الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْهُدْنَةِ
مِنْ الْهُدُونِ وَهُوَ السُّكُونُ لِسُكُونِ الْفِتْنَةِ بِهَا، إذْ هِيَ لُغَةً الْمُصَالَحَةُ، وَشَرْعًا: مُصَالَحَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ الْمُدَّةَ الْآتِيَةَ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَتُسَمَّى مُوَادَعَةً وَمُسَالَمَةً وَمُعَاهَدَةً وَمُهَادَنَةً.
وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ أَوَّلُ سُورَةِ بَرَاءَةَ «وَمُهَادَنَتُهُ صلى الله عليه وسلم قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ» ، وَكَانَتْ سَبَبًا لِفَتْحِ مَكَّةَ لِأَنَّ أَهْلَهَا لَمَّا خَالَطُوا الْمُسْلِمِينَ وَسَمِعُوا الْقُرْآنَ أَسْلَمَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ أَكْثَرُ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَبْلُ، وَهِيَ جَائِزَةٌ لَا وَاجِبَةٌ أَصَالَةً، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهَا لُحُوقُ ضَرَرٍ لَنَا لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (عَقْدُهَا) لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ أَوْ (لِكُفَّارِ إقْلِيمٍ) كَالْهِنْدِ (يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ) وَمِثْلُهُ مُطَاعٌ بِإِقْلِيمٍ لَا يَصِلُهُ حُكْمُ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي نَظَائِرِهِ (وَنَائِبُهُ فِيهَا) وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا وَلَوْ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخَطَرِ وَوُجُوبُ رِعَايَةِ مَصْلَحَتِنَا (وَ) عَقْدُهَا (لِبَلْدَةٍ) أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ إقْلِيمِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعُمْرَانِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ فَعَلَهُ الْوَالِي بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (يَجُوزُ لِوَالِي الْإِقْلِيمِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ جَوَازَهَا مَعَ بَلْدَةٍ مُجَاوِرَةٍ لِإِقْلِيمِهِ حَيْثُ رَآهُ مَصْلَحَةً فِيهَا لِأَهْلِ إقْلِيمِهِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مِنْ تَعَلُّقَاتِ إقْلِيمِهِ، نَعَمْ قَوْلُهُ إنَّهُ يَتَعَيَّنُ اسْتِئْذَانُ الْإِمَامِ عِنْدَ إمْكَانِهِ يَظْهَرُ حَمْلُهُ حَيْثُ تَرَدَّدَ فِي وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ (وَإِنَّمَا تُعْقَدُ لِمَصْلَحَةٍ كَضَعْفِنَا بِقِلَّةِ عَدَدٍ وَأُهْبَةٍ) إذْ هُوَ الْحَامِلُ عَلَى الْمُهَادَنَةِ عَامَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كِتَابُ الْهُدْنَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ) الْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: وَشَرْعًا عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ مُصَالَحَةَ أَهْلِ الْحَرْبِ إلَخْ، وَكَأَنَّهُ عَبَّرَ بِمَا ذُكِرَ قَصْدًا لِلْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَاللُّغَوِيِّ مَعَ كَوْنِ الْمَقْصُودِ مَعْلُومًا مِنْ اشْتِرَاطِ الصِّيغَةِ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمُؤَثِّرِ بِاسْمِ الْأَثَرِ أَوْ السَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبَّبِ (قَوْلُهُ: بِإِقْلِيمٍ لَا يَصِلُهُ) أَيْ لِبُعْدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ إقْلِيمِهِ) عَلَى هَذَا فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ عَقَدَهَا لِكُفَّارِ إقْلِيمٍ يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ وَنَائِبِهِ فِيهَا فَإِنَّ الْحَاصِلَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْوَالِي كَمَا يَعْقِدُ لِكُفَّارِ بَلَدِهِ يَعْقِدُ لِجَمِيعِ الْإِقْلِيمِ وَبِهِ سَاوَى الْإِمَامَ وَنَائِبَهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَشَارَ بِمَا ذَكَرَهُ إلَى أَنَّ فِي عَقْدِهَا مِنْ وَالِي الْإِقْلِيمِ لِجَمِيعِ أَهْلِهِ خِلَافًا فَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ إقْلِيمِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ رَآهُ مَصْلَحَةً) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَهْلِ إقْلِيمِهِ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِأَهْلِ إقْلِيمِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ عَقْدِهَا لَهُمْ ظُهُورُ مَصْلَحَةٍ لِغَيْرِ إقْلِيمِهِ كَالْأَمْنِ لِمَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ تَوْلِيَتَهُ تَقْتَضِي فِعْلَ الْمَصْلَحَةِ الْأَصْلِ لِلْإِمَامِ الْوَالِي الْمَذْكُورِ لَمْ تَشْمَلْهُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَرَدَّدَ) أَيْ أَمَّا حَيْثُ ظَهَرَتْ لَهُ الْمَصْلَحَةُ بِلَا تَرَدُّدٍ فَلَا يَجِبُ الِاسْتِئْذَانُ وَيَصْدُقُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ تَوْلِيَةَ الْإِمَامِ اسْتِئْمَانٌ لَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا وَلَّاهُ فِيهِ، ثُمَّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[كِتَابُ الْهُدْنَةِ]
بَابُ الْهُدْنَةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مُطَاعٌ) أَيْ فِي أَنَّهُ يَعْقِدُ لِأَهْلِ إقْلِيمِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ إقْلِيمِهِ) فِيهِ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ وَكَذَا الْإِشَارَةُ الْآتِيَةُ (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ) اسْتِئْذَانُ الْإِمَامِ هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى جَوَازِهَا
الْحُدَيْبِيَةِ (أَوْ) عُطِفَ عَلَى ضَعْفٍ (رَجَاءَ إسْلَامِهِمْ أَوْ بَذْلَ جِزْيَةٍ) أَوْ إعَانَتَهُمْ لَنَا أَوْ كَفَّهُمْ عَنْ الْإِعَانَةِ عَلَيْنَا أَوْ بُعْدَ دَارِهِمْ وَلَوْ مَعَ قُوَّتِنَا فِي الْجَمِيعِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) بِنَا ضَعْفٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَرَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهَا (جَازَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) وَلَوْ بِدُونِ غَرَضٍ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (لَا سَنَةً) لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْجِزْيَةِ فَامْتَنَعَ تَقْرِيرُهُمْ فِيهَا بِدُونِ جِزْيَةٍ (وَكَذَا دُونَهَا) وَفَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِلْآيَةِ أَيْضًا، نَعَمْ عَقْدُهَا لِنَحْوِ نِسَاءٍ وَمَالٍ لَا يَتَقَيَّدُ بِمُدَّةٍ، وَالثَّانِي يَجُوزُ لِنَقْصِهَا عَنْ مُدَّةِ الْجِزْيَةِ (وَلِضَعْفٍ) بِنَا (تَجُوزُ عَشْرَ سِنِينَ) فَمَا دُونَهَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (فَقَطْ) لِأَنَّهَا مُدَّةُ مُهَادَنَةِ قُرَيْشٍ وَيُمْتَنَعُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ مَعَ الضَّعْفِ، وَقَوْلُ جَمْعٍ بِجَوَازِهَا عَلَى الْعَشْرِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي عُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ كُلُّ عَقْدٍ عَلَى عَشَرَةٍ، وَهُوَ قِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ صَحِيحٌ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَرِيبٌ، وَقَالَ: إنَّ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِيَ الْمَنْعَ مَا زَادَ عَلَى الْعَشْرِ مِنْ كَوْنِهَا الْمَنْصُوصَ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ عِلْمِنَا بِمَا يَقَعُ بَعْدَهَا مَوْجُودٌ مَعَ التَّعَدُّدِ فَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلنَّصِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَبِهِ فَارَقَ نَظَائِرَهُ.
نَعَمْ إنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ مَعَ بَقَاءِ الْحَاجَةِ اسْتَأْنَفْنَا عَقْدًا آخَرَ وَهَكَذَا، وَلَوْ زَالَ نَحْوُ خَوْفٍ أَثْنَاءَهَا وَجَبَ إبْقَاؤُهَا وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهَا وَلَا ضَرَرَ وَيَفْعَلُ الْأَصْلَحَ وُجُوبًا
وَلَوْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ فَتَكَرَّرَ سَمَاعُهُ لَهُ بِحَيْثُ ظُنَّ عِنَادُهُ أُخْرِجَ وَلَا يُمْهَلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (وَمَتَى زَادَ) الْعَقْدُ (عَلَى الْجَائِزِ) مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ عَشْرِ سِنِينَ (فَقَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) فَيَصِحُّ فِي الْجَائِزِ وَيَبْطُلُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ نَحْوِ نَاظِرِ الْوَقْفِ لَوْ زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الْجَائِزَةِ بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ فِي الْكُلِّ لِظُهُورِ الْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّ الْغَرَضَ هُنَا النَّظَرُ لِحَقْنِ الدِّمَاءِ وَلِلْمَصْلَحَةِ الَّتِي اقْتَضَتْ جَوَازَ الْهُدْنَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فُرُوعِي ذَلِكَ مَا أَمْكَنَ (وَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ) عَنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ فِي غَيْرِ نَحْوِ النِّسَاءِ لِمَا مَرَّ (يُفْسِدُهُ) لِاقْتِضَائِهِ التَّأْبِيدَ الْمُمْتَنِعَ، وَلَا يُنَافِيهِ تَنْزِيلُ الْأَمَانِ الْمُطْلَقِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ الْمَفْسَدَةَ هُنَا أَخْطَرُ لِتَشَبُّثِهِمْ بِعَقْدٍ يُشْبِهُ عَقْدَ الْجِزْيَةِ (وَكَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ) اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ فَيُفْسِدُهُ أَيْضًا (عَلَى الصَّحِيحِ بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (شَرَطَ) فِيهِ (مَنْعَ فَكِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إنْ أَخْطَأَ بِأَنْ ظَنَّ مَصْلَحَةً ثُمَّ عَلِمَ الْإِمَامُ بِعَدَمِهَا نَقَضَهَا بَلْ يُحْتَمَلُ تَبَيُّنُ فَسَادِ الْمُهَادَنَةِ لِوُقُوعِهَا عَلَى غَيْرِ مَا يَجُوزُ فِعْلُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بُعْدِ دَارِهِمْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْمَصْلَحَةِ فِي الْهُدْنَةِ لِمُجَرَّدِ بُعْدِ دَارِهِمْ، وَقَدْ يُقَالُ هِيَ أَنَّ مُحَارَبَةَ الْكُفَّارِ مَا دَامُوا عَلَى الْحِرَابَةِ وَاجِبَةٌ، وَهِيَ مَعَ بُعْدِ الدَّارِ تُوجِبُ مَشَقَّةً عَظِيمَةً فِي تَجْهِيزِ الْجُيُوشِ إلَيْهِمْ وَبِالْمُهَادَنَةِ يَكْفِي ذَلِكَ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْعَشْرُ (قَوْلُهُ: مُدَّةُ مُهَادَنَةِ قُرَيْشٍ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِنَقْضِ ذَلِكَ وَفَتْحِ مَكَّةَ بَعْدَ مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ جَمْعٍ بِجَوَازِهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: صَحِيحٌ) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اعْتَمَدَهُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْوَقْفِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ حَيْثُ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ مَثَلًا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى حَقْنِ الدِّمَاءِ مَا أَمْكَنَ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ آجَرَ النَّاظِرُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهَا) أَيْ الْهُدْنَةِ
(قَوْلُهُ: فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ) وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْأَوَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ نَحْوِ النِّسَاءِ) أَيْ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالْخَنَاثَى وَالْمَالِ (قَوْلُهُ: لِتَشَبُّثِهِمْ) أَيْ تَعَلُّقِهِمْ (قَوْلُهُ: بِعَقْدٍ يُشْبِهُ عَقْدَ الْجِزْيَةِ) لَعَلَّ وَجْهَ الشَّبَهِ أَنَّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِنَا ضَعْفٌ) إنَّمَا قَصَرَ الْمَتْنَ عَلَى هَذَا مَعَ خُرُوجِهِ عَنْ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا عِنْدَ الضَّعْفِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الْقُوَّةِ أَصْلًا وَإِنْ اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَانْدَفَعَ مَا لِلشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ هُنَا، وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِيهِ إلَى مُجَرَّدِ الْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَرِيبٌ) الزَّاعِمُ هُوَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُوَجِّهُ لَهُ بِمَا يَأْتِي هُوَ ابْنُ حَجَرٍ، فَصَوَابُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَرِيبٌ وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمَعْنَى إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ إلَخْ)
أَسْرَانَا) مِنْهُمْ (أَوْ تَرْكَ مَا) اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ (لَنَا) الصَّادِقُ بِأَحَدِنَا بَلْ الْمُتَّجَهُ أَنَّ مَالَ الذِّمِّيِّ كَذَلِكَ (لَهُمْ) الصَّادِقُ بِأَحَدِهِمْ بَلْ الْأَوْجَهُ أَيْضًا أَنَّ شَرْطَ تَرْكِهِ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ كَذَلِكَ أَوْ رَدِّ مُسْلِمٍ أَسِيرٍ أَفْلَتَ مِنْهُمْ أَوْ سُكْنَاهُمْ الْحِجَازَ أَوْ إظْهَارِهِمْ الْخَمْرَ بِدَارِنَا أَوْ أَنْ نَبْعَثَ لَهُمْ مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ لَا التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَيَأْتِي شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ (أَوْ) فَعَلَتْ (لَتَعْقِدَ لَهُمْ ذِمَّةً بِدُونِ دِينَارٍ) لِكُلِّ وَاحِدٍ (أَوْ) لِأَجْلِ أَنَّ (بِدَفْعِ مَالٍ) مِنَّا (إلَيْهِمْ) لِمُنَافَاةِ جَمِيعِ ذَلِكَ عِزَّةَ الْإِسْلَامِ، نَعَمْ لَوْ اُضْطُرِرْنَا لِبَذْلِ مَالٍ لِفِدَاءِ أَسْرَى يُعَذِّبُونَهُمْ أَوْ لِإِحَاطَتِهِمْ بِنَا وَخِفْنَا اسْتِئْصَالَهُمْ لَنَا وَجَبَ بَذْلُهُ وَلَا يَمْلِكُونَ ذَلِكَ لِفَسَادِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ يُنْدَبُ فَكُّ الْأَسْرَى لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمُعَذَّبِينَ إذَا أَمِنَ مِنْ قَتْلِهِمْ، وَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ النَّدْبَ لِلْآحَادِ وَالْوُجُوبَ عَلَى الْإِمَامِ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ جَمِيعِ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْأَسْرَى بِبِلَادِهِمْ لِأَنَّ فَكَّهُمْ قَهْرًا حِينَئِذٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمْ مَا لَا يُطَاقُ.
أَمَّا إذَا أَسَرَتْ طَائِفَةٌ مُسْلِمًا وَمَرُّوا بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْمُكَافِئِينَ فَتَجِبُ مُبَادَرَتُهُمْ إلَى فَكِّهِ بِكُلِّ وَجْهٍ مُمْكِنٍ، إذْ لَا عُذْرَ لَهُمْ فِي تَرْكِهِ حِينَئِذٍ (وَتَصِحُّ الْهُدْنَةُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا الْإِمَامُ) أَوْ مُسْلِمٌ ذَكَرٌ مُعَيَّنٌ عَدْلٌ ذُو رَأْيٍ فِي الْحَرْبِ يَعْرِفُ مَصْلَحَتَنَا فِي فِعْلِهَا وَتَرْكِهَا (مَتَى شَاءَ) وَلَا تَجُوزُ مَشِيئَةُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ قُوَّتِنَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ عِنْدَ ضَعْفِنَا وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَإِنَّمَا قَالَهُ صلى الله عليه وسلم لِعِلْمِهِ بِهِ بِالْوَحْيِ، وَلِإِمَامٍ تَوَلَّى بَعْدَ عَقْدِهَا نَقْضُهَا إنْ كَانَتْ فَاسِدَةً بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ (وَمَتَى صَحَّتْ وَجَبَ) عَلَيْنَا (الْكَفُّ عَنْهُمْ) لِأَذَانَا أَوْ أَذَى أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ بِبِلَادِنَا فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ أَذَى أَهْلِ الْحَرْبِ وَبَعْضِ أَهْلِ الْهُدْنَةِ (حَتَّى تَنْقَضِيَ) مُدَّتُهَا أَوْ يَنْقُضَهَا مَنْ عُلِّقَتْ بِمَشِيئَتِهِ أَوْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِطَرِيقِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (أَوْ يَنْقُضُوهَا) هُمْ وَنَقْضُهَا مِنْهُمْ يَحْصُلُ (بِتَصْرِيحٍ) مِنْهُمْ (أَوْ) بِنَحْوِ (قِتَالِنَا أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِعَوْرَةٍ لَنَا أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ) أَوْ ذِمِّيٍّ بِدَارِنَا أَوْ فِعْلِ شَيْءٍ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِي نَقْضِ عَقْدِ الذِّمَّةِ بِهِ مِمَّا مَرَّ وَغَيْرِهِ لِعَدَمِ تَأَكُّدِهَا بِبَذْلِ جِزْيَةٍ أَوْ إيوَاءِ عَيْنٍ لِلْكُفَّارِ أَوْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَقْدَ الْهُدْنَةِ لَا يَكُونُ مِنْ الْآحَادِ.
وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ لِمَصْلَحَةٍ (قَوْلُهُ: اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ) أَفَادَ هَذَا أَنَّ مَا لَنَا بِفَتْحِ اللَّامِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَالِ لِيَشْمَلَ نَحْوَ الِاخْتِصَاصَاتِ وَالْوَقْفِ وَيَجُوزُ جَرُّهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَنَّ مَالَ الذِّمِّيِّ) الْأَنْسَبُ بِحِلِّهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَا لَنَا أَنْ تُجْعَلَ اللَّامُ فِي مَالِ الذِّمِّيِّ جَارَّةً فَتُحْذَفَ الْأَلْفُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ جَرُّهُ) وَيُرْسَمُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ دُونَ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ بَدَلُهُ) أَيْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ وُجِدَ فِيهِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَمِنْ مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْسُورِ مَالٌ وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبُ الْبَذْلِ لِفَكِّ الْأَسْرَى
(قَوْلُهُ: إذْ لَا عُذْرَ لَهُمْ فِي تَرْكِهِ) أَيْ وَإِنْ تَوَقَّفَ الْفَكُّ عَلَى بَذْلِ مَالٍ وَجَبَ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: تَوَلَّى بَعْدَ عَقْدِهَا) أَيْ الْجَائِزُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ فَاسِدَةً) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى النَّقْضِ مَعَ فَرْضِ فَسَادِهَا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ إعْلَامُهُمْ بِفَسَادِ الْهُدْنَةِ وَتَبْلِيغُهُمْ الْمَأْمَنَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَذَى أَهْلِ الْحَرْبِ) أَيْ وَإِنْ قَدَرْنَا عَلَى دَفْعِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ) أَيْ ثُمَّ إنْ لَمْ يُنْكِرْ غَيْرُ الْقَاتِلِ مَثَلًا عَلَيْهِ بَعْدَ عِلْمِهِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ إيوَاءِ عَيْنٍ لِلْكُفَّارِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّوْجِيهِ
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَتَصِحُّ الْهُدْنَةُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا الْإِمَامُ مَتَى شَاءَ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: وَيَجُوزُ أَنْ لَا تُؤَقَّتَ الْهُدْنَةُ وَيَشْتَرِطَ الْإِمَامُ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ) أَيْ عَمْدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ فِيهِ وَفِي الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: بِدَارِنَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الذِّمِّيِّ فَقَطْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا نُقِضَتْ جَازَتْ الْإِغَارَةُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا نَقَضَهَا مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ نَقْضُهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ
أَخْذِ مَالِنَا وَإِنْ جَهِلُوا أَنَّ ذَلِكَ نَاقِضٌ {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} [التوبة: 12] أَمَّا إذَا فَسَدَتْ وَجَبَ تَبْلِيغُهُمْ مَأْمَنَهُمْ وَأُنْذِرُوا قَبْلَ مُقَاتَلَتِهِمْ إنْ لَمْ يَكُونُوا بِدَارِهِمْ وَإِلَّا فَلَنَا قِتَالُهُمْ بِدُونِ إنْذَارٍ (وَإِذَا انْقَضَتْ جَازَتْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ) نَهَارًا (وَبَيَاتُهُمْ) أَيْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ لَيْلًا إنْ كَانُوا بِبِلَادِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا بِبِلَادِنَا وَجَبَ تَبْلِيغُهُمْ الْمَأْمَنَ: أَيْ مَحَلًّا يَأْمَنُونَ فِيهِ مِنَّا وَمِنْ أَهْلِ عَهْدِنَا وَلَوْ بِطَرَفِ بِلَادِنَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَمَنْ جَعَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ أَرَادَ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَمَنْ لَهُ مَأْمَنَانِ يَسْكُنُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ سَكَنَ بِأَحَدِهِمَا لَزِمَهُ إبْلَاغُ مَسْكَنِهِ مِنْهُمَا عَلَى الْأَوْجَهِ (وَلَوْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ) الْهُدْنَةَ (وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ) عَلَيْهِ (بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ) بَلْ اسْتَمَرُّوا عَلَى مُسَاكَنَتِهِمْ وَسَكَتُوا (انْتَقَضَ فِيهِمْ أَيْضًا) لِإِشْعَارِ سُكُوتِهِمْ بِرِضَاهُمْ بِالنَّقْضِ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ لِقُوَّتِهِ (وَإِنْ أَنْكَرُوا) عَلَيْهِمْ (بِاعْتِزَالِهِمْ أَوْ إعْلَامِ الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ (بِبَقَائِهِمْ عَلَى الْعَهْدِ) بِحَالِهِمْ (فَلَا) نَقْضَ فِي حَقِّهِمْ {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} [الأعراف: 165] ثُمَّ يُنْذِرُ الْمُعَلَّمِينَ بِالتَّمَيُّزِ عَنْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَنَاقِضُونَ أَيْضًا
(وَلَوْ)(خَافَ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (خِيَانَتَهُمْ) بِشَيْءٍ مِمَّا يَنْقُضُ إظْهَارُهُ بِأَنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةٌ بِذَلِكَ (فَلَهُ نَبْذُ عَهْدِهِمْ إلَيْهِمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: 58] الْآيَةَ، فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ أَمَارَةٌ حَرُمَ النَّقْضُ لِأَنَّ عَقْدَهَا لَازِمٌ، وَبَعْدَ النَّبْذِ يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ لَا بِنَفْسِ الْخَوْفِ وَهَذَا مُرَادُ مَنْ اشْتَرَطَ فِي النَّقْضِ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِهِ (وَ) بَعْدَ النَّقْضِ وَاسْتِيفَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحُقُوقِ (يُبَلِّغُهُمْ الْمَأْمَنَ) حَتْمًا وَفَاءً بِعَهْدِهِمْ (وَلَا يَنْبِذُ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِتُهَمَةٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ لِأَنَّهُ آكَدُ لِتَأْيِيدِهِ وَمُقَابَلَتِهِ بِمَالٍ وَلِأَنَّهُمْ فِي قَبْضَتِنَا غَالِبًا.
(وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ) مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً ثُمَّ تُسْلِمُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصِيبَهَا زَوْجُهَا الْكَافِرُ أَوْ تُزَوَّجَ بِكَافِرٍ وَلِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ الْهَرَبِ مِنْهُمْ وَأَقْرَبُ إلَى الِافْتِتَانِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} [الممتحنة: 10] الْآيَةَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ، وَيَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ كَافِرَةٍ وَمُسْلِمٍ، فَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَنَا مُسْلِمًا مِنْهُمْ صَحَّ وَلَمْ يَجُزْ بِهِ رَدُّ مُسْلِمَةٍ احْتِيَاطًا لِأَمْرِهَا لِخَطَرِهِ (فَإِنْ شُرِطَ فَسَدَ الشَّرْطُ، وَكَذَا الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ أَشَارَ بِهِ إلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَعَبَّرَ فِي صُورَةٍ تَقَدَّمَتْ بِالصَّحِيحِ إشَارَةً إلَى ضَعْفِ الْخِلَافِ فِيهَا فَلَا تَكْرَارَ وَلَا مُخَالَفَةَ
(وَإِنْ)(شَرَطَ) الْإِمَامُ لَهُمْ (رَدَّ مَنْ جَاءَ) مِنْهُمْ (مُسْلِمًا) إلَيْنَا (أَوْ لَمْ يَذْكُرْ رَدًّا فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ) مُسْلِمَةٌ (لَمْ يَجِبْ) بِارْتِفَاعِ نِكَاحِهَا بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (دَفْعُ مَهْرٍ إلَى زَوْجِهَا فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْبُضْعَ لَيْسَ بِمَالٍ حَتَّى يَشْمَلَهُ الْأَمَانُ كَمَا لَا يَشْمَلُ الْأَمَانُ زَوْجَتَهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ رَدُّ بَدَلِهَا لَكَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ لِلْحَيْلُولَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ مَهْرُ الْمِثْلِ لَمْ يَجِبْ الْمُسَمَّى، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى وَآتُوهُمْ أَيْ: الْأَزْوَاجَ مَا أَنْفَقُوا أَيْ: مِنْ الْمَهْرِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي وُجُوبِ الْغُرْمِ مُحْتَمَلٌ لِنَدْبِهِ الصَّادِقِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ الْمُوَافِقِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيِّ إيوَاءِ شَخْصٍ يَتَجَسَّسُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ لِيَنْقُلَ الْأَخْبَارَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلُّوا جِدًّا
(قَوْلُهُ: حَرُمَ النَّقْضُ) أَيْ فَلَوْ فَعَلَهُ هَلْ يُنْتَقَضُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَيُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ أَيْضًا صِيَانَةً لِمَنْصِبِ الْإِمَامِ عَنْ الرَّدِّ وَإِنْ حَرُمَ فِعْلُهُ
(قَوْلُهُ صَحَّ وَلَمْ يُجْزِيهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَ مُسْلِمًا لَا يَكْفِيهِ رَدُّ الْمَرْأَةِ بَلْ لَا يَجُوزُ رَدُّهَا لِمَا عَلَّلَ بِهِ، وَلَوْ قَالَ وَلَمْ يَشْمَلْ الْمَرْأَةَ كَانَ أَوْلَى، ثُمَّ قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَنَا مُخَالِفٌ لحج حَيْثُ قَالَ لَا مَنْ جَاءَنَا مُسْلِمًا لِشُمُولِهِ النِّسَاءَ (قَوْلُهُ: وَلَا مُخَالَفَةَ) حَيْثُ قَيَّدَ مَا مَرَّ بِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِلَّا فَعِبَارَتُهُ السَّابِقَةُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَمَنْ جَعَلَهُ) أَيْ الْمَأْمَنَ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَنَا) أَيْ تَخْلِيَتَهُ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ وَيَأْتِيَ
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ رَدُّ بَدَلِهَا لَكَانَ مَهْرُ الْمَثَلِ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى الثَّانِي الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الْمُسَمَّى كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: الصَّادِقُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: الصَّادِقُ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَهِيَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ
لِلْأَصْلِ، وَرَجَّحُوهُ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا غُرْمُهُ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ الْمَهْرَ فَلِأَنَّهُ كَانَ قَدْ شَرَطَ لَهُمْ رَدَّ مَنْ جَاءَتْنَا مُسْلِمَةً.
ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] فَغَرِمَ حِينَئِذٍ لِامْتِنَاعِ رَدِّهَا بَعْدَ شَرْطِهِ.
وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إذَا طَلَبَ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا بَذَلَهُ مِنْ كُلِّ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ لَمْ يَبْذُلْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَرْأَةَ لَا يُعْطَى شَيْئًا، وَلَوْ وَصَفَتْ الْإِسْلَامَ مَنْ لَمْ تَزَلْ مَجْنُونَةً، فَإِنْ أَفَاقَتْ رَدَدْنَاهَا لَهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهَا وَزَوَالِ ضَعْفِهَا، فَإِنْ لَمْ تُفِقْ لَمْ تُرَدَّ، وَكَذَا إنْ جَاءَتْ عَاقِلَةً وَهِيَ كَافِرَةٌ لَا إنْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ جُنَّتْ أَوْ شَكَكْنَا فَلَا رَدَّ (وَلَا يُرَدُّ) مَنْ جَاءَنَا آتِيًا بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَطَلَبَ رَدَّهُ (صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) وَأُنْثَاهُمَا (وَكَذَا عَبْدٌ) بَالِغٌ عَاقِلٌ أَوْ أَمَةٌ وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةٌ جَاءَ إلَيْنَا مُسْلِمًا، ثُمَّ إنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَوْ قَبْلَ الْهُدْنَةِ عَتَقَ أَوْ بَعْدَهَا وَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا بَاعَهُ الْإِمَامُ لِمُسْلِمٍ أَوْ دَفَعَ لِسَيِّدِهِ قِيمَتَهُ مِنْ الْمَصَالِحِ وَأَعْتَقَهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَلَاءُ لَهُمْ (وَحُرٌّ) كَذَلِكَ (لَا عَشِيرَةَ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِضَعْفِهِمْ، وَقِيلَ يُرَدُّ الْأَخِيرَانِ لِقُوَّتِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمَا وَقَطْعِ الْبَعْضِ بِالرَّدِّ فِي الْحُرِّ وَالْجُمْهُورُ بِعَدَمِهِ فِي الْعَبْدِ (وَيُرَدُّ) عِنْدَ شَرْطِ الرَّدِّ لَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إذْ لَا يَجِبُ فِيهِ رَدٌّ مُطْلَقًا (مَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ طَلَبَتْهُ إلَيْهَا) لِأَنَّهَا تَذُبُّ عَنْهُ وَتَحْمِيهِ مَعَ قُوَّتِهِ فِي نَفْسِهِ (لَا إلَى غَيْرِهَا) أَيْ لَا يُرَدُّ إلَى غَيْرِ عَشِيرَتِهِ الطَّالِبِ لَهُ (إلَّا أَنْ يَقْدِرَ الْمَطْلُوبُ عَلَى قَهْرِ الطَّالِبِ أَوْ الْهَرَبِ مِنْهُ) فَيُرَدُّ إلَيْهِ.
(وَمَعْنَى الرَّدِّ) هُنَا (أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِهِ) كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا (وَلَا يُجْبَرُ) الْمَطْلُوبُ (عَلَى الرُّجُوعِ) إلَى طَالِبِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجْبَارُ الْمُسْلِمِ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَى دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ (وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ) إلَيْهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ لَكِنْ فِي الْبَيَانِ أَنَّ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ أَنْ يَهْرُبَ مِنْ الْبَلَدِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ، لَا سِيَّمَا إذَا خَشَى عَلَى نَفْسِهِ الْفِتْنَةَ بِالرُّجُوعِ (وَلَهُ قَتْلُ الطَّالِبِ) دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَدِينِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي بَصِيرٍ امْتِنَاعَهُ وَقَتْلَهُ طَالِبَهُ (وَلَنَا التَّعْرِيصُ لَهُ بِهِ) أَيْ بِقَتْلِهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْإِمَامِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ «أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي جَنْدَلٍ حِينَ رَدَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى أَبِيهِ سُهَيْلٍ اصْبِرْ أَبَا جَنْدَلٍ فَإِنَّمَا هُمْ مُشْرِكُونَ، وَإِنَّمَا دَمُ أَحَدِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ كَدَمِ الْكَلْبِ يُعَرِّضُ لَهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ» (لَا التَّصْرِيحُ) فَيَمْتَنِعُ، نَعَمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْهُدْنَةِ لَهُ أَنْ يُصَرِّحَ بِذَلِكَ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ عَلَى نَفْسِهِ أَمَانًا لَهُمْ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ شَرْطُ الْإِمَامِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
(وَلَوْ)(شَرَطَ) عَلَيْهِمْ فِي الْهُدْنَةِ (أَنْ يَرُدُّوا مَنْ جَاءَهُمْ مُرْتَدًّا مِنَّا)(لَزِمَهُمْ الْوَفَاءُ) بِذَلِكَ عَمَلًا بِالشَّرْطِ سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلًا أَمْ امْرَأَةً حُرًّا أَمْ رَقِيقًا (فَإِنْ أَبَوْا فَقَدْ نَقَضُوا) الْعَهْدَ لِمُخَالَفَتِهِمْ الشَّرْطَ (وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي قَوْلِهِ وَكَذَا شَرْطُهُ فَاسِدٌ عَلَى الصَّحِيحِ شَامِلَةٌ لِهَذِهِ
(قَوْلُهُ: وَرَجَّحُوهُ) أَيْ النَّدْبَ (قَوْلُهُ: قَدْ شَرَطَ لَهُمْ) أَيْ أَوْ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِكَوْنِهِ مَنْدُوبًا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ تَزَلْ مَجْنُونَةً) أَيْ فِي حَالِ جُنُونِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَفَاقَتْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَصِفْ الْكُفْرَ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَدُّ صَبِيٌّ) أَيْ وَهُوَ إلَخْ فَصَبِيٌّ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ الْهُدْنَةِ عَتَقَ) أَيْ بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ الْهُدْنَةِ أَوْ الْهِجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُرَدُّ الْأَخِيرَانِ) هُمَا الْعَبْدُ وَالْحُرُّ (قَوْلُهُ: إلَى بَلَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ الْمُلْتَزِمِينَ فِي زَمَنِنَا مِنْ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ فَلَّاحٌ مِنْ قَرْيَةٍ وَأَرَادَ اسْتِيطَانَ غَيْرِهَا أَجْبَرُوهُ عَلَى الْعَوْدِ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِزَرْعِهِ وَأُصُولِهِ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ: بِقَتْلِ أَبِيهِ) أَيْ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ رَدِّهَا بَعْدَ شَرْطِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ رَدُّهَا بِالْآيَةِ النَّاسِخَةِ وَكَانَ قَدْ شَرَطَهُ لَهُمْ: أَيْ فَتَعَارَضَ عَلَيْهِ وُجُوبُ رَدِّهَا بِالشَّرْطِ وَامْتِنَاعُهُ بِالنَّسْخِ فَرَجَعَ إلَى بَدَلِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ.