المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَالثَّانِي تُقَاسُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ بِمَا يَلِيقُ بِهَا مِمَّا فِيهِ حَدٌّ - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٨

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ

- ‌كِتَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقَلُّ الْجِزْيَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى نَحْوِ خَيْلٍ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ

- ‌فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌بَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ]

- ‌فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَمَا يَلْزَمُ سَيِّدَ الْمُكَاتَب وَيُنْدَبُ لَهُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان مَا يحرم عَلَى سَيِّد الْمُكَاتَب]

- ‌[فَصَلِّ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ قَبْلَ مَحِلِّهَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ وَمَا تُوَافِقُ أَوْ تُبَايِنُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ

- ‌كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَةُ الْكِتَابِ]

الفصل: وَالثَّانِي تُقَاسُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ بِمَا يَلِيقُ بِهَا مِمَّا فِيهِ حَدٌّ

وَالثَّانِي تُقَاسُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ بِمَا يَلِيقُ بِهَا مِمَّا فِيهِ حَدٌّ فَيَنْقُصُ تَعْزِيرُ مُقَدِّمَةِ الزِّنَا عَنْ حَدِّهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ، وَتَعْزِيرُ السَّبِّ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ وَإِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ الشُّرْبِ (وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ حَدٍّ فَلَا تَعْزِيرَ) يَجُوزُ (لِلْإِمَامِ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ نَظَرِهِ فِيهِ (أَوْ) مُسْتَحِقُّ (تَعْزِيرٍ)(فَلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ التَّعْزِيرُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَلُّقِهِ بِنَظَرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَوْفِيهِ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ مُسْتَحِقِّهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ بِالْعَفْوِ يَسْقُطُ فَيَبْقَى حَقُّ الْإِصْلَاحِ لِيَنْزَجِرَ عَنْ عَوْدِهِ لِمِثْلِ ذَلِكَ وَقَبْلَ الطَّلَبِ الْإِصْلَاحُ مُنْتَظَرٌ، فَلَوْ أُقِيمَ لَفَاتَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ حَقُّ الطَّلَبِ وَحُصُولُ التَّشَفِّي، لَكِنْ لَوْ طَلَبَهُ لَزِمَ الْإِمَامُ إجَابَتَهُ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْعَفْوُ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَبِعَهُ فُرُوعُهُ وَغَيْرُهُمْ وَإِنْ رَجَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي خِلَافَهُ.

أَمَّا الْعَفْوُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِ تَعَالَى فَيَجُوزُ لَهُ حَيْثُ يَرَاهُ مَصْلَحَةً.

‌كِتَابُ الصِّيَالِ

هُوَ الِاسْتِطَالَةُ وَالْوُثُوبُ عَلَى الْغَيْرِ (ضَمَانُ الْوُلَاةِ) وَمِنْ مُتَعَلِّقِهِمْ ذِكْرُ الْخِتَانِ وَضَمَانِ الْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَخْتِنُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَمَنْ مَعَ الدَّابَّةِ وَلِيٌّ عَلَيْهَا.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَالِاعْتِدَاءُ لِلْمُشَاكَلَةِ، وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاسْتِسْلَامَ أَفْضَلُ كَمَا يَأْتِي، وَالْمِثْلِيَّةُ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِ لَا الْإِفْرَادِ لِمَا يَأْتِي وَخَبَرُ «اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» وَنَصْرُ الظَّالِمِ مَنْعُهُ مِنْ ظُلْمِهِ (لَهُ) أَيْ الشَّخْصِ (دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ) وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَدَابَّةً عِنْدَ غَلَبَةِ صِيَالِهِ (عَلَى) مَعْصُومٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ (نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ) أَوْ مَنْفَعَةٍ (أَوْ بُضْعٍ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَهُوَ يُحْتَجُّ بِهِ إذَا اعْتَضَدَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا سَوَّغَ الِاسْتِدْلَال بِهِ وَمِنْ الْمُسَوِّغَاتِ عَدَمُ وُجُودِ غَيْرِهِ فِي الْبَابِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَرَاهُ مَصْلَحَةً) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ تَرْكُ التَّعْزِيرِ عَلَى وَجْهٍ يَتَرَتَّبُ عَلَى فِعْلِهِ تَسَلُّطُ أَعْوَانِ الْوُلَاةِ عَلَى الْمُعَزَّرِ، فَيَجِبُ عَلَى الْمُعَزَّرِ اجْتِنَابُ مَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ وَيُعَزَّرُ بِغَيْرِهِ، بَلْ إنْ رَأَى تَرْكَهُ مَصْلَحَةً مُطْلَقًا تَرَكَهُ وُجُوبًا.

كِتَابُ الصِّيَالِ (قَوْلُهُ هُوَ) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ وَالْوُثُوبُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ وَمِنْ مُتَعَلِّقِهِمْ: أَيْ الْوُلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِدَاءُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194](قَوْلُهُ وَإِشَارَةٍ) وَجْهُ الْإِشَارَةِ أَنَّ فِي تَسْمِيَتِهِ اعْتِدَاءً إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَتَرْكُهُ اسْتِسْلَامٌ اهـ عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ الشَّخْصِ هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ مَا يُشْتَرَطُ لِلْوُجُوبِ الْآتِي بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ إلَخْ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ اشْتِرَاطٍ حَيْثُ جَازَ الِاسْتِسْلَامُ لِلصَّائِلِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ) قَالَ م ر: شَمَلَ قَوْلُهُ صَائِلٍ الْحَامِلَ فَلَهُ دَفْعُهَا وَلَا يَضْمَنُ حَمْلَهَا لَوْ أَدَّى الدَّفْعُ إلَى تَلَفِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّ صِيَالِهِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الدَّافِعِ تَلَبُّسُ الصَّائِلِ بِصِيَالِهِ حَقِيقَةً، وَلَا يَكْفِي لِجَوَازِ دَفْعِهِ تَوَهُّمُهُ بَلْ وَلَا الشَّكُّ فِيهِ أَوْ ظَنُّهُ ظَنًّا ضَعِيفًا عَلَى مَا أَفْهَمُهُ قَوْلُهُ غَلَبَةِ ظَنِّهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا الظَّنُّ الْقَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةٍ) قَدْ يُقَالُ الصَّائِلُ عَلَى الطَّرَفِ شَامِلٌ لِإِتْلَافِهِ نَفْسَهُ وَلِإِتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ، وَجَعَلَهُ خَارِجًا عَنْ الْمَتْنِ زَائِدًا عَلَيْهِ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ الصِّيَالِ]

ِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِدَاءُ لِلْمُشَاكَلَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194](قَوْلُهُ: وَإِشَارَةٌ إلَى أَفْضَلِيَّةِ الِاسْتِسْلَامِ) وَجْهُ الْإِشَارَةِ

ص: 23

أَوْ نَحْوَ قُبْلَةٍ مُحَرَّمَةٍ (أَوْ مَالٍ) وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لِخَبَرِ «مَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ، فَإِنْ وَقَعَ صِيَالٌ عَلَى الْجَمِيعِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُمْكِنْ إلَّا دَفْعُ وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ قَدَّمَ النَّفْسَ: أَيْ وَمَا يَسْرِي إلَيْهَا كَالْجُرْحِ فَالْبُضْعُ فَالْمَالُ الْخَطِيرُ فَالْحَقِيرُ أَوْ عَلَى صَبِيٍّ يُلَاطُ بِهِ وَامْرَأَةٍ يُزْنَى بِهَا قَدَّمَ الدَّفْعَ عَنْهَا كَمَا هُوَ أَوْجَهُ احْتِمَالَيْنِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَلِمَا يُخْشَى مِنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ الْمَنْظُورِ لَهُ شَرْعًا (فَإِنْ قَتَلَهُ) بِالدَّفْعِ عَلَى التَّدْرِيجِ الْآتِي (فَلَا ضَمَانَ) بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ، وَلَوْ كَانَ صَائِلًا عَلَى نَحْوِ مَالِ الْغَيْرِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِدَفْعِهِ فَلَا يُجَامِعُ ذَلِكَ الضَّمَانَ غَالِبًا، وَقَدْ يُجَامِعُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْجَرَّةِ، وَلَوْ اضْطَرَّ إنْسَانٌ لِمَاءٍ أَوْ طَعَامٍ حَرُمَ دَفْعُهُ عَنْهُ وَلَزِمَ مَالِكَهُ تَمْكِينُهُ مِنْهُ، أَوْ أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ امْتَنَعَ دَفْعُهُ أَيْضًا وَيَلْزَمُ مَالِكَهُ أَنْ يَقِيَهُ بِمَالِهِ

(وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالٍ) غَيْرِ ذِي رَوْحٍ لِنَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ مَالًا إذْ يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ.

نَعَمْ لَوْ تَعَلَّقَ بِمَالِ نَفْسِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ كَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ وَجَبَ دَفْعُهُ عَنْهُ، أَمَّا ذُو الرَّوْحِ فَالدَّفْعُ وَاجِبٌ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ الصَّائِلُ مَالِكَهُ لِتَأَكُّدِ حَقِّهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لُزُومُ الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ الدَّفْعَ عَنْ أَمْوَالِ رَعَايَاهُمْ

(وَيَجِبُ) مَعَ الْأَمْنِ عَلَى نَحْوِ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ الدَّفْعُ (عَنْ بُضْعٍ) وَلَوْ لِأَجْنَبِيَّةٍ إذْ لَا سَبِيلَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَمَالٌ وَإِنْ قَلَّ وَاخْتِصَاصٌ لِجِلْدِ مَيْتَةٍ اهـ.

أَقُولُ: وَوَظِيفَةٌ بِيَدِهِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَلَهُ دَفْعُ مَنْ يَسْعَى عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ صَحِيحٍ، وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ الْبَابِ، ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ أَفْتَى بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «مَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ» ) أَيْ فِي الْمَنْعِ عَنْ الْوُصُولِ إلَى دَمِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَدَّمَ النَّفْسَ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ قَدَّمَ الدَّفْعَ) أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ عَنْهَا أَيْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَلِمَا يُخْشَى) أَيْ وَلِذَلِكَ كَانَ الزِّنَا أَشَدَّ حُرْمَةً مِنْ اللِّوَاطِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا) عِلَّةٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اُضْطُرَّ إنْسَانٌ) هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، فَفِي الْمُخْتَارِ: وَقَدْ اُضْطُرَّ إلَى الشَّيْءِ: أَيْ أُلْجِئَ (قَوْلُهُ: أَوْ طَعَامٍ حَرُمَ دَفْعُهُ) أَيْ مَا لَمْ يُضْطَرَّ لَهُ مَالِكُهُ أَيْضًا، وَيَكْفِي فِي حُرْمَةِ الدَّفْعِ وُجُودُ عَلَامَةٍ قَوِيَّةٍ تَدُلُّ عَلَى الِاضْطِرَارِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ مَالِكَهُ تَمْكِينُهُ مِنْهُ) أَيْ بِعِوَضٍ حَيْثُ كَانَ غَنِيًّا.

(قَوْلُهُ: امْتَنَعَ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ مَالِكَهُ أَنْ يَقِيَهُ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُهُ عَلَى الْمُكْرِهِ

(قَوْلُهُ: غَيْرُ ذِي رَوْحٍ لِنَفْسِهِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَرَهْنٍ) هُوَ فِي رَهْنِ التَّبَرُّعِ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمَالِكِ، وَكَانَ قَدْ لَزِمَ بِأَنْ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ دَفْعُ الْجَانِي، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَمَالِ الْغَيْرِ، وَهُوَ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَمَّا ذُو الرُّوحِ) يَشْمَلُ الرَّقِيقَ الْمُسْلِمَ وَيُحْتَمَلُ اسْتِثْنَاؤُهُ لِغَرَضِ الشَّهَادَةِ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَتَصَرَّفُ فِي نَفْسِهِ بِالِاسْتِسْلَامِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لُزُومُ الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ) وَسَيَأْتِي وُجُوبُ دَفْعِهِمْ عَنْ نَفْسِ رَعَايَاهُمْ آخِرَ الصَّفْحَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ عَنْ بُضْعٍ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَنَّ فِي تَسْمِيَتِهِ اعْتِدَاءً إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَتَرْكُهُ اسْتِسْلَامٌ قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: قَدَّمَ النَّفْسَ) أَيْ نَفْسَ غَيْرِهِ أَوْ نَفْسَهُ حَيْثُ لَمْ يُنْدَبْ الِاسْتِسْلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

قَوْلُهُ (لِنَفْسِهِ) تَبِعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيَّ، وَقَدْ ذَكَرَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ أَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ مَالِ الْمَحْجُورِ بِيَدِ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِمْ، قَالَ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الدَّفْعُ إذَا أَمِنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَالًا) قَيَّدَ بِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ لِمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ رَدٌّ لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ مُنَافَاةِ هَذَا لِمَا يَأْتِي أَنَّ إنْكَارَ الْمُنْكِرِ وَاجِبٌ، قَالَ: وَبَيَانُهُ أَنَّ نَفْيَ الْوُجُوبِ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْمَالُ وَإِثْبَاتُهُ ثَمَّ مِنْ حَيْثُ إنْكَارُ الْمُنْكَرِ لَكِنْ نَازَعَهُ فِيهِ ابْنُ سم

(قَوْلُهُ: مَعَ الْأَمْنِ عَلَى نَحْوِ نَفْسِهِ إلَخْ) مَحَلُّهُ فِي الْبُضْعِ فِي الصِّيَالِ عَلَى الْغَيْرِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي فَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَسْلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ عُضْوِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ) الْوَجْهُ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ بَدَلٌ أَوْ فِيهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِأَجْنَبِيَّةٍ) كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذِهِ الْغَايَةِ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالدَّفْعُ عَنْ غَيْرِهِ كَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ

ص: 24

لِإِبَاحَتِهِ، وَيَتَّجِهُ وُجُوبُهُ أَيْضًا فِي مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ كَقُبْلَةٍ إذْ لَا تُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزِّنَا لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ، فَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَسْلِمَ لِمَنْ صَالَ عَلَيْهَا لِيَزْنِيَ بِهَا مَثَلًا وَإِنْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا

(وَكَذَا)(نَفْسٌ قَصَدَهَا كَافِرٌ) مُحْتَرَمٌ أَوْ مُهْدَرٌ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِسْلَامَ لَهُ ذُلٌّ فِي الدِّينِ وَمُقْتَضَاهُ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ مُسْلِمًا، وَوُجُوبُ الدَّفْعِ عَنْ الذِّمِّيِّ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهِ الْإِمَامُ لَا الْآحَادُ لِاحْتِرَامِهِ، وَوَجْهُهُ امْتِنَاعُ تَسَلُّطِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْقَتْلِ وَلَوْ مُهْدَرًا (أَوْ بَهِيمَةٌ) لِأَنَّهَا تُذْبَحُ لِاسْتِبْقَاءِ الْمُهْجَةِ فَكَيْفَ يُسْتَسْلَمُ لَهَا (لَا مُسْلِمٌ) مُحْتَرَمٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) بَلْ يُسَنُّ الِاسْتِسْلَامُ لِخَبَرِ «كُنْ خَيْرَ ابْنَيْ آدَمَ» وَلِذَا اسْتَسْلَمَ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَقَالَ لِعَبِيدِهِ وَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ: مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ حُرٌّ.

وقَوْله تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ قَتْلٍ يُؤَدِّي إلَى شَهَادَةٍ مِنْ غَيْرِ ذُلٍّ دِينِيٍّ كَمَا هُنَا، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرُوا الِاسْتِسْلَامَ فِي الْقِنِّ بِنَاءً عَلَى شُمُولِ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الدَّفْعِ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْمَالِ الْمُقْتَضِيَةِ لِإِلْغَاءِ النَّظَرِ لِلِاسْتِسْلَامِ إذْ هُوَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ مُسْتَقِلٍّ، أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فَكَالْكَافِرِ.

وَالثَّانِي يَجِبُ دَفْعُهُ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ الدَّفْعِ عَنْ عُضْوٍ عِنْدَ ظَنَّ السَّلَامَةِ، وَعَنْ نَفْسٍ ظَنَّ بِقَتْلِهَا مَفَاسِدَ فِي الْحَرِيمِ وَالْمَالِ (وَالدَّفْعُ عَنْ غَيْرِهِ) مِمَّا مَرَّ بِأَنْوَاعِهِ سَوَاءً فِي الْآدَمِيِّ الْمُسْلِمِ الْمُحْتَرَمِ وَالذِّمِّيِّ (كَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ) جَوَازًا وَوُجُوبًا حَيْثُ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ.

نَعَمْ لَوْ صَالَ حَرْبِيٌّ عَلَى حَرْبِيٍّ لَمْ يَلْزَمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وَلَوْ بُضْعِ بَهِيمَةٍ كَمَا أَفَادَهُ الْمُؤَلِّفُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا) هَذَا غَايَةٌ لِمَا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا نَفْسٌ) سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ فِيمَا إذَا دَخَلَ الْكَافِرُ بِلَادَنَا قَوْلُهُ: فَمَنْ قَصَدَ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُمْكِنِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ أَخَذَ قُتِلَ وَإِنْ جَوَّزَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْلِمَ اهـ.

فَلَمْ يُوجَبْ دَفْعُ الْكَافِرِ فِي صُورَةِ تَجْوِيزِ الْأَسْرِ فَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا هُنَا اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ أَوْ يُصَوَّرُ مَا هُنَا بِمَا إذَا عَلِمَ مِنْ الْكَافِرِ أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ (قَوْلُهُ: ذُلٌّ فِي الدِّينِ) أَيْ وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الصَّائِلَ كَافِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ اعْتِبَارُ كَوْنِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ) أَيْ وَجْهُ التَّخْصِيصِ بِالْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ ذُلٍّ دِينِيٍّ كَمَا هُنَا) إذْ لَا شَهَادَةَ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ الْمُسْلِمِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: لَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِشُمُولِ (قَوْلِهِ وَتَارِكِ صَلَاةٍ) أَيْ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فَكَالْكَافِرِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ، وَيَجِبُ دَفْعُهُ عَنْ الْمُسْلِمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وُجُوبَ الدَّفْعِ عَنْ عُضْوٍ) إنْ كَانَ هَذَا مَفْرُوضًا إذَا كَانَ الصَّائِلُ مُسْلِمًا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْوُجُوبُ إذَا كَانَ كَافِرًا أَوْ بَهِيمَةً بِالْأَوْلَى اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَعَنْ نَفْسٍ ظَنَّ بِقَتْلِهَا مَفَاسِدَ فِي الْحَرِيمِ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ فِي قُرَى مِصْرَ مِنْ تَغَلُّبِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَيَجِبُ عَلَى مَنْ قَصَدَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَحُرَمِهِ حَيْثُ أَمْكَنَ الدَّفْعُ (قَوْلُهُ: كَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالِ الْغَيْرِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا أَوْ مُؤَجَّرًا كَمَا فِي مَالِ نَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِكِهِ مَالُ الْغَيْرِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ لَا يَزِيدُ عَلَى مِلْكِهِ الَّذِي لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الدَّفْعُ عَنْ مَالِ نَفْسِهِ الْمَرْهُونِ أَوْ الْمُؤَجَّرِ لِتَوَجُّهِ حَقِّ الْغَيْرِ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَمْ يَتَوَجَّهْ الْحَقُّ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَالِكِ ذَلِكَ الْمَالِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَرْهُونٌ عِنْدَ غَيْرِ الدَّفْعِ، أَمَّا إنْ كَانَ مَرْهُونًا تَحْتَ يَدِ الدَّافِعِ فَقَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِ الدَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حِفْظَهُ بِقَبْضِهِ فَأَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ الَّتِي فِي يَدِهِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ صَالَ) عِبَارَةُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لِاحْتِرَامِهِ) اُنْظُرْ هُوَ تَعْلِيلٌ لِمَاذَا فَإِنْ كَانَ تَعْلِيلًا لِلدَّفْعِ عَنْ النَّفْسِ فَكَانَ يَنْبَغِي عَطْفُهُ عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ الدَّفْعِ عَنْ عُضْوٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا شَهَادَةَ فِيهِ يَجُوزُ لَهَا الِاسْتِسْلَامُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ) قَيْدٌ فِي الْوُجُوبِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ

ص: 25

الْمُسْلِمَ دَفْعُهُ عَنْهُ وَإِنْ لَزِمَهُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَدِيعَةٌ فَصَالَ عَلَيْهَا آخَرُ لَزِمَهُ الدَّفْعُ عَنْهَا لِالْتِزَامِهِ حِفْظَهَا، بَلْ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ بِوُجُوبِهِ عَنْ مَالِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا مَعَ إمْكَانِهِ بِلَا مَشَقَّةِ بَدَنٍ أَوْ خُسْرَانِ مَالٍ أَوْ نَقْصِ جَاهٍ.

قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ وُجُوبِ رَدِّ سَلَامٍ وَوُجُوبِ شَهَادَةٍ يَعْلَمُهَا، وَلَوْ تَرَكَهُمَا ضَاعَ الْمَالُ الْمَشْهُودُ بِهِ، وَقَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ تَرْكَ الرَّدِّ وَالْأَدَاءِ يُوَرِّثُ عَادَةً ضَغَائِنَ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ فِيهِمَا بِوَجْهٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَقِيلَ يَجِبُ) الدَّفْعُ عَنْ الْغَيْرِ إذَا كَانَ آدَمِيًّا مُحْتَرَمًا، وَلَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ (قَطْعًا) ؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِيثَارَ بِحَقِّ نَفْسِهِ دُونَ حَقِّ غَيْرِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ، أَمَّا هُوَ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ قَطْعًا وَفِي غَيْرِ الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ قَطْعًا، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ سُقُوطِ الْوُجُوبِ بِالْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ فِي قِتَالِ الْحَرْبِيِّينَ وَالْمُرْتَدِّينَ وَلَا يَخْتَصُّ الْخِلَافُ بِالصَّائِلِ، بَلْ كُلُّ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى مُحَرَّمٍ فَلِلْآحَادِ مَنْعُهُ خِلَافًا لِلْأُصُولِيَّيْنِ، حَتَّى لَوْ عَلِمَ شُرْبَ خَمْرٍ أَوْ ضَرْبَ طُنْبُورٍ فِي بَيْتِ شَخْصٍ فَلَهُ الْهَجْمُ عَلَيْهِ وَإِزَالَةُ ذَلِكَ، فَإِنْ أَبَى قَاتَلَهُمْ وَلَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى قَتْلِهِمْ لَمْ يَضْمَنْ وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ أَمْنِهِ فِتْنَةً مِنْ ظَالِمٍ جَائِرٍ؛ لِأَنَّ التَّغْرِيرَ بِالنَّفْسِ وَالتَّعَرُّضَ لِعُقُوبَةِ وُلَاةِ الْجَوْرِ مَمْنُوعٌ

(وَلَوْ)(سَقَطَتْ جَرَّةٌ) عَلَيْهِ مِنْ عُلُوٍّ (وَلَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِكَسْرِهَا) هَذَا قَيْدٌ لِلْخِلَافِ فَكَسَرَهَا (ضَمِنَهَا فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ كَانَ كَسْرُهَا وَاجِبًا عَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِهِ إذْ لَا قَصْدَ لَهَا يُحَالُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ وَالْبَهِيمَةِ.

نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً بِمَحَلِّ عُدْوَانٍ كَأَنْ وُضِعَتْ بِرَوْشَنٍ أَوْ عَلَى مُعْتَدِلٍ لَكِنَّهَا مَاثِلَةٌ أَوْ عَلَى وَجْهٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سُقُوطُهَا لَمْ يَضْمَنْهَا؛ لِأَنَّ وَاضِعَهَا هُوَ الَّذِي أَتْلَفَهَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْبُلْقِينِيِّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا، تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْبَهِيمَةِ الصَّائِلَةِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ لِلْبَهِيمَةِ اخْتِيَارًا، وَلَوْ حَالَتْ بَهِيمَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَعَامِهِ لَمْ تَكُنْ صَائِلَةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا وَيَضْمَنُهَا، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فَمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حَجّ: كَافِرٌ عَلَى كَافِرٍ، وَكُتِبَ عَلَيْهِ سم عِبَارَةٌ م ر: وَلَوْ صَالَ حَرْبِيٌّ إلَخْ، وَهُوَ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُ دَفْعِ الْكَافِرِ عَنْ الذِّمِّيِّ خُصُوصًا إذَا أَرَادَ قَتْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ حِمَارٍ وَالْحِمَارُ يَجِبُ دَفْعُ مَنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ حَتَّى مَالِكَهُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ، هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَوُجُوبُ الدَّفْعِ عَنْ الذِّمِّيِّ إلَخْ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بَلْ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا هُنَا) هَذَا تَحَكُّمٌ بَلْ مُكَابَرَةٌ وَاضِحَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ إذَا عَلِمَ أَنَّ غَيْرَهُ قَدَرَ عَلَى دَفْعِ أَخْذِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ بِوَجْهٍ يَتَأَلَّمُ بِذَلِكَ أَشَدَّ مِنْ تَأَلُّمِهِ بِعَدَمِ رَدِّ السَّلَامِ عَلَيْهِ، وَمِنْ عَدَمِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَهُ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ بِدُونِ أَدَائِهِ بِاحْتِمَالِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ يُقِرُّ عِنْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ) أَيْ وَلَوْ مَيِّتًا فَيَمْنَعُ مَنْ يَتَعَرَّضُ لَهُ بِالسَّبِّ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بِالْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ: وَالتَّعَرُّضَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهَا) أَيْ وَيَضْمَنُ وَاضِعُهَا مَا تَلِفَ بِهَا لِتَقْصِيرِهِ بِوَضْعِهَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّقْصِيرِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ الْغَارِمُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَأَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي إمْكَانِ الدَّفْعِ بِأَيْسَرِ مِمَّا دَفَعَ بِهِ صُدِّقَ الْمَعْضُوضُ بِيَمِينِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا) الْأَوْلَى فَلَا يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهَا أَيْ حَيْثُ كَانَتْ وَاقِفَةً فِي مَحَلٍّ لَا يَخْتَصُّ بِصَاحِبِ الطَّعَامِ، فَإِنْ وَقَفَتْ فِي مِلْكِهِ أَيْ مَا يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتُهُ فَصَائِلَةٌ عَلَيْهِ فَيُخْرِجُهَا بِالْأَخَفِّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهَا) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا هُنَا) فِيهِ أَنَّ فَرْضَ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ.

وَأَمَّا عَدَمُ الضَّغَائِنِ فَمَمْنُوعٌ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً بِمَحَلِّ عُدْوَانٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ صَاحِبَهَا لَوْ وَضَعَهَا بِمَحَلٍّ يُضَمَّنُ كَرَوْشَنٍ أَوْ مَائِلَةً أَوْ عَلَى وَجْهٍ إلَخْ، وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا) اُنْظُرْ هَلْ يَجُوزُ وَإِنْ أَدَّى لِنَحْوِ قَتْلِهَا وَفِي كَلَامِ ابْنِ سم إشَارَةٌ إلَى الْجَوَازِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ

ص: 26

لَوْ عَمَّ الْجَرَادُ الطَّرِيقَ لَا يَضْمَنُهُ الْمُحْرِمُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَسُومِحَ فِيهِ

(وَيَدْفَعُ الصَّائِلُ) الْمَعْصُومُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ، وَمِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ (بِالْأَخَفِّ) فَالْأَخَفِّ بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ ظَنِّ الْمَصُولِ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ هُنَا الْعَضُّ وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ بَعْدَ الضَّرْبِ وَقَبْلَ قَطْعِ الْعُضْوِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ يَجُوزُ الْعَضُّ إنْ تَعَيَّنَ لِلدَّفْعِ، (فَإِنْ أَمْكَنَ) الدَّفْعُ (بِكَلَامٍ) يَزْجُرُهُ بِهِ (أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) بِمُعْجَمَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ (حَرُمَ الضَّرْبُ) وَظَاهِرُ هَذَا مُسَاوَاةُ الزَّجْرِ لِلِاسْتِغَاثَةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ إلْحَاقُ ضَرَرٍ أَقْوَى مِنْ الزَّجْرِ كَإِمْسَاكِ حَاكِمٍ جَائِرٍ لَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ ضَرَرِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّا وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الضَّمَانِ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَالْإِمْسَاكِ لِلْقَاتِلِ (أَوْ بِضَرْبٍ بِيَدٍ حَرُمَ سَوْطٌ أَوْ بِسَوْطٍ حَرُمَ عَصًا أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ حَرُمَ قَتْلٌ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْأَثْقَلِ مَعَ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ بِالْأَخَفِّ، نَعَمْ لَوْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمَا، وَانْسَدَّ الْأَمْرُ عَنْ الضَّبْطِ سَقَطَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَوْ رَاعَيْنَا الْأَخَفَّ أَفْضَى إلَى هَلَاكِهِ، وَلَوْ انْدَفَعَ شَرُّهُ كَأَنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ أَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ أَوْ خَنْدَقٌ لَمْ يَضْرِبْهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَفَائِدَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَتَى خَالَفَ وَعَدَلَ إلَى رُتْبَةٍ مَعَ إمْكَانِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا دُونَهَا ضَمِنَ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَصُولُ عَلَيْهِ إلَّا سَيْفًا جَازَ لَهُ الدَّفْعُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِعَصًا، إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ فِي عَدَمِ اسْتِصْحَابِهَا، وَلِذَلِكَ مَنْ أَحْسَنَ الدَّفْعَ بِطَرَفِ السَّيْفِ بِدُونِ جُرْحٍ يَضْمَنُ بِهِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُحْسِنُ، وَمَحَلُّ رِعَايَةِ التَّدْرِيجِ فِي غَيْرِ الْفَاحِشَةِ، أَمَّا فِيهَا كَأَنْ أَوْلَجَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ الرَّوْضَةِ بَعْدُ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ.

أَمَّا الْمَهْرُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ فَلَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ هَذَا التَّرْتِيبِ فِيهِ بَلْ لَهُ الْعُدُولُ إلَى قَتْلِهِ لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ (فَإِنْ) صَالَ مُحْتَرَمٌ عَلَى نَفْسِهِ وَ (أَمْكَنَ هَرَبٌ) أَوْ تَحَصَّنَ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَظَنَّ النَّجَاةَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْهَا (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَخْلِيصِ نَفْسِهِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ (وَتَحْرِيمُ قِتَالٍ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَقَاتَلَهُ فَقَتَلَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إنْ دَفَعَهَا؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ وَلَمْ تَقْصِدْ مَالَهُ

(قَوْلُهُ: بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ) هَذَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ الدُّعَاءَ عَلَيْهِ بِكَفِّ شَرِّهِ عَنْ الْمَصُولِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِهَلَاكِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْهَلَاكِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ شَرُّهُ إلَّا بِالسِّحْرِ، وَكَانَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ يَعْرِفُ مَا يَمْنَعُ الصَّائِلَ عَنْ صِيَالِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ السِّحْرَ حَرَامٌ لِذَاتِهِ فَلْيَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: سَقَطَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ) أَيْ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ صُدِّقَ الدَّافِعُ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَيُصَدَّقُ الدَّافِعُ هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي فِي عَدَمِ إمْكَانِ التَّخَلُّصِ بِدُونِ مَا دَفَعَ بِهِ: أَيْ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ كُلُّ صَائِلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْفَاحِشَةِ) أَيْ كَمَا قَالُوهُ، وَفِي نُسْخَةٍ: أَمَّا فِيهَا كَأَنْ أَوْلَجَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ فَكَذَلِكَ أَيْضًا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ اهـ.

وَهَذِهِ أَوْضَحُ مِمَّا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَآهُ قَدْ أَوْلَجَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ هَذَا التَّرْتِيبِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَالَ مُحْتَرَمٌ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ نَفْسِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مُضْطَرٌّ إلَى الطَّعَامِ

(قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ ظَنِّ الْمَصُولِ عَلَيْهِ) لَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ ظَنِّ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ هُنَا الْعَضُّ) أَيْ فِي الدَّفْعِ وَإِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الدَّفْعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ الِاسْتِغَاثَةَ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الضَّرْبِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ رِعَايَةِ التَّدْرِيجِ إلَخْ) فِي هَذَا السِّيَاقِ رَكَّةٌ لِاتِّحَادِ الْقَيْدِ وَالْمُقَيَّدِ وَإِنْ اخْتَلَفَا مِنْ حَيْثُ الْقَطْعُ وَالْخِلَافُ

ص: 27

لَزِمَهُ الْقِصَاصُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ، وَلَوْ صِيلَ عَلَى مَالِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْهَرَبُ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَهْرُبَ وَيَدَعَهُ لَهُ أَوْ عَلَى بُضْعِهِ ثَبَتَ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الدَّفْعِ عَنْهُ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْأَقْرَبُ وُجُوبُ الْهَرَبِ هُنَا إنْ أَمْكَنَ أَيْضًا، وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ هَرَبٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَلَوْ صَالَ عَلَيْهِ مُرْتَدٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ لَمْ يَجِبْ هَرَبٌ بَلْ يَحْرُمُ إنْ حَرُمَ الْفِرَارُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَجِبُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حَمْلُ نَصِّ الْهَرَبِ عَلَى مَنْ تَيَقَّنَ النَّجَاةَ بِهِ وَنَصِّ عَدَمِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ (وَلَوْ)(عُضَّتْ يَدُهُ) مَثَلًا (خَلَّصَهَا) مِنْهُ بِفَكِّ لَحْيٍ فَضَرْبِ فَمٍ فَسَلِّ يَدٍ فَفَقْءِ عَيْنٍ فَقَلْعِ لَحْيٍ فَعَصْرِ خُصْيَةٍ فَشَقِّ بَطْنٍ وَمَتَى انْتَقَلَ لِمَرْتَبَةٍ مَعَ إمْكَانِ أَخَفَّ مِنْهَا ضَمِنَ نَظِيرَ مَا مَرَّ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا التَّرْتِيبِ بِقَوْلِهِ (بِالْأَسْهَلِ مِنْ فَكِّ لَحْيَيْهِ) أَيْ رَفْعِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ وَلَا جُرْحٍ (وَضَرْبِ شِدْقَيْهِ) وَلَا يَلْزَمُهُ تَقْدِيمُ إنْذَارٍ بِالْقَوْلِ يُعْلَمُ عَدَمُ إفَادَتِهِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ أَوْ لَمْ يَعْجَزْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله وَكَثِيرِينَ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِهِ إذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَوْ رَتَّبَ أَفْسَدَهَا الْعَاضُّ قَبْلَ تَخْلِيصِهَا مِنْ فِيهِ فَبَادَرَ (فَسَلَّهَا فَنَدَرَتْ) بِالنُّونِ (أَسْنَانُهُ) أَيْ سَقَطَتْ (فَهَدَرٌ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي ذَلِكَ بِعَدَمِ الدِّيَةِ» وَالْعَاضُّ الْمَظْلُومُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَإِنْ صَالَ عَلَيْهِ مُحْتَرَمٌ وَأَمْكَنَهُ إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ الْهَرَبَ يُنْجِيهِ، فَلَوْ عَرَفَ أَنَّهُ إنْ هَرَبَ طَمِعَ فِيهِ، وَتَبِعَهُ وَقَتَلَهُ لَمْ يَجِبْ الْهَرَبُ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ بَلْ لَهُ قِتَالُهُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الدَّفْعِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ عَنْهُ: أَيْ الْبُضْعِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ وُجُوبُ الْهَرَبِ هُنَا) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْهَرَبُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ وُجُوبَ الْهَرَبِ عَلَى مَنْ يَدْفَعُ عَنْهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ حَرُمَ الْفِرَارُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى مِثْلَيْهِ، وَكَانَ فِي صَفِّ الْقِتَالِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ مُسْلِمًا مُشْرِكَانِ مِنْ غَيْرِ صَفٍّ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُصَابَرَتُهُمَا بَلْ يَجُوزُ لَهُ الِانْصِرَافُ (قَوْلُهُ: فَضَرْبِ فَمٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الضَّرْبُ أَسْهَلَ مِنْ فَكِّ اللِّحَى، وَإِلَّا قُدِّمَ الضَّرْبُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ بَعْدُ بِالْأَسْهَلِ مِنْ فَكِّ لَحْيَيْهِ وَضَرْبِ شِدْقَيْهِ (قَوْلُهُ: فَسَلِّ يَدٍ) أَيْ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَنَاثُرُ أَسْنَانِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ السَّلُّ أَسْهَلَ مِنْ ضَرْبِ الْفَمِ بَلْ وَمِنْ فَكِّ اللِّحَى زَادَ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ فَسَلِّ يَدٍ فَعَضٍّ (قَوْلُهُ: بِالْأَسْهَلِ مِنْ فَكِّ لَحْيَيْهِ) فِيهِ أَنَّ اللَّحْيَيْنِ هُمَا الْعَظْمَاتُ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى، وَقَوْلُهُ أَيْ رَفْعُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ لَا يَظْهَرُ فِيهِمَا، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ هُنَا بِاللَّحْيَيْنِ كُلًّا مِنْ الْعَظْمِ الَّذِي فِيهِ الْأَسْنَانُ السُّفْلَى وَالْعُلْيَا مَجَازًا (قَوْلُهُ وَضَرْبِ شِدْقَيْهِ) بِكَسْرِ الشِّينِ اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: يَعْلَمُ عَدَمَ إفَادَتِهِ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ يَعْلَمُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَعْجَزْ (قَوْلُهُ: فَبَادَرَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَالْعَاضُّ الْمَظْلُومُ) كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَوْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ صِيلَ عَلَى مَالِهِ) يَعْنِي صِيلَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ مَالِهِ كَمَا هِيَ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى بُضْعِهِ ثَبَتَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ هُنَا خَلَطَ مَسْأَلَةً بِمَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ الْقُوتِ وَنَصُّهَا: وَأَمَّا لَوْ كَانَ الصِّيَالُ عَلَى حَرَمِهِ فَقَضِيَّةُ الْبِنَاءِ عَلَى وُجُوبِ الدَّفْعِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْهَرَبُ وَيَدَعُهُمْ، بَلْ يَلْزَمُهُ الثَّبَاتُ إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ بِهِمْ فَكَالْهَرَبِ وَالتَّحَصُّنُ بِنَفْسِهِ أَوْلَى بِالْوُجُوبِ انْتَهَتْ.

فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى مَا إذَا أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ بِنَفْسِهِ دُونَ الْبُضْعِ، وَالثَّانِيَةُ مَا إذَا أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ بِهِ، وَمَا نَسَبَهُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ مُتَعَلِّقِ الْأُولَى وَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ مِنْ مُتَعَلِّقِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَتَوَارَدْ طَرَفَا الْخِلَافِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ) لَعَلَّهُ حَمَلَ اللَّحْيَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْفَكِّ الْأَعْلَى وَالْفَكِّ الْأَسْفَلِ الَّذِي هُوَ مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ تَغْلِيبًا، وَإِلَّا فَالْفَكُّ الْأَعْلَى لَا يُقَالُ لَهُ لَحْيٌ،

ص: 28

كَالظَّالِمِ إذْ الْعَضُّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ، وَزَعَمَ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفَكِّ وَالضَّرْبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْفَكُّ مُقَدَّمٌ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَيِّرْ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، بَلْ أَوْجَبَ الْأَسْهَلَ مِنْهُمَا وَهُوَ الْفَكُّ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي إمْكَانِ الدَّفْعِ بِأَيْسَرَ مِمَّا دَفَعَ بِهِ صُدِّقَ الْمَعْضُوضُ بِيَمِينِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ كُلُّ صَائِلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، نَعَمْ لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الصِّيَالِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ نَحْوِ الْقَاتِلِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ كَدُخُولِهِ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ مَسْلُولًا أَوْ إشْرَافِهِ عَلَى حُرَمِهِ

(وَمَنْ)(نُظِرَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (إلَى) وَاحِدَةٍ مِنْ (حُرَمِهِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَهَاءٍ أَيْ زَوْجَاتِهِ وَإِمَائِهِ وَمَحَارِمِهِ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ وَلَدُهُ الْأَمْرَدُ الْحَسَنُ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ غَيْرَ مُتَجَرِّدٍ، وَكَذَا إلَيْهِ فِي حَالِ كَشْفِ عَوْرَتِهِ، وَمِثْلُهُ خُنْثَى مُشْكِلٌ أَوْ مَحْرَمٌ لَهُ مَكْشُوفُهَا (فِي دَارِهِ) الَّتِي يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَلَوْ مُسْتَعَارَةً، وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ الْمُعِيرُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ دُونَ مَسْجِدٍ وَشَارِعٍ (مِنْ كُوَّةٍ أَوْ ثَقْبٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ ضَيِّقَيْنِ (عَمْدًا) وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ شُبْهَةٌ فِي النَّظَرِ، وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً وَمُرَاهِقًا فَلَهُ رَمْيُهُ، فَإِنْ نَظَرَ لِخِطْبَةٍ أَوْ شِرَاءِ أَمَةٍ حَيْثُ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ النَّاظِرُ أَحَدَ أُصُولِهِ وَإِنْ حَرُمَ نَظَرُهُ كَمَا لَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ.

(فَرَمَاهُ) أَيْ ذُو الْحُرَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ الدَّارِ أَوْ رَمَتْهُ الْمَنْظُورُ إلَيْهَا كَمَا بَحَثَ الْأَوَّلَ الْبُلْقِينِيُّ وَالثَّانِيَ غَيْرُهُ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ النَّاظِرِ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ مِنْ شَارِعٍ فِي حَالِ نَظَرِهِ لَا إنْ وَلَّى (بِخَفِيفٍ كَحَصَاةٍ) أَوْ ثَقِيلٍ وَلَمْ يَجِدْ سِوَاهُ (فَأَعْمَاهُ أَوْ أَصَابَ قُرْبَ عَيْنِهِ) مِمَّا يُخْطِئُ مِنْهُ إلَيْهِ غَالِبًا، وَلَمْ يَقْصِدْ الرَّمْيَ لِذَلِكَ الْمَحِلِّ ابْتِدَاءً (فَجَرَحَهُ فَمَاتَ فَهَدَرٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلَا دِيَةَ لَهُ وَلَا قِصَاصَ» وَصَحَّ خَبَرُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تَعَدَّى عَلَيْهِ آخَرُ، وَأَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِ الْعَضِّ (قَوْلُهُ: كَالظَّالِمِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَضُّ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: مِنْ كُوَّةٍ) بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ لُغَةً اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) أَيْ النَّاظِرُ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ) أَيْ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ النَّظَرَ لِنَحْوِ الْخِطْبَةِ أَوْ أَنَّهُ تَعَدَّى صُدِّقَ الرَّامِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخِطْبَةِ وَنَحْوِهَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ تَقَدَّمَ مِنْهُ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ مَعَ أَبِيهَا أَوْ نَحْوِهِ بَلَغَ الْأَبُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ يُصَدَّقُ الرَّامِي أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ) أَوْ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ (قَوْلُهُ: فَرَمَاهُ) أَيْ فِي حَالِ نَظَرِهِ لِيُلَاقِيَ قَوْلَهُ الْآتِيَ لَا إنْ وَلَّى وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ ذُو الْحَرَمِ: أَيْ وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ هُنَا مَعَ أَنَّ الرَّمْيَ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَصُولِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ النَّظَرِ لَا يَنْحَصِرُ فِي خُصُوصِ الرَّمْيِ وَلَكِنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الرَّمْيَ مُبَاحًا لِصَاحِبِ الْحَرَمِ، وَإِنْ أَمْكَنَ مَنْعُهُ بِهَرَبِ الْمَرْأَةِ أَوْ نَحْوِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِ: وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ هُنَا لَا يَرْمِي بِخِلَافِهِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ: أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: النَّاظِرِ مِنْ مِلْكِهِ) أَيْ النَّاظِرِ لِلصَّائِلِ حَالَةَ كَوْنِ النَّاظِرِ فِي مِلْكِهِ أَوْ شَارِعٍ، وَلَوْ قَالَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَيْسَ لَهُ رَمْيُ النَّاظِرِ مِنْ إلَخْ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَمَاتَ فَهَدَرٌ) أَيْ سَوَاءٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَكَانَ يُمْكِنُ إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالْمَعْنَى فَكُّ اللَّحْيَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا الْفَكُّ الْأَسْفَلُ عَنْ الْفَكِّ الْأَعْلَى: أَيْ رَفْعُهُمَا عَنْهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ الْعَضُّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ) أَيْ فِي غَيْرِ الدَّفْعِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بَعْضُ الْمَظْلُومِ الْمَمْنُوعِ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ الدَّفْعِ بِأَنْ تَأْتِيَ الدَّفْعَ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَ هَذَا عَنْ صَاحِبِ الِاقْتِصَارِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا صَحِيحٌ

(قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ وَلَدُهُ الْأَمْرَدُ الْحَسَنُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَمِثْلُ وَلَدِهِ هُوَ نَفْسُهُ لَوْ كَانَ أَمْرَدَ حَسَنًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْرَمٌ لَهُ) أَيْ لِلنَّاظِرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً) أَيْ وَكَانَتْ تَنْظُرُ لِرَجُلٍ مُطْلَقًا أَوْ لِامْرَأَةٍ مُتَجَرِّدَةٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ الدَّارِ) أَيْ وَهُوَ ذُو حُرْمَةٍ

ص: 29

«لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْك بِغَيْرِ إذْنِك فَفَقَأْت عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْك مِنْ حَرَجٍ» وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِ الْمُرَاهِقِ إذْ الرَّمْيُ لِدَفْعِ مَفْسَدَةِ النَّظَرِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ فِي النَّظَرِ كَالْبَالِغِ، وَمِنْ ثَمَّ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِيهِ لَا يَجُوزُ رَمْيُهُ هُنَا، وَفَارَقَ مَنْ لَهُ نَحْوَ مَحْرَمٍ بِأَنَّ هَذَا شُبْهَتُهُ فِي الْمَحَلِّ الْمَنْظُورِ إلَيْهِ، وَالْمُرَاهِقُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ بِدَلِيلِ دَفْعِ صَبِيٍّ صَائِلٍ لَكِنَّهُ هُنَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُرَاهِقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ رَمْيُهُ (بِشَرْطِ عَدَمِ) نَحْوِ مَتَاعٍ لَهُ أَوْ (مَحْرَمٍ) سَتْرُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا (وَزَوْجَةٍ) وَأَمَةٍ وَلَوْ مُجَرَّدَتَيْنِ (لِلنَّاظِرِ) وَإِلَّا امْتَنَعَ رَمْيُهُ لِعُذْرِهِ حِينَئِذٍ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قِيلَ وَ) بِشَرْطِ عَدَمِ (اسْتِتَارِ الْحُرَمِ) وَإِلَّا بِأَنْ اسْتَتَرْنَ أَوْ كُنَّ فِي مُنْعَطَفٍ لَا يَرَاهُنَّ النَّاظِرُ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ، وَالْأَصَحُّ لَا فَرْقَ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَحَسْمًا لِمَادَّةِ النَّظَرِ.

(قِيلَ وَ) بِشَرْطِ (إنْذَارٍ قَبْلَ رَمْيِهِ) تَقْدِيمًا لِلْأَخَفِّ كَمَا مَرَّ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ وُجُوبِهِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى إنْذَارٍ لَا يُفِيدُ وَإِلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَهُوَ مُرَادُهُمْ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرُوهُ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ مِنْ تَعَيُّنِ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، وَخَرَجَ بِنَظَرِ الْأَعْمَى وَنَحْوِهِ وَمُسْتَرِقِ السَّمْعِ فَلَا يَجُوزُ رَمْيُهُمَا لِفَوَاتِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ الَّذِي يَعْظُمُ ضَرَرُهُ وَبِالْكُوَّةِ وَمَا مَعَهَا النَّظَرُ مِنْ بَابٍ مَفْتُوحٍ أَوْ كُوَّةٍ أَوْ ثَقْبٍ وَاسِعٍ بِأَنْ نُسِبَ صَاحِبُهَا إلَى تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ تَفْرِيطَهُ بِذَلِكَ صَيَّرَهُ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الرَّمْيُ قَبْلَ الْإِنْذَارِ، نَعَمْ النَّظَرُ مِنْ نَحْوِ سَطْحٍ وَلَوْ لِلنَّاظِرِ أَوْ مَنَارَةٍ كَهُوَ مِنْ كُوَّةٍ ضَيِّقَةٍ إذْ لَا تَفْرِيطَ مِنْ رَبِّ الدَّارِ وَبِعَمْدِ النَّظَرِ خَطَأً أَوْ اتِّفَاقًا فَلَا يَجُوزُ رَمْيُهُ إنْ عَلِمَ الرَّامِي ذَلِكَ مِنْهُ، نَعَمْ يُصَدَّقُ الرَّامِي فِي أَنَّهُ تَعَمَّدَ إذْ الِاطِّلَاعُ حَصَلَ وَالْقَصْدُ أَمْرٌ بَاطِنٌ، وَهَذَا ذَهَابٌ إلَى جَوَازِ رَمْيِهِ عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ فِي أَنَّهُ تَعَمَّدَ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ، وَبِالْخَفِيفِ الثَّقِيلِ الَّذِي وُجِدَ غَيْرُهُ كَحَجَرٍ وَنُشَّابٍ فَيَضْمَنُ حَتَّى بِالْقَوَدِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَ النَّاظِرُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُعَارٍ أَوْ مَغْصُوبٍ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِ الْمُرَاهِقِ) هَذَا دَفْعٌ لِمَا يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمُرَاهِقًا (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ رَمْيُهُ هُنَا) وَمَحَلُّ جَوَازِ الرَّمْيِ إذَا لَمْ يَفْدِ الْإِنْذَارَ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، أَمَّا لَوْ عَلِمَ الرَّامِي إفَادَةَ الْإِنْذَارِ، وَلَمْ يُنْذِرْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اهـ وَهَذَا حَاصِلُ قَوْلِهِ الْآتِي وَهَذَا مَحْمُولٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَحْوَ مَتَاعٍ لَهُ) أَيْ النَّاظِرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهُ) ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِنَظَرِ الْأَعْمَى) أَيْ وَإِنْ جَهِلَ عَمَاهُ شَرْحُ رَوْضٍ وَكَذَا بَصِيرٌ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِنَظَرِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَضَعِيفِ الْبَصَرِ (قَوْلُهُ: مِنْ بَابٍ مَفْتُوحٍ) وَلَوْ بِفِعْلِ النَّاظِرِ إنْ تَمَكَّنَ رَبُّ الدَّارِ مِنْ إغْلَاقِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ حَجّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ رَبُّ الدَّارِ مِنْ إغْلَاقِهِ، وَلَمْ يُغَلِّقْهُ ضَمِنَ بِرَمْيِهِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَيْ بِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الدَّارِ بِعَدَمِ إغْلَاقِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَاتِحُ لِلْبَابِ هُوَ النَّاظِرُ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ رَبُّ الدَّارِ مِنْ إغْلَاقِهِ جَازَ الرَّمْيُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ ثَقْبٍ) وَمِنْهُ الطَّاقَاتُ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ وَالشَّبَابِيكُ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ الرَّامِي) أَيْ بِقَرِينَةٍ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ) أَيْ النَّاظِرَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا ذَهَابٌ إلَى جَوَازِ رَمْيِهِ) مُعْتَمَدٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ كَأَبِي الزَّوْجَةِ وَأَخِيهَا (قَوْلُهُ: النَّاظِرَ) هُوَ بِالنَّصْبِ بَيَانٌ لِلضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي الْمَتْنِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ ذُو الْحَرَمِ بَيَانٌ لِلضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ فَهُوَ مِنْ مَدْخُولِ التَّفْسِيرِ بِأَيِّ وَإِنْ حَصَلَ الْفَصْلُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَيْ ذُو الْحَرَمِ النَّاظِرَ: أَيْ رَمْي ذُو الْحَرَمِ النَّاظِرَ، وَقَوْلُهُ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ شَارِعٍ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّاظِرِ: أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ نَظَرُهُ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ نَظَرَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ أَوْ مِنْ شَارِعٍ: أَيْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَقَوْلُهُ فِي حَالِ نَظَرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِرَمَاهُ تَقْيِيدٌ، وَخَرَجَ بِهِ مَا عَطَفَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَا إنْ وَلَّى (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ) الصَّوَابُ أَنَّهَا بِحَالِهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ لِأَنَّ الْقَصْدَ عَدَمُ الْجَمِيعِ وَلَيْسَ الْقَصْدُ عَدَمَ أَحَدِهِمَا وَإِنْ وُجِدَ الْآخَرُ لِفَسَادِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْإِنْذَارِ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ

ص: 30

الْمُصَنِّفِ تَخْيِيرُهُ: بَيْنَ رَمْيِ الْعَيْنِ وَقُرْبِهَا، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ غَيْرَ الْعَيْنِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ إصَابَتُهَا، وَأَنَّهُ إذَا أَصَابَ غَيْرَهَا الْبَعِيدَ لَا يُخْطِئُ مِنْهَا إلَيْهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا.

نَعَمْ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ قَصْدُهَا وَلَا مَا قَرُبَ مِنْهَا وَلَمْ يَنْدَفِعْ بِهِ جَازَ رَمْيُ عُضْوٍ آخَرَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ بِالْخَفِيفِ اسْتَغَاثَ عَلَيْهِ، فَإِنْ فُقِدَ مُغِيثٌ سُنَّ لَهُ أَنْ يَنْشُدَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ أَبَى دَفَعَهُ وَلَوْ بِالسِّلَاحِ وَإِنْ قَتَلَهُ (وَلَوْ عَزَّرَ) مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ (وَلِيٌّ) مَحْجُورَهُ وَأَلْحَقَ بِوَلِيِّهِ وَمَنْ حَلَّ لَهُ الضَّرْبُ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِمَّا يَأْتِي كَافِلُهُ كَأُمِّهِ (وَوَالٍ) مَنْ رُفِعَ إلَيْهِ، وَلَمْ يُعَانِدْ (وَزَوْجٌ) زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ لِنَحْوِ نُشُوزٍ (وَمُعَلِّمٌ) مَنْ تَعَلَّمَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ حُرًّا بِمَا لَهُ دَخْلٌ فِي الْهَلَاكِ وَإِنْ نَدَرَ (فَمَضْمُونٌ) تَعْزِيرُهُمْ ضَمَانَ شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ أَدَّى إلَى هَلَاكٍ أَوْ نَحْوِهِ لِتَبَيُّنِ مُجَاوَزَتِهِ لِلْحَدِّ الْمَشْرُوعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَرَبَ دَابَّةً مُسْتَأْجِرُهَا أَوْ رَائِضُهَا إذَا اُعْتِيدَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَسْتَغْنِيَانِ عَنْهُ، وَالْآدَمِيُّ يُغْنِي عَنْهُ فِيهِ الْقَوْلُ، أَمَّا مَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَصَفْعَةٍ خَفِيفَةٍ وَحَبْسٍ أَوْ نَفْيٍ فَلَا ضَمَانَ بِهِ، وَأَمَّا قِنٌّ أَذِنَ سَيِّدُهُ لِمُعَلِّمِهِ أَوْ لِزَوْجِهَا فِي ضَرْبِهَا فَلَا ضَمَانَ بِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ كَامِلٌ بِمُوجِبِ تَعْزِيرٍ، وَطَلَبَهُ بِنَفْسِهِ مِنْ الْوَالِي كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ قَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ نَوْعَهُ وَقَدْرَهُ، إذْ الْإِذْنُ فِي الضَّرْبِ لَيْسَ كَهُوَ فِي الْقَتْلِ، وَكَمَا أَنَّ الْإِذْنَ الشَّرْعِيَّ مَحْمُولٌ عَلَى السَّلَامَةِ فَإِذْنُ السَّيِّدِ الْمُطْلَقُ كَذَلِكَ، أَمَّا مُعَانِدٌ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَتَعَيَّنَ عِقَابُهُ طَرِيقًا لِوُصُولِ الْمُسْتَحِقِّ لِحَقِّهِ، فَيَجُوزُ عِقَابُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ أَنْ يَنْشُدَهُ بِاَللَّهِ) قَضِيَّةُ السُّنِّيَّةِ جَوَازُ دَفْعِهِ بِالسِّلَاحِ، وَإِنْ أَفَادَ الْإِنْشَادَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إفَادَتُهُ وَجَبَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمَهُ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ وُجُوبِ الْإِنْذَارِ حَيْثُ أَفَادَ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ) لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرِزَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا أَسْرَفَ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْعَمْدِ لَا ضَمَانَ شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ حَلَّ لَهُ الضَّرْبُ) عِبَارَةُ حَجّ فِي حِلِّ الضَّرْبِ وَمَا إلَخْ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ نُشُوزٍ) مِنْهُ الْبَذَاءَةُ عَلَى نَحْوِ الْجِيرَانِ وَالطَّلِّ مِنْ نَحْوِ طَاقَةٍ (قَوْلُهُ: وَمُعَلِّمٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ كَانَ أَصْلَحَ مِنْ غَيْرِهِ فِي التَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ مَنْ تَعَلَّمَ مِنْهُ) وَمِنْ ذَلِكَ الشَّيْخُ مَعَ الطَّلَبَةِ فَلَهُ تَأْدِيبُ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي تَأْدِيبُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّعَلُّمِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْمُتَعَلِّمَ إذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ يَأْتِي صَاحِبُ الْحَقِّ لِلشَّيْخِ، وَيَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنْ الْمُتَعَلَّمِ مِنْهُ، فَإِذَا طَلَبَ الشَّيْخُ مِنْهُ وَلَمْ يُوفِهِ فَلَيْسَ لَهُ ضَرْبُهُ وَلَا تَأْدِيبُهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ تَوْفِيَةِ الْحَقِّ، وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْضًا هَؤُلَاءِ الْمُسَمُّونَ بِمَشَايِخِ الْفُقَرَاءِ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَعَدٍّ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ امْتِنَاعٍ مِنْ تَوْفِيَةِ حَقٍّ عَلَيْهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ عَزَّرَهُ الشَّيْخُ بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ حُرًّا) أَيْ الْمُتَعَلِّمُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْمُعَلِّمِ التَّعْزِيرُ لِلْمُتَعَلَّمِ مِنْهُ إذَا كَانَ بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ آخِرَ فَصْلِ التَّعْزِيرِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَيَّدَهُ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ كَامِلٌ إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ كَلَامَ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا قِنٌّ إلَخْ فَيَكُونُ التَّقْيِيدُ رَاجِعًا لَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ نَوْعَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ عِقَابُهُ) أَيْ بِأَنْوَاعِ الْعِقَابِ لَكِنْ مَعَ رِعَايَةِ الْأَخَفِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ) كَأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ الْآتِي ضَمَانُ شِبْهِ الْعَمْدِ: أَيْ أَمَّا إذَا أَسْرَفَ فَإِنَّهُ يُقَادُ بِهِ غَيْرُ الْأَصْلِ بِشَرْطِهِ (قَوْلُهُ: وَكَمَا أَنَّ الْإِذْنَ الشَّرْعِيَّ إلَخْ) مُرَادُهُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَتِهِ قُصُورٌ أَنَّ إذْنَ السَّيِّدِ فِي ضَرْبِ عَبْدِهِ كَإِذْنِ الْحُرِّ فِي ضَرْبِ نَفْسِهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا شُرِطَ فِيهِ مِنْ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ، فَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ فِيهِ أَيْضًا إذَا عَيَّنَ لَهُ النَّوْعَ وَالْقَدْرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، بَلْ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ فِي الْحُرِّ إنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْعَبْدِ

ص: 31

حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (وَلَوْ)(حَدَّ) أَيْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، وَيَصِحُّ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ وَلَوْ فِي نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ كَمَا مَرَّ (مُقَدَّرًا) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ إذْ الْحَدُّ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ.

وَيَصِحُّ أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَنْ حَدِّ الشُّرْبِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ وَالثَّمَانِينَ فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ غَيْرَ مُقَدَّرٍ بِالنِّسْبَةِ لِإِرَادَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَالثَّمَانِينَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) بِالْإِجْمَاعِ إذْ الْحَقُّ قَتْلُهُ

(وَلَوْ)(ضُرِبَ شَارِبٌ) لِلْخَمْرِ الْحَدَّ (بِنِعَالٍ وَثِيَابٍ) فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّحِيحِ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَصَحُّ.

وَالثَّانِي فِيهِ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ (وَكَذَا أَرْبَعُونَ سَوْطًا) ضُرِبَهَا فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِمَا مَرَّ بِتَقْدِيرِهِ بِذَلِكَ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي نَعَمْ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِهَا اجْتِهَادِيٌّ كَمَا مَرَّ (أَوْ) حُدَّ شَارِبٌ (أَكْثَرَ) مِنْ أَرْبَعِينَ بِنَحْوِ نَعْلٍ أَوْ سَوْطٍ (وَجَبَ قِسْطُهُ بِالْعَدَدِ) فَفِي أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ وَفِي ثَمَانِينَ نِصْفُهَا وَتِسْعِينَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهَا لِوُقُوعِ الضَّرْبِ بِظَاهِرِ الْبَدَنِ فَيَفُوتُ تَمَاثُلُهُ فَقَسَطَ الْعَدَدُ عَلَيْهِ (وَفِي قَوْلٍ نِصْفُ دِيَةٍ) لِمَوْتِهِ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إنْ ضَرَبَهُ الزَّائِدَ وَبَقِيَ أَلَمُ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا ضَمِنَ دِيَتَهُ كُلَّهَا قَطْعًا.

لَا يُقَالُ الْجُزْءُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ لَمْ يَطْرَأْ إلَّا بَعْدَ ضَعْفِ الْبَدَنِ فَكَيْفَ يُسَاوِي الْأَوَّلَ، وَقَدْ صَادَفَ بَدَنًا صَحِيحًا؛ لِأَنَّ هَذَا تَفَاوُتٌ سَهْلٌ فَتَسَامَحُوا فِيهِ، وَبِأَنَّ الضَّعْفَ نَشَأَ مِنْ مُسْتَحِقٍّ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ الْقَوْلَانِ (فِي)(قَاذِفٍ جُلِدَ أَحَدًا وَثَمَانِينَ) سَوْطًا فَمَاتَ فَفِي الْأَظْهَرِ يَجِبُ جُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَثَمَانِينَ جُزْءًا، وَفِي قَوْلٍ نِصْفُ دِيَةِ، وَكَذَا فِي بِكْرٍ جُلِدَ مِائَةً وَعَشْرًا

(وَلِمُسْتَقِلٍّ) بَالِغٍ عَاقِلٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَسَفِيهًا وَمُوصًى بِإِعْتَاقِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ إعْتَاقِهِ (قَطْعُ سِلْعَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ مَا يَخْرُجُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ مِنْ الْحِمَّصَةِ إلَى الْبِطِّيخَةِ فِيهِ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ إزَالَةً لِشَيْنِهَا بِلَا ضَرَرٍ كَفَصْدٍ، وَمِثْلُهَا فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي عُضْوُهُ الْمُتَأَكِّلُ (إلَّا مَخُوفَةً) مِنْ حَيْثُ قَطْعُهَا (لَا خَطَرَ فِي تَرْكِهَا) أَصْلًا بَلْ فِي قَطْعِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَالْأَخَفِّ، وَلَا يَجُوزُ الْعِقَابُ بِالنَّارِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِخَلَاصِ الْحَقِّ.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ مُقَدَّرٍ) أَيْ فَيَضْمَنُ مَا زَادَ بِهِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، لَكِنْ هَذَا قَدْ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالزِّيَادَةُ تَعْزِيرَاتٌ، وَقِيلَ حَدٌّ مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ مَاتَ بِهَا لَمْ يُضْمَنْ

(قَوْلُهُ: وَفِي ثَمَانِينَ نِصْفُهَا) هَذَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا حَدَّ الثَّمَانِينَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَادُّ الْجَلَّادَ مَثَلًا بِإِذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ فِي حَدِّ الْأَرْبَعِينَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا زَادَ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ) أَيْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ دِيَتَهُ كُلَّهَا) أَيْ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الزَّائِدُ بَعْدَ زَوَالِ الْأَلَمِ الْأَوَّلِ كَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى إحَالَةِ الْهَلَاكِ عَلَى الزَّائِدِ فَقَطْ

(قَوْلُهُ: وَمُوصًى بِإِعْتَاقِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الْمَنْذُورَ عِتْقُهُ وَمَنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ النَّاشِرِيِّ خِلَافَهُ فِي الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ قَالَ: لِأَنَّ كَسْبَهُ لِسَيِّدِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمَشْرُوطَ إعْتَاقُهُ فِي الْبَيْعِ مِثْلُهُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِهِ فَيَفُوتُ الْكَسْبُ عَلَى السَّيِّدِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ السَّيِّدَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ فَوْرًا فَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ تَفْوِيتِ الْكَسْبِ عَلَيْهِ، نَعَمْ يَظْهَرُ مَا قَالَهُ سم فِي الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي مِثْلُهُ فِي الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ بِسَنَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْحِمِّصَةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، لَكِنَّهَا مَكْسُورَةٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَمَفْتُوحَةٌ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَنْ حَدِّ الشُّرْبِ) فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ تَعْزِيرَاتٌ فَلَمْ يَصْدُقْ الِاحْتِرَازُ عَنْ حَدِّ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ الثَّانِي لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ حَدٌّ فَيَقْتَضِي الضَّمَانَ لَوْ أَدَّتْهُ إرَادَتُهُ إلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ حَدٌّ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِالِاعْتِبَارِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الضَّعْفَ) كَانَ يَنْبَغِي وَلِأَنَّ الضَّعْفَ فَكَأَنَّهُ قَدَّرَ لَفْظَ يُجَابُ لِقَرِينَةِ السِّيَاقِ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ

ص: 32

(أَوْ) فِي كُلٍّ مِنْ قَطْعِهَا وَتَرْكِهَا خَطَرٌ لَكِنْ (الْخَطَرُ فِي قَطْعِهَا أَكْثَرُ) مِنْهُ فِي تَرْكِهَا فَيَمْتَنِعُ الْقَطْعُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لِأَدَائِهِ إلَى الْهَلَاكِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَوَيَا أَوْ كَانَ التَّرْكُ أَخْطَرَ أَوْ الْخَطَرُ فِيهِ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَطْعِ خَطَرٌ أَوْ لَا خَطَرَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَجُوزُ قَطْعُهَا؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ غَرَضًا مِنْ غَيْرِ إفْضَاءٍ إلَى الْهَلَاكِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ إنَّ تَرْكَهُ مُفْضٍ إلَى الْهَلَاكِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ: أَيْ عَدْلٍ رِوَايَةً، وَأَنَّهُ يَكْفِي عِلْمُ الْوَلِيِّ فِيمَا يَأْتِي: أَيْ وَعِلْمُ صَاحِبِ السِّلْعَةِ إنْ كَانَ فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ ذَلِكَ (وَلِأَبٍ وَجَدٍّ) لِأَبٍ وَإِنْ عَلَا، وَيَلْحَقُ بِهِمَا سَيِّدٌ فِي قِنِّهِ وَأُمٌّ إذَا كَانَتْ قَيِّمَةً، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ التَّعْزِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ (قَطْعُهَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ مَعَ الْخَطَرِ) فِي كُلٍّ لَكِنْ (إنْ زَادَ خَطَرُ التَّرْكِ) عَلَى الْقَطْعِ لِصَوْنِهِمَا مَالَهُ فَبَدَنُهُ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ خَطَرُ الْقَطْعِ اتِّفَاقًا أَوْ اسْتَوَيَا، وَفَارَقَا الْمُسْتَقِلَّ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ لِلشَّخْصِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ (لَا) قَطْعُهَا مَعَ خَطَرٍ فِيهِ (لِسُلْطَانٍ) وَنُوَّابِهِ وَوَصِيٍّ فَلَا يَجُوزُ إذْ لَيْسَ لَهُمْ شَفَقَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ (وَلَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ (وَلِسُلْطَانٍ) وَنُوَّابِهِ وَوَصِيٍّ (قَطْعُهَا بِلَا خَطَرٍ) عِنْدَ انْتِفَاءِ الْخَطَرِ أَصْلًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرْكِ خَطَرٌ لِعَدَمِ الضَّرَرِ، وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ مُطْلَقًا عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَأَبٍ لَا وِلَايَةَ لَهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ وَجَبَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْقَوَدُ (وَ) لِمَنْ كَرَّ (فَصْدٌ وَحِجَامَةٌ) وَنَحْوُهُمَا مِنْ كُلِّ عِلَاجٍ سَلِيمٍ عَادَةً أَشَارَ بِهِ طَبِيبٌ لِنَفْعِهِ لَهُ (فَلَوْ)(مَاتَ) الْمُوَلَّى عَلَيْهِ (بِجَائِزٍ مِنْ هَذَا) الَّذِي هُوَ قَطْعُ السِّلْعَةِ أَوْ الْفَصْدُ أَوْ الْحِجَامَةُ وَمِثْلُهَا مَا فِي مَعْنَاهَا (فَلَا ضَمَانَ) بِدِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَيَتَضَرَّرَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي يَقُولُ هُوَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَافِيَةِ كَالتَّعْزِيرِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْغَزَالِيَّ وَغَيْرَهُ صَرَّحُوا بِحُرْمَةِ تَثْقِيبِ آذَانِ الصَّبِيِّ أَوْ الصَّبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إيلَامٌ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ رُخْصَةٌ مِنْ جِهَةِ نَقْلٍ وَلَمْ تَبْلُغْنَا، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ لِرَدِّ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ صلى الله عليه وسلم

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ فِيهِ) صِفَةُ سِلْعَةٍ أَيْ كَائِنَةً فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَبِنَفْسِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَطْعِ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْقَطْعَ لَا خَطَرَ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي التَّرْكِ فَقَطْ اتَّحَدَتْ هَذِهِ مَعَ مَا قَبْلَهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْقَطْعَ لَا خَطَرَ فِيهِ كَمَا أَنَّ التَّرْكَ لَا خَطَرَ فِيهِ اتَّحَدَتْ مَعَ مَا بَعْدَهَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم حَجّ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَهُ) أَيْ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَكْفِي عِلْمُ الْوَلِيِّ) أَيْ بِالطِّبِّ (قَوْلُهُ: وَأُمٌّ إذَا كَانَتْ قَيِّمَةً) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي أَوْ أَقَامَهَا الْأَبُ وَصِيَّةً (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْهُ) أَيْ حُكْمُ الْأُمِّ بِكَوْنِهَا قَيِّمَةً (قَوْلُهُ: قَطْعَهَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَمَثَلُ السِّلْعَةِ فِيمَا ذَكَرَ وَفِيمَا يَأْتِي الْعُضْوُ الْمُتَأَكِّلُ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَجُوزُ الْكَيُّ وَقَطْعُ الْعُرُوقِ لِلْحَاجَةِ، وَيُسَنُّ تَرْكُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُتَأَلِّمِ تَعْجِيلُ الْمَوْتِ، وَإِنْ عَظُمَ أَلَمُهُ وَلَمْ يُطِقْهُ؛ لِأَنَّ بَرَأَهُ مَرْجُوٌّ، فَلَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي مُحْرِقٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْهُ أَوْ مَاءٍ مُغْرِقٍ وَرَآهُ أَهْوَنَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّبْرِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ لَهُ قَتْلَ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إغْرَاقٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ وَالِدِهِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ خَطِيبٌ وَرَوْضٌ.

وَلَعَلَّ الْعِبَارَةَ: فَلَوْ أَلْقَى فِي مُحْرِقٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْهُ وَعِنْدَهُ مَاءٌ مُغْرِقٌ وَرَآهُ أَهْوَنَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَا) أَيْ فِي حَالَةِ الِاسْتِوَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْخَطَرِ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ أَيْ وَعَلَيْهَا فَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ وَأَبٍ لَا وِلَايَةَ لَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فَاسِقًا (قَوْلُهُ وَجَبَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْقَوَدُ) أَيْ وَعَلَى الْأَبِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ (قَوْلُهُ: أَشَارَ بِهِ طَبِيبٌ لِنَفْعِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ كَمَا فَسَّرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ: أَيْ الْأَصْلُ الْأَبُ وَالْجَدُّ لِأَنَّهَا تَصْدُقُ بِالْجَدِّ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: عِنْدَ انْتِفَاءِ الْخَطَرِ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ لَفْظُ أَيْ

ص: 33

عَلَيْهِمْ، نَعَمْ فِي الرِّعَايَةِ لِلْحَنَابِلَةِ جَوَازُهُ فِي الصَّبِيَّةِ لِغَرَضِ الزِّينَةِ وَيُكْرَهُ فِي الصَّبِيِّ.

وَأَمَّا خَبَرُ «أَنَّ النِّسَاءَ أَخَذْنَ مَا فِي آذَانِهِنَّ وَأَلْقَيْنَهُ فِي حِجْرِ بِلَالٍ وَهُوَ صلى الله عليه وسلم يَرَاهُنَّ» فَلَا يَدُلُّ لِلْجَوَازِ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُكُوتِهِ عَلَيْهِ حِلُّهُ، وَدَعْوَى أَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ مُمْتَنِعٌ غَيْرُ مُجْدٍ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَأْخِيرُ ذَلِكَ إلَّا لَوْ سُئِلَ عَنْ حُكْمِ التَّثْقِيبِ أَوْ رَأَى مَنْ يَفْعَلُهُ أَوْ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَهَذَا هُوَ وَقْتُ الْحَاجَةِ، وَأَمَّا أَمْرٌ وَقَعَ وَانْقَضَى، وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ فُعِلَ بَعْدُ أَوْ لَا فَلَا حَاجَةَ لِبَيَانِهِ، نَعَمْ فِي خَبَرٍ لِلطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عَدَّ مِنْ السُّنَّةِ فِي الصَّبِيِّ يَوْمَ السَّابِعِ أَنْ تُثْقَبَ آذَانُهُ» وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِهِ لِلصَّبِيِّ فَالصَّبِيَّةُ أَوْلَى، إذْ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ، وَبِهَذَا يَتَأَيَّدُ مَا ذُكِرَ عَنْ قَاضِي خَانَ، فَالْأَوْجَهُ الْجَوَازُ

(وَلَوْ)(فَعَلَ سُلْطَانٌ) أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ أَبًا (بِصَبِيٍّ) أَوْ مَجْنُونٍ (مَا مُنِعَ) مِنْهُ فَمَاتَ (فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي م الِهِ) لِتَعَدِّيهِ وَلَا قَوَدَ لِشُبْهَةِ الْإِصْلَاحِ إلَّا إذَا كَانَ الْخَوْفُ فِي الْقَطْعِ أَكْثَرَ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَمَا وَجَبَ بِخَطَإِ إمَامٍ) أَوْ نُوَّابِهِ (فِي حَدٍّ) أَوْ تَعْزِيرٍ (وَحُكْمٍ) فِي نَفْسٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَعَلَى عَاقِلَتِهِ) كَغَيْرِهِ (وَفِي قَوْلٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ) إنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَقْصِيرٌ؛ لِأَنَّ خَطَرَهُ يَكْثُرُ بِكَثْرَةِ الْوَقَائِعِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ قَطْعًا وَكَذَا خَطَؤُهُ فِي الْمَالِ (وَلَوْ)(حَدَّهُ بِشَاهِدَيْنِ) فَمَاتَ مِنْهُ (فَبَانَا) غَيْرَ مَقْبُولِي الشَّهَادَةِ كَأَنْ بَانَا (عَبْدَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ مُرَاهِقَيْنِ) أَوْ فَاسِقَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ بَانَ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ (فَإِنْ قَصَّرَ فِي اخْتِبَارِهِمَا) بِأَنْ تَرَكَهُ أَصْلًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ) قَوَدًا أَوْ غَيْرَهُ إنْ تَعَمَّدَ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، وَبِمَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ يَدْفَعُ تَنْظِيرَ الْأَذْرَعِيِّ فِي الْقَوَدِ بِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ إذْ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ يَقْبَلُهُمَا؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْبَيِّنَةِ الَّتِي لَمْ يَبْحَثْ عَنْهَا غَيْرُ شُبْهَةٍ لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي اخْتِبَارِهِمَا بَلْ بَحَثَ عَنْهُ (فَالْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَقِيلَ فِي بَيْتِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ أَوْ عَرَفَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِالطِّبِّ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي الرِّعَايَةِ) اسْمُ كِتَابٍ (قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ) أَيْ وَهُوَ الثَّقْبُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُجْدٍ) أَيْ قَوْلٌ أَوْ أَمْرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ الْجَوَازُ) أَيْ فِي الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ، وَأَمَّا ثَقْبُ الْمَنْخَرِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذًا مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْآذَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تَجْرِ عَادَةُ أَهْلِ نَاحِيَةٍ بِهِ وَعَدُّهُمْ لَهُ زِينَةً، وَإِلَّا فَهُوَ كَتَثْقِيبِ الْآذَانِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَيَظْهَرُ فِي خَرْقِ الْأَنْفِ بِحَلْقَةٍ تُعْمَلُ فِيهِ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ أَنَّهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا زِينَةَ فِي ذَلِكَ يُغْتَفَرُ لِأَجْلِهَا إلَّا عِنْدَ فِرْقَةٍ قَلِيلَةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِهَا مَعَ الْعُرْفِ، بِخِلَافِ مَا فِي الْآذَانِ اهـ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ وَضْعُ الْخِزَامِ لِلزِّينَةِ وَلَا النَّظَرُ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) وَمِنْ الْغَيْرِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يُرِيدُ خَتْنَ وَلَدِهِ فَيَأْخُذُ أَوْلَادَ غَيْرِهِ مِنْ الْفُقَرَاءِ فَيَخْتِنُهُمْ مَعَ ابْنِهِ قَاصِدًا الرِّفْقَ بِهِمْ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ، بَلْ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ ضَمِنَهُ الْخَاتِنُ إنْ عَلِمَ تَعَدِّي مَنْ أَحْضَرَهُ لَهُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ فَيَجِبُ الْقَوَدُ إلَّا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا خَطَؤُهُ فِي مَالِهِ) قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَمَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِأَنَّ تَرْكَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْحَثْ عَنْهَا غَيْرُ شُبْهَةٍ لَهُ) هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ مَالِكًا وَغَيْرَهُ إنَّمَا يَقُولُونَ بِالْقَبُولِ عِنْدَ الْبَحْثِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْبَحْثَ أَصْلًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ الْخَوْفُ فِي الْقَطْعِ أَكْثَرَ) أَيْ وَالْقَاطِعُ غَيْرُ أَبٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعْزِيرٍ) لَعَلَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى خَطَأٍ، وَإِلَّا فَالضَّمَانُ بِالتَّعْزِيرِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْخَطَأِ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ مَدْخُولِ الْخَطَأِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ التَّرَدُّدُ فِيمَا ذُكِرَ هَلْ يُوجِبُ الْقَوَدَ أَوْ الدِّيَةَ (قَوْلُهُ: يَقْبَلُهُمَا) يَعْنِي الْعَبْدَيْنِ إذْ هَذَا هُوَ الَّذِي فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ

ص: 34

الْمَالِ (فَإِنْ ضَمِنَا عَاقِلَةً أَوْ بَيْتَ الْمَالِ فَلَا رُجُوعَ) لِأَحَدِهِمَا (عَلَى الْعَبْدَيْنِ وَالذِّمِّيَّيْنِ فِي الْأَصَحِّ) لِزَعْمِهِمَا الصِّدْقَ، وَالْإِمَامُ هُوَ الْمُتَعَدِّي بِتَرْكِ بَحْثِهِ عَنْهُمَا، وَكَذَا الْمُرَاهِقَانِ وَالْفَاسِقَانِ إنْ لَمْ يَكُونَا مُتَجَاهِرَيْنِ.

أَمَّا الْمُتَجَاهِرَانِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِمَا يُشْعِرُ بِتَدْلِيسِهِمَا وَتَغْرِيرِهِمَا حَتَّى قُبِلَا إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الْبَحْثِ عَنْهُمَا

(وَمَنْ) عَالَجَ كَأَنْ (حَجَمَ أَوْ فَصَدَ بِإِذْنٍ) مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فَأَفْضَى إلَى تَلَفٍ (لَمْ يَضْمَنْ) وَإِلَّا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ، وَلَوْ أَخْطَأَ الطَّبِيبُ فِي الْمُعَالَجَةِ، وَحَصَلَ مِنْهُ التَّلَفُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَكَذَا مَنْ تَطَبَّبَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ لِخَبَرِ «مَنْ تَطَبَّبَ، وَلَمْ يَعْرِفْ الطِّبَّ فَهُوَ ضَامِنٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ (وَقَتْلُ جَلَّادٍ وَضَرْبُهُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ كَمُبَاشَرَةِ الْإِمَامِ إنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ) كَأَنْ اعْتَقَدَ الْإِمَامُ تَحْرِيمَهُ وَالْجَلَّادُ حِلَّهُ (وَخَطَأَهُ) فَيَضْمَنُ الْإِمَامُ دُونَ الْجَلَّادِ؛ لِأَنَّهُ آلَتُهُ وَلِئَلَّا تَرْغَبَ النَّاسُ عَنْهُ، نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ التَّكْفِيرُ فِي الْقَتْلِ، وَقَوْلُ صَاحِبِ الْوَافِي إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ اُعْتُقِدَ وُجُوبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ فِي الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقَوَدِ لَا الْمَالِ، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْإِمَامِ إلَّا إنْ أَكْرَهَهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ ظُلْمَهُ أَوْ خَطَأَهُ كَأَنْ اعْتَقَدَا حُرْمَتَهُ أَوْ اعْتَقَدَهَا الْجَلَّادُ وَحْدَهُ وَقَتَلَهُ امْتِثَالًا لِأَمْرِ الْإِمَامِ (فَالْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَلَّادِ) وَحْدَهُ (إنْ لَمْ يَكُنْ إكْرَاهٌ) مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ لِتَعَدِّيهِ فَإِنْ أَكْرَهَهُ ضَمِنَا الْمَالَ وَقَتَلَا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَخَطَأَهُ بِمَعْنَى أَوْ

(وَيَجِبُ)(خِتَانٌ) لِذَكَرٍ وَأُنْثَى إنْ لَمْ يُولَدَا مَخْتُونَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123] وَمِنْهَا الْخِتَانُ، وَقَدْ اُخْتُتِنَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَصَحَّ أَنَّهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَقَدْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى حُسْبَانِهِ مِنْ النُّبُوَّةِ وَالثَّانِي مِنْ الْوِلَادَةِ، بِالْقَدُومِ اسْمُ مَوْضِعٍ، وَقِيلَ آلَةٌ لِلنَّجَّارِ، ثُمَّ كَيْفِيَّتُهُ فِي (الْمَرْأَةِ)(بِجُزْءٍ) يُقْطَعُ يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ (مِنْ اللَّحْمَةِ) الْمَوْجُودَةِ (بِأَعْلَى الْفَرْجِ) فَوْقَ ثُقْبَةِ الْبَوْلِ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ وَتُسَمَّى الْبَظْرَ بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُعْجَمَةٍ وَتَقْلِيلُهُ أَفْضَلُ (وَ) فِي (الرَّجُلِ بِقَطْعِ) جَمِيعِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَمِنَا عَاقِلَةً) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَيْتَ مَالٍ ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ إذَا كَانَ عَارِفًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَكَذَا مَنْ تَطَبَّبَ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِالْمُعَالَجَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ مُعَالَجَتِهِ وَعَدَمِ ضَمَانِهِ قَبُولُ خَبَرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْطَأَ الطَّبِيبُ فِي الْمُعَالَجَةِ) وَالْعِلْمُ بِخَطَئِهِ يَكُونُ بِإِخْبَارِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ عَارِفِينَ بِالطِّبِّ أَنَّ مَا دَاوَى بِهِ لَا يُنَاسِبُ هَذَا الْمَرَضَ (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقَوْلُهُ مَنْ تَطَبَّبَ: أَيْ ادَّعَى الطِّبَّ، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيُعْلَمُ كَوْنُهُ عَارِفًا بِالطِّبِّ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَالِمَيْنِ بِالطِّبِّ بِمَعْرِفَتِهِ، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِاشْتِهَارِهِ بِالْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ حُصُولِ الشِّفَاءِ بِمُعَالَجَتِهِ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ ضَامِنٌ) أَيْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ وَتَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ عَنْهُ إنْ كَانَتْ، وَإِلَّا فَبَيْتُ الْمَالِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَهُوَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ) أَيْ لِلْجَلَّادِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ) أَيْ فِي ضَمَانِ الْإِمَامِ دُونَ الْجَلَّادِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ ظَاهِرٍ) وَيَنْبَغِي فَرْضُ الْكَلَامِ فِي غَيْرِ الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ، أَمَّا هُوَ فَالضَّمَانُ عَلَى آمِرِهِ إمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ) أَيْ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ الْجَلَّادِ (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) وَهُوَ مَا لَوْ عَلِمَ ظُلْمَهُ، وَالْجَلَّادُ وَحْدَهُ فِي الثَّانِي وَهُوَ مَا لَوْ عَلِمَ خَطَأَهُ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ اُخْتُتِنَ) أَيْ إبْرَاهِيمُ (قَوْلُهُ وَصَحَّ أَنَّهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ) أَيْ فِي بَيَانِ السِّنِّ الَّذِي اُخْتُتِنَ فِيهِ أَنَّهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ (قَوْلُهُ: بِالْقَدُومِ) وَالْقَدُومُ الَّتِي يُنْحَتُ بِهَا مُخَفَّفَةٌ.

قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا تَقُولُ قَدُّومًا بِالتَّشْدِيدِ وَالْجَمْعُ قُدُمٌ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ وَتَقْلِيلُهُ) أَيْ الْمَقْطُوعِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ هُوَ الْمُتَعَدِّي بِتَرْكِ بَحْثِهِ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَقَدْ يُنْسَبُ الْقَاضِي إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْبَحْثِ

(قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ) اُنْظُرْ هَلْ الضَّمِيرُ لِلْقَوَدِ أَوْ الْمَالِ

(قَوْلُهُ: لِذَكَرٍ) يَجِبُ إسْقَاطُ اللَّامِ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَتْنَ لَا تَنْوِينَ فِيهِ

ص: 35

(مَا يُغَطِّي حَشَفَتَهُ) حَتَّى تَنْكَشِفَ كُلُّهَا، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ غُرْلَتَهُ لَوْ تَقَلَّصَتْ حَتَّى انْكَشَفَتْ الْحَشَفَةُ كُلُّهَا، فَإِنْ أَمْكَنَ قَطْعُ شَيْءٍ مِمَّا يَجِبُ قَطْعُهُ فِي الْخِتَانِ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهَا، وَجَبَ وَلَمْ يُنْظَرْ لِذَلِكَ التَّقَلُّصِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ فَيَسْتُرُ الْحَشَفَةَ، وَإِلَّا سَقَطَ الْوُجُوبُ كَمَا لَوْ وُلِدَ مَخْتُونًا.

وَرُوِيَ أَنَّ نَبِيَّنَا صلى الله عليه وسلم وُلِدَ مَخْتُونًا كَثَلَاثَةَ عَشَرَ نَبِيًّا، وَأَنَّ جِبْرِيلَ خَتَنَهُ حِينَ طَهَّرَ قَلْبَهُ، وَأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَلَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ الْحُفَّاظِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِقَوْلِ الْحَاكِمِ إنَّ الَّذِي تَوَاتَرَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ وُلِدَ مَخْتُونًا.

وَمِمَّنْ أَطَالَ فِي رَدِّهِ الذَّهَبِيُّ وَلَا لِتَصْحِيحِ الضِّيَاءِ حَدِيثُ وِلَادَتِهِ مَخْتُونًا؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ ضَعْفُهُ.

وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ نَوْعُ تَقَلُّصٍ فِي الْحَشَفَةِ، فَنَظَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ لِلصُّورَةِ فَسَمَّاهُ خِتَانًا، وَبَعْضُهُمْ لِلْحَقِيقَةِ فَسَمَّاهُ غَيْرَ خِتَانٍ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْحُفَّاظِ: الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ أَنَّهُ لَمْ يُولَدْ مَخْتُونًا، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْخِتَانُ فِي حَيٍّ (بَعْدَ الْبُلُوغِ) وَالْعَقْلِ لِانْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ قَبْلَهُمَا فَيَجِبُ ذَلِكَ فَوْرًا بَعْدَهُمَا مَا لَمْ يَخْفَ فِيهِ فَيُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ السَّلَامَةُ مِنْهُ، وَيَأْمُرُهُ الْإِمَامُ بِهِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُهُ لَوْ مَاتَ إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِ فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَعَلَيْهِ نِصْفُ ضَمَانِهِ، وَلَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا لَمْ يَجِبْ خِتَانُهُ، وَأَفْهَمَ ذِكْرُهُ الرَّجُلَ وَالْأُنْثَى عَدَمَ وُجُوبِهِ فِي الْخُنْثَى بَلْ لَا يَجُوزُ لِامْتِنَاعِ الْجُرْحِ مَعَ الْإِشْكَالِ وَلَا جِنَايَةَ مِنْهُ، وَمَنْ لَهُ ذَكَرَانِ عَامِلَانِ يُخْتَنَانِ، فَإِنْ تَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ مِنْهُمَا خُتِنَ فَقَطْ، فَإِنْ شَكَّ فَكَالْخُنْثَى (وَيُنْدَبُ تَعْجِيلُهُ فِي سَابِعِهِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: مَا يُغَطِّي حَشَفَتَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّهَا إذَا نَبَتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَجِبُ إزَالَتُهَا لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِمَا فَعَلَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: كَثَلَاثَةَ عَشَرَ نَبِيًّا) آدَم وَشِيثٌ وَنُوحٌ وَهُودٌ وَصَالِحٌ وَلُوطٌ وَشُعَيْبٌ وَيُوسُفُ وَمُوسَى وَسُلَيْمَانُ وَزَكَرِيَّا وَعِيسَى وَحَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ.

وَقَدْ نَظَمَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَسْعُودِيُّ مَنْ اُخْتُتِنَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ:

وَإِنْ تَرِدَ الْمَوْلُودَ مِنْ غَيْرِ قُلْفَةٍ

بِحُسْنِ خِتَانٍ نِعْمَةً وَتَفَضُّلَا مِنْ

الْأَنْبِيَاءِ الطَّاهِرِينَ فَهَاكُهُمْ

ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِاتِّفَاقِ أُولِي الْعُلَا

فَآدَمُ شِيثٌ ثُمَّ نُوحٌ بَنِيهِ

شُعَيْبٌ لِلُوطٍ فِي الْحَقِيقَةِ قَدْ تَلَا

وَمُوسَى وَهُودٌ ثُمَّ صَالِحٌ بَعْدَهُ

وَيُوسُفُ زَكَرِيَّاءُ فَافْهَمْ لِتَفَضُّلَا

وَحَنْظَلَةُ يَحْيَى سُلَيْمَانُ مُكَمِّلًا

لِعِدَّتِهِمْ وَالْخَلَفُ جَاءَ لِمَنْ تَلَا

خِتَامًا لِجَمْعِ الْأَنْبِيَاءِ مُحَمَّدٌ

عَلَيْهِمْ سَلَامُ اللَّهِ مِسْكًا وَمَنْدَلَا

وَمَنْدَلًا: اسْمٌ لِعُودِ الْبَخُورِ وَغَلَبَ غَيْرُ آدَمَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يُولَدْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ جِبْرِيلَ) أَيْ وَرُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ:، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخَفْ فِيهِ) أَيْ مِنْ الْخِتَانِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ) أَيْ فَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ احْتِمَالُهُ لِلْخِتَانِ، وَأَنَّ السَّلَامَةَ هِيَ الْغَالِبَةُ فَخَتَنَهُ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَيَأْمُرُهُ الْإِمَامُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِ) أَيْ يَفْعَلُ الْإِمَامُ الْإِجْبَارَ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ نِصْفُ ضَمَانِهِ: أَيْ وَالنِّصْفُ الثَّانِي هَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ لِلْمَخْتُونِ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَالْعَقْلِ، وَلَوْ قَالَ أَمَّا الْمَجْنُونُ إلَخْ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَمَنْ لَهُ ذَكَرَانِ عَامِلَانِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَهَلْ يُعْرَفُ: أَيْ الْعَمَلُ بِالْجِمَاعِ أَوْ الْبَوْلِ وَجْهَانِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: جَزَمَ كَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ بِالثَّانِي مُعْتَمَدٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ نَوْعُ تَقَلُّصٍ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُفِيدُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَوْلِ بِوِلَادَتِهِ مَخْتُونًا أَوْ غَيْرَ مَخْتُونٍ لَا بَيْنَ خَتْنِ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَهُ أَوْ جِبْرِيلَ

ص: 36

أَيْ سَابِعِ يَوْمِ وِلَادَتِهِ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَتَنَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ يَوْمَ سَابِعِهِمَا» وَيُكْرَهُ قَبْلَ السَّابِعِ، فَإِنْ أُخِّرَ عَنْهُ فَفِي الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا فَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهَا وَقْتُ أَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ، وَلَا يُحْسَبُ مِنْ السَّبْعَةِ يَوْمَ وِلَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا أُخِّرَ قَوِيَ عَلَيْهِ وَبِهِ فَارَقَ الْعَقِيقَةَ؛ لِأَنَّهَا بِرٌّ فَنُدِبَ الْإِسْرَاعُ إلَيْهِ، وَيُسَنُّ إظْهَارُ خِتَانِ الذُّكُورِ وَإِخْفَاءُ خِتَانِ الْإِنَاثِ كَمَا نَقَلَهُ جَمْعٌ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ الْمَالِكِيِّ (فَإِنْ ضَعُفَ عَنْ احْتِمَالِهِ) فِي السَّابِعِ (أُخِّرَ) وُجُوبًا إلَى احْتِمَالِهِ لَهُ

(وَمَنْ)(خَتَنَهُ فِي سِنٍّ لَا يَحْتَمِلُهُ) لِضَعْفٍ وَنَحْوِهِ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَمَاتَ (لَزِمَهُ قِصَاصٌ) لِتَعَدِّيهِ بِالْجُرْحِ الْمُهْلِكِ، نَعَمْ إنْ ظَنَّ كَوْنَهُ مُحْتَمِلًا لَهُ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْقَوَدِ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ (إلَّا وَالِدًا) وَإِنْ عَلَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ، نَعَمْ تَلْزَمُهُ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ مَحْضٌ وَكَذَا مُسْلِمٌ فِي كَافِرٍ وَحُرٌّ لِقِنٍّ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ قَتْلِهِ بِهِ أَيْضًا (فَإِنْ احْتَمَلَهُ وَخَتَنَهُ وَلِيٌّ) وَلَوْ وَصِيًّا وَقَيِّمًا (فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ) لِإِحْسَانِهِ بِتَقْدِيمِهِ إذْ هُوَ أَسْهَلُ عَلَيْهِ مَا دَامَ صَغِيرًا، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِتَعَدِّيهِ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ إقَامَةِ الشِّعَارِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ ظَنَّ ذَلِكَ لَا يُبِيحُ لَهُ الْإِقْدَامَ بِوَجْهٍ فَلَا شُبْهَةَ، وَلَيْسَ كَقَطْعِ يَدِ سَارِقٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لِإِهْدَارِهَا بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ مَعَ تَعَدِّي السَّارِقِ بِخِلَافِهِ هُنَا، نَعَمْ إنْ ظَنَّ الْجَوَازَ وَعُذِّرَ بِجَهْلِهِ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَوَدِ، وَكَذَا خَاتِنٌ بِإِذْنِ أَجْنَبِيٍّ ظَنَّهُ وَلِيًّا فِيمَا يَظْهَرُ.

وَالثَّانِي إلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْحَالِ (وَأُجْرَتُهُ) وَبَقِيَّةُ مُؤَنِهِ (فِي مَالِ الْمَخْتُونِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ كَالسَّيِّدِ، وَيَجِبُ أَيْضًا قَطْعُ سُرَّةِ الْمَوْلُودِ بَعْدَ وِلَادَتِهِ بَعْدَ نَحْوِ رَبْطِهَا لِتَوَقُّفِ إمْسَاكِ الطَّعَامِ عَلَيْهِ، وَالْمُخَاطَبُ بِهِ هُنَا الْوَلِيُّ إنْ حَضَرَ، وَإِلَّا فَمَنْ عَلِمَ بِهِ عَيْنًا تَارَةً وَكِفَايَةً أُخْرَى كَإِرْضَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ لَا يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ، فَإِنْ فَرَّطَ فَلَمْ يُحْكِمْ الْقَطْعَ أَوْ نَحْوَ الرَّبْطِ ضَمِنَ وَكَذَا الْوَلِيُّ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيق اِ هـ سم عَلَى حَجّ.

وَمَا رَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ) أَيْ وَبَعْدَهَا يَنْبَغِي وُجُوبُهُ عَلَى الْوَلِيِّ إنْ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ الْعَقِيقَةَ) أَيْ حَيْثُ يُحْسَبُ فِيهَا يَوْمُ الْوِلَادَةِ مِنْ السَّبْعَةِ (قَوْلُهُ: وَإِخْفَاءُ خِتَانِ الْإِنَاثِ) أَيْ عَنْ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ

(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ ظَنَّ كَوْنَهُ مُحْتَمَلًا) تَقَدَّمَ بِأَعْلَى الْهَامِشِ فِي الْبَالِغِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَالِغِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجِهُ عَدَمُ الْقَوَدِ) أَيْ وَوُجُوبُ دِيَةِ الْخَطَأِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِتَعَدِّيهِ) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِمَّنْ يُرِيدُ خِتَانَ نَحْوِ وَلَدِهِ فَيَخْتِنُ مَعَهُ أَيْتَامًا قَاصِدًا بِذَلِكَ إصْلَاحَ شَأْنِهِمْ وَإِرَادَةَ الثَّوَابِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُزَيِّنِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي، وَكَذَا خَاتِنٌ بِإِذْنٍ إلَخْ، وَمَنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُرَاجِعْ الْقَاضِيَ قَبْلَ الْخَتْنِ وَحَيْثُ ضَمِنَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَلَا قِصَاصَ لِلشُّبْهَةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ ظَنَّ الْجَوَازَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ) وَمِنْهُ بَيْتُ الْمَالِ ثُمَّ مَيَاسِيرُ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ قَطْعُ سُرَّةِ الْمَوْلُودِ) الْأَوْلَى سُرُّ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالسُّرُّ بِالضَّمِّ مَا تَقْطَعُهُ الْقَابِلَةُ مِنْ سُرَّةِ الصَّبِيِّ تَقُولُ عَرَفَتْك أَنْ تَقْطَعَ سُرَّكَ وَلَا تَقُلْ سُرَّتَك؛ لِأَنَّ السُّرَّةَ لَا تُقْطَعُ وَإِنَّمَا هِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي قُطِعَ مِنْهُ السُّرُّ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَنْ عَلِمَ بِهِ) وَمِنْهُ الْقَابِلَةُ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُ الرَّبْطِ) أَيْ فَلَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ وَاخْتَلَفَ الْوَارِثُ وَالْقَابِلَةُ مَثَلًا فِي أَنَّهُ هَلْ مَاتَ لِعَدَمِ الرَّبْطِ أَوْ إحْكَامِهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ صُدِّقَ مُدَّعِي الرَّبْطِ وَإِحْكَامِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ، (وَقَوْلُهُ ضَمِنَ: أَيْ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَلِيُّ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَهْمَلَهُ فَلَمْ يُحْضِرْ لَهُ مَنْ يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 37