الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِنًّا وَمَاتَ ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ فَقَالُوا مِيرَاثُهُ لَهُمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْوَلَاءِ، وَهُوَ غَلَطٌ بَلْ الْإِرْثُ لَهُ وَحْدَهُ
(وَالْوَلَاءُ لِأَعْلَى الْعَصَبَاتِ) كَالنَّسَبِ لِقَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ، وَهُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ بِمَعْنَى الْأَكْبَرِ فِي الدَّرَجَةِ لَا كَبِيرِ السِّنِّ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ، فَلَوْ مَاتَ مُعْتَقٌ عَنْ ابْنَيْنِ وَثَبَتَ لَهُمَا وَلَاءُ الْعَتِيقِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنِ فَوَلَاءُ الْعَتِيقِ لِلِابْنِ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ مَوْتُ الْمُعْتَقِ حِينَئِذٍ لَمْ يَرِثْهُ إلَّا الِابْنُ، وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنٍ وَآخَرُ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَآخَرُ عَنْ خَمْسَةٍ فَالْوَلَاءُ بَيْنَ الْعَشَرَةِ بِالسَّوِيَّةِ فَيَرِثُونَ الْعَتِيقَ أَعْشَارًا لِاسْتِوَاءِ قُرْبِهِمْ
(وَمَنْ مَسَّهُ رِقٌّ) فَعَتَقَ (فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ إلَّا لِمُعْتِقِهِ وَعَصَبَتِهِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالْمَالُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِمُعْتِقِ الْأُصُولِ بِحَالٍ لِأَنَّ نِعْمَةَ مَنْ أَعْتَقَهُ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ مَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ أُصُولِهِ وَلِأَنَّ عِتْقَ الْمُبَاشَرَةِ أَقْوَى
(وَلَوْ نَكَحَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ) لِأَنَّهُمْ أَنْعَمُوا عَلَيْهِ لِعِتْقِهِ بِعِتْقِهَا
(فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ انْجَرَّ) الْوَلَاءُ (إلَى مَوَالِيهِ) لِأَنَّ الْوَلَاءَ فَرْعُ النَّسَبِ وَهُوَ لِلْآبَاءِ دُونَ الْأُمَّهَاتِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ لِمَوَالِي الْأُمِّ لِعَدَمِهِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، فَإِذَا أَمْكَنَ عَادَ إلَى مَوْضِعِهِ، وَمَعْنَى الِانْجِرَارِ أَنْ يَنْقَطِعَ مِنْ وَقْتِ عِتْقِ الْأَبِ عَنْ مَوَالِي الْأُمِّ، فَإِذَا انْجَرَّ إلَى مَوَالِي الْأَبِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ لَمْ يَرْجِعْ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ بَلْ يَكُونُ الْمِيرَاثُ لِبَيْتِ الْمَالِ
(وَلَوْ)(مَاتَ الْأَبُ رَقِيقًا وَعَتَقَ الْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا دُونَ أَبِي الْأُمِّ (انْجَرَّ) الْوَلَاءُ (إلَى مَوَالِيهِ) أَيْ الْجَدِّ لِأَنَّهُ كَالْأَبِ (فَإِنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ وَالْأَبُ رَقِيقٌ انْجَرَّ) إلَى مَوَالِيهِ أَيْضًا (فَإِنْ أُعْتَقَ الْأَبُ بَعْدَهُ انْجَرَّ) مِنْ مَوَالِي الْجَدِّ (إلَى مَوَالِيهِ) وَيَسْتَقِرُّ (وَقِيلَ) لَا يَنْجَرُّ لِمَوَالِي الْجَدِّ بَلْ (يَبْقَى لِمَوَالِي الْأُمِّ حَتَّى يَمُوتَ الْأَبُ) رَقِيقًا (فَيَنْجَرُّ إلَى مَوَالِي الْجَدِّ) لِأَنَّ وُجُودَهُ مَانِعٌ فَإِذَا مَاتَ زَالَ الْمَانِعُ
(وَلَوْ)(مَلَكَ هَذَا الْوَلَدُ) الَّذِي مِنْ الْعَبْدِ وَالْعَتِيقَةِ (أَبَاهُ جَرّ وَلَاءَ إخْوَتِهِ) لِأَبِيهِ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ (إلَيْهِ) لِأَنَّ أَبَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَعَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ أُمِّهِ أَوْ عَتِيقَةٍ أُخْرَى (وَكَذَا وَلَاءُ نَفْسِهِ) بِجَرِّهِ إلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَإِخْوَتِهِ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا يَجُرُّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَلْ يَبْقَى لِمَوَالِي أُمِّهِ وَإِلَّا لَثَبَتَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ مُحَالٌ، وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ أَوْ كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ النُّجُومَ أَوْ الثَّمَنَ عَتَقَ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلسَّيِّدِ.
كِتَابُ التَّدْبِيرِ
هُوَ لُغَةً: النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ.
وَشَرْعًا: تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْمَوْتَ دُبُرُ الْحَيَاةِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي إنْ مِتَّ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَمَاتَ فَجْأَةً لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: فَوَلَاءُ الْعَتِيقِ لِلِابْنِ) أَيْ دُونَ ابْنِ الِابْنِ
(قَوْلُهُ: وَيَسْتَقِرُّ) أَيْ فَلَوْ انْقَطَعَتْ مَوَالِي الْأَبِ لَا يَعُودُ إلَى مَوَالِي الْجَدِّ بَلْ يَكُونُ الْإِرْثُ لِبَيْتِ الْمَالِ
(قَوْلُهُ: وَلَاءُ إخْوَتِهِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَتِيقَةٍ أُخْرَى) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِخْوَةِ كَوْنُهُمْ أَشِقَّاءَ، بَلْ مَتَى كَانَ عَلَى إخْوَتِهِ وِلَايَةُ وَلَاءٍ انْجَرَّ مِنْ مَوَالِيهِمْ إلَيْهِ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ جَرَّ وَلَاءَ إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ، فَإِنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَبِالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَحْدَهُ.
[كِتَابُ التَّدْبِيرِ]
(قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ) أَيْ أَمَّا تَعْلِيقُهُ بِالْمَوْتِ مَعَ شَيْءٍ بَعْدَهُ فَتَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَمَاتَ فَجْأَةً)
ــ
[حاشية الرشيدي]
كِتَابُ التَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ) أَيْ بِخِلَافِهِ مَعَ شَيْءٍ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْمَوْتَ. . . إلَخْ)
تَعْلِيقٌ بِالْمَوْتِ وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَهُ.
الْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ «تَقْرِيرُهُ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ دَبَّرَ غُلَامًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ عَلَيْهِ» .
وَأَرْكَانُهُ: مَالِكٌ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ تَكْلِيفٌ إلَّا السَّكْرَانَ، وَاخْتِيَارٌ وَمَحَلٌّ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُهُ قِنًّا غَيْرَ أُمِّ وَلَدٍ كَمَا يُعْلَمَانِ مِمَّا يَأْتِي؛ وَصِيغَةُ، وَشَرْطُهَا الْإِشْعَارُ بِهِ لَفْظًا كَانَتْ أَوْ كِتَابَةً أَوْ إشَارَةً، وَهِيَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ، وَ (صَرِيحُهُ) أَلْفَاظٌ، مِنْهَا (أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إذَا مِتَّ أَوْ مَتَى مِتَّ فَأَنْتَ حُرٌّ) أَوْ عَتِيقٌ (أَوْ أَعْتَقْتُك) أَوْ حَرَّرْتُك (بَعْدَ مَوْتِي) وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ، وَمَا نَازَعَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي أَعْتَقْتُك أَوْ حَرَّرْتُك مِنْ أَنَّهُ وَعْدٌ، نَحْوُ إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ طَلَّقْتُك رُدَّ بِأَنَّ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَحْتَمِلُ الْوَعْدَ، بِخِلَافِ مَا فِي الْحَيَاةِ (وَكَذَا دَبَّرْتُك أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ التَّدْبِيرُ مَعْرُوفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَرَّرَهُ الشَّرْعُ وَاشْتَهَرَ مَعْنَاهُ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي كَاتَبْتُك أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ، فَإِذَا أَدَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ نَحْوُهُ، وَلِأَنَّهَا قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْمُخَارَجَةِ وَقِيلَ فِيهِمَا قَوْلَانِ نَقْلًا وَتَخْرِيجًا.
أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا صَرِيحَانِ، وَالثَّانِي كِنَايَتَانِ لِخُلُوِّهِمَا عَنْ لَفْظِ الْحُرِّيَّةِ وَالْعِتْقِ، وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ نَحْوِ نِصْفِهِ، وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ ذَلِكَ الْجُزْءُ وَلَا سِرَايَةَ، وَفِي دَبَّرْتُ يَدَك مَثَلًا وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ تَدْبِيرٌ صَحِيحٌ فِي جَمِيعِهِ لِأَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ قَبِلَ التَّعْلِيقَ تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّهِ وَمَا لَا فَلَا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ لَفَظَ بِصَرِيحِ التَّدْبِيرِ عَجَمِيٌّ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَمْ يَصِحَّ وَأَنَّهُ لَوْ كَسَرَ التَّاءَ لِلْمُذَكَّرِ وَفَتَحَهَا لِلْمُؤَنَّثِ لَمْ يَضُرَّ (وَيَصِحُّ بِكِنَايَةِ عِتْقٍ) وَهِيَ مَا يَحْتَمِلُ التَّدْبِيرَ وَغَيْرَهُ (مَعَ نِيَّةٍ كَخَلَّيْتُ سَبِيلَك بَعْدَ مَوْتِي) أَوْ إذَا مِتَّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَنَحْوُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْعِتْقِ فَدَخَلَتْهُ كِنَايَتُهُ.
وَمِنْهَا صَرِيحُ الْوَقْفِ كَحَبَسْتُكَ بَعْدَ مَوْتِي وَعُلِمَ مِنْهُ اعْتِبَارُ مُقَارَنَتِهَا لِلَّفْظِ، وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَأَنَّ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ كِنَايَةٌ فِيهِ وَأَنَّ اشْتِهَارَهَا فِي الِاسْتِعْمَالِ لَا يُلْحِقُهَا بِالصَّرِيحِ (وَيَجُوزُ مُقَيَّدًا)(كَإِنْ مِتُّ فِي ذَا الشَّهْرِ أَوْ) هَذَا (الْمَرَضِ فَأَنْت حُرٌّ) فَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ وَمَاتَ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ فِي ذَا الشَّهْرِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّتِهِ مِنْ إمْكَانِ وُجُودِ مَا قَيَّدَ بِهِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ مِتُّ بَعْدَ أَلْفِ سَنَةٍ فَأَنْت حُرٌّ لَمْ يَكُنْ تَدْبِيرًا كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَشْهَدُ لَهُ نَظَائِرُهُ (وَمُعَلَّقًا) عَلَى شَرْطٍ (كَإِنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي) لِأَنَّهُ إمَّا وَصِيَّةٌ أَوْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ (فَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَمَاتَ عَتَقَ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ (فَلَا) يَعْتِقُ (وَيُشْتَرَطُ الدُّخُولُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ) كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا تَدْبِيرَ وَيُلْغَى التَّعْلِيقُ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ (فَإِنْ)(قَالَ إنْ) أَوْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ أَوْ بِمَرَضٍ لَا يَسْتَغْرِقُ شَهْرًا كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْحِيلَةُ فِي عِتْقِ جَمِيعِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٌ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ الِاخْتِيَارِ مَا لَمْ يَنْذُرْهُ فَإِنْ نَذَرَ فَأُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ تَدْبِيرُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا نَازَعَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي أَعْتَقْتُك) أَيْ الْمَسْبُوقُ بِقَوْلِهِ إذَا مِتَّ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ وَعْدٌ) أَيْ فَيَكُونُ لَغْوًا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا قَدْ تُسْتَعْمَلُ) أَيْ الْكِتَابَةُ (قَوْلُهُ: وَتَخْرِيجًا) أَيْ مِنْ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا فَلَا) أَيْ إلَّا الْكِتَابَةُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا وَتَصِحُّ إضَافَتُهَا إلَى جُزْءٍ لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ فَيُشْتَرَطُ هُنَا كَالطَّلَاقِ قَصْدُ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا صَرِيحُ الْوَقْفِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ كِنَايَتَهُ لَيْسَتْ فِي الْعِتْقِ، وَقِيَاسُ كِنَايَةِ الطَّلَاقِ أَنَّهَا كِنَايَةٌ هُنَا (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ) وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِمُقَارَنَتِهَا بَعْضَ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ هَذَا الْمَرَضُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْت بِالْمَرَضِ أَوْ بِغَيْرِهِ فِيهِ كَأَنْ انْهَدَمَ عَلَيْهِ جِدَارٌ (قَوْلُهُ: وَيَشْهَدُ لَهُ نَظَائِرُ) كَمَا لَوْ أَقَتَّ نِكَاحَهَا بِأَلْفِ سَنَةٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي التُّحْفَةِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ: مِنْ الدُّبُرِ: أَيْ التَّدْبِيرُ مَأْخُوذٌ عَنْ الدُّبُرِ سُمِّيَ بِهِ. . . إلَخْ، وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمَاتَ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ إذْ الصِّفَةُ هُوَ مَوْتُهُ فِي الشَّهْرِ أَوْ الْمَرَضُ الْمُشَارُ إلَيْهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ) مِثَالُ تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ مَا مَرَّ فِي بَابِ الطَّلَاقِ فِي نَحْوِ إنْ أَكَلْت إنْ دَخَلْت.
فَالْأَوَّلُ مُعَلَّقٌ عَلَى الثَّانِي وَمِنْ ثَمَّ
إذَا (مِتُّ ثُمَّ دَخَلْتَ فَأَنْت حُرٌّ) كَانَ تَعْلِيقَ عِتْقٍ عَلَى صِفَةٍ وَ (اُشْتُرِطَ دُخُولٌ بَعْدَ مَوْتٍ) عَمَلًا بِمُقْتَضَى ثُمَّ وَلَوْ أَتَى بِالْوَاوِ كَإِنْ مِتَّ وَدَخَلْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ فَكَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ الدُّخُولَ قَبْلَهُ فَيَتْبَعَ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا قُبَيْلَ الْخُلْعِ مَا يُوَافِقُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَ فِي الطَّلَاقِ فَجَزَمَ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ وَكَلَّمْتُ زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَتَأَخُّرِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَى وَجْهِ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ هُنَا كَمَا هُنَاكَ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ، يُرَدُّ بِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ مِنْ فِعْلِهِ فَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا.
وَأَمَّا الصِّفَةُ الْأُولَى فِي مَسْأَلَتِنَا لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ، وَذِكْرُ الَّتِي مِنْ فِعْلِهِ عَقِبَهَا يُشْعِرُ بِتَأَخُّرِهَا عَنْهَا (وَهُوَ) أَيْ الدُّخُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ (عَلَى التَّرَاخِي) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفَوْرُ لَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاخِي وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةٌ ثَمَّ، لَكِنَّ وَجْهَهُ أَنَّ خُصُوصَ التَّرَاخِي لَا غَرَضَ فِيهِ يَظْهَرُ غَالِبًا فَأُلْغِيَ النَّظَرُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْفَوْرِ فِي الْفَاءِ، إذْ لَوْ عَبَّرَ بِهَا اشْتَرَطَ اتِّصَالَ الدُّخُولِ بِالْمَوْتِ، وَلَوْ قَالَ إذَا مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ إنْ دَخَلْتَ أَوْ إنْ شِئْتَ وَنَوَى شَيْئًا عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الدُّخُولِ أَوْ الْمَشِيئَةِ عَقِبَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ تَأْخِيرِ الْمَشِيئَةِ عَنْ ذِكْرِهِ (وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُهُ) وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ (قَبْلَ الدُّخُولِ) وَعَرْضُهُ عَلَيْهِ، إذْ لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ تَعْلِيقِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَنْ يُبْطِلَهُ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ مَاتَ لَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمُوصِي أَنْ يَبِيعَهُ، وَلَوْ نَجَّزَ عِتْقَهُ هَلْ يَعْتِقُ أَوْ لَا ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُهُ حَيْثُ كَانَ يَخْرُجُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ إبْطَالِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ وَهُوَ مَقْصُودٌ.
أَمَّا مَا لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَإِيجَارٍ فَلَهُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ الدُّخُولَ فَامْتَنَعَ فَلَهُ بَيْعُهُ لَا سِيَّمَا حَيْثُ كَانَ عَاجِزًا لَا مَنْفَعَةَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ اُشْتُرِطَ دُخُولٌ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَى وَجْهِ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ) أَيْ هُنَا وَهُوَ الْمَوْتُ فِي قَوْلِهِ كَإِنْ مِتَّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ مِنْ فِعْلِهِ) أَيْ الْمُعَلَّقِ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُمَا مِنْ فِعْلِ الْمُتَكَلِّمِ فَتَكُونُ الصِّيغَةُ إنْ كَلَّمْتُ بِضَمِّ التَّاءِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: بَعْدَ وَأَمَّا الصِّفَةُ الْأُولَى. . . إلَخْ تَقْتَضِي خِلَافَهُ فَإِنَّ الدُّخُولَ فِيهِمَا مِنْ فِعْلِ الْعَبْدِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ هُنَا مِنْ قِبَلِهِ: يَعْنِي مِنْ فِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَى فِعْلِهِ وَهُوَ الْمَرْأَةُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصِّفَةُ الْأُولَى) هِيَ الْمَوْتُ (قَوْلُهُ وَنَوَى شَيْئًا) أَيْ مِنْ الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ بِأَنْ يُخْبِرَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَشِيئَةِ عَقِبَ الْمَوْتِ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: مِنْ تَأْخِيرِ الْمَشِيئَةِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ الْمَشِيئَةِ عَلَى الدُّخُولِ هَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِوُقُوعِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ نَوَاهُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهَا بَعْدَهُ بِلَا فَوْرٍ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ طب إنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَصِيرَ مُسْتَوْلَدَةً مِنْ الْوَارِثِ فَيَتَأَخَّرَ إعْتَاقُهَا (قَوْلُهُ: وَعَرَضَهُ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَجَّزَ) أَيْ الْوَارِثُ، وَقَوْلُهُ هَلْ يُعْتِقُ: أَيْ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ إلَى ذَلِكَ أَيْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُهُ) أَيْ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ، ثُمَّ بَعْدَ الْإِجَارَةِ لَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ مِنْ حِينَئِذٍ أَوْ لَا، وَإِذَا قِيلَ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ فَهَلْ الْأُجْرَةُ لِلْوَارِثِ أَوْ لِلْعَتِيقِ لِانْقِطَاعِ تَعَلُّقِ الْوَارِثِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الِانْفِسَاخُ مِنْ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ بَيْعُهُ) أَيْ مَا لَمْ يَرْجِعْ اهـ حَجّ بِأَنْ يُرِيدَ الدُّخُولَ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْهُ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَا تَطْلُقُ إلَّا إنْ فَعَلَتْ الْأَوَّلَ بَعْدَ الثَّانِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَانَ تَعْلِيقَ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) أَيْ لَا تَدْبِيرًا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ مِنْ فِعْلِهِ) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ مَنْ فَعَلَهَا، وَيَجُوزُ جَعْلُ الضَّمِيرِ لِلْمُعَلَّقِ فَتَكُونُ التَّاءُ فِي كَلَّمْت وَدَخَلْت مَضْمُومَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَجَّزَ عِتْقَهُ) أَيْ الْوَارِثِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ الْمَوْتَ وَحْدَهُ)
فِيهِ إذْ يَصِيرُ كَلًّا عَلَيْهِ
(وَلَوْ)(قَالَ إذَا مِتُّ وَمَضَى شَهْرٌ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِي (فَأَنْت حُرٌّ) فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ أَيْضًا (فَلِلْوَارِثِ اسْتِخْدَامُهُ) وَكَسْبُهُ (فِي الشَّهْرِ) كَمَا لَهُ ذَلِكَ فِيمَا مَرَّ قَبْلَ دُخُولِهِ الدَّارَ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ (لَا بَيْعُهُ) وَنَحْوُهُ لِمَا مَرَّ، وَسَبَقَ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الصُّورَتَيْنِ لَيْسَتَا تَدْبِيرًا لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ الْمَوْتُ وَحْدَهُ
(وَلَوْ)(قَالَ إنْ) أَوْ إذَا (شِئْتَ) أَوْ أَرَدْت مَثَلًا (فَأَنْت مُدَبَّرٌ أَوْ أَنْتِ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إنْ شِئْتَ) وَقَدْ أَطْلَقَ (اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ) أَيْ وُقُوعُهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ (مُتَّصِلَةٌ) بِلَفْظِهِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ نَظِيرُ الْمَارِّ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّ الْخِطَابَ يَقْتَضِي، إذْ هُوَ تَمْلِيكٌ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَوْرِيَّةِ، إذَا أَضَافَهُ لِلْعَبْدِ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَصْوِيرِهِ، فَلَوْ قَالَ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إذَا شَاءَ زَيْدٌ فَأَنْت مُدَبَّرٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، بَلْ مَتَى شَاءَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَيِّزِ الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ فَهُوَ كَتَعْلِيقِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ.
قَالَ: وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ صِفَةٌ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا فَاسْتَوَى فِيهَا قُرْبُ الزَّمَانِ وَبُعْدُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ تَمْلِيكٌ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قُرْبُ الزَّمَانِ وَبُعْدُهُ، وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَشِيئَةِ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْهَا حَتَّى لَوْ شَاءَ الْعِتْقَ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَشَأْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ لَا أَشَاؤُهُ ثُمَّ قَالَ أَشَاءُ فَكَذَلِكَ وَلَمْ يَعْتِقْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْمَشِيئَةُ فَوْرِيَّةً فَالِاعْتِبَارُ بِمَا شَاءَهُ أَوَّلًا، أَوْ مُتَرَاخِيَةً ثَبَتَ التَّدْبِيرُ بِمَشِيئَتِهِ لَهُ، سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَتْ مَشِيئَتُهُ لَهُ عَلَى رَدِّهِ أَمْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ، أَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِوُقُوعِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ نَوَاهُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهَا بَعْدَهُ بِلَا فَوْرٍ (فَإِنْ قَالَ مَتَى) أَوْ مَهْمَا مَثَلًا (شِئْت فَلِلتَّرَاخِي) لِأَنَّ نَحْوَ مَتَى مَوْضُوعَةٌ لِلزَّمَانِ فَاسْتَوَى فِيهَا جَمِيعُ الْأَزْمَانِ وَإِنْ مَوْضُوعَةٌ لِلْفِعْلِ فَاعْتُبِرَ فِيهَا زَمَانُ الْفِعْلِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ وُقُوعُ الْمَشِيئَةِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا مَرَّ أَوْ يَنْوِهِ
(وَلَوْ)(قَالَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ شَرِيكَيْنِ (لِعَبْدِهِمَا إذَا مِتْنَا فَأَنْت حُرٌّ)(لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَمُوتَا) لِتُوجَدَ الصِّفَتَانِ، ثُمَّ إنْ مَاتَا مَعًا كَانَ تَعْلِيقَ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لَا تَدْبِيرًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمَوْتَيْنِ أَوْ مُرَتَّبًا صَارَ نَصِيبُ آخِرُهُمَا مَوْتًا بِمَوْتِ أَوَّلِهِمَا مُدَبَّرًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ نَصِيبِ أَوَّلِهِمَا (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ بَيْعُ نَصِيبِهِ) وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحِقًّا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالْمُرَادُ الرُّجُوعُ قَبْلَ بَيْعِهِ وَإِنْ تَرَاخَى
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ هُوَ الْمَوْتُ وَحْدَهُ) أَيْ وَلَا مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ
(قَوْلُهُ: فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْعِتْقِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ: أَيْ وَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ الْكَلَامُ الْيَسِيرُ (قَوْلُهُ بَلْ مَتَى شَاءَ) : أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ مِنْهُ وَدَامَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ شَاءَ) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ لَمْ أَشَأْ) أَيْ بِمَعْنَى رَجَعْتُ عَنْ الْمَشِيئَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْمَشِيئَةَ مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ فَلَا يَعْتِقُ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِوُقُوعِهَا) أَيْ الْمَشِيئَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مِنْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: بِلَا فَوْرٍ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ إذَا مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ إنْ دَخَلْتَ أَوْ شِئْتَ مِنْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا اُشْتُرِطَ الْفَوْرُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْفَرْقُ مَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ الْفَوْرَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ عِنْدَ التَّقْدِيمِ: يَعْنِي حَيْثُ رَتَّبَ قَوْلَهُ فَأَنْتَ حُرٌّ بِالْفَاءِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَاعْتَبَرَ الْمَشِيئَةَ قَيْدًا فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَا) أَيْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ وَلَا مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ
(قَوْلُهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمَوْتَيْنِ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: ثُمَّ إنْ مَاتَا مَعًا فَفِي كَافِي الرُّويَانِيِّ وُجِّهَ أَنَّ الْحَاصِلَ عِتْقُ تَدْبِيرٍ لِاتِّصَالِهِ بِالْمَوْتِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِتْقٌ بِحُصُولِ الصِّفَةِ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ وَمَوْتِ غَيْرِهِ، وَالتَّدْبِيرُ أَنْ يُعَلِّقَ الْعِتْقَ بِمَوْتِ نَفْسِهِ وَإِنْ مَاتَا مُرَتَّبًا فَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ لَا تَدْبِيرَ أَيْضًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا يَصِيرُ نَصِيبُ الثَّانِي مُدَبَّرًا لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ إذَا مَاتَ
لِلْعِتْقِ بِمَوْتِ الشَّرِيكِ وَلَهُ نَحْوُ اسْتِخْدَامِهِ وَكَسْبِهِ. وَفَارَقَ مَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ فَإِنَّ الْكَسْبَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَهُ لِأَنَّهُ يَجِبُ إعْتَاقُهُ فَوْرًا فَكَانَ مُسْتَحِقًّا لَهُ حَالَ اكْتِسَابِهِ
(وَلَا يَصِحُّ)(تَدْبِيرُ) مُكْرَهٍ وَ (مَجْنُونٍ) حَالَةَ جُنُونِهِ (وَصَبِيٍّ)(لَا يُمَيِّزُ وَكَذَا مُمَيِّزٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِمْ وَرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمْ.
وَالثَّانِي الصِّحَّةُ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِمَصْلَحَتِهِ، وَالْمَصْلَحَةُ هُنَا فِي جَوَازِهِ لِأَنَّهُ إنْ عَاشَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنْ مَاتَ حَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ
(وَيَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ) أَيْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ وَكَذَا بِالْفَلَسِ أَيْضًا، إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ مَعَ صِحَّةِ عِبَارَتِهِمَا وَمِنْ سَكْرَانَ (وَكَافِرٍ أَصْلِيٍّ) وَلَوْ حَرْبِيًّا كَمَا يَصِحُّ اسْتِيلَادُهُ وَتَعْلِيقُهُ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ وَمِلْكِهِ
(وَتَدْبِيرُ الْمُرْتَدِّ يُبْنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ) فَإِنْ بَقَّيْنَاهُ صَحَّ أَوْ أَنْزَلْنَاهُ فَلَا أَوْ وَقَفْنَاهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَتْ صِحَّتُهُ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ)(دَبَّرَ) قِنًّا (ثُمَّ ارْتَدَّ)(لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) بَلْ إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا عَتَقَ الْقِنُّ صِيَانَةً لِحَقِّهِ عَنْ الضَّيَاعِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُؤَثِّرُ فِي الْعُقُودِ الْمُسْتَقْبَلَةِ دُونَ الْمَاضِيَةِ بِدَلِيلِ عَدَمِ فَسَادِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ السَّابِقَيْنِ عَلَيْهَا.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ وَالثَّالِثُ الْبِنَاءُ عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ
(وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ وَإِنْ صَارَ دَمُهُ مُهْدَرًا لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فِيهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ الِاسْتِيلَادُ وَالْكِتَابَةُ بِهَا
وَلَوْ حَارَبَ مُدَبَّرٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَسُبِيَ امْتَنَعَ اسْتِرْقَاقُهُ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالًا لِحَقِّ السَّيِّدِ (وَلِحَرْبِيٍّ حَمْلُ مُدَبَّرِهِ) وَأُمِّ وَلَدِهِ الْكَافِرَيْنِ الْأَصْلِيَّيْنِ (إلَى دَارِهِمْ) وَإِنْ دَبَّرَهُ، عِنْدَنَا وَأَبِي الرُّجُوعَ مَعَهُ لِأَنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ جَمِيعَهَا بَاقِيَةٌ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً لَا يُرَدُّ إلَّا بِرِضَاهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِي الْأَصْلِيَّيْنِ الْمُرْتَدَّانِ فَيُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِمَا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ، وَفِي مَعْنَى الْمُرْتَدِّ الْقِنُّ الْمُدَبَّرُ أَوْ الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ أَوْ الْمُكَاتَبُ الْمُنْتَقِلُ مِنْ مِلَّةٍ إلَى أُخْرَى حَيْثُ قُلْنَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ
(وَلَوْ)(كَانَ لِكَافِرٍ عَبْدٌ مُسْلِمٌ فَدَبَّرَهُ) بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ (نُقِضَ) تَدْبِيرُهُ (وَبِيعَ عَلَيْهِ) لِمَا فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ مِنْ الْإِذْلَالِ وَهَذَا عَطْفُ بَيَانٍ لِمُرَادِهِ بِالنَّقْضِ بَيَّنَ بِهِ حُصُولَهُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى لَفْظٍ
(وَلَوْ)(دَبَّرَ كَافِرٌ كَافِرًا فَأَسْلَمَ) الْعَبْدُ (وَلَمْ يَرْجِعْ السَّيِّدُ فِي التَّدْبِيرِ) بِأَنْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ (نُزِعَ مِنْ سَيِّدِهِ) وَيُتْرَكُ فِي يَدِ عَدْلٍ وَيَسْتَكْسِبُ دَفْعًا لِلذُّلِّ وَلَا يُبَاعُ لِتَوَقُّعِ حُرِّيَّتِهِ (وَصُرِفَ كَسْبُهُ إلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ (وَفِي قَوْلٍ يُبَاعُ) لِئَلَّا يَبْقَى فِي مِلْكِ كَافِرٍ وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ صِحَّةُ الرُّجُوعِ عَنْهُ بِالْقَوْلِ، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ قَدْ لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ نُزِعَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَفِي قَوْلٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَقَفْنَاهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ارْتَدَّ) أَيْ السَّيِّدُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ لَمْ يَبْطُلْ) وَفَائِدَةٌ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ بِأَنْ اتَّفَقَ عَدَمُ قَتْلِهِ لِتَوَارِيهِ مَثَلًا
(قَوْلُهُ: امْتَنَعَ اسْتِرْقَاقُهُ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي فَصْلِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ. . . إلَخْ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَجُوزُ إرْقَاقُ زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ مَتْنًا وَشَرْحًا مَا نَصُّهُ، وَكَذَا عَتِيقُهُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْعَاقِلُ وَالْمَجْنُونُ فِي الْأَصَحِّ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِكَوْنِهِ جَائِزًا فِي سَيِّدِهِ لَوْ لَحِقَ بِهَا فَهُوَ أَوْلَى اهـ.
فَإِنْ قُلْت: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا فِيمَا لَوْ سُبِيَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فَهُوَ مَالُهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَمَا هُنَاكَ بِالْعِتْقِ صَارَ مُسْتَقِلًّا.
قُلْت: يُنَافِيهِ عُمُومُ قَوْلِهِ امْتَنَعَ اسْتِرْقَاقُهُ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ سُبِيَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، وَصَرَّحَ بِهَذَا الشُّمُولِ الدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهَا) أَيْ وَإِنْ رَضِيَا (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ إسْلَامِهِ) أَيْ مِنْ أَخْذِهِ (قَوْلُهُ نُقِضَ تَدْبِيرُهُ) أَشْعَرَ بِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
شَرِيكِي فَنَصِيبِي مُدَبَّرٌ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَارَبَ مُدَبَّرٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) مَا ذِكْرُهُ فِي الْمُسْلِمِ وَاضِحٌ، وَأَمَّا فِي الذِّمِّيِّ فَلَا يَتَّضِحُ إنْ كَانَ السَّبْيُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، أَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ كَمَا مَرَّ فِي السِّيَرِ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَى الْمُسْلِمِ
(قَوْلُهُ: قَدْ لَا يَتَأَتَّى. . . إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ صَيَّرَ قَوْلَهُ وَلَمْ يَرْجِعْ السَّيِّدُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ قَيْدٌ، إذْ لَا مَفْهُومَ لَهُ حِينَئِذٍ
يُبَاعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهُ لِكَافِرٍ آخَرَ فَيَصِحُّ عَلَى بُعْدٍ
(وَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَلِوَلِيِّهِ (بَيْعُ الْمُدَبَّرِ) وَهِبَتُهُ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ يُزِيلُ الْمِلْكَ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَاعَ مُدَبَّرَ أَنْصَارِيٍّ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا بَاعَتْ مُدَبَّرَةً لَهَا سَحَرَتْهَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا وَلَا خَالَفَهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَاحْتِمَالُ بَيْعِهِ فِي الْأَوَّلِ لِلدَّيْنِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَتَوَقَّفَ عَلَى طَلَبِ الْغُرَمَاءِ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلُ الرَّاوِي فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ إذْ مُجَرَّدُ كَوْنِ الْبَيْعِ فِيهِ لَا يُفِيدُ أَنَّهُ لِأَجْلِهِ فَحَسْبُ لِتَوَقُّفِهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ فِي بَيْعِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ عَائِشَةَ كَافِيَةٌ فِي الِاحْتِجَاجِ
(وَالتَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) لِأَنَّ صِيغَتَهُ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ (فِي قَوْلِ وَصِيَّةٍ) لِلْعَبْدِ بِالْعِتْقِ نَظَرًا إلَى أَنَّ إعْتَاقَهُ مِنْ الثُّلُثِ (فَلَوْ بَاعَهُ) أَوْ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ (ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يَعُدْ التَّدْبِيرُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ يُبْطِلُ كُلًّا مِنْ الْوَصِيَّةِ وَالتَّعْلِيقِ وَكَمَا لَا يَعُودُ الْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ، وَفِي قَوْلٍ عَلَى قَوْلِ التَّعْلِيقِ يَعُودُ عَلَى قَوْلِ عَوْدِ الْحِنْثِ فِي الْقَسَمِ (وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلٍ) وَمِثْلُهُ إشَارَةُ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٌ وَكِتَابَةٌ مَعَ نِيَّةٍ (كَأَبْطَلْتُهُ فَسَخْتُهُ نَقَضْته رَجَعْتُ فِيهِ صَحَّ) الرُّجُوعُ (وَإِنْ قُلْنَا) بِالْمَرْجُوحِ إنَّهُ (وَصِيَّةٌ) لِمَا مَرَّ فِي الرُّجُوعِ عَنْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ نَقُلْ وَصِيَّةٌ بَلْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ (فَلَا) يَصِحُّ بِالْقَوْلِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ
(وَلَوْ)(عَلَّقَ مُدَبَّرٌ) أَوْ مُكَاتَبٌ أَيْ عِتْقَ أَحَدِهِمَا (بِصِفَةٍ)(صَحَّ) كَمَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ، وَكِتَابَةُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ بِحَالِهِمَا (وَ) مِنْ ثَمَّ (عَتَقَ بِالْأَسْبَقِ مِنْ) الْوَصْفَيْنِ (الْمَوْتِ) أَوْ أَدَاءِ النُّجُومِ (وَالصِّفَةِ) تَعْجِيلًا لِلْعِتْقِ فَإِنْ سَبَقَتْ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقَ بِهَا أَوْ الْمَوْتُ فَبِهِ عَنْ التَّدْبِيرِ أَوْ الْأَدَاءُ فَبِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ
(وَلَهُ وَطْءُ مُدَبَّرَةٍ) وَإِنْ لَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا كَأُمِّ الْوَلَدِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ (وَلَا يَكُونُ) وَطْؤُهُ لَهَا (رُجُوعًا) عَنْ التَّدْبِيرِ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا بَطَلَ تَدْبِيرُهُ) لِطُرُوِّ الْأَقْوَى عَلَى الْأَضْعَفِ بِدَلِيلِ نُفُوذِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَرْتَفِعُ بِهِ حُكْمُهُ كَمَا يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ
(وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ أُمِّ وَلَدٍ) لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ بِالْمَوْتِ بِجِهَةٍ هِيَ أَقْوَى مِنْهُ، وَالْأَضْعَفُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْأَقْوَى
(وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ مُكَاتَبٍ) كَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ (وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ) لِمُوَافَقَتِهَا لِمَقْصِدِ التَّدْبِيرِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهَا مُدَبَّرًا مُكَاتَبًا وَيَعْتِقُ بِالْأَسْبَقِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وَلَا تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ، فَإِنْ عَجَزَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابَةِ عَنْهُ ثُلُثُ مَالِهِ عَتَقَ بِقَدْرِهِ وَبَقِيَ الْبَاقِي مُكَاتَبًا، فَإِذَا أَدَّى قِسْطَهُ عَتَقَ وَإِنْ مَاتَ وَقَدْ دَبَّرَ مُكَاتَبًا عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ لَمْ تَبْطُلْ الْكِتَابَةُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِيمَا مَرَّ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَحَلِّ كَوْنُهُ قِنًّا غَيْرَ أُمِّ وَلَدٍ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ بَيْعِ الْقِنِّ حُكِمَ بِعِتْقِهِ
(قَوْلُهُ: وَاحْتِمَالُ بَيْعِهِ فِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ «بَاعَ مُدَبَّرَ أَنْصَارِيٍّ»
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْمُعْتَمَدِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهُ لِكَافِرٍ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ
(قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَلِوَلِيِّهِ