الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ سَبَبًا، وَلِأَنَّ وَظِيفَتَهُ نَقْلُ مَا سَمِعَهُ أَوْ رَآهُ ثُمَّ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِيهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ لَا تَرْتِيبَ الْأَحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا. وَثَانِيهِمَا نَعَمْ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ شَهَادَةً صَحِيحَةً فَقَالَ الْآخَرُ أَشْهَدُ بِمَا أَوْ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَ مِثْلَ مَا قَالَ وَيَسْتَوْفِيَهَا لَفْظًا كَالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ أَدَاءً لَا حِكَايَةٍ وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِخِلَافِهِ لِجَهْلِ أَكْثَرِ الْحُكَّامِ، قَالَ جَمْعٌ وَلَا يَكْفِي أَشْهَدُ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي وَلَا بِمَضْمُونِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ إجْمَالٌ وَإِبْهَامٌ وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْقَاضِي اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مَا يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ فِيمَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ إذَا عَرَفَ الشَّاهِدُ وَالْقَاضِي مَا تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ، وَيُقَاسُ بِهِ الْأَخِيرَةُ، بَلْ قَالَ جَمْعٌ: إنَّ عَمَلَ كَثِيرٍ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ وَلَا نَعُمُّ لِمَنْ قَالَ أَشْهَدُ عَلَيْك بِمَا نُسِبَ إلَيْك فِي هَذَا الْكِتَابِ إلَّا إنْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَسْمَعُهُ وَكَذَا الْمُقِرُّ. نَعَمْ إنْ قَالَ أَعْلَمُ بِمَا فِيهِ وَأَنَا مُقِرٌّ بِهِ كَفَى، وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَكْسِ: أَيْ مِنْ غَيْرِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ إذَا قَصَدَ بِهِ ضَبْطَ الْحُقُوقِ لِتُرَدَّ لِأَرْبَابِهَا إنْ وَقَعَ عَدْلٌ، وَيَكْفِي قَوْلُ شَاهِدِ النِّكَاحِ أَشْهَدُ أَنِّي حَضَرْت الْعَقْدَ أَوْ حَضَرْته وَأَشْهَدُ بِهِ، وَلَوْ قَالَا لَا شَهَادَةَ لَنَا فِي كَذَا ثُمَّ شَهِدَا فِي زَمَنٍ يُحْتَمَلُ وُقُوعُ التَّحَمُّلِ فِيهِ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِلَّا أَثَّرَ، وَلَوْ قَالَ لَا شَهَادَةَ لِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ كُنْت نَسِيت اُتُّجِهَ قَبُولُهَا حَيْثُ اشْتَهَرَتْ دِيَانَتُهُ.
(فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ
(تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ) تَعَالَى مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ وَحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَهِلَالِ نَحْوِ رَمَضَانَ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِ عُقُوبَةِ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا وَشُرْبٍ وَسَرِقَةٍ، وَكَذَا إحْصَانُ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْإِحْصَانُ، لَكِنْ بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ قَبُولَهَا فِيهِ إنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِإِقْرَارِهِ لِإِمْكَانِ رُجُوعِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأَجَازُوهَا فِي الزِّنَا الْمُقَرِّ بِهِ لِإِمْكَانِ الرُّجُوعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَذَا الْإِحْصَانُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ (وَفِي عُقُوبَةٍ لِآدَمِيٍّ) كَقَوَدٍ وَحَدٍّ وَقَذْفٍ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِبِنَاءِ حَقِّهِ عَلَى الْمُضَايَقَةِ، وَخُرِّجَ قَوْلٌ فِي ذَلِكَ مِنْ عُقُوبَتِهِ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّتَهُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا يُوَسَّعُ بَابُهَا، وَدُفِعَ التَّخْرِيجُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَلِذَلِكَ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ، وَهَذَا الْخِلَافُ وَالتَّرْجِيحُ وَالتَّخْرِيجُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْكَتْبِ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ، وَأَحَالَ هُنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الشَّهَادَةِ عَلَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ قَوْلُهُمَا أَوَّلًا لَا شَهَادَةَ لَنَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ اشْتَهَرَتْ دِيَانَتُهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَوْ نَحْوَهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ.
(فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ
(قَوْلُهُ: فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) أَيْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَقَبُولِ التَّزْكِيَةِ مِنْ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عُقُوبَةٍ) أَيْ مُوجِبِ عُقُوبَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْإِحْصَانُ) أَيْ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَفِي عُقُوبَةٍ لِآدَمِيٍّ) أَيْ وَتُقْبَلُ فِي عُقُوبَةٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
ابْنَ قَاسِمٍ تَوَقَّفَ فِيهِ هُنَا، وَسَيَأْتِي فِيهِ كَلَامٌ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فِيمَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ) يَعْنِي بِمَا تَضَمَّنَهُ خَطِّي (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَا لَا شَهَادَةَ لَنَا فِي كَذَا إلَخْ) هَذِهِ تَقَدَّمَتْ كَاَلَّتِي بَعْدَهَا.
[فَصْلٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَفِي عُقُوبَةٍ لِآدَمِيٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ
عَلَى الشَّهَادَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى تَصْحِيحِ الْقَبُولِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَالْمَنْعِ فِي الثَّانِي وَتَبِعَهُ فِي الِاقْتِصَارِ فِي الرَّوْضَةِ وَعَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ خِلَافَ تَعْبِيرِهِ فِي الْمِنْهَاجِ فِي الْقَضَاءِ بِالْأَظْهَرِ
(وَتَحَمُّلُهَا) الْمُعْتَدُّ بِهِ يَحْصُلُ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ: إمَّا (بِأَنْ يَسْتَرْعِيَهُ) الْأَصْلُ: أَيْ يَلْتَمِسَ مِنْهُ ضَبْطَ شَهَادَتِهِ لِيُؤَدِّيَهَا عَنْهُ لِأَنَّهَا نِيَابَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهَا إذْنُ الْمَنُوبِ عَنْهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّا يَأْتِي، نَعَمْ لَوْ سَمْعُهُ يَسْتَرْعِي غَيْرَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ هُوَ بِخُصُوصِهِ (فَيَقُولُ أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا) وَلَا يَكْفِي أَنَا عَالِمٌ وَنَحْوُهُ (وَأُشْهِدُك) أَوْ أَشْهَدْتُك (أَوْ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي) أَوْ إذَا اسْتَشْهَدْت عَلَى شَهَادَتِي فَقَدْ أَذِنْت لَك أَنْ تَشْهَدَ وَنَحْوُ ذَلِكَ (أَوْ) بِأَنْ (يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ) بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَتَحَمَّلَهُ (عِنْدَ قَاضٍ) أَوْ مُحَكِّمٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ نَحْوِ أَمِيرٍ: أَيْ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ لِمَا مَرَّ فِيهِ قَالَ: إذْ لَا يُؤَدِّي عِنْدَ هَؤُلَاءِ إلَّا بَعْدَ التَّحَقُّقِ فَأَغْنَاهُ ذَلِكَ عَنْ إذْنِ الْأَصْلِ لَهُ فِيهِ (أَوْ) بِأَنْ يُبَيِّنَ السَّبَبَ كَأَنْ يَسْمَعَهُ (يَقُولُ) وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ (أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ غَيْرِهِ) لِأَنَّ إسْنَادَ السَّبَبِ يَمْنَعُ احْتِمَالَ التَّسَاهُلِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِهِ أَيْضًا (وَفِي هَذَا) الْأَخِيرِ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَسَّعُ فِي الْعِبَارَةِ وَيُحْجِمُ عِنْد طَلَبِ الشَّهَادَةِ مِنْهُ، وَيَتَعَيَّنُ تَرْجِيحُهُ فِيمَا لَوْ دَلَّتْ الْقَرَائِنُ الْقَطْعِيَّةُ مِنْ حَالِ الشَّاهِدِ عَلَى تَسَاهُلِهِ وَعَدَمِ تَحْرِيرِهِ الْعِبَارَةَ (وَلَا يَكْفِي سَمَاعُ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَشْهَدُ بِكَذَا أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ بِكَذَا) وَإِنْ قَالَ شَهَادَةٌ جَازِمَةٌ لَا أَتَرَدَّدُ فِيهَا لِاحْتِمَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْوَعْدَ وَالتَّجَوُّزَ كَثِيرًا (وَلِيُبَيِّنَ الْفَرْعُ عِنْدَ الْأَدَاءِ جِهَةَ التَّحَمُّلِ) كَأَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ بِكَذَا وَأَشْهَدَنِي أَوْ سَمِعْته يَشْهَدُ بِهِ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ بَيَّنَ سَبَبَهُ لِيَتَحَقَّقَ الْقَاضِي صِحَّةَ شَهَادَتِهِ إذْ أَكْثَرُ الشُّهُودِ لَا يُحْسِنُهَا هُنَا (فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) جِهَةَ تَحَمُّلِهِ (وَوَثِقَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فَلَا بَأْسَ) لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ وَيُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا، نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُ اسْتِفْصَالُهُ (وَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَلَى شَهَادَةِ مَرْدُودِ الشَّهَادَةِ) لِقِيَامِ مَانِعٍ بِهِ مُطْلَقًا أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْأَصْلِ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الْفَرْعِ (وَلَا) يَصِحُّ تَحَمُّلُ (الْخُنْثَى) مُدَّةَ إشْكَالِهِ (وَ) لَا تَحَمُّلُ (النِّسْوَةِ) وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِنَّ فِي نَحْوِ رَضَاعٍ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا، وَشَهَادَةُ الْفَرْعِ إنَّمَا تُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ مَا شَهِدَ بِهِ الْأَصْلُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَصِحَّ تَحَمُّلُ فَرْعٍ وَاحِدٍ عَنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ أَرَادَ الْمُدَّعِي الْحَلِفَ مَعَ الْفَرْعِ
(فَإِنْ مَاتَ الْأَصْلُ أَوْ غَابَ أَوْ مَرِضَ لَمْ تُمْنَعْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِنَقْصٍ بَلْ هُوَ أَوْ نَحْوُهُ السَّبَبُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَإِنَّمَا قَدَّمَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَإِنْ حَدَثَ) بِأَصْلٍ (رِدَّةٌ أَوْ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ كَذَّبَهُ الْأَصْلُ كَأَنْ قَالَ نَسِيت التَّحَمُّلَ وَلَا أَعْلَمُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَا بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرْعِ (مُنِعَتْ) شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ لَا يَهْجُمُ دَفْعَةً فَيُورِثُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى إلَى التَّحَمُّلِ، وَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ اُشْتُرِطَ تَحَمُّلٌ جَدِيدٌ.
أَمَّا حُدُوثُ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَغَيْرُ مُؤَثِّرٍ، نَعَمْ لَوْ كَانَ عُقُوبَةً وَلَمْ تُسْتَوْفَ أُخِّرَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الرُّجُوعِ، قَالَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِآدَمِيٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْعُ فِي الثَّانِي) وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْكَتْبُ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ
(قَوْلُهُ: وَتَحَمُّلُهَا) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ يَحْصُلُ بِثَلَاثَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ كَأَعْرِفُ أَوْ أَعْلَمُ أَوْ خَبِيرٌ (قَوْلُهُ: تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ) أَيْ بِأَنْ تَعَيَّنَ وُصُولُ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ طَرِيقًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إسْنَادَ السَّبَبِ) أَيْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيُحْجَمُ) أَيْ يُمْتَنَعُ (قَوْلُهُ: مُدَّةَ إشْكَالِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا تَحَمَّلَ فِي حَالِ إشْكَالِهِ وَأَدَّى وَهُوَ كَذَلِكَ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ مَنْ تَحَمَّلَ مُشْكِلًا ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ اتِّضَاحِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قِيَاسًا عَلَى الْفَاسِقِ وَالْعَبْدِ إذَا تَحَمَّلَا نَاقِصَيْنِ ثُمَّ أَدَّيَا بَعْدَ كَمَالِهِمَا كَمَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ تَحَمُّلٌ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ الَّتِي هِيَ سَنَةٌ لِيَتَحَقَّقَ زَوَالُهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ لِقِيَامِ مَانِعٍ بِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَرْدُودٌ
(قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ نَسِيت) لَعَلَّهُ نَظِيرٌ
الْبُلْقِينِيُّ (وَجُنُونُهُ) الْمُطْبَقُ (كَمَوْتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) فَلَا يُؤَثِّرُ إذْ لَا يُوقِعُ رِيبَةً فِي الْمَاضِي وَأَطْلَقُوا الْجُنُونَ هُنَا وَإِنْ قُيِّدَ فِي الْحَضَانَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُؤَدَّى عَنْهُ حَالَ الْجُنُونِ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّق بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِغْمَاءِ بِرَجَاءِ زَوَالِهِ غَالِبًا، بِخِلَافِ الْجُنُونِ وَبَيْنَ مَا هُنَا وَالْحَضَانَةِ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ ثَابِتٌ لَهُ فَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُ إلَّا بِتَحَقُّقِ ضَيَاعِ الْمَحْضُونِ، وَجُنُونُ يَوْمٍ فِي سَنَةٍ لَا يُضَيِّعُهُ، وَمِثْلُهُ خَرَسٌ وَعَمًى، وَكَذَا إغْمَاءٌ إنْ غَابَ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ زَوَالُهُ لِقُرْبِهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا مَنْ شَأْنِهِ، وَلَا يُنَافِيه مَا مَرَّ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ مِنْ التَّفْصِيلِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَرَضِ لَا يُنْتَظَرُ زَوَالُهُ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِ لِلشَّهَادَةِ. وَالثَّانِي كَفِسْقِهِ فَيَمْنَعُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ
(وَلَوْ)(تَحَمَّلَ فَرْعٌ فَاسِقٌ أَوْ عَبْدٌ) أَوْ صَبِيٌّ (فَأَدَّى وَهُوَ كَامِلٌ)(قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ كَالْأَصْلِ إذَا تَحَمَّلَ نَاقِصًا وَأَدَّى بَعْدَ كَمَالِهِ (وَتَكْفِي شَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَلَى) كُلٍّ مِنْ (الشَّاهِدَيْنِ) كَمَا إذَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ كُلٍّ مِنْ رَجُلَيْنِ فَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى هَذَا وَوَاحِدٍ عَلَى هَذَا وَلَا وَاحِدٍ عَلَى وَاحِدٍ فِي هِلَال رَمَضَانَ (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ لِكُلِّ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ اثْنَانِ) لِأَنَّهُمَا إذَا شَهِدَ عَلَى أَصْلٍ كَانَا كَشَطْرِ الْبَيِّنَةِ فَلَا يَجُوزُ قِيَامُهُمَا بِالشَّطْرِ الثَّانِي
(وَشَرْطُ قَبُولِهَا) أَيْ شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ (تَعَذُّرُ أَوْ تَعَسُّرُ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ أَوْ عَمًى) فِيمَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ الْأَعْمَى (أَوْ مَرَضٍ) غَيْرَ إغْمَاءٍ لِمَا مَرَّ فِيهِ (يَشُقُّ) مَعَهُ (حُضُورُهُ) مَشَقَّةً ظَاهِرَةً بِأَنْ يَجُوزَ تَرْكُ الْجُمُعَةِ كَمَا قَامَا لَهُ الْأُمُّ وَإِنْ اُعْتُرِضَ وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَعْذَارُ الْجُمُعَةِ أَعْذَارًا هُنَا لِأَنَّ جَمِيعَهَا يَقْتَضِي تَعَذُّرَ الْحُضُورِ. قَالَا: وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ بِالْأَصْلِ فَإِنْ عَمَّتْ الْفَرْعَ أَيْضًا كَالْمَطَرِ وَالْوَحْلِ لَمْ يُقْبَلْ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافُهُ فَقَدْ يَتَحَمَّلُ الْمَشَقَّةَ لِنَحْوِ صَدَاقَةٍ دُونَ الْأَصْلِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الِاعْتِكَافُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (أَوْ غَيْبَةٌ لِمَسَافَةِ عَدْوَى) يَعْنِي لِفَوْقِهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِأَنَّ مَا دُونَهُ فِي حُكْمِ الْبَلَدِ فَيُقْبَلُ حِينَئِذٍ الْفَرْعُ لِمَا فِي تَكْلِيفِ الْأَصْلِ الْحُضُورَ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ قُيِّدَ بِالْحَضَانَةِ) أَيْ حَيْثُ قُيِّدَ بِقِصَرِ الزَّمَنِ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ قَصُرَ زَمَنُهُ أَوْ طَالَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ مَا هُنَا فَرْقٌ فِيهِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ بَيْنَ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ وَغَيْرِهِ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلُ: أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا مَرَّ إلَخْ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ سَوَّى هُنَا بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالطُّولِ هُنَا مَا يُخِلُّ بِمُرَادِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ فِي الطَّوِيلِ فِيهِ الزِّيَادَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّوِيلِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الِاعْتِكَافُ) أَيْ وَلَوْ مَنْذُورًا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَأَطْلَقُوا الْجُنُونَ هُنَا وَإِنْ قُيِّدَ فِي الْحَضَانَةِ) أَيْ فَلَا نَظَرَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ، وَالرَّاجِحُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ هُنَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُؤَدِّي إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ حَذْفُ قَوْلِهِ الْمُطْلَقِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي خِلَالِ الْمَتْنِ ثُمَّ رَأَيْته مَحْذُوفًا فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: إنْ غَابَ) أَيْ الْأَصْلُ عَنْ الْبَلَدِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا: أَيْ بِأَنْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ كَمَا فُهِمَ هَذَا مِنْ الْأَنْوَارِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ
(قَوْلُهُ: فَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ وَاحِدٍ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ أَوْهَمَهُ الْمَتْنُ لَوْلَا قَوْلُ الشَّارِحِ كُلٌّ
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ أَعْذَارُ الْجُمُعَةِ إلَخْ) تَقَدَّمَ التَّوَقُّفُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ. ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ سَبَقَ إلَى التَّوَقُّفِ فِي ذَلِكَ بِنَحْوِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ شُمُولِ نَحْوِ أَكْلِ ذِي الرِّيحِ الْكَرِيهَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَا أَحْسِبُ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِذَلِكَ أَصْلًا وَإِنَّمَا تَوَلَّدَ مِنْ إطْلَاقِ الْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ. وَتَوَقَّفَ فِيهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا أُمُورًا: مِنْهَا أَنَّ قَضِيَّةَ سِيَاقِهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَمِنْ ثُمَّ إلَخْ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ. وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ يُفِيدُ أَنَّهَا غَيْرُ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ. وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ مِنْ سَوْقِ عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ وَنَصُّهَا: وَيَلْحَقُ خَوْفُ الْغَرِيمِ وَسَائِرُ مَا تُتْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ بِالْمَرَضِ، هَكَذَا أَطْلَقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لَكِنَّ ذَلِكَ فِي الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ دُونَ مَا يَعُمُّ الْأُصُولَ