المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وُجُوبًا مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لِمَا مَرَّ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَسَوَاءٌ - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٨

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ

- ‌كِتَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقَلُّ الْجِزْيَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى نَحْوِ خَيْلٍ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ

- ‌فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌بَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ]

- ‌فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَمَا يَلْزَمُ سَيِّدَ الْمُكَاتَب وَيُنْدَبُ لَهُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان مَا يحرم عَلَى سَيِّد الْمُكَاتَب]

- ‌[فَصَلِّ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ قَبْلَ مَحِلِّهَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ وَمَا تُوَافِقُ أَوْ تُبَايِنُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ

- ‌كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَةُ الْكِتَابِ]

الفصل: وُجُوبًا مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لِمَا مَرَّ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَسَوَاءٌ

وُجُوبًا مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لِمَا مَرَّ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ وَنَفْسُهُ عِنْدَ دُخُولِ بَيْتٍ خَالٍ، لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا وَالْعَبْدُ يَتَقَرَّبُ بِهَا فَهِيَ كَالْعِبَادَاتِ.

وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى أَوْضَاعِ الْعِبَادَاتِ. وَمِمَّا يَنْعَقِدُ بِهِ تَشْمِيتُ عَاطِسٍ وَزِيَارَةُ قَادِمٍ وَتَعْجِيلُ مُؤَقَّتَةٍ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَلَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ مُعَارِضٌ مِمَّا مَرَّ لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا فَكَانَتْ كَالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَتَصَدُّقٍ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ قَبْرِهِ وَلَمْ يُرِدْ تَمْلِيكَهُ وَاطَّرَدَ الْعُرْفُ بِأَنَّ مَا يُحْمَلُ لَهُ يُصْرَفُ عَلَى نَحْوِ فُقَرَاءَ هُنَاكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ بَطَلَ وَخَرَجَ بِلَا تَجِبُ ابْتِدَاءً مَا وَجَبَ جِنْسُهُ شَرْعًا كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَصَدَقَةٍ وَعِتْقٍ وَحَجٍّ فَيَجِبُ بِالنَّذْرِ قَطْعًا، وَيُعْتَبَرُ زِيَادَةٌ فِي الضَّابِطِ أَيْضًا وَهُوَ أَنْ لَا يُبْطِلَ رُخْصَةَ الشَّرْعِ لِيُخْرِجَ نَذْرَ عَدَمِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ مِنْ رَمَضَانَ وَنَذْرَ الْإِتْمَامِ فِيهِ إذَا كَانَ الْأَفْضَلُ الْفِطْرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ، وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ تَعْجِيلُ زَكَاةِ مَالِي لَمْ يَنْعَقِدْ، أَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ صَائِمًا لَزِمَاهُ جَزْمًا، أَوْ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ إذَا عَطَسَ انْعَقَدَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ عِلَّةٌ، فَإِنْ عَطَسَ فِي نَحْوِ رُكُوعٍ قَرَأَهَا بَعْدَ صَلَاتِهِ، أَوْ فِي الْقِيَامِ قَرَأَهَا حَالًا إذْ تَكْرِيرُهَا لَا يُبْطِلُهَا، أَوْ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَقِبَ شُرْبِهِ انْعَقَدَ، أَوْ أَنْ يُجَدِّدَ الْوُضُوءَ عِنْدَ مُقْتَضِيهِ فَكَذَلِكَ.

‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

بِالْمَدِّ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: إحْكَامُ الشَّيْءِ وَإِمْضَاؤُهُ، وَأَتَى لِمَعَانٍ أُخَرَ، وَفِي الشَّرْعِ: الْوِلَايَةُ الْآتِيَةُ وَالْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا، أَوْ إلْزَامُ مَنْ لَهُ الْإِلْزَامُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فَخَرَجَ الْإِفْتَاءُ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَفِي الْخَبَرِ «إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ» أَيْ أَرَادَ الْحُكْمَ «فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، إذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ بَدَلَ الْأُولَى «فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ» وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا فِي حَاكِمٍ عَالِمٍ مُجْتَهِدٍ.

أَمَّا غَيْرُهُ فَآثِمٌ بِجَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَإِنْ وَافَقَ الصَّوَابَ وَأَحْكَامُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ لِأَنَّ إصَابَتَهُ اتِّفَاقِيَّةٌ.

وَرَوَى الْأَرْبَعَةُ وَالْحَاكِمُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وُجُوبِهَا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ صِحَّةِ نَذْرِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ (قَوْلُهُ وَمِمَّا يَنْعَقِدُ بِهِ) أَيْ النَّذْرُ (قَوْلُهُ: مُعَارَضٌ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ. [تَتِمَّةٌ]

لَوْ نَذَرَ زِيَارَةَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَزِمَهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ فَشُفِيَ جَازَ دَفْعُهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ لَا يَبْطُلَ) أَيْ النَّذْرُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْقِيَامِ قَرَأَهَا حَالًا) أَيْ ثُمَّ يَأْتِي بِالْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، وَيَنْبَغِي جَوَازُ تَقْدِيمِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ بَلْ لَعَلَّهُ أَوْلَى، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ حَالًا لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَجِبُ تَأْخِيرُهَا إلَى مَا بَعْدَ السَّلَامِ.

وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ.

يَكُنْ مَأْمُومًا، فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا أَخَّرَ قِرَاءَتَهَا لِمَا بَعْدَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: إذْ تَكْرِيرُهَا لَا يُبْطِلُهَا) لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَحَلَّ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ فِي غَيْرِ نَحْوِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنْ كَرَّرَ لَا لِسَبَبٍ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ يَنْعَقِدُ.

كِتَابُ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِمْضَاؤُهُ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَتَى) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ لَمَعَانٍ أُخَرَ: أَيْ كَالْوَحْيِ وَالْخَلْقِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

(قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُهُ) يَعْنِي الْمُجْتَهِدَ غَيْرَ الْعَالِمِ بِأَنْ يَحْكُمَ بِاجْتِهَادِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ وَهُوَ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُ الِاجْتِهَادِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِأَنَّ إصَابَتَهُ اتِّفَاقِيَّةٌ فَخَرَجَ الْمُقَلِّدُ بِشَرْطِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَأَحْكَامُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُوَلِّهِ ذُو شَوْكَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ

ص: 235

وَالْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: قَاضٍ فِي الْجَنَّةِ، وَقَاضِيَانِ فِي النَّارِ» وَفَسَّرَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ عَرَفَ الْحَقَّ وَقَضَى بِهِ، وَالْأَخِيرَانِ بِمَنْ عَرَفَ وَجَارَ وَمَنْ قَضَى عَلَى جَهْلٍ، وَاَلَّذِي يَسْتَفِيدُهُ بِالْوِلَايَةِ إظْهَارُ حُكْمِ الشَّرْعِ وَإِمْضَاؤُهُ فِيمَا يُرْفَعُ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمُفْتِي مُظْهِرٌ لَا مُمْضٍ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقِيَامُ بِحَقِّهِ أَفْضَلَ مِنْ الْإِفْتَاءِ (هُوَ) أَيْ قَبُولُهُ مِنْ مُتَعَدِّدِينَ صَالِحِينَ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) بَلْ هُوَ أَسْنَى فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ حَتَّى ذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى تَفْضِيلِهِ عَلَى الْجِهَادِ وَذَلِكَ لِلْإِجْمَاعِ مَعَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ لِأَنَّ طِبَاعَ الْبَشَرِ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّظَالُمِ وَقَلَّ مَنْ يُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ، وَالْإِمَامُ الْأَعْظَمُ مُشْتَغِلٌ بِمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ فَوَجَبَ مَنْ يَقُومُ بِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ الصَّالِحُونَ لَهُ أَثِمُوا وَأَجْبَرَ الْإِمَامُ أَحَدَهُمْ.

أَمَّا تَقْلِيدُهُ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْإِمَامِ فَوْرًا فِي قَضَاءِ الْإِقْلِيمِ، وَيَتَعَيَّنُ فِعْلُ ذَلِكَ عَلَى قَاضِي الْإِقْلِيمِ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يَجُوزُ إخْلَاءُ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَنْ قَاضٍ أَوْ خَلِيفَةٍ لَهُ لِأَنَّ الْإِحْضَارَ مِنْ فَوْقِهَا مُشِقٌّ، وَبِهِ فَارَقَ اعْتِبَارَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ أَمَّا إيقَاعُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ إذَا أَفْضَى لِتَعْطِيلٍ أَوْ طُولِ نِزَاعٍ، وَمِنْ صَرِيحِ التَّوْلِيَةِ وَلَّيْتُك أَوْ قَلَّدْتُك أَوْ فَوَّضْت إلَيْك الْقَضَاءَ، وَمِنْ كِنَايَتِهَا عَوَّلْت وَاعْتَمَدْت عَلَيْك فِيهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ لَفْظًا بَلْ يَكْفِي فِيهِ الشُّرُوعُ بِالْفِعْلِ كَالْوَكِيلِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، نَعَمْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ.

(فَإِنْ تَعَيَّنَ) لَهُ وَاحِدٌ بِأَنْ لَمْ يَصْلُحْ غَيْرُهُ (لَزِمَهُ)(طَلَبُهُ) وَلَوْ بِمَالٍ قَدَرَ عَلَيْهِ فَاضِلًا عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَخَافَ الْمَيْلَ أَمْ لَا، عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ عَالِمٌ بِهِ وَلَمْ يَطْلُبْهُ مِنْهُ أَمْ لَا، بَلْ عَلَيْهِ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ وَالتَّحَرُّزُ مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْإِمَامُ، وَلَيْسَ مُفَسَّقًا لِأَنَّهُ غَالِبًا إنَّمَا يَكُونُ بِتَأْوِيلٍ، وَالْأَقْرَبُ وُجُوبُ الطَّلَبِ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ الْإِجَابَةِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَجِبُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ امْتِثَالِهِمْ لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَصْلَحَ) نُدِبَ لِلْأَصْلَحِ طَلَبُهُ وَقَبُولُهُ حَيْثُ وَثِقَ بِنَفْسِهِ (وَكَانَ) الْأَصْلَحُ (يَتَوَلَّاهُ) أَيْ يَقْبَلُهُ إذَا وَلِيَهُ (فَلِلْمَفْضُولِ الْقَبُولُ) إذَا بُذِلَ لَهُ بِلَا طَلَبٍ وَتَنْعَقِدُ تَوْلِيَتُهُ كَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى (وَقِيلَ لَا) يَجُوزُ لَهُ الْقَبُولُ فَلَا تَنْعَقِدُ تَوْلِيَتُهُ وَتَحْرُمُ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِمِ «مَنْ اسْتَعْمَلَ عَامِلًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «رَجُلًا عَلَى عِصَابَةٍ وَفِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَإِمْضَاؤُهُ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ أَسْنَى) أَيْ أَعْلَى (قَوْلُهُ: أَمَّا تَقْلِيدُهُ) أَيْ تَوْلِيَتُهُ لِمَنْ يَقُومُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إخْلَاءُ مَسَافَةِ الْعَدْوَى) وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الِاسْتِخْلَافَ كَقَاضِي الْإِقْلِيمِ.

(قَوْلُهُ: فَاضِلًا عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَثُرَ الْمَالُ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي صَرَّحُوا فِيهَا بِسُقُوطِ الْوُجُوبِ حَيْثُ طُلِبَ مِنْهُ مَالٌ وَإِنْ قَلَّ أَنَّ الْقَضَاءَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَوَجَبَ بَذْلُهُ لِلْقِيَامِ بِتِلْكَ الْمَصْلَحَةِ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُفَسِّقًا) أَيْ الِامْتِنَاعُ (قَوْلُهُ فَلِلْمَفْضُولِ الْقَبُولُ) ظَاهِرُهُ مَعَ انْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ، وَالْقِيَاسُ ثُبُوتُهَا لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ الْقَبُولِ، وَقَدْ يَقْتَضِي قَوْلُهُ الْآتِي وَلَهُ الْقَبُولُ مَعَ كَرَاهَةِ ثُبُوتِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَنْ اسْتَعْمَلَ عَامِلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) دَخَلَ فِيهِ كُلُّ مَنْ تَوَلَّى أَمْرًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَرْعِيًّا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ أَيْ قَبُولُهُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ وَنَازَعَهُ ابْنُ قَاسِمٍ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى وُرُودِ الْقَضَاءِ بِمَعْنَى قَبُولِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ الضَّمِيرَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَهَذَا غَيْرُ الِاسْتِخْدَامِ (قَوْلُهُ: أَيْ قَبُولُهُ) لَعَلَّهُ بِمَعْنَى التَّلَبُّسِ بِهِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ قَبُولَهُ لَفْظًا غَيْرُ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا إيقَاعُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ) أَيْ بَعْدَ تَدَاعِيهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْإِمَامِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَهُ حُكْمُ الْقَاضِي فِي الْقَضَاءِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ مِنْ الْقُضَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُفَسَّقًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِفِسْقِهِ وَإِلَّا فَالتَّعْلِيلُ لَا يُسَاعِدُ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: نُدِبَ لِلْأَصْلَحِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ أَتَى بِهَذَا الْجَوَابِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ شَرْطٍ يَكُونُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ جَوَابًا لَهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ فَإِنْ سَكَتَ قُبَيْلَ قَوْلِ

ص: 236

وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ» وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ يَتَوَلَّاهُ غَيْرُهُ فَكَالْعَدِمِ وَلَا يُجْبَرُ الْفَاضِلُ هُنَا.

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَتَمَيَّزْ الْمَفْضُولُ بِكَوْنِهِ أَطْوَعَ لِلنَّاسِ أَوْ أَقْرَبَ لِلْقَبُولِ أَوْ أَقْوَى فِي الْقِيَامِ فِي الْحَقِّ أَوْ أَلْزَمَ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ الْقَبُولُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَانْعَقَدَتْ وِلَايَتُهُ قَطْعًا (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يُكْرَهُ طَلَبُهُ) لِوُجُودِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ (وَقِيلَ يَحْرُمُ وَإِنْ كَانَ) غَيْرُهُ (مِثْلَهُ) وَسُئِلَ بِلَا طَلَبٍ (فَلَهُ الْقَبُولُ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ، نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَقَدْ أَتَاهُ بِلَا سُؤَالٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ وَلَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ الِامْتِنَاعُ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَيُنْدَبُ) لَهُ (الطَّلَبُ) لِلْقَضَاءِ وَالْقَبُولِ حَيْثُ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى (إنْ كَانَ خَامِلًا) أَيْ غَيْرَ مَشْهُورٍ بَيْنَ النَّاسِ بِعِلْمٍ (يَرْجُو بِهِ نَشْرَ الْعِلْمِ) وَنَفْعَ النَّاسِ بِهِ (أَوْ) كَانَ غَيْرَ الْخَامِلِ (مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْوِلَايَةِ، وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ حُقُوقُ النَّاسِ بِتَوْلِيَةِ ظَالِمٍ أَوْ جَاهِلٍ فَقَصَدَ بِطَلَبِهِ أَوْ قَبُولِهِ تَدَارُكُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ (فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ) أَيْ الطَّلَبُ كَالْقَبُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْحَامِلُ لِأَكْثَرِ السَّلَفِ الصَّالِحِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ (قُلْت: وَيُكْرَهُ) لَهُ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ (عَلَى الصَّحِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِوُرُودِ نَهْيٍ مَخْصُوصٍ فِيهِ، وَعَلَيْهِ حُمِلَتْ الْأَخْبَارُ الْمُحَذِّرَةُ مِنْهُ كَالْخَبَرِ الْحَسَنِ «مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ خَطَرِهِ، وَيَحْرُمُ الطَّلَبُ عَلَى جَاهِلٍ وَعَالِمٍ قَصَدَ انْتِقَامًا أَوْ ارْتِشَاءً، وَيُتَّجَهُ حُرْمَةُ طَلَبِهِ مُبَاهَاةً وَاسْتِعْلَاءً بِقَصْدِ هَذَيْنِ.

وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ فَقْدِ قَاضٍ مُتَوَلٍّ، أَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي جَائِرًا، فَلَوْ كَانَ ثَمَّ مُتَوَلٍّ صَالِحٌ حَرُمَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ السَّعْيُ فِي عَزْلِهِ وَلَوْ بِأَفْضَلَ مِنْهُ وَيَفْسُقُ الطَّالِبُ، وَلَا يُؤَثِّرُ مِمَّنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَوْ نُدِبَ لَهُ بَذْلُهُ مَالًا عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ الْآخِذُ ظَالِمٌ، فَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَمْ يُنْدَبْ حَرُمَ عَلَيْهِ بَذْلُهُ ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا لِئَلَّا يُعْزَلَ، وَفِي الرَّوْضَةِ جَوَازُ بَذْلِهِ لِيُوَلَّى أَيْضًا، وَدَعْوَى أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مَرْدُودَةٌ، إذْ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِعَزْوِهِ مَا ذُكِرَ لِلرُّويَانِيِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَنَصْبِ مَشَايِخِ الْأَسْوَاقِ وَالْبُلْدَانِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ) أَيْ لِقَبُولِ الْخَصْمِ مَا يَقْضِي عَلَيْهِ أَوْ لَهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَطْوَعِ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَطْوَعِ أَكْثَرُ طَاعَةً بِأَنْ تَكُونَ طَاعَةُ النَّاسِ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ طَاعَتِهِمْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ) هُوَ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتَهَى مُخْتَارُ كَمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ حُقُوقُ النَّاسِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَبُولَ حِينَئِذٍ مَنْدُوبٌ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ) هِيَ قَوْلُهُ إنْ كَانَ حَامِلًا إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ مُحْتَاجًا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الطَّلَبُ عَلَى جَاهِلٍ) أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ) أَيْ فِي صِحَّةِ تَوَلِّيهِ (قَوْلُهُ: إذْ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِعَزْوِهِ مَا ذُكِرَ لِلرُّويَانِيِّ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُصَنِّفِ وَكَانَ إلَخْ وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْأَصْلَحِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَطْوَعَ لِلنَّاسِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَطْوَعَ فِي النَّاسِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَقْرَبَ لِلْقَبُولِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَوْ أَقْرَبَ إلَى الْقُلُوبِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَيُكْرَهُ طَلَبُهُ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا انْتَفَتْ عَنْهُ الصِّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الشَّرْحِ قُبَيْلَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: هُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ إلَخْ، قَالَ: فَإِنْ قِيلَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ قُلْنَا: فَلَا مَعْنَى لِنَقْلِهِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالطَّلَبِ لَمْ يُخَالِفْهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ الطَّلَبُ كَالْقَبُولِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ أَيْضًا: إنْ كَانَ كَوْنُ الْقَبُولِ خِلَافَ الْأَوْلَى أَوْ مَكْرُوهًا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْن أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ طَلَبٌ مِنْهُ أَوْ لَا خِلَافَ مَا مَرَّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ، وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالطَّلَبِ لَمْ يُخَالِفْهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ هَذَيْنِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ مُبَاهَاةً وَاسْتِعْلَاءً، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ لِلْمُبَاهَاةِ وَالِاسْتِعْلَاءِ كَذَا قِيلَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ حَرَامٌ بِقَصْدِ هَذِهِ أَيْضًا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَثِّرُ مِمَّنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَوْ نُدِبَ لَهُ بَذْلُهُ مَالًا) أَيْ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ إذْ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِعَزْوِهِ إلَخْ) يُقَالُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ الدَّعْوَى غَيْرُ مَرْدُودَةٍ

ص: 237

لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ.

وَيُنْدَبُ عَزْلُهُ لِغَيْرِ صَالِحٍ وَيَنْفُذُ الْعَزْلُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الْعَازِلِ، وَالتَّوْلِيَةُ وَإِنْ حَرُمَ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ مُطْلَقًا خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ (وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّعَيُّنِ) السَّابِقِ (وَعَدَمِهِ بِالنَّاحِيَةِ) وَيُتَّجَهُ ضَبْطُهَا بِوَطَنِهِ وَدُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي مَسَافَةِ كُلِّ عَدْوَى نَصَبِ قَاضٍ فَيُجْرَى فِي التَّعْيِينِ، وَغَيْرِ مَا مَرَّ مِنْ أَحْكَامِ التَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ فِي الطَّلَبِ وَالْقَبُولِ فِي وَطَنِهِ وَدُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْهُ دُونَ الزَّائِدِ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ هَجْرِ الْوَطَنِ بِالْكُلِّيَّةِ، إذْ عَمَلُ الْقَضَاءِ لَا نِهَايَةَ لَهُ، بِخِلَافِ بَاقِي فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ الْمُحْوِجَةِ إلَى السَّفَرِ كَالْجِهَادِ وَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ، فَلَوْ كَانَ بِبَلَدٍ صَالِحَانِ وَوَلِيَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْآخَرِ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ آخَرَ لَيْسَ بِهِ صَالِحٌ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ.

وَشَرْطُ الْقَاضِي) أَيْ مَنْ تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ لِلْقَضَاءِ (مُسْلِمٌ) لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ الْكَافِرِ لِلْوِلَايَةِ، وَنَصْبُهُ عَلَى مِثْلِهِ مُجَرَّدُ رِيَاسَةٍ لَا تَقْلِيدُ حُكْمٍ وَقَضَاءٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُلْزِمُوهُ بِالتَّحَاكُمِ عِنْدَهُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ إلَّا إنْ رَضُوا بِهِ (مُكَلَّفٌ) لِنَقْصِ غَيْرِهِ، وَاشْتِرَاطُ الْمَاوَرْدِيِّ زِيَادَةَ عَقْلٍ اكْتِسَابِيٍّ عَلَى الْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ (حُرٌّ) كُلُّهُ لِنَقْصِ غَيْرِهِ بِسَائِرِ أَقْسَامِهِ (ذَكَرٌ) فَلَا تُوَلَّى امْرَأَةٌ لِنَقْصِهَا وَلِاحْتِيَاجِ الْقَاضِي لِمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ وَهِيَ مَأْمُورَةٌ بِالتَّخَدُّرِ، وَالْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ، وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» (عَدْلٌ) فَلَا يَتَوَلَّى فَاسِقٌ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُ نَافِي الْإِجْمَاعِ أَوْ خَبَرِ الْآحَادِ أَوْ الِاجْتِهَادِ. وَمَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (سَمِيعٌ) فَلَا يَتَوَلَّى أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ إقْرَارٍ وَإِنْكَارٍ، بِخِلَافِ مَنْ يَسْمَعُ بِالصِّيَاحِ (بَصِيرٌ) لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَعْرِفُ الطَّالِبَ مِنْ الْمَطْلُوبِ، وَفِي مَعْنَى الْأَعْمَى: مَنْ يَرَى الْأَشْبَاحَ وَلَا يَعْرِفُ الصُّوَرَ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ إذَا قَرُبَتْ مِنْهُ عَرَفَهَا صَحَّ، فَلَوْ كَانَ يُبْصِرُ نَهَارًا فَقَطْ جَازَتْ تَوْلِيَتُهُ أَوْ لَيْلًا فَقَطْ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي مَنْعُهُ (نَاطِقٌ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْأَخْرَسِ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ (كَافٍ) أَيْ نَاهِضٌ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ الْقَضَاءِ بِأَنْ يَكُونَ ذَا يَقِظَةٍ تَامَّةٍ وَقُوَّةٍ عَلَى تَنْفِيذِ الْحَقِّ فَلَا يُوَلَّى مُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ نَظَرٍ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ (مُجْتَهِدٌ) فَلَا يَتَوَلَّى جَاهِلٌ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَلَا مُقَلِّدٌ، وَهُوَ مَنْ حَفِظَ مَذْهَبَ إمَامِهِ لَكِنَّهُ غَيْرُ عَارِفٍ بِغَوَامِضِهِ وَقَاصِرٌ عَنْ تَقْرِيرِ أَدِلَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى فَالْقَضَاءُ أَوْلَى.

وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إسْلَامٌ إلَخْ أَوْ كَوْنُهُ مُسْلِمًا كَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ لَا الشَّخْصُ نَفْسُهُ رُدَّ بِوُضُوحٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِتِلْكَ الصِّيَغِ مَا أَشْعَرَتْ بِهِ مِنْ الْوَصْفِيَّةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ كَاتِبًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَعْنِي أَنْ يَكُونَ سَبْقَ قَلَمٍ حَيْثُ نَسَبَهُ لِلرُّويَانِيِّ فَإِنَّ الرُّويَانِيَّ لَمْ يَقُلْهُ وَلَكِنَّهُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ، هَذَا هُوَ مُرَادُهُ وَلَكِنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلُ فَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَمْ يُنْدَبْ حَرُمَ بَذْلُهُ ابْتِدَاءً، فَإِنْ بَذَلَهُ لِأَجَلِ أَنْ يَتَوَلَّى يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا بَذَلَ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ عَلَى الْآخَرِ ذَلِكَ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ مُفَارَقَةِ الْوَطَنِ.

(قَوْلُهُ: وَنَصْبُهُ) أَيْ الْكَافِرِ أَيْ وَلَوْ مِنْ قَاضِينَا عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ الْفَاسِقُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي مَنْعُهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّهَارِ أَمَّا لَيْلًا فَلَا اهـ حَجّ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَوَلَّى) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: أَوْ كَوْنُهُ مُسْلِمًا كَذَلِكَ) أَيْ إلَى آخِرِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ) يُنَاقِضُ قَوْلَهُ قَبْلَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ بَذْلُهُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: وَيَنْفُذُ الْعَزْلُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الْعَازِلِ إلَخْ) كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِيَنْفُذُ

(قَوْلُهُ: وَاشْتِرَاطُ الْمَاوَرْدِيِّ إلَى قَوْلِهِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ) عِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ: وَلَا يُكْتَفَى بِالْعَقْلِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ حَتَّى يَكُونَ صَحِيحَ التَّمْيِيزِ جَيِّدَ الْفِطْنَةِ بَعِيدًا عَنْ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ لِيَتَوَصَّلَ إلَى وُضُوحِ الْمُشْكِلِ وَحِلِّ الْمُعْضِلِ انْتَهَتْ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الْعَقْلِ التَّكْلِيفِيِّ الَّذِي هُوَ التَّمْيِيزُ غَيْرُ كَافٍ قَطْعًا، مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ سَيَجْزِمُ بِمَا اشْتَرَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَافٍ حَيْثُ يَقُولُ بِأَنْ يَكُونَ ذَا يَقَظَةٍ تَامَّةٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ حَفِظَ مَذْهَبَ إمَامِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِنْ حَفِظَ مَذْهَبَ إمَامِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ إدْرَاكِ غَوَامِضِهِ وَتَقْرِيرِ أَدِلَّتِهِ إذْ لَا يُحِيطُ بِهِمَا إلَّا مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ انْتَهَتْ

ص: 238

أَوْ عَارِفًا بِالْحِسَابِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ الْحِسَابِيَّةِ، لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ اشْتِرَاطَهُ فِي الْمُفْتِي فَالْقَاضِي أَوْلَى لِأَنَّهُ مُفْتٍ وَزِيَادَةٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِلُغَةِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ: أَيْ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ عَدْلٌ يُعَرِّفُهُ بِلُغَتِهِمْ وَيُعَرِّفُهُمْ بِلُغَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْعُقُودِ أَنَّ الْمَدَارَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا عَلَى مَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ، فَلَوْ وَلِيَ مَنْ لَا يُعْلَمُ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَتَبَيَّنَ اجْتِمَاعُهَا فِيهِ صَحَّتْ تَوْلِيَتُهُ، وَلِلْمُوَلِّي إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي الصَّالِحِ عَلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَارِفَيْنِ بِمَا ذُكِرَ.

وَيُنْدَبُ لَهُ اخْتِبَارُهُ لِيَزْدَادَ فِيهِ بَصِيرَةً (وَهُوَ) أَيْ الْمُجْتَهِدُ (أَنْ يَعْرِفَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ) وَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، وَلَا يَنْحَصِرُ ذَلِكَ فِي خَمْسِمِائَةِ آيَةٍ وَلَا خَمْسِمِائَةِ حَدِيثٍ لِلِاسْتِنْبَاطِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْقَصَصِ وَالْمَوَاعِظِ وَغَيْرِهِمَا أَيْضًا وَلِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ قَاضِيَةٌ بِبُطْلَانِهِ فِي الثَّانِي، فَإِنْ أَرَادَ الْقَائِلُ بِالْحَصْرِ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ السَّالِمَةِ مِنْ الطَّعْنِ فِي سَنَدٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ الْأَحْكَامَ الْخَفِيَّةَ الِاجْتِهَادِيَّةَ كَانَ لَهُ نَوْعُ قُرْبٍ، عَلَى أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ إنَّهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَنَحْوُهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ غَالِبَ الْأَحَادِيثِ لَا تَكَادُ تَخْلُو عَنْ حُكْمٍ أَوْ أَدَبٍ شَرْعِيٍّ أَوْ سِيَاسَةٍ دِينِيَّةٍ، وَيَكْفِي اعْتِمَادُهُ فِيهَا عَلَى أَصْلٍ مُصَحَّحٍ عِنْدَهُ يَجْمَعُ غَالِبَ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ كَسُنَنِ أَبِي دَاوُد: أَيْ مَعَ مَعْرِفَةِ اصْطِلَاحِهِ، وَمَا لِلنَّاسِ فِيهِ مِنْ نَقْدٍ وَرَدٍّ (وَخَاصَّهُ) مُطْلَقًا أَوْ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ (وَعَامَّهُ) رَاجِعٌ لِمَا مُطْلَقًا أَوْ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْعُمُومُ وَمُطْلَقُهُ وَمُقَيَّدُهُ (وَمُجْمَلَهُ وَمُبَيَّنَهُ وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ) وَالنَّصَّ وَالظَّاهِرَ وَالْمُحْكَمَ (وَمُتَوَاتِرَ السُّنَّةِ وَغَيْرَهُ) وَهُوَ آحَادُهَا لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّرْجِيحِ عِنْدَ تَعَارُضِهَا إلَّا بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ.

(وَ) الْحَدِيثَ (الْمُتَّصِلَ) بِاتِّصَالِ رُوَاتِهِ إلَى الصَّحَابِيِّ فَقَطْ، وَيُسَمَّى الْمَوْقُوفَ أَوْ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، وَيُسَمَّى الْمَرْفُوعَ (وَالْمُرْسَلَ) وَهُوَ مَا سَقَطَ فِيهِ الصَّحَابِيُّ، وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمُنْقَطِعَ وَالْمُعْضَلَ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالْمُتَّصِلِ (وَحَالَ الرُّوَاةِ قُوَّةً وَضَعْفًا) لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إلَى تَقْرِيرِ الْأَحْكَامِ، نَعَمْ مَا تَوَاتَرَ نَقْلُهُ وَأَجْمَعَ السَّلَفُ عَلَى قَبُولِهِ لَا يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَةِ نَاقِلِيهِ وَلَهُ الِاكْتِفَاءُ بِتَعْدِيلِ إمَامٍ عَرَفَ صِحَّةَ مَذْهَبِهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (وَلِسَانَ الْعَرَبِ لُغَةً وَنَحْوًا) وَصَرْفًا وَبَلَاغَةً لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي فَهْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (وَأَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ) فَمَنْ بَعْدَهُمْ اجْتِمَاعًا وَاخْتِلَافًا لَا فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ بَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُرِيدُ النَّظَرَ فِيهَا بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا لَا يُخَالِفُ إجْمَاعًا وَلَوْ بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا مُوَلَّدَةٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا الْأَوَّلُونَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي مَعْرِفَةِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ (وَالْقِيَاسَ بِأَنْوَاعِهِ) مِنْ جَلِيٍّ، وَهُوَ مَا يُقْطَعُ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ كَقِيَاسِ ضَرْبِ الْأَصْلِ عَلَى التَّأْفِيفِ أَوْ مُسَاوٍ، وَهُوَ مَا يَبْعُدُ فِيهِ انْتِفَاءُ الْفَارِقِ كَقِيَاسِ إحْرَاقِ مَالِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ لَهُ اخْتِبَارُهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلِاخْتِبَارِ اكْتَفَى بِإِخْبَارِ الْعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ وَقَوْلُ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَعَامُهُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الِاكْتِفَاءُ بِتَعْدِيلِ إمَامٍ) أَيْ لِرَاوِي الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَبْعُدُ فِيهِ انْتِفَاءُ الْفَارِقِ) الْأَوْلَى كَمَا عَبَّرَ بِهِ حَجّ مَا يَبْعُدُ فِيهِ الْفَارِقُ بَيْنَ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلِهِ لَيْسَ مُسْتَبْعَدًا بَلْ هُوَ الْقَرِيبُ بَلْ الْوَاقِعُ فَإِنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إتْلَافًا لِمَالِهِ فَيَكُونَانِ مُسْتَوِيَيْنِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا يَبْعُدُ فِيهِ الْقَطْعُ بِانْتِفَاءِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَيْ الْمُجْتَهِدِ) أَيْ وَالْمُرَادُ مَا أَشْعَرَ بِهِ هَذَا الْوَصْفُ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ قُبَيْلَهُ إذْ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُعْرَفَ إلَخْ، فَالْمَعْنَى الِاجْتِهَادُ مَعْرِفَةُ الشَّخْصِ مِنْ الْكِتَابِ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِمَا) أَيْ مَعْطُوفٌ عَلَيْهَا وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَخَاصَّةً (قَوْلُهُ لَا فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ بَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُرِيدُ النَّظَرَ فِيهَا) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ لِمَنْ تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ ابْتِدَاءً قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ.

فَإِنْ قِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّهُ يَقْتَدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُرِيدُ النَّظَرَ فِيهَا بِالْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ، قُلْنَا: فَهُوَ إذًا عَارِفٌ بِجَمِيعِ الْمَسَائِلِ بِهَذَا الْمَعْنَى فَلَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْسِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي الْمُجْتَهِدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِنَاءً عَلَى اتِّصَافِهِ بِالِاجْتِهَادِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ دُونَ بَعْضٍ فَلْيُتَأَمَّلْ

ص: 239

الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ أَوْ دُونَ، وَهُوَ مَا لَا يَبْعُدُ فِيهِ ذَلِكَ كَقِيَاسِ التُّفَّاحِ عَلَى الْبُرِّ بِجَامِعِ الطَّعْمِ صِحَّةً وَفَسَادًا وَجَلَاءً وَخَفَاءً وَطُرُقَ اسْتِخْرَاجِ الْعِلَلِ وَالِاسْتِنْبَاطِ، وَلَا يُشْتَرَطُ نِهَايَتُهُ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ، بَلْ يَكْفِي الدَّرَجَةُ الْوُسْطَى فِي ذَلِكَ مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ قَوَانِينَ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمُدَوَّنَةَ الْآنَ، وَاجْتِمَاعُ ذَلِكَ كُلِّهِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يُفْتِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ.

أَمَّا مُقَلِّدٌ لَا يَعْدُو مَذْهَبَ إمَامٍ خَاصٍّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَعْرِفَةِ قَوَاعِدِ إمَامِهِ، وَلْيُرَاعِ فِيهَا مَا يُرَاعِيهِ الْمُطْلَقُ فِي قَوَانِينِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ مَعَ الْمُجْتَهِدِ كَالْمُجْتَهِدِ فِي نُصُوصِ الشَّرْعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْعُدُولُ عَنْ نَصِّ إمَامِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ مَعَ النَّصِّ (فَإِنْ تَعَذَّرَ جَمْعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ) أَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي فَذِكْرُ التَّعَذُّرِ تَصْوِيرٌ لَا غَيْرُ (فَوَلَّى سُلْطَانٌ) أَوْ مَنْ (لَهُ شَوْكَةٌ) بِأَنْ يَكُونَ بِنَاحِيَةٍ انْقَطَعَ غَوْثُ السُّلْطَانِ عَنْهَا وَلَمْ يَرْجِعُوا إلَّا إلَيْهِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ اسْتِلْزَامِ السَّلْطَنَةِ لِلشَّوْكَةِ، فَلَوْ زَالَتْ شَوْكَةُ السُّلْطَانِ بِنَحْوِ أَسْرٍ وَحَبْسٍ وَلَمْ يُخْلَعْ نَفَذَتْ أَحْكَامُهُ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلُوا وَلَمْ يُوجَدْ مُقْتَضٍ لِلْخَلْعِ وَإِلَّا اُتُّجِهَ عَدَمُ تَنْفِيذِهَا (فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا) وَلَوْ جَاهِلًا (نَفَذَ قَضَاؤُهُ) الْمَرَافِقُ لِمَذْهَبِهِ الْمُعْتَدِّ بِهِ وَإِنْ زَادَ فِسْقُهُ (لِلضَّرُورَةِ) لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ، وَلَوْ اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِوِلَايَةِ امْرَأَةٍ أَوْ قِنٍّ أَوْ أَعْمَى فِيمَا يَضْبِطُهُ نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الصَّبِيَّ بِالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهَا لَا كَافِرٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْمُقَلِّدِ مَحَلُّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ مُجْتَهِدٌ وَإِلَّا نَفَذَتْ تَوْلِيَةُ الْمُقَلِّدِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ ذِي الشَّوْكَةِ، وَكَذَا الْفَاسِقُ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عَدْلٌ اُشْتُرِطَتْ شَوْكَةٌ وَإِلَّا فَلَا.

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ الْأَهْلِ مَعْرِفَةُ طَرَفٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ انْعِزَالَ مَنْ وَلَّاهُ ذُو الشَّوْكَةِ بِزَوَالِ شَوْكَتِهِ لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي لِنُفُوذِ قَضَائِهِ: أَيْ بِخِلَافِ مُقَلِّدٍ أَوْ فَاسِقٍ مَعَ فَقْدِ الْمُجْتَهِدِ وَالْعَدْلِ فَلَا تَزُولُ وِلَايَتُهُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى الشَّوْكَةِ كَمَا مَرَّ، وَيَلْزَمُ قَاضِي الضَّرُورَةِ بَيَانُ مُسْتَنَدِهِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ رحمه الله، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ حَكَمْت بِكَذَا مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ فِيهِ وَكَأَنَّهُ لِضَعْفِ وِلَايَتِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْفَارِقِ لِأَخْذِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ الْمَوْصُوفِ بِأَنَّهُ يُقْطَعُ فِيهِ بِانْتِفَاءِ الْفَارِقِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ هُوَ مَا يُقْطَعُ فِيهِ بِانْتِفَاءِ الْمُفَارِقِ، وَالْمُسَاوِي مَا يَبْعُدُ فِيهِ الْقَطْعُ بِالِانْتِفَاءِ فَيَكُونُ الْفَرْقُ مُحْتَمِلًا فِي نَفْسِهِ فَإِنَّهُ حَيْثُ بَعُدَ الْقَطْعُ بِانْتِفَاءِ الْفَارِقِ صَارَ الْفَرْقُ فِي نَفْسِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلُوا) أَيْ الْخُلْعَ (قَوْلُهُ: لَا كَافِرٍ) عَطْفٌ عَلَى امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ) أَيْ وَلَوْ بَدِيهِيَّةً، وَكَعْبٌ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ: أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ مَا لَا يَبْعُدُ فِيهِ ذَلِكَ) يَعْنِي الْفَارِقَ (قَوْلُهُ: مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي مُسْلِمٌ إلَخْ: أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا مَرَّ مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ بِأُمُورِ الْعَقَائِدِ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ قَوَانِينَ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمُدَوَّنَةَ فَلَيْسَ إحْسَانُهَا شَرْطًا فِي الْمُجْتَهِدِ: أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: نَفَذَتْ أَحْكَامُهُ) أَيْ وَمِنْهَا التَّوْلِيَةُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ حِينَئِذٍ لِغَيْرِ الْأَهْلِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَفْعَلُوا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِمْ وَلَمْ يُخْلَعْ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْأَمْثَلِ) فِيهِ مَا يَأْتِي وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُقَلَّدِ مَحَلَّهُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ أَبْقَى الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ الْمُوَافِقَ لِكَلَامِ غَيْرِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ أَنْ حَوَّلَهُ إلَى مَا مَرَّ فَلَا مَوْقِعَ لِهَذَا هُنَا.

وَحَاصِلُ الْمُرَادِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا وَلَّى قَاضِيًا بِالشَّوْكَةِ نَفَذَتْ تَوْلِيَتُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ هُنَاكَ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ أَمْ لَا، وَإِنْ وَلَّاهُ لَا بِالشَّوْكَةِ أَوْ وَلَّاهُ قَاضِي الْقُضَاةِ كَذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ فَقْدُ أَهْلٍ لِلْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: بَيَانُ مُسْتَنَدِهِ) أَيْ إذَا سُئِلَ عَنْهُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا، وَالْمُرَادُ بِمُسْتَنَدِهِ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْخَادِمِ: فَإِنْ سَأَلَهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَنْ السَّبَبِ فَجَزَمَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَتَبِعَهُ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ إذَا كَانَ قَدْ حَكَمَ بِنُكُولِهِ وَيَمِينِ الطَّالِبِ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ كَانَ بِالْبَيِّنَةِ تَعْيِينٌ فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى مُقَابَلَتِهَا بِمِثْلِهَا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ

ص: 240

وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ الْمُحْكَمَ، وَيَجُوزُ تَخْصِيصُ الرِّجَالِ بِقَاضٍ وَالنِّسَاءِ بِآخَرَ، وَلَوْ تَعَارَضَ فَقِيهٌ فَاسِقٌ وَعَامِّيٌّ عَدْلٌ قُدِّمَ الْأَوَّلُ عِنْدَ جَمْعٍ وَالثَّانِي عِنْدَ آخَرِينَ، وَيَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِسْقَ الْعَالِمِ إنْ كَانَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ أَوْلَى، أَوْ بِالظُّلْمِ وَالرِّشْوَةِ فَالْعَدْلُ أَوْلَى وَيُرَاجِعُ الْعُلَمَاءَ.

(وَيَنْدُبُ لِلْإِمَامِ) أَوْ مَنْ أُلْحِقَ بِهِ (إذَا وَلَّى قَاضِيًا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ) لِيَكُونَ أَسْهَلَ لَهُ وَأَقْرَبَ لِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ، وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْخُطَّةِ (فَإِنْ نَهَاهُ) عَنْهُ (لَمْ يَسْتَخْلِفْ) اسْتِخْلَافًا عَامًّا لِعَدَمِ رِضَاهُ بِنَظَرِ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مَا فُوِّضَ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بِهِ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُمْكِنِ وَتَرَكَ الِاسْتِخْلَافَ، وَلَوْ وَلَّاهُ فِي بَلْدَتَيْنِ مُتَبَاعِدَتَيْنِ كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةَ اخْتَارَ الْمُبَاشَرَةَ فِي إحْدَاهُمَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ، فَلَوْ اخْتَارَ إحْدَاهُمَا فَهَلْ يَكُونُ مُقْتَضِيًا لِانْعِزَالِهِ عَنْ الْأُخْرَى أَوْ يُبَاشِرُ كُلًّا مُدَّةً؟ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ وَهُوَ الِانْعِزَالُ، وَرَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ وَجَمْعٌ أَنَّ التَّدْرِيسَ بِمَدْرَسَتَيْنِ فِي بَلْدَتَيْنِ مُتَبَاعِدَتَيْنِ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ عَنْ إحْدَاهُمَا لِمُبَاشَرَةِ الْأُخْرَى لَا يَكُونُ عُذْرًا، وَرَجَّحَ آخَرُونَ الْجَوَازَ وَيَسْتَنِيبُ وَفَعَلَهُ الْفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ بِالشَّامِ وَالْقُدْسِ أَمَّا الْخَاصُّ كَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَقَطَعَ الْقَفَّالُ بِجَوَازِهِ لِلضَّرُورَةِ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ، نَعَمْ التَّزْوِيجُ وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِ الْيَتِيمِ مُمْتَنِعٌ حَتَّى عِنْدَ هَؤُلَاءِ كَالْعَامِّ (فَإِنْ أَطْلَقَ) الِاسْتِخْلَافَ اسْتَخْلَفَ مُطْلَقًا أَوْ التَّوْلِيَةَ فِيمَا لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى بَعْضِهِ (اسْتَخْلَفَ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ (لَا غَيْرُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَالثَّانِي يَسْتَخْلِفُ فِي الْكُلِّ كَالْإِمَامِ، نَعَمْ لَوْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِمَا تَوَلَّاهُ كَقَضَاءِ بَلْدَةٍ صَغِيرَةٍ فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ، وَلَوْ طَرَأَ لَهُ عَدَمُ الْقُدْرَةِ بَعْدَ التَّوْلِيَةِ لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ اسْتَخْلَفَ جَزْمًا، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ مَا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ نَظَرَ فِيهِ الْعِزِّي بِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ، وَالْإِنْسَانُ لَا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا فَلْيَكُنْ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ عَنْ النِّيَابَةِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى نَهْيِهِ عَنْهَا وَلَوْ مَعَ الْعُذْرِ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ بِأَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا لَمْ يَنْهَ مُوَلِّيَهُ عَنْ طَلَبِ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ اهـ حَجّ.

وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ مِثْلُهُ نَقْلًا عَنْ وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ الْمُحَكَّمَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَخْصِيصُ الرِّجَالِ بِقَاضٍ وَالنِّسَاءِ بِآخَرَ) وَبَحَثَ فِي الرَّجُلِ فَالْمَرْأَةِ إذْ الْعِبْرَةُ بِالطَّلَبِ مِنْهُمَا اهـ حَجّ.

وَقَوْلُهُ فَالْمَرْأَةُ: أَيْ إذَا كَانَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ خُصُومَةٌ، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا رَجُلًا (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ) هُوَ الْحُسْبَانِيُّ اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْخِطَّةِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْخِطَّةُ الْمَكَانُ الْمُخْتَطُّ لِلْعِمَارَةِ، وَالْجَمْعُ خِطَطٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَإِنَّمَا كُسِرَتْ الْخَاءُ لِأَنَّهَا أُخْرِجَتْ عَلَى مَصْدَرِ افْتَعَلَ مِثْلُ اخْتَطَبَ خِطْبَةً وَارْتَدَّ رِدَّةً وَافْتَرَى فِرْيَةً. ثُمَّ قَالَ: وَالْخُطَّةُ بِالضَّمِّ الْحَالَةُ وَالْخَصْلَةُ وَفِي الْقَامُوسِ وَالْخُطَّةُ بِالضَّمِّ أَحَدُ الْأَخْشَبَيْنِ بِمَكَّةَ وَمَوْضِعُ الْحَجْرِ اهـ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَوْلَى مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ فَيُقْرَأُ بِضَمِّ الْخَاءِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ) يَعْنِي أَنَّ تَوْلِيَتَهُ لَا تَنْفُذُ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ آخَرُونَ الْجَوَازَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَفَعَلَهُ الْفَخْرُ بْنُ عَسَاكِرَ بِالشَّامِ وَالْقُدْسِ) وَكَالْمُدَرِّسِ الْخَطِيبُ إذَا وَلِيَ الْخُطْبَةَ فِي مَسْجِدَيْنِ وَالْإِمَامُ إذَا وَلِيّ إمَامَةَ مَسْجِدَيْنِ، وَكَذَا كُلُّ وَظِيفَتَيْنِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ يَتَعَارَضَانِ فِيهِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْخَاصُّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَامًّا (قَوْلُهُ: فَقَطَعَ الْقَفَّالُ بِجَوَازِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ الْآتِي فِي قَوْلِهِ فَإِنْ أُطْلِقَ اُسْتُخْلِفَ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

صَاحِبِ الْيَدِ.

قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ قَدْ حَكَمَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ بِحَقٍّ فِي الذِّمَّةِ، وَخَرَجَ مِنْ هَذَا تَخْصِيصُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْأَلُ: أَيْ سُؤَالَ اعْتِرَاضٍ، أَمَّا سُؤَالُ مَنْ يَطْلُبُ الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْحَاكِمِ الْإِبْدَاءُ لِيَجِدَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ التَّخَلُّصَ انْتَهَتْ.

لَكِنَّ كَلَامَ الْخَادِمِ هَذَا كَمَا تَرَى شَامِلٌ لِقَاضِي الضَّرُورَةِ وَغَيْرِهِ لِلتَّعَالِيلِ الَّتِي ذَكَرَهَا

(قَوْلُهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ لَيْسَ، لِأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ إنَّمَا يَخْتَارُ عَدَمَ صِحَّةِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْمَدْرَسَتَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ وَيُصَرِّحُ بِهِ تَعْلِيلُهُ وَمَا قَابَلَهُ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ (قَوْلُهُ: حَتَّى عِنْدَ هَؤُلَاءِ)

ص: 241

أَطْلَقَ النَّهْيَ عَنْهُ، وَلَوْ فَوَّضَ الْوِلَايَةَ لِإِنْسَانٍ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِيَذْهَبَ وَيَحْكُمَ بِهَا صَحَّ التَّفْوِيضُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَدَعْوَى رَدِّهِ سَاقِطَةٌ.

(وَشَرْطُ الْمُسْتَخْلَفِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (كَالْقَاضِي) لِأَنَّهُ قَاضٍ (إلَّا أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ) وَتَحْلِيفٍ (فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) مِنْ شَرْطِ الْبَيِّنَةِ وَالتَّحْلِيفِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رُتْبَةُ الِاجْتِهَادِ وَمِنْ ذَلِكَ نَائِبُ الْقَاضِي فِي الْقُرَى إذَا فَوَّضَ لَهُ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ فَقَطْ يَكْفِيهِ الْعِلْمُ بِشُرُوطِهَا وَلَوْ عَنْ تَقْلِيدٍ، وَلَيْسَ الْمَنْصُوبُ لِلْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ، وَلَهُ اسْتِخْلَافُ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا، نَعَمْ لَوْ فَوَّضَ لَهُ الْإِمَامُ اخْتِيَارَ قَاضٍ أَوْ تَوْلِيَتَهُ لِرَجُلٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ اخْتِيَارُهُمَا لِأَنَّ التُّهْمَةَ هُنَا أَقْوَى لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَ الْقَاضِي الْمُسْتَقِلِّ وَالنَّائِبِ فِي التَّوْلِيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِقَاضٍ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ لَهُمَا بِالتَّعْدِيلِ، وَلِهَذَا لَوْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمَا عِنْدَ غَيْرِهِ جَازَ لَهُ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمَا وَمَحَلُّ جَوَازِ اسْتِخْلَافِهِمَا إذَا ظَهَرَ فِيهِ عِنْدَ النَّاسِ اجْتِمَاعُ الشُّرُوطِ انْتَهَى، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ حَيْثُ صَحَّتْ تَوْلِيَتُهُ وَحُمِدَتْ سِيرَتُهُ جَازَ لَهُ تَوْلِيَتُهُمَا إنْ كَانَا كَذَلِكَ (وَيَحْكُمُ) الْخَلِيفَةُ (بِاجْتِهَادِهِ أَوْ بِاجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (إنْ كَانَ مُقَلِّدًا) وَسَيَأْتِي عَدَمُ جَوَازِ حُكْمِ غَيْرِ الْمُتَبَحِّرِ بِغَيْرِ مُعْتَمَدِ مَذْهَبِهِ وَالْمُتَبَحِّرُ إذَا شُرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَوْ عُرْفًا (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرُطَ عَلَيْهِ خِلَافَهُ) لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا أَمَرَ بِالْحُكْمِ بِالْحَقِّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا عَدَمُ جَوَازِ حُكْمِ الْمُقَلِّدِ بِغَيْرِ مَذْهَبِ مُقَلَّدِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَذَهَبَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى جَوَازِهِ، وَجَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْتَهِ لِرُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ، وَهُوَ الْمُقَلِّدُ الصِّرْفُ الَّذِي لَمْ يَتَأَهَّلْ لِنَظَرٍ وَلَا تَرْجِيحٍ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ ذَلِكَ، وَمَنَعَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِأَنَّ تَوْلِيَةَ الْمُقَلِّدِ مَشْرُوطَةٌ بِأَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِ مُقَلَّدِهِ سَوَاءٌ الْأَهْلُ وَغَيْرُهُ، لَا سِيَّمَا إنْ قَالَ لَهُ فِي عَقْدِ التَّوْلِيَةِ عَلَى عَادَةِ مَنْ تَقَدَّمَك لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَدْ لِمُقَلِّدٍ حُكْمٌ بِغَيْرِ مَذْهَبِ إمَامِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنَّ مَنْصِبَ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا يَخْتَصُّ بِالْقَاضِي دُونَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْقَاضِي مَا يَشْمَلُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يُنَبِّهُوا عَلَى تَخَالُفِ أَحْكَامِهِمَا إلَّا فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ كَانْعِزَالِ الْقَاضِي بِالْفِسْقِ دُونَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، عَلَى أَنَّ صَرِيحَ الْمَتْنِ الْجَوَازُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْكُمُ لَهُ وَلِهَؤُلَاءِ الْإِمَامُ أَوْ قَاضٍ آخَرُ.

(وَلَوْ حَكَّمَ خَصْمَانِ) أَوْ اثْنَانِ مِنْ غَيْرِ خُصُومَةٍ كَفِي نِكَاحٍ أَوْ حَكَّمَ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ (رَجُلًا فِي غَيْرِ حَدٍّ) أَوْ تَعْزِيرٍ (لِلَّهِ تَعَالَى)(جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ أَفْضَلُ وَعَدَمُهُ (بِشَرْطِ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ) الْمُطْلَقَةِ لَا فِي خُصُوصِ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ فَقَطْ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لِجَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ مَعَ اشْتِهَارِهِ فَكَانَ إجْمَاعًا.

أَمَّا حَدُّهُ تَعَالَى أَوْ تَعْزِيرُهُ فَلَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهِ، إذْ لَا طَالِبَ لَهُ مُعَيَّنٌ، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَاتِهِ عَلَى الْمُحَرَّمِ.

وَأَخَذَ مِنْهُ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ الْمَالِيَّ الَّذِي لَا طَالِبَ لَهُ مُعَيَّنٌ لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهِ.

وَأَمَّا غَيْرُ الْأَهْلِ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ: أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَإِلَّا جَازَ وَلَوْ فِي النِّكَاحِ، نَعَمْ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ غَيْرِ مُجْتَهِدٍ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ وَلَوْ قَاضِي ضَرُورَةٍ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا يَجُوزُ لِوَكِيلٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ تَحْكِيمٌ وَلَا لِوَلِيٍّ إنْ أَضَرَّ بِمُوَلِّيهِ، وَكَوَكِيلٍ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَعَامِلُ قِرَاضٍ وَمُفْلِسٌ إنْ أَضَرَّ غُرَمَاءَ وَمُكَاتَبٌ إنْ أَضَرَّ بِهِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يَجُوزُ) التَّحْكِيمُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ) أَيْ الْمَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِقَاضٍ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمَا) أَيْ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (قَوْلُهُ: إذَا ظَهَرَ فِيهِ عِنْدَ النَّاسِ) أَيْ فِي الْقَاضِي وَالْمَوْلَى لِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (قَوْلُهُ: وَمَنَعَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ) هُوَ الْحُسْبَانِيُّ كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: مُرَادُهُمْ بِالْقَاضِي مَا يَشْمَلُهُ) أَيْ الْإِمَامُ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ) هُوَ قَوْلُهُ فِي غَيْرِهِ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَعْنِي الْقَفَّالَ وَمَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمَوْلَى وَسَيَأْتِي بَسْطُ هَذَا فِي الْفَصْلِ الْآتِي

(قَوْلُهُ فَوَّضَ لَهُ) يَعْنِي الشَّخْصَ، وَقَوْلُهُ لِرَجُلٍ مُتَعَلِّقٌ بِتَوْلِيَتِهِ وَلْتُرَاجَعْ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ) أَيْ شَخْصٍ أَهْلٍ لِلتَّحْكِيمِ

ص: 242

وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسٌ وَلَا تَرْسِيمٌ وَلَا اسْتِيفَاءُ عُقُوبَةٍ لِآدَمِيٍّ ثَبَتَ مُوجِبُهَا عِنْدَهُ لِئَلَّا يَخْرِقَ أُبَّهَتَهُمْ فَلَا افْتِيَاتَ.

قِيلَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا: أَيْ صَرِيحًا بِشَرْطِ اجْتِهَادِهِ وَكَوْنِهِ ظَاهِرَ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَنْعُ ذَلِكَ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ عَنْ الْقَاضِي (وَقِيلَ) إنَّمَا يَجُوزُ (بِشَرْطِ عَدَمِ قَاضٍ بِالْبَلَدِ) لِلضَّرُورَةِ (وَقِيلَ يَخْتَصُّ) الْجَوَازُ (بِمَا دُونَ قِصَاصٍ وَنِكَاحٍ وَنَحْوِهِمَا) كَلِعَانٍ وَحَدِّ قَذْفٍ (وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا عَلَى رَاضٍ) لَفْظًا فَلَا أَثَرَ لِلسُّكُوتِ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الزَّوْجَيْنِ مَعًا فِي النِّكَاحِ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِسُكُوتِ الْبِكْرِ فِي اسْتِئْذَانِهَا فِي التَّحْكِيمِ (بِهِ) أَيْ بِحُكْمِهِ الَّذِي يَتَحَكَّمُ بِهِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْحُكْمِ إلَى الِانْتِهَاءِ مِنْهُ لِأَنَّهُ الْمُثْبِتُ لِلْوِلَايَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَاهُمَا لِأَنَّ ذَلِكَ تَوْلِيَةٌ مِنْهُ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ جَمْعٍ التَّحَاكُمُ لِشَخْصٍ لَيْسَ تَوْلِيَةً لَهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَجْرِ غَيْرُ الرِّضَا، وَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا انْضَمَّ لَهُ لَفْظٌ يُفِيدُ التَّفْوِيضَ كَاحْكُمْ بَيْنَنَا مَثَلًا، وَفِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (فَلَا يَكْفِي رِضَا قَاتِلٍ فِي ضَرْبِ دِيَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِإِقْرَارِ الْجَانِي فَكَيْفَ يُؤَاخَذُونَ بِرِضَاهُ (وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ) وَلَوْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ شُرُوطِ الْبَيِّنَةِ (امْتَنَعَ الْحُكْمُ) لِعَدَمِ اسْتِمْرَارِ الرِّضَا (وَلَا يُشْتَرَطُ الرِّضَا بَعْدَ الْحُكْمِ فِي الْأَظْهَرِ) كَحُكْمِ الْمَوْلَى مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ، وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ إلَّا مِنْ حَيْثُ يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي، وَلَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى حُكْمِهِ وَإِثْبَاتِهِ مَنْ فِي مَجْلِسِهِ خَاصَّةً لِانْعِزَالِهِ بِالتَّفَرُّقِ، وَإِذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ حَكَمَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ إعَادَتِهَا.

وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِأَنَّ رِضَاهُمَا مُعْتَبَرٌ فِي الْحُكْمِ فَكَذَا فِي لُزُومِهِ.

(وَلَوْ)(نَصَّبَ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (قَاضِيَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ (بِبَلَدٍ وَخَصَّ كُلًّا بِمَكَانٍ) مِنْهُ (أَوْ زَمَنٍ أَوْ نَوْعٍ) كَأَنْ فَوَّضَ لِأَحَدِهِمَا الْحُكْمَ فِي الْأَمْوَالِ وَالْآخَرُ فِي الدِّمَاءِ أَوْ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (جَازَ) لِعَدَمِ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ إلَّا قَاضِي رِجَالٍ أَوْ نِسَاءٍ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَا فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِالطَّالِبِ عَلَى مَا مَرَّ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَخُصَّ فِي الْأَصَحِّ) كَنَصْبِ الْوَصِيَّيْنِ وَالْوَكِيلَيْنِ فِي شَيْءٍ، وَإِذَا كَانَ فِي بَلَدٍ قَاضِيَانِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهَا أَصْلًا أُجِيبَ دَاعِيهِ وَإِلَّا فَمَنْ سَبَقَ دَاعِيهِ، فَإِنْ جَاءَا مَعًا أُقْرِعَ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي اخْتِيَارِهِمَا أُجِيبَ الْمُدَّعِي، فَإِنْ كَانَ كُلٌّ طَالِبًا وَمَطْلُوبًا كَأَنْ اُخْتُلِفَ فِيمَا يَقْتَضِي تَحَالَفَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَيْ صَرِيحًا) خَبَرٌ، وَقَوْلُهُ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ إلَخْ مِنْ م ر، وَقَوْلُهُ مُنِعَ ذَلِكَ: أَيْ وَلَوْ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الزَّوْجَيْنِ) أَيْ فَلَا يَكْتَفِي بِالرِّضَا مِنْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجِ، بَلْ الرِّضَا إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْقَاضِي، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ رِضَا الزَّوْجَةِ إذَا كَانَ لَهَا مَنْ يَتَكَلَّمُ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ إلَّا مِنْ حَيْثُ يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي) أَيْ وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ خَالَفَ نَصًّا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا (قَوْلُهُ: لِانْعِزَالِهِ بِالتَّفَرُّقِ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْتَفِي فِي التَّفَرُّقِ هُنَا بِمَا اكْتَفَى بِهِ فِي التَّفَرُّقِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وُصُولِهِ إلَى بَيْتِهِ وَالسُّوقِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَوَلَّى) أَيْ الْمُحَكَّمُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِالطَّالِبِ عَلَى مَا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ، وَلَعَلَّهُ أَحَالَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ دَاعِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَا إلَخْ) اُنْظُرْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِابْنِ حَجَرٍ، لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ هَذَا عَنْ بَحْثِ بَعْضِهِمْ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ أُجِيبَ دَاعِيهِ) أَيْ رَسُولُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَنَازَعَا) أَيْ الْمُتَدَاعِيَانِ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَا دَاعِيَ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الْمُدَّعِي) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَاضِي الْأَصِيلَ وَإِلَّا فَهُوَ الْمُجَابُ، إذْ مَنْ طَلَبَ الْأَصِيلَ مِنْهُمَا أُجِيبَ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَأَفْتَى بِهِ وَالِدُ الشَّارِحِ

ص: 243