المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) يحل ذبح مقدور عليه وجرح غيره - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٨

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ

- ‌كِتَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقَلُّ الْجِزْيَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى نَحْوِ خَيْلٍ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ

- ‌فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌بَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ]

- ‌فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَمَا يَلْزَمُ سَيِّدَ الْمُكَاتَب وَيُنْدَبُ لَهُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان مَا يحرم عَلَى سَيِّد الْمُكَاتَب]

- ‌[فَصَلِّ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ قَبْلَ مَحِلِّهَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ وَمَا تُوَافِقُ أَوْ تُبَايِنُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ

- ‌كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَةُ الْكِتَابِ]

الفصل: ‌(فصل) يحل ذبح مقدور عليه وجرح غيره

مِنْ ذَبْحٍ أَوْ إرْسَالِ سَهْمٍ أَوْ جَارِحَةٍ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الذَّبْحِ، وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَرْكِهَا، فَلَوْ تَرَكَهَا وَلَوْ عَمْدًا حَلَّ لِأَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وَهُمْ لَا يَذْكُرُونَهَا، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] فَالْمُرَادُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ: يَعْنِي مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] وَسِيَاقُ الْآيَةِ دَلَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] وَالْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا فِسْقًا هِيَ الْإِهْلَالُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] وَالْإِجْمَاعُ قَامَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَكَلَ ذَبِيحَةَ مُسْلِمٍ لَمْ يُسَمِّ عَلَيْهَا لَيْسَ بِفِسْقٍ (وَيُصَلِّي) وَيُسَلِّمُ (عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) لِأَنَّهُ مَحَلٌّ يُشْرَعُ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ فَشُرِعَ فِيهِ ذِكْرُ نَبِيِّهِ كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ (وَلَا يَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ) فَإِنْ قَالَهُ حَرُمَ لِإِبْهَامِهِ لِلتَّشْرِيكِ لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ تَعَالَى اخْتِصَاصَ الذَّبْحِ وَالْيَمِينِ بِاسْمِهِ وَالسُّجُودِ لَهُ مِنْ غَيْرِ مُشَارَكَةِ مَخْلُوقٍ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ أَذْبَحُ بِاسْمِ اللَّهِ وَأَتَبَرَّكُ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَدَمُ الْحُرْمَةِ، وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ نَفَى جَوَازَهُ عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ إذْ الْمَكْرُوهُ يَصِحُّ نَفْيُ الْجَوَازِ عَنْهُ.

(فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ

هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ (بِكُلِّ مُحَدَّدٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ: أَيْ شَيْءٍ لَهُ حَدٌّ (يَجْرَحُ) إذْ هُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ وَهُوَ صِفَةٌ وَمَفْهُومُهَا مُعْتَبَرٌ فَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (كَحَدِيدٍ) أَيْ كَمُحَدَّدِ حَدِيدٍ (وَنُحَاسٍ) وَرَصَاصٍ (وَذَهَبٍ) وَفِضَّةٍ (وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَرْكِهَا) أَيْ التَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَهُ حَرُمَ) أَيْ ذَلِكَ وَالْمَذْبُوحُ حَلَالٌ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ حَرُمَ: أَيْ هَذَا الْقَوْلُ وَإِلَّا فَيَحِلُّ أَكْلُ الذَّبِيحَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

[فَائِدَةٌ] يَكْفِي الذَّبْحُ بِالْمُدْيَةِ الْمَسْمُومَةِ فَإِنَّ السُّمَّ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ مَعَ الْقَطْعِ، وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ الْحِلِّ فِيمَا لَوْ قَتَلَهُ بِسَهْمٍ وَبُنْدُقٍ مَثَلًا، فَإِنَّ اجْتِمَاعَ السَّهْمِ مَعَ الْبُنْدُقَةِ يُؤَثِّرُ فِي الْقَتْلِ ظَاهِرًا مَا لَا يُؤَثِّرُهُ السَّهْمُ وَحْدَهُ، فَكَانَ لِلْبُنْدُقَةِ مَعَ السَّهْمِ أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي الْقَتْلِ، وَلَا كَذَلِكَ السُّمُّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُقْتَلُ عَادَةً بَعْدَ سَرَيَانِهِ فِي الْجَسَدِ لَا بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ، وَالْقَطْعُ الَّذِي هُوَ أَثَرٌ بِمُبَاشَرَةِ السِّكِّينِ مُؤَثِّرٌ لِلزَّهُوقِ حَالًا فَلَا يُنْسَبُ تَأْثِيرٌ لِلسُّمِّ.

(فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَاللَّبَّةُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: بِكُلِّ مُحَدَّدٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمُحَدَّدِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ مَا لَوْ ذَبَحَ بِخَيْطٍ يُؤَثِّرُ مُرُورُهُ عَلَى حَلْقِ نَحْوِ الْعُصْفُورِ قَطَعَهُ كَتَأَثُّرِ السِّكِّينِ فِيهِ فَيَحِلُّ الْمَذْبُوحُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَنُحَاسٍ) أَيْ وَكَمُحَدَّدِ نُحَاسٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الذَّبْحِ) لَعَلَّ هُنَا سَقْطًا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الذَّبْحِ لِلْأُضْحِيَّةِ وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَهُ حَرُمَ) أَيْ الْقَوْلُ لَا الْمَذْبُوحُ

[فَصْلٌ يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ]

(فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَرْحُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ) فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ إذْ غَايَةُ مَا تُفِيدُهُ الْعِبَارَةُ هُنَا بِالنَّظَرِ إلَى تَقْرِيرِهِ الْآتِي أَنَّ الذَّبْحَ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمُحَدَّدِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ فَمِقْدَارٌ آخَرُ لَا يُفِيدُهُ الْمَتْنُ قَطْعًا، وَعِبَارَتُهُ هُنَا غَيْرُ عِبَارَتِهِ فِي الرَّوْضَةِ

ص: 119

وَزُجَاجٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْرَعُ لِإِخْرَاجِ الرُّوحِ (إلَّا ظُفْرًا وَسِنًّا وَسَائِرَ الْعِظَامِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ» أَيْ وَهُمْ كُفَّارٌ قَدْ نُهِينَا عَنْ التَّشْبِيهِ بِهِمْ: أَيْ لِمَعْنًى ذَاتِيٍّ فِي الْآلَةِ الَّتِي وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِهَا، فَلَا يُقَالُ مُجَرَّدُ النَّهْيِ عَنْ التَّشْبِيهِ بِهِمْ لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ بَلْ وَلَا الْحُرْمَةَ فِي نَحْوِ النَّهْيِ عَنْ السَّدْلِ وَاشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَأُلْحِقَ بِهِمَا بَاقِي الْعِظَامِ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مَا قَتَلَتْهُ الْجَارِحَةُ بِظُفُرِهَا أَوْ نَابِهَا حَلَالٌ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَائِهِ (فَلَوْ قَتَلَ بِمُثْقَلٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ (أَوْ ثِقَلٍ مُحَدَّدٍ كَبُنْدُقَةٍ وَسَوْطٍ وَسَهْمٍ بِلَا نَصْلٍ وَلَا حَدٍّ) هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلْأَوَّلِ وَالسَّهْمُ بِنَصْلٍ أَوْ حَدٍّ قَتَلَ بِثِقَلِهِ مِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي (أَوْ) قَتَلَ (بِسَهْمٍ وَبُنْدُقَةٍ أَوْ جَرَحَهُ نَصْلٌ وَأَثَّرَ فِيهِ عَرْضُ السَّهْمِ فِي مُرُورِهِ وَمَاتَ بِهِمَا) أَيْ بِالْجُرْحِ وَالتَّأْثِيرِ (أَوْ انْخَنَقَ بِأُحْبُولَةٍ) مَنْصُوبَةٍ وَمَاتَ وَهِيَ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْحِبَالِ لِلصَّيْدِ بِهِ (أَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فَوَقَعَ بِأَرْضٍ) عَالِيَةٍ (أَوْ جَبَلٍ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمَاتَ (حَرُمَ) فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، أَمَّا فِي الْقَتْلِ بِمُثْقِلٍ فَلِأَنَّهُ مَوْقُوذَةٌ، إذْ هِيَ مَا قُتِلَ بِحَجَرٍ أَوْ بِمَا لَا حَدَّ لَهُ، وَأَمَّا مَوْتُهُ بِالسَّهْمِ وَالْبُنْدُقَةِ وَمَا بَعْدَهَا فَلِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبَيْنِ: مُبِيحٌ وَمُحَرَّمٌ، فَغُلِّبَ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْمَيْتَاتِ، وَأَمَّا إذَا أَصَابَهُ سَهْمٌ فَوَقَعَ عَلَى جَبَلٍ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ فَلِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا مَاتَ وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الْمَقْتُولَ بِثِقَلِ الْجَارِحَةِ كَالْمَقْتُولِ بِجُرْحِهَا وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَرْضِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ جَبَلٍ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بَدَلَ أَرْضٍ بِسَطْحٍ كَمَا بِأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى

(وَلَوْ)(أَصَابَهُ) سَهْمٌ (بِالْهَوَاءِ) أَوْ عَلَى شَجَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَسَقَطَ بِأَرْضٍ وَمَاتَ)(حَلَّ) لِأَنَّ وُقُوعَهُ عَلَى الْأَرْضِ لَا بُدَّ مِنْهُ فَعُفِيَ عَنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ الصَّيْدُ قَائِمًا فَوَقَعَ عَلَى جَنْبِهِ لَمَّا أَصَابَهُ السَّهْمُ وَانْصَدَمَ بِالْأَرْضِ وَكَلَامُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا جَرَحَهُ السَّهْمُ فِي الْهَوَاءِ جُرْحًا مُؤَثِّرًا فَلَوْ لَمْ يَجْرَحْهُ بَلْ كَسَرَ جَنَاحَهُ فَوَقَعَ وَمَاتَ أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا لَا يُؤَثِّرُ فَعَطَّلَ جَنَاحَهُ فَوَقَعَ فَمَاتَ لَمْ يَحِلَّ لِعَدَمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَخْ، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْمِنْشَارِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ فِي الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْعِظَامِ) ظَاهِرُهُ دُخُولُ الصَّدَفِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ الْكَتَّانُ فَلَا يَكْفِي، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَظْمٍ (قَوْلُهُ: لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ) بِنَصْبِهِمَا فَإِنَّهُمَا مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ فَاعِلِ أَنْهَرَ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، وَالْإِنْهَارُ: الْإِسَالَةُ، شَبَّهَ خُرُوجَ الدَّمِ بِجَرْيِ الْمَاءِ فِي النَّهْرِ اهـ شَرْحُ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الظُّفُرُ) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الظُّفُرَ لَيْسَ مِنْ الْعَظْمِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَائِرِ الْعِظَامِ (قَوْلُهُ: كَبُنْدُقَةٍ) وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِحُرْمَةِ الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخَائِرِ لَكِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِجَوَازِهِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ لَا يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا كَالْإِوَزِّ فَإِنْ مَاتَ كَالْعَصَافِيرِ فَيَحْرُمُ اهـ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ.

أَقُولُ: قَوْلُهُ لَا يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا: أَيْ وَكَانَ ذَلِكَ طَرِيقًا لِلِاصْطِيَادِ وَإِلَّا حَرُمَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ بِلَا فَائِدَةٍ، وَكَالرَّمْيِ بِالْبُنْدُقَةِ ضَرْبُ الْحَيَوَانِ بِعَصًا وَنَحْوِهَا لِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ طَرِيقًا لِلْوُصُولِ إلَيْهِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الضَّرْبِ كَمَا يَقَعُ فِي إمْسَاكِ نَحْوِ الدَّجَاجِ فَإِنَّهُ قَدْ يَشُقُّ إمْسَاكُهَا، فَمُجَرَّدُ ذَلِكَ لَا يُبِيحُ ضَرْبَهَا فَإِنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى قَتْلِهَا، وَفِيهِ تَعْذِيبُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَكُلُّ مَا حَرُمَ فِعْلُهُ عَلَى الْبَالِغِ وَجَبَ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ مَنْعُهُ مِنْهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ عَالِيَةٌ لَكِنْ فِي كَوْنِ مُجَرَّدِ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِلْأَوْلَوِيَّةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَطْعًا، وَاَلَّذِي أَجَابَ بِهِ غَيْرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي بَيَانِ الْآلَةِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ فَقَدْ قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْرَعُ لِإِخْرَاجِ الرُّوحِ) هَذَا إنَّمَا عَلَّلَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ بِنَاءً عَلَى بَقَاءِ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ تَحْوِيلِهِ إلَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: عُرْضُ السَّهْمِ) هُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ

ص: 120

مُبِيحٍ يُحَالُ مَوْتُهُ عَلَيْهِ.

وَلَوْ رَمَاهُ فَوْقَ شَجَرَةٍ فَسَقَطَ وَأَصَابَ غُصْنَهَا ثُمَّ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ لَا مَاءَ بِهَا وَأَصَابَ جِدَارَهَا حَرُمَ فَإِنْ رَمَى طَيْرًا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ وَلَمْ يَغْمِسْهُ السَّهْمُ فِيهِ وَمَاتَ حَلَّ وَالْمَاءُ لَهُ كَالْأَرْضِ أَوْ فِي هَوَاءِ الْمَاءِ وَالرَّامِي كَذَلِكَ حَلَّ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَاءِ وَوَقَعَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ فِيهِ حَرُمَ هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَنْتَهِ فِي الْهَوَاءِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا حَلَّ جَزْمًا وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا مُعَلَّمًا فِي عُنُقِهِ قِلَادَةٌ يَضْرِبُ بِهَا فَجَرَحَ بِهَا الصَّيْدَ حَلَّ كَمَا لَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ سَهْمًا

(وَيَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِجَوَارِحِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ كَكَلْبٍ) وَنَمِرٍ صَغِيرٍ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ (وَفَهْدٍ وَبَازٍ وَشَاهِينَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] أَيْ وَصَيْدُ مَا عَلَّمْتُمْ (بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُعَلَّمَةً) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ مَا قَتَلَتْهُ فَإِنْ أَدْرَكَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَبْحِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي ثَعْلَبَةَ «مَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ وَمَا جَرَحْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَكُلْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيُشْتَرَطُ فِي كَوْنِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ مُعَلَّمًا أُمُورٌ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (بِأَنْ تَنْزَجِرَ جَارِحَةُ السِّبَاعِ بِزَجْرِ صَاحِبِهَا وَتَسْتَرْسِلَ بِإِرْسَالِهِ) أَيْ تَهِيجُ بِإِغْرَائِهِ (وَتُمْسِكُ الصَّيْدَ) أَيْ تَحْبِسُهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا تَقْتُلُهُ فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهُ تُخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، مِنْ غَيْرِ مُدَافَعَةٍ (وَلَا تَأْكُلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ لَحْمِهِ أَوْ نَحْوِهِ كَجِلْدِهِ وَحُشْوَتِهِ قَبْلَ قَتْلِهِ أَوْ عَقِبَهُ.

وَلَا يَقْدَحُ فِي حِلِّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُعَلِّمُ الْجَارِحَةِ مَجُوسِيًّا (وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الْأَكْلِ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا فِي جَوَارِحِ السِّبَاعِ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ تَرْكَهُ يَكُونُ بِالضَّرْبِ وَهِيَ لَا تَحْتَمِلُهُ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ يَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ غَيْرِهِ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَنْ تَسْتَرْسِلَ بِإِرْسَالِهِ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا مَطْمَعَ فِي انْزِجَارِهَا بَعْدَ طَيَرَانِهَا (وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الْأُمُورِ بِحَيْثُ يُظَنُّ تَأَدُّبُ الْجَارِحَةِ) وَمَرْجِعُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ (وَلَوْ ظَهَرَ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَذْكُورَةِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، إذْ غَايَتُهُ أَنَّ هَذَا بِتَسْلِيمِهِ مُصَحِّحٌ لَا مَانِعٌ لِلْأَوْلَوِيَّةِ

(قَوْلُهُ: لَا مَاءَ بِهَا) أَيْ أَمَّا لَوْ كَانَ بِهَا مَاءٌ فَيَحْرُمُ صَدَمَ جِدَارَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَأَصَابَ جِدَارَهَا حَرُمَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَوْتَهُ بِالْغُصْنِ أَوْ الْجِدَارِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْغُصْنِ مِنْ كَوْنِهِ يُمْكِنُ إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهِ لِغِلَظِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَمَى طَيْرًا) هَذَا التَّفْصِيلُ ذَكَرَهُ الزِّيَادِيُّ فِي طَيْرِ الْمَاءِ دُونَ غَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ كَانَ غَيْرَ طَيْرِ الْمَاءِ بِأَنْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ فِيهَا مَاءٌ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ وَإِنْ كَانَ طَيْرُ الْمَاءِ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ إلَى آخِرِ مَا هُنَا، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَيْرِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) أَيْ الطَّيْرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا) أَيْ يَقِينًا بِقَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ شَكَّ حَرُمَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُصُولِهِ إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي عُنُقِهِ قِلَادَةٌ) إنْ عُلِمَ الضَّرْبُ بِهَا كَمَا فِي الْعُبَابِ

(قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِجَوَارِح السِّبَاعِ) لَوْ عَلَّمَ خِنْزِيرًا الِاصْطِيَادَ حَلَّ الصَّيْدُ وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ الِاقْتِنَاءُ.

قَالَهُ طب بَحْثًا، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَصَيْدُ مَا عَلَّمْتُمْ) أَيْ مِصْيَدُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ مَا قَتَلَتْهُ غَيْرُ الْمُعَلَّمَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُدَافَعَةٍ) أَيْ فَإِنْ دَافَعَهُ لَمْ يَحِلَّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَرَادَ الصَّائِدُ أَخْذَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا مَطْمَعَ فِي انْزِجَارِهَا) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ رَمَى طَيْرًا) يَعْنِي مِنْ طُيُورِ الْمَاءِ وَهِيَ الَّتِي تَعِيشُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَاءِ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلطَّيْرِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَالرَّامِي كَذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الرَّامِي خَارِجَ الْمَاءِ وَالطَّيْرُ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا مَاءَ بِهَا وَأَصَابَ جِدَارَهَا) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُصِبْهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوُقُوعَ بِالْأَرْضِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِهَا مَاءٌ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَى الْغَرَقِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَقَعَ بِبِئْرٍ بِهَا مَاءٌ أَوْ صَدَمَهُ جِدَارٌ لَهَا حَرُمَ

(قَوْلُهُ: قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِهَذَا بَيَانُ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَإِلَّا فَمَنَاطُ الْحِلِّ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا بِالْفِعْلِ لَا قَبُولُهُ، وَأَيْضًا فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ عُلِّمَ صَغِيرًا ثُمَّ كَبِرَ وَهُوَ عَلَى تَعَلُّمِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 121

ثُمَّ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ) قَبْلَ قَتْلِهِ أَوْ عَقِبَهُ (لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ عَدَمَ الْأَكْلِ شَرْطٌ فِي التَّعَلُّمِ ابْتِدَاءً فَكَذَلِكَ دَوَامًا وَالثَّانِي يَحِلُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى التَّأْدِيبِ وَالْأَكْلُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ غَيْظٍ عَلَى الصَّيْدِ وَلَوْ أَرَادَ الصَّائِدُ أَخْذَهُ مِنْهُ فَامْتَنَعَ وَصَارَ يُقَاتِلُ دُونَهُ فَكَمَا لَوْ أَكَلَ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَكَلَ مُقَيَّدٌ بِمَرَّةٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لِيَخْرُجَ بِهِ مَا إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ الْأَكْلُ وَصَارَ عَادَةً لَهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مَا أَكَلَ مِنْهُ قَطْعًا، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ الصَّيْدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَطِفُ التَّحْرِيمُ عَلَى مَا اصْطَادَهُ قَبْلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِالْأَكْلِ عَنْ التَّعْلِيمِ إلَّا إذَا أَكَلَ مَا أُرْسِلَ عَلَيْهِ، فَإِنْ اسْتَرْسَلَ الْمُعَلَّمُ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ وَأَكَلَ لَمْ يَقْدَحْ فِي تَعْلِيمِهِ جَزْمًا، وَقَوْلُهُ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ مِثَالٌ فَجِلْدُهُ وَحُشْوَتُهُ وَأُذُنُهُ وَعَظْمُهُ مِثْلُهُ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الْقَطْعُ بِالْحِلِّ فِي تَنَاوُلِ شَعْرِهِ إذْ لَيْسَ عَادَتُهُ الْأَكْلَ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ الصُّوفُ وَالرِّيشُ (فَيُشْتَرَطُ) عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ (تَعْلِيمٌ جَدِيدٌ) لِفَسَادِ التَّعْلِيمِ الْأَوَّلِ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ (وَلَا أَثَرَ لِلَعْقِ الدَّمِ) لِأَنَّ الْمَنْعَ مَنُوطٌ فِي الْخَبَرِ بِالْأَكْلِ مِنْ الصَّيْدِ وَلَمْ يُوجَدْ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ شَيْئًا مِنْ مَقْصُودِ الصَّائِدِ فَكَانَ كَتَنَاوُلِهِ الْفَرْثَ.

(وَمَعَضُّ الْكَلْبِ مِنْ الصَّيْدِ نَجَسٌ) كَغَيْرِهِ مِمَّا تَنَجَّسَ مِنْهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ) كَمَا لَوْ أَصَابَ ثَوْبًا فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ وَتَعْفِيرِهِ، وَالثَّانِي نَعَمْ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ فَأَشْبَهَ الدَّمَ الَّذِي فِي الْعُرُوقِ (وَأَنَّهُ يَكْفِي غَسْلُهُ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ) سَبْعًا كَغَيْرِهِ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ (وَلَا يَجِبُ أَنْ يُقَوَّرَ وَيُطْرَحَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ، وَالثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ يَشْرَبُ لُعَابَهُ فَلَا يَتَخَلَّلُهُ الْمَاءُ.

(وَلَوْ تَحَامَلَتْ الْجَارِحَةُ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَتْهُ بِثِقَلِهَا حَلَّ فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] وَلِأَنَّهُ يَعِزُّ تَعْلِيمُهُ أَنْ لَا يَقْتُلَ إلَّا جُرْحًا وَلَيْسَ كَالْإِصَابَةِ بِعَرْضِ السَّهْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ الرَّمْيِ.

وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ آلَةٌ فَلَمْ يَحِلَّ بِثِقَلِهِ كَالسِّلَاحِ وَلِأَنَّ اللَّهَ سَمَّاهَا جَوَارِحَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَجْرَحَ، وَالْأَوَّلُ قَالَ: الْجَوَارِحُ الْكَوَاسِبُ بِالْبَاءِ، وَأَنَّثَ هُنَا الْجَارِحَةَ وَذَكَّرَهَا فِيمَا مَرَّ نَظَرًا لِلَّفْظِ تَارَةً وَلِلْمَعْنَى أُخْرَى، وَاحْتَرَزَ بِثِقَلِهِ عَمَّا لَوْ مَاتَ فَزَعًا مِنْهُ أَوْ بِشِدَّةِ عَدْوِهِ فَلَا يَحِلُّ قَطْعًا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَجْرَحْ الْكَلْبُ الصَّيْدَ فَإِنْ جَرَحَهُ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ حَلَّ قَطْعًا

(وَلَوْ)(كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَسَقَطَ وَانْجَرَحَ بِهِ صَيْدٌ أَوْ احْتَكَّتْ بِهِ شَاةٌ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَانْقَطَعَ حُلْقُومُهَا وَمَرِيئُهَا أَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ) مَثَلًا (بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ)(لَمْ يَحِلَّ) لِأَنَّ الذَّبْحَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَصْدُ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الضَّمَانِ: لِأَنَّهُ أَوْسَعُ وَلِانْتِفَاءِ الْإِرْسَالِ فِي الثَّالِثَةِ، وَقَدْ قَيَّدَ صلى الله عليه وسلم جَوَازَ الْأَكْلِ بِالْإِرْسَالِ فَقَالَ «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ فَكُلْ» (وَكَذَا لَوْ اُسْتُرْسِلَ فَأَغْرَاهُ صَاحِبُهُ فَزَادَ عَدْوُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِاجْتِمَاعِ الْمُحَرِّمِ وَالْمُبِيحِ فَغُلِّبَ الْمُحَرِّمُ، وَالثَّانِي يَحِلُّ لِظُهُورِ أَثَرِ الْإِغْرَاءِ بِالْعَدْوِ فَانْقَطَعَ بِهِ الِاسْتِرْسَالُ وَصَارَ كَأَنَّهُ جَرَحَ بِإِغْرَاءِ صَاحِبِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مَا أَكَلَ مِنْهُ) مُرَادُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَا أَكَلَ مِنْهُ وَمَا بَعْدَهُ، وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَأْنِفَ لَهُ تَعْلِيمًا جَدِيدًا بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ تَعَلُّمُهُ (قَوْلُهُ: فَقَتَلَ وَأَكَلَ لَمْ يَقْدَحْ فِي تَعْلِيمِهِ) وَكَذَا كُلُّ مَا اسْتَرْسَلَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَهُ بِغَيْرِ إرْسَالٍ لِعَدَمِ الِاصْطِيَادِ بِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَقَطَتْ السِّكِّينُ عَلَى حَلْقِ شَاةٍ فَقَطَعَتْهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ عَادَتُهُ الْأَكْلَ) أَيْ عَادَةُ مَا صَادَ بِهِ، فَلَا يُقَالُ: أَكْلُهُ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَا اعْتَادَهُ قَبْلَ التَّعَلُّمِ مِنْ الْأَكْلِ فَالتَّعْلِيمُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ

(قَوْلُهُ: بِثِقَلِهَا حَلَّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَجْرَحْهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ يَعِزُّ تَعْلِيمُهُ أَنْ لَا يَقْتُلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِلْمَعْنَى إلَخْ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهَا اسْمٌ لِلْحَيَوَانِ الَّذِي يَجْرَحُ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى وَلَفْظُ الْحَيَوَانِ مُذَكَّرٌ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَعْنَى أَنَّهَا اسْمٌ لِلذَّكَرِ خَاصَّةً، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالْجَوَارِحُ مِنْ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ ذَاتُ الصَّيْدِ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الضَّمَانِ) أَيْ فَمَتَى تَلِفَ شَيْءٌ بِفِعْلِهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: الْفَرْثُ) هُوَ دَاخِلَ الْكَرِشِ

ص: 122

وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَزَادَ عَدْوُهُ عَمَّا إذَا لَمْ يَزِدْ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ جَزْمًا، وَبِقَوْلِهِ فَأَغْرَاهُ عَمَّا إذَا زَجَرَهُ فَإِنَّهُ إنْ وَقَفَ ثُمَّ أَغْرَاهُ وَقَتَلَ يَحِلُّ جَزْمًا، وَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ وَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ حَرُمَ جَزْمًا، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ صَاحِبُهُ أَنَّهُ لَوْ أَغْرَاهُ أَجْنَبِيٌّ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَسَوَاءٌ اسْتَشْلَاهُ صَاحِبُهُ أَوْ غَيْرُهُ (وَلَوْ أَصَابَهُ) أَيْ الصَّيْدَ (سَهْمٌ بِإِعَانَةِ رِيحٍ) طَرَأَ هُبُوبُهَا بَعْدَ الْإِرْسَالِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَكَانَ يَقْصُرُ عَنْهُ لَوْلَا الرِّيحُ حَلَّ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ هُبُوبِهَا لَا يُمْكِنُ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِهَا حُكْمُ الْإِرْسَالِ (وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا لِاخْتِبَارِ قُوَّتِهِ أَوْ إلَى غَرَضٍ فَاعْتَرَضَ صَيْدٌ فَقَتَلَهُ حَرُمَ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ، وَالثَّانِي يَحِلُّ لِوُجُودِ قَصْدِ الْفِعْلِ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ عَلَى مَا لَا يُؤْكَلُ كَذِئْبٍ فَأَصَابَ صَيْدًا فِيهِ يَحِلُّ

(وَلَوْ رَمَى صَيْدًا ظَنَّهُ حَجَرًا حَلَّ أَوْ سِرْبَ ظِبَاءٍ فَأَصَابَ وَاحِدَةً حَلَّتْ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِفِعْلِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ قَصَدَ السِّرْبَ وَهَذَا مِنْهُ (فَإِنْ قَصَدَ وَاحِدَةً) مِنْ السِّرْبِ (فَأَصَابَ غَيْرَهَا) مِنْ ذَلِكَ السِّرْبِ أَوْ غَيْرِهِ (حَلَّتْ فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ قَصْدِ الصَّيْدِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِإِصَابَتِهِ غَيْرَ مَا قَصَدَهُ، وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا عَلَى صَيْدٍ فَعَدَلَ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْإِرْسَالِ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ حَلَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حِلُّهُ وَإِنْ ظَهَرَ لِلْكَلْبِ بَعْدَ إرْسَالِهِ لَكِنْ قَطَعَ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ فِيمَا إذَا اسْتَدْبَرَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ وَقَصَدَ آخَرَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَهُوَ لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الْفَارِقِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَمْسَكَهُ ثُمَّ عَنَّ لَهُ آخَرُ فَأَمْسَكَهُ حَلَّ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الْإِرْسَالِ مَوْجُودًا أَمْ لَا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى صَيْدٍ وَقَدْ وُجِدَ، وَلَوْ قَصَدَ غَيْرَ الصَّيْدِ كَمَنْ رَمَى سَهْمًا أَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا عَلَى حَجَرٍ أَوْ عَبَثًا فَأَصَابَ صَيْدًا حَرُمَ، وَكَذَا لَوْ قَصَدَهُ وَأَخْطَأَ فِي الظَّنِّ وَالْإِصَابَةِ مَعًا، كَمَنْ رَمَى صَيْدًا ظَنَّهُ حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَأَصَابَ صَيْدًا غَيْرَهُ حَرُمَ لَا عَكْسُهُ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ غَابَ عَنْهُ الْكَلْبُ وَالصَّيْدُ) قَبْلَ أَنْ يَجْرَحَهُ الْكَلْبُ (ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا حَرُمَ عَلَى الصَّحِيحِ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَلَا أَثَرَ لِتَضَمُّخِهِ بِدَمِهِ فَرُبَّمَا جَرَحَهُ الْكَلْبُ أَوْ أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ أُخْرَى (وَإِنْ)(جَرَحَهُ) الْكَلْبُ أَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فَجَرَحَهُ (وَغَابَ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا)(حَرُمَ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا مَرَّ وَالتَّحْرِيمُ يُحْتَاطُ لَهُ، وَقَدْ نَقَلَ فِي الْمُحَرَّرِ ذَلِكَ عَنْ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، فَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ بِطُرُقٍ حَسَنَةٍ فِي حَدِيثِ «عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّهُ قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَمْ يَقْصِدْ إتْلَافَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ اسْتَشْلَاهُ) أَيْ أَرْسَلَهُ.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: أَشْلَيْتُ الْكَلْبَ وَغَيْرَهُ إشْلَاءً: دَعَوْته، وَأَشْلَيْتُهُ عَلَى الصَّيْدِ مِثْلُ أَغْرَيْته وَزْنًا وَمَعْنًى.

قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَجَمَاعَةٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَهَرَ) أَيْ الصَّيْدُ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ إرْسَالِهِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَطَعَ الْإِمَامُ) أَيْ فَيُقَيِّدُ مَا قَبْلَهُ بِعَدَمِ الِاسْتِدْبَارِ، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ بِالِاسْتِدْبَارِ أَعْرَضَ بِالْكُلِّيَّةِ عَمَّا أَرْسَلَهُ إلَيْهِ صَاحِبُهُ، بِخِلَافِ عَدَمِ الِاسْتِدْبَارِ فَإِنَّ الْحَاصِلَ مَعَهُ مُجَرَّدُ الِانْحِرَافِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْدِلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ غَيْرُ الصَّيْدِ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ رَمَى سَهْمًا عَلَى نَخْلَةٍ مَثَلًا بِقَصْدِ رَمْيِ بَلَحِهَا فَأَصَابَ صَيْدًا فَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَنْ رَمَى صَيْدًا) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِاسْتِرْسَالِ غَيْرِ صَاحِبِهِ كَصَاحِبِهِ فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْهُ بِطَرِيقِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحِلَّ بِاسْتِرْسَالِ صَاحِبِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، فَلَا يُقَالُ: إنَّ كَلَامَهُ أَفْهَمَ مَا ذَكَرَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ أَيْضًا فَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ لَا خِلَافَ فِي حُرْمَتِهِ حِينَئِذٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ عَلَى مَا لَا يُؤْكَلُ) أَيْ عَلَى الثَّانِي الضَّعِيفِ

(قَوْلُهُ: لَا عَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ رَمَى حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا ظَنَّهُ صَيْدًا: أَيْ وَأَصَابَ صَيْدًا وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ كَمَا صَوَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنَّ هَذَا لَمْ يَمُرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

ص: 123