الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِرُجُوعٍ) وَإِنْ جَوَّزْنَا الرُّجُوعَ بِالْقَوْلِ كَمَا أَنَّ جُحُودَهُ الرِّدَّةَ وَالطَّلَاقَ لَيْسَ إسْلَامًا وَرَجْعَةً، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنَّهُ رُجُوعٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا هُنَا (بَلْ يَحْلِفُ) السَّيِّدُ مَا دَبَّرَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُقِرُّ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَثَبَتَ تَدْبِيرُهُ وَلَهُ رَفْعُ الْيَمِينِ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ
(وَلَوْ)(وُجِدَ مَعَ مُدَبَّرٍ مَالٌ) أَوْ اخْتِصَاصٌ (فَقَالَ كَسَبْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَالَ الْوَارِثُ) بَلْ (قَبْلَهُ)(صُدِّقَ الْمُدَبَّرُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ فَيُرَجَّحُ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ إذَا قَالَتْ وَلَدْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَهُوَ حُرٌّ وَقَالَ الْوَارِثُ قَبْلَهُ فَهُوَ قِنٌّ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَارِثِ، لِأَنَّهَا لَمَّا ادَّعَتْ حُرِّيَّتَهُ نَفَتْ أَنْ يَكُونَ لَهَا عَلَيْهِ يَدٌ وَإِنْ سُمِعَتْ دَعْوَاهَا لِمَصْلَحَةِ الْوَلَدِ (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ) أَيْ بَيِّنَةُ الْمُدَبَّرِ لِاعْتِضَادِهِ بِالْيَدِ، فَلَوْ أَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَبَّرِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ فَقَالَ الْمُدَبَّرُ كَانَ فِي يَدِي لَكِنْ كَانَ لِفُلَانٍ فَمَلَكْته بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ صُدِّقَ أَيْضًا.
[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]
ِ بِكَسْرِ الْكَافِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهَا كَالْعَتَاقَةِ وَهِيَ لُغَةُ الضَّمِّ وَالْجَمْعِ، وَشَرْعًا عَقْدُ عِتْقٍ بِلَفْظِهَا بِعِوَضٍ مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَسُمِّيَ كِتَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمِّ نَجْمٍ إلَى آخَرَ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ يُرْتَفَقُ بِهَا غَالِبًا وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْمُعَامَلَاتِ لِدَوَرَانِهَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَرَقِيقِهِ لِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ.
وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وَخَبَرُ «مَنْ أَعَانَ غَارِمًا أَوْ غَازِيًا أَوْ مُكَاتَبًا فِي فَكِّ رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ» وَخَبَرُ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ وَصَحَّ فِي إسْنَادِهِمَا، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِالْعِتْقِ مَجَّانًا، وَالْعَبْدُ لَا يَتَشَمَّرُ لِلْكَسْبِ تَشَمُّرَهُ إذَا عُلِّقَ عِتْقُهُ بِالتَّحْصِيلِ وَالْأَدَاءِ فَاحْتُمِلَ فِيهِ مَا لَمْ يُحْتَمَلْ فِي غَيْرِهِ كَمَا اُحْتُمِلَتْ الْجَهَالَةُ فِي رِبْحِ الْقِرَاضِ وَعَمَلِ الْجَعَالَةِ لِلْحَاجَةِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَهِيَ إسْلَامِيَّةٌ لَا تُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وَأَرْكَانُهَا: قِنٌّ، وَسَيِّدٌ، وَصِيغَةٌ، وَعِوَضٌ (هِيَ مُسْتَحَبٌّ إنْ طَلَبَهَا رَقِيقٌ أَمِينٌ قَوِيٌّ عَلَى كَسْبٍ) يَفِي بِمُؤْنَتِهِ وَنُجُومِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، وَاعْتِبَارُ الْأَمَانَةِ خَشْيَةً مِنْ تَضْيِيعِ مَا يُحَصِّلُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمِينِ مَنْ لَا يُضَيِّعُ الْمَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا لِتَرْكِهِ نَحْوَ صَلَاةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الثِّقَةُ: أَيْ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ بِكَثْرَةِ إنْفَاقِ مَا بِيَدِهِ عَلَى الطَّاعَةِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُرْجَى عِتْقُهُ بِالْكِتَابَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ خِلَافًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كِتَابُ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: كَالْعَتَاقَةِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْعَتَاقَةَ بِالْفَتْحِ فَقَطْ وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ وَكَذَا الْعَتَاقُ بِالْفَتْحِ وَالْعَتَاقَةُ (قَوْلُهُ: وَالْجَمْعُ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ (قَوْلُهُ: وَسُمِّيَ) أَيْ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: لَهُ فَكُّ رَقَبَتِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْمُكَاتَبِ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ سَبَبٌ لِتَلْخِيصِ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ لِكُلٍّ مِنْ الْغَارِمِ وَالْمُغَازِي وَالْمُكَاتَبِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِفَكِّ الرَّقَبَةِ تَخْلِيصُهُ مِنْ مَشَقَّةِ الدَّيْنِ وَالْغَزْوِ وَنُجُومِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ) هُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بَلْ يَحْلِفُ السَّيِّدُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَمَا وَجْهُ سَمَاعِ دَعْوَى الْعَبْدِ وَمَا فَائِدَتُهَا مَعَ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً.
كِتَابُ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُوثَقُ بِهَا) عِبَارَةُ الْقُوتِ لِأَنَّهَا تُوثَقُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً (قَوْلُهُ: فَاحْتَمَلَ إلَخْ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مَا لَا يَخْفَى.
وَكَأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْحَاجَةُ إلَخْ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَبِسَبَبِ الْحَاجَةِ اُحْتُمِلَ إلَخْ، وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدُ لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الثِّقَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الثِّقَةُ لَكِنْ
لِجَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي الْآيَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخَطَرِ وَهُوَ بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ وَالْإِبَاحَةُ وَالنَّدْبُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ (قِيلَ أَوْ غَيْرُ قَوِيٍّ) لِأَنَّهُ مَتَى عُرِفَتْ أَمَانَتُهُ أُعِينَ بِالصَّدَقَةِ وَالزَّكَاةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى السَّيِّدِ وَلَا وُثُوقَ بِتِلْكَ الْإِعَانَةِ، قِيلَ أَوْ غَيْرُ أَمِينٍ لِأَنَّهُ يُعَانُ لِلْحُرِّيَّةِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُضَيِّعُ مَا يَكْسِبُهُ (وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ) بَلْ هِيَ مُبَاحَةٌ وَإِنْ انْتَفَتْ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ لِأَنَّهَا قَدْ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ فَاسِقًا بِسَرِقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَعَلِمَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ لَاكْتَسَبَ بِطَرِيقِ الْفِسْقِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ، وَهُوَ قِيَاسُ حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ وَالْقَرْضِ إذَا عُلِمَ مِنْ آخِذِهِمَا صَرْفُهُمَا فِي مُحَرَّمٍ وَإِنْ امْتَنَعَ الْعَبْدُ مِنْهَا وَقَدْ طَلَبَهَا سَيِّدُهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا كَعَكْسِهِ
(وَصِيغَتُهَا) لَفْظًا أَوْ إشَارَةَ أَخْرَسَ أَوْ كِتَابَةً تُشْعِرُ بِهَا وَكُلٌّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ فَمِنْ صَرَائِحِهَا (كَاتَبْتُك) أَوْ أَنْتَ مُكَاتَبٌ (عَلَى كَذَا) كَأَلْفٍ (مُنَجَّمًا) بِشَرْطِ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ (إذَا أَدَّيْتَهُ) مَثَلًا (فَأَنْتَ حُرٌّ) لِأَنَّ لَفْظَهَا يَصْلُحُ لِلْمُخَارَجَةِ أَيْضًا فَاحْتِيجَ لِتَمَيُّزِهَا بِإِذَا وَمَا بَعْدَهَا،
وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ مِثْلِهِ فَإِذَا بَرِئْت مِنْهُ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَيَشْمَلُ بَرِئْت مِنْهُ حُصُولَ ذَلِكَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْبَرَاءَةِ الْمَلْفُوظِ بِهَا.
وَفَرَاغُ الذِّمَّةِ شَامِلٌ لِلِاسْتِيفَاءِ وَالْبَرَاءَةِ بِاللَّفْظِ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ قَالَ كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا مُنَجِّمًا الْكِتَابَةَ الَّتِي يَحْصُلُ فِيهَا الْعِتْقُ كَانَ كَافِيًا فِي الصَّرَاحَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ إخْرَاجُ كِتَابَةِ الْخَرَاجِ (وَيُبَيِّنُ) وُجُوبًا قَدْرَ الْعِوَضِ وَصِفَتَهُ بِمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ كَمَا يَأْتِي نَعَمْ إنْ كَانَ بِمَحَلِّ الْعَقْدِ نَقْدٌ غَالِبٌ لَمْ يُشْتَرَطْ بَيَانُهُ كَالْبَيْعِ وَ (عَدَدُ النُّجُومِ) اسْتَوَتْ، أَوْ اخْتَلَفَتْ نَعَمْ لَا يَجِبُ كَوْنُهَا ثَلَاثَةً كَمَا يَأْتِي (وَقِسْطُ كُلِّ نَجْمٍ) أَيْ مَا يُؤَدَّى عِنْدَ حُلُولِ كُلِّ نَجْمٍ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَاشْتُرِطَ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْعِوَضِ كَالْبَيْعِ وَابْتِدَاءُ النُّجُومِ مِنْ الْعَقْدِ، وَالْمُرَادُ هُنَا بِالنَّجْمِ هُوَ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَالِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ، مِمَّا يُلْغَزُ بِهِ هُنَا أَنْ يُقَالَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُحْكَمُ فِيهِ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِمِلْكِ الْعِوَضِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
هُنَا وَإِلَّا فَالثِّقَةُ هُوَ الْعَدْلُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بَعْدَ الْحَظْرِ) أَيْ الْمَنْعِ، وَالْأَمْرُ بَعْدَ الْحَظْرِ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَا النَّدْبَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: وَالنَّدْبُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ السَّيِّدِ أَنَّ مَا يَكْسِبُهُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ يَصْرِفُهُ فِي الْمَعْصِيَةِ فَتَحْرُمُ كِتَابَتُهُ لِتَأَدِّيهَا إلَى تَمْكِينِهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ بِمَا يَكْسِبُهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنْ مَلَكَ مَا يَكْسِبُهُ كَأَنْ حَصَّلَهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْحُرْمَةِ وَصَرَفَ مَا كَسَبَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ فِي مُؤْنَتِهِ مَثَلًا ثُمَّ أَدَّى مَا مَلَكَهُ عَنْ النُّجُومِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا
(قَوْلُهُ: إذَا أَدَّيْته) أَيْ آتَيْتُهُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَدَاءِ لِلْغَالِبِ مِنْ وُجُودِ الْأَدَاءِ فِي الْكِتَابَةِ وَإِلَّا فَيَكْفِي كَمَا قَالَ جَمْعٌ أَنْ يَقُولَ إذَا بَرِئَتْ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ يَنْوِي ذَلِكَ، وَيَأْتِي أَنَّ نَحْوَ الْإِبْرَاءِ يَقُومُ مَقَامَ الْأَدَاءِ، وَالْمُرَادُ بِهِ شَرْعًا هُنَا فَرَاغُ الذِّمَّةِ اهـ حَجّ.
وَقَوْلُ حَجّ: يَأْتِي أَيْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَمَنْ أَدَّى حِصَّتَهُ إلَخْ، وَمِنْهَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ إذَا بَرِئَتْ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَرَاءَةِ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْبَرَاءَةِ الْمَلْفُوظِ بِهَا وَبِالنِّسْبَةِ لِفَرَاغِ الذِّمَّةِ يَعْتِقُ بِالِاسْتِفْتَاءِ، وَالْبَرَاءَةُ بِاللَّفْظِ لَيْسَ لِفَرْقٍ بَيْنَ الْبَرَاءَةِ وَفَرَاغِ الذِّمَّةِ بَلْ مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ فِي التَّعْبِيرِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِالْبَرَاءَةِ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ إذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي قَوْلِهِ وَلِهَذَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ مَعَ انْتِفَاءِ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: الَّتِي يَحْصُلُ فِيهَا الْعِتْقُ) أَيْ مَعَ ذِكْرِ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ مِنْ بَيَانِ كُلِّ نَجْمٍ وَمَا يُؤَدَّى فِيهِ وَإِلَّا كَانَتْ فَاسِدَةً (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَجِبُ كَوْنُهَا ثَلَاثَةً كَمَا يَأْتِي)
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعْرَفَ بِكَثْرَةِ إنْفَاقِ مَا بِيَدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ) نَعَمْ تُكْرَهُ كِتَابَةُ عَبْدٍ يُضَيِّعُ كَسْبَهُ فِي الْفِسْقِ وَاسْتِيلَاءُ السَّيِّدِ بِمَنْعِهِ كَمَا نَقَلَهُ الزِّيَادِيُّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ انْتَفَتْ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَهِيَ سَاقِطَةٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، وَالْمُرَادُ انْتِفَاءُ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا (قَوْلُهُ: لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ) كَانَ الْأَوْلَى لِتَضَمُّنِهَا الْحَمْلَ عَلَى الْفَسَادِ.
(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ نِيَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَجِبُ كَوْنُهَا إلَخْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ
وَالْمُعَوَّضِ مَعًا، إذْ السَّيِّدُ يَمْلِكُ النُّجُومَ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مَعَ بَقَاءِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مِلْكِهِ إلَى أَدَاءِ جَمِيعِ النُّجُومِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ مُلْغَزًا فِيهِ بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَا مَالِكَ لَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الرِّقِّ لَا مَالِكَ لَهُ (وَلَوْ)(تَرَكَ لَفْظَ التَّعْلِيقِ) لِلْحُرِّيَّةِ بِالْأَدَاءِ (وَنَوَاهُ) بِقَوْلِهِ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا (جَازَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَةِ، وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّلَفُّظِ بِهِ (وَلَا يَكْفِي لَفْظُ كِتَابَةٍ بِلَا تَعْلِيقٍ وَلَا نِيَّةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ الْكِتَابَةِ تَقَعُ عَلَى هَذَا الْعَقْدِ وَعَلَى الْمُخَارَجَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزٍ بِاللَّفْظِ أَوْ النِّيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ مُخَرَّجٍ يَكْفِي كَالتَّدْبِيرِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّدْبِيرَ مَشْهُورٌ فِي مَعْنَاهُ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ إلَّا الْخَوَاصُّ (وَيَقُولُ الْمُكَاتَبُ) عَلَى الْفَوْرِ (قَبِلْتُ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَكْفِي قَبُولُ الْأَجْنَبِيِّ، وَيَتَّجِهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِقَبُولِ وَكِيلِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ أَهْلًا لِلتَّوْكِيلِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْقَبُولِ، وَيَكْفِي اسْتِيجَابٌ وَإِيجَابٌ كَكَاتِبْنِي عَلَى كَذَا فَيَقُولُ كَاتَبْتُكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفِ الْأَدَاءُ بِلَا قَبُولٍ كَالْإِعْطَاءِ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّ هَذَا أَشْبَهُ بِالْبَيْعِ مِنْ ذَلِكَ.
يُقَالُ: تَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُكَاتَبِ إذْ لَا يَصِيرُ مُكَاتَبًا إلَّا بَعْدَ الْقَبُولِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: إطْلَاقُ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] وَقَدْ اتَّفَقَ الْبُلَغَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ أَبْلُغُ
(وَشُرُوطُهُمَا) أَيْ السَّيِّدُ وَالْقِنُّ (تَكْلِيفٌ) وَاخْتِيَارٌ فِيهِمَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْإِبْصَارُ فَلَوْ كَانَا أَعْمَيَيْنِ جَازَ (وَإِطْلَاقٌ) لِلتَّصَرُّفِ فِي السَّيِّدِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا كَالْمَبِيعِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ بِفَلَسٍ وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ.
وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ تَصَرُّفُهُ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ، وَاعْتِبَارُ الْإِطْلَاقِ فِي الْمُكَاتَبِ لِإِخْرَاجِ الْمَرْهُونِ وَالْمُؤَجَّرِ الْآتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ فَلَا تَصِحُّ كِتَابَتُهُمَا وَيَصِحُّ كَوْنُهُ سَفِيهًا، وَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكَاتِبٍ لِعَبْدِهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ، وَلَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ النُّجُومَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أُرِيدَ بِهَا مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا إلَّا الْخَوَاصُّ) فِي تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُشْتَرَكَةٌ مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْقَبُولِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي اسْتِيجَابٌ) أَيْ وَاسْتِقْبَالٌ وَقَبُولٌ كَمَا لَوْ قَالَ السَّيِّدُ قَبِلَ الْكِتَابَةَ أَوْ تَكَاتَبَ مِنِّي بِكَذَا إلَى آخِرِ الشُّرُوطِ فَقَالَ الْعَبْدُ قَبِلْت (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ كَاتَبْتُك) أَيْ فَوْرًا كَمَا فُهِمَ مِنْ الْفَاءِ
(قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٌ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَنْذُرْ كِتَابَتَهُ، فَإِنْ نَذَرَهَا فَأُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ كَالْفِعْلِ مَعَ الِاخْتِيَارِ، ثُمَّ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ النَّذْرُ مُقَيَّدًا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ كَرَمَضَانَ مَثَلًا وَأَخَّرَ الْكِتَابَةَ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْهُ زَمَنٌ قَلِيلٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَأَنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ إكْرَاهُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ وَقْتًا بِعَيْنِهِ حَتَّى يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ، فَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى ذَلِكَ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ هَذَا، وَلَوْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ كِنَايَةٍ لِلْعَبْدِ عَصَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَ الْكِتَابَةَ فِيهِ وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ آخِرِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: فِي السَّيِّدِ) أَيْ وَالْعَبْدِ بِالْمَعْنَى الْآتِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ) غَايَةٌ أُخْرَى فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ أَنْ يَزِيدَ دَيْنُهُ عَلَى مَالِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ فَيَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَى وَلِيِّهِ فِي مَالِهِ فَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ مِنْ وَلِيِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا مِنْهُ وَإِنْ أَذِنَ وَلِيُّهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ) أَيْ الْوَلِيَّ (قَوْلُهُ: وَاعْتِبَارُ الْإِطْلَاقِ) أَيْ الَّذِي أَفْهَمَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
عَلَى ظَاهِرِ الْمَتْنِ فِي جَمْعِهِ النُّجُومَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ لِأَنَّهُ مَقُولُ الْقَوْلِ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهَا (قَوْلُهُ مُخَرَّجٌ) وَهُوَ وَصْفٌ لِقَوْلٍ.
(قَوْلُهُ: لِإِخْرَاجِ الْمَرْهُونِ وَالْمُؤَجَّرِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ الْإِطْلَاقِ فِي هَذَيْنِ لَيْسَ رَاجِعًا لَهُمَا، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ فِيهِمَا فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِمَا، وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ احْتِرَازًا عَنْ الْمَأْذُونِ الَّذِي حَكَمَ الْحَاكِمُ بِصَرْفِ أَكْسَابِهِ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ صَنَعَ الْعَلَّامَةُ الْأَذْرَعِيُّ، وَعَلَى أَنَّ الشَّارِحَ قَصَرَ الْإِطْلَاقَ فِي الْمَتْنِ عَلَى السَّيِّدِ فَلَا
مِنْ مُبَعَّضٍ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِمَا لِلْوَلَاءِ، وَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ مَأْذُونٍ لَهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِصَرْفِ أَكْسَابِهِ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ
(وَكِتَابَةُ الْمَرِيضِ) مَرَضَ الْمَوْتِ مَحْسُوبَةٌ (مِنْ الثُّلُثِ) وَلَوْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ كَسْبَهُ مِلْكُ السَّيِّدِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ مِثْلَاهُ) أَيْ مِثْلَا قِيمَتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ (صَحَّتْ كِتَابَةُ كُلِّهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ مَا خَلَّفَهُ مِمَّا أَدَّاهُ الرَّقِيقُ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ لِخُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ (فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ وَأَدَّى فِي حَيَاتِهِ مِائَتَيْنِ) كَاتَبَهُ عَلَيْهِمَا (وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ عَتَقَ) كُلُّهُ عَلَيْهِمَا لِبَقَاءِ مِثْلَيْهِ لِلْوَرَثَةِ وَهَذَا كَالْمِثَالِ لِمَا قَبْلَهُ (وَإِنْ أَدَّى مِائَةً) كَاتَبَهُ عَلَيْهَا (عَتَقَ ثُلُثَاهُ) لِأَنَّ قِيمَةَ ثُلُثِهِ مَعَ الْمِائَةِ الْمُؤَدَّاةِ مِثْلَا مَا عَتَقَ مِنْهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ غَيْرَهُ وَلَمْ يُؤَدِّ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ صَحَّ فِي ثُلُثِهِ فَقَطْ، فَإِذَا أَدَّى حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ
(وَلَوْ)(كَاتَبَ مُرْتَدٌّ) قِنَّهُ وَلَوْ مُرْتَدًّا أَيْضًا (بَنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ فَإِنْ وَقَفْنَاهُ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ (بَطَلَتْ عَلَى الْجَدِيدِ) الْقَائِلِ بِإِبْطَالِ وَقْفِ الْعُقُودِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَيْضًا، وَعَلَى الْقَدِيمِ لَا تَبْطُلُ بَلْ تُوقَفُ، فَإِنْ أَسْلَمَ بِأَنَّ صِحَّتَهَا وَإِلَّا فَلَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَقُلْنَا لَا يَحْصُلُ الْحَجْرُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ قَطْعًا، وَقِيلَ لَا فَرْقَ، وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ فِي ضِمْنِ تَقْسِيمٍ فَلَا تَكْرَارَ وَتَصِحُّ مِنْ حَرْبِيٍّ وَغَيْرِهِ
(وَلَا تَصِحُّ)(كِتَابَةُ) مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ نَحْوُ (مَرْهُونٍ) وَجَانٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْبَيْعِ، وَإِنَّمَا صَحَّ عِتْقُهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى (وَمَكْرِيٍّ) لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَمِثْلُهُ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَمَغْصُوبٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ
(وَشَرْطُ الْعِوَضِ كَوْنُهُ دَيْنًا) إذْ لَا مِلْكَ لَهُ يُرَدُّ الْعَقْدُ إلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ، نَعَمْ الْمُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ هُنَا بَنَادِرِ الْوُجُودِ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ ثَمَّ (مُؤَجَّلًا) لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَإِطْلَاقُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ كَوْنُهُ أَيْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ مَأْذُونٍ) أَيْ عَبْدٍ مَأْذُونٍ إلَخْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ السَّعْيِ فِي تَحْصِيلِ النُّجُومِ
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ غَيْرَهُ) مُحْتَرَزُ مَا تَضْمَنَّهُ قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمِثْلَيْنِ زِيَادَةً عَلَى الْعَبْدِ (قَوْلُهُ فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ مَا أَدَّاهُ عَلَى الثُّلُثِ إلَخْ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مَا أَدَّاهُ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فَلَا تَنْفُذُ الْكِتَابَةُ فِي شَيْءٍ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ نَظَرًا لِمَالِ الْكِتَابَةِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ فَإِنْ أَدَّى حِصَّتَهُ إلَخْ: قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَا يَزِيدُ الْعِتْقُ بِالْأَدَاءِ لِبُطْلَانِهَا فِي الثُّلُثَيْنِ: أَيْ لَا يُزَادُ فِي الْمُكَاتَبَةِ بِقَدْرِ نِصْفِ مَا أَدَّى وَهُوَ سُدُسٌ لِبُطْلَانِهَا فِي الثُّلُثَيْنِ اهـ.
وَوَجْهُ تَوَهُّمِ زِيَادَةِ الْعِتْقِ بِقَدْرِ نِصْفِ مَا أَدَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ قِيمَتُهُ مِائَةً، فَإِذَا أَدَّى ثُلُثَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ مِائَةٌ ثُلُثَا الْعَبْدِ وَثُلُثُ الْمِائَةِ وَالْمَجْمُوعُ مِائَةٌ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ قَدْرُ نِصْفِهَا لِيَكُونَ مَا عَتَقَ الثُّلُثَ وَذَلِكَ نِصْفُ الَّذِي نَفَذَتْ الْكِتَابَةُ فِيهِ وَقَدْرُ نِصْفِ مَا أَدَّى وَهُوَ السُّدُسُ وَالْمَجْمُوعُ نِصْفُهُ وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ، ثُمَّ رَأَيْت نُسْخَةً صَحِيحَةً مِنْ حَجّ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ.
فِيمَا زَادَ إلَخْ وَعَلَيْهَا فَلَا إشْكَالَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرْتَدًّا) أَيْ أَمَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ مُرْتَدًّا صَحَّتْ كِتَابَتُهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ، وَعَلَيْهِ فَيُقَالُ صَحَّ قَبُولُهُ مَعَ الرِّدَّةِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا إذَا أَسْلَمَ فَلَا تَفْوِيتَ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا لَا يَحْصُلُ الْحَجْرُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ ثَمَّ، وَفِي أَكْثَرِهَا عَدَمُ اعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ فَيَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ مِنْ حَرْبِيٍّ) أَيْ وَقَدْ شَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ تَكْلِيفٌ وَإِطْلَاقٌ، وَشَمِلَ أَيْضًا الْمُنْتَقِلَ مِنْ دِينٍ إلَى دِينٍ فَتَصِحُّ كِتَابَتُهُ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ
(قَوْلُهُ: وَمَكْرِيُّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَاجِزًا فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَنْفَعَةٍ لَمْ تَتَّصِلْ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى عِوَضٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكْفِ ثَمَّ) وَالْفَرْقُ أَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ الْمَقْصُودُ مِنْهَا حُصُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي مُقَابَلَةِ رَأْسِ الْمَالِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ الْقُدْرَةُ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَقْتَ الْحُلُولِ، وَأَيْضًا فَالشَّارِعُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
يَنْسَجِمُ مَعَهُ هَذَا كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ إلَخْ) هَذَا مِمَّا تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ، فَكَانَ الْأَوْلَى عَطْفَهُ عَلَى
عَاجِزٌ حَالًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِهِ عَمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّ دَلَالَةَ الِالْتِزَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ لَا يُكْتَفَى بِهَا فِي الْمُخَاطَبَاتِ، وَهَذَانِ وَصْفَانِ مَقْصُودَانِ، وَلَوْ أُسْلِمَ إلَى الْمُكَاتَبِ عَقِبَ الْعَقْدِ لِلْكِتَابَةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ (وَلَوْ مَنْفَعَةً) فِي الذِّمَّةِ كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهَا ثَمَنًا وَأُجْرَةً فَتَجُوزُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ مَوْصُوفَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ مَعْلُومَيْنِ، وَلَا بَأْسَ بِكَوْنِهَا وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ حَالَّةً لِقُدْرَتِهِ عَلَى الشُّرُوعِ فِيهَا حَالًا، وَتَصِحُّ بِنَجْمَيْنِ قَصِيرَيْنِ وَلَوْ فِي مَالٍ كَثِيرٍ كَالسَّلَمِ إلَى مُعْسِرٍ فِي مَالٍ كَثِيرٍ إلَى أَجَلٍ قَصِيرٍ، وَلَوْ كَاتَبَ قِنَّهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرَيْنِ وَجَعَلَ كُلَّ شَهْرٍ نَجْمًا لَمْ يَصِحَّ، أَوْ عَلَى خِدْمَةِ رَجَبَ وَرَمَضَانَ فَأَوْلَى بِالْفَسَادِ، وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ الْخِدْمَةِ وَالْمَنَافِعِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْأَعْيَانِ بِالْعَقْدِ، وَيَمْتَنِعُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ أَوْ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مِنْ الْآنَ، وَعَلَى إلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ بَعْدَهُ جَازَ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُلْتَزَمَةَ فِي الذِّمَّةِ تَتَأَجَّلُ، بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ لَا يَجُوزُ شَرْطُ تَأْجِيلِهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَصِحَّ عَلَى ثَوْبٍ يُؤَدَّى نِصْفُهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَنِصْفُهُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْفَعَةِ عَيْنٍ لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ وَإِلَّا صَحَّتْ عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَيَأْتِي (وَمُنَجَّمًا بِنَجْمَيْنِ) وَلَوْ إلَى سَاعَتَيْنِ وَإِنْ عَظُمَ الْمَالُ (فَأَكْثَرُ) لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ وَلِمَا مَرَّ أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ ضَمِّ النُّجُومِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الضَّمُّ اثْنَانِ
(وَقِيلَ إنْ)(مَلَكَ) السَّيِّدُ (بَعْضَهُ وَبَاقِيهِ حُرٌّ)(لَمْ يُشْتَرَطْ أَجَلٌ وَتَنْجِيمٌ) لِأَنَّهُ قَدْ يَمْلِكُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ مَا يُؤَدِّيهِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَنْعَ تَعَبُّدٌ اتِّبَاعًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ
(وَلَوْ)(كَاتَبَ عَلَى) مَنْفَعَةِ عَيْنٍ مَعَ غَيْرِهَا مُؤَجَّلًا نَحْوَ (خِدْمَةِ شَهْرٍ) مَثَلًا مِنْ الْآنَ (وَدِينَارٍ) فِي أَثْنَائِهِ وَقَدْ عَيَّنَهُ كَيَوْمٍ يَمْضِي مِنْهُ (عِنْدَ انْقِضَائِهِ) أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ صِفَتُهُ كَذَا فِي أَثْنَائِهِ أَوْ عِنْدَ انْقِضَائِهِ (صَحَّتْ) الْكِتَابَةُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ حَالًا وَالْمُدَّةُ لِتَقْدِيرِهَا، وَالدِّينَارُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا لِاسْتِحْقَاقِهِ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الِاسْتِحْقَاقُ حَصَلَ تَعَدُّدُ النَّجْمِ فَعُلِمَ أَنَّ الْأَجَلَ إنَّمَا يَكُونُ شَرْطًا فِي غَيْرِ مَنْفَعَةٍ يَقْدِرُ عَلَى الشُّرُوعِ فِيهَا حَالًا، وَأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْمَنَافِعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ اتِّصَالُهَا بِالْعَقْدِ، بِخِلَافِ الْمُلْتَزَمَةِ فِي الذِّمَّةِ، وَأَنَّ شَرْطَ الْمَنْفَعَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْعَقْدِ، وَيُمْكِنُ الشُّرُوعُ فِيهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مُتَشَوِّفٌ لِلْعِتْقِ فَاكْتَفَى فِيهِ بِمَا يُؤَدِّي إلَى الْعِتْقِ وَلَوْ احْتِمَالًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِهِ) أَيْ قَوْلِهِ مُؤَجَّلًا وَقَوْلِهِ عَمَّا قَبْلَهُ: أَيْ قَوْلِهِ دَيْنًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُسْلِمَ إلَى الْمُكَاتَبِ) هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ السَّيِّدَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ بِنَجْمَيْنِ قَصِيرَيْنِ) كَسَاعَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِأَنَّهُمَا يُعَدَّانِ نَجْمًا لِتَوَالِيهِمَا (قَوْلُهُ فَأَوْلَى بِالْفَسَادِ) أَيْ لِعَدَمِ اتِّصَالِ خِدْمَةِ رَمَضَانَ مَعَ تَعَلُّقِهَا بِعَيْنِ الْعَقْدِ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: مَوْصُوفٍ بَعْدَهُ) أَيْ الْآنَ وَلَوْ قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ عَبَّرَ بِفِيهِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ عَلَى ثَوْبٍ) أَيْ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ لِيَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَحَّتْ عَلَى مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ اتِّصَالِهَا بِالْعَقْدِ
(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الشُّرُوعُ) أَيْ وَالْحَالُ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَا قَبْلَهُ، وَتَأْخِيرَ لَفْظِ مِثْلِهِ إلَى مَسْأَلَةِ الْمَغْصُوبِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِكَوْنِهَا وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ حَالَّةً) لَا يَخْفَى صُعُوبَةُ الْمَتْنِ حِينَئِذٍ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ نَصُّهُ: وَلَا تَخْلُو الْمَنْفَعَةُ فِي الذِّمَّةِ مِنْ التَّأْجِيلِ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ نُجُومِهَا تَعْجِيلٌ فَالتَّأْجِيلُ فِيهَا شَرْطٌ فِي الْجُمْلَةِ وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ فَأَوْلَى بِالْفَسَادِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَعَلَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَوَالِيَيْنِ يُمْكِنُ التَّصْحِيحُ فِيهِمَا بِجَعْلِهِمَا نَجْمًا وَضَمِّ نَجْمٍ آخَرَ إلَيْهِ، بِخِلَافِ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ إذْ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ رَمَضَانَ مِنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ لِانْفِصَالِهِ عَنْ رَجَبٍ وَلَا نَجْمًا آخَرَ لِفَوَاتِ شَرْطِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَصِحَّ عَلَى ثَوْبٍ يُؤَدَّى نِصْفُهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ وُصِفَ الثَّوْبُ بِصِفَةِ السَّلَمِ كَمَا فِي الرَّوْضِ، وَوَجْهُ تَرَتُّبِ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ النِّصْفَ فِي الْمُدَّةِ الْأُولَى تَعَيَّنَ النِّصْفُ الثَّانِي لِلثَّانِيَةِ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِهِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ غَيْرُ صَحِيحٍ.
(قَوْلُهُ: اتِّبَاعًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ) فِي كَوْنِ هَذَا عِلَّةً لِلتَّعَبُّدِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: كَيَوْمٍ يَمْضِي مِنْهُ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ لَفْظُ أَوْ.
عَقِبَهُ بِضَمِيمَةِ نَجْمٍ آخَرَ إلَيْهَا كَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ شَرْطَهُ تَقَدُّمُ زَمَنِ الْخِدْمَةِ، فَلَوْ قَدَّمَ زَمَنَ الدِّينَارِ عَلَى زَمَنِ الْخِدْمَةِ لَمْ يَصِحَّ وَيَتْبَعُ فِي الْخِدْمَةِ الْعُرْفَ فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهَا، وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ فَمَرِضَ فِي الشَّهْرِ وَفَاتَتْ الْخِدْمَةُ انْفَسَخَتْ فِي قَدْرِ الْخِدْمَةِ وَفِي الْبَاقِي خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الصِّحَّةُ
(أَوْ) كَاتَبَهُ (عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ كَذَا) أَوْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ كَذَا (فَسَدَتْ) الْكِتَابَةُ لِأَنَّهُ كَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ (وَلَوْ)(قَالَ كَاتَبْتُك وَبِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِأَلْفٍ وَنَجَّمَ الْأَلْفَ) بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ كَكَاتَبْتُكَ وَبِعْتُك هَذَا إلَى شَهْرَيْنِ تُؤَدِّي مِنْهُمَا خَمْسَمِائَةٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَوَّلِ وَالْبَاقِيَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الثَّانِي (وَعَلَّقَ الْحُرِّيَّةَ بِأَدَائِهِ) وَقَبِلَهُمَا الْعَبْدُ مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا (فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْكِتَابَةِ) بِقَدْرِ مَا يَخُصُّ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ الْأَلْفِ الْمُوَزَّعَةِ عَلَيْهَا وَعَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (دُونَ الْبَيْعِ) لِتَقَدُّمِ أَحَدِ شِقَّيْهِ عَلَى أَهْلِيَّةِ الْعَبْدِ لِمُبَايَعَةِ السَّيِّدِ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ، فَفِي قَوْلٍ يَصِحَّانِ وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلَانِ
(وَلَوْ)(كَاتَبَ عَبِيدًا) أَوْ عَبْدَيْنِ كَمَا عُلِمَ بِالْأُولَى صَفْقَةً وَاحِدَةً (عَلَى عِوَضٍ) وَاحِدٍ (مُنَجَّمٍ) بِنَجْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (وَعَلَّقَ عِتْقَهُمْ بِأَدَائِهِ) كَاتَبْتُكُمْ عَلَى أَلْفٍ إلَى شَهْرَيْنِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (فَالنَّصُّ صِحَّتُهَا) لِاتِّحَادِ مَالِكِ الْعِوَضِ مَعَ اتِّحَادِ لَفْظِهِ (وَيُوَزَّعُ) الْمُسَمَّى (عَلَى قِيمَتِهِمْ يَوْمَ الْكِتَابَةِ) لِأَنَّ سَلْطَنَةَ السَّيِّدِ زَالَتْ حِينَئِذٍ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ مِائَةً وَالْآخَرِ مِائَتَيْنِ وَالْآخَرِ ثَلَثَمِائَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ الْمُسَمَّى وَعَلَى الثَّانِي ثُلُثُهُ وَعَلَى الثَّالِثِ نِصْفُهُ (فَمَنْ أَدَّى حِصَّتَهُ عَتَقَ) لِوُجُودِ الْأَدَاءِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى أَدَاءِ غَيْرِهِ وَإِنْ عَجَزَ غَيْرُهُ أَوْ مَاتَ، وَلَا يُقَالُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِأَدَائِهِمْ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ الصَّحِيحَةَ يَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ مَعَ انْتِفَاءِ الْأَدَاءِ (وَمَنْ عَجَزَ) مِنْهُمْ (رَقَّ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْأَدَاءُ، وَمُقَابِلُ النَّصِّ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ مِمَّا لَوْ اشْتَرَى عَبِيدَ جَمْعٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ النَّصَّ فِيهِ الْبُطْلَانُ
(وَتَصِحُّ كِتَابَةُ بَعْضِ مَنْ بَاقِيهِ حُرٌّ) بِأَنْ قَالَ كَاتَبْتُ مَا رَقَّ مِنْك لَا بَعْضَهُ لِمَا يَأْتِي وَذَلِكَ لِإِفَادَتِهَا الِاسْتِقْلَالَ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ (فَلَوْ كَاتَبَ كُلَّهُ) وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِحُرِّيَّةِ بَاقِيهِ (صَحَّ فِي الرِّقِّ فِي الْأَظْهَرِ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ.
فَإِذَا أَدَّى قِسْطَ الرِّقِّ مِنْ الْقِيمَةِ عَتَقَ
(وَلَوْ)(كَاتَبَ بَعْضَ رَقِيقٍ فَسَدَتْ إنْ كَانَ بَاقِيهِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ) فِي كِتَابَتِهِ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ حِينَئِذٍ، وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِالْفَسَادِ إعْطَاءَ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ الْآتِيَةِ لَهَا، وَلَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْبُطْلَانِ إذْ هَذَا الْبَابُ يَفْتَرِقُ فِيهِ الْفَاسِدُ وَالْبَاطِلُ (وَكَذَا إذَا أَذِنَ) فِيهَا (أَوْ كَانَ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ حَيْثُ رَقَّ بَعْضُهُ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْكَسْبِ سَفَرًا وَحَضَرًا فَيُنَافِي مَقْصُودَ الْكِتَابَةِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَرْفُ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ لَهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَعْضُهُ مِلْكُهُ لِمَالِكِ الْبَاقِي فَإِنَّهُ مِنْ أَكْسَابِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ، وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ قِنِّهِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بَعْضُهُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الصِّحَّةُ) وَعَلَى الصِّحَّةِ، فَإِذَا أَدَّى نَصِيبَهُ هَلْ يُسَرِّي عَلَى السَّيِّدِ إلَى بَاقِيهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي إبْرَاءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ السِّرَايَةُ.
وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُبْرِئَ عَتَقَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ بِاخْتِيَارِهِ فَسَرَّى إلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَمَا هُنَا لَمْ تَعْتِقْ فِيهِ حِصَّةُ مَا أَدَّاهُ الْعَبْدُ بِاخْتِيَارِ السَّيِّدِ فَلَا سِرَايَةَ، إذْ شَرْطُهَا كَانَ الْعِتْقُ اخْتِيَارِيًّا لِمَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَاضِحٌ.
وَقَدْ يُقَالُ: فُرِّقَ بَيْنَ كَوْنِ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ وَبَيْنَ كَوْنِهِ لَهُ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا، فَإِنَّ الْعَبْدَ كُلَّهُ هُنَا لِوَاحِدٍ، وَهُوَ لَوْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْهُ سَرَّى إلَى بَاقِيهِ مُعْسِرًا كَانَ أَوْ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَدْ يُقَالُ بِالسِّرَايَةِ هُنَا لِحُصُولِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهِ
(قَوْلُهُ: فَفِي قَوْلٍ يَصِحَّانِ) مُعْتَمَدٌ عَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي
(قَوْلُهُ: يَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ وَكَأَنَّهُ كَاتَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ وَعَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى أَدَاءِ مَا يَخُصُّهُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ يَعْتِقُ إلَخْ، وَلَوْ نُظِرَ إلَى جِهَةِ التَّعْلِيقِ تَوَقَّفَ الْعِتْقُ عَلَى الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ النَّصِّ) الرَّاجِحُ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالنَّصِّ فِيمَا سَبَقَ
(قَوْلُهُ: لَا بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ مَا رَقَّ (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَدَّى قِسْطَ الرِّقِّ مِنْ الْقِيمَةِ) أَيْ مُوَزَّعًا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ يُقَدَّرُ مَا يَخُصُّ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ الْأَلْفِ الْمُوَزَّعَةِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .