الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزَّهُوقِ فَالدِّرْهَمُ فَاتَ بِفِعْلِهِمَا فَيُهْدَرُ نِصْفُهُ وَيُضْمَنُ نِصْفُهُ وَإِنْ تَمَكَّنَ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ وَذَبَحَهُ بَعْدَ جُرْحِ الثَّانِي لَزِمَ الثَّانِيَ أَرْشٌ إنْ حَصَلَ بِجُرْحِهِ نَقْصٌ وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهُ حَتَّى مَاتَ ضَمِنَ الثَّانِي زِيَادَةً عَلَى الْأَرْشِ لَا الْجَمِيعِ لِأَنَّ تَفْرِيطَ الْأَوَّلِ صَيَّرَ فِعْلَهُ إفْسَادًا فَيَصِيرُ كَمَنْ جَرَحَ عَبْدَهُ مَثَلًا وَجَرَحَهُ آخَرُ فَنَقُولُ مَثَلًا قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْ الصَّيْدِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَنَقَصَ بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ دِينَارًا ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَتُجْمَعُ الْقِيمَتَانِ قَبْلَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَالْجُرْحِ الثَّانِي وَالْمَجْمُوعُ تِسْعَةَ عَشْرَ فَيُقْسَمُ عَلَيْهِ مَا فَوَّتَاهُ وَهُوَ عَشَرَةٌ فَحِصَّةُ الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ ضَامِنًا عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَصْلِ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَشَرَةِ وَيَلْزَمُ الثَّانِي تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَصْلِ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَشَرَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ ثَلَاثَةً وَأَرْشُ كُلِّ جِنَايَةٍ دِينَارٌ جُمِعَتْ الْقِيَمُ الَّتِي هِيَ عَشَرَةٌ وَتِسْعَةٌ وَثَمَانِيَةٌ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ فَتُقْسَمُ الْعَشَرَةُ عَلَيْهَا (وَإِنْ جَرَحَا مَعًا وَذَفَّفَا أَوْ أَزْمَنَا فَلَهُمَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ وَلَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (وَإِنْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْآخَرِ فَلَهُ) لِانْفِرَادِهِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآخَرِ لِوُقُوعِ جِرَاحَتِهِ حِينَ كَانَ مُبَاحًا (وَإِنْ ذَفَّفَ وَاحِدٌ) لَا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ (وَأَزْمَنَ آخَرُ وَجُهِلَ السَّابِقُ حَرُمَ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاجْتِمَاعِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ سَبْقُ التَّذْفِيفِ فَيَحِلُّ أَوْ تَأَخُّرُهُ فَيَحْرُمُ فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حِكَايَةُ قَوْلَيْنِ كَمَا لَوْ جُرِحَ الصَّيْدُ وَغَابَ ثُمَّ وُجِدَ مَيِّتًا وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ فَرَّقَ بِأَنَّ هُنَاكَ جُرْحٌ سَابِقٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَهُوَ مَعْهُودٌ فِي الْقِصَاصِ وَغَيْرِهِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ بِالْإِصَابَةِ لَا بِابْتِدَاءِ الرَّمْيِ.
كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ
بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا، وَيُقَالُ ضَحِيَّةٌ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا وَأَضْحَاةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَجَمْعُهَا ضَحَايَا، وَهِيَ مَا يُذْبَحُ مِنْ النَّعَمِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ يَوْمِ عِيدِ النَّحْرِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْجِلْدِ وَسَلِيمَهُ (قَوْلُهُ: فَالدِّرْهَمُ) أَيْ الْعَاشِرُ (قَوْلُهُ زِيَادَةً عَلَى الْأَرْشِ) أَيْ مَا يُسَاوِي مَا أَفْسَدَهُ بِالطَّرِيقِ الْآتِي.
كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الضَّادِ) أَيْ مَعَ التَّشْدِيدِ (قَوْلُهُ وَجَمْعُهَا ضَحَايَا) أَيْ عَلَى اللُّغَتَيْنِ فِي ضَحِيَّةٍ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: كِتَابُ الضَّحَايَا جَمَعَ ضَحِيَّةٍ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا، وَيُقَالُ أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَجَمْعُهَا أَضَاحِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا، وَيُقَالُ أَضْحَاةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَجَمْعُهَا أَضْحَى كَأَرْطَاةٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
هَذَا التَّفْصِيلَ كُلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ مَا إذَا مَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ، أَمَّا مَسْأَلَةُ التَّذْفِيفِ فَحُكْمُهَا أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مُزْمِنًا وَهِيَ تِسْعَةٌ مُطْلَقًا وَأَهْمَلَهَا الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الثَّانِي زِيَادَةً عَلَى الْأَرْشِ لَا الْجَمِيعَ) غَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ هَذَا نَفْيُ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْأَرْشَ فَقَطْ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ: أَيْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَنَقُولُ إلَخْ لَكِنْ فِي كَلَامِهِ قَلَاقَةٌ.
[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]
هِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا (قَوْلُهُ: وَجَمْعُهَا ضَحَايَا) صَوَابُهُ وَجَمْعُهَا أَضَاحِيُّ لِأَنَّ
سَيَأْتِي، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الضَّحْوَةِ سُمِّيَتْ بِأَوَّلِ أَزْمِنَةِ فِعْلِهَا وَهُوَ الضُّحَى.
وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] أَيْ صَلَاةَ الْعِيدِ وَانْحَرْ النُّسُكَ، وَخَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» وَالْأَمْلَحُ قِيلَ الْأَبْيَضُ الْخَالِصُ، وَقِيلَ الَّذِي بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (هِيَ) أَيْ التَّضْحِيَةُ إذْ كَثِيرًا مَا تُطْلَقُ الْأُضْحِيَّةُ وَيُرَادُ بِهَا الْفِعْلُ لَا الْمُتَقَرَّبُ بِهِ (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّنَا عَلَى الْكِفَايَةِ وَلَوْ بِمِنًى إنْ تَعَدَّدَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَإِلَّا فَسُنَّةُ عَيْنٍ، وَمَعْنَى كَوْنِهَا سُنَّةَ كِفَايَةٍ مَعَ كَوْنِهَا تُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ سُقُوطُ الطَّلَبِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ لَا حُصُولُ الثَّوَابِ لِمَنْ لَمْ يَفْعَلْ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، نَعَمْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَوْ أَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي ثَوَابِهَا جَازَ وَأَنَّهُ مَذْهَبُنَا.
وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِمِنًى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَا تَجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا لَا يُضَحِّيَانِ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى النَّاسُ ذَلِكَ وَاجِبًا.
وَيُوَافِقُهُ تَفْوِيضُهَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ إلَى إرَادَةِ الْمُضَحِّي، وَالْوَاجِبُ لَا يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لِمَنْ تُسَنُّ لَهُ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا وَمِنْ ثُمَّ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَإِنَّمَا تُسَنُّ لِمُسْلِمٍ قَادِرٍ حُرٍّ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (لَا تَجِبُ إلَّا بِالْتِزَامٍ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَأَرْطَى وَبِهَا سُمِّيَ يَوْمُ الْأَضْحَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ الضُّحَى) عِبَارَةُ حَجّ: وَهُوَ وَقْتُ الضُّحَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمِنًى إنْ تَعَدَّدَ أَهْلُ الْبَيْتِ) قَالَ م ر: وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِ الْبَيْتِ مَنْ تَلْزَمُ نَفَقَتُهُمْ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ عَلَى هَذَا أَنَّ شَرْطَ وُقُوعِهَا أَنْ يَكُونَ الْمُضَحِّي هُوَ الَّذِي تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ حَتَّى لَوْ ضَحَّى بَعْضُ عِيَالِهِ لَمْ يَقَعْ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ سَوَاءٌ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَغَيْرُهُ فَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ سُقُوطُهَا بِفِعْلِ أَيِّ بَعْضٍ كَانَ سَوَاءٌ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَغَيْرُهُ فَقَالَ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ وَتَوَقَّفَ السُّقُوطُ عَلَى بَعْضِهِمْ مُعَيَّنًا وَهُوَ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَفِي حَجّ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِكَوْنِهَا سُنَّةَ كِفَايَةٍ (قَوْلُهُ سُقُوطُ الطَّلَبِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ النَّفَقَةُ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَشْرَكَ غَيْرَهُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ: أَشْرَكْتُك أَوْ فُلَانًا فِي ثَوَابِهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ نِيَّةِ التَّضْحِيَةِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: مَخَافَةَ أَنْ يَرَى النَّاسُ ذَلِكَ) لَا يُقَالُ: هَذَا يَنْدَفِعُ بِالْإِخْبَارِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا.
لِأَنَّا نَقُولُ: أُجِيبَ عَنْ مِثْلِ هَذَا فِي مَوَاضِعَ تَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ عَدَمَ الْفِعْلِ أَقْوَى فِي انْقِيَادِ النُّفُوسِ وَاعْتِقَادِهَا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّرْكُ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ مِنْ الْقَوْلِ، لِأَنَّ الْقَوْلَ يَحْتَمِلُ الْمَجَازَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُخْرِجَةِ لَهُ عَنْ الدَّلَالَةِ (قَوْلُهُ: وَيُوَافِقُهُ تَفْوِيضُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَفْضَلَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ تَسَاوَيَا قَدْرًا وَصِفَةً، وَأَنَّ الْبَقَرَةَ تَطَوُّعًا أَفْضَلُ مِنْ الشَّاةِ أُضْحِيَّةً، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ يَجْعَلُ الثَّوَابَ الْكَثِيرَ فِي الشَّيْءِ الْقَلِيلِ، خُصُوصًا وَقَدْ جَعَلَ سَبَبَ الْأَفْضَلِيَّةِ أَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُسَنُّ لِمُسْلِمٍ قَادِرٍ) أَيْ بِأَنْ فَضَلَ عَنْ حَاجَةِ مُمَوِّنِهِ مَا مَرَّ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ انْتَهَى حَجّ.
[فَرْعٌ] لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت هَذِهِ الشَّاةَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا لَمْ تَلْزَمْهُ، وَإِنْ مَلَكَهَا لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ إنْ مَلَكْتُ شَاةً فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا فَتَلْزَمُهُ إذَا مَلَكَ شَاةً لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، كَذَا صَرَّحُوا بِهِمَا فَانْظُرْ الرَّوْضَ وَغَيْرَهُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَهُ إلَخْ.
وَقَضِيَّةُ مَا فِي الرَّوْضِ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ بَلْ إنَّمَا تَصِيرُ كَذَلِكَ بِالْجَعْلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
ضَحَايَا إنَّمَا هُوَ جَمْعُ ضَحِيَّةٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَصْلُ فِي كَوْنِهِ لَوْ اشْتَرَكَ غَيْرُهُ جَازَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ وَقَدْ قَدَّمَ الْأَصْلَ فِي الْبَابِ، وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ
كَجَعَلْتُ هَذِهِ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً كَسَائِرِ الْقُرَبِ
(وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا) غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَيْ التَّضْحِيَةِ (أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفُرَهُ) أَيْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ بَقَاؤُهُ كَامِلَ الْأَجْزَاءِ لِتَشْمَلَهَا الْمَغْفِرَةُ وَالْعِتْقُ مِنْ النَّارِ، وَلَوْ قَصَدَ التَّضْحِيَةَ بِعَدَدٍ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِأَوَّلِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالْإِبْطِ وَالْعَانَةِ وَالشَّارِبِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ خَالَفَ كُرِهَ وَتَسْتَمِرُّ الْكَرَاهَةُ لِمُرِيدِهَا إلَى انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَضُرُّ، أَمَّا نَحْوُ ظُفْرٍ وَجِلْدَةٍ تَضُرُّ فَلَا
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَذْبَحَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةُ رَجُلٌ (بِنَفْسِهِ) إنْ أَحْسَنَ الذَّبْحَ اقْتِدَاءً بِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ وَلِأَنَّهَا قُرْبَةٌ فَنُدِبَتْ مُبَاشَرَتُهَا وَكَذَلِكَ الْهَدْيُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ جَوَازَ الِاسْتِنَابَةِ وَالْأَوْلَى كَوْنُ التَّائِبِ فَقِيهًا مُسْلِمًا وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ لَا حَائِضٍ (وَإِلَّا فَيَشْهَدُهَا)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها بِذَلِكَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ.
أَمَّا الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَتَوْكِيلُهُمَا أَفْضَلُ.
(وَلَا تَصِحُّ) أَيْ التَّضْحِيَةُ (إلَّا مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ) عِرَابٍ أَوْ جَوَامِيسَ (وَغَنَمٍ) ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 34] وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْحَيَوَانِ فَاخْتَصَّتْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَرَاجِعْهُ، وَعِبَارَتُهُ: وَتَجِبُ بِالنَّذْرِ، فَإِنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ إنْ اشْتَرَيْت شَاةً أَنْ أَجْعَلَهَا أُضْحِيَّةً وَاشْتَرَى لَزِمَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا فَإِنْ عَيَّنَهَا فَفِي لُزُومِ جَعْلِهَا وَجْهَانِ، وَلَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَلَا بِنِيَّتِهِ اهـ: أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ بَعْدَ الشِّرَاءِ.
[فَرْعٌ] مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ إلَى الْبَيْتِ سُنَّ لَهُ مَا سُنَّ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَجَعَلْتُ هَذِهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بِاللَّفْظِ فَلَا يَكْفِي بِالنِّيَّةِ
(قَوْلُهُ: فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) أَيْ وَلَوْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَلَا تُطْلَبُ مِنْهُ إزَالَةُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ، وَمِثْلُ هَذَا فِي كَلَامِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ: فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ) أَيْ نَدْبًا، وَالصَّارِفُ لَهُ عَنْ الْوُجُوبِ كَوْنُ الْحِكْمَةِ فِي طَلَبِهِ مُجَرَّدَ إرَادَةِ الْمَغْفِرَةِ (قَوْلُهُ: إلَى انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ حَيْثُ انْقَضَتْ وَلَمْ يَصِحَّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْتَهِي فِي حَقِّ مَنْ ضَحَّى بِمُتَعَدِّدٍ بِأَوَّلِهَا
(قَوْلُهُ: إنْ أَحْسَنَ الذَّبْحَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كُرِهَ كَأَنْ كَانَ أَعْمَى، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَحْسَنَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ (قَوْلُهُ لَا حَائِضٌ) أَيْ فَلَا تُكْرَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْخُنْثَى الْأَفْضَلُ لَهُمَا التَّوْكِيلُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَشْهَدُهَا) ع: وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي نَفْسِهِ عَظِيمَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَمَا سَخَّرَ لَهُ مِنْ الْأَنْعَامِ وَتَجَدُّدِ الشُّكْرِ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ فَتَوْكِيلُهُمَا أَفْضَلُ) أَيْ لِضَعْفِهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ وَظَائِفِ الرِّجَالِ
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) قَضِيَّةُ سِيَاقِهِ أَنَّ الْأَنْعَامَ شَامِلَةٌ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُضَحَّى بِهِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ، فَفِي الْمِصْبَاحِ النَّعَمُ: الْمَالُ الرَّاعِي، وَهُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ عَلَى الْإِبِلِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: النَّعَمُ الْإِبِلُ فَقَطْ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَجَمْعُهُ نُعْمَانٌ مِثْلُ حَمَلٍ وَحُمْلَانٍ وَأَنْعَامٌ أَيْضًا، وَقِيلَ النَّعَمُ الْإِبِلُ خَاصَّةً وَالْأَنْعَامُ ذَوَاتُ الْخُفِّ وَالظِّلْفِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَقِيلَ تُطْلَقُ الْأَنْعَامُ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِذَا انْفَرَدَتْ الْإِبِلُ فَهِيَ نَعَمٌ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلِ الرَّوْضِ وَلَوْ بِمِنًى الَّذِي قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فَلْيُحَرَّرْ
(قَوْلُهُ إلَى انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ إنْ لَمْ يُضَحِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: رَجُلٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذِكْرَ هَذَا هُنَا يُوهِمُ إخْرَاجَ الْمَتْنِ عَنْ ظَاهِرِهِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ فَتَأَمَّلْ
بِالْأَنْعَامِ كَالزَّكَاةِ (وَشَرْطُ) إجْزَاءِ (إبِلٍ أَنْ تَطْعُنَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ طَعَنَ يَطْعُنُ فِي السِّنِّ طَعْنًا، وَطَعَنَ فِيهِ بِالْقَوْلِ يَطْعُنُ أَيْضًا: أَيْ تَشْرُعُ (فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَبَقَرٌ وَمَعْزٌ فِي الثَّالِثَةِ وَضَأْنٌ فِي الثَّانِيَةِ) بِالْإِجْمَاعِ، نَعَمْ لَوْ أَجْذَعَتْ الشَّاةُ مِنْ الضَّأْنِ: أَيْ سَقَطَتْ مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ أَجْزَأَتْ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ، فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ «ضَحُّوا بِالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ» وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ «لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا إنْ تَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَاذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ» قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمُسِنَّةُ هِيَ الثَّنِيَّةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَمَا فَوْقَهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ جَذَعَةَ الضَّأْنِ لَا تُجْزِي إلَّا عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمُسِنَّةِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَحَمَلُوا الْخَبَرَ عَلَى النَّدْبِ، وَتَقْدِيرُهُ يُسَنُّ لَكُمْ أَنْ لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً فَإِنْ عَجَزْتُمْ فَجَذَعَةُ ضَأْنٍ (وَيَجُوزُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى) وَخُنْثَى، لَكِنَّ الذَّكَرَ وَلَوْ بِلَوْنٍ مَفْضُولٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَفْضَلُ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَطْيَبُ، إلَّا أَنْ يُكْثِرَ نَزَوَاتِهِ فَالْأُنْثَى الَّتِي لَمْ تَلِدْ أَفْضَلُ مِنْهُ حِينَئِذٍ، وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْأُنْثَى أَحَبُّ إلَيَّ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى جَزَاءِ الصَّيْدِ إذَا قُوِّمَتْ لِإِخْرَاجِ الطَّعَامِ وَالْأُنْثَى أَكْثَرُ قِيمَةً (وَخَصِيٌّ) لِلِاتِّبَاعِ.
(وَ) يُجْزِئُ (الْبَعِيرُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ) لِلنَّصِّ فِيهِ كَمَا يُجْزِئُ عَنْهُمْ فِي التَّحَلُّلِ لِلْإِحْصَارِ، لِخَبَرِ مُسْلِمٍ وَسَوَاءٌ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْأُضْحِيَّةَ وَالْآخَرُ اللَّحْمَ أَمْ لَا، وَلَهُمْ قِسْمَةُ اللَّحْمِ إذْ هِيَ إفْرَازٌ، وَخَرَجَ بِسَبْعَةٍ مَا لَوْ ذَبَحَهَا ثَمَانِيَةٌ ظَنُّوا أَنَّهُمْ سَبْعَةٌ فَلَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَالشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ فَقَطْ بَلْ لَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي شَاتَيْنِ فِي تَضْحِيَةٍ أَوْ هَدْيٍ لَمْ يَجُزْ، وَفَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنِ جَوَازِ إعْتَاقِ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِأَنَّ الْمَأْخَذَ مُخْتَلِفٌ، إذْ الْمَأْخَذُ ثَمَّ تَخْلِيصُ رَقَبَةٍ مِنْ الرِّقِّ وَقَدْ وُجِدَ بِذَلِكَ وَهُنَا التَّضْحِيَةُ بِشَاةٍ وَلَمْ تُوجَدْ بِمَا فَعَلَ، وَأَمَّا خَبَرُ «اللَّهُمَّ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّشْرِيكُ فِي الثَّوَابِ لَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَلَوْ ضَحَّى بِبَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ بَدَلِ شَاةٍ فَالزَّائِدُ عَلَى السَّبْعِ تَطَوُّعٌ يَصْرِفُهُ مَصْرِفَ التَّطَوُّعِ إنْ شَاءَ (وَأَفْضَلُهَا) عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي: وَسَبْعُ شِيَاهٍ إلَخْ (بَعِيرٌ) لِكَثْرَةِ اللَّحْمِ (ثُمَّ بَقَرَةٌ) لِأَنَّهَا كَسَبْعِ شِيَاهٍ (ثُمَّ ضَأْنٌ) لِطِيبِهِ (ثُمَّ مَعْزٌ) وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَخِيرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَإِنْ انْفَرَدَتْ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ لَمْ تُسَمَّ نَعَمًا (قَوْلُهُ: يَطْعُنُ) أَيْ بِالضَّمِّ وَفِي الْمُخْتَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ الْفَتْحُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ تَعْسُرَ) أَيْ وُجُودُهَا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً (قَوْلُهُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ أَفْضَلُ) أَيْ مِنْ الْأُنْثَى وَظَاهِرُهُ وَلَوْ سَمِينَةً وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكْثُرَ) أَيْ ضِرَابُهُ لِلْأُنْثَى
(قَوْلُهُ: وَالشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ مُسِخَتْ الشَّاةُ بَعِيرًا أَوْ عَكْسُهُ هَلْ تُجْزِئُ فِي الْأُولَى عَنْ سَبْعَةٍ، وَلَا يُجْزِئُ الْبَعِيرُ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ أَوْ لَا، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ هَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْمَسْخَ هَلْ هُوَ تَغْيِيرُ صِفَةٍ أَوْ ذَاتٍ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ لَا تُجْزِئُ الشَّاةُ الْمَمْسُوخَةُ بَعِيرًا إلَّا عَنْ وَاحِدٍ، وَيُجْزِئُ الْبَعِيرُ الْمَمْسُوخُ إلَى الشَّاةِ عَنْ سَبْعَةٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي انْعَكَسَ الْحَالُ لِأَنَّ ذَاتَ الشَّاةِ الْمَمْسُوخَةِ إلَى الْبَعِيرِ ذَاتُ بَعِيرٍ، وَالْبَعِيرُ الْمَمْسُوخُ إلَى الشَّاةِ ذَاتُهُ شَاةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ هَدْيٌ لَمْ يَجُزْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَكَ أَرْبَعَةَ عَشْرَ فِي بَدَنَتَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا إنَّمَا حَصَلَ لَهُ سُبُعُ الْبَدَنَتَيْنِ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ كُلٍّ إلَّا نِصْفَ سُبُعٍ، وَذَلِكَ لَا يَكْفِي لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي إلَّا سُبُعٌ كَامِلٌ مِنْ بَدَنَةٍ وَاحِدَةٍ وِفَاقًا لَمْ ر، وَقِيَاسُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إذَا اشْتَرَكَ ثَمَانِيَةٌ فِي بَدَنَتَيْنِ إذْ يَخُصُّ كُلًّا مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ ثُمُنٌ لَا يَكْفِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ) أَيْ بَاقِيهِمَا حُرٌّ أَوْ سَرَى الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا يُجْزِي لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: بَدَلَ شَاةٍ) أَيْ مَنْذُورَةٍ فِي الذِّمَّةِ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَالزَّائِدُ إلَخْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْعَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ مَعَ أَنَّهُ حَرْفُ حَلْقٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْفَتْحُ لَكِنْ فِي فَتْحِ الْأَقْفَالِ شَرْحِ لَامِيَّةِ الْأَفْعَالِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِهِمَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَيْ تُشْرَعُ) تَفْسِيرٌ لِلْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: بَدَلَ شَاةٍ) أَيْ وَاجِبَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَالزَّائِدُ عَلَى السَّبْعِ تَطَوُّعٌ) أَيْ أُضْحِيَّةُ تَطَوُّعٍ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ
إذْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ ثَمَّ الْأَخِيرَةَ لِأَنَّ بَعْدَهُ مَرَاتِبَ أُخْرَى تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ، وَهِيَ شِرْكٌ مِنْ بَدَنَةٍ ثُمَّ مِنْ بَقَرَةٍ (وَسَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ مِنْ بَعِيرٍ) وَمِنْ بَقَرَةٍ لِأَنَّ لَحْمَ الْغَنَمِ أَطْيَبُ وَالدَّمُ الْمُرَاقُ أَكْثَرُ (وَشَاةٌ أَفْضَلُ مِنْ مُشَارَكَةٍ فِي بَعِيرٍ) لِلِانْفِرَادِ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ وَلِطِيبِ اللَّحْمِ وَاسْتِكْثَارُ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْعَدَدِ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَاللَّحْمُ خَيْرٌ مِنْ الشَّحْمِ وَالْبَيْضَاءُ أَفْضَلُ ثُمَّ الصَّفْرَاءُ ثُمَّ الْبَلْقَاءُ ثُمَّ السَّوْدَاءُ، نَعَمْ يُقَدَّمُ السِّمَنُ عَلَى اللَّوْنِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا
(وَشَرْطُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ لِتُجْزِئَ حَيْثُ لَمْ يَلْتَزِمْهَا نَاقِصَةً (سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ يُنْقِصُ لَحْمًا) يَعْنِي مَأْكُولًا إذْ مَقْطُوعَةُ الْأَلْيَةِ لَا تُجْزِئُ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِلَحْمٍ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَبْوَابِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ يَحْرُمُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ، وَسَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ فِي الْحَالِ كَقَطْعِ فِلْقَةٍ مِنْ نَحْوِ فَخِذٍ أَوْ الْمَآلِ كَعَرَجٍ بَيِّنٍ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ رَعْيَهَا فَتَهْزُلُ، وَيُعْتَبَرُ سَلَامَتُهَا وَقْتَ الذَّبْحِ حَيْثُ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا إيجَابٌ وَإِلَّا فَوَقْتُ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ إجْزَاءِ التَّضْحِيَةِ بِالْحَامِلِ لِأَنَّ الْحَمْلَ يُهْزِلُهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَقَدْ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي آخِرِ زَكَاةِ الْغَنَمِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَمَا وَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ إجْزَاؤُهَا لِأَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ نَقْصِ اللَّحْمِ يَنْجَبِرُ بِالْجَنِينِ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ، فَقَدْ لَا يَكُونُ فِيهِ جَبْرٌ أَصْلًا كَالْعَلَقَةِ وَأَيْضًا فَزِيَادَةُ اللَّحْمِ لَا تَجْبُرُ عَيْبًا كَعَرْجَاءَ أَوْ جَرْبَاءَ سَمِينَةٍ، وَإِنَّمَا عَدُّوا الْحَامِلَ كَامِلَةً فِي الزَّكَاةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِيهَا النَّسْلُ دُونَ طِيبِ اللَّحْمِ، وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ حَمْلِ الْإِجْزَاءِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِالْحَمْلِ نَقْصٌ فَاحِشٌ، وَمُقَابِلُهُ عَلَى خِلَافِهِ مَرْدُودٌ بِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْحَمْلَ نَفْسَهُ عَيْبٌ وَأَنَّ الْعَيْبَ لَا يُجْبَرُ وَإِنْ قَلَّ.
نَعَمْ يُتَّجَهُ إجْزَاءُ قَرِيبَةِ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ بِهَا، أَمَّا لَوْ الْتَزَمَهَا نَاقِصَةً كَأَنْ نَذَرَ الْأُضْحِيَّةَ بِمَعِيبَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ أَوْ قَالَ جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: ثَمَّ الْأَخِيرَةَ) أَيْ لَفْظُ ثَمَّ فِي قَوْلِهِ ثَمَّ مَعْزٌ (قَوْلُهُ: وَلِطِيبِ اللَّحْمِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ بِأَكْثَرِ الْبَعِيرِ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْبَلْقَاءُ ثُمَّ السَّوْدَاءُ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْبَلَقُ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَكَذَا الْبُلْقَةُ بِالضَّمِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لِيَشْمَلَ مَا فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ، بَلْ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ لِقُرْبِهِ مِنْ الْبَيَاضِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّوَادِ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَحْمَرِ الْخَالِصِ عَلَى الْأَسْوَدِ وَتَقْدِيمُ الْأَزْرَقِ عَلَى الْأَحْمَرِ وَكُلُّ مَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْأَبْيَضِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدَ الصَّفْرَاءِ: ثُمَّ الْعَفْرَاءُ ثُمَّ الْحَمْرَاءُ ثُمَّ الْبَلْقَاءُ ثُمَّ السَّوْدَاءُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُقَدَّمُ السِّمَنُ عَلَى اللَّوْنِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا) أَيْ وَعَلَى الذُّكُورَةِ أَيْضًا كَمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْأُنْثَى الَّتِي لَمْ تَلِدْ أَفْضَلُ مِنْ الذَّكَرِ الَّذِي كَثُرَ نَزَوَانُهُ، وَأَمَّا قَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ عَنْ حَجّ: وَيَظْهَرُ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا تَقْدِيمُ السِّمَنِ كَالذُّكُورَةِ، فَمَعْنَاهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ السِّمَنِ وَالذُّكُورَةِ يُقَدَّمُ عَلَى اللَّوْنِ الْفَاضِلِ فَيُقَدَّمُ الذَّكَرُ الْأَسْوَدُ عَلَى الْأُنْثَى الْبَيْضَاءِ
(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهَا) أَيْ الْأَلْيَةَ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ) أَيْ اللَّحْمُ (قَوْلُهُ: كَقَطْعِ فِلْقَةٍ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الْأَلْيَةِ فَإِنَّ الْمُضِرَّ فِيهَا إنَّمَا هُوَ الْكَثِيرُ لِأَنَّ قَطْعَ بَعْضِ الْأَلْيَةِ يُقْصَدُ بِهِ كِبَرُهَا فَثَمَّ جَابِرٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَقَدَّمْهَا إيجَابٌ) أَيْ بِنَذْرٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَقَفَ خُرُوجُهَا) أَيْ فَلَا يَضُرُّ تَعَيُّبُهَا وَقْتَ الذَّبْحِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِهَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُتَّجَهُ إجْزَاءُ قَرِيبَةٍ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَةٍ) أَيْ لَمْ تَبْلُغْ سِنًّا تُجْزِئُ فِيهِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ وَاسْتِكْثَارِ الْقِيمَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: الثَّمَنُ أَفْضَلُ مِنْ كَثْرَةِ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِكْثَارُ الثَّمَنِ) لَعَلَّهُ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ
(قَوْلُهُ: فَتَهْزِلُ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الزَّايِ مِنْ بَابِ فَعَلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ يَفْعِلُ بِكَسْرِهَا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ كَمَا فِي مُقَدِّمَةِ الْأَدَبِ لِلزَّمَخْشَرِيِّ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي يُهْزِلُهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَهَذَا خِلَافُ مَا اُشْتُهِرَ أَنَّ هَزَلَ لَمْ يُسْمَعْ إلَّا مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ بِهَا) أَشَارَ ابْنُ قَاسِمٍ إلَى مَنْعِهِ (قَوْلُهُ: كَأَنَّ نَذَرَ الْأُضْحِيَّةَ بِمَعِيبَةٍ إلَخْ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ
ذَبْحُهَا، وَلَا تُجْزِئُ ضَحِيَّةٌ وَإِنْ اخْتَصَّ ذَبْحُهَا بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَجَرَتْ مَجْرَاهَا فِي الصَّرْفِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِهَذَا وَهُوَ سَلِيمٌ ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ ضَحَّى بِهِ وَثَبَتَتْ لَهُ أَحْكَامُ التَّضْحِيَةِ، وَيَنْقُصُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ إذْ هِيَ لُغَةُ الْقُرْآنِ (فَلَا تُجْزِئُ عَجْفَاءُ) وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَ مُخُّهَا مِنْ الْهُزَالِ، وَقَدْ يَكُونُ خِلْقَةً أَوْ لِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْكَسِيرَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ «وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» مِنْ النِّقْيِ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَهُوَ الْمُخُّ (وَمَجْنُونَةٌ) لِأَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ التَّوْلَاءِ وَهِيَ الْمَجْنُونَةُ الَّتِي تَسْتَدْبِرُ الْمَرْعَى وَلَا تَرْعَى إلَّا الْقَلِيلَ وَذَلِكَ يُورِثُ الْهُزَالَ (وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ) أَبْيَنَ وَإِنْ قَلَّ لِذَهَابِ جُزْءٍ مَأْكُولٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ إجْزَاءِ مَقْطُوعَةٍ كُلِّهَا بِالْأَوْلَى وَكَذَا فَاقِدَتُهَا خِلْقَةً، وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ أَلْيَةٍ خِلْقَةً إذْ الْمَعْزُ لَا أَلْيَةَ لَهُ وَلَا فَقْدُ ضَرْعٍ إذْ الذَّكَرُ لَا ضَرْعَ لَهُ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي فَقْدِ الْأُذُنِ بِأَنَّهَا عُضْوٌ لَازِمٌ غَالِبًا. نَعَمْ لَوْ قُطِعَ مِنْ الْأَلْيَةِ جُزْءٌ يَسِيرٌ لِأَجْلِ كِبَرِهَا، فَالْأَوْجَهُ الْإِجْزَاءُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ لَا يَضُرُّ فَقْدُ فَلَقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ (وَذَاتُ عَرَجٍ) بَيِّنٍ بِحَيْثُ تَتَخَلَّفُ بِسَبَبِهِ عَنْ الْمَاشِيَةِ فِي الْمَرْعَى، وَإِذَا ضَرَّ وَلَوْ بِاضْطِرَابِهَا عِنْدَ ذَبْحِهَا فَكَسْرُ الْعُضْوِ وَفَقْدُهُ أَوْلَى (وَ) ذَاتُ (عَوَرٍ) وَعُلِمَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلَوْلَا تُجْزِئُ ضَحِيَّةٌ) أَيْ الضَّحِيَّةُ الْمَنْدُوبَةُ وَالْمَنْذُورَةُ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَلِيمٌ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ التَّضْحِيَةِ) قَضِيَّتُهُ إجْزَاؤُهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ نَذْرِهَا سَلِيمَةً ثُمَّ تَتَعَيَّبُ وَبَيْنَ نَذْرِ التَّضْحِيَةِ بِالنَّاقِصَةِ بِأَنَّهُ لَمَّا الْتَزَمَهَا سَلِيمَةً خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ النَّذْرِ فَحُكِمَ بِأَنَّهَا ضَحِيَّةٌ وَهِيَ سَلِيمَةٌ، بِخِلَافِ الْمَعِيبَةِ فَإِنَّ النَّذْرَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا إلَّا نَاقِصَةً فَلَمْ تَثْبُتْ لَهَا صِفَةُ الْكَمَالِ بِحَالٍ (قَوْلُهُ: وَضَمُّ ثَالِثِهِ) وَيَجُوزُ فِيهِ أَيْضًا ضَمُّ الْيَاءِ مَعَ تَشْدِيدِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ) وَمِثْلُ الْأُذُنِ اللِّسَانُ بِالْأَوْلَى وَهَلْ مِثْلُ قَطْعِ بَعْضِ الْأُذُنِ مَا لَوْ أَصَابَ بَعْضَ الْأُذُنِ آفَةٌ أَذْهَبَتْ شَيْئًا مِنْهَا كَأَكْلِ نَحْوِ الْقُرَادِ لِشَيْءٍ مِنْهَا أَوْ لَا، وَيُفَرَّقُ بِالْمَشَقَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ بِإِرَادَةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ مَا لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يُنْقِصْ اللَّحْمَ مُغْتَفَرٌ كَمَا فِي الْعَرَجِ الْيَسِيرِ وَكَالْمَرَضِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ شِدَّةُ هُزَالٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فَاقِدَتُهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُخْلَقْ لَهَا أُذُنٌ أَصْلًا، أَمَّا صَغِيرَةُ الْأُذُنِ فَتُجْزِئُ لِعَدَمِ نَقْصِهَا فِي نَفْسِهَا كَصَغِيرَةِ الْجُثَّةِ (قَوْلُهُ إذْ الْمَعْزُ لَا أَلْيَةَ لَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ قَطْعَ الذَّنَبِ مِنْ الْمَعْزِ يَضُرُّ، وَفِي حَجّ وَأَلْحَقَا الذَّنَبَ بِالْأَلْيَةِ، وَاعْتَرَضَا بِتَصْرِيحِ جَمْعٍ بِأَنَّهُ كَالْأُذُنِ بَلْ فَقْدُهُ أَنْدَرُ مِنْ فَقْدِ الْأُذُنِ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ خُلِقَتْ الْمَعْزُ بِلَا ذَنَبٍ هَلْ تُجْزِئُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت مَتْنَ الرَّوْضِ صَرَّحَ بِالْإِجْزَاءِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا عُضْوٌ لَازِمٌ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْأَلْيَةِ صَغِيرَةً فِي ذَاتِهَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي بَعْضِ الْغَنَمِ وَكَوْنِهَا كَبِيرَةً، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ فَقْدُ فَلَقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْكِبْرُ النِّسْبِيُّ، فَالْأَلْيَةُ وَإِنْ صَغُرَتْ فَهِيَ مِنْ حَيْثُ هِيَ كَبِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُذُنِ، هَذَا وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا لَوْ وُجِدَتْ أَلْيَةٌ قُطِعَ جُزْءٌ مِنْهَا وَشَكَّ فِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ كَانَ كَبِيرًا فِي الْأَصْلِ فَلَا يُجْزِئُ مَا قُطِعَتْ مِنْهُ الْآنَ أَوْ صَغِيرًا فَيُجْزِئُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا قُطِعَتْ مِنْهُ وَالْمُوَافِقُ لِلْغَالِبِ فِي أَنَّ الَّذِي يُقْطَعُ لِكِبَرِ الْأَلْيَةِ صَغِيرٌ (قَوْلُهُ: وَإِذَا ضَرَّ) أَيْ الْعَرَجُ (قَوْلُهُ: فَكُسِرَ الْعُضْوُ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قُطِعَ بَعْضُ الْعُرْقُوبِ بِحَيْثُ لَوْ بَقِيَتْ بِلَا ذَبْحٍ لَا تَسْتَطِيعُ الذَّهَابَ مَعَهُ لِلْمَرْعَى، فَلَوْ فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ عِنْدَ إرَادَةِ الذَّبْحِ لِيَتَمَكَّنَ الذَّابِحُ مِنْ ذَبْحِهَا لَمْ تُجْزِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَسَوَاءٌ أَكَانَ النَّقْصُ فِي الْحَالِ كَقَطْعِ فَلَقَةٍ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ هُنَا، وَإِذَا ضَرَّ وَلَوْ بِاضْطِرَابِهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَكَذَا فَاقِدَتُهَا) أَيْ لَا تُجْزِئُ إذْ لَيْسَ مِمَّا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَضُرُّ قَطْعُ بَعْضِ الْأَلْيَةِ وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ جَمِيعِهَا خِلْقَةً (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ كِبَرِهَا) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَكْبَرَ
مِنْهُ امْتِنَاعُ الْعَمْيَاءِ بِالْأَوْلَى وَلَا يَضُرُّ ضَعْفُ بَصَرِهَا وَلَا عَدَمُهُ لَيْلًا (وَ) ذَاتُ (مَرَضٍ) بَيِّنٍ يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ الْهُزَالُ (وَ) ذَاتُ (جَرَبٍ بَيِّنٍ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَعَطْفُ هَذِهِ عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إذْ الْجَرَبُ مَرَضٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ نَقْصِهَا بِهَذِهِ الْعُيُوبِ أَوْ لَا (وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُهَا) أَيْ يَسِيرُ الْأَرْبَعَةِ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ فِي اللَّحْمِ (وَلَا فَقْدُ قَرْنٍ) إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَرْنِ كَبِيرُ غَرَضٍ وَإِنْ كَانَتْ الْقَرْنَاءُ أَفْضَلَ، نَعَمْ إنْ أَثَّرَ انْكِسَارُهُ فِي اللَّحْمِ ضَرَّ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرْطُهَا إلَخْ وَتُجْزِئُ فَاقِدَةُ بَعْضِ الْأَسْنَانِ (وَكَذَا شَقُّ أُذُنٍ وَخَرْقُهَا وَثَقْبُهَا فِي الْأَصَحِّ) حَيْثُ لَمْ يَذْهَبْ جُزْءٌ مِنْهَا.
وَالثَّانِي يَضُرُّ ذَلِكَ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ التَّضْحِيَةِ بِالْخَرْقَاءِ وَهِيَ مَخْرُوقَةُ الْأُذُنِ وَالشَّرْقَاءُ وَهِيَ مَشْقُوقَتُهَا، وَالْأَوَّلُ حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَفْهُومِ الْعَدَدِ فِي خَبَرِ «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ» لِاقْتِضَائِهِ جَوَازَ مَا سِوَاهَا (قُلْت: الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ يَضُرُّ يَسِيرُ الْجَرَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ يُفْسِدُ اللَّحْمَ وَالْوَدَكَ وَأُلْحِقَ بِهِ الْقُرُوحُ وَالْبُثُورُ.
وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ كَالْمَرَضِ
(وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا) أَيْ التَّضْحِيَةُ (إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ يَوْمَ النَّحْرِ) وَهِيَ عَاشِرُ الْحِجَّةِ (ثُمَّ مَضَى قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) رَاجِعٌ لِكُلِّ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ وَالرَّكْعَتَيْنِ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ الْمَارَّةِ فِي الْوَقْفِ أَوْ أَنَّ التَّثْنِيَةَ نَظَرًا لِلَّفْظَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُثَنًّى فِي نَفْسِهِ كَمَا فِي {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا} [الحج: 19] إذْ يَجُوزُ اخْتَصَمَا أَيْضًا بِالِاتِّفَاقِ، وَضَابِطُهُ أَنْ يَشْتَمِلَ فِعْلُهُ عَلَى أَقَلِّ مُجْزِئٍ فِي ذَلِكَ، فَلَوْ ذَبَحَ قَبْلَ مُضِيِّ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ وَكَانَ شَاةَ لَحْمٍ لِخَبَرِ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ» نَعَمْ لَوْ وَقَفُوا فِي الْعَاشِرِ حُسِبَتْ الْأَيَّامُ لِلذَّبْحِ عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَجِّ (وَيَبْقَى) وَقْتُ التَّضْحِيَةِ وَإِنْ كُرِهَ الذَّبْحُ لَيْلًا إلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ (حَتَّى تَغْرُبَ) الشَّمْسُ (آخِرَ) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) لِخَبَرِ «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَأَيَّامُ مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» وَفِي رِوَايَةٍ «فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ ذَبْحِ يَوْمِ النَّحْرِ (قُلْت: ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ فَضِيلَةٌ وَالشَّرْطُ طُلُوعُهَا ثُمَّ) عَقِبَهُ (مُضِيُّ قَدْرِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْخُطْبَتَيْنِ) بِأَقَلِّ مُجْزِئٍ كَمَا مَرَّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِنَاءً عَلَى دُخُولِ صَلَاةِ الْعِيدِ بِطُلُوعِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ
(وَمَنْ)(نَذَرَ) وَاحِدَةً مِنْ النَّعَمِ مَمْلُوكَةً لَهُ (مُعَيَّنَةً) وَإِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عِنْدَ ذَبْحِهَا فَكَسْرُ الْعُضْوِ وَفَقْدُهُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَرْنِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ إجْزَاءُ فَاقِدِ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، نَعَمْ إنْ أَثَّرَ قَطْعُهُ فِي اللَّحْمِ (قَوْلُهُ: وَتُجْزِئُ فَاقِدَةُ بَعْضِ الْأَسْنَانِ) أَيْ بِخِلَافِ فَاقِدَةِ كُلِّ الْأَسْنَانِ م ر، وَقَالَ: تُجْزِئُ مَخْلُوقَةٌ بِلَا أَسْنَانٍ انْتَهَى وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ فَقْدَ جَمِيعِهَا بَعْدَ وُجُودِهَا يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ، بِخِلَافِ فَقْدِ الْجَمِيعِ خِلْقَةً فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَثَقْبُهَا) تَأْكِيدٌ لِتَرَادُفِهِمَا: أَيْ الْخَرْقِ وَالثَّقْبِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَذْهَبْ جُزْءٌ مِنْهَا) أَيْ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا (قَوْلُهُ: وَالْوَدَكُ) أَيْ الدُّهْنُ
(قَوْلُهُ: إذْ يَجُوزُ) أَيْ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ وَقَفُوا فِي الْعَاشِرِ) أَيْ غَلَطًا (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَجِّ) أَيْ فَتَكُونُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةً بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْغُرُوبِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ خَاصَّةً فَيَصِحُّ صَوْمُ صَبِيحَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مَعَ كَوْنِ الصَّلَاةِ فِيهَا أَدَاءً، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ التَّضْحِيَةَ مِنْ تَوَابِعِ الْعِيدِ فَنَظَرٌ لِيَوْمِ الْوُقُوفِ وَالصَّوْمُ لَيْسَ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِحَاجَةٍ) كَاشْتِغَالِهِ نَهَارًا بِمَا يَمْنَعُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلَّفْظَيْنِ) أَيْ بِجَعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا قِسْمًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ اللَّفْظَيْنِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمَا لَفْظَيْنِ كَمَا قَدْ يَتَبَادَرُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي {هَذَانِ خَصْمَانِ} [الحج: 19] إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا نَحْنُ فِيهِ ظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ وَضَابِطُهُ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ وَقَفُوا فِي الْعَاشِرِ إلَخْ) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ عَاشِرُ الْحِجَّةِ، وَانْظُرْ هَلْ هَذَا الْحُكْمُ خَاصٌّ بِأَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ
امْتَنَعَتْ التَّضْحِيَةُ بِهَا كَالْمَعِيبَةِ وَالْفَصِيلِ لَا نَحْوَ ظَبْيَةٍ وَإِنَّمَا أُلْحِقَتْ بِالْأُضْحِيَّةِ فِي تَعَيُّنِ زَمَنِهَا دُونَ الصَّدَقَةِ الْمَنْذُورَةِ لِقُوَّةِ شَبَهِهَا بِالْأُضْحِيَّةِ لَا سِيَّمَا وَإِرَاقَةُ الدَّمِ فِي زَمَنِهَا أَكْمَلُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهَا مُشْبِهَةٌ بِالْأُضْحِيَّةِ وَلَيْسَتْ بِأُضْحِيَّةٍ (فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ) وَكَذَا عَلَيَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِي بَابِ النَّذْرِ (أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ) أَوْ هِيَ أَوْ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ أَوْ هَدْيٌ أَوْ جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ تَعْيِينِهَا كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ بِعَيْنِهِ وَ (لَزِمَهُ ذَبْحُهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ) أَدَاءً، وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ مِنْ وَقْتِهَا بَعْدَ نَذْرِهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا أُضْحِيَّةً فَتَعَيَّنَ وَقْتُهَا لِذَبْحِهَا وَتُفَارِقُ النُّذُورَ وَالْكَفَّارَاتِ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ الْفَوْرُ فِيهَا أَصَالَةً بِأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ فِي الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ فِي عَيْنٍ وَهِيَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّأْخِيرِ كَمَا لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِشَاةٍ مَثَلًا حَيْثُ وَجَبَ فِيهَا مَا مَرَّ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ التَّعْيِينَ هُنَا هُوَ الْغَالِبُ فَأَلْحَقْنَا مَا فِي الذِّمَّةِ بِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَبْوَابِ الْمَذْكُورَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَقَالَ مَا لَوْ نَوَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَاغِيًا كَمَا لَوْ نَوَى النَّذْرَ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ احْتِيَاجِهِ إلَى نِيَّةٍ مَعَ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَا عِبْرَةَ بِنِيَّةِ خِلَافِهِ لِصَرَاحَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا يَقَعُ فِي أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ كَثِيرًا مِنْ شِرَائِهِمْ مَا يُرِيدُونَ التَّضْحِيَةَ بِهِ مِنْ أَوَائِلِ السَّنَةِ وَكُلُّ مَنْ سَأَلَهُمْ عَنْهَا يَقُولُونَ لَهُ: هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ مَعَ جَهْلِهِمْ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ تَصِيرُ بِهِ أُضْحِيَّةً وَاجِبَةً يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ مِنْهَا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْت أَنْ أَتَطَوَّعَ بِهَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ مَعَ تَصْرِيحهمْ بِحِلِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ التَّضْحِيَةِ أَوْ مَصْلَحَةٍ كَتَيَسُّرِ الْفُقَرَاءِ لَيْلًا أَوْ سُهُولَةِ حُضُورِهِمْ
(قَوْلُهُ: لَا نَحْوَ ظَبْيَةٍ) أَيْ فَإِنَّهُ لَغْوٌ فَلَا يَجِبُ ذَبْحُهَا فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ وَلَوْ حَيَّةً وَلَا يَتَقَيَّدُ التَّصَدُّقُ بِهَا بِزَمَنٍ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ دُونَ الصَّدَقَةِ الْمَنْذُورَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ) أَيْ الْمُعَيَّنُ الَّذِي لَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ بِأُضْحِيَّةٍ) أَيْ وَكَانَ حَقُّهَا أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ ذَبْحُهَا بِأَيَّامِ التَّضْحِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ ذَبْحُهَا) أَيْ وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا وَلَوْ سَلِيمَةً عَنْ مَعِيبَةٍ عَيَّنَهَا فِي نَذْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ) أَيْ وَهُوَ جُمْلَةُ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي تَلْقَاهُ بَعْدَ وَقْتِ النَّذْرِ لَا أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَتُفَارِقُ النُّذُورَ) أَيْ الْمُطْلَقَةَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا هُنَا) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ وُجُوبُ الْفَوْرِ بِمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ بِعَيْنِهِ كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الدِّينَارِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْبَهْجَةِ وَشَرْحُهَا فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ: وَمَتَى مَا عَيَّنَّا لِلِاعْتِكَافِ زَمَنًا تَعَيَّنَا.
كَالصِّيَامِ لَا لَأَنْ يُصَلِّيَ وَالصَّدَقَاتُ فِي زَمَنٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ فِيهَا مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ (قَوْلُهُ فَأَلْحَقْنَا مَا فِي الذِّمَّةِ بِهِ) أَيْ بِالْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْأَبْوَابِ) أَيْ أَبْوَابِ النُّذُورِ (قَوْلُهُ مَعَ جَهْلِهِمْ) وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمْ وُجُوبُ الذَّبْحِ مَعَ جَهْلِهِمْ لِتَقْصِيرِهِمْ بَعْدَ التَّعَلُّمِ، وَلِأَنَّ الْجَهْلَ إنَّمَا يُسْقِطُ الْإِثْمَ لَا الضَّمَانَ (قَوْلُهُ: يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ) وَمِثْلُهُ مَنْ عَلِمَ بِذَلِكَ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْت إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ عَدَمُ الْقَبُولِ ظَاهِرًا وَأَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهَا بَاطِنًا وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ صَرِيحًا فِي النَّذْرِ لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَلَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَلْحَقَتْ) أَيْ الْمَعِيبَةُ وَالْفَصِيلُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ أَنَّهَا شَبِيهَةٌ بِالْأُضْحِيَّةِ وَلَيْسَتْ أُضْحِيَّةً) أَيْ حَتَّى يَتَعَيَّنَ لَهَا وَقْتٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ مِنْ وَقْتِهَا) احْتِرَازٌ عَنْ وَقْتِهَا مِنْ عَامٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ) كَذَا فِي نُسَخٍ بِإِثْبَاتِ لَفْظِ: اللَّهُمَّ عَقِبَ بِسْمِ اللَّهِ، وَهِيَ الَّتِي يَصِحُّ مَعَهَا قَوْلُهُ لِصَرَاحَتِهِ فِي الدُّعَاءِ، وَأَيْضًا فَهَذَا هُوَ الَّذِي قَالُوهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ، لَكِنْ لَا يَصِحُّ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ إذْ ذَكَرَ ذَلِكَ إلَخْ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ تَعْلِيلًا لِلنُّسْخَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا لَفْظُ اللَّهُمَّ.
وَحَاصِلُ مَا فِي التُّحْفَةِ أَنَّ بَعْضَهُمْ اسْتَشْكَلَ مَا هُنَا بِمَا إذَا قَالَ بِسْمِ اللَّهِ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ فَرَدَّهُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ.
قَالَ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي
الْأَكْلِ مِنْهَا لِصَرَاحَتِهِ فِي الدُّعَاءِ إذْ ذِكْرُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ سِوَى التَّبَرُّكِ، وَحِينَئِذٍ فَوُجِدَ هُنَا قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ صَارِفَةٌ وَلَا كَذَلِكَ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ، وَأَفْهَمَ قَوْلُنَا أَدَاءً صَيْرُورَتَهَا قَضَاءً بَعْدَ فَوَاتِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَذْبَحُهَا وَيَصْرِفُهَا فِي مَصَارِفِهَا (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَوْ سُرِقَتْ أَوْ ضَلَّتْ أَوْ طَرَأَ فِيهَا عَيْبٌ يَمْنَعُ إجْزَاءَهَا (قَبْلَهُ) أَيْ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ أَوْ فِيهِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهَا وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ تَفْرِيطٌ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) فَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا بِالِالْتِزَامِ وَبَقَائِهَا فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ عَدَمُ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ قِنٍّ الْتَزَمَ عِتْقَهُ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ وَإِنْ كَانَ بَيْعُهُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ نَفْسَهُ، وَبِالْعِتْقِ لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهِ لِأَحَدٍ بَلْ يَزُولُ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتْلَفَهُ النَّاذِرُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ بَعْدَ ذَبْحِهَا فَمُلَّاكُهَا مَوْجُودُونَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا وَلَوْ ضَلَّتْ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ لَمْ يُكَلَّفْ تَحْصِيلَهَا.
نَعَمْ إنْ لَمْ يَحْتَجْ فِي ذَلِكَ إلَى مُؤْنَةٍ لَهَا وَقَعَ عُرْفًا فَالْمُتَّجَهُ لُزُومُهُ بِذَلِكَ، وَيَضْمَنُهَا بِتَأْخِيرِ ذَبْحِهَا بِلَا عُذْرٍ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً وَجَعَلَهَا أُضْحِيَّةً ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا قَدِيمًا تَعَيَّنَ الْأَرْشُ وَامْتَنَعَ رَدُّهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا كَمَا مَرَّ وَهُوَ لِلْمُضَحِّي، وَلَوْ زَالَ عَيْبُهَا لَمْ تَصِرْ أُضْحِيَّةً إذْ السَّلَامَةُ لَمْ تُوجَدْ إلَّا بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَعْمَى فَأَبْصَرَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَمُلَ مَنْ الْتَزَمَ عِتْقَهُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِي عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَوْ عَيَّنَ مَعِيبَةً ابْتِدَاءً صَرَفَهَا مَصْرِفَهَا وَأَرْدَفَهَا بِسَلِيمَةٍ أَوْ تَعَيَّبَتْ فَضَحِيَّةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ عَيَّنَ سَلِيمًا عَنْ نَذْرِهِ ثُمَّ عَيَّبَهُ أَوْ تَعَيَّبَ أَوْ تَلِفَ أَوْ ضَلَّ أَبْدَلَهُ بِسَلِيمٍ، وَلَهُ اقْتِنَاءُ تِلْكَ الْمَعِيبَةِ وَالضَّالَّةِ لِانْفِكَاكِهَا عَنْ الِاخْتِصَاصِ وَعَوْدِهَا لِمِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ تَمَلُّكٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ جَمْعٍ (فَإِنْ أَتْلَفَهَا)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُقْبَلُ عَلَى مُعَيَّنٍ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فَيُوَافِقُ قَوْلُهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِصَرَاحَتِهِ فِي الدُّعَاءِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مِثْلُهُ هُنَا بِأَنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ هَذِهِ أُضْحِيَّتِي أَوْ ضَحِيَّةُ أَهْلِ بَيْتِي لَا تَصِيرُ وَاجِبَةً (قَوْلُهُ فَيَذْبَحُهَا) أَيْ فَوْرًا قِيَاسًا عَلَى إخْرَاجِ الزَّكَاةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَحَقِّينَ بِهَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَخَّرَ لِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ) بَقِيَ مَا لَوْ أَشْرَفَتْ عَلَى التَّلَفِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهَا فَهَلْ يَجِبُ وَيُصْرَفُ لَحْمُهَا مَصْرِفَ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِذَبْحِ الْمَعِيبَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهَا فِيمَا ذُكِرَ وَالتَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا وَلَا يَضْمَنُ بَدَلَهَا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهَا وَلَمْ يَذْبَحْهَا فَيَنْبَغِي ضَمَانُهُ لَهَا.
(قَوْلُهُ: وَجُلُّهَا أُضْحِيَّةٌ) أَيْ بِالنَّذْرِ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْأَرْشُ) أَيْ وَجَبَ ذَبْحُهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَالَ عَيْبُهَا لَمْ تَصِرْ أُضْحِيَّةً) أَيْ لَا تَقَعُ أُضْحِيَّةً بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى كَوْنِهَا مُشْبِهَةً لِلْأُضْحِيَّةِ فَيَجِبُ ذَبْحُهَا وَلَيْسَتْ أُضْحِيَّةً فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ طَلَبُ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْدُوبَةِ وَلَا الْوَاجِبَةِ إنْ كَانَ الْتَزَمَهَا بِنَذْرٍ فِي ذِمَّتِهِ بِلَا تَعْيِينٍ (قَوْلُهُ فَأَبْصَرَ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَيَنْفُذُ عِتْقُهُ (قَوْلُهُ: صَرَفَهَا مَصْرِفَهَا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَأَرْدَفَهَا بِسَلِيمَةٍ) أَيْ لِتَحْصُلَ لَهُ سُنَّةُ الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَبْدَلَهُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: لِانْفِكَاكِهَا عَنْ الِاخْتِصَاصِ) هَلْ يَتَوَقَّفُ انْفِكَاكُهَا عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِإِبْدَالِهَا بِسَلِيمٍ، فَقَبْلَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الدُّعَاءِ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَبِفَرْضِ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا ذَلِكَ لَا شَاهِدَ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّ ذِكْرَهُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ سِوَى التَّبَرُّكِ (قَوْلُهُ: لِصَرَاحَتِهِ فِي الدُّعَاءِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْأُضْحِيَّةِ لَا تَصِيرُ وَاجِبَةً، فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْإِعْتَاقِ) مُتَعَلِّقٌ بِزَوَالٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ نَفْسَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَيْضًا: إنَّا لَوْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِنَفْسِ الِالْتِزَامِ يَسْتَحِيلُ إتْيَانُهُ بِمَا الْتَزَمَهُ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ لِسَبْقِ الْعِتْقِ، بِخِلَافِ مَقْصُودِ الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ الذَّبْحُ فَإِنَّهُ بَاقٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِزَوَالِ الْمِلْكِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهَا بِتَأْخِيرِ ذَبْحِهَا بِلَا عُذْرٍ) هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ (وَلَهُ وَلَوْ زَالَ عَيْبُهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الْأُضْحِيَّةِ لَا خُصُوصُ الشَّاةِ
أَوْ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ أَوْ ضَلَّتْ: أَيْ وَقَدْ فَاتَ وَقْتُهَا وَأَيِسَ مِنْ تَحْصِيلِهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ آنِفًا، أَوْ سُرِقَتْ (لَزِمَهُ) أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ تَلَفِهَا أَوْ نَحْوِهِ وَتَحْصِيلُ مِثْلِهَا فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْإِتْلَافِ أَكْثَرَ ثُمَّ رَخُصَ سِعْرُهَا وَأَمْكَنَ شِرَاءُ مِثْلِ الشَّاةِ الْأُولَى بِبَعْضِهَا فَيُشْتَرَى بِهِ كَرِيمَةٌ أَوْ شَاتَانِ فَصَاعِدًا وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ وَفَضَلَ مَا لَا يَكْفِي لِأُخْرَى اُشْتُرِيَ بِهِ شِقْصٌ.
فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ شِقْصٍ بِهِ لِقِلَّتِهِ اُشْتُرِيَ بِهِ لَحْمٌ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ دَرَاهِمَ وَلَا يُؤَخِّرُهَا لِوُجُودِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَمَّا إذَا تَسَاوَى الْمِثْلُ وَالْقِيمَةُ أَوْ زَادَتْ عَنْهُ لَزِمَهُ (أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهَا) يَوْمَ نَحْوِ إتْلَافِهَا (مِثْلَهَا) نَوْعًا وَجِنْسًا وَسِنًّا (وَ) أَنْ (يَذْبَحَهَا فِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ لِتَعَدِّيهِ وَيَتَعَيَّنُ مَا اشْتَرَاهُ لِلْأُضْحِيَّةِ إنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ الْقِيمَةِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ بِنِيَّةِ كَوْنِهِ عَنْهَا وَإِلَّا فَيَجْعَلُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بَدَلًا عَنْهَا، وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ تَعَيُّنِ الشِّرَاءِ بِالْقِيمَةِ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِثْلُهَا وَأَرَادَ إخْرَاجَهُ عَنْهَا وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمْ خِلَافَهُ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَمْكِينُهُ مِنْ الشِّرَاءِ وَإِنْ كَانَ قَدْ خَانَ بِإِتْلَافٍ وَنَحْوِهِ لِإِثْبَاتِ الشَّارِعِ لَهُ وِلَايَةَ الذَّبْحِ وَالتَّفْرِقَةِ الْمُسْتَدْعِيَةِ لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْبَدَلِ أَيْضًا، وَالْعَدَالَةُ هُنَا غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ حَتَّى تَنْتَقِلَ الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ، بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ وَصِيٍّ خَانَ فَانْدَفَعَ تَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي ذَلِكَ وَبَحَثَهُ أَنَّ الْحَاكِمَ هُوَ الْمُشْتَرِي (وَإِنْ نَذَرَ فِي ذِمَّتِهِ) أُضْحِيَّةً كَعَلَيَّ أُضْحِيَّةٌ (ثُمَّ عَيَّنَ) الْمَنْذُورَ بِنَحْوِ عَيَّنْت هَذِهِ الشَّاةَ لِنَذْرِي.
وَيَلْزَمُهُ تَعْيِينُ سَلِيمَةٍ وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ (لَزِمَهُ ذَبْحُهُ فِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أُضْحِيَّةً فِي ذِمَّتِهِ وَهِيَ مُؤَقَّتَةٌ وَمُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ أَشْخَاصِهَا، فَكَانَ فِي التَّعْيِينِ غَرَضٌ أَيُّ غَرَضٍ، وَبِهَذَا فَارَقَتْ مَا لَوْ قَالَ عَيَّنْت هَذِهِ الدَّرَاهِمَ عَمَّا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْإِبْدَالِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ أَمْ تَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِيبِ وَضَلَالِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُشْعِرُ ذِكْرُهُ بَعْدَ الْإِبْدَالِ بِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَزُولُ إلَّا بِالْإِبْدَالِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ أَوْ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ أَخَّرَ ذَبْحَهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا حَتَّى تَلِفَتْ وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِاشْتِغَالِهِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ وَإِنْ جَازَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ مَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهَا وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ تَفْرِيطٌ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) كَالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: فَيَشْتَرِي بِهِ) أَيْ الْأَكْثَرَ (قَوْلُهُ أَوْ زَادَتْ عَنْهُ) الْأَوْلَى أَوْ زَادَ عَنْهَا: أَيْ الْمِثْلِ عَنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ الْقِيمَةِ) أَيْ بِعَيْنِ النَّقْدِ الَّذِي عَيَّنَهُ عَنْ الْقِيمَةِ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ لَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالْعَدَالَةُ هُنَا غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الِانْتِقَالِ لِلْحَاكِمِ أَمَّا الرُّجُوعُ إلَى كَوْنِ مَا يُرِيدُ ذَبْحَهُ مِثْلُ الْمَنْذُورِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَوِّلَ عَلَى قَوْلِهِ فِيهِ إلَّا إذَا كَانَ عَدْلًا، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِكَوْنِ مَا يُرِيدُ ذَبْحَهُ مِثْلُ مَا أَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ بِتَقْصِيرِهِ فَلْيُرَاجَعْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمُشْتَرَاةِ الْمَذْكُورَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ ضَلَّتْ) أَيْ بِتَفْرِيطٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَلِفَتْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ سُرِقَتْ (قَوْلُهُ: أَيْ وَقَدْ فَاتَ وَقْتُهَا إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ وَبَنَاهُ عَلَى كَلَامٍ قَدَّمَهُ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ، فَتَبِعَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَا مَرَّ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ أَيْ وَقَدْ فَاتَ وَقْتُهَا لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي وَأَنْ يَذْبَحَهَا فِيهِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا مُسْتَثْنًى مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّهُ يُخَالِفُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: وَتَحْصِيلُ مِثْلِهَا) عِبَارَةُ غَيْرِهِ: وَقِيمَةُ مِثْلِهَا يَوْمَ النَّحْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَتْ عَنْهُ) أَيْ زَادَتْ الْقِيمَةُ عَنْ الْمِثْلِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا عَيْنُ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْإِتْلَافِ أَكْثَرَ إلَخْ فَيَلْزَمُ التَّكْرَارُ مَعَ إيهَامِ التَّنَاقُضِ فِي الْحُكْمِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّفًا عَنْ قَوْلِهِ أَوْ زَادَ عَنْهَا: أَيْ زَادَ الْمِثْلُ عَنْ الْقِيمَةِ الَّذِي هُوَ قَسِيمُ زِيَادَتِهَا عَنْهُ الدَّاخِلُ مَعَهَا تَحْتَ قَوْلِهِ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ، لِأَنَّ قِسْمَ الشَّيْءِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَسِيمًا لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْجَلَالِ فَرْضُ الْمَتْنِ فِيمَا إذَا تَسَاوَيَا ثُمَّ زَادَ عَلَيْهِ مَا إذَا زَادَ أَحَدَهُمَا.
فِي ذِمَّتِي مِنْ زَكَاةٍ أَوْ نَذْرٍ حَيْثُ لَمْ تَتَعَيَّنْ لِانْتِفَاءِ الْغَرَضِ فِي تَعْيِينِهَا، وَيُمْكِنُ رُجُوعُ ذَلِكَ لِفَرْقِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَنَّ تَعْيِينَ كُلٍّ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ ضَعِيفٌ لِأَنَّ سَبَبَ ضَعْفِ تَعْيِينِهَا عَدَمُ تَعَلُّقِ غَرَضٍ بِهِ فَيَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ، أَمَّا إذَا الْتَزَمَ مَعِيبَةً ثُمَّ عَيَّنَ مَعِيبَةً فَلَا تَتَعَيَّنُ بَلْ لَهُ ذَبْحُ سَلِيمَةٍ وَهُوَ الْأَفْضَلُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَعِيبَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَمَا قَالَاهُ عَنْ التَّهْذِيبِ إنَّهُ لَوْ ذَبَحَ الْمَعِيبَةَ الْمُعَيَّنَةَ لِلتَّضْحِيَةِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ تَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَتَصَدَّقُ بِهَا وَلَا يَشْتَرِي بِهَا أُخْرَى لِأَنَّ الْمَعِيبَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ بَدَلَ الْمَعِيبِ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ.
(فَإِنْ تَلِفَتْ) الْمُعَيَّنَةُ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ وَلَوْ (قَبْلَهُ) أَيْ الْوَقْتِ (بَقِيَ الْأَصْلُ عَلَيْهِ) كَمَا كَانَ (فِي الْأَصَحِّ) لِبُطْلَانِ التَّعْيِينِ فِي التَّلَفِ، إذْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ، وَهَذَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مَدِينِهِ سِلْعَةً بِدَيْنِهِ ثُمَّ تَلِفَتْ قَبْلَ تَسَلُّمِهَا فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيَعُودُ الدَّيْنُ كَمَا كَانَ.
وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الْإِبْدَالُ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ بِالتَّعْيِينِ
(وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ) هُنَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَكَوْنِهَا (عِنْدَ الذَّبْحِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ اقْتِرَانُهَا بِأَوَّلِ الْفِعْلِ هَذَا (إنْ لَمْ يَسْبِقْ) إفْرَازٌ أَوْ (تَعْيِينٌ) وَإِلَّا فَسَيَأْتِي (وَكَذَا) تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ عِنْدَ الذَّبْحِ (إنْ قَالَ جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يَكْتَفِي عَنْهَا بِمَا سَبَقَ إذْ الذَّبْحُ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهِ فَاحْتَاجَ لَهَا وَفَارَقَتْ الْمَنْذُورَةَ الْآتِيَةَ بِأَنَّ صِيغَةَ الْجَعْلِ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي أَصْلِ اللُّزُومِ بِهَا أَحَطُّ مِنْ النَّذْرِ فَاحْتَاجَتْ لِتَقْوِيَتِهَا وَهُوَ النِّيَّةُ عِنْدَ الذَّبْحِ.
نَعَمْ لَوْ اقْتَرَنَتْ بِالْجَعْلِ كَفَتْ عَنْهَا عِنْدَ الذَّبْحِ كَمَا اكْتَفَى بِاقْتِرَانِهَا بِإِفْرَازٍ أَوْ تَعْيِينِ مَا يُضَحِّي بِهِ فِي مَنْدُوبَةٍ وَوَاجِبَةٍ مُعَيَّنَةٍ عَنْ نَذْرٍ فِي ذِمَّتِهِ قِيَاسًا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهَا عِنْدَ الْإِفْرَازِ فِي الزَّكَاةِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الدَّفْعِ كَمَا يُفْهِمُ جَمِيعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ إلَخْ، وَقَدْ يُفْهِمُ أَيْضًا عَدَمَ وُجُوبِ نِيَّةٍ عِنْدَ الذَّبْحِ فِي الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً بِالنَّذْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَجِبُ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا.
وَالثَّانِي يَكْتَفِي بِمَا سَبَقَ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّجْدِيدِ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْتَقْتُك، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ ذَبَحَهَا فُضُولِيٌّ عَنْ الْمَالِكِ فِي الْوَقْتِ وَأَخَذَ الْمَالِكُ اللَّحْمَ وَفَرَّقَهُ عَلَى مُسْتَحَقِّيهِ وَقَعَ الْمَوْقِعَ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّ هَذَا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِأَنَّ التَّعْيِينَ يُغْنِي عَنْ النِّيَّةِ.
أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ وَمَا مَرَّ فِي التَّعْيِينِ بِالْجَعْلِ، وَيَلْزَمُ الذَّابِحَ أَرْشُ الذَّبْحِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلذَّبْحِ كَالْمَمْلُوكَةِ وَمَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الْأَصْلِ، فَإِنْ فَرَّقَهُ الْفُضُولِيُّ وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ فَكَإِتْلَافِهِ (وَإِنْ وَكَّلَ بِالذَّبْحِ نَوَى عِنْدَ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ) مَا يُضَحِّي بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ أُضْحِيَّةً وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ اعْتِبَارَ إسْلَامِهِ حِينَئِذٍ (أَوْ) عِنْدَ (ذَبْحِهِ) وَلَوْ كَافِرًا كِتَابِيًّا وَلَهُ تَفْوِيضُ النِّيَّةِ لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ وَكِيلٍ فِي الذَّبْحِ أَوْ غَيْرِهِ لَا كَافِرٍ وَلَا نَحْوِ مَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِمْ لَهَا، وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ وَذَبْحِ أَجْنَبِيٍّ لِوَاجِبٍ نَحْوِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْغَرَضِ فِي تَعْيِينِهَا) أَيْ لِعَدَمِ اخْتِلَافِهَا غَالِبًا حَتَّى لَوْ تَعَلَّقَ غَرَضُهُ لِجُودَتِهَا أَوْ كَوْنِهَا مِنْ جِهَةِ حِلٍّ لَا يَتَعَيَّنُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا الْتَزَمَ مَعِيبَةً) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِعَوْرَاءَ أَوْ عَرْجَاءَ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا (قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ لَا يَثْبُتُ شَاةٌ بَدَلَ الْمَعِيبَةِ فِي ذِمَّتِهِ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ الَّتِي يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهَا ثَابِتَةٌ فِي الذِّمَّةِ
(قَوْلُهُ وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ عَيَّنَهَا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَهَا فِي نَذْرِهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: فَاحْتَاجَ لَهَا) أَيْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: كَالْمَمْلُوكَةِ وَمَصْرِفُهُ) أَيْ الْأَرْشِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ دَرَاهِمَ وَلَا يُشْتَرَى بِهِ لَحْمٌ وَلَا شِقْصٌ (قَوْلُهُ: فَكَإِتْلَافِهِ) فَتَلْزَمُ الْقِيمَةَ الْفُضُولِيُّ بِتَمَامِهَا وَيَدْفَعُهَا لِلنَّاذِرِ فَيَشْتَرِي بِهَا بَدَلَهَا وَيَذْبَحُهَا فِي وَقْتِ التَّضْحِيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِتَفْرِيقِ الْفُضُولِيِّ مَعَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ النَّاذِرِ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ تَفْرِقَةَ الْمَالِكِ الَّتِي هِيَ حَقُّهُ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: يُكْتَفَى بِمَا سَبَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ ذَبَحَهَا فُضُولِيٌّ) الصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَذَبْحُ أَجْنَبِيٍّ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ
أُضْحِيَّةٍ وَهَدْيٍ مُعَيَّنٍ ابْتِدَاءً، أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِنَذْرٍ فِي وَقْتِهِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ وُقُوعِهِ مَوْقِعَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الصَّرْفِ لِهَذِهِ الْجِهَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَهُ.
(وَلَهُ) أَيْ الْمُضَحِّي عَنْ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَرْتَدَّ (الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ) وَهَدْيِهِ بَلْ يُنْدَبُ أَمَّا الْوَاجِبَةُ فَيُمْتَنَعُ أَكْلُهُ مِنْهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنَةُ ابْتِدَاءً أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، وَخَرَجَ بِمَا مَرَّ مَا لَوْ ضَحَّى عَنْ غَيْرِهِ أَوْ ارْتَدَّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا كَمَا لَا يَجُوزُ إطْعَامُ كَافِرٍ مِنْهَا مُطْلَقًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ إعْطَاءِ الْفَقِيرِ وَالْمُهْدَى إلَيْهِ مِنْهَا شَيْئًا لِلْكَافِرِ، إذْ الْقَصْدُ مِنْهَا إرْفَاقُ الْمُسْلِمِينَ بِالْأَكْلِ لِأَنَّهَا ضِيَافَةُ اللَّهِ لَهُمْ فَلَمْ يَجُزْ لَهُمْ تَمْكِينُ غَيْرِهِمْ مِنْهُ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ (وَ) لَهُ (إطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ) الْمُسْلِمِينَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ نِيئًا وَمَطْبُوخًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] أَيْ السَّائِلَ وَالْمُتَعَرِّضَ لِلسُّؤَالِ (لَا تَمْلِيكُهُمْ) شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى الْإِطْعَامِ لَا عَلَى التَّمْلِيكِ، نَعَمْ يُرْسِلُ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْهَدِيَّةِ وَيَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِنَحْوِ أَكْلٍ وَتَصَدُّقٍ وَضِيَافَةٍ لِغَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ، إذْ غَايَةُ الْمُهْدَى إلَيْهِ أَنْ يَكُونَ كَالْمُضَحِّي، نَعَمْ يُتَّجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِلْكُهُمْ لِمَا أَعْطَاهُ الْإِمَامُ لَهُمْ مِنْ ضَحِيَّةِ بَيْتِ الْمَالِ (وَيَأْكُلُ ثُلُثَا) أَيْ يُنْدَبُ لِلْمُضَحِّي عَنْ نَفْسِهِ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْأَكْلِ عَلَيْهِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ نَدْبُ أَكْلِ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ، إذْ السُّنَّةُ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهَا إلَّا لُقَمًا يَسِيرَةً يَتَبَرَّكُ بِهَا، وَدُونَ ذَلِكَ أَكْلُ الثُّلُثِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْبَاقِي، وَدُونَهُ أَكْلُ ثُلُثٍ وَتَصَدُّقٌ بِثُلُثٍ وَإِهْدَاءُ ثُلُثٍ قِيَاسًا عَلَى هَدْيِ التَّطَوُّعِ الْوَارِدِ فِيهِ {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28] أَيْ الشَّدِيدَ الْفَقْرِ.
(وَفِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ يَأْكُلُ (نِصْفًا) أَيْ يُنْدَبُ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهِ وَيَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ تَصَدُّقٍ) أَيْ إعْطَاءٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ تَمَلُّكٍ كَمَا كَادُوا أَنْ يُطَبِّقُوا عَلَيْهِ حَيْثُ أَطْلَقُوا هُنَا التَّصَدُّقَ، وَعَبَّرُوا فِي الْكَفَّارَةِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّمْلِيكِ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمَا قَاسَا هَذَا عَلَيْهَا وَأَقَرَّهُمَا، فَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ مَقَالَةٌ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّضْحِيَةِ مُجَرَّدُ الثَّوَابِ فَيَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الْإِعْطَاءِ لِأَنَّهُ يُحَصِّلُهُ وَمِنْ الْكَفَّارَةِ تَدَارُكُ الْجِنَايَةِ بِالْإِطْعَامِ فَأَشْبَهَ الْبَدَلَ وَالْبَدَلِيَّةُ تَسْتَدْعِي تَمْلِيكَ الْبَدَلِ فَوَجَبَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ إسْلَامُهُ: أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُهُ مِنْ وُقُوعِهِ) أَيْ حَيْثُ وَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ وَإِلَّا فَكَإِتْلَافِهِ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَجُوزُ إطْعَامُ كَافِرٍ) دَخَلَ فِي الْإِطْعَامِ مَا لَوْ ضَيَّفَ الْفَقِيرُ أَوْ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْغَنِيُّ كَافِرًا فَلَا يَجُوزُ، نَعَمْ لَوْ اضْطَرَّ الْكَافِرُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَدْفَعُ ضَرُورَتَهُ إلَّا لَحْمَ الْأُضْحِيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مِنْهُ مَا يَدْفَعُ ضَرُورَتَهُ وَيَضْمَنُهُ الْكَافِرُ بِبَدَلِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ لَهُ غَنِيًّا كَمَا لَوْ أَكَلَ الْمُضْطَرُّ طَعَامَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِالْبَدَلِ، وَلَا تَكُونُ الضَّرُورَةُ مُبِيحَةً لَهُ إيَّاهُ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا مَنْدُوبَةٌ أَوْ وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ حُرْمَةُ الْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ: وَالْمُهْدَى إلَيْهِ مِنْهَا شَيْئًا لِلْكَافِرِ) أَيْ وَلَوْ بِبَيْعٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَهُ إطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ) لَمْ يُبَيِّنُوا الْمُرَادَ بِالْغَنِيِّ هُنَا، وَجَوَّزَ م ر أَنَّهُ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَالْفَقِيرُ هُنَا مَنْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَا تَمْلِيكُهُمْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ مَلَكْتُكُمْ هَذَا لِتَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِمَا شِئْتُمْ (قَوْلُهُ: وَضِيَافَةٌ لِغَنِيٍّ) أَيْ وَلَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِنَحْوِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ مِلْكُهُمْ) أَيْ الْأَغْنِيَاءِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ حَتَّى بِالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ وَأَمَّا مَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ بِدَلِيلِ الْفَاءِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ لَا يَمْنَعُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنٌ ابْتِدَاءً) أَيْ بِغَيْرِ الْجُعْلِ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَيْ السَّائِلُ وَالْمُتَعَرِّضُ لِلسُّؤَالِ) لَا دَلِيلَ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قَالَ مَالِكٌ: وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْت أَنَّ الْقَانِعَ السَّائِعَ وَالْمُعْتَرَّ الزَّائِرُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْمُتَعَرِّضُ لِلسُّؤَالِ انْتَهَتْ
وَلَوْ عَلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ (بِبَعْضِهَا) مِمَّا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُ جَمِيعِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إرْفَاقُ الْمَسَاكِينِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ إرَاقَةِ الدَّمِ، وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ الْهَدِيَّةُ وَلَا الْجِلْدُ وَنَحْوُهُ مِنْ كَبِدٍ وَكَرِشٍ وَكَذَا وَلَدٌ، بَلْ لَهُ أَكْلُهُ كُلِّهِ وَإِنْ انْفَصَلَ قَبْلَ ذَبْحِهَا، نَعَمْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالْيَسِيرِ التَّافِهِ جِدًّا وَيُقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُهُمْ، وَيَجِبُ دَفْعُ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ نِيئًا لَا قَدِيدًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالشَّحْمِ إذْ لَا يُسَمَّى لَحْمًا، وَلِلْفَقِيرِ التَّصَرُّفُ فِي الْمَأْخُوذِ بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ: أَيْ لِمُسْلِمٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي وَلَوْ أَكَلَ الْجَمِيعَ أَوْ أَهْدَاهُ غَرِمَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَيَأْخُذُ بِثَمَنِهِ شِقْصًا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَهُ تَأْخِيرُهُ عَنْ الْوَقْتِ لَا الْأَكْلُ مِنْهُ.
وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ، وَيَكْفِي فِي الثَّوَابِ إرَاقَةُ الدَّمِ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ (وَالْأَفْضَلُ) تَصَدُّقُهُ (بِكُلِّهَا) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّقْوَى وَأَبْعَدُ عَنْ حَظِّ النَّفْسِ (إلَّا لُقَمًا يَتَبَرَّكُ بِأَكْلِهَا) لِلْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْأَفْضَلَ كَبِدُهَا لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُلُ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ» وَحَيْثُ تَصَدَّقَ بِالْبَعْضِ وَأَكَلَ الْبَاقِيَ أُثِيبَ عَنْ التَّضْحِيَةِ بِالْكُلِّ وَعَلَى مَا تَصَدَّقَ بِهِ، وَلَهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ادِّخَارُ لَحْمِهَا وَلَوْ زَمَنَ غَلَاءٍ وَالنَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ، وَيَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى مُكَاتَبٍ لَا عِنْدَ مَا لَمْ يَكُنْ رَسُولًا لِغَيْرِهِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُضَحِّي وَعِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ لَحْمِهَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ فَلِوَارِثِهِ أَكْلُهُ، وَيُمْتَنَعُ نَقْلُهَا عَنْ بَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ كَالزَّكَاةِ (وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ) بِنَفْسِهِ أَوْ يُعِيرُهُ لِغَيْرِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَارِثِهِ بَيْعُهُ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا وَإِجَارَتُهُ وَإِعْطَاؤُهُ أُجْرَةً لِلْجَزَّارِ لِخَبَرِ «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ» وَلِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا بِذَبْحِهَا فَلَا تُورَثُ عَنْهُ، لَكِنْ يُتَّجَهُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّ لِوَارِثِهِ وِلَايَةَ قِسْمَتِهِ وَالنَّفَقَةُ كَهُوَ أَمَّا الْوَاجِبَةُ فَيَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِنَحْوِ جِلْدِهَا (وَوَلَدُ الْوَاجِبَةِ) الْمُنْفَصِلُ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ التَّعْبِيرُ بِوَلَدٍ، وَيُذْبَحُ كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الْوَقْفِ إنَّ الْحَمْلَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا (يُذْبَحُ) وُجُوبًا سَوَاءٌ الْمُعَيَّنَةُ ابْتِدَاءً أَمْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ عَلِقَتْ بِهِ قَبْلَ النَّذْرِ أَمْ بَعْدَهُ لِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا.
فَإِنْ مَاتَتْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي قَوْلِهِ فَالظَّاهِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِبَعْضِهَا) أَيْ الْمَنْدُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ الْهَدِيَّةُ) أَيْ لِلْأَغْنِيَاءِ (قَوْلُهُ: بِالْيَسِيرِ التَّافِهِ جِدًّا) أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقْعٌ فِي الْجُمْلَةِ كَرِطْلٍ (قَوْلُهُ: مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ) أَيْ غَيْرِ الْأَوْلَى لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَاجِبَ يَسْقُطُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: أُثِيبَ عَلَى التَّضْحِيَةِ) أَيْ ثَوَابُ الضَّحِيَّةِ الْمَنْدُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا تَصَدَّقَ) ثَوَابُ الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ صَرْفُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُمْتَنَعُ نَقْلُهَا) أَيْ نَقْلُ الْأُضْحِيَّةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ الْمَنْدُوبَةُ وَالْوَاجِبَةُ.
وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَنْدُوبَةِ حُرْمَةُ نَقْلِ مَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ مِنْهَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَالزَّكَاةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّقْلُ مِنْ دَاخِلِ السُّوَرِ إلَى خَارِجِهِ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا) هَلْ يَكْفِي فِي حُصُولِ السُّنَّةِ أَنْ يُجْعَلَ الْجِلْدُ مِنْ الثُّلُثِ الَّذِي يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِأَنْ يُقَوِّمَهُ وَتُنْسَبَ قِيمَتُهُ إلَى قِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ بِكَمَالِهَا وَيَضُمَّ لَهُ مِنْ اللَّحْمِ مَا يَبْلُغُ بِهِ قِيمَةَ ثُلُثِ الْأُضْحِيَّةِ، أَوْ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ إلَّا بِالتَّصَدُّقِ بِثُلُثِ اللَّحْمِ، وَأَمَّا الْجِلْدُ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْوَالِ الَّتِي طُلِبَتْ فِي الْأُضْحِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهِ نَظَرٌ.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ الْأَوَّلُ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الثُّلُثَ الَّذِي يَتَصَدَّقُ بِهِ مِنْهَا بِخُصُوصِ اللَّحْمِ.
لَا يُقَالُ: التَّعْبِيرُ بِالْأَكْلِ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِاللَّحْمِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ لَمْ يَعْتَبِرْ الْأَكْلَ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ بَلْ قَالَ وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ فَجَعَلَ الْأُضْحِيَّةَ كُلًّا وَالْمَأْكُولَ بَعْضًا مِنْهَا وَهُوَ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْأُضْحِيَّةِ بِاللَّحْمِ (قَوْلُهُ: وَالنَّفَقَةُ) أَيْ مُؤَنُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَكْلُ جَمِيعِهِ) الظَّاهِرُ جَمِيعُهَا (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُسَمَّى لَحْمًا) أَيْ غَالِبًا، وَإِلَّا فَقَدْ يُسَمَّاهُ كَمَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِمْ وَلَا يَبِيعُ اللَّحْمَ بِالْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: وَالْأَخْبَارُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَالِاتِّبَاعُ وَهِيَ الَّتِي يَسْتَقِيمُ مَعَهَا قَوْلُهُ بَعْدُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: أَمْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ) يَجِبُ حَذْفٌ أَمْ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا هُنَا
أُمُّهُ بَقِيَ أُضْحِيَّةً (وَلَهُ أَكْلُ كُلِّهِ) لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِالْأُضْحِيَّةِ فَأَشْبَهَ اللَّبَنَ، وَلِأَنَّ التَّصَدُّقَ إنَّمَا يَجِبُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأُضْحِيَّةِ أَصَالَةً وَالْوَلَدُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلُزُومُ ذَبْحِهِ مَعَهَا تَبَعًا لَهَا كَمَا يَجُوزُ أَكْلُ جَنِينِ الْمُذَكَّاةِ تَبَعًا وَكَأَنَّهُ ذُبِحَ مَعَهَا، وَلِهَذَا جَازَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَكْلُ الْوَلَدِ الْحَادِثِ وَلَا يَكُونُ وَقْفًا، فَكَذَا الْوَلَدُ هُنَا، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَرْجِيحِ الْغَزَالِيِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ أَكْلِهِ مِنْ أُمِّهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ، وَعُلِمَ بِالْأَوْلَى حِلُّ جَنِينِهَا الْمُذَكَّى بِذَكَاتِهَا، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ عَدَمُ إجْزَاءِ الْأُضْحِيَّةِ بِحَامِلٍ وَأَنَّ الْحَمْلَ عَيْبٌ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ كَمَا مَرَّ إذْ الْحَامِلُ لَمْ تَقَعْ أُضْحِيَّةً وَإِنْ تَعَيَّنَتْ بِالنَّذْرِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ وُقُوعُهَا أُضْحِيَّةً كَمَا لَوْ عُيِّنَتْ بِهِ مَعِيبَةً بِعَيْبٍ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِوُقُوعِهَا أُضْحِيَّةً وَحَمَلَهُ عَلَى حَمْلِهَا بَعْدَ النَّذْرِ وَوَضْعِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ لَمْ يَبْعُدْ
(وَ) لَهُ (شُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهَا) أَيْ الْوَاجِبَةُ، وَمِثْلُهَا بِالْأَوْلَى الْمَعْزُولَةُ عَنْ وَلَدِهَا وَهُوَ مَا لَا يَضُرُّهُ فَقْدُهُ ضَرَرًا لَا يَحْتَمِلُ كَمَالُهُ رُكُوبَهَا لَكِنْ مَعَ الْحَاجَةِ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا بِأُجْرَةٍ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمِنَّةِ وَالضَّمَانِ، وَلَوْ أَرْكَبَهَا الْمُحْتَاجُ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ ضَمِنَ نَقْصَهَا، فَإِنْ حَصَلَ النَّقْصُ فِي يَدِ مُسْتَعِيرٍ كَانَ هُوَ الضَّامِنَ لَهُ.
وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نَحْوُ بَيْعِ اللَّبَنِ وَيُسَنُّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ، وَلَهُ جَزُّ صُوفٍ ضَرَّهَا بَقَاؤُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، وَيُنْدَبُ لَهُ التَّصَدُّقُ بِجِلَالِهَا وَقَلَائِدِهَا
(وَلَا تَضْحِيَةَ لِرَقِيقٍ) وَلَوْ مُدَبَّرًا وَأُمَّ وَلَدٍ وَمُعَلَّقِ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ لِعَدَمِ مِلْكِهِ وَهِيَ تَعْتَمِدُ الْمِلْكَ، أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَامُّ الْمِلْكِ عَلَى مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (سَيِّدُهُ) وَلَوْ عَنْ نَفْسِهِ (وَقَعَتْ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ، وَيَلْغُو قَوْلُهُ لَهُ عَنْ نَفْسِك لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَلِلْقَاعِدَةِ وَهِيَ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ بَقِيَ الْعُمُومُ إذْ إذْنُهُ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ وُقُوعِهَا عَمَّنْ تَصْلُحُ لَهُ وَلَا صَالِحَ لَهَا غَيْرُهُ فَانْحَصَرَ الْوُقُوعُ فِيهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ الْمُشَكِّكِ كَيْفَ يَقَعُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ مِنْهُ وَلَا مِنْ الْعَبْدِ نِيَابَةً عَنْهُ
(وَلَا)(يُضَحِّي مُكَاتَبٌ بِلَا إذْنٍ) مِنْ السَّيِّدِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ لِحَقِّ سَيِّدِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهَا وَقَعَتْ لِلْمُكَاتَبِ (وَلَا تَضْحِيَةَ) أَيْ لَا تَجُوزُ وَلَا تَقَعُ (عَنْ الْغَيْرِ) أَيْ الْحَيِّ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ كَالزَّكَاةِ، وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ فِعْلُ ذَلِكَ عَنْ وَلَدِهِ مَحْجُورِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَمَا لَهُ إخْرَاجُ فِطْرَتِهِ مِنْ مَالِهِ عَنْهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ دُونَ غَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الذَّبْحِ، وَقَوْلُهُ الْمُنْفَصِلُ: أَيْ بَعْدَ النَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَكْلُ كُلِّهِ) أَيْ مَا لَمْ تَمُتْ أُمُّهُ لِأَنَّهُ بِمَوْتِهَا يَصِيرُ أُضْحِيَّةً فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ عَيَّنَتْ بِهِ) أَيْ النَّذْرِ (قَوْلُهُ: بِعَيْبٍ آخَرَ) أَيْ غَيْرِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ النَّذْرِ وَوَضَعَهَا) بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ حَيْثُ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِهَا حَائِلًا ثُمَّ حَمَلَتْ أَنَّهَا تُجْزِئُ أُضْحِيَّةً لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ تَعَيَّبَتْ فَضَحِيَّةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ كَانَ هُوَ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ) أَيْ الْمَرْكَبَ (قَوْلُهُ: وَالِانْتِفَاعُ بِهِ) خَرَجَ بِهِ الْبَيْعُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ
(قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُبَعَّضُ) وَلَوْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ
(قَوْلُهُ وَلَا يُضَحِّي مُكَاتَبٌ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَعَتْ لِلْمُكَاتَبِ) بِفَتْحِ التَّاءِ (قَوْلُهُ: عَنْ وَلَدِهِ مَحْجُورِهِ) أَيْ وَكَأَنَّهُ مَلَكَهُ لَهُ وَذَبَحَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَعُلِمَ بِالْأَوْلَى حِلُّ جَنِينِهَا) فِي الْأَوْلَوِيَّةِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَإِنَّمَا الْأَوْلَوِيَّةُ فِي حُرْمَةِ أَكْلِهِ إذَا قُلْنَا بِحُرْمَةِ أَكْلِ الْمُنْفَصِلِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُلَائِمُ هَذَا مَا مَرَّ أَنَّ الْحَمْلَ عَيْبٌ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ؟ قُلْت: لَمْ يَقُولُوا هُنَا إنَّ الْحَامِلَ وَقَعَتْ أُضْحِيَّةً، وَإِنَّمَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ إنَّ الْحَامِلَ إذَا عَيَّنَتْ بِنَذْرٍ تَعَيَّنَتْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ وُقُوعُهَا أُضْحِيَّةً كَمَا لَوْ عُيِّنَتْ بِهِ مَعِيبَةً بِعَيْبٍ آخَرَ، عَلَى أَنَّهُمْ لَوْ صَرَّحُوا بِوُقُوعِهَا أُضْحِيَّةً تَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا حَمَلَتْ بَعْدَ النَّذْرِ وَوَضَعَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْكَبَهَا الْمُحْتَاجَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِرْكَابُهَا: أَيْ وَلَهُ إرْكَابُهَا الْمُحْتَاجَ بِلَا أُجْرَةٍ لَكِنْ يَضْمَنُ الْمُضَحِّي نَقْصَهَا إلَخْ
(قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ عَمَّنْ ذَكَرَ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ.
وَكَانَ الظَّاهِرُ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِمَا) أَيْ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ
لَا يَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِهِ فَتَضْعُفُ وِلَايَتُهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ التَّضْحِيَةِ، وَيُتَّجَهُ جَوَازُ إطْعَامِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ مِنْهَا، وَتَقَدَّمَ جَوَازُ إشْرَاكِ غَيْرِهِ فِي ثَوَابِ أُضْحِيَّتِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ ضَحَّى وَاحِدٌ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَجْزَأَ عَنْهُمْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ مِنْهُمْ، وَإِنَّ لِلْإِمَامِ الذَّبْحَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ اتَّسَعَ، وَلَا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِشْرَاكَ فِي الثَّوَابِ لَيْسَ أُضْحِيَّةً عَنْ الْغَيْرِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْإِمَامُ جَعَلَهُمَا الشَّارِعُ قَائِمَيْنِ مَقَامَ الْكُلِّ، وَحَيْثُ امْتَنَعَتْ عَنْ الْغَيْرِ وَقَعَتْ عَنْ الْمُضَحِّي إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَإِلَّا فَلَا
(وَلَا) تَجُوزُ وَلَا تَقَعُ أُضْحِيَّةٌ (عَنْ مَيِّتٍ إنْ لَمْ يُوصِ بِهَا) لِمَا مَرَّ، وَتُفَارِقُ الصَّدَقَةَ بِشَبَهِهَا لِفِدَاءِ النَّفْسِ فَتَوَقَّفَتْ عَلَى الْإِذْنِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّدَقَةُ، أَمَّا إذَا أَوْصَى بِهَا فَتَصِحُّ لِمَا مَرَّ.
قَالَ الْقَفَّالُ: وَمَتَى جَوَّزْنَا التَّضْحِيَةَ عَنْ الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا لِأَحَدٍ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِهَا لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَقَعَتْ عَنْهُ فَتَوَقَّفَ جَوَازُ الْأَكْلِ عَلَى إذْنِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ فَوَجَبَ التَّصَدُّقُ بِهَا عَنْهُ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَنْهُ بِإِذْنِهِ فَيَقَعُ ثَوَابُ التَّضْحِيَةِ لِلصَّبِيِّ وَلِلْأَبِ ثَوَابُ الْهِبَةِ، لَكِنْ فِي حَجّ: وَمَرَّ أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْأَبِ فَالْجَدِّ التَّضْحِيَةَ عَنْ مُولِيهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُقَدِّرُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ فِيهَا لِلْمَوْلَى (قَوْلُهُ: وَأَنَّ لِلْإِمَامِ) أَيْ وَيُتَّجَهُ أَنَّ لِلْإِمَامِ إلَخْ: أَيْ وَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ الطَّلَبُ عَنْ الْأَغْنِيَاءِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَقْصُودُ مِنْ الذَّبْحِ عَنْهُمْ مُجَرَّدُ حُصُولِ الثَّوَابِ لَهُمْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ التَّضْحِيَةِ مِنْ الْإِمَامِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ التَّضْحِيَةُ بِمَا شُرِطَ التَّضْحِيَةُ بِهِ الْوَاقِفُ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِهِ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ لِمَنْ شَرَطَ صَرْفَهُ لَهُمْ، وَلَا تَسْقُطُ بِهِ التَّضْحِيَةُ عَنْهُمْ وَيَأْكُلُونَ مِنْهُ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ، وَلَيْسَ هُوَ ضَحِيَّةٌ عَنْ الْوَاقِفِ بَلْ هُوَ صَدَقَةٌ مُجَرَّدَةٌ كَبَقِيَّةِ غَلَّةِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ وَحَيْثُ امْتَنَعَتْ عَنْ الْغَيْرِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً) تَأَمَّلْ فِيمَا احْتَرَزَ بِهِ عَنْهُ فَإِنَّهَا مَتَى ذُبِحَتْ عَنْ غَيْرِ الْمُضَحِّي كَانَتْ مُعَيَّنَةً
(قَوْلُهُ: وَمَتَى جَوَّزْنَا التَّضْحِيَةَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ بِأَنْ أَوْصَى بِهَا (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا لِأَحَدٍ) أَيْ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِهَا، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الذَّابِحُ لَهَا عَنْهُ فَقِيرًا جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا بِصِفَةِ الْفَقْرِ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: أَنَّهُ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهَا لَا عَلَى نَفْسِهِ وَمَمُونِهِ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ، وَلَيْسَ مِنْ هَذَا مَا يَقَعُ فِي الْأَوْقَافِ مِنْ أَنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ أَنْ يَذْبَحَ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَيَصْرِفَ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ فِيهِ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَيَصْرِفُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ حَيْثُ كَانَ تَقْرِيرُهُمْ فِي الْوَظَائِفِ صَحِيحًا.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِنَّ لِلْإِمَامِ) لَعَلَّهُ بِكَسْرِ هَمْزَةِ إنَّ اسْتِئْنَافًا وَإِلَّا فَهَذَا لَمْ يَمُرَّ، وَاَلَّذِي يُضَحِّيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بَدَنَةٌ يَذْبَحُهَا فِي الْمُصَلَّى فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَشَاةٌ (قَوْلُهُ إنْ اتَّسَعَ) لَيْسَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَبَعْضِ أَهْلِ الْبَيْتِ إلَخْ) فِي التُّحْفَةِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ وَلَا تَرِدُ عَلَيْهِ هَذِهِ أَيْ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ إذْ الْإِشْرَاكُ فِي الثَّوَابِ لَيْسَ أُضْحِيَّةً عَنْ الْغَيْرِ وَبَعْضِ أَهْلِ الْبَيْتِ إلَخْ فَلَعَلَّ صَدْرَ الْعِبَارَةِ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَقَعَتْ عَنْهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِمَّا ضَحَّى بِهِ عَنْ الْحَيِّ بِإِذْنِهِ وَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ.