الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ
وَمُسْتَنَدِ الشَّهَادَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ
(لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ (إلَّا) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الصَّوْمِ كَذَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْحُكْمُ فِيهِ بَلْ الثُّبُوتُ فَقَطْ إذْ الْحُكْمُ يَسْتَدْعِي مَحْكُومًا عَلَيْهِ مُعَيَّنًا، وَيُرَدُّ بِمَا قَدَّمْته أَوَّلَ الصَّوْمِ عَنْ الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ حَكَمَ بِعَدْلٍ وَجَبَ الصَّوْمُ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ إجْمَاعًا، وَقَدْ أَشَارَ إلَى حَقِيقَةِ الْحُكْمِ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا بِقَوْلِهِ فَيُحْكَمُ بِهِ (فِي هِلَالِ رَمَضَانَ وَتَوَابِعِهِ) وَمِثْلُهُ شَهْرٌ نَذَرَ صَوْمَهُ وَلَوْ ذَا الْحِجَّةِ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ وَأَعَادَهُ هُنَا لِلْحَصْرِ، وَأَوْرَدَ عَلَى الْحَصْرِ أَشْيَاءَ كَذِمِّيٍّ مَاتَ وَشَهِدَ عَدْلٌ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْثِ وَالْحِرْمَانِ وَتَكْفِي بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا، وَكَاللَّوَثِ يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ وَكَإِخْبَارِ الْعَوْنِ الثِّقَةِ بِامْتِنَاعِ الْخَصْمِ الْمُتَعَزِّزِ فَيُعَزِّرُهُ بِقَوْلِهِ، وَمَرَّ الِاكْتِفَاءُ فِي الْقِسْمَةِ بِوَاحِدٍ وَفِي الْخَرْصِ بِوَاحِدٍ، وَيُمْكِنُ بِأَنْ يُجَابَ عَنْ الْحَصْرِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِهِ الْحُكْمُ الْحَقِيقِيُّ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى سَبْقِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ فَلَا إيرَادَ
(وَيُشْتَرَطُ لِلزِّنَا) وَاللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْمَيْتَةِ وَالْبَهِيمَةِ (أَرْبَعَةُ رِجَالٍ) فَلَا يَثْبُتُ الْحَدُّ أَوْ التَّعْزِيرُ فِي ذَلِكَ بِدُونِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] وَلِأَنَّهُ أَقْبَحُ الْفَوَاحِشِ وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ أَغْلَظَ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ فَغَلُظَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ سَتْرًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِمْ لَهُ كَرَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الصَّوْمِ) أَيْ مِنْ أَنَّ ثُبُوتَهُ بِالْوَاحِدِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِخْبَارِ دُونَ التَّوَقُّفِ عَلَى الْحُكْمِ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ لَمَّا مَرَّ أَوَّلَ الصَّوْمِ كَذَا فِي نُسَخٍ، وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ مَا ذُكِرَ مَا نَصُّهُ: كَذَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْحُكْمُ فِيهِ بَلْ الثُّبُوتُ فَقَطْ إذْ الْحُكْمُ يَسْتَدْعِي مَحْكُومًا عَلَيْهِ مُعَيَّنًا، وَيُرَدُّ بِمَا قَدَّمْته أَوَّلَ الصَّوْمِ عَنْ الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ حَكَمَ بِعَدْلٍ وَجَبَ الصَّوْمُ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ إجْمَاعًا، وَقَدْ أَشَارَ إلَى حَقِيقَةِ الْحُكْمِ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا بِقَوْلِهِ فَيَحْكُمُ بِهِ اهـ وَعَلَيْهَا فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهِ) كَتَعْجِيلِ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَدُخُولِ شَوَّالٍ وَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ شَهْرٌ نَذَرَ صَوْمَهُ) خَرَجَ بِهِ شَوَّالٌ وَذُو الْحِجَّةِ فَلَا يَثْبُتُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ وَلَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ تَقْيِيدُهُ بِالصَّوْمِ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ فَيَكْفِي لِلصَّوْمِ كَمَا مَرَّ وَمِثْلُ رَمَضَانَ الْحِجَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُقُوفِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَكَذَلِكَ شَوَّالٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ كَمَا قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ، وَكَذَلِكَ الشَّهْرُ الْمَنْذُورُ صَوْمُهُ إذَا شَهِدَ بِرُؤْيَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ]
فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ
(قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) صَوَابُهُ ذَكَرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَيُرَدُّ لِيُوَافِقَ مَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: لَوْ حَكَمَ بِعَدْلٍ وَجَبَ الصَّوْمُ) أَيْ لِأَنَّ الصَّوْمَ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى فَتُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى (قَوْلُهُ وَلَوْ ذَا الْحِجَّةِ) لَا وَجْهَ لِأَخْذِ هَذَا غَايَةً فِي الشَّهْرِ الَّذِي نَذَرَ صَوْمَهُ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ لَفْظُ بِخِلَافِ غَيْرِ ذَلِكَ: أَيْ غَيْرِ رَمَضَانَ، وَالشَّهْرِ الَّذِي نَذَرَ صَوْمَهُ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ وَلَوْ ذَا الْحِجَّةِ: أَيْ خِلَافًا لِلْوَجْهِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ كَرَمَضَانَ (قَوْلُهُ: الْمُتَوَقِّفُ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ، وَإِلَّا فَهِلَالُ رَمَضَانَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ، وَقَوْلُهُ مُرَادُهُ بِهِ الْحُكْمُ الْحَقِيقِيُّ كَافٍ فِي الْجَوَابِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا يَرِدُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ وُرُودُهُ عَلَى مَنْ عَبَّرَ بِالثُّبُوتِ لَا بِالْحُكْمِ
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَقْبَحُ الْفَوَاحِشِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلزِّنَى وَاللِّوَاطِ خَاصَّةً
حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا مِنْ فَاقِدِهَا فِي فَرْجِ هَذِهِ أَوْ فُلَانَةَ وَيَذْكُرُ نَسَبَهَا بِالزِّنَا أَوْ نَحْوَهُ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ مَكَانِ الزِّنَا وَزَمَانِهِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدُهُمْ وَإِلَّا وَجَبَ سُؤَالُ بَاقِيهِمْ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ تَنَاقُضٍ يُسْقِطُ شَهَادَتَهُمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَوْلُهُمْ كَمَيْلٍ فِي مُكْحُلَةٍ. نَعَمْ يُنْدَبُ وَلَوْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ لَا لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةٌ لَا تُبْطِلُهَا، وَيَثْبُتُ بِدُونِ الْأَرْبَعَةِ سُقُوطُ الْحَصَانَةِ وَالْعَدَالَةِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ بِرَجُلَيْنِ، وَكَذَا مُقَدِّمَاتُ الزِّنَا وَوَطْءُ شُبْهَةٍ قَصَدَ بِهِ النَّسَبَ أَوْ شَهِدَ بِهِ حِسْبَةٌ يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ أَوْ الْمَالَ ثَبَتَ بِهِمَا وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِمَا مَرَّ فِي الزِّنَا مِنْ رَأَيْنَا حَشَفَتَهُ إلَى آخِرِهِ (وَ) يُشْتَرَطُ (لِلْإِقْرَارِ بِهِ اثْنَانِ) كَغَيْرِهِ (وَفِي قَوْلٍ أَرْبَعَةٌ) لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ حَدَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ
(وَلِمَالٍ) عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ وَلِكُلِّ مَا قُصِدَ بِهِ الْمَالُ (وَعَقْدٍ) أَوْ فَسْخٍ (مَالِيٍّ) مَا عَدَا الشَّرِكَةَ وَالْقِرَاضَ وَالْكَفَالَةَ (كَبَيْعٍ وَإِقَالَةٍ وَحَوَالَةٍ) هِيَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهَا بَيْعٌ، وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فَفَسْخٌ عَلَى الْأَصَحِّ لَا بَيْعٌ (وَضَمَانٍ) وَرَهْنٍ وَصُلْحٍ وَشُفْعَةٍ وَمُسَابَقَةٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ (وَحَقٍّ مَالِيٍّ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ) وَجِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا (رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) لِعُمُومِ الْأَشْخَاصِ الْمُسْتَلْزِمِ لِعُمُومِ الْأَحْوَالِ إلَّا مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] مَعَ عُمُومِ الْبَلْوَى بِالْمُعَامَلَاتِ وَنَحْوِهَا فَوَسَّعَ فِي طُرُقِ إثْبَاتِهَا، وَالتَّخْيِيرُ مُرَادٌ مِنْ الْآيَةِ بِالْإِجْمَاعِ دُونَ التَّرْتِيبِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُهَا، وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى أَمَّا الشَّرِكَةُ وَالْقِرَاضُ وَالْكَفَالَةُ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا رَجُلَانِ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ فِي الْأَوَّلَيْنِ إثْبَاتَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَلِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ (مِنْ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) كَقَطْعِ طَرِيقٍ وَحَدِّ شُرْبٍ (أَوْ لِآدَمِيٍّ) كَحَدِّ قَذْفٍ وَقَوَدٍ (وَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ رِجَالٌ غَالِبًا كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ) وَعِتْقٍ (وَإِسْلَامٍ وَرِدَّةٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
هِلَالِهِ وَاحِدٌ خِلَافًا لِلشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ لِلصَّوْمِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَيَثْبُتُ بِوَاحِدٍ
(قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ بِدُونِ الْأَرْبَعَةِ سُقُوطُ الْحَصَانَةِ وَالْعَدَالَةِ) وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ أَنَّ شَهَادَةَ دُونِ أَرْبَعَةٍ بِالزِّنَا تُفَسِّقُهُمْ وَتُوجِبُ حَدَّهُمْ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ هَذَا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَا نَشْهَدُ بِزِنَاهُ بِقَصْدِ سُقُوطِ أَوْ وُقُوعِ مَا ذُكِرَ، فَقَوْلُهُمَا بِقَصْدِ إلَخْ يَنْفِي عَنْهُمَا الْحَدَّ وَالْفِسْقَ لِأَنَّهُمَا صَرَّحَا بِمَا يَنْفِي أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَصْدُهُمَا إلْحَاقَ الْعَارِ بِهِ الَّذِي هُوَ مُوجِبٌ حَدَّ الْقَذْفِ كَمَا مَرَّ ثَمَّ مَعَ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا هُنَا اهـ حَجّ. أَوْ يُقَالُ: إنَّمَا يَجِبُ الْحَدُّ بِشَهَادَةِ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُمْ جَوَابًا لِلْقَاضِي حَيْثُ طَلَبَ الشَّهَادَةَ مِنْهُمْ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ مَا هُنَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَوَطْءُ شُبْهَةٍ قَصَدَ) أَيْ الشَّاهِدُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَالَ) قَسِيمُ قَوْلِهِ النَّسَبَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ حَدَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ) أَيْ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إسْقَاطِهِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ
(قَوْلُهُ: إثْبَاتَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ) أَيْ: فَيَثْبُتُ بِهِمَا وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِرَجُلٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ: كَنِكَاحٍ) مِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ فِي الشَّهَادَةِ بِالنِّكَاحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ تَارِيخِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ فِي تَوْقِيفِ الْحُكَّامِ فَقَالَ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: يَجِبُ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ ضَبْطُ التَّارِيخِ بِالسَّاعَاتِ وَاللَّحَظَاتِ، وَلَا يَكْفِي الضَّبْطُ بِيَوْمِ الْعَقْدِ، فَلَا يَكْفِي أَنَّ النِّكَاحَ عُقِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الشَّمْسِ مَثَلًا بِلَحْظَةٍ أَوْ لَحْظَتَيْنِ أَوْ قَبْلَ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ لِحَاقُ الْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، فَعَلَيْهِ ضَبْطُ التَّارِيخِ لِذَلِكَ لِحَقِّ النَّسَبِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ لِحَاقُ الْوَلَدِ إلَخْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي غَيْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، فَلَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِهَا ذِكْرُ التَّارِيخِ، وَيَدُلُّ لَهُمْ قَوْلُهُمْ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى أَوْ أُطْلِقَتَا تَسَاقَطَتَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا شَهِدَا بِهِ فِي تَارِيخٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَقُولُوا بِقَبُولِ الْمُؤَرَّخَةِ وَبُطْلَانِ الْمُطْلَقَةِ (قَوْلُهُ: وَطَلَاقٍ) هَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَقَرَّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ بِدُونِ الْأَرْبَعَةِ سُقُوطُ الْحَصَانَةِ وَالْعَدَالَةِ) اُنْظُرْ صُورَةَ الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ: فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ} [البقرة: 282] أَيْ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ فِيهَا رَجُلَانِ) أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ الْوِلَايَةِ
وَجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَمَوْتٍ وَإِعْسَارٍ وَوَكَالَةٍ) وَدِيعَةً ادَّعَى مَالِكُهَا غَصْبَ ذِي الْيَدِ لَهَا وَذُو الْيَدِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ إثْبَاتُ وِلَايَةِ الْحِفْظِ لَهُ وَعَدَمُ الضَّمَانِ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ: أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ (وَوِصَايَةٍ وَشَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ رَجُلَانِ) لِقَوْلِ الزُّهْرِيِّ: مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَلَا فِي الطَّلَاقِ، وَهَذَا حُجَّةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْمُخَالِفُ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى نَصَّ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْوِصَايَةِ عَلَى الرَّجُلَيْنِ وَصَحَّ بِهِ الْخَبَرُ فِي النِّكَاحِ، وَقِيسَ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَلَا نَظَرَ لِرُجُوعِ الْوِصَايَةِ وَالْوَكَالَةِ لِلْمَالِ إذْ الْقَصْدُ مِنْهُمَا إثْبَاتُ التَّصَرُّفِ لَا الْمَالِ. وَنَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّاهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَتْ طَلَاقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَطَالَبَتْهُ بِشَطْرِ صَدَاقِهَا أَوْ بَعْدُ وَطَالَبَتْهُ بِالْجَمِيعِ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ زَوْجُهَا وَطَلَبَتْ إرْثَهَا مِنْهُ قُبِلَ نَحْوُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمَالُ، كَمَا فِي مَسْأَلَتَيْ السَّرِقَةِ وَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْغَصْبِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ دُونَ الْغَصْبِ وَالطَّلَاقِ، وَأُلْحِقَ بِهِ قَبُولُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَيِّتٍ فَيَثْبُتُ الْإِرْثُ لَا النَّسَبُ (وَمَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ النِّسَاءُ أَوْ لَا يَرَاهُ رِجَالٌ غَالِبًا كَبَكَارَةٍ) وَثُيُوبَةٍ وَقَرْنٍ وَرَتْقٍ وَوِلَادَةٍ وَحَيْضٍ لِتَعَسُّرِ اطِّلَاعِ الرِّجَالِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الدَّمَ وَإِنْ شُوهِدَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ وَهَذَا مُرَادُهُمَا بِقَوْلِهِمَا فِي الطَّلَاقِ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ، إذْ كَثِيرًا مَا يُطْلَقُ التَّعَذُّرُ وَيُرَادُ بِهِ التَّعَسُّرُ (وَرَضَاعٍ) ذُكِرَ هُنَا لِلتَّمْثِيلِ، وَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ لِمَعْرِفَةِ حُكْمِهِ فَلَا تَكْرَارَ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ مِنْ الثَّدْيِ، أَمَّا شُرْبُ اللَّبَنِ مِنْ إنَاءٍ فَلَا يُقْبَلْنَ فِيهِ. نَعَمْ يُقْبَلْنَ فِي أَنَّ هَذَا لَبَنُ فُلَانَةَ (وَعُيُوبٍ تَحْتَ الثِّيَابِ) الَّتِي لِلنِّسَاءِ مِنْ بَرَصٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ فِي جُرْحٍ عَلَى الْفَرْجِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ لِأَنَّ جِنْسَ ذَلِكَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا (يَثْبُتُ بِمَا سَبَقَ) أَيْ بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) وَحْدَهُنَّ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِنَّ هُنَا وَلَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ، وَخَرَجَ بِتَحْتِ الثِّيَابِ، وَالْمُرَادُ مَا لَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا عَيْبُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ مِنْ الْحُرَّةِ فَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِهِ إنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ مَالٌ مِنْ رَجُلَيْنِ، وَكَذَا فِيمَا يَبْدُو عِنْدَ مِهْنَةِ الْأَمَةِ إذَا قُصِدَ بِهِ فَسْخُ النِّكَاحِ مَثَلًا، أَمَّا إذَا قُصِدَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِيَنْكِحَ أُخْتَهَا مَثَلًا وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ رَجُلَيْنِ أَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ بِالنِّسْبَةِ لِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ فَلَا يَنْكِحُ أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا إلَّا بِإِقَامَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِالطَّلَاقِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَوِصَايَةٍ) وَقِرَاضٍ وَكَفَالَةٍ اهـ شَرْحٌ مَنْهَجٍ. أَقُولُ: فَلَوْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ وَعُلِمَ مَحَلُّهُ فَطُلِبَ مِنْ الْكَفِيلِ إحْضَارُهُ وَأَدَاءُ الْمَالِ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْإِحْضَارِ فَأَنْكَرَ الْكَفَالَةَ فَأَقَامَ الْمَكْفُولُ لَهُ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَهَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ لِطَلَبِ الْمَالِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَأُلْحِقَ بِهِ قَبُولُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِنَسَبٍ إلَى مَيِّتٍ فَيَثْبُتُ الْإِرْثُ لَا النَّسَبُ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ وَوِصَايَةٌ هِيَ اسْمٌ لِلتَّفْوِيضِ لِمَنْ يَتَصَرَّفُ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ يُنَفِّذُ وَصَايَاهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَسْأَلَتَيْ السَّرِقَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الثَّابِتَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي دَعْوَى الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ الْمَهْرُ دُونَ الطَّلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ) حَيْثُ اسْتَثْنَاهُ، وَعَلَّلَهُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: الْوَدِيعَةٍ ادَّعَى مَالِكُهَا إلَخْ) أَيْ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا رَجُلَانِ: أَيْ مِنْ الْوَدِيعِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ، أَمَّا الْمَالِكُ فَيَكْفِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مَحْضَ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ) هَلَّا قُبِلَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ إذَا كَانَ الْمُودَعُ يُطَالِبُهُ بِبَدَلِ الْمَنَافِعِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْغَصْبِ وَالطَّلَاقِ) أَيْ وَالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ قَبُولُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِالنَّسَبِ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ الدَّعْوَى بِالْمَالِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ جِنْسَ ذَلِكَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ) هُوَ تَعْلِيلٌ مِنْ جَانِبِ الْبَغَوِيّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الدَّمِيرِيِّ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ: لَا يَطَّلِعُ، بِزِيَادَةِ لَا قَبْلَ يَطَّلِعُ، وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا لِمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي جُرْحٍ عَلَى الْفَرْجِ) هَذِهِ الْغَايَةُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَثْبُتُ بِمَا سَبَقَ
بِهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَرَجُلٍ وَيَمِينٍ إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ حِينَئِذٍ الْمَالُ، وَلَوْ أَقَامَتْ شَاهِدًا بِإِقْرَارِ زَوْجِهَا بِالدُّخُولِ فَلَهَا الْحَلِفُ مَعَهُ وَيَثْبُتُ مَهْرُهَا، فَإِنْ أَقَامَهُ هُوَ عَلَى إقْرَارِهَا لَمْ يَكْفِ الْحَلِفُ مَعَهُ لِأَنَّ قَصْدَهُ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ وَالْعِدَّةِ وَهُمَا لَيْسَا بِمَالٍ، وَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ وَيَدِهَا وَمَا يَبْدُو فِي مِهْنَةِ الْأَمَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِحِلِّ نَظَرِهِ، أَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ حُرْمَتِهِ فَيَثْبُت بِالنِّسَاءِ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ، سِيَّمَا مَا يَبْدُو فِي الْأَمَةِ فَإِنَّ تَخْصِيصَهُ لَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله إنَّهَا كَالْحُرَّةِ، وَلَا عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ بِحِلِّ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَمَّا ذُكِرَ، وَحِينَئِذٍ فَوَجْهُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِحِلِّ نَظَرٍ وَلَا لِحُرْمَتِهِ إذْ لِلشَّاهِدِ النَّظَرُ لِلشَّهَادَةِ وَلَوْ لِلْفَرْجِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا نَظَرُوا لِمَا مِنْ شَأْنِهِ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهِ غَالِبًا أَوْ لَا، وَمَا ذُكِرَ يُسَهِّلُ اطِّلَاعَهُمْ عَلَيْهِ كَذَلِكَ لِعَدَمِ تَحَفُّظِ النِّسَاءِ فِي سَتْرِهِ غَالِبًا فَلَمْ يُقْبَلْنَ فِيهِ مُطْلَقًا
(وَمَا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْأَقْوَى فَمَا دُونَهُ أَوْلَى (وَمَا ثَبَتَ بِهِمْ) أَيْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَغَلَبَهُ لِشَرَفِهِ (يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِهِمَا فِي الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ ثُمَّ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ صَحَابِيًّا. فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ إنَّهُ خَبَرُ وَاحِدٍ فَلَا يَنْسَخُ الْقُرْآنَ عَلَى أَنَّ النَّسْخَ لِلْحُكْمِ وَهُوَ ظَنِّيٌّ فَلْيَثْبُتْ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ ادَّعَى مِلْكًا تَضَمَّنَ وَقْفِيَّةً كَأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ كَانَتْ لِأَبِي وَقَفَهَا عَلَيَّ وَأَنْت غَاصِبٌ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ حُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ ثُمَّ تَصِيرُ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ (إلَّا عُيُوبَ النِّسَاءِ وَنَحْوَهَا) فَلَا تَثْبُتُ بِهِمَا لِخَطَرِهَا، نَعَمْ يُقْبَلَانِ فِي عَيْبٍ فِيهِنَّ يَقْتَضِي الْمَالَ كَمَا مَرَّ (وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ) لِضَعْفِهِمَا.
(وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَعْدَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ وَتَعْدِيلِهِ) لِأَنَّ جَانِبَهُ إنَّمَا يَتَقَوَّى حِينَئِذٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَضَاءَ بِهِمَا، فَلَوْ رَجَعَ الشَّاهِدُ غَرِمَ نِصْفَ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَقَدُّمُ شَهَادَةِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ لِقِيَامِهِمَا مَقَامَ الرَّجُلِ قَطْعًا (وَيَذْكُرُ فِي حَلِفِهِ) عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ لِلْمَشْهُودِ بِهِ (صِدْقَ الشَّاهِدِ) وُجُوبًا قَبْلَهُ أَمْ بَعْدَهُ فَيَقُولُ وَاَللَّهِ إنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ وَإِنِّي لَمُسْتَحِقٌّ لِكَذَا لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ فَاعْتُبِرَ ارْتِبَاطُهُمَا لِيَصِيرَا كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ (فَإِنْ تَرَكَ الْحَلِفَ) مَعَ شَاهِدِهِ (وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَلَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ) فَصَارَ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَصِيرُ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِ) أَيْ ثُمَّ إنْ ذَكَرَ مَصْرِفًا بَعْدَهُ صَرَفَ لَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْآخَرِ فَيَصْرِفُ لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَثْبُتُ بِهِمَا) أَيْ بِالرَّجُلِ وَالْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَضَاءَ بِهِمَا) أَيْ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ (قَوْلُهُ: لِقِيَامِهَا مَقَامَ الرَّجُلِ قَطْعًا) أَيْ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَإِنَّ فِي الثُّبُوتِ بِهِمَا خِلَافًا (قَوْلُهُ: صِدْقَ الشَّاهِدِ وُجُوبًا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ ذِكْرِ الْحَقِّ الَّذِي يَدَّعِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ) أَيْ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ مُجَرَّدَ رِوَايَتِهِ عَنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِينَ لَا يُحَقَّقُ تَوَاتُرُهُ لِمَا اسْتَقَرَّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ وُجُودُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ فِي سَائِرِ الطِّبَاقِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَلَك أَنْ تَقُولَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ لَيْسَ هُوَ تَمَامُ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُودِ التَّوَاتُرِ بَلْ هُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ أُخْرَى تَرَكَاهَا لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ، وَهِيَ أَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ ذَلِكَ الْحَنَفِيَّ مُنَازَعَتُهُ إنَّمَا هِيَ مَعَ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَهُوَ مِنْ تَابِعِ التَّابِعِينَ، وَيَبْعُدُ عَادَةً أَنْ يَرْوِيَ مَا ذُكِرَ عَدَدٌ قَلِيلٌ عَنْ هَذَا الْعَدَدِ مِنْ الصَّحَابَةِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الرَّاوِيَ لَهُ عَنْ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ لِمَا عُرِفَ بِالِاسْتِقْرَاءِ أَنَّ الْخَبَرَ الْوَاحِدَ يَرْوِيهِ عَنْ الصَّحَابِيِّ الْوَاحِدِ عَدَدٌ مِنْ التَّابِعِينَ لِتَوَفُّرِهِمْ عَلَى تَلَقِّي الْأَحَادِيثِ وَحِفْظِهَا مِنْ الصَّحَابَةِ، فَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ وَصَلَ إلَى الشَّافِعِيِّ مِنْ عَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ مَا يَبْلُغُ نَحْوَ الْبَيْهَقِيّ عَنْ هَذَا الْعَدَدِ مِنْ الصَّحَابَةِ مَعَ تَرَاخِي زَمَنِهِ عَنْهُمْ يَبْلُغُ الشَّافِعِيَّ عَنْ عَدَدٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ لِقُرْبِهِ مِنْ زَمَنِهِمْ وَلِجَلَالَتِهِ الْمُقَرَّرَةِ فِي هَذَا الْعِلْمِ كَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ
فَإِنْ حَلَفَ خَصْمُهُ سَقَطَتْ الدَّعْوَى وَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ شَاهِدٍ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ قَدْ انْتَقَلَتْ مِنْ جَانِبِهِ إلَى جَانِبِ خَصْمِهِ، إلَّا أَنْ يَعُودَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَيَسْتَأْنِفَ الدَّعْوَى وَيُقِيمَ الشَّاهِدَ، وَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ مَعَهُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْبَابِ، لَكِنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ يُفْهِمُ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ مِنْهُ بِمَجْلِسٍ آخَرَ.
(فَإِنْ نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا غَيْرُ الَّتِي امْتَنَعَ عَنْهَا لِأَنَّ تِلْكَ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ بِالشَّاهِدِ وَيُقْضَى بِهَا فِي الْمَالِ فَقَطْ وَهَذِهِ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُقْضَى بِهَا فِي كُلِّ حَقٍّ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْحَلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ (وَلَوْ)(كَانَ بِيَدِهِ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا) يَسْتَرِقُّهُمَا (فَقَالَ رَجُلٌ هَذِهِ مُسْتَوْلَدَتِي عَلِقَتْ بِهَذَا) مِنِّي (فِي مِلْكِي وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) أَقَامَهُ (ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) يَعْنِي مَا فِيهَا مِنْ الْمَالِيَّةِ، وَأَمَّا نَفْسُ الِاسْتِيلَادِ الْمُقْتَضِي لِعِتْقِهَا بِالْمَوْتِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ فَتُنْزَعُ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ وَتُسَلَّمُ لَهُ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ مَالٌ لِسَيِّدِهَا، وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي دَعْوَاهُ وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِي عَلَى حُكْمِ الِاسْتِيلَادِ لِجَوَازِ بَيْعِ الْمُسْتَوْلَدَةِ فِي صُوَرٍ رُدَّ بِأَنَّهُ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهَا أُلْغِيَ الِاسْتِيلَادُ فَلَا يَصْدُقُ مَعَهُ قَوْلُهُ مُسْتَوْلَدَتِي (لَا نَسَبُ الْوَلَدِ وَحُرِّيَّتُهُ) فَلَا يَثْبُتَانِ بِهِمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فِي الْأَظْهَرِ) فَلَا يُنْزَعُ مِنْ ذِي الْيَدِ، وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي بِالْإِقْرَارِ مَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَالثَّانِي يَثْبُتَانِ تَبَعًا فَيُنْزَعُ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَيَكُونُ حُرًّا نَسِيبًا بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ غُلَامٌ) يَسْتَرِقُّهُ وَذِكْرُهُ مِثَالٌ (فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ لِي وَأَعْتَقْتُهُ وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ)(فَالْمَذْهَبُ انْتِزَاعُهُ وَمَصِيرُهُ حُرًّا) بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ اسْتِحْقَاقُهُ الْوَلَاءَ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِدَعْوَاهُ الصَّالِحَةِ حُجَّةً لِإِثْبَاتِهِ، وَالْعِتْقُ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَبِهِ فَارَقَ مَا قَبْلَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ قَوْلًا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِيلَادِ بِنَفْيِ ذَلِكَ فَجَعَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ
(وَلَوْ)(ادَّعَتْ وَرَثَةٌ) أَوْ بَعْضُهُمْ (مَالًا) عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً (لِمُوَرِّثِهِمْ) الَّذِي مَاتَ قَبْلَ نُكُولِهِ (وَأَقَامُوا شَاهِدًا) بِالْمَالِ بَعْدَ إثْبَاتِهِمْ لِمَوْتِهِ مِنْهُ وَإِرْثِهِمْ وَانْحِصَارِهِ فِيهِمْ (وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ) عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَرِّثِهِ الْجَمِيعَ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ، وَمِثْلُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ فَإِنْ حَلَّفَ خَصْمَهُ سَقَطَتْ) أَيْ فَإِنْ اسْتَحْلَفَ خَصْمَهُ فَلَمْ يَحْلِفْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَإِنْ حَلَّفَ خَصْمَهُ إلَخْ أَنَّ حَقَّهُ لَا يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ طَلَبِهِ يَمِينَ خَصْمِهِ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ نَقْلًا عَنْ حَجّ: لَكِنَّ الَّذِي رَجَّحَاهُ بُطْلَانُهُ فَلَا يَعُودُ لِلْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِهِ وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْيَمِينِ بِطَلَبِهِ يَمِينَ خَصْمِهِ كَمَا تَسْقُطُ بِرَدِّهَا عَلَى خَصْمِهِ، بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ الْكَامِلَةِ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهَا بِمُجَرَّدِ طَلَبِهِ يَمِينَ خَصْمِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ خَصْمِهِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ مَعَهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي بَابِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَلَا يَثْبُتْ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا وَصَدَّقَهُ ثَبَتَ فِي الْأَصَحِّ
(قَوْلُهُ: الَّذِي مَاتَ قَبْلَ نُكُولِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَرِّثِهِ) وَلَا مُنَافَاةَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْحَلِفُ) اُنْظُرْ مَتَى يُمْكِنُهُ، وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ: لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحَلِفَ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي مَا فِيهَا مِنْ الْمَالِيَّةِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ بِمَعْنَى مَجْمُوعِ مَا فِيهَا مِنْ الْمَالِيَّةِ وَنَفْسُ الْإِيلَادِ ثَبَتَ لِمَجْمُوعِ الْحُجَّةِ وَالْإِقْرَارِ، فَإِنَّ عِبَارَتَهُ صَالِحَةٌ لِذَلِكَ اهـ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ عَنْ ذِكْرِ الْآخَرِ لِعِلْمِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ تَعَلُّقَاتِ الْأَظْهَرِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ مَا قَبْلَهُ) أَيْ مِنْ عَدَمِ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ: أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَامَتْ الْحُجَّةُ فِيهِ عَلَى مِلْكِ الْأُمِّ، وَقَدْ رَتَّبْنَا عِتْقَهَا عَلَيْهِ إذَا جَاءَ وَقْتُهُ بِإِقْرَارِهِ نَظِيرُ مَا هُنَا، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَقَضِيَّةُ الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ كَوْنُهُ حُرًّا نَسِيبًا وَهُمَا لَا يَثْبُتَانِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ، وَمَنْ لَوْ ادَّعَى فِي صُورَةِ الِاسْتِيلَادِ أَنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا فِي مِلْكِ ذِي الْيَدِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مَعَ الْوَلَدِ فَيَعْتِقُ الْوَلَدُ عَلَيْهِ وَأَقَامَ عَلَيْهِ حُجَّةً نَاقِصَةً قُبِلَتْ وَعَتَقَ، لِأَنَّ الْعِتْقَ الْآنَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِلْكِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ النَّاقِصَةُ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ إثْبَاتِهِمْ لِمَوْتِهِ وَإِرْثِهِمْ مِنْهُ وَانْحِصَارِهِ فِيهِمْ) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ الْكَامِلَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ، وَأَشَارَ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إلَى شُرُوطِ
مَا إذَا حَلَّفَ جَمِيعَهُمْ لِأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ بِحَلِفِهِ الْمِلْكَ لِمُوَرِّثِهِ (أَخَذَ نَصِيبَهُ وَلَا يُشَارَكُ فِيهِ) مِنْ جِهَةِ بَقِيَّتِهِمْ لِأَنَّ الْحُجَّةَ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِ فَقَطْ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَمُتَمَكِّنٌ مِنْهَا بِالْحَلِفِ وَلِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَبِهَذَيْنِ فَارَقَ مَا لَوْ ادَّعَيَا دَارًا إرْثًا فَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدَهُمَا فِي نَصِيبِهِ وَكَذَّبَ الْآخَرَ أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِلْمَيِّتِ فَأَخَذَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ دَعْوَى وَلَا إذْنٍ مِنْ حَاكِمٍ فَلِلْبَقِيَّةِ مُشَارَكَتُهُ فِيهِ، وَلَوْ أَخَذَ أَحَدُ شُرَكَاءَ فِي دَارٍ أَوْ مَنْفَعَتِهَا قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْ أُجْرَتِهَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا الْبَقِيَّةُ، وَلَوْ ادَّعَى غَرِيمٌ مِنْ غُرَمَاءِ مَيِّتٍ مَدْيُونٍ عَلَى وَارِثِهِ بِوَضْعِ يَدِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ عَلَى مَا يَفِي بِحَقِّهِ فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا لَمْ تَكْفِهِ هَذِهِ الْيَمِينُ لِلْبَقِيَّةِ بَلْ كُلُّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ بَعْدَهَا بِوَضْعِ الْيَدِ حَلَّفَهُ أَيْضًا، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ. وَرَدَّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ لَوْ ادَّعَى حَقًّا عَلَى جَمْعٍ فَرَدُّوا عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ كَفَتْهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُمْ لَوْ ثَبَتَ إعْسَارُ مَدِينٍ وَطَلَبَ غُرَمَاؤُهُ تَحْلِيفَهُ أُجِيبُوا وَتَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُمْ لَوْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ بِيَمِينِهِ فَظَهَرَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيفُهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا سِوَى الْأَخِيرَةِ قَدْ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ لِوُقُوعِ الدَّعْوَى بَيْنَهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ فَوَقَعَتْ الْيَمِينُ لِجَمِيعِهِمْ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيُّ.
وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ فَالْإِعْسَارُ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ ثَبَتَ. وَالظَّاهِرُ دَوَامُهُ فَلَمْ يَجِبْ الثَّانِي لِتَحْلِيفِهِ، بِخِلَافِ وَضْعِ الْيَدِ فَإِنَّهُ إذَا انْتَفَى بِالْيَمِينِ الْأُولَى لَيْسَ الظَّاهِرُ دَوَامَهُ فَوَجَبَتْ الْيَمِينُ عَلَى نَفْيِهِ لِكُلِّ مُدَّعًى بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِ دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ حُضُورُ بَعْضِ وَرَثَتِهِ لَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِ الْحَاضِرِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِلْمَيِّتِ ثُمَّ ادَّعَى أَدَاءَهُ إلَيْهِ وَأَنَّهُ نَسِيَ ذَلِكَ حَالَةَ إقْرَارِهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِتَحْلِيفِ الْوَارِثِ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ، وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْأَدَاءِ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ
(وَيَبْطُلُ حَقُّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ) مِنْ الْيَمِينِ (بِنُكُولِهِ إنْ حَضَرَ) فِي الْبَلَدِ وَكَانَ قَدْ شَرَعَ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ شَعَرَ بِهَا (وَهُوَ كَامِلٌ) فَلَوْ مَاتَ لَمْ يَحْلِفْ وَارِثُهُ وَلَوْ مَعَ شَاهِدٍ يُقِيمُهُ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ وَقَدْ بَطَلَ حَقُّهُ بِنُكُولِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مِنْ الْيَمِينِ الْبَيِّنَةُ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْهَا فَلَهُ إقَامَةُ شَاهِدٍ ثَانٍ مَضْمُومًا إلَى الْأَوَّلِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ شَهَادَتِهِ كَالدَّعْوَى لِتَصِيرَ بَيِّنَتُهُ كَامِلَةً، كَمَا لَوْ أَقَامَ مُدَّعٍ شَاهِدًا ثُمَّ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ إقَامَةُ آخَرَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِنُكُولِهِ تَوَقُّفُهُ عَنْ الْيَمِينِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبَحَثَ هُوَ أَيْضًا إلَخْ لِأَنَّ الدَّعْوَى هُنَا وَقَعَتْ بِجَمِيعِ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بَلْ كُلُّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ) غُرَمَاءُ أَوْ وَرَثَةٌ (قَوْلُهُ: كَذَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَأَقَامَ شَاهِدًا) أَيْ أَوْ لَمْ يُقِمْ وَحَلَفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ لَوْ ثَبَتَ إلَخْ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْبُلْقِينِيِّ حَصَلَ فِيهَا طَلَبُ الْيَمِينِ فِي دَعَاوَى مُتَعَدِّدَةٍ بِعَدَدِ الْغُرَمَاءِ، وَمَا هُنَا الْيَمِينُ الْمُتَوَجِّهَةُ فِي دَعْوَى وَاحِدَةٍ فَاكْتَفَى بِهَا لِاتِّحَادِ الدَّعْوَى وَطَلَبُ التَّعَدُّدِ فِي تِلْكَ بِتَعَدُّدِ الدَّعَاوَى فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَأُجِيبَ إلَخْ، وَمَا ذَكَرْنَا أَوْضَحُ (قَوْلُهُ: سِوَى الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ لَوْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِ الدَّعْوَى بَيْنَهُمْ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَيْهِمْ أَيْ فِي الْأُولَى
(قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ مَاتَ قَبْلَ نُكُولِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْطُلُ) أَيْ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
دَعْوَى الْوَارِثِ الْإِرْثَ، لَكِنْ يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ وَانْحِصَارُهُ فِيهِمْ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ أَوْ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِ الْحَاضِرِ) سَيَأْتِي لَهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَقْدًا مَالِيًّا كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ كَفَى الْإِطْلَاقُ فِي الْأَصَحِّ مَا نَصُّهُ: لَكِنْ لَا يَحْكُمُ: أَيْ الْقَاضِي إلَّا بَعْدَ إعْلَامِ الْجَمِيعِ بِالْحَالِ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا هُنَا
(قَوْلُهُ: فَلَهُ إقَامَةُ شَاهِدٍ ثَانٍ إلَخْ) وَظَاهِرُ أَنَّهُ يَثْبُتُ حِينَئِذٍ مَالُ الْمَيِّتِ فَلَا يَحْتَاجُ بَاقِي الْوَرَثَةِ إلَى حَلِفٍ إنْ لَمْ يَكُونُوا حَلَفُوا، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلَيْنِ الْمَارَّيْنِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُشَارِكُ فِيهِ أَنَّ مَنْ أَخَذَ حِينَئِذٍ شَيْئًا شُورِكَ فِيهِ، وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِيمَنْ أَخَذَ بِيَمِينِهِ أَوْ لَا، وَتَرَدَّدَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِيهِ لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَرُدَّ الْيَمِينُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ هَلْ يَحْلِفُ؟ فَإِنْ قُلْنَا نَعَمْ هَلْ تَثْبُتُ حِصَّتُهُ فَقَطْ أَوْ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
فَلَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّهُ مِنْهَا، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ النُّكُولِ اُتُّجِهَ حَلِفُ وَارِثِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ. أَمَّا حَاضِرٌ لَمْ يَشْرَعْ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ فَكَصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ (فَإِنْ كَانَ) مَنْ لَمْ يَحْلِفْ (غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُ نَصِيبَهُ) بَلْ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى عِلْمِهِ أَوْ حُضُورِهِ أَوْ كَمَالِهِ (فَإِنْ زَالَ عُذْرُهُ) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ قَدِمَ أَوْ أَفَاقَ (حَلَفَ وَأَخَذَ) حِصَّتَهُ (بِغَيْرِ إعَادَةِ شَهَادَةٍ) مَا دَامَ الشَّاهِدُ بَاقِيًا بِحَالِهِ وَاسْتِئْنَافُ دَعْوَى لِوُجُودِهِمَا أَوَّلًا مِنْ الْكَامِلِ خِلَافَةً عَنْ الْمَيِّتِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ إرْثٍ كَاشْتَرَيْتُ أَنَا وَأَخِي وَهُوَ غَائِبٌ مَثَلًا أَوْ أَوْصَى لَنَا بِكَذَا وَجَبَتْ إعَادَتُهُمَا. أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ حَالُ الشَّاهِدِ فَلَا يَحْلِفُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَتَّصِلْ بِشَهَادَتِهِ إلَّا فِي حَقِّ الْحَالِفِ أَوَّلًا دُونَ غَيْرِهِ، وَبَحَثَ هُوَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِعَادَةِ فِيمَا ذُكِرَ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ ادَّعَى الْجَمِيعَ، فَإِنْ ادَّعَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ جَزْمًا
(وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلٍ كَزِنًى وَغَصْبٍ) وَرَضَاعٍ (وَإِتْلَافٍ وَوِلَادَةٍ إلَّا بِالْإِبْصَارِ) لَهَا وَلِفَاعِلِهَا لِوُصُولِ الْيَقِينِ بِهِ. قَالَ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] وَفِي خَبَرٍ «عَلَى مِثْلِ هَذَا» أَيْ الشَّمْسِ " فَاشْهَدْ " نَعَمْ يَأْتِي أَنَّ مَا تَعَذَّرَ فِيهِ الْيَقِينُ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ كَالْمَالِكِ وَالْعَدَالَةِ وَالْإِعْسَارِ، وَقَدْ تُقْبَلُ مِنْ الْأَعْمَى بِفِعْلٍ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ فِي الْوِلَادَةِ دَعْوَى مَنْ ادَّعَى ثُبُوتَهَا بِالسَّمَاعِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى إرَادَةِ إثْبَاتِ نَسَبِهِ مِنْ أُمِّهِ
(وَتُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ أَصَمَّ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ بِقِيمَةِ عَيْنٍ إلَّا مِمَّنْ رَآهَا وَعَرَفَ جَمِيعَ أَوْصَافِهَا (وَالْأَقْوَالُ كَعَقْدٍ) وَفَسْخٍ (يُشْتَرَطُ سَمْعُهَا وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا) حَالَ صُدُورِهَا مِنْهُ فَلَا يَكْفِي سَمَاعُهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَإِنْ عُلِمَ صَوْتُهُ لِأَنَّ مَا كَانَ إدْرَاكُهُ مُمْكِنًا بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ فِيهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ لِجَوَازِ تَشَابُهِ الْأَصْوَاتِ، وَقَدْ يُحَاكِي الْإِنْسَانُ صَوْتَ غَيْرِهِ فَيَشْتَبِهُ بِهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ بِبَيْتٍ وَحْدَهُ وَعَلِمَ بِذَلِكَ جَازَ لَهُ اعْتِمَادُ صَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ اثْنَيْنِ بِبَيْتٍ لَا ثَالِثَ لَهُمَا وَسَمِعَهُمَا يَتَعَاقَدَانِ وَعَلِمَ الْمُوجِبَ مِنْهُمَا مِنْ الْقَابِلِ لِعِلْمِهِ بِمَالِكِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَهُ الشَّهَادَةُ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُمَا
(وَلَا يُقْبَلُ أَعْمًى) لِانْسِدَادِ طَرِيقِ الْمَعْرِفَةِ مَعَ اشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ وَإِمْكَانِ التَّصَنُّعِ فِيهَا، وَمِثْلُهُ مَنْ يُدْرِكُ الْأَشْخَاصَ وَلَا يُمَيِّزُهَا، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا لِكَوْنِهِ أَخَفَّ، وَلِذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى حِلِّ وَطْئِهَا اعْتِمَادًا عَلَى لَمْسِ عَلَامَةٍ يَعْرِفُهَا فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهَا، وَعَلَى أَنَّ مَنْ زُفَّتْ لَهُ زَوْجَتُهُ أَنْ يَعْتَمِدَ قَوْلَ امْرَأَةٍ هَذِهِ زَوْجَتُك وَيَطَؤُهَا، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ اعْتِمَادِهِ عَلَى قَرِينَةٍ قَوِيَّةٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ أَحَدٌ بِذَلِكَ (إلَّا أَنْ يُقِرَّ) إنْسَانٌ لِمَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ (فِي أُذُنِهِ) بِنَحْوِ مَالٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ لَا فِي أُذُنِهِ بِأَنْ تَكُونَ يَدُهُ بِيَدِهِ وَهُوَ بَصِيرٌ حَالَ الْإِقْرَارِ (فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَ قَاضٍ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي خَلْوَةٍ، وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَيْضًا بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالْمَوْتِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينٍ وَإِشَارَةٍ، وَكَذَا فِي التَّرْجَمَةِ أَوْ مَعَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى ذَكَرٍ بِفَرْجٍ فَيُمْسِكُهَا حَتَّى يُشْهِدَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ عِنْدَ قَاضٍ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَشْعُرْ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْأَلِفِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِئْنَافِ دَعْوَى) أَيْ وَبِغَيْرِ اسْتِئْنَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَدَرَ مِنْ الْكَامِلِ خِلَافَةً عَنْ الْمَيِّتِ
(قَوْلُهُ: عَلَى مِثْلِ هَذَا) أَيْ الْكَوْكَبِ
(قَوْلُهُ: إلَّا مِمَّنْ رَآهَا) أَيْ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ حَيْثُ كَانَتْ مِمَّا لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَتُسْمَعُ دَعْوَى مَنْ غَصَبَهَا مَثَلًا بِأَنَّهَا تَغَيَّرَتْ صِفَاتُهَا عَنْ وَقْتِ رُؤْيَةِ الشَّاهِدِ وَتُسْمَعُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ) غَايَةً (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ) أَيْ الْمُقِرُّ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرَهُ) أَيْ سَوَاءٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ مِنْ أَصَمَّ) أَيْ عَلَى الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ
(قَوْلُهُ: أَوْ طَلَاقٍ) قَضِيَّةُ سِيَاقِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالطَّلَاقِ إلَّا لِلْمَعْرُوفَةِ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوَّلًا فِي أُذُنِهِ إلَخْ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ الْمُقِرَّ مَجْهُولٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَالْمَوْتِ) كَانَ يَنْبَغِي إبْدَالُ الْكَافِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي التَّرْجَمَةِ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ وَضْعِ يَدِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفَانِ عَلَى مَاذَا (قَوْلُهُ: فَيُمْسِكُهُمَا)
أَبْلَغُ مِنْ الرُّؤْيَةِ وَفِيمَا إذَا كَانَ جَالِسًا بِفِرَاشِ غَيْرِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ حَسْمًا لِلْبَابِ (وَلَوْ)(حَمَلَهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ (بَصِيرٌ ثُمَّ عَمِيَ)(شَهِدَ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَ) الْمَشْهُودُ (عَلَيْهِ مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ) فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ فَعَلَ كَذَا أَوْ أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّهُ فِي هَذَا كَالْبَصِيرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ فِي حَالِ خَلْوَتِهِ بِهَا وَعَلَى بَعْضِهِ إذَا عُرِفَ خُلُوُّهُ بِهِ لِلْقَطْعِ بِصِدْقِهِ حِينَئِذٍ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِنَا نَعَمْ لَوْ عَلِمَهُ بِبَيْتٍ إلَى آخِرِهِ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْبَصِيرَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَشْتَبِهُ بِهِ، بِخِلَافِ الْأَعْمَى وَإِنْ اخْتَلَى بِهِ (وَمَنْ سَمِعَ قَوْلَ شَخْصٍ أَوْ رَأَى فِعْلَهُ، فَإِنْ عَرَفَ عَيْنَهُ وَاسْمَهُ وَنَسَبَهُ) أَيْ أَبَاهُ وَجَدَّهُ (شَهِدَ عَلَيْهِ فِي حُضُورِهِ إشَارَةً) إلَيْهِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ ذِكْرِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ (وَ) شَهِدَ عَلَيْهِ (عِنْدَ غَيْبَتِهِ) الْمُجَوِّزَةِ لِلدَّعْوَى عَلَيْهِ (وَمَوْتِهِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ) مَعًا لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِهَا دُونَ أَحَدِهِمَا. أَمَّا لَوْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ جَدِّهِ فَيُجْزِئُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ اسْمِهِ إنْ عَرَفَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمَطْلَبِ جَامِعًا بِهِ بَيْنَ كَلَامِهِمْ الظَّاهِرِ التَّنَافِي. وَيَكْفِي لَقَبٌ خَاصٌّ كَسُلْطَانِ مِصْرَ فُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِهِ. قَالَ غَيْرُهُ: وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى عُتَقَاءِ السُّلْطَانِ وَالْأُمَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّ الشُّهُودَ لَا تَعْرِفُ أَنْسَابَهُمْ مَعَ مَا يُمَيِّزُهُمْ مِنْ أَوْصَافِهِمْ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْحُكَّامِ، وَارْتَضَاهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَقَدْ اُعْتُمِدَتْ شَهَادَةُ مَنْ شَهِدَ عَلَى فُلَانٍ التَّاجِرِ بِدُكَّانِ كَذَا فِي سُوقِ كَذَا إلَى وَقْتِ وَفَاتِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَيْرُهُ وَحُكِمَتْ بِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا اعْتِمَادُ الشُّهُودِ فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ عَلَى قَوْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَشْهَدُ بِهِمَا فِي غَيْبَتِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ لَا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ مَا لَمْ يُثْبِتَا ذَاكَ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ مَثَلًا أَنْ يَكْتُبَ أُقِرُّ مَثَلًا مَنْ ذَكَرَ أَنَّ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ كَذَا، وَلَا يَجُوزُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، نَعَمْ لَوْ لَمْ يُعَرِّفْهُمَا إلَّا بَعْدَ التَّحَمُّلِ جَازَ لَهُ الْجَزْمُ بِهِمَا. وَمِنْ طُرُقِ مَعْرِفَتِهِمَا أَنْ تُقَامَ بِهِمَا بَيِّنَةُ حِسْبَةٍ لِمَا مَرَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِهَا إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُمَا مِنْ عَدْلَيْنِ. قَالَ الْقَفَّالُ: بَلْ لَوْ سَمِعَهُ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَتَكَرَّرَ وَيَسْتَفِيضَ عِنْدَهُ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ مُجَرَّدَ الْمُبَالَغَةِ وَإِلَّا فَهَذَا تَوَاتُرٌ يُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ، وَقَدْ تَسَاهَلَتْ جَهَلَةُ الشُّهُودِ فِي ذَلِكَ حَتَّى عَظُمَتْ بِهِ الْبَلِيَّةُ وَأُكِلَتْ بِهِ الْأَمْوَالُ، فَإِنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ مَنْ يَتَرَدَّدُ عَلَيْهِمْ وَيُسَجِّلُونَ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَانَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ لِظُلْمَةٍ أَوْ وُجُودِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا
(قَوْلُهُ: مَحَلُّ تَوَقُّفٍ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَارْتَضَاهُ الْبُلْقِينِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَحَكَمْت بِهَا) أَيْ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الشَّاهِدَ (قَوْلُهُ: أَنْ تُقَامَ بِهِمَا بَيِّنَةُ حِسْبَةٍ) وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ حِسْبَةً عَلَى رَجُلٍ لَزِمَهُ حَقٌّ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ اسْمٌ وَلَا نَسَبٌ فَيَشْهَدُ اثْنَانِ مِمَّنْ يَعْرِفُهُ بِأَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا فَأَحْضِرْهُ لِتَشْهَدَ عَلَى صُورَتِهِ فَيُحْضِرُهُ وَيَشْهَدَانِ أَنَّ هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَيَثْبُتُ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمَشْهُودُ بِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُمَا) أَيْ الِاسْمَ وَالنِّسْبَةَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ الشَّخْصَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إذَا عُرِفَ خُلُوُّهُ بِهِ) قَالَ: أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ: وَيُعْرَفُ كَوْنُهُ خَالِيًا بِهِ بِاعْتِرَافِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِخَلْوَتِهِمَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي نُسِبَ إلَيْهِ الْإِقْرَارُ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى ذِكْرِ اسْمِهِ) لَعَلَّهُ سَقَطَ بَعْدَهُ لَفْظُ وَاسْمِ أَبِيهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا يُمَيِّزُهُمْ) قَيْدٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى عُتَقَاءِ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ لَمْ يَعْرِفْهُمَا إلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ) لَا وَجْهَ لِهَذَا الْحَصْرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُمَا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا لَمْ يَسْمَعْهُمَا إلَخْ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهَذَا تَوَاتُرٌ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يَمْنَعُ ذَلِكَ الْجَوَازُ اسْتِنَادَ الْأَلْفِ لِلسَّمَاعِ مِنْ نَحْوِ وَاحِدٍ، وَالتَّوَاتُرُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْمَخْصُوصِ فِي سَائِرِ الطِّبَاقِ اهـ. وَهُوَ إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانُوا نَاقِلِينَ لِمَعْرِفَةِ النَّسَبِ عَنْ غَيْرِهِمْ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ كَابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ:
وَيَحْكُمُ بِهِمَا الْقُضَاةُ (فَإِنْ جَهِلَهُمَا) أَيْ الِاسْمَ وَالنَّسَبَ أَوْ أَحَدَهُمَا (لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَغَيْبَتِهِ) لِانْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا حَضَرَ وَأَشَارَ إلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُدْفَنْ أُحْضِرَ لِيَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ نَقْلٌ مُحَرَّمٌ وَلَا تَغَيُّرٌ لَهُ، أَمَّا بَعْدَ دَفْنِهِ فَلَا يُحْضَرْ وَإِنْ أُمِنَ تَغَيُّرُهُ وَاشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ لِحُضُورِهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ كَمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ (وَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ شَهَادَةٍ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ) بِنُونٍ ثُمَّ تَاءٍ مَنْ انْتَقَبَتْ لِلْأَدَاءِ عَلَيْهَا (اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا) كَمَا لَا يَتَحَمَّلُ بَصِيرٌ فِي ظُلْمَةٍ اعْتِمَادًا عَلَيْهِ لِاشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ وَلَا أَثَرَ لِحَائِلٍ رَقِيقٍ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ اعْتِمَادًا أَنَّهُ لَوْ سَمِعَهَا فَتَعَلَّقَ بِهَا إلَى قَاضٍ وَشَهِدَ عَلَيْهَا جَازَ كَالْأَعْمَى بِشَرْطِ أَنْ يَكْشِفَ نِقَابَهَا لِيَعْرِفَ الْقَاضِي صُورَتَهَا، قَالَ جَمْعٌ: وَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ مُنْتَقِبَةٍ إلَّا إنْ عَرَفَهَا الشَّاهِدَانِ اسْمًا وَنَسَبًا أَوْ صُورَةً، أَمَّا لَوْ تَحَمَّلَا عَلَى مُنْتَقِبَةٍ بِوَقْتِ كَذَا بِمَجْلِسِ كَذَا وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ هَذِهِ الْمَوْصُوفَةَ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ جَازَ وَثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَتَيْنِ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَى امْرَأَةٍ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا فَسَأَلَهُمْ الْحَاكِمُ أَتَعْرِفُونَ عَيْنَهَا؟ أَمْ اعْتَمَدْتُمْ صَوْتَهَا لَمْ تَلْزَمْهُمْ إجَابَتُهُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي مَشْهُورِي الدِّيَانَةِ وَالضَّبْطِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا (فَإِنْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا أَوْ بِاسْمٍ وَنَسَبٍ جَازَ) تَحَمُّلُهُ عَلَيْهَا، وَلَا يَضُرُّ النِّقَابُ بَلْ لَا يَجُوزُ كَشْفُ الْوَجْهِ حِينَئِذٍ (وَيَشْهَدُ عِنْدَ الْأَدَاءِ بِمَا يَعْلَمُ) مِمَّا مَرَّ مِنْ اسْمٍ وَنَسَبٍ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ كَشَفَ وَجْهَهَا وَضَبَطَ حِلْيَتَهَا وَكَذَا يَكْشِفُهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ (وَلَا يَجُوزُ)(التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا) أَيْ الْمُنْتَقِبَةِ (بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ)(عَلَى الْأَشْهُرِ) الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ التَّسَامُعَ لَا بُدَّ مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، نَعَمْ إنْ قَالَا نَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ فُلَانَةُ ابْنَةُ فُلَانٍ كَانَا شَاهِدَيْ أَصْلٍ فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِشَرْطِهِ (وَالْعَمَلُ) مِنْ الشُّهُودِ لَا مِنْ الْأَصْحَابِ كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ (عَلَى خِلَافِهِ) وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّعْرِيفِ مِنْ عَدْلٍ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ حَتَّى بَالَغَ بَعْضُهُمْ وَجَوَّزَ اعْتِمَادَ قَوْلِ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ وَهِيَ بَيْنَ نِسْوَةٍ هَذِهِ أُمِّي (وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِهِ بِحَقٍّ) أَوْ ثَبَتَ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ مَثَلًا (فَطَلَبَ الْمُدَّعِي التَّسْجِيلَ) بِذَلِكَ (سَجَّلَ) لَهُ (الْقَاضِي) جَوَازًا (بِالْحِلْيَةِ لَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ) فَيَمْتَنِعُ تَسْجِيلُهُ بِهِمَا (مَا لَمْ يَثْبُتَا) عِنْدَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُ بِهِمَا الْقُضَاةُ) أَيْ فَحُكْمُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَاطِلٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، فَلَوْ تَعَيَّنَ مُطَابَقَةُ مَا ذَكَرَهُ الشُّهُودُ لِلْوَاقِعِ كَأَنْ حَضَرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَعْدُ وَعَلِمَ أَنَّ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ مَا ذَكَرَهُ الشُّهُودُ تَبَيَّنَ صِحَّةُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ) الَّذِي فِي الْمَنْهَجِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُنْبَشُ وَلَا يَلْزَمُ مَنْ نَبَشَهُ إحْضَارُهُ فَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَرَادَ بِالْإِحْضَارِ مَا يَشْمَلُ النَّبْشَ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِحَائِلٍ رَقِيقٍ) أَيْ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ حَيْثُ لَمْ يَمْنَعْ مَعْرِفَةَ صُورَتِهَا مِنْ تَحْتِهِ بِالْبَيِّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا أَوْ بِاسْمٍ وَنَسَبٍ جَازَ) كَأَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَالشُّهُودُ يَعْرِفُونَ أَنَّ زَوْجَتَهُ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ فَتَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَى أَنَّ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ زَوَّجَ شَخْصٌ بِنْتَهُ مَثَلًا بِحُضُورِهِمَا، فَإِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ نِكَاحَهَا بَعْدُ وَأَنْكَرَتْ شَهِدَا عَلَيْهَا بِأَنَّهَا بِنْتُهُ (قَوْلُهُ: وَالْعَمَلُ مِنْ الشُّهُودِ إلَخْ) ضَعِيفٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَإِنَّهُمْ يَجِيئُونَ بِمَنْ وَاطَئُوهُ فَيُقِرُّ عِنْدَ قَاضٍ بِمَا يَرُومُونَهُ وَيَذْكُرُ اسْمَ وَنَسَبَ مَنْ يُرِيدُونَ أَخْذَ مَالِهِ فَيُسَجِّلُ الشُّهُودَ بِهِمَا وَيَحْكُمُ بِهِ الْقَاضِي اهـ (قَوْلُهُ: فَتَعَلَّقَ بِهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَلُّقِ بِهَا هُنَا مُلَازَمَتُهَا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَكْشِفَ نِقَابَهَا إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ لِلْعَمَلِ بِالشَّهَادَةِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَتَيْنِ) هَلْ يُجْرَى هَذَا فِي نَظَائِرِهِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى مَنْ يَجْهَلُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ الْمَارَّ (قَوْلُهُ: فَسَأَلَهُمْ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ السُّؤَالُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ التَّسَامُعَ لَا بُدَّ فِيهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ بَلَغُوا الْعَدَدَ الَّذِي يَسُوغُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ يَكْفِي تَعْرِيفُهُمْ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ جَمْعٌ كَثِيرٌ يَقَعُ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ جَهْلَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى بَالَغَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) هَذَا الْبَعْضُ يَقْبَلُ قَوْلَ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ كَجَارِيَتِهَا وَلَا يَقْبَلُ الْعَدْلَيْنِ، وَيَحْتَجُّ بِأَنَّ قَوْلَ نَحْوِ وَلَدِهَا يُفِيدُ الظَّنَّ أَكْثَرَ مِنْ الْعَدْلَيْنِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ نَظِيرُ قَبُولِ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ فِي الْوَقْتِ دُونَ الْمُؤَذِّنِ
عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ أَوْ بِعِلْمِهِ لِتَعَذُّرِ التَّسْجِيلِ عَلَى الْغَيْرِ فَيَكْتُبُ حَضَرَ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَمِنْ حِلْيَتِهِ كَذَا وَيَذْكُرُ أَوْصَافَهُ الظَّاهِرَةَ خُصُوصًا دَقِيقَهَا، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِمَا قَوْلُ مُدَّعٍ وَلَا قَوْلُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِنَّ نَسَبَهُ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ) حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهُ أَقْوَى مِنْهُ كَإِنْكَارِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ أَوْ طَعْنِ أَحَدٍ فِي الِانْتِسَابِ إلَيْهِ، نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَعْنٍ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِ قَائِلِهِ (عَلَى نَسَبٍ) لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى كَائِنٍ (مِنْ أَبٍ وَقَبِيلَةٍ) كَهَذَا وَلَدُ فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا لِتَعَذُّرِ الْيَقِينِ فِيهِمَا إذْ مُشَاهَدَةُ الْوِلَادَةِ لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ فَسُومِحَ فِي ذَلِكَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَوْ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ بَلَدِ كَذَا الْمُسْتَحَقِّ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى أَهْلِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَكَذَا أُمٌّ) فَتُقْبَلُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى نَسَبٍ مِنْهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَالْأَبِ وَإِنْ تَيَقَّنَ مُشَاهَدَةَ الْوِلَادَةِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِإِمْكَانِ رُؤْيَةِ الْوِلَادَةِ بِخِلَافِ الْعُلُوقِ (وَمَوْتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَالنَّسَبِ، وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ كَالْوَلَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ (لَا عِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوَقْفٍ) أَيْ أَصْلُهُ (وَنِكَاحٍ وَمِلْكٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا مُتَيَسِّرَةٌ وَأَسْبَابَهَا غَيْرُ مُتَعَذِّرَةٍ (قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ فِي الْجَمِيعِ الْجَوَازُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهَا أُمُورٌ مُؤَبَّدَةٌ، فَإِذَا طَالَتْ عَسُرَ إثْبَاتُ ابْتِدَائِهَا فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالتَّسَامُعِ. وَصُورَةُ اسْتِفَاضَةِ الْمِلْكِ أَنْ يَسْتَفِيضَ أَنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لِسَبَبٍ، فَإِنْ اسْتَفَاضَ سَبَبُهُ كَالْبَيْعِ لَمْ يَثْبُتْ بِالتَّسَامُعِ إلَّا الْإِرْثُ لِكَوْنِهِ يَنْشَأُ عَنْ السَّبَبِ وَالْمَوْتِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ، وَخَرَجَ بِأَصْلِ الْوَقْفِ شُرُوطُهُ وَتَفَاصِيلُهُ فَلَا يَثْبُتَانِ بِهِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ ثُبُوتَ شَرْطٍ يَسْتَفِيضُ غَالِبًا كَكَوْنِهِ عَلَى حَرَمِ مَكَّةَ، قَالَ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ حُدُودِ الْعَقَارِ فَهِيَ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ أَبِي حَامِدٍ خِلَافَهُ، وَمِمَّا يَثْبُتُ بِذَلِكَ وِلَايَةُ قَاضٍ وَاسْتِحْقَاقُ زَكَاةٍ وَرَضَاعٌ وَجُرْحٌ وَتَعْدِيلٌ وَإِعْسَارٌ وَرُشْدٌ وَأَنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ أَوْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ (وَشَرْطُ التَّسَامُعِ) لِيَسْتَنِدَ لَهُ فِي الشَّهَادَةِ بِمَا ذَكَرَ (سَمَاعُهُ) أَيْ الْمَشْهُودِ بِهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ (مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ) وَيَحْصُلُ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِصِدْقِهِمْ وَهَذَا لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ حُرِّيَّةٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا عَدَالَةٌ، وَقَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِمْ هَذَا بِالتَّوَاتُرِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إسْلَامِهِمْ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ رحمه الله بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِمْ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوَاتُرِ بِضَعْفِ هَذَا لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ الْقَوِيَّ فَقَطْ، بِخِلَافِ التَّوَاتُرِ فَيُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ (وَقِيلَ يَكْفِي) التَّسَامُعُ (مِنْ عَدْلَيْنِ) إذَا سَكَنَ الْقَلْبُ لِخَبَرِهِمَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِهِ وَطُولِ مُدَّتِهِ عُرْفًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَشَرَطَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَنْ لَا يُصَرِّحَ بِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا مُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَازِمٌ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَيَحْصُلُ الظَّنُّ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوَاتُرِ) أَيْ فَإِنَّهُ حَيْثُ أَطْلَقَ شَمِلَ الْجَمْعَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ تُيُقِّنَ مُشَاهَدَةُ الْوِلَادَةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِمُشَاهَدَةٍ وَالْوِلَادَةُ انْتَهَتْ. وَلَعَلَّ الْبَاءَ سَقَطَتْ مِنْ نَسْخِ الشَّارِحِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهَا إذْ نَائِبُ فَاعِلِ تُيُقِّنَ ضَمِيرُ النَّسَبِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي تَعْلِيلِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْقَبِيلَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِوَجْهِ الْمَانِعِ لَا لِجَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ ذِكْرِ الْوَجْهَيْنِ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ تُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ كَمَا صَنَعَ الْجَلَالُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِأَصْلِ الْوَقْفِ شَرْطُهُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحَلُّهُ عِنْدِي فِيمَا إذَا أُضِيفَ إلَى مَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، فَأَمَّا مُطْلَقُ الْوَقْفِ فَلَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهُ وَقَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَاسْتَفَاضَ أَنَّهُ وَقَفَ وَهُوَ وَقْفٌ بَاطِلٌ. قَالَ: وَهَذَا مِمَّا لَا تُوقَفُ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ الظَّنُّ الْقَوِيُّ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَائِلَ هَذَا إنَّمَا أَرَادَ بِهِ بَيَانَ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ مِمَّا قَالَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ خَاصَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا يُفِيدُهُ أَوْ الظَّنَّ الْقَوِيَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْبَغِي قَوْلُ الشَّارِحِ فَسَقَطَ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذَا سَكَنَ) فِي النُّسْخَةِ إذْ يَسْكُنُ وَلَعَلَّهَا الصَّوَابُ فَلْيُتَأَمَّلْ