المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في أمان الكفار - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٨

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ

- ‌كِتَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقَلُّ الْجِزْيَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى نَحْوِ خَيْلٍ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ

- ‌فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌بَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ]

- ‌فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَمَا يَلْزَمُ سَيِّدَ الْمُكَاتَب وَيُنْدَبُ لَهُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان مَا يحرم عَلَى سَيِّد الْمُكَاتَب]

- ‌[فَصَلِّ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ قَبْلَ مَحِلِّهَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ وَمَا تُوَافِقُ أَوْ تُبَايِنُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ

- ‌كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَةُ الْكِتَابِ]

الفصل: ‌(فصل) في أمان الكفار

(فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ

الَّذِي هُوَ قَسِيمُ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ، وَقَسَمَ مِنْ مُطْلَقِ الْأَمْنِ لَهُمْ الْمُنْحَصِرُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَعَلَّقَ بِمَحْصُورٍ فَالْأَوَّلُ أَوْ بِغَيْرِهِ لَا إلَى غَايَةٍ فَالثَّانِي أَوْ إلَيْهَا فَالثَّالِثُ.

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا» أَيْ نَقَضَ عَهْدَهُ «فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ وَالْحُرْمَةُ وَالْحَقُّ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ هُنَا، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الذَّاتِ وَالنَّفْسِ اللَّتَيْنِ هُمَا مَحَلُّهَا فِي نَحْوِ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْهُ وَعَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْمُنْحَصِرُ) أَيْ مُطْلَقُ الْأَمَانِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إنْ تَعَلَّقَ بِمَحْصُورٍ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ تَأْمِينَ الْإِمَامِ غَيْرُ مَحْصُورِينَ لَا يُسَمَّى أَمَانًا، وَأَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تَصِحُّ فِي مَحْصُورِينَ وَلَيْسَ مُرَادًا اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ: أَيْ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْأَمَانَ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِنْ الْإِمَامِ، وَأَنَّ الْجِزْيَةَ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا لِمَحْصُورِينَ (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ) أَيْ أَمَانُ الْكُفَّارِ، وَقَوْلُهُ فَالثَّانِي: أَيْ الْجِزْيَةُ، وَقَوْلُهُ فَالثَّالِثُ: أَيْ الْهُدْنَةُ (قَوْلُهُ: يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ) أَيْ كَالْأُنْثَى الرَّقِيقَةِ لِكَافِرٍ (قَوْلُهُ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا) هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ.

قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْخَفِيرُ الْمُجِيرُ، ثُمَّ قَالَ: وَأَخْفَرَهُ نَقَضَ عَهْدَهُ وَغَدَرَ وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ صَحِيحٍ هُنَا) هُوَ وَاضِحٌ فِي غَيْرِ الْجِزْيَةِ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بَدَلَ الْجِزْيَةِ الْحُرْمَةَ: أَيْ الِاحْتِرَامَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُطْلَقُ) أَيْ الذِّمَّةُ شَرْعًا، وَقَوْلُهُ مَحَلُّهَا: أَيْ الذِّمَّةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

ابْنِ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأَنَّ عُمَرَ وَضَعَ عَلَى أَرَاضِيهِمْ الْخَرَاجَ فَلْيُحَرَّرْ، وَلْيُنْظَرْ وَضْعُ الْخَرَاجِ فِيهَا عَلَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَوَاشِي ابْنِ قَاسِمٍ فِي الْبَابِ الْآتِي مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِمِصْرَ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً خُصُوصُ الْبَلَدِ لَا جَمِيعُ أَرَاضِيِهَا وَبِهِ يَنْتَفِي الْإِشْكَالُ، وَفِي الْقُوتِ مَا نَصُّهُ: وَقَالَ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ رحمه الله: الْحَاصِلُ فِيهَا قَوْلًا لِلْعُلَمَاءِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا وَقْفٌ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ. وَالثَّانِي أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ عُمُومًا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوَاعِدِ الشَّافِعِيِّ، وَلَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوصًا عَنْهُ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ، وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ بَيْعُهَا حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُ أَرْضِ الْمَغْنَمِ وَذَلِكَ لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ، وَمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْهَا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَسَائِرِ مَا فِي يَدِهِ اهـ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ الْمُنَاسِبِ لِقَوَاعِدِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا مِلْكٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوَاعِدِهِ أَنَّهَا مِلْكٌ لِخُصُوصِ الْغَانِمِينَ كَمَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَالِكًا إنَّمَا قَالَ بِوَقْفِيَّتِهَا لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا فُتِحَتْ عَنْوَةً تَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الْحِيَازِ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى وَقْفِ الْإِمَامِ كَمَا نُقِلَ لِي عَنْ مَذْهَبِهِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ.

[فَصْلٌ فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ]

(قَوْلُهُ: فَمَنْ أَخْفَرَ) هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلْإِزَالَةِ: أَيْ مِنْ أَزَالَ خِفَارَتَهُ: أَيْ بِأَنْ قَطَعَ ذِمَّتَهُ (قَوْلُهُ: اللَّتَيْنِ هُمَا مَحَلُّهَا) أَيْ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْحَالِّ عَلَى الْمَحَلِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ، وَانْظُرْ إطْلَاقَ الذِّمَّةِ عَلَى الذَّاتِ وَالنَّفْسِ بِأَيِّ مَعْنَى مِنْ الْمَعَانِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا بُعْدٌ لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نَحْوُ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا إلَخْ) فِي جَعْلِ هَذَا مِثَالًا لِلذِّمَّةِ بِمَعْنَى الذَّاتِ وَالنَّفْسِ وَقْفَةٌ وَالْأَظْهَرُ التَّمْثِيلُ بِهِ لِلْمَعْنَى الْآتِي بَعْدُ فَتَأَمَّلْ

ص: 79

وَلِلِالْتِزَامِ كَمَا مَرَّ (يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ) وَسَكْرَانَ (مُخْتَارٍ) وَلَوْ أَمَةً لِكَافِرٍ وَسَفِيهًا وَفَاسِقًا وَهَرِمًا لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ «يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ» وَلِأَنَّ عُمَرَ أَجَازَ أَمَانَ عَبْدٍ عَلَى جَمِيعِ الْجَيْشِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ لِاتِّهَامِهِ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ، نَعَمْ لَوْ جَهِلَ كَافِرٌ فَسَادَ أَمَانِ مَنْ ذُكِرَ عُرِّفَ بِهِ لِيَبْلُغَ مَأْمَنَهُ (أَمَانُ حَرْبِيٍّ) وَلَوْ امْرَأَةً وَقِنًّا كَمَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ لَا أَسِيرًا كَمَا قَالَاهُ، وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِغَيْرِ آسِرِهِ، أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ لَهُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ (وَعَدَدٍ مَحْصُورٍ) مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ كَمِائَةٍ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِ الْمَحْصُورِ كَأَهْلِ بَلَدٍ كَبِيرٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ هُدْنَةٌ، وَهِيَ مُمْتَنِعَةٌ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ، وَلَوْ آمَنَ مِائَةُ أَلْفٍ مِنَّا مِائَةَ أَلْفٍ مِنْهُمْ، وَظَهَرَ بِذَلِكَ سَدُّ بَابِ الْجِهَادِ أَوْ بَعْضِهِ بَطَلَ الْجَمِيعُ حَيْثُ وَقَعَ مَعًا، وَإِلَّا فَمَا ظَهَرَ الْخَلَلُ بِهِ فَقَطْ

(وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ أَسِيرٍ لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ) وَلَا لِغَيْرِهِمْ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ مَعَهُمْ فَهُوَ كَالْمُكْرَهِ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ آمِنٍ مِنْهُمْ، وَالثَّانِي يَصِحُّ لِدُخُولِهِ مَعَهُمْ فِي الضَّابِطِ، وَالْأَوَّلُ نَظَرَ لِمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ الْمُقَيَّدُ أَوْ الْمَحْبُوسُ، فَلَوْ أُطْلِقَ وَأَمَّنُوهُ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِهِمْ صَحَّ كَالتَّاجِرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَعَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّمَا يَكُونُ مُؤَمِّنُهُ آمِنًا بِدَارِهِمْ غَيْرَ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْأَمَانِ فِي غَيْرِهَا

(وَيَصِحُّ) الْأَمَانُ (بِكُلِّ لَفْظٍ يُفِيدُ مَقْصُودَهُ) صَرِيحٌ كَآجَرْتُكِ أَوْ أَمَّنْتُكَ أَوْ لَا يَأْسَ أَوْ لَا فَزَعَ أَوْ لَا خَوْفَ عَلَيْكَ أَوْ كِنَايَةً بِنِيَّةٍ كَكُنْ كَيْفَ شِئْتَ، أَوْ أَنْتَ عَلَى مَا تُحِبُّ (وَبِكِتَابَةٍ) مَعَ النِّيَّةِ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ (وَرِسَالَةٍ) بِلَفْظٍ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ وَلَوْ مَعَ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ مَوْثُوقٍ بِخَبَرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ تَوْسِعَةً فِي حَقْنِ الدَّمِ

(وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْأَمَانِ (عِلْمُ الْكَافِرِ بِالْإِمَامِ) كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ جَازَتْ الْمُبَادَرَةُ بِقَتْلِهِ وَلَوْ مِنْ مُؤْمِنَةٍ (فَإِنْ رَدَّهُ) كَقَوْلِهِ مَا قَبِلْتُ أَمْنَكَ أَوْ لَا آمَنُكَ (بَطَلَ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ) بِأَنْ سَكَتَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ كَالْهِبَةِ.

وَالثَّانِي يَبْطُلَ بِالسُّكُوتِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَةً لِكَافِرٍ) أَيْ مُسْلِمَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى جَمِيعِ الْجَيْشِ) أَيْ وَكَانُوا مَحْصُورِينَ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْأَمَانِ أَنْ يَكُونَ فِي عَدَدٍ مَحْصُورٍ (قَوْلُهُ: عُرِفَ بِهِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْرَأَةً) أَوْ وَلَوْ كَانَ الْحَرْبِيُّ امْرَأَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا أَسِيرًا) أَيْ فَلَا يَصِحُّ أَمَانُهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا هُوَ) أَيْ آسِرُهُ وَمِثْلُهُ الْإِمَامُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: كَمِائَةٍ) أَيْ أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَنْسَدَّ بِهِ بَابُ الْجِهَادِ، وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ مَحْصُورٌ وَمَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْسَدَّ بِهِ بَابُ الْجِهَادِ وَلَيْسَ بِمَحْصُورٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ) أَيْ تَأْمِينَ غَيْرِ الْمَحْصُورِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ آمَنَ مِائَةً) هُوَ بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ أَصْلُهُ أَأْمَنَ بِهَمْزَتَيْنِ أُبْدِلَتْ الثَّانِيَةُ أَلِفًا كَذَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: مِائَةُ أَلْفٍ مِنْهُمْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ ضَابِطَ الْجَوَازِ أَنْ لَا يَنْسَدَّ بَابُ الْجِهَادِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنَّهُ قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَ الْمَتْنِ وَعَدَدٌ مَحْصُورٌ فَقَطْ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْمَحْصُورِ هُنَا مَا لَا يَنْسَدُّ بِتَأْمِينِهِ بَابُ الْجِهَادِ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِهِمْ صَحَّ) وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَيَخْرُجُ مِنْ دَارِهِمْ حَيْثُ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِمْ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا آمَنُكَ) أَيْ لَا أَقْبَلُ أَمَانَك فَأَصِيرُ آمِنًا مِنْكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَةً لِكَافِرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِسَيِّدِهَا، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَسِيرِ بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهَا مِنْ أَفْرَادِهِ

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ إلَخْ) أَيْ الْمُرَادُ بِهَذَا اللَّفْظِ هَذَا الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ صَنِيعُ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ وَلَمْ يَقُلْ وَالْمُرَادُ الْمُقَيَّدُ أَوْ الْمَحْبُوسُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَ الْمَتْنِ وَيَكُونُ هَذَا قَيْدًا زَائِدًا عَلَيْهِ وَمِنْ ثُمَّ حَذَفَهُ مِنْ الْمَنْهَجِ، فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ أَسِيرٍ مُقَيَّدٍ أَوْ مَحْبُوسٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُ الشَّارِحِ فِيهَا وَلَا لِغَيْرِهِمْ إلَّا إنْ أَبْقَيْنَا الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَاللَّائِقُ حَذْفُهُ فِيمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا آمَنُك) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَإِنْ قَبِلَ وَقَالَ لَا آمَنُك فَهُوَ رَدٌّ انْتَهَتْ: أَيْ لِأَنَّ الْأَمَانَ

ص: 80

(وَتَكْفِي) كِتَابَةٌ وَ (إشَارَةٌ) أَوْ أَمَارَةٌ كَتَرْكِهِ الْقِتَالَ (مُفْهِمَةٌ لِلْقَبُولِ) أَوْ الْإِيجَابِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ مِنْ نَاطِقٍ فَكِنَايَةٌ مُطْلَقًا لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَى التَّوْسِعَةِ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالْغَرَرِ كَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدْ أَمَّنْتُكَ أَوْ مِنْ أَخْرَسَ وَاخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونَ، فَكَذَلِكَ تَكُونُ كِنَايَةً، وَإِلَّا فَصَرِيحَةً أَمَّا غَيْرُ الْمُفْهِمَةِ فَلَاغِيَةٌ (وَيَجِبُ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ) فِي حَقِّ مَنْ تَحَقَّقْنَا ذُكُورَتَهُ (عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) سَوَاءً أَكَانَ الْمُؤَمِّنُ الْإِمَامَ أَمْ غَيْرَهُ لِلْآيَةِ (وَفِي قَوْلٍ يَجُوزُ مَا لَمْ تَبْلُغْ) الْمُدَّةُ (سَنَةً) فَإِنْ بَلَغَتْهَا امْتَنَعَ قَطْعًا لِئَلَّا يَتْرُكَ الْجِزْيَةَ وَمِنْ ثَمَّ جَازَ فِي الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْجَائِزِ بَطَلَ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ حَيْثُ لَا ضَعْفَ بِنَا، فَإِنْ كَانَ رَجَعَ فِي الزَّائِدِ إلَى نَظَرِ الْإِمَامِ كَالْهُدْنَةِ وَلَوْ أَطْلَقَ الْأَمَانَ حُمِلَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَبَلَغَ الْمَأْمَنَ بَعْدَهَا بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ لِكَوْنِ بَابِهَا أَضْيَقَ

(وَلَا يَجُوزُ) وَلَا يَنْفُذُ وَلَوْ مِنْ إمَامٍ (أَمَانٌ يَضُرُّ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُسْلِمِينَ (كَجَاسُوسٍ) وَطَلِيعَةِ كُفَّارٍ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» وَلَا يُسْتَحَقُّ تَبْلِيغُ الْمَأْمَنِ إذْ دُخُولُ مِثْلِهِ خِيَانَةٌ، أَمَّا مَا لَا يَضُرُّ فَجَائِزٌ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، نَعَمْ قَيَّدَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ بِغَيْرِ الْإِمَامِ أَمَّا هُوَ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ

(وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ) وَلَا لِغَيْرِهِ بِالْأَوْلَى (نَبْذُ الْأَمَانِ) الصَّادِرِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (إنْ لَمْ يَخَفْ خِيَانَةً) لِلُزُومِهِ مِنْ جِهَتِنَا فَإِنْ خَافَهَا نَبَذَهُ الْإِمَامُ وَالْمُؤَمِّنُ بِكَسْرِ الْمِيمِ، أَمَّا الْمُؤَمَّنُ بِفَتْحِهَا فَلَهُ نَبْذُهُ مَتَى شَاءَ لَكِنَّهُ مَتَى بَطَلَ أَمَانُهُ وَجَبَ تَبْلِيغُهُ مَأْمَنَهُ

(وَلَا يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ مَالُهُ وَأَهْلُهُ) أَيْ فَرْعُهُ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ وَزَوْجَتُهُ الْمَوْجُودَانِ (بِدَارِ الْحَرْبِ) إذْ الْقَصْدُ تَأْمِينُ ذَاتِهِ مِنْ قَتْلٍ وَرِقٍّ دُونَ غَيْرِهِ فَيُغْنَمُ مَالُهُ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُ ثَمَّ، نَعَمْ إنْ شَرَطَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ دُخُولُهُ دَخَلَ وَإِلَّا فَلَا (وَكَذَا مَا مَعَهُ) بِدَارِ الْإِسْلَامِ (مِنْهُمَا) وَمِثْلُهُمَا مَا مَعَهُ لِغَيْرِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَتَكْفِي كِتَابَةٌ) اُنْظُرْ فَائِدَتَهُ مَعَ قَوْلِهِ وَبِكِتَابَةٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا فِي الْقَبُولِ وَذَاكَ فِي الْإِيجَابِ اهـ سم حَجّ.

وَإِشَارَةُ النَّاطِقِ لَغْوٌ فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ إلَّا هُنَا، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِجَوَابِ السَّائِلِ مِنْ الْمُفْتِي وَبِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَلِلضُّيُوفِ فِي الْأَكْلِ بِمَا قُدِّمَ لَهُمْ (قَوْلُهُ: فَكِنَايَةٌ مُطْلَقًا) فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ أَمْ الْفَطِنُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِلْآيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2](قَوْلُهُ سِرُّ الْحُرِّيَّةِ) أَيْ فَائِدَتُهُ (قَوْلُهُ: كَالْهُدْنَةِ) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالْهُدْنَةِ جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ إلَى عَشْرِ سِنِينَ حَيْثُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشْرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَبْطُلَ عَقْدُهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ لَا ضَرَرَ) أَيْ لَا يَضُرُّ نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ غَيْرَهُ، فَالْمَعْنَى لَا ضَرَرَ تُدْخِلُونَهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا ضِرَارَ لِغَيْرِكُمْ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَهَا نَبَذَهُ) وُجُوبًا فَلَوْ لَمْ يَنْبِذْ هَلْ يَبْطُلُ بِنَفْسِهِ حَيْثُ مَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ عِلْمِهِ يُمْكِنُ فِيهَا النَّبْذُ، وَلَمْ يَفْعَلْ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِوُجُودِ الْخَلَلِ الْمُنَافِي لِابْتِدَائِهِ، وَكُلُّ مَا مَنَعَ مِنْ الصِّحَّةِ إذَا قَارَنَ لَوْ طَرَأَ أَفْسَدَ إلَّا مَا نَصُّوا عَلَى خِلَافِهِ، (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ مَتَى بَطَلَ أَمَانُهُ) مِنَّا أَوْ مِنْهُ

(قَوْلُهُ: وَزَوْجَتُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهَا، وَمِثْلُهُ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا يَخْتَصُّ بِطَرَفٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ الْإِيجَابِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُهُ هُنَا وَإِنْ أَفَادَ فَائِدَةً زَائِدَةً عَلَى مَا مَرَّ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَا زَادَهْ هُنَا بِقَوْلِهِ كِتَابَةً مُكَرَّرًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَأَنْ يَكُونَ مُجَرَّدَ تَرْكِ الْقِتَالِ تَأْمِينًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَى التَّوْسِعَةِ) هُوَ عِلَّةٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِإِشَارَةِ النَّاطِقِ هُنَا دُونَ سَائِرِ الْأَبْوَابِ كَمَا لَا يَخْفَى، لَا لِكَوْنِ الْإِشَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ كِنَايَةً مُطْلَقًا وَإِنْ أَوْهَمَهُ السِّيَاقُ

ص: 81

فَلَا يَدْخُلُ ذَلِكَ كُلُّهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ (إلَّا بِشَرْطٍ) حَيْثُ كَانَ الْمُؤَمِّنُ غَيْرَ الْإِمَامِ، نَعَمْ ثِيَابُهُ وَمَرْكُوبُهُ وَآلَةُ اسْتِعْمَالِهِ وَنَفَقَةُ مُدَّةِ أَمَانِهِ الضَّرُورِيَّاتُ تَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.

وَحَاصِلُ ذَلِكَ دُخُولُ مَا مَعَهُ فِي الْأَمَانِ مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ غَالِبًا كَثِيَابِهِ وَنَفَقَةِ مُدَّتِهِ مُطْلَقًا، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَدْخُلُ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُؤَمِّنُ الْإِمَامَ، وَإِلَّا لَمْ يَدْخُلْ إلَّا بِشَرْطٍ وَمَا خَلَّفَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَدْخُلُ إنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ وَشَرَطَ دُخُولَهُ وَإِلَّا فَلَا

(وَالْمُسْلِمُ بِدَارِ كُفْرٍ) أَيْ حَرْبٍ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ الَّتِي اسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا كَذَلِكَ (إنْ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ) لِشَرَفِهِ أَوْ شَرَفِ قَوْمِهِ وَأَمِنَ فِتْنَةً فِي دِينِهِ، وَلَمْ يَرْجُ ظُهُورَ الْإِسْلَامِ ثَمَّ بِمَقَامِهِ (اُسْتُحِبَّ لَهُ الْهِجْرَةُ) إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَكْثُرَ سَوَادُهُمْ، وَرُبَّمَا كَادُوهُ، وَلَمْ تَجِبْ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ وَلَمْ تَحْرُمْ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُسْلِمِ بَيْنَهُمْ الْقَهْرَ وَالْعَجْزَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَجَا ظُهُورَ الْإِسْلَامِ بِمَقَامِهِ، ثَمَّ كَانَ مَقَامُهُ أَفْضَلَ أَوْ قَدَرَ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالِاعْتِزَالِ ثَمَّ، وَلَمْ يَرْجُ نُصْرَةَ الْمُسْلِمِينَ بِالْهِجْرَةِ كَانَ مَقَامُهُ وَاجِبًا؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ دَارُ الْإِسْلَامِ، فَلَوْ هَاجَرَ لَصَارَ دَارَ حَرْبٍ، ثُمَّ إنْ قَدَرَ عَلَى قِتَالِهِمْ وَدُعَائِهِمْ لِلْإِسْلَامِ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ دَارُ الْإِسْلَامِ أَنَّ كُلَّ مَحِلٍّ قَدَرَ أَهْلُهُ فِيهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ صَارَ دَارَ إسْلَامٍ، وَحِينَئِذٍ فَيَتَّجِهُ تَعَذُّرُ عَوْدِهِ دَارَ كُفْرٍ وَإِنْ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي خَبَرِ «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» فَقَوْلُهُمْ لَصَارَ دَارَ حَرْبٍ الْمُرَادُ بِهِ صَيْرُورَتُهُ كَذَلِكَ صُورَةً لَا حُكْمًا، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ مَا اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ يَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ وَهُوَ بَعِيدٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ وَخَافَ فِتْنَةً فِيهِ (وَجَبَتْ) الْهِجْرَةُ (إنْ أَطَاقَهَا) وَعَصَى بِإِقَامَتِهِ وَلَوْ أُنْثَى لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا مَعَ أَمْنِهَا عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ كَانَ خَوْفُ الطَّرِيقِ أَقَلَّ مِنْ خَوْفِ الْإِقَامَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَإِنْ لَمْ يُطِقْهَا فَمَعْذُورٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97] وَلِخَبَرِ «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ» وَخَبَرِ «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» أَيْ مِنْ مَكَّةَ لِكَوْنِهَا صَارَتْ دَارَ إسْلَامٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

(وَلَوْ قَدَرَ أَسِيرٌ عَلَى هَرَبٍ لَزِمَهُ) وَإِنْ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ كَمَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ الْقَمُولِيُّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْأَسِيرَ فِي يَدِ الْكُفَّارِ مَقْهُورٌ مُهَانٌ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ تَخْلِيصًا لِنَفْسِهِ مِنْ رِقِّ الْأَسْرِ (وَلَوْ)(أَطْلَقُوهُ بِلَا شَرْطٍ فَلَهُ اغْتِيَالُهُمْ) قَتْلًا وَسَبْيًا وَأَخْذًا لِلْمَالِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَأْمِنُوهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا حَقِيقَةَ الْغِيلَةِ، وَهِيَ أَنْ يَخْدَعَهُ فَيَذْهَبَ بِهِ لِمَكَانٍ خَالٍ، ثُمَّ يَقْتُلَهُ (أَوْ) أَطْلَقُوهُ (عَلَى أَنَّهُمْ فِي أَمَانِهِ) أَوْ عَكْسُهُ (حُرِّمَ) عَلَيْهِ اغْتِيَالُهُمْ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مُتَعَذِّرٌ، نَعَمْ إنْ قَالُوا أَمَّنَّاكَ وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْكَ جَازَ لَهُ اغْتِيَالُهُمْ (فَإِنْ تَبِعَهُ قَوْمٌ) أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَعْدَ خُرُوجِهِ (فَلْيَدْفَعْهُمْ) حَتْمًا إنْ حَارَبُوهُ وَكَانُوا مِثْلَيْهِ فَأَقَلَّ، وَإِلَّا فَنَدْبًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ أَنَّ الثَّبَاتَ لِلضَّعْفِ إنَّمَا يَجِبُ فِي الصَّفِّ (وَلَوْ بِقَتْلِهِمْ) ابْتِدَاءً، وَلَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ التَّدْرِيجِ كَالصَّائِلِ لِانْتِقَاضِ أَمَانِهِمْ: أَيْ حَيْثُ قَصَدُوا نَحْوَ قَتْلِهِمْ، وَإِلَّا لَمْ يُنْتَقَضْ فَيَدْفَعُهُمْ كَالصَّائِلِ إذْ الذِّمِّيُّ يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِقِتَالِنَا فَالْمُؤْمِنُ أَوْلَى

(وَلَوْ)(شَرَطُوا) عَلَيْهِ (أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِمْ)(لَمْ يَجُزْ) لَهُ (الْوَفَاءُ) بِهَذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْمُؤَمِّنُ غَيْرَ الْإِمَامِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ دَخَلَ بِلَا شَرْطٍ

(قَوْلُهُ: لَهُ الْهِجْرَةُ) أَيْ مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالِاعْتِزَالِ، وَلَمْ يَرْجُ نُصْرَةَ الْإِسْلَامِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَجِبْ) أَيْ الْهِجْرَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدَرَ عَلَى الِامْتِنَاعِ) أَيْ قَدْ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْمَقَامِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مَعَ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إذَا دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ، وَقَدَرُوا عَلَى الِامْتِنَاعِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَلَمْ يَخْتَلَّ أَمْرُ دَارِ الْإِسْلَامِ بِمَقَامِهِمْ هُنَاكَ وَلَا يَخْلُو عَنْ الْبُعْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَرْجُ نُصْرَةَ) أَيْ بِمَجِيئِهِ إلَيْهِمْ

(قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ أَوْ وُجِدَ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَرْدُودٌ) أَيْ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ النَّدْبُ مُطْلَقًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَجَا إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ هَلْ يَجِبُ

(قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ اغْتِيَالُهُمْ) أَيْ لِفَسَادِ الْأَمَانِ لِمَا مَرَّ مِنْ تَعَذُّرِهِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ

ص: 82

الشَّرْطِ بَلْ يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ حَيْثُ أَمْكَنَهُ فِرَارًا بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ وَبِنَفْسِهِ مِنْ الذُّلِّ مَا لَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ يُنْدَبُ، وَلَوْ حَلَّفُوهُ عَلَى ذَلِكَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ مُكْرَهًا عَلَى الْحَلِفِ لَمْ يَنْعَقِدْ حَلِفُهُ، وَإِلَّا حَنِثَ وَإِنْ كَانَ حِينَ حَلَّفَهُ مَحْبُوسًا وَمِنْ الْإِكْرَاهِ قَوْلُهُ لَا نُطَلِّقُك إلَّا إنْ حَلَفْتَ لَنَا أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ هُنَا

(وَلَوْ)(عَاقَدَ الْإِمَامُ عِلْجًا) هُوَ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ سُمِّيَ بِهِ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَمِنْهُ الْعِلَاجُ لِدَفْعِهِ الدَّاءَ (يَدُلُّ عَلَى) نَحْوِ بَلَدٍ أَوْ (قَلْعَةٍ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُعَيَّنَةً أَمْ مُبْهَمَةً مِنْ قِلَاعٍ مَحْصُورَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ عَلَى أَصْلِ طَرِيقِهَا أَوْ أَسْهَلَ أَوْ أَرْفَقَ طَرِيقِهَا (وَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ) مَثَلًا وَلَوْ حُرَّةً مُبْهَمَةً وَيُعَيِّنُهَا الْإِمَامُ (جَازَ) وَإِنْ كَانَ الْجَعْلُ مَجْهُولًا غَيْرَ مَمْلُوكٍ لِلْحَاجَةِ مَعَ أَنَّ الْحُرَّةَ تُرَقُّ بِالْأَسْرِ، وَتُسْتَحَقُّ بِالدَّلَالَةِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ كَأَنْ يَكُونَ تَحْتَهَا فَيَقُولَ هِيَ هَذِهِ لِلْحَاجَةِ أَيْضًا، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ ثُمَّ، أَمَّا الْمُسْلِمُ فَلَا تَجُورُ مَعَهُ هَذِهِ الْمُعَاقَدَةُ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَنْوَاعًا مِنْ الْغَرَرِ وَاحْتَمَلَتْ مَعَ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقِلَاعِهِمْ وَطُرُقِهِمْ، وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّتُهَا مَعَهُ أَيْضًا كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّافِعِيِّ فِي الْغَنِيمَةِ اعْتِمَادَهُ فَيُعْطَاهَا إنْ وَجَدْنَاهَا حَيَّةً وَإِنْ أَسْلَمَتْ.

فَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ فَلَهُ قِيمَتُهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْهَا قَوْلُهُ مِمَّا عِنْدِي فَلَا يَصِحُّ لِلْجَهْلِ بِالْجَعْلِ بِلَا حَاجَةٍ (فَإِنْ فُتِحَتْ) عَنْوَةً (بِدَلَالَتِهِ) وَفَاتِحُهَا مَنْ عَاقَدَهُ وَلَوْ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى، وَفِيهَا تِلْكَ الْأَمَةُ الْمُعَيَّنَةُ أَوْ الْمُبْهَمَةُ حَيَّةً وَلَمْ تُسْلِمْ أَصْلًا أَوْ أَسْلَمَتْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ لَا عَكْسَهُ كَمَا يَأْتِي (أُعْطِيَهَا) وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سِوَاهَا، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ مِنْ مُعَامَلَتِهِمْ مَعَ بَعْضِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا اعْتِدَادَ بِمُعَامَلَتِهِمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالشَّرْطِ قَبْلَ الظَّفَرِ (أَوْ) فَتَحَهَا مُعَاقَدُهُ (بِغَيْرِهَا) أَيْ دَلَالَتِهِ أَوْ غَيْرُ مُعَاقِدِهِ وَلَوْ بِدَلَالَتِهِ (فَلَا) شَيْءَ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَهُوَ دَلَالَتُهُ، وَالثَّانِي يَسْتَحِقُّهَا بِالدَّلَالَةِ (فَإِنْ لَمْ تُفْتَحْ فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِتَعَلُّقِ جَعَالَتِهِ بِدَلَالَتِهِ مَعَ فَتْحِهَا فَالْجَعْلُ مُقَيَّدٌ بِهِ حَقِيقَةً وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَفْظُهُ.

(وَقِيلَ إنْ لَمْ يُعَلِّقْ الْجَعْلَ بِالْفَتْحِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ) لِوُجُودِ الدَّلَالَةِ وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ هَذَا إنْ كَانَ الْجَعْلُ فِيهَا، وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي اسْتِحْقَاقِهِ فَتْحُهَا اتِّفَاقًا عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) الْكَافُ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَنِثَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْخُرُوجَ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ تَرْكِهِ يُوجِبُ الْحِنْثَ، وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ وَاجِبًا اهـ سم حَجّ: أَيْ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: بَلْ هُنَا إكْرَاهٌ ثَانٍ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ أَثَرَ هَذَا الْإِكْرَاهِ الثَّانِي مَنْعُ الْحِنْثِ عَارَضَ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَإِلَّا حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِذِكْرِهِ هُنَا اهـ سم عَلَى حَجّ قَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَإِلَّا حَنِثَ عَلَى مَا لَوْ لَمْ يُكْرِهُوهُ عَلَى الْحَلِفِ بِخُصُوصِهِ لَكِنْ تَوَعَّدُوهُ بِالْحَبْسِ وَنَحْوِهِ، فَحَلَفَ اخْتِيَارًا أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ بِلَادِهِمْ تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي إطْلَاقِهِ

(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّتُهَا مَعَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ، وَقَوْلُهُ فَيُعْطَاهَا: أَيْ الْمُسْلِمُ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَتْ غَايَةً، وَقَوْلُهُ فَلَهُ: أَيْ مَنْ ذَكَرَ (قَوْلُهُ لَا عَكْسَهُ) أَيْ بِأَنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أُعْطِيَهَا) أَيْ أُعْطِيَ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مَنْ يُعَيِّنُهَا الْإِمَامُ إنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَالْجُعْلُ مُقَيَّدٌ (قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ عُوقِدَ بِجُعْلٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ حَلَفَ لَهُمْ تَرْغِيبًا لَهُمْ لِيَثِقُوا بِهِ وَلَا يَتَّهِمُوهُ بِالْخُرُوجِ بِلَا شَرْطٍ مِنْهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ

(قَوْلُهُ: هُوَ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ إلَخْ) وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُتَّصِفِ بِذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَتْ) أَيْ بَعْدَ الظَّفَرِ: أَيْ أَوْ كَانَتْ أَمَةً (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْلَمَتْ مَعَهُ) أَيْ الْعِلْجِ (قَوْلُهُ: لَا عَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ أَسْلَمَ هُوَ بَعْدَهَا لِانْتِقَالِ الْحَقِّ مِنْهَا إلَى قِيمَتِهَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَهُوَ دَلَالَتُهُ) أَيْ الْمُوَصِّلَةُ لِلْفَتْحِ فَلَا

ص: 83

وَغَيْرُهُ (فَإِنْ) فَتَحَهَا مَعَاقِدُهُ بِدَلَالَتِهِ (وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا جَارِيَةٌ) أَصْلًا أَوْ بِالْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ (أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ)(فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِانْتِفَاءِ الْمَشْرُوطِ (أَوْ) مَاتَتْ (بَعْدَ الظَّفَرِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ) إلَيْهِ (وَجَبَ بَدَلٌ) لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي قَبْضَتِهِ فَالتَّلَفُ مِنْ ضَمَانِهِ (أَوْ) مَاتَتْ (قَبْلَ الظَّفَرِ فَلَا) شَيْءَ لَهُ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ مَعْدُومَةٌ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَالثَّانِي تَجِبُ لِأَنَّهَا حَاصِلَةٌ وَتَعَذَّرَ تَسْلِيمُهَا (وَإِنْ أَسْلَمَتْ) الْمُعَيَّنَةُ الْحُرَّةُ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْحُرَّةَ إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ الظَّفَرِ لَا يُعْطَى قِيمَتَهَا مَرْدُودٌ.

(فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ بَدَلٍ) إذْ إسْلَامُهَا مَنَعَ رِقَّهَا وَالِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهَا فَيُعْطَى بَدَلَهَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ كَمَا هُوَ أَوْجَهُ احْتِمَالَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَنِيمَةً اتَّجَهَ وُجُوبُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَهُوَ) أَيْ الْبَدَلُ (أُجْرَةُ مِثْلٍ وَقِيلَ قِيمَتُهَا) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْ الْجُمْهُورِ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُبْهَمَةً فَمَاتَ كُلُّ مَنْ فِيهَا وَجَبَتْ قِيمَةُ مَنْ تُسْلِمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فِي أَصَحِّ احْتِمَالَيْنِ فَيُعَيِّنُ لَهُ وَاحِدَةً وَيُعْطِيهِ قِيمَتَهَا كَمَا يُعَيِّنُهَا لَهُ لَوْ كُنَّ أَحْيَاءً، وَخَرَجَ بِعَنْوَةٍ مَا لَوْ فُتِحَتْ صُلْحًا بِدَلَالَتِهِ وَدَخَلَتْ فِي الْأَمَانِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ بَدَلٍ وَهَمَّ مِنْ تَسْلِيمِهَا نَبَذْنَا الصُّلْحَ وَبَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ، وَإِنْ رَضُوا بِتَسْلِيمِهَا بِبَدَلِهَا أَعْطَوْهُ مِنْ مَحَلِّ الرَّضْخِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَنَّهُ لَوْ عَاقَدَهُ بِجَارِيَةٍ مِنْ غَيْرِ الْقَلْعَةِ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِالْجُعْلِ بِلَا حَاجَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ عَدُّ الْفَرْقِ) هَذَا قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ إذْ إسْلَامُهَا مَنَعَ رِقَّهَا إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِالتَّوْزِيعِ الْآتِي فِي كَلَامِ سم (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهَا) كَأَنَّهُ عَلَى التَّوْزِيعِ: أَيْ يَمْنَعُ رِقَّهَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً، وَأَسْلَمَتْ قَبْلَ الْأَسْرِ أَوْ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا إذَا أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ بَعْدَ الْأَسْرِ أَوْ أَسْلَمَتْ الرَّقِيقَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم حَجّ

(قَوْلُهُ: فَيُعَيِّنُ) أَيْ الْإِمَامُ، وَإِنَّمَا سَاغَ التَّعْيِينُ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّ رِضَا الْعِلْجِ بِالْمُبْهَمَةِ مِنْ الْإِمَامِ وَالْعَقْدَ عَلَيْهَا رِضًا بِمَا يُعَيِّنُهُ الْإِمَامُ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

يُنَافِي مَا عُلِّلَ بِهِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: مَنَعَ رِقَّهَا وَالِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهَا) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ كَأَنَّهُ عَلَى التَّوْزِيعِ: أَيْ مَنَعَ رِقَّهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً فَأَسْلَمَتْ قَبْلَ الْأَسْرِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا إذَا أَسْلَمَتْ الرَّقِيقَةُ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَضُوا) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ رَقِيقَةً وَإِلَّا فَدُخُولُهَا فِي الْأَمَانِ يَمْنَعُ اسْتِرْقَاقَهَا اهـ بِالْمَعْنَى.

ص: 84