِهَا (قُلْت: وَلَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فَلَا حِنْثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالَهُ حَالَ الْحَلِفِ. [فَرْعٌ]

وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنهُ عَلْقَةً فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِحَالِ الْحَالِفِ أَوْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ بِالْعُرْفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّالِثُ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ. (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّةِ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، لَكِنْ هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ فِي الْغَائِبِ وَالضَّالِّ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِمَا قَبْلَ دُخُولِهِمَا تَحْتَ يَدِ أَحَدٍ، بَلْ وَلَا فِي الْمَغْصُوبِ لِاحْتِمَالِ بَقَائِهِ، وَالْأَعْيَانُ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، لَكِنْ هَذَا إنَّمَا يُنَافِي قَوْلَهُ لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ دُونَ الْحِنْثِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ الْمَسْرُوقُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهُ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ بَاقِيًا فَبِتَقْدِيرِ تَلَفِهِ فَبَدَلُهُ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ اشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْإِيلَامِ (قَوْلُهُ: وَوَكَزَ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَكَزَهُ ضَرَبَهُ وَدَفَعَهُ، وَقِيلَ ضَرَبَهُ بِجُمَعِ يَدِهِ عَلَى ذَقَنِهِ وَبَابُهُ وَعَدَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) (الرَّمْيِ) أَيْ فَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ (قَوْلُهُ: أَوْ خَشَبَةٍ) وَمِنْ الْخَشَبِ الْأَقْلَامُ وَنَحْوُهَا مِنْ أَعْوَادِ الْحَطَبِ وَالْجَرِيدِ.

وَإِطْلَاقُ الْخَشَبِ عَلَيْهَا أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الشَّمَارِيخِ (قَوْلُهُ: شِمْرَاخٌ) بِكَسْرِ الشِّينِ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسِيَاطٍ) أَيْ بَلْ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْخَشَبِ فَيَبَرُّ بِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ مِائَةَ خَشَبَةٍ لِوُجُودِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ) يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَمَغْصُوبٌ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ بِالْقُوَّةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُوَّةِ أَنْ يَكُونَ شَدِيدًا فِي نَفْسِهِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الْإِيلَامِ مَانِعٌ، إذْ الضَّرْبُ الْخَفِيفُ لَا يُقَالُ إنَّهُ مُؤْلِمٌ لَا بِالْفِعْلِ وَلَا بِالْقُوَّةِ، وَفِي عِبَارَةِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إيلَامٌ وَلَمْ يَشْرِطْهُ الْأَكْثَرُونَ، وَاكْتَفَوْا بِالصِّفَةِ الَّتِي يُتَوَقَّعُ مِنْهَا الْإِيلَامُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ إيلَامُهُ عُرْفًا) أَيْ شِدَّةُ إيلَامِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْقُوتِ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ النَّظَرُ لِلْعُرْفِ، وَإِلَّا فَالْإِيلَامُ إنَّمَا يَظْهَرُ النَّظَرُ فِيهِ لِلْوَاقِعِ لَا لِلْعُرْفِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَحَّحَاهُ إلَخْ) أَيْ أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْخَشَبَةِ فَيَكْفِي، وَوَجْهُهُ أَنَّ إطْلَاقَهَا عَلَيْهِ عُرْفُ أَهْلِ الشَّرْقِ وَالْعُرْفُ إذَا ثَبَتَ فِي مَحَلٍّ

ص: 210

شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ بِاسْتِوَاءٍ أَوْ مَعَ تَرْجِيحِ الْإِصَابَةِ (فِي إصَابَةِ الْجَمِيعِ بَرَّ عَلَى النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْإِصَابَةُ وَفَارَقَ مَا لَوْ مَاتَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَشَكَّ فِي صُدُورِهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ كَتَحَقُّقِ الْعَدَمِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّ الضَّرْبَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي الِانْكِبَاسِ، وَالْمَشِيئَةُ لَا أَمَارَةَ عَلَيْهَا ثَمَّ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا، فَلَوْ تَرَجَّحَ عَدَمُ إصَابَةِ الْكُلِّ بَرَّ أَيْضًا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي الْمُهِمَّاتِ إحَالَةً عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ مَعَ اعْتِضَادِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْكَفَّارَةِ.

(أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ) أَوْ ضَرْبَةٍ (لَمْ يَبَرَّ بِهَذَا) أَيْ الْمَشْدُودَةِ وَالْعُثْكَالِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَدَدَ مَقْصُودًا، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَوَالِيهَا وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ كَالْإِيلَامِ فِي الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا الزَّجْرُ وَالتَّنْكِيلُ (أَوْ لَا) أُخَلِّيك تَفْعَلُ كَذَا حُمِلَ عَلَى نَفْيِ تَمْكِينِهِ مِنْهُ بِأَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَيَقْدِرَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ، أَوْ لَا (أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ) حَقِّي مِنْك (فَهَرَبَ) يَعْنِي فَفَارَقَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِغَيْرِ هَرَبٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّبَاعُهُ لَمْ يَحْنَثْ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ (قُلْت: الصَّحِيحُ لَا يَحْنَثُ إذَا أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَمْ يَحْنَثْ بِفِعْلِ غَرِيمِهِ، سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ أَمْ لَا وَلَا يُنَافِيهِ مُفَارَقَةُ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ فِي الْمَجْلِسِ حَيْثُ يَنْقَطِعُ بِهِ خِيَارُهُمَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ اتِّبَاعِهِ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا ثُمَّ لَا هُنَا وَلِهَذَا لَوْ فَارَقَهُ هُنَا بِإِذْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا، لَوْ أَرَادَ بِالْمُفَارَقَةِ مَا يَشْمَلُهُمَا حَنِثَ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يُطْلِقُ غَرِيمَهُ فَهَلْ هُوَ كَلَا أُفَارِقُهُ أَوْ لَا أُخَلِّي سَبِيلَهُ حَتَّى يَحْنَثَ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي الْمُفَارَقَةِ وَبِعَدَمِ اتِّبَاعِهِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ إذَا هَرَبَ، الْأَوْجَهُ فِيمَا سِوَى مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ الثَّانِي وَفِيهَا عَدَمُ الْحِنْثِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ لَا أُبَاشِرُ إطْلَاقَهُ وَبِالْإِذْنِ بَاشَرَهُ بِخِلَافِ عَدَمِ اتِّبَاعِهِ إذَا هَرَبَ (وَإِنْ فَارَقَهُ) الْحَالِفُ (أَوْ وَقَفَ حَتَّى ذَهَبَ) الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (وَكَانَا مَاشِيَيْنِ) حَنِثَ لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ وَقَدْ أَحْدَثَهَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِوُقُوفِهِ.

أَمَّا إذَا كَانَا سَاكِنَيْنِ فَابْتَدَأَ الْغَرِيمُ بِالْمَشْيِ فَلَا حِنْثَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الِاسْمِ فِيهِ وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِ السِّيَاطِ فَإِنَّهَا سُيُورٌ مُتَّخَذَةٌ مِنْ الْجِلْدِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَقَوْلُهُمْ لِأَنَّهُ: أَيْ الْعِثْكَالَ أَخْشَابٌ يَرُدُّ عَلَى مَنْ نَازَعَ فِي إجْزَائِهِ عَنْ مِائَةِ خَشَبَةٍ بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خَشَبَةً (قَوْلُهُ: كَتَحَقُّقِ الْعَدَمِ) أَيْ فَيَحْنَثُ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ وَلَا يَحْنَثُ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْكَفَّارَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ وَمَعَ اعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ الطَّلَاقِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تُوَالِيهَا) أَيْ فَيَكْفِي فِيمَا لَوْ قَالَ أَضْرِبُهُ مِائَةَ خَشَبَةٍ أَوْ مِائَةَ مَرَّةٍ أَنْ يَضْرِبَهُ بِشِمْرَاخٍ لِصِدْقِ اسْمِ الْخَشَبَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ) أَيْ التَّوَالِي (قَوْلُهُ وَيَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ) أَيْ وَلَوْ بِالتَّوَجُّهِ إلَيْهِ حَيْثُ بَلَغَهُ أَنَّهُ يُرِيدُ الْفِعْلَ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ (قَوْلُهُ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ لَا أُفَارِقُك حَتَّى تَقْضِيَنِي حَقِّي فَدَفَعَ دَرَاهِمَ مَقَاصِيصَ هَلْ يَبَرُّ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ.

الثَّانِي لِأَنَّهَا دُونَ حَقِّهِ لِنَقْصِ قِيمَتِهَا وَوَزْنِهَا عَنْ قِيمَةِ الْجَيِّدَةِ وَوَزْنِهَا وَإِنْ رَاجَتْ (قَوْلُهُ مَا يَشْمَلُهُمَا) أَيْ فِعْلَ نَفْسِهِ وَصَاحِبِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا أُخَلِّي سَبِيلَهُ) أَيْ أَوْ كَلَا أُخَلِّي إلَخْ (قَوْلُهُ حَتَّى يَحْنَثَ بِإِذْنِهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الثَّانِيَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ لَا أُخَلِّي سَبِيلَهُ (قَوْلُهُ: الْهَرَبُ الثَّانِي) أَيْ الْحِنْثُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَا سَاكِنَيْنِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَمَّ غَيْرَهُ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُعْلَمَ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِنَفْسِ التَّخْلِيَةِ: أَيْ وَالتَّخْلِيَةُ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَيَقْدِرَ عَلَى مَنْعِهِ: أَيْ وَلَمْ يَمْنَعْهُ (قَوْلُهُ: وَيَقْدِرَ عَلَى مَنْعِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ وَانْظُرْ هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْحَلِفِ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ كَالسُّلْطَانِ أَوْ هُوَ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ عَادَةً (قَوْلُهُ: مِنْك) اُنْظُرْ هَلْ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ فَائِدَةٌ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: حَتَّى يَحْنَثَ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي الْمُفَارَقَةِ وَبِعَدَمِ اتِّبَاعِهِ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى جَعْلِهِ كَلَا أُخَلِّي سَبِيلَهُ (قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ فِيمَا سِوَى مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ إلَخْ) يَعْنِي الْأَوْجَهَ أَنَّهُ كَلَا أُخَلِّي سَبِيلَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِعَدَمِ اتِّبَاعِهِ إذَا هَرَبَ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: حَنِثَ) أَيْ بِنَفْسِ الْإِبْرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَن هَذَا غَدًا مَثَلًا فَأُتْلِفَ قَبْلَ الْغَدِ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ إلَّا فِي الْغَدِ، وَانْظُرْ هَلْ الْحَوَالَةُ كَالْإِبْرَاءِ فِي أَنَّهُ

ص: 211

كَمَا مَرَّ (أَوْ أَبْرَأَهُ) حَنِثَ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (أَوْ احْتَالَ) بِهِ (عَلَى غَرِيمٍ) لِغَرِيمِهِ أَوْ أَحَالَ بِهِ عَلَى غَرِيمٍ (ثُمَّ فَارَقَهُ) أَوْ حَلَفَ لَيُعْطِيَنهُ دَيْنَهُ يَوْمَ كَذَا ثُمَّ أَحَالَهُ بِهِ أَوْ عَوَّضَهُ عَنْهُ حَنِثَ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَيْسَتْ اسْتِيفَاءً وَلَا إعْطَاءً حَقِيقَةً وَإِنْ أَشْبَهَتْهُ، نَعَمْ إنْ نَوَى عَدَمَ مُفَارَقَتِهِ لَهُ وَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِحَقِّهِ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ نَوَى بِالْإِعْطَاءِ أَوْ الْإِيفَاءِ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ مِنْ حَقِّهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَلَوْ تَعَوَّضَ أَوْ ضَمِنَهُ لَهُ ضَامِنٌ ثُمَّ فَارَقَهُ لِظَنِّهِ صِحَّةَ ذَلِكَ اُتُّجِهَ عَدَمُ حِنْثِهِ لِأَنَّهُ جَاهِلٌ (أَوْ أَفْلَسَ فَفَارَقَهُ لَيُوسِرَ حَنِثَ) لِوُجُودِ الْمُفَارَقَةِ مِنْهُ وَإِنْ لَزِمَتْهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُصَلِّي الْفَرْضَ فَصَلَّاهُ فَإِنَّهُ حِنْثٌ، نَعَمْ لَوْ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِمُفَارَقَتِهِ لَمْ يَحْنَثْ كَالْمُكْرَهِ (وَإِنْ اسْتَوْفَى وَفَارَقَهُ فَوَجَدَهُ) أَيْ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ (نَاقِصًا، فَإِنْ كَانَ جِنْسَ حَقِّهِ لَكِنَّهُ أَرْدَأُ) مِنْهُ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الرَّدَاءَةَ لَا تَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ، وَتَقْيِيدُ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ التَّفَاوُتُ يَسِيرًا بِحَيْثُ يُتَسَامَحُ بِهِ عُرْفًا مَحَلُّ نَظَرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ جِنْسُ حَقِّهِ بِأَنْ كَانَ حَقُّهُ دَرَاهِمَ فَخَرَجَ الْمَأْخُوذُ نُحَاسًا أَوْ مَغْشُوشًا (حَنِثَ عَالِمٌ) بِذَلِكَ عِنْدَ الْمُفَارَقَةِ لِأَنَّهُ فَارَقَهُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ (وَفِي غَيْرِهِ) وَهُوَ الْجَاهِلُ بِهِ حِينَئِذٍ (الْقَوْلَانِ) فِي حِنْثِ الْجَاهِلِ أَظْهَرُهُمَا عَدَمُهُ.

(أَوْ) حَلَفَ (لَا رَأَى مُنْكَرًا)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وَاقِفَيْنِ (قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ عَدَمُ حِنْثِهِ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَاهِلٌ) أَيْ بِكَوْنِ ذَلِكَ غَيْرَ مَانِعٍ مِنْ الْحِنْثِ وَيَنْشَأُ مِنْهُ أَنَّ الْمُفَارَقَةَ الْآنَ غَيْرُ مَحْلُوفٍ عَلَى عَدَمِهَا فَهُوَ جَاهِلٌ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا بِالْحُكْمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ بِمَا ذُكِرَ لِلْجَهْلِ عَدَمُهُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَقَالَ لَهُ غَيْرُهُ إلَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَظَنَّ صِحَّةَ الْمَشِيئَةِ لِجَهْلِهِ أَيْضًا بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْمُفَارَقَةِ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ حَالَ الْحَلِفِ يَظُنُّ أَنَّ لَهُ مَالًا يُوَفِّي مِنْهُ دَيْنَهُ وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طُرُوءِ الْفَلَسِ بَعْدَ حَلِفِهِ وَتَبَيُّنِ أَنَّهُ كَذَلِكَ قَبْلَهُ، وَفِي حَجّ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَأَطَالَ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ لَزِمَهُ الْحَاكِمُ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى تَكْلِيمِهِ حَنِثَ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ كَالِاخْتِيَارِ، نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ حَجّ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: كَالْمُكْرَهِ) وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَن ذَا الطَّعَامَ غَدًا وَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهِ فِي الْغَدِ لِإِضْرَارِهِ لَهُ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ عَدَمُ حِنْثِهِ هُنَا لِوُجُوبِ مُفَارَقَتِهِ حَيْثُ عُلِمَ إعْسَارُهُ فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ عَدَمَ الْأَكْلِ اسْتِدَامَةٌ وَالْمُفَارَقَةُ إنْشَاءٌ وَالِاسْتِدَامَةُ أَخَصُّ مِنْ الْإِنْشَاءِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي غَيْرِهَا. [فَرْعٌ]

سُئِلْت عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يُرَافِقُهُ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِصْرَ فَرَافَقَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَهَلْ يَحْنَثُ؟ وَأَجَبْت الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْنَثُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ مَا اقْتَضَاهُ وَضْعُهَا اللُّغَوِيُّ، إذْ الْفِعْلُ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ كَالنَّكِرَةِ فِي حَيِّزِهِ مِنْ عَدَمِ الْمُرَافَقَةِ فِي جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ تِلْكَ الطَّرِيقِ، وَزَعَمَ أَنَّ مُؤَدَّاهَا أَنَّهَا لَا تُسْتَغْرَقُ كُلُّهَا بِالِاجْتِمَاعِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ مُدَّةَ عُمُرِهِ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مُدَّةً مَعْلُومَةً دُيِّنَ وَإِلَّا اقْتَضَى ذَلِكَ اسْتِغْرَاقَ الْمُدَّةِ مِنْ انْتِهَاءِ الْحَلِفِ إلَى الْمَوْتِ فَمَتَى كَلَّمَهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ حَنِثَ.

وَأَمَّا إفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ فِي مُدَّةِ عُمُرِهِ حَنِثَ بِالْكَلَامِ فِي أَيِّ وَقْتٍ وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْجَمِيعِ فَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَاحْذَرْهُ فَإِنَّهُ لَا حَاصِلَ لَهُ وَبِتَسْلِيمِ أَنَّ لَهُ حَاصِلًا فَهُوَ سَفْسَافٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ اهـ حَجّ.

وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ دِينَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: فَوَجَدَهُ نَاقِصًا) أَيْ وَجَدَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِهِ أَوْ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمُفَارَقَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ مَعَ الشَّارِحِ، وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَوَّضَ أَوْ ضَمِنَهُ لَهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ أَحَالَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُصَلِّي الْفَرْضَ إلَخْ) لَا يَخْفَى الْفَرْقُ بِأَنَّهُ فِي هَذِهِ آثِمٌ بِالْحَلِفِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَتُنَا كَذَلِكَ بِأَنْ تُصُوِّرَ بِأَنَّهُ عَالِمٌ بِإِعْسَارِهِ عِنْدَ الْحَلِفِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِمُفَارَقَتِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ: هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى تَكْلِيمِهِ حَنِثَ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ كَالِاخْتِيَارِ، قَالَ: نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ التَّفَاوُتَ الْمَذْكُورَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا

(قَوْلُهُ: مُنْكَرًا) أَيْ أَوْ نَحْوُ

ص: 212

أَوْ نَحْوَ لَغَطٍ (إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَرَأَى) مُنْكَرًا (وَتَمَكَّنَ) مِنْ رَفْعِهِ لَهُ (فَلَمْ يَرْفَعْهُ) أَيْ لَمْ يُوصِلْهُ بِنَفْسِهِ وَلَا غَيْرِهِ بِلَفْظٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةِ خَبَرِهِ لَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا فِي غَيْرِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ (حَتَّى مَاتَ) الْحَالِفُ (حَنِثَ) قُبَيْلَ مَوْتِهِ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِ مُنْكَرًا بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ دُونَ غَيْرِهِ، وَأَنَّ الرُّؤْيَةَ مِنْ الْأَعْمَى مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِ وَمِنْ بَصِيرٍ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَصَرِ (وَيَحْمِلُ) الْقَاضِي فِي لَفْظِ الْحَالِفِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ (عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْحَلِفِ لَا بَلَدِ الْحَالِفِ فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الرُّءُوسِ، وَلَوْ اتَّحَدَ قَاضِيهِمَا فَرَأَى الْمُنْكَرَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِغَيْرِهِمَا فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ هَذِهِ الْيَمِينِ التَّوَصُّلُ إلَى طَرِيقِ إزَالَتِهِ (فَإِنْ عُزِلَ فَالْبِرُّ فِي الرَّفْعِ إلَى) الْقَاضِي (الثَّانِي) لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِأَلْ يَعُمُّهُ وَيَمْنَعُ التَّخْصِيصَ بِالْمَوْجُودِ حَالَةَ الْحَلِفِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ فِي الْبَلَدِ تَخَيَّرَ وَإِنْ خُصَّ كُلٌّ بِجَانِبٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ قَاضِي شِقِّ فَاعِلِ الْمُنْكَرِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، إذْ رَفْعُ فِعْلِ الْمُنْكَرِ لِلْقَاضِي مَنُوطٌ بِإِخْبَارِهِ بِهِ لَا بِوُجُوبِ إجَابَةِ فَاعِلِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ إزَالَتَهُ مُمْكِنَةٌ مِنْهُ.

وَلَوْ رَآهُ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارِهِ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَيَقَّظُ لَهُ بَعْدَ غَفْلَتِهِ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ فَاعِلُ الْمُنْكَرِ الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَاضٍ آخَرُ رَفَعَهُ إلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ نُكَلِّفْهُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ بِقَوْلِهِ رَفَعْت إلَيْك نَفْسَك لِأَنَّ هَذَا لَا يُرَادُ عُرْفًا مِنْ لَا رَأَيْت مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْته إلَى الْقَاضِي (أَوْ إلَّا رَفَعَهُ إلَى قَاضٍ بَرَّ بِكُلِّ قَاضٍ) بِكُلِّ بَلَدٍ كَانَ لِصِدْقِ الِاسْمِ وَإِنْ حَصَلَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ بَعْدَ الْحَلِفِ (أَوْ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ فَرَآهُ) أَيْ الْحَالِفُ الْمُنْكِرُ (ثَمَّ) لَمْ يَرْفَعْهُ إلَيْهِ حَتَّى (عُزِلَ، فَإِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا حَنِثَ) بِعَزْلِهِ (إنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ) إلَيْهِ قَبْلَهُ (فَتَرَكَهُ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ حِنْثِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ بَعْدَ وِلَايَتِهِ ثَانِيًا لِأَنَّهُ عَبَّرَ فِي الْكِتَابِ هُنَا بِالدَّيْمُومَةِ وَهِيَ تَنْقَطِعُ بِعَزْلِهِ، وَلَمْ يُعَبِّرْ فِي الرَّوْضَةِ بِهَا فَافْتَرَقَا، وَلَا يُقَالُ: إنَّ الظَّرْفَ فِي لَا رَأَيْت مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْته إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ مَا دَامَ قَاضِيًا، إنَّمَا هُوَ ظَرْفٌ لِلرَّفْعِ وَالدَّيْمُومَةُ مَوْجُودَةٌ فِي رَفْعِهِ إلَيْهِ حَالَ الْقَضَاءِ، لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي نَحْوِ لَا أُكَلِّمُهُ مَا دَامَ فِي الْبَلَدِ فَخَرَجَ ثُمَّ عَادَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ الْوَصْفِ الْمُعَلَّقِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نَاقِصَ الْقِيمَةِ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَى نَاقِصِ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ لَغَطٍ) فِي مَحَلٍّ لَا يَلِيقُ بِهِ اللَّغَطُ كَالْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ) وَعَلَيْهِ فَيَبَرُّ بِرَفْعِهِ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرَاهُ مُنْكَرًا (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الرُّءُوسِ) الَّذِي مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي مَسْأَلَةِ الرُّءُوسِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِبَلَدِ الْحَالِفِ لَكِنَّهُ مَرَّ لَهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْحَالِفِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الَّتِي تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً وَإِنْ أَكَلَ فِي غَيْرِهِ فَمَا هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الرُّءُوسِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَدَّدَ) أَيْ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ تَخَيَّرَ: أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ مَنْ رَفَعَهُ لَهُ فِي الْعَادَةِ بِتَعْزِيرٍ وَلَا نَحْوِهِ لِعَظَمَةِ الْفَاعِلِ الصُّورِيَّةِ. [فَائِدَةٌ]

وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَهَدَّدَتْهُ بِالشِّكَايَةِ فَقَالَ لَهَا إنْ اشْتَكَيْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ رَسُولَيْنِ مِنْ قُصَّادِ الشَّرْعِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ.

عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْوُقُوعُ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ وَأَهْلُ الْعُرْفِ يُسَمُّونَ ذَلِكَ شِكَايَةً فَافْهَمْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا نُقِلَ عَنْ أَهْلِ الْعَصْرِ مِنْ عَدَمِ الطَّلَاقِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِمَا لَا يُجْزِي (قَوْلُهُ: مَا دَامَ فِي الْبَلَدِ فَخَرَجَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ الْخُرُوجُ وَلَمْ يَكُنْ بِقَصْدِ الذَّهَابِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لُقَطَةٍ (قَوْلُهُ: قُبَيْلَ مَوْتِهِ) هَلْ وَإِنْ زَالَ الْمُنْكَرُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ يَحْنَثُ هُنَا وَقْتَ زَوَالِهِ لِوُقُوعِ الْيَأْسِ مِنْ رَفْعِهِ وَهَلْ الرَّفْعُ صَادِقٌ وَلَوْ بَعْدَ زَوَالِهِ يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ: بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْكَرًا عِنْدَ الْقَاضِي وَفِيهِ وَقْفَةٌ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ أَيْضًا، وَيَبْعُدُ تَنْزِيلُ الْيَمِينِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ بَلَدِ الْحَلِفِ لَا بَلَدِ الْحَالِفِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَكْسُ هَذَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِهِمَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُهُمَا.

مِمَّا هُوَ فِي حُكْمِ قَاضِيهِمَا وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ إذَا رَفَعَ فِعْلَ الْمُنْكَرِ لِلْقَاضِي إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَتَّى مَاتَ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ إزَالَتَهُ مُمْكِنَةٌ) مُرَادُهُ بِهِ تَقْيِيدَ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَادِرٌ عَلَى الْإِزَالَةِ

ص: 213