المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في نذر النسك والصدقة والصلاة وغيرها - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٨

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ

- ‌كِتَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقَلُّ الْجِزْيَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى نَحْوِ خَيْلٍ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ

- ‌فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌بَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ]

- ‌فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَمَا يَلْزَمُ سَيِّدَ الْمُكَاتَب وَيُنْدَبُ لَهُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان مَا يحرم عَلَى سَيِّد الْمُكَاتَب]

- ‌[فَصَلِّ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ قَبْلَ مَحِلِّهَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ وَمَا تُوَافِقُ أَوْ تُبَايِنُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ

- ‌كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَةُ الْكِتَابِ]

الفصل: ‌(فصل) في نذر النسك والصدقة والصلاة وغيرها

تَبْعِيضِهِ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ قُدُومِهِ، فَإِنَّ الصَّوَابَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِنْ حِينِ الْقُدُومِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ لِإِمْكَانِ تَبْعِيضِهِ فَلَمْ يَجِبْ غَيْرُ بَقِيَّةِ يَوْمِ قُدُومِهِ (وَلَوْ) قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْيَوْمِ التَّالِي لِيَوْمِ قُدُومِهِ) مِنْ تَلَوْته وَتَلَيْتُهُ تَبِعْته وَتَرَكْته فَهُوَ ضِدٌّ وَالتِّلْوُ بِالْكَسْرِ مَا يَتْلُو الشَّيْءَ وَالْمُرَادُ بِالتَّالِي هُنَا التَّابِعُ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ (وَإِنْ قَدِمَ عَمْرٌو فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَوَّلِ خَمِيسٍ بَعْدَهُ) أَيْ يَوْمِ قُدُومِهِ (فَقَدِمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (فِي الْأَرْبِعَاءِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ وَالْمَدِّ (وَجَبَ صَوْمُ) يَوْمِ (الْخَمِيسِ عَنْ أَوَّلِ النَّذْرَيْنِ) لِسَبْقِهِ (وَيَقْضِي الْآخَرَ) لِتَعَذُّرِ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي وَقْتِهِ، نَعَمْ يَصِحُّ مَعَ الْإِثْمِ صَوْمُ الْخَمِيسِ عَنْ ثَانِي النَّذْرَيْنِ وَيَقْضِي يَوْمًا آخَرَ عَنْ النَّذْرِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ فَعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَمْسِ يَوْمِ قُدُومِهِ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَوَهَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فِي عَزْوِهِ لَهُ الصِّحَّةَ، أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ عِتْقُ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: إنْ قَدِمَ غَائِبِي فَعَلَيَّ عِتْقُهُ فَحَصَلَ الشِّفَاءُ وَالْقُدُومُ مَعًا فَالْأَرْجَحُ انْعِقَادُ النَّذْرِ الثَّانِي وَعِتْقُهُ عَنْ السَّابِقِ مِنْهُمَا، وَلَا يَجِبُ لِلْآخَرِ شَيْءٌ إذْ لَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ فِيهِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِدُخُولٍ مَثَلًا صِحَّةُ بَيْعِهِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ.

(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

إذَا (نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى) مُقَيِّدًا لَهُ بِالْحَرَامِ أَوْ نَوَاهُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ ذَكَرَ بُقْعَةً مِنْ الْحَرَمِ كَدَارِ أَبِي جَهْلٍ أَوْ الصَّفَا كَذِكْرِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي فِيهِ (أَوْ إتْيَانَهُ) أَوْ الذَّهَابَ إلَيْهِ مَثَلًا (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إتْيَانِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) أَوْ بِهِمَا وَإِنْ نَفَى ذَلِكَ فِي نَذْرِهِ، لِأَنَّ الْقُرْبَةَ إنَّمَا تَتِمُّ بِإِتْيَانِهِ بِنُسُكٍ، وَالنَّذْرُ مَحْمُولٌ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ يُحْمَلُ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ أَوْ عَلَى جَائِزِهِ، أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْبَيْتَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ وَلَا نَوَاهُ فَيَلْغُو نَذْرُهُ، لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ كُلُّهَا بُيُوتٌ لَهُ تَعَالَى، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَنْ نَذَرَ إتْيَانَ مَسْجِدِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَهُوَ دَاخِلُ الْحَرَمِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَبَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ وَلَهُ احْتِمَالٌ آخَرُ، وَالْأَقْرَبُ لُزُومُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجِبْ غَيْرُ بَقِيَّةِ يَوْمِ قُدُومِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا.

(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَاهُ) أَوْ نَوَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ كَالطَّوَافِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَى ذَلِكَ فِي نَذْرِهِ) بِخِلَافِ مَنْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِشَاةٍ مُعَيَّنَةٍ عَلَى أَنْ لَا يُفَرَّقَ لَحْمُهَا فَإِنَّ النَّذْرَ يَلْغُو، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّذْرَ وَالشَّرْطَ هُنَا تَضَادَّا فِي مُعَيَّنٍ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِاقْتِضَاءِ الْأَوَّلِ خُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ النَّذْرِ، وَالثَّانِي بَقَاءَهَا.

عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ النَّذْرِ بِخِلَافِهِمَا ثَمَّ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ غَيْرُ النُّسُكِ فَلَمْ تُضَادِدْ نِيَّتُهُ ذَاتَ الْإِتْيَانِ بَلْ لَازِمَهُ وَالنُّسُكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: تَبِعَتْهُ وَتَرَكَتْهُ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِمُطْلَقِ التِّلْوِ، وَإِلَّا فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ مَا هُنَا تَلَوْته بِمَعْنَى تَبِعْته خَاصَّةً (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) هَلَّا يُقَالُ بِالصِّحَّةِ إذَا عَلِمَ يَوْمَ قُدُومِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ قُدُومِهِ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ

[فَصْلٌ فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَ ذِكْرُ بُقْعَةٍ إلَخْ) فِي التُّحْفَةِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ أَوْ نَوَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ كَالطَّوَافِ فِيمَا يَظْهَرُ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الذَّهَابِ إلَيْهِ مَثَلًا) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا نَذَرَ أَنْ يَمَسَّ شَيْئًا مِنْ بُقَعِ الْحَرَمِ أَوْ أَنْ يَضْرِبَهُ بِثَوْبِهِ مَثَلًا كَمَا

ص: 228

النُّسُكِ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ ذِكْرَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ فِي النَّذْرِ صَارَ مَوْضُوعًا شَرْعًا عَلَى الْتِزَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَمَنْ بِالْحَرَمِ يَصِحُّ نَذْرُهُ لَهُمَا فَيَلْزَمُهُ هُنَا أَحَدُهُمَا وَإِنْ نَذَرَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ الْمَسْجِدِ حَوْلَهَا (فَإِنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ لَمْ يَلْزَمْهُ مَشْيٌ) لِعَدَمِ اقْتِضَائِهِ لَهُ فَيَجُوزُ لَهُ الرُّكُوبُ (وَإِنْ) نَذَرَ الْمَشْيَ) إلَى الْحَرَمِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ (أَوْ) نَذَرَ (أَنْ يَحُجَّ أَوْ أَنْ يَعْتَمِرَ مَاشِيًا) فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمَشْيِ) مِنْ الْمَكَانِ الْآتِي بَيَانُهُ إلَى الْفَسَادِ أَوْ الْفَوَاتِ أَوْ فَرَاغِ التَّحَلُّلَيْنِ وَإِنْ تَأَخَّرَ رَمَى بَعْدَهُمَا أَوْ فَرَاغِ جَمِيعِ أَرْكَانِ الْعُمْرَةِ، وَلَهُ رُكُوبٌ فِي خِلَالِ النُّسُكِ فِي حَوَائِجِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْمَشْيُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ جَعْلَهُ وَصَفًّا لِلْعِبَادَةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا، وَكَوْنُ الرُّكُوبِ أَفْضَلَ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَشْيَ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهِ، وَأَمَّا انْتِفَاءُ وُجُودِ أَفْضَلَ مِنْ الْمُلْتَزَمِ فَغَيْرُ شَرْطٍ اتِّفَاقًا فَانْدَفَعَ دَعْوَى التَّنَافِي بَيْنَ كَوْنِ الْمَشْيِ مَقْصُودًا وَكَوْنِهِ مَفْضُولًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ بِالْمَشْيِ دَمُ تَمَتُّعٍ كَعَكْسِهِ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُتَغَايِرَانِ فَلَمْ يَجُزْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخِرِ كَذَهَبٍ عَنْ فِضَّةٍ وَعَكْسِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَذْرِ الصَّلَاةِ قَاعِدًا حَيْثُ أَجْزَأَهُ الْقِيَامُ بِأَنَّ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ الْمُلْتَزَمَةِ، فَأَجْزَأَ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى لِوُقُوعِهِ تَبَعًا، وَالْمَشْيُ وَالرُّكُوبُ خَارِجَانِ عَنْ مَاهِيَّةِ الْحَجِّ وَسَبَبَانِ مُتَغَايِرَانِ إلَيْهِ مَقْصُودَانِ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ، وَأَيْضًا، فَالْقِيَامُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ فَوُجِدَ الْمَنْذُورُ هُنَا بِزِيَادَةٍ وَلَا كَذَلِكَ فِي الرُّكُوبِ وَالذَّهَابِ مَثَلًا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ نَذَرَ شَاةً أَجْزَأَهُ بَدَلُهَا بَدَنَةٌ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ بَعْضَ الْبَدَنَةِ مُجْزِئًا عَنْ الشَّاةِ حَتَّى فِي نَحْوِ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ فَإِجْزَاءُ كُلِّهَا أَوْلَى، بِخِلَافِ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ وَعَكْسِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي نَحْوِ الزَّكَاةِ فَلَمْ يَجْزِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَلَوْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ أَوْ فَاتَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِيهِ مَشْيٌ بَلْ فِي قَضَائِهِ إذْ هُوَ الْوَاقِعُ عَنْ نَذْرِهِ (فَإِنْ كَانَ قَالَ أَحُجُّ) أَوْ أَعْتَمِرُ (مَاشِيًا) أَوْ عَكْسَهُ (فَ) يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ (مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ) مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَهُ وَكَذَا مِنْ حَيْثُ عَنَّ لَهُ فِيمَا إذَا جَاوَزَهُ غَيْرَ مَرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ عَنَّ لَهُ (وَإِنْ قَالَ أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى) بِقَيْدِهِ الْمَارِّ (فَ) يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مَعَ النُّسُكِ (مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِشِدَّةِ تَشَبُّثِهِ وَلُزُومِهِ كَمَا يُعْرَفُ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهِ لَا يَتَأَثَّرُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُضَادَّةِ لِضَعْفِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ فَرَاغُ التَّحَلُّلَيْنِ) وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ مَعَ السَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ رَمَى) أَيْ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَالْقِيَامُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْقُعُودَ جَعْلُ النِّصْفِ الْأَعْلَى مُنْتَصِبًا وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْقِيَامِ مَعَ زِيَادَةٍ وَهِيَ انْتِصَابُ السَّاقَيْنِ وَالْفَخِذَيْنِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَوُجِدَ الْمَنْذُورُ هُنَا بِزِيَادَةٍ) قَالَ حَجّ: كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ نَذَرَ شَاةً) أَيْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ بَعْضَ الْبَدَنَةِ) وَهُوَ السُّبُعُ (قَوْلُهُ: أَوْ فَاتَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِيهِ مَشْيٌ) أَيْ فِيمَا يُتِمُّهُ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ الْوَاقِعُ عَنْ نَذْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقَعْ عَنْ نَذْرِهِ لَمْ يَكُنْ الْمَشْيُ فِيهِ مَنْذُورًا فَلَا يُشْكِلُ عَدَمُ وُجُوبِ الْمَشْيِ فِيهِ بِوُجُوبِ الْمُضِيِّ فِي فَاسِدِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ كَأَنْ قَالَ أَمْشِي حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا (قَوْلُهُ: بِقَيْدِهِ الْمَارِّ) هُوَ قَوْلُهُ مُقَيِّدًا لَهُ بِالْحَرَامِ أَوْ نَوَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مَعَ النُّسُكِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَشْيَ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَقْصُودٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ إتْيَانًا لِلْحَرَمِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهِ) أَيْ وَكَوْنُهُ قُرْبَةً مَقْصُودَةً فِي نَفْسِهَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ النَّذْرِ فَالضَّمِيرُ فِي صِحَّتِهِ لِلنَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ بِالْمَشْيِ) أَيْ إذَا نَذَرَ الرُّكُوبَ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُجْزِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ) أَيْ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ تَبَعًا) يُتَأَمَّلُ مَعَ قَوْلِهِ مِنْ إجْزَاءِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَبَبَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ أَوْ فَاتَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِيهِ مَشْيٌ) لَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَى الْفَسَادِ أَوْ الْفَوَاتِ بَلْ هَذَا مَفْهُومُ ذَاكَ وَأَيْضًا قَدْ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ مَعَ النُّسُكِ) أَيْ مَعَ لُزُومِ النُّسُكِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّلَبُّسُ بِالنُّسُكِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ

ص: 229

بَيْتِهِ مَاشِيًا وَالثَّانِي مِنْ الْمِيقَاتِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِتْيَانُ بِالنُّسُكِ فَيَمْشِي مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ (وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْمَشْيَ فَرَكِبَ لِعُذْرٍ أَجْزَأَهُ) حَجُّهُ عَنْ نَذْرِهِ لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ عَجَزَ بِالرُّكُوبِ (وَعَلَيْهِ دَمٌ فِي الْأَظْهَرِ)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ هَدْيًا وَحَمَلُوهُ عَلَى عَجْزِهَا» ، وَالثَّانِي لَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ قَائِمًا فَصَلَّى قَاعِدًا لِعَجْزِهِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْبَرُ بِالْمَالِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالدَّمِ شَاةٌ مُجْزِئَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ كَنَظِيرِهِ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَالْعَجْزِ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ بِالْمَرَضِ، وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَ الدَّمِ بِمَا إذَا رَكِبَ بَعْدَ إحْرَامِهِ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ مَشْيًا وَإِلَّا فَلَا، إذْ لَا خَلَلَ فِي النُّسُكِ يُوجِبُ دَمًا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إذَا أَوْجَبْنَا الْمَشْيَ عَمَّا إذَا لَمْ نُوجِبْهُ فَلَا يَجْبُرُ تَرْكَهُ بِدَمٍ (أَوْ) رَكِبَ (بِلَا عُذْرٍ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مَعَ عِصْيَانِهِ لِإِتْيَانِهِ بِأَصْلِ الْحَجِّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا هَيْئَتُهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا الْتَزَمَهُ (وَعَلَيْهِ دَمٌ) عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْضًا كَدَمِ التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ مَعَ الْعُذْرِ فَمَعَ عَدَمِهِ أَوْلَى، وَلَوْ نَذَرَ الْحَفَاءَ لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ، نَعَمْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ لُزُومَهُ فِيمَا يُنْدَبُ فِيهِ كَعِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ.

(وَمَنْ) نَذَرَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَزِمَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ) إنْ كَانَ صَحِيحًا وَيَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ الْحَجُّ بِالْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَيَجُوزُ لَهُ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ (فَإِنْ كَانَ مَعْضُوبًا اسْتَنَابَ) وَلَوْ بِمَالٍ كَمَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَيَأْتِي فِي اسْتِنَابَتِهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِيهِمَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَنِيبُ مَنْ عَلَى دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَمَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ أَوْ نَحْوُهَا، وَلَوْ نَذَرَ الْمَعْضُوبُ الْحَجَّ بِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ أَوْ أَنْ يَحُجَّ مِنْ مَالِهِ أَوْ أَطْلَقَ انْعَقَدَ (وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهُ فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ) مُبَادَرَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، فَإِنْ خَافَ نَحْوَ عَضْبٍ أَوْ تَلَفِ مَالٍ لَزِمَتْهُ الْمُبَادَرَةُ (فَإِنْ تَمَكَّنَ) لِتَوَفُّرِ شُرُوطِ الْوُجُوبِ السَّابِقَةِ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّمَكُّنِ قُدْرَتُهُ عَلَى الْحَجِّ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَشْيٍ قَوِيٍّ فَوْقَ مَرْحَلَتَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الشُّرُوطَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الِاسْتِقْرَارِ وَالْأَدَاءِ مَعًا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْأَوَّلِ (فَأَخَّرَ فَمَاتَ حُجَّ) عَنْهُ (مِنْ مَالِهِ) لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ. (وَإِنْ) نَذَرَ الْحَجَّ) أَوْ الْعُمْرَةَ (عَامَهُ) أَوْ عَامًا بَعْدَهُ مُعَيَّنًا (وَأَمْكَنَهُ)(لَزِمَهُ) فِي ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ إسْلَامٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ عُمْرَتُهُ لِأَنَّ زَمَنَ الْعِبَادَةِ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ عَامًا لَزِمَهُ أَيَّ عَامٍ شَاءَ، وَأَمَّا إذَا عَيَّنَهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِهِ فِيهِ كَأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الذَّهَابُ وَلَوْ بِأَنْ كَانَ يَقْطَعُ أَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ كَمَا هُوَ الْأَقْرَبُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْحَجِّ فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ،

وَلَوْ حَجَّ عَنْ النَّذْرِ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَقَعَ عَنْهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ مِنْ الْمِيقَاتِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَكَرَّرَ الدَّمُ بِتَكَرُّرِ الرُّكُوبِ قِيَاسًا عَلَى اللُّبْسِ بِأَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَ الرُّكُوبَيْنِ مَشْيٌ (قَوْلُهُ: وَتُهْدِي هَدْيًا) أَيْ وَكَانَتْ نَذَرَتْ الْمَشْيَ (قَوْلُهُ: أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ يَعْنِي فِيمَا لَوْ قَالَ أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، أَمَّا لَوْ قَالَ أَحُجُّ مَاشِيًا فَلَا يَأْتِي فِيهِ الْقَيْدُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) جَاوَزَ الْمِيقَاتَ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ) أَيْ أَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّمَتُّعُ أَوْ الْقِرَانُ فَيَجِبُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ انْعَقَدَ) أَيْ وَيَسْتَنِيبُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهُ) أَيْ الْحَجُّ الْمَنْذُورُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ الْمَعْضُوبِ.

(قَوْلُهُ: وَقَعَ عَنْهَا) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ نَذَرَ الْحَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ حُمِلَ مِنْهُ عَلَى التَّعْجِيلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَطْلَقَ فِي نَذْرِهِ لَزِمَهُ حَجٌّ آخَرُ فَيَأْتِي بِهِ بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْقَضَاءِ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: حَجُّهُ) أَيْ أَوْ عُمْرَتُهُ

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ) أَيْ وَإِنْ لَزِمَهُ دَمُ الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ

(قَوْلُهُ: وَقَعَ عَنْهَا) كَذَا فِي النُّسَخِ بِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ، وَلَعَلَّ صَوَابَهُ عَنْهُمَا بِتَثْنِيَتِهِ وَلْيُرَاجَعْ مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ

ص: 230

(فَإِنْ) تَمَكَّنَ مِنْ الْحَجِّ وَلَكِنْ (مَنَعَهُ) مِنْهُ (مَرَضٌ) أَوْ خَطَأُ طَرِيقٍ أَوْ وَقْتٌ أَوْ نِسْيَانٌ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِلنُّسُكِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي الْجَمِيعِ أَيْ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ بِتَمَكُّنِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بِأَنْ عَرَضَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ نُسُكٌ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (أَوْ) مَنَعَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَهُ (عَدُوٌّ) أَوْ سُلْطَانٌ أَوْ رَبُّ دَيْنٍ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ وَفَائِهِ حَتَّى مَضَى إمْكَانُ الْحَجِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ (فَلَا) يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا فِي نُسُكِ الْإِسْلَامِ لَوْ صُدَّ عَنْهُ فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ كَمَا لَوْ مَنَعَهُ الْمَرَضُ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِجَوَازِ التَّحَلُّلِ بِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَرَضِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ قَالَ الْإِمَامُ أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لِلْعَدُوِّ فَلَا قَضَاءَ عَلَى النَّصِّ لَا تَكْرَارَ فِيهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ إذْ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَنَّهُ عَبَّرَ أَوَّلًا بِمَنَعَهُ وَثَانِيًا بِامْتَنَعَ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْأُولَى صَادِقَةٌ بِمَا مَنَعَهُ فَلَا صُنْعَ لَهُ لِلْمَمْنُوعِ فِيهِ، وَالثَّانِيَةُ صَادِقَةٌ بِمَا إذَا خَافَ فَامْتَنَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ الْأُولَى فِيمَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَالثَّانِيَةُ فِيمَا قَبْلَهُ.

(أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً أَوْ صَوْمًا فِي وَقْتٍ) يَصِحَّانِ فِيهِ (فَمَنَعَهُ مَرَضٌ أَوْ عَدُوٌّ) كَأَسِيرٍ يَخَافُ إنْ لَمْ يَأْكُلْ قُتِلَ وَكَأَنْ يُكْرِهَهُ عَلَى التَّلَبُّسِ بِمُنَافِي الصَّلَاةِ جَمِيعَ وَقْتِهَا " (وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِوُجُوبِهِمَا مَعَ الْعَجْزِ بِخِلَافِ الْحَجِّ إذْ شَرْطُهُ الِاسْتِطَاعَةُ وَبِقَوْلِنَا كَأَسِيرٍ يَخَافُ؛ يَنْدَفِعُ مَا اسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ تَصَوُّرِ الْمَنْعِ مِنْ الصَّوْمِ بِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ نِيَّتِهِ وَالْأَكْلُ لِلْإِكْرَاهِ غَيْرُ مُفْطِرٍ، وَبِقَوْلِنَا وَكَأَنْ يُكْرِهَهُ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ يَجِبُ الْقَضَاءُ لِأَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ نَادِرٌ كَمَا فِي الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ اهـ فَهُمْ لَمْ يَسْكُتُوا عَنْ هَذَا إلَّا لِكَوْنِ الْغَرَضِ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنْ انْتَفَى تَعَيَّنَ مَا ذَكَرَهُ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذُكِرَ هُنَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ) هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ كَمَا حَلَّ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى إنْسَانٍ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَا دَامَ الْمَنْذُورُ لَهُ حَيًّا وَصَرَفَ عَلَيْهِ مُدَّةً ثُمَّ عَجَزَ عَنْ الصَّرْفِ لِمَا الْتَزَمَهُ بِالنَّذْرِ فَهَلْ يَسْقُطُ النَّذْرُ عَنْهُ مَا دَامَ عَاجِزًا إلَى أَنْ يُوسِرَ أَوْ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يُوسِرَ فَيُؤَدِّيَهُ وَهُوَ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ النَّذْرُ مَا دَامَ مُعْسِرًا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الدَّفْعِ فَإِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَ أَدَاؤُهُ مِنْ حِينَئِذٍ وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ فِي الْيَسَارِ وَعَدَمِهِ مَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِلْحَجِّ عَنْ تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي صُدَّ عَنْ الْحَجِّ فِيهَا وَحَجَّةُ الْإِسْلَامُ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهَا وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: مَعَ مَا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ مَنَعَهُ.

(قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِنَا وَكَأَنْ يُكْرِهَهُ يُعْلَمُ الْجَوَابُ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْحَجِّ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُغْنِي هَذَا عَنْ قَوْلِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْمَعْنَى الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: إنْ كَانَ ضَمِيرُ مِنْهُ لِلْحَجِّ فَلَا فَائِدَةَ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ التَّمَكُّنُ مِنْ الْحَجِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلْإِحْرَامِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ أَيْضًا مَعَ الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ، مَعَ أَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ لَا تَظْهَرُ كِفَايَتُهُ فِي الْوُجُوبِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ لِلْإِحْرَامِ، وَبَيَّنَ الشَّارِحُ كَابْنِ حَجَرٍ بِهَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِحْرَامِ فِعْلَهُ بَلْ مُجَرَّدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ، وَلَا مَانِعَ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِمُجَرَّدِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِحْرَامِ بَلْ هُوَ الْقِيَاسُ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ دَخَلَ وَقْتُهَا وَتَمَكَّنَ مِنْ فِعْلِهَا وَلَمْ يَفْعَلْ يَجِبُ قَضَاؤُهَا، فَقَوْلُ ابْنِ قَاسِمٍ لَا تَظْهَرُ كِفَايَتُهُ فِي الْوُجُوبِ غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَلَا فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ الْمُحَقِّقُ الْجَلَالُ عَقِبَهُ: أَوْ صَدَّهُ عَدُوٌّ أَوْ سُلْطَانٌ بَعْدَمَا أَحْرَمَ، قَالَ الْإِمَامُ: أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لِلْعَدُوِّ فَلَا قَضَاءَ عَلَى النَّصِّ.

وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا بِوُجُوبِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَتْنِ فِيمَا إذَا مَنَعَهُ حَصْرٌ خَاصٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا مَنَعَهُ حَصْرٌ عَامٌّ أَوْ امْتَنَعَ هُوَ لِلْعَدُوِّ فَلَيْسَ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ هُنَا زِيَادَةٌ تَتَضَمَّنُ الْجَوَابَ عَنْ إيهَامٍ فِي كَلَامِ الْجَلَالِ وَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ

(قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ هُنَا) يَعْنِي مَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَبَ الْقَضَاءُ

ص: 231

مِنْ التَّعْيِينِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لَهُمَا فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ عَدَمِ التَّعْيِينِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ، نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ لَهَا وَقْتًا مَكْرُوهًا لَمْ تَنْعَقِدْ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ.

(أَوْ) نَذَرَ (هَدْيًا) مِنْ نَعَمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَصِحُّ التَّصَدُّقُ بِهِ وَلَوْ فِي نَحْوِ دُهْنٍ نَجِسٍ وَعَيَّنَهُ فِي نَذْرِهِ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَوْ بَعْدَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ لِأَنَّ التَّعْيِينَ بَعْدَ النَّذْرِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُطْلَقِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُطْلَقَ يَتَصَرَّفُ فِيمَا يُجْزِئُ أُضْحِيَّةً فَلَا يَصِحُّ تَعْيِينُ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ حَمْلُهُ) إنْ كَانَ مِمَّا يُحْمَلُ وَلَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّهِ أَزْيَدَ قِيمَةً كَمَا يَأْتِي (إلَى مَكَّةَ) أَيْ إلَى حَرَمِهَا إذْ إطْلَاقُهَا عَلَيْهِ سَائِغٌ: أَيْ إلَى مَا عَيَّنَهُ مِنْهُ إنْ عَيَّنَ وَإِلَّا فَإِلَيْهِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مَحِلُّ الْهَدْيِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] (وَالتَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى مَنْ) هُوَ مُقِيمٌ أَوْ مُسْتَوْطِنٌ (بِهَا) مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الْمُتَقَدِّمِ ذَكَرُهُمْ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَيَجِبُ تَعْمِيمُ الْمَحْصُورِينَ بِأَنْ سَهُلَ عَلَى الْآحَادِ عَدُّهُمْ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ، فَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرُوا أَجَازَ الِاقْتِصَارَ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ، وَعِنْدَ إطْلَاقِ الْهَدْيِ يُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُهُ مُجْزِئًا فِي الْأُضْحِيَّةِ سُلُوكًا بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ غَالِبًا، وَمُؤْنَةُ حَمْلِهِ إلَيْهَا وَمُؤْنَتُهُ عَلَى النَّاذِرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ بَعْضُهُ لِذَلِكَ سَوَاءٌ أَقَالَ أُهْدِي هَذَا أَمْ جَعَلْته هَدْيًا لِلْكَعْبَةِ، ثُمَّ إذَا حَصَلَ الْهَدْيُ فِي الْحَرَمِ إنْ كَانَ حَيَوَانًا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَجَبَ ذَبْحُهُ وَتَفْرِقَتُهُ عَلَيْهِمْ وَيَتَعَيَّنُ ذَبْحُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ لَا يُجْزِئُ أَعْطَاهُ لَهُمْ حَيًّا، فَإِنْ ذَبَحَهُ فَرَّقَهُ وَغَرِمَ مَا نَقَصَ بِذَبْحِهِ، وَلَوْ نَوَى سِوَى التَّصَدُّقِ كَالصَّرْفِ لِسِتْرِ الْكَعْبَةِ أَوْ طِيبِهَا تَعَيَّنَ صَرْفُهُ فِيمَا نَوَاهُ، وَإِطْلَاقُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ جَعْلَهُ فِيهَا وَفِي الزَّيْتِ جَعْلَهُ فِي مَصَابِيحِهَا، مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَضَافَ النَّذْرَ إلَيْهَا وَاحْتِيجَ لِذَلِكَ فِيهَا، وَإِلَّا بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ لِمَصَالِحِهَا كَمَا لَا يَخْفَى.

وَلَوْ عَسُرَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهِ كَلُؤْلُؤٍ بَاعَهُ وَفَرَّقَ ثَمَنَهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ إنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُ فِي بَلَدِهِ وَالْحَرَمِ بَاعَهُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِلَّا لَزِمَهُ بَيْعُهُ فِي أَعْلَاهُمَا قِيمَةً هَذَا كُلُّهُ فِيمَا يُمْكِنُهُ نَقْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ، أَوْ عَسُرَ كَعَقَارٍ وَرَحًى بِيعَ وَفُرِّقَ ثَمَنُهُ، وَلَوْ تَلِفَ الْمُعَيَّنُ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَالْمُتَوَلِّي لِبَيْعِ جَمِيعِ ذَلِكَ النَّاذِرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَيْسَ لِقَاضِي مَكَّةَ نَزْعُهُ مِنْهُ، نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إمْسَاكُهُ بِقِيمَتِهِ لِاتِّهَامِهِ فِي مُحَابَاةِ نَفْسِهِ وَلِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقَبِّضِ.

(أَوْ) نَذَرَ (التَّصَدُّقَ) أَوْ الْأُضْحِيَّةَ أَوْ النَّحْرَ إنْ ذَكَرَ التَّصَدُّقَ بِهِ أَوْ نَوَاهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ (عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي عِلْمِ الْجَوَابِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى التَّلَبُّسِ بِمَا فِيهَا جَمِيعَ الْوَقْتِ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ مَعَ ذَلِكَ الْمُنَافِي وَيَقْضِي، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ حُبِسَ فِي مَكَان نَجَسٍ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ فِي صَلَاتِهِ اخْتِيَارًا عَلَى اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ أَوْ نَحْوِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ فَلَا يُتَصَوَّرُ حِينَئِذٍ مَعَ الْإِكْرَاهِ فِعْلُهُ مَعَ الْمُنَافِي.

(قَوْلُهُ: هُوَ مُقِيمٌ) أَيْ إقَامَةً تَقْطَعُ السَّفَرَ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ صِحَاحٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مُقَابَلَتُهُ بِالْمُسْتَوْطِنِ، فَمَنْ نَحَرَ بِمِنًى لَا يُجْزِئُ إعْطَاؤُهُ لِلْحُجَّاجِ الَّذِينَ لَمْ يُقِيمُوا بِمَكَّةَ قَبْلَ عَرَفَةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَنْقَطِعُ تَرَخُّصُهُمْ إلَّا بَعْدَ عَوْدِهِمْ إلَى مَكَّةَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: بِيعَ بَعْضُهُ لِذَلِكَ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ لِغَيْرِهَا مِنْ الْمَسَاجِدِ وَقَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم إكْرَامًا لَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ نَذَرَ إهْدَاءَ بَهِيمَةٍ إلَى الْحَرَمِ، فَإِنْ أَمْكَنَ إهْدَاؤُهَا بِنَقْلِهَا إلَى الْحَرَمِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فِي نَقْلِهَا وَلَا نَقْصِ قِيمَةٍ لَهَا وَجَبَ وَإِلَّا بَاعَهَا بِمَحَلِّهَا وَنَقَلَ قِيمَتَهَا (قَوْلُهُ وَالْمُتَوَلِّي لِبَيْعِ جَمِيعِ ذَلِكَ النَّاذِرُ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَمَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَوِلَايَتُهُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: إنْ ذَكَرَ التَّصَدُّقَ بِهِ) أَيْ بِمَا يَنْحَرُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ لَهَا وَقْتًا مَكْرُوهًا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَصِحَّانِ فِيهِ

(قَوْلُهُ: مِنْ نَعَمٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ إهْدَاءُ هَذَا الثَّوْبِ مَثَلًا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إلَى مَكَّةَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي نَذْرِهِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَالِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) يَنْبَغِي حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْهَدْيِ) هَذَا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ مَبْنِيَّانِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَتْنِ لَا بِالنَّظَرِ لِمَا حِلُّهُ بِهِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَقَالَ أُهْدِي إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعْمِيمٌ فِي الْمَتْنِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: سَوَاءٌ أَقَالَ أُهْدِي هَذَا أَمْ جَعَلْته هَدْيًا أَمْ هَدْيًا لِلْكَعْبَةِ انْتَهَتْ.

فَلَعَلَّ بَعْضَهَا سَقَطَ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ الْهَدْيِ

(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْحَرَمِ) أَيْ

ص: 232

مَكَّةَ (مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ) لِمَسَاكِينِهِ وَفَاءً بِالْمُلْتَزَمِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ تَعْمِيمُ الْمَحْصُورِينَ وَجَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ فِي غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ، نَعَمْ لَوْ تَمَحَّضَ أَهْلُ الْبَلَدِ كُفَّارًا لَمْ يَلْزَمْ لِأَنَّ النَّذْرَ لَا يُصْرَفُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ.

(أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا) أَوْ نَحْوَهُ (فِي بَلَدٍ) وَلَوْ مَكَّةَ (لَمْ يَتَعَيَّنْ) فَيَلْزَمُهُ الصَّوْمُ وَيَفْعَلُهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ فِيهِ فِي مَحَلٍّ بِخُصُوصِهِ، وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ ثَوَابِهِ فِيهَا وَلِذَا لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُ الدَّمِ فِيهَا بَلْ لَمْ يُجْزِ فِي بَعْضِهِ (وَكَذَا صَلَاةٌ) وَاعْتِكَافٌ كَمَا مَرَّ بِبَلَدٍ أَوْ مَسْجِدٍ لَا يَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ، نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ لِلْفَرْضِ لَزِمَهُ وَلَهُ فِعْلُهُ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ جَمَاعَةً فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الْمَسْجِدَ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي الْفَرْضِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ مَسْجِدًا فَلْيَجُزْ كُلُّ مَسْجِدٍ لِذَلِكَ وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ النَّوَافِلِ الَّتِي يُسَنُّ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ بِالْفَرْضِ (إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) فَيَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ لِعِظَمِ فَضْلِهِ وَتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَعْبَةُ وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا مَعَ مَا زِيدَ فِيهِ (وَفِي قَوْلٍ) إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ (وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى) لِمُشَارَكَتِهِمَا لَهُ فِي بَعْضِ الْخُصُوصِيَّاتِ لِخَبَرِ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» أَيْ لَا يُطْلَبُ شَدُّهَا إلَّا لِذَلِكَ (قُلْت: الْأَظْهَرُ تَعَيُّنُهُمَا كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَيَقُومُ مَسْجِدُ مَكَّةَ مَقَامَهُمَا وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مَقَامَ الْأَقْصَى وَلَا عَكْسَ فِيهِمَا، ثُمَّ الْمُضَاعَفَةُ الْمَذْكُورَةُ إنَّمَا تَكُونُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَضْلِ خَاصَّةً لَا فِي حُسْبَانٍ عَنْ مُنْذَرٍ أَوْ قَضَاءٍ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يُلْحَقُ بِهَا مَسْجِدُ قُبَاءَ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَإِنْ صَحَّ الْخَبَرُ بِأَنَّ رَكْعَتَيْنِ فِيهِ كَعُمْرَةٍ (أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَدَدٍ لَفْظًا وَلَا نِيَّةً (فَيَوْمٌ) إذْ الصَّوْمُ الشَّرْعِيُّ لَا يَكُونُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَوَصَفَهُ بِطُولٍ أَمْ كَثْرَةٍ أَمْ حِينٍ أَمْ دَهْرٍ (أَوْ أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَمَرَّ وُجُوبُ التَّبْيِيتِ فِي كُلِّ صَوْمٍ وَاجِبٍ (أَوْ) نَذَرَ (صَدَقَةً) فَ) يُجْزِيهِ التَّصَدُّقُ (بِمَا) أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ (كَانَ) وَإِنْ قَلَّ مِمَّا يُتَمَوَّلُ فَلَا يَكْفِي غَيْرُهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَوَصَفَ الْمَالَ الْمَنْذُورَ بِكَوْنِهِ عَظِيمًا أَمْ لَا لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ، وَلِأَنَّ الْخُلَطَاءَ قَدْ يَشْتَرِكُونَ فِي نِصَابٍ فَيَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمْ شَيْءٌ قَلِيلٌ.

(أَوْ) نَذَرَ صَلَاةً)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لَزِمَهُ لِمَسَاكِينِهِ) أَيْ الْمُقِيمِينَ أَوْ الْمُسْتَوْطِنِينَ: أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ قِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَفِي قَوْلِهِ هُنَا وَيَجِبُ تَعْمِيمُ الْمَحْصُورِينَ.

(قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ ثَوَابِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّوْمَ يَزِيدُ ثَوَابُهُ فِي مَكَّةَ عَلَى ثَوَابِهِ فِي غَيْرِهِ، وَهَلْ يُضَاعَفُ الثَّوَابُ فِيهِ قَدْرَ مُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا بَلْ فِيهِ مُجَرَّدُ زِيَادَةٍ لَا تَصِلُ لِحَدِّ مُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّ الْمُضَاعَفَةَ خَاصَّةٌ بِالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَطْلُبُ شَدَّهَا) أَيْ فَيَكُونُ الشَّدُّ مَكْرُوهًا وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ قَالَ الْقَفَّالُ وَالْجُوَيْنِيُّ: أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَاهُ، وَفِي حَجّ فِي الْجَنَائِزِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَحَّ الْخَبَرُ) أَيْ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ صَلَاةً) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَغَيْرِهِ كَالرَّوَاتِبِ وَالضُّحَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَلَا نَوَاهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ) لَعَلَّهُ كَالْقِرَاءَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ تَمَحَّضَ أَهْلُ الْبَلَدِ كُفَّارًا إلَخْ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ: أَيْ لَمْ يَلْزَمْ صَرْفُهُ إلَيْهِمْ كَذَا فِي هَامِشِ هَذِهِ النُّسْخَةِ: أَيْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْكَافِرِ بِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ لِأَنَّ النَّذْرَ إلَخْ فِيهِ صُعُوبَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلِذَا لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُ الدَّمِ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَلِذَا لَمْ يَجِبْ إلَخْ وَالضَّمِيرُ فِي بَعْضِهِ لِلدَّمِ، وَمُرَادُ بِهِ صَوْمُ التَّمَتُّعِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ صَوْمُ الدَّمِ فِيهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ ثَوَابًا، بَلْ بَعْضُهُ لَا يَجْزِي فِيهِ فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهِ وَهُوَ التَّمَتُّعُ وَيُوجَدُ فِي النُّسَخِ تَحْرِيفُ الدَّمِ بِالدَّهْرِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يُطْلَبُ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْجَنَائِزِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ شَدُّهَا لِزِيَارَةِ نَفْسِ الْبُقْعَةِ كَمَا تُزَارُ هَذِهِ الْمَسَاجِدُ (قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ وَلِأَنَّ الْخُلَطَاءَ إلَخْ) تَعْلِيلَانِ لِأَصْلِ الْمَتْنِ: أَيْ إنَّمَا جَازَ بِأَيِّ شَيْءٍ وَإِنْ قَلَّ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْخُلَطَاءِ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا لِيَكُونَ الْحُكْمُ جَارِيًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ النَّذْرَ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ

ص: 233

فَرَكْعَتَانِ تُجْزَيَانِهِ حَمْلًا عَلَى ذَلِكَ، وَيَجِبُ فِعْلُهُمَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ صَلَاتَيْنِ وَجَبَ التَّسْلِيمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ (وَفِي قَوْلٍ رَكْعَةٌ) حَمْلًا عَلَى جَائِزِهِ وَلَا تُجْزِيهِ سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ (فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقِيَامُ فِيهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ) لِأَنَّهُمَا أُلْحِقَا بِوَاجِبِ الشَّرْعِ (وَعَلَى الثَّانِي لَا) إلْحَاقًا بِجَائِزِهِ.

(أَوْ) نَذَرَ (عِتْقًا) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ كَالتَّنْبِيهِ إعْتَاقًا مَعَ التَّعَجُّبِ مِنْ تَغْيِيرِهَا، فَقَدْ قَالَ فِي تَحْرِيرِهِ إنْكَارُهُ جَهْلٌ لَكِنَّهُ أَحْسَنُ لِأَنَّ فِي تَغْيِيرِهَا رَدًّا عَلَى الْمُنْكِرِ فَكَانَ أَهَمَّ مِنْ ارْتِكَابِ الْأَحْسَنِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) تَجِبُ (رَقَبَةُ كَفَّارَةٍ) تَكُونُ مُؤْمِنَةً سَلِيمَةً مِنْ عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْكَسْبِ (وَعَلَى الثَّانِي رَقَبَةٌ) وَإِنْ لَمْ تَجُزْ لِكُفْرِهَا أَوْ عَيْبِهَا حَمْلًا عَلَى جَائِزِهِ (قُلْت: الثَّانِي هُنَا أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَاكْتَفَى بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَلِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَى فَكِّ الرِّقَابِ مِنْ الرِّقِّ مَعَ أَنَّهُ غَرَامَةٌ فَسُومِحَ فِيهَا وَخَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ السُّلُوكِ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ (أَوْ) نَذَرَ (عِتْقَ كَافِرَةٍ مَعِيبَةٍ)(أَجْزَأَهُ كَامِلَةٌ) لِأَنَّهَا أَفْضَلُ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ (فَإِنْ عَيَّنَ نَاقِصَةً) بِنَحْوِ كُفْرٍ أَوْ عَيْبٍ وَإِنْ جَعَلَ الْعَيْبَ وَصْفًا كَعَلَيَّ عِتْقُ هَذَا الْكَافِرِ أَوْ عِتْقُ هَذَا (تَعَيَّنَتْ) وَامْتَنَعَ إبْدَالُهَا لِتَعَلُّقِ النَّذْرِ بِعَيْنِهَا وَإِنْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهَا بِهِ.

(أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً قَائِمًا) لَمْ يَجُزْ قَاعِدًا) لِأَنَّهُ دُونَ مَا الْتَزَمَهُ (بِخِلَافِ عَكْسِهِ) بِأَنْ نَذَرَهَا قَاعِدًا فَلَهُ الْقِيَامُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا (أَوْ) نَذَرَ (طُولَ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ) فَرْضًا أَوْ غَيْرَهَا أَوْ تَطْوِيلَ نَحْوِ رُكُوعِهَا أَوْ الْقِيَامَ فِي نَافِلَةٍ أَوْ نَحْوَ تَثْلِيثِ وُضُوءٍ (أَوْ) نَذَرَ (سُورَةً مُعَيَّنَةً) يَقْرَؤُهَا فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ نَفْلًا.

(أَوْ) نَذَرَ (الْجَمَاعَةَ) فِيمَا تُشْرَعُ فِيهِ مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ وَتَقْيِيدُهُمَا هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِالْفَرْضِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ لَا تَقْيِيدُ الْحُكْمِ بِهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ التَّطْوِيلِ الْمُلْتَزَمِ هُنَا بِأَدْنَى زِيَادَةٍ عَلَى مَا يُنْدَبُ لِإِمَامِ غَيْرِ مَحْصُورِينَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: إنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ التَّطْوِيلِ إذَا لَمْ يَكُنْ إمَامًا لِقَوْمٍ غَيْرِ مَحْصُورِينَ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ لِكَرَاهَتِهِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ يُشِيرُ لِمَا قَرَّرْنَاهُ إلَّا أَنَّ كَرَاهَةَ أَدْنَى زِيَادَةٍ عَلَى مَا يُنْدَبُ لِإِمَامِ غَيْرِ مَحْصُورِينَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ مَمْنُوعَةٌ.

(وَالصَّحِيحُ) انْعِقَادُ النَّذْرِ بِكُلِّ قُرْبَةٍ لَا تَجِبُ ابْتِدَاءً) (كَعِيَادَةٍ) لِمَرِيضٍ تُنْدَبُ عِيَادَتُهُ (وَتَشْيِيعُ جِنَازَةٍ وَالسَّلَامُ) ابْتِدَاءً حَيْثُ شُرِعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَيَجِبُ الْقِيَامُ فِي الْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ عِتْقَ كَافِرَةٍ مُعَيَّنَةٍ) بِأَنْ الْتَزَمَهَا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ) وَفَائِدَةُ ذَلِكَ جَوَازُ انْتِفَاعِهِ بِهَا وَبِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا) قَالَ حَجّ: وَأَيْضًا فَالْقِيَامُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَوُجِدَ الْمَنْذُورُ هُنَا بِزِيَادَةٍ وَلَا كَذَلِكَ فِي الرُّكُوبِ إلَخْ اهـ.

أَقُولُ: وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْقُعُودَ هُوَ انْتِصَابُ مَا فَوْقَ الْفَخِذَيْنِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْقِيَامِ لِأَنَّ فِيهِ انْتِصَابَ مَا فَوْقَ الْفَخِذَيْنِ وَزِيَادَةً وَهِيَ انْتِصَابُ الْفَخِذَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ الْجَمَاعَةَ) وَيَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ بِالِاقْتِدَاءِ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ لِانْسِحَابِ حُكْمِ الْجَمَاعَةِ عَلَى جَمِيعِهَا (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُهُمْ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

(قَوْلُهُ: لَا تَجِبُ ابْتِدَاءً) أَيْ لَا يَجِبُ جِنْسُهَا ابْتِدَاءً، وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَدْ يُقَالُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا تَجِبُ ابْتِدَاءً صِحَّةُ نَذْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ حَمْلًا عَلَى ذَلِكَ) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الْإِشَارَةِ

(قَوْلُهُ: كَالتَّنْبِيهِ) يَعْنِي مُعَبِّرًا كَالتَّنْبِيهِ وَقَوْلُهُ مَعَ التَّعَجُّبِ مِنْ تَعْبِيرِهِمَا: أَيْ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ تَعَجَّبَ مِنْ تَعْبِيرِهِمَا: أَيْ الْمِنْهَاجِ وَالتَّنْبِيهِ إنْكَارًا لَهُ، وَقَوْلُهُ فَقَدْ قَالَ فِي التَّحْرِيرِ إلَخْ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ فِي تَعْبِيرِهِمَا إلَخْ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ الْعُدُولِ، وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ: أَيْ التَّعْبِيرَ بِالْإِعْتَاقِ وَحَاصِلُ الْمُرَادِ وَإِنْ كَانَ فِي الْعِبَارَةِ قَلَاقَةٌ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْعِتْقِ كَالتَّنْبِيهِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ تَعَجَّبَ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِإِعْتَاقٍ وَإِنْ كَانَ أَحْسَنَ إشَارَةً لِرَدِّ هَذَا التَّعَجُّبِ الْمُتَضَمِّنِ لِتَخْطِئَةِ التَّعْبِيرِ بِالْعِتْقِ، وَهَذِهِ الْإِشَارَةُ أَهَمُّ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْأَحْسَنِ، وَعِبَارَةُ التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: أَيْ التَّنْبِيهِ مَنْ نَذَرَ عِتْقَ رَقَبَةٍ هُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ وَلَا الْتِفَاتَ إلَى مَنْ أَنْكَرَهُ لِجَهْلِهِ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ إعْتَاقٌ لَكَانَ أَحْسَنَ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالسَّلَامُ) أَشَارَ بِهِ إلَى حُسْنِ الْخِتَامِ

ص: 234